المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌مبحث اختلاف الزوجين في الصداق - الفقه على المذاهب الأربعة - جـ ٤

[عبد الرحمن الجزيري]

فهرس الكتاب

- ‌الجزء الرابع

- ‌مقدمة [الجزء الرابع]

- ‌كتاب النكاح

- ‌تعريفه

- ‌حكم النكاح

- ‌مبحث أركان النكاح

- ‌مبحث شروط النكاح

- ‌خلاصة لأهم المسائل المتقدمة المتفق عليها والمختلف فيها

- ‌مباحث الولي

- ‌تعريف الولي

- ‌أقسام الولي

- ‌مبحث اختصاص الولي المجبر وغيره

- ‌مبحث إذا زوج الولي الأبعد مع وجوب الأقرب

- ‌مبحث للولي أن يوكل غيره بالزواج

- ‌دليل الولي من الكتاب والسنة

- ‌خلاصة مباحث الولي

- ‌مبحث الكفاءة في الزواج

- ‌مبحث عد المحرمات اللاتي لا يصح العقد عليهن

- ‌مبحث فيما تثبت به حرمة المصاهرة

- ‌مبحث المحرمات بالجمع

- ‌مبحث المحرمات لاختلاف الدين

- ‌مبحث المحرمة بالطلاق ثلاثة وحكم المحلل

- ‌مبحث إذا اشترط في النكاح شرطاً أو أضافه إلى زمن

- ‌النكاح المؤقت أو نكاح المتعة

- ‌مباحث الصداق

- ‌تعريفه

- ‌شروط المهر

- ‌أقسام الصداق. الخلوة - النكاح الفاسد

- ‌مبحث الوطء بشبهة

- ‌مبحث نكاح الشغار أو جعل كل من المرأتين صداقاً للأخرى

- ‌مبحث ما يعتبر به مهر المثل

- ‌مبحث نكاح التفويض وما يجب فيه من صداق، أو متعة

- ‌مبحث تصرف الزوجين في الصداق بالهبة والبيع ونحوهما

- ‌مبحث إذا هلك الصداق فعلى من ضمانه

- ‌حكم ما إذا كان الصداق عيناً فعرضت له زيادة، أو نقص

- ‌تأجيل الصداق وتعجيله

- ‌منع المرأة نفسها من الدخول وغيره لعدم قبض الصداق

- ‌مبحث إذا عجز الزوج عن دفع الصداق

- ‌مبحث للزوج أن يسافر بزوجته

- ‌مبحث اختلاف الزوجين في الصداق

- ‌مبحث في مهر السر والعلانية وهدية الزوج وجهاز المرأة

- ‌العيوب التي يفسخ بها النكاح ومسائل العنين - والمجبوب - والخصي - ونحوهم

- ‌أنكحة غير المسلمين

- ‌حكم نكاح المرتد عن دينه من الزوجين

- ‌مباحث القسم بين الزوجات في المبيت والنفقة ونحوهما

- ‌تعريفه

- ‌حكم القسم ودليله وشرطه

- ‌مبحث لا تجب المساواة بين الزوجين في الحب القلبي وما يترتب عليه من شهوة

- ‌كيفية القسم، وما يترتب عليه

- ‌مبحث حق الزوجة الجديدة في القسم وتنازل المرأة عن حقها فيه

- ‌مبحث هل لمن يريد السفر أن يختار من تسافر معه من زوجاته

- ‌مبحث هل للزوج أن يجمع بين زوجاته في بيت واحد وفي فراش واحد

- ‌مباحث الرضاع

- ‌تعريفه

- ‌شروط الرضاع

- ‌مبحث من يحرم بالرضاع ومن لا يحرم

- ‌مبحث ما يثبت به الرضاع

- ‌كتاب الطلاق

- ‌تعريفه

- ‌أركان الطلاق

- ‌شروط الطلاق

- ‌مبحث تقسيم الطلاق

- ‌تقسيمه إلى واجب ومحرم الخ

- ‌مبحث الطلاق السني والبدعي وتعريف كل منهما

- ‌مبحث ما يترتب على الطلاق البدعي من الأحكام

- ‌دليل تحريم طلاق البدعة من الكتاب والسنة

- ‌الطلاق الصريح

- ‌مبحث كنايات الطلاق

- ‌مبحث أقسام كنايات الطلاق

- ‌مبحث في إضافة الطلاق إلى المرأة أو إلى جزئها

- ‌مبحث إذا قال: أنت حرام أو محرمة أو قال: علي الحرام أو نحو ذلك

- ‌مبحث تعدد الطلاق

- ‌مبحث إضافة الطلاق إلى الزمان أو إلى المكان

- ‌مبحث إذا وصف الطلاق أو شبهه بشيء

- ‌مبحث هل للزوج أن ينيب زوجته أو غيرها في الطلاق

- ‌مباحث الخلع

- ‌تعريفه

- ‌مبحث هل الخلع جائز أو ممنوع؟ وما دليل ذلك

- ‌أركان الخلع وشروطه

- ‌شروط ملتزم العوض والزوج وفيه خلع الصغيرة، والسفيهة، والمريضة

- ‌شروط عوض الخلع، وفيه الخلع بالنفقة، والحضانة والمال، ونحو ذلك

- ‌شروط صيغة الخلع

- ‌مبحث الخلع طلاق بائن لا فسخ والفرق بين الفسخ والطلاق

- ‌مباحث الرجعة

- ‌تعريفها

- ‌دليل الرجعة

- ‌أركان الرجعة وشروطها

- ‌مبحث اختلاف الزوجين في انقضاء العدة المبطل للرجعة، وما يتعلق بذلك

- ‌خاتمة في مسألتين

- ‌مباحث الإيلاء

- ‌تعريفه

- ‌أركان الإيلاء وشروطه

- ‌حكم الإيلاء ودليله

- ‌مباحث الظهار

- ‌تعريفه وحكمه. ودليله

- ‌أركان الظهار وشروطه

- ‌مبحث متى تجب كفارة الظهار

- ‌كيفية كفارة الظهار

- ‌مباحث العدة

- ‌تعريفه

- ‌أنواع العدة، وأقسامها

- ‌مبحث انقضاء العدة بوضع الحمل

- ‌دليل عدة الحامل، وحكمة مشروعيتها

- ‌انقضاء عدة المتوفى عنها زوجها وهي حامل

- ‌مبحث عدة المطلقة إذا كانت من ذوات الحيض وفيه معنى الحيض وشروطه

- ‌مبحث عدة المطلقة الآيسة من المحيض

- ‌دليلها

- ‌مباحث النفقات

- ‌تعريفها - حكمها - أسبابها - مستحقوها دليلها

- ‌مبحث نفقة الزوجة وتتعلق بها مسائل

- ‌أنواع نفقة الزوجية

- ‌مبحث هل تفرض النفقة بحسب حال الزوج أو الزوجة أو حالهما

- ‌مبحث هل تقدر النفقة بالحبوب والقماش أو بقيمتهما نقداً

- ‌مبحث وجوب شروط النفقة

- ‌مبحث هل تثبت النفقة قبل المطالبة بها

- ‌مبحث ما تسقط به النفقة

- ‌مبحث نفقة العدة

- ‌مبحث الحكم بالنفقة على الغائب وأخذ كفيل بالنفقة

- ‌مبحث إذا عجز الزوج عن النفقة على زوجته

- ‌مبحث نفقة الأولاد

- ‌مبحث النفقة على الآباء والأقارب

- ‌مباحث الحضانة

- ‌تعريفها - مستحقها

- ‌شروط الحضانة

- ‌مدة الحضانة

- ‌مبحث هل للحاضن أن يسافر بالمحضون

- ‌مبحث أجرة الحضانة

الفصل: ‌مبحث اختلاف الزوجين في الصداق

‌مبحث اختلاف الزوجين في الصداق

-إذا اختلف الزوجان في الصداق تنازعا، فلا يخلو إما أن يكون الاختلاف في تسمية المهر، بأن يدعي أحدهما أن المهر مسمى، ويدعي الآخر عكسه، أو في قدر المهر، سواء كان نقداً أو مكيلاً، أو موزوناً. بأن قال أحدهما: عشرون، وقال الآخر: عشرة، أو في جنسه، كأن قال

في الإنفاق، أو نحو ذلك، فإنه لا يصح أن يفتى له بسفرها وليس من المصلحة اتباع الهوى والشهوة، وترك المصلحة الحقيقية التي يترتب عليها سعادة الزوجين والذرية.

المالكية - قالوا: للزوج أن يسافر بزوجته إلى الجهة التي يريد، سواء دخل بها، أو لم يدخل، ولكن إذا لم يكن قد أعطى لها صداقها، وأراد أن يخرج بها قبل الدخول، فلها منع نفسها من السفر معه حتى يعطيها ما حل من صداقها، إن كان قد دخل بها، فإن كان موسراً، فلها أيضاً منع نفسها حتى يدفع لها معجل صداقها، أما إن كان معدماً لا يملك الصداق، لها أن تمنع نفسها، ويكون الصداق ديناً عليه، هذا إذا دخل بها تمكنه من الوطء، أما إذا مكنته من الوطء، فليس لها أن تمنع نفسها من السفر معه بعد ذلك، سواء وطئها بالفعل، أولا. وسواء كان موسراً، أو معسراً. وهذا هو الظاهر.

وقد صرحوا بأن التمكين من الوطء مثل الوطء، ثم إنما يصح أن يسافر بها إلى بلد أخرى بشروط: أحدهما أن يكون حراً، فلا يمكن العبد من السفر بامرأته، ولو أمة. ثانيها: أن تكون الطريق مأمونة. ثالثاً: أن يكون الرجل مأموناً عليها، رابعها: أن تكون البلد قريبة بحيث لا ينقطع خبر أهلها عنها ولا خبرها عن أهلها، لا فرق في ذلك بين أن يكون الزوج موسراً أو معسراً.

الحنابلة - قالوا: للزوج السفر بزوجته الحرة إلى الجهة التي يريد بشرط أن يكون مأموناً عليها. وأن تكون الجهة التي يسافر إليها غير مخوفة لم تشترط الزوجة عدم السفر بها، فإن اشترطت فإنه يوفي لها بالشرط. وإن لم يوف لها الشرط كان لها الفسخ.

الشافعية - قالوا: للزوج أن يسافر بزوجته متى كان مأموناً عليها، وإذا امتنعت عن السفر معه كانت ناشزاً لا تستحق نفقة ولا غيرها، إلا إذا كانت معذورة لمرض، أو حر، أو برد لا يطيق معهما السفر، أو ضرر يلحقها بالسفر معه، ولو كان سفره معصية. لأنه لم يدعها إلى المعصية وإنما يدعوها لاستيفاء حقه) .

ص: 150

أحدهما: جمال، وقال الآخر: حمير، والمراد بالجنس عند الفقهاء الجنس اللغوي. فيشمل النوع لأن الجمال والحمير نوعان للحيوان، وإذا شئت مثالاً لاختلاف الجنس المنطقي فهو أن يقول أحدهما: إن المهر طعام. ويقول الآخر: إنه حيوان. أو اختلفا في صفته. كأن قال أحدهما: هو قمح أسترالي. وقال الآخر: هو قمح هندي. أو اختلفا فيما يستقر به الصداق. كأن قالت الزوجة: إنه خلا بها، أو وطئها. وفي كل هذا تفصيل المذاهب (1) .

(1) (الحنفية - قالوا: الاختلاف في المهر على ثلاثة أحوال: الحال الأول: أن يختلفا في تسمية المهر بأن يدعي أحدهما تسمية المهر. وينكر الآخر. وفي ذلك صور. الصورة الأولى: أن يختلفا وهما على قيد الحياة حال الطلاق بعد الدخول. أو الخلوة. فإذا قال الزوج: سميت لها عشرة جنيهات مثلاً. وقالت هي: لم يسم لي مهراً كلف الزوج الإثبات. فإن عجز حلفت الزوجة بأنه لم يسم لها عشرة. وثبت لها مهر المثل شرط أن لا ينقص عن العشرة التي اعترف بها الزوج. وكذا إذا ادعت هي أنه سمى لها عشرين. وهو أنكر فإنها تكلف الإثبات. فإذا عجزت حلف الرجل بأنه لم يسم لها عشرين. فإن حلف ثبت لها مهر المثل. بشرط أن لا يزيد على العشرين التي ادعتها. وإن نكلت عن اليمين في الصورة الأولى. أو نكل هو عن اليمين في الثانية ثبت ما ادعاه أحدهما.

فإن قلت: إن المنقول عن أبي حنيفة أن المنكر لا يحلف في النكاح، ومقتضى هذا أنه متى عجز المدعي عن الإثبات ثبت حق المنكر بدون يمينه. والجواب: أن أبا حنيفة قال: لا يحلف المنكر في أصل النكاح، سواء كان المراد به العقد، أو الوطء. أما الذي هنا فهو خلاف في المهر وهو مال فيه الحلف بالإجماع.

الصورة الثانية: أن يختلفا في حياتهما حال الطلاق قبل الدخول، أو الخلوة. وفي هذه الصورة إذا ثبت أن المرأة لم يسم لها صداق بأن عجزت عن إثبات التسمية وحلف أنه لم يسم لها شيئاً لم يكن لها سوى متعة المثل، وقد تقدم بيانها.

الصورة الثالثة: أن يقع الخلاف بعد موت أحدهما، فإذا ماتت هي وادعى الزوج أنه سمى لها عشرة، وأنكر الوارث كلف المدعي الإثبات، فإن عجز حلف الوارث، وثبت لها مهر المثل، كما هو الحال في الطلاق بعد الدخول، وكذا إذا مات الزوج وادعت هي التسمية.

الصورة الرابعة: أن يموتا معاً، ويختلف الورثة في التسمية، وفي هذه الصورة رأيان: أحدهما: قول أبي حنيفة، وهو - أن القول لمنكر التسمية، ولا يقضي لها بشيء - الثاني: قول صاحبيه، وهو - أنه يقضى لها بمهر المثل - قالوا: وعليه الفتوى.

الحال الثاني: أن يختلفا في قدر الصداق إذا كان ديناً موصوفاً في الذمة، سواء كان نقداً من ذهب. أو فضة. دراهم. أو دنانير. أو جنيهات. أو نحو ذلك. أو كان مكيلاً أو موزوناً. أو معدوداً، فمثال الاختلاف في النقد أن يقول الزوج: أن المهر ألف، وتقول الزوجة: أنه ألفان، ومثال الاختلاف في الموزون أن يقول: إن المهر عشرون قنطاراً من عسل النحل المصفى، وتقول هي: إنه ثلاثون، ومثال الاختلاف في المعدود أن يقول: تزوجتك على عشرين إردَبّاً من القمح البعلي، وتقول هي على

ص: 151

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ثلاثين، ومثال الاختلاف في المعدود أن يقول: تزوجتك على ألفين من الرمان، وتقول هي: بل على أربعة آلاف، وهذا، وحكم الاختلاف في قدر المهر في كل هذه الأمور واحد، وفي هذا الحال الثاني صور:

الصورة الأولى: أن يقع الخلف بينهما حال قيام الزوجية، سواء دخل بها أو لم يدخل.

الصورة الثانية: أن يقع الخلف بينهما بعد الطلاق والدخول، وحكم هاتين الصورتين واحد، فإذا اختلفا قدر النقد، كأن قال: تزوجتها على مهر قدره ألف وهي قالت: قدره ألفين. فإن لذلك ثلاثة أحوال: الأول أن يكون مهر المثل موافقاً لقولها. الثاني: أن يكون موافقاً لقوله. الثالث: أن لا يكون موافقاً لقول واحد منهما، بل ألفاً وخمسمائة، وقد عرفت أنها تقول: ألفين، وهو يقول: ألف، وحكم الأول، وهو - ما إذا كان مهر المثل موافقاً لقولها - أن القول يكون لها بعد أن تحلف اليمين، بمعنى أنها تحلف أنه ما تزوجها على ألف، كما يدعي، وتستحق الألفين، فإن نكلت عن اليمين كان لها الألف التي ادعاها، فإن أقامت بينة على دعواها قبلت منها وقضي لها بها، وإن أقام هو بينة على دعواه الألف فقط قبلت منه أيضاً، ولكن في هذه الحالة تقدم بينة الزوج على بينتها، وذلك لأن الظاهر معها، وهو أن مهر مثلها موافق لدعواها، والزوج يريد أن يثبت خلاف الظاهر وأنها رضيت بالألف التي هي دون مثلها. فتتقدم ببينة، وحكم الثاني وهو - ما إذا كان مهر المثل موفقاً لقوله - أن القول قوله بيمنه بأن يحلف ما تزوجها على ألفين، ويقضى لها بالألف، فإن نكل عن اليمين قضي لها بالألفين، وأيهما جاء ببينه تسمع. إلا أن بينتها في هذه الحالة تقدم على بينته. عكس الأولى، لأن الظاهر مع الزوج، والبينة تثبت خلاف الظاهر، وحكم الثالث، هو - ما إذا كان صداق مثلها مخالفاً لهما معاً، كأن كان ألفاً وخمسمائة - أنهما يتحالفان. بأن يحلف كل منهما، فيحلف الزوج أنه ما تزوجها على ألفين، وتحلف هي أنه ما تزوجها على ألف بل ألفين، فأيهما نكل عن اليمين لزمته دعوى الآخر، وقيل: إن نكل الزوج لزمته ألف وخمسمائة. وهو صداق المثل.

والأول أظهر، وإن حلفا معاً قضي بمهر المثل، وهو ألف وخمسمائة، وإذا أقام أحدهما بينه على دعواه قبلت فإن أقام كل منهما بينه شهدت له قضي بمهر المثل، وهو ألف وخمسمائة.

وحاصل ذلك أنه إذا لم تكن لأحدهما بينة تثبت دعواه تحالفا، فإن حلف أحدهما، ونكل الآخر قضى بدعوى الحالف. وإن حلفا معاً قضي بمهر المثل، وإن أقاما بينة معاً قضي بمهر المثل.

ويجري هذا التفصيل بعينه فيما إذا اختلف في عين مكيلة. أو موزونة. أو معدودة.

الصورة الثالثة: أن يختلفا بعد الطلاق وقبل الدخول، وفي هذه الحالة لا يخلو إما أن يكون الصداق المختلف فيه معيناً حاضراً، كهذا الحيوان، وأما أن يكون ديناً موصوفاً في الذمة كالنقود. والمكيلات، والمعدودات والموزونات التي تقدم ذكرها، فإن كان معيناً ورضي الزوج بإعطائها نصفه فذاك، وإلا فلها المتعة اللائقة بها - بدون تحكيم - متعة المثل، وإن كان ديناً فلها المتعة - بتحكيم - متعة المثل، هذا إذا لم تستطع إثبات دعواها بالبينة، وإلا فلها نصف الصداق الذي تثبته.

ص: 152

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

الصورة الرابعة: أن يموت أحدهما ويقع الخلاف بين الآخر والوارث في الصداق، وحكم هذا حكم الاختلاف في حال الحياة بلا فرق.

الصورة الخامسة: أن يموت الزوجان، ويقع بين الخلاف بين الورثة في مقدار المسمى، وحكم هذه الصورة أن القول لورثة الزوج.

الحال الثالث: أن يختلفا في جنس المسمى، كأن يقول: تزوجتك على عشرين إردَبّاً من الشعير، وهي تقول: بل من القمح، أو يقول: تزوجتك على هذا الثور، وهي تقول: بل على هذه البقرة الحلوب. أو نحو هذا.

الحال الرابع: أن يختلفا في وصفه، كأن يقول: إنه قمح غير جيد، وهي تقول: إنه جيد، أو يختلفا في نوعه، كأن تقول: قمح بعلي، وهو يقول: أسترالي، وفي هذه الحالة إذا كان الصداق معيناً، كهذا الثوب. أو هذه الصبرة من القمح، واختلفا، وقالت: تزوجتك على هذا الثوب بشرط أنه عشرون ذراعاً، ولكنه نقص، أو على هذه الصبرة من القمح بشرط أن تكون من القمح البعلي، فإن القول في هذه الحالة للزوج بدون يمين. أو تحكيم مهر المثل بالإجماع، أما إذا كان الصادق ديناً موصوفاً في الذمة، فالاختلاف في جنسه أو نوعه أو صفته يكون حكمه حكم الاختلاف في أصله.

المالكية - قالوا: التنازع في الصداق له ثلاثة أحوال.

الأول: أن يختلفا قبل الدخول. وقبل الفراق بطلاق. أو موت، وفيه ثلاثة صور:

الصورة الأولى: أن يختلفا في قدر المهر، ولا إثبات مع أحدهما، كأن يقول: عشرة، وتقول هي عشرين.

الصورة الثانية: أن يختلفا في صفته، بأن يقول أحدهما: جنيهات مصرية، ويقول الآخر: بل هي جنيهات - وبنتو - مثلاً، أو يقول أحدهما: قمح بعلي، ويقول الآخر: قمح هندي. وحكم هاتين الصورتين واحد، وهو أنهما يحلفان، فكل يحلف على ما ادعاه إن كانا رشيدين، وإلا حلف الولي، وبعد ذلك يفسخ النكاح بطلاق، ويقع ظاهراً، وباطناً، وكذا إذا نكلا معاً، فإنه يفسخ العقد بطلاق، أما إذا حلف أحدهما، ونكل الآخر، فإنه يقضى بدعوى الحالف، وتبدأ بالحلف الزوجة، هذا إذا كانت دعوى كل واحد منهما في القدر أو الوصف تشبه المعتاد المتعارف بين أهل بلديهما، أما إذا كانت دعوى أحدهما تشبه المتعارف، والآخر لا تشبه، فالقول لمن أشبه بيمينه، فإن نكل بعد توجيه اليمين عليه، حلف الآخر، ويقضى لمن حلف، ولا يفسخ.

الصورة الثالثة: أن يختلفا في الجنس، والمراد بالجنس الجنس اللغوي الذي يشمل النوع ومثال الأول أن يقول: تزوجتها على قمح، وهي تقول: بل تزوجني على خيل، ومثال الثاني أن يقول: تزوجتها على شياه، وهي تقول: بل تزوجني على نياق، فإن جنس النياق، والشياه واحد وهو الحيوان، ولكن النوع مختلف، فهما نوعان منطقيان، وجنسان لغويان، فإذا اختلفا في الجنس قبل الدخول فسخ

ص: 153

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

النكاح مطلقاً، لا فرق في ذلك بين أن يحلفا معاً، أو يحلف أحدهما. أو يمتنعا عن الحلف. أو يشبها معاً. أو يشبه أحدهما الآخر، ما لم يرض أحدهما بقول الآخر، فإنه لا فسخ مع الرضا.

الحال الثاني: أن يختلفا بعد الدخول، وهما على قيد الحياة، سواء كان ذلك بعد الطلاق. أو قبله، وتحته صورتان:

الصورة الأولى: أن يختلفا في قدر الصداق. أو صفته، وليس مع أحدهما ما يثبت دعواه، وحكم هذه الصورة أن القول للزوج بيمينه، فإن نكل حلفت هي، وقضي بقولها، فإن نكلت أيضاً قضي له، ويعمل في هذه الصورة بقول الزوج، وإن لم يشبه المعتاد عند أهل البلد، وذلك لترجح قوله بتمكينها له من نفسها، خلافاً لمن قال: يعمل بقوله إن أشبه.

الصورة الثانية: أن يختلفا في جنس الصداق، وفي هذه الحالة يحلفان، فإن حلف أحدهما، ونكل الآخر قضي للحالف، وإن حلفا معاً. أو نكلا معاً لزم الزوج مهر المثل جميعه في هذه الحالة، لأن المفروض أنه دخل بها.

وحاصل هذه المسألة أن الخلاف في الجنس قبل الدخول. وقبل الطلاق. والموت يوجب فسخ النكاح مطلقاً، سواء حلفا أو حلف أحدهما، أو نكلا، وسواء أشبه قولهما، أو قول أحدهما أو لم يشبه، أما بعد الدخول فإنه يجب مهر المثل، على ما هو مبين، وأن الاختلاف في القدر والصفة قبل الدخول يوجب صدق قول من انفرد منهما، يكون قوله مشبهاً للمتعارف بيمينه، فإن أشبها معاً أو لم يشبها حلفا، وفسخ النكاح ما لم يرض واحد منهما، وان الاختلاف في القدر. أو الصفة بعد الدخول يوجب صدق الزوج بيمينه، ويشترط أن يكون مهر المثل مساوياً لما ادعته، فإن كان أكثر أعطيت ما ادعت. وكذا أن لا يكون أقل مما ادعاه الزوج.

الحال الثالث: أن يختلفا بعد الطلاق. أو يموت أحدهما، ويختلف الآخر مع الوارث. أو يموتا معاً ويقع النزاع بين الورثة، وحكم هذه الحالة كحكم الاختلاف بعد البناء، إلا أنه إذا كان النزاع بعد الطلاق قبل الدخول في الجنس، وتحالفا، فحلفا أو نكلا، وجب نصف مهر المثل لا جميعه.

هذا، ومتى رد الزوج مهر المثل ثبت النكاح حسناً حال الدخول، وحكماً حال الطلاق والموت بمعنى أن أحكامه ثبتت من إرث وغيرهما هو المعتمد.

الشافعية - قالوا: الاختلاف بين الزوجين. أو بين الزوج والولي. أو بين الوليين أو بين وكيل أحدهما أو بين وكيليهما أو بين أحد هؤلاء وبين الورثة إذا مات الآخر أو بين ورثتهما إذا ماتا معاً يكون على وجوه. أحدهما: أن يختلفا في أصل التسمية، كأن تدعي أنه لم يسم لها صداقاً، وهو ينكر ويدعي أنه قد سمى.

ثانيها: أن يختلفا في قدره، كأن تقول: تزوجني على مائة، وهو يقول: على خمسين.

ثالثها: أن يختلفا في جنسه، كأن تقول: تزوجني بمائة جنيه، وهو يقول: بمائة ريال.

ص: 154

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

رابعها: أن يختلفا في صفته، كأن تقول: تزوجني على عشرين إردَبّاً من القمح الجيد، وهو يقول: تزوجتها على عشرين رديئة، أو يختلفا في حلوله وتأجيله، كأن يقول: تزوجتها على مائة مؤجلة، وهي تقول: بل معجلة، وحكم هذه الصور جميعها واحد، سواء كان قبل الوطء، أو بعده، وهو أنه إذا وقع النزاع في صورة من هذه الصور، ولم يكن لأحدهما بينة تثبت مدعاه، أو كان لكل منهما بينة، ولكن تناقضتا، كأن أرخت إحداهما وأطلقت الأخرى، أو أطلقتا ولم تؤرخا، فإنه يجب أن يتحالفا، ويبدأ بالزوج. فإن نكل أحدهما قضي للآخر بدعواه.

وكيفية حلف الزوجين البالغين الرشيدين أن يحلفا على مدعاهما بطريق القطع، بأن تقول: والله ما تزوجني بمائة بل بمائتين، وهو يقول: والله ما تزوجتها بمائتين بل بمائة. أما الصغيرة، أو المجنونة فيحلف عنها وليها بطريق الجزم أيضاً، فإذا بلغت الصغيرة، أو برئت المجنونة، قبل الحلف حلفتاهما دون الولي، وإذا وقع الخلاف بين الولي وبين الزوج، وكانت الزوجة بكراً بالغة حلفت الزوجة دون الولي لأن المهر عائد إليها.

وكيفية حلف الوارث أن يحلف على نفي العلم، بأن يقول وارثه: والله لا أعلم أن مورثي تزوجها بخمسمائة كما تدعي، بل تزوجها بمائتين، ويقول وارثها: والله لا أعلم أن مورثتي تزوجها بمائتين كما يدعي، بل بخمسمائة.

وكيفية حلف الولي أن يحلف بأن عقده وقع على خمسمائة لا على مائتين، فهو يحلف على الفعل الصادر منه، ويثبت المهر للزوجة ضمناً فلا يرد لأن الشخص لا يستحق شيئاً بيمين غيره فكيف تستحق المهر بيمين وليها؟! والجواب أنه لم يحلف على أن موليته تستحق المهر، وإنما يحلف على أنه عقد بمهر كذا، فهو حلف على الفعل لا على الاستحقاق، فإن نكل الولي عن الحلف، وحلف الزوج، فهل يقضى للزوج بيمينه. أو ينتظر بلوغ الصغيرة لتحلف. أو تنكل؟ وجهان، ورجح الثاني، وهو انتظار بلوغ الصغيرة.

فإن قلت: هل تحلف الصغيرة على نفي العلم، أو تحلف على ثبوت دعواها، ونفي دعوى الزوج جزماً؟ الجواب: أن في هذه المسألة وجهين أيضاً، والمناسب أن تحلف على نفي العلم، بأن تقول: والله لا أعلم أن وليي زوجني بمائة بل بمائتين، لأنها في الواقع لم تشهد الحال، ولم تستأذن فلا يسعها أن تحلف جازمة، وهذا بخلاف ما إذا كانت بكراً بالغة، ووقوع الحلف بين الزوج والولي، فإنها تحلف على الدعوى بطريق الجزم والقطع، لأن العقد إن كان قد باشره الولي، ولكن بعد استئذانها، فهي مشاهدة للحال.

والحاصل أن الزوجين البالغين يحلفان على أصل الدعوى بطريق القطع، والولي يحلف على فعل نفسه.

وفي كيفية حلف الصغيرة. والمجنونة بعد البلوغ والإفاقة قولان: فبعضهم يقول: إنهما يحلفان

ص: 155

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

بطريق الجزم لا بنفي العلم، وبعضهم يقول: بل يحلفان بنفي العلم، والرأي الثاني لجمع من المتقدمين وهو الظاهر المناسب.

ثم بعد عجز أحد المتنازعين عن إثبات دعواه وتحالفهما يفسخ المهر المسمى ويثبت للزوجة مهر مثلها في حالة ما إذا كان النزاع في تسمية المهر، ولها جميعه إن وقع الخلاف بعد الوطء ونصفه إن كان قبله فإن كان النزاع في قدر المهر، كأن ادعت أنه مائة، وهو ادعى أنه تسعون مثلاً، كان لها مهر مثلها، ولو زاد على ما ادعته بأن كان مائة وخمسين.

وإذا وقع النزاع بين الزوج، وبين الولي في قدر الصداق، كأن قال الولي: هو مائتان، وقال الزوج هو مائة وخمسون، وكان مهر المثل يساوي مائتين وخمسين، فقيل: يتحالفان وجوباً، فإن نكل الزوج حلف الولي ويقضى له بدعواه، وقيل: يقضى بمهر المثل، والتحقيق أن للولي تحليف الزوج، إذ ربما ينكل، فيحلف الولي وتثبت دعواه، فإن ادعى الزوج قدراً مساوياً لمهر المثل، فإن كان مساوياً لقول الولي، فالأمر ظاهر، لأنه يوافق المسمى وتنقطع الخصومة، وإن كان أقل من المسمى رجعت المسألة إلى أن للولي الحق في تحليفه لعله ينكل، فتثبت الزيادة التي في المسمى.

الحنابلة - قالوا: إذا اختلف الزوجان. أو ورثتهما بعد موتهما. أو زوج الصغيرة ووليها في قدر الصداق، كأن قال: مائة، وقالت: مائتان، أو في عين الصداق، كأن قالت: صداقي هو هذا الثوب، وقال: بل هذا الثوب الآخر. أو في جنسه بأن قال: تزوجتها على إبل: وقالت بل على خيل، أو قال: على قمح وقالت: على ذهب، أو صفته، أو اختلفا فيما يستقر به الصداق من الدخول، والخلوة، والقبلة، والمس والنظر بشهوة، كما تقدم، فادعت الدخول، وأنكر، فإذا لم يكن لأحدهما ما يثبت دعواه كان القول للزوج أو وارثه بيمينه. وذلك لأنه منكر، فلو اختلفا في عين الصداق بأن ادعت أن صداقها هذا الحيوان وهو قال لها: بل هذا الحيوان فقد أنكر الزوج دعواها في عين الصداق، والقول للمنكر بيمينه، وكذا إذا اختلفا في صفته، كأن قالت: تزوجني على قمح هندي، وقال: بل على قمح مصري، فإنه أنكر دعواها، بأن صداقها هو القمح الهندي وكذا إذا اختلفا في الجنس، كأن ادعت أنه تزوجها على كذا من البر، فأنكر وقال: إنه كذا من الشعير، وهكذا، فهو منكر والأصل براءة ذمته من شيء لم يقر به، ولا بينة عليه، فهو منكر غير مقر، ولا بينة، فلا يلزمه إلا اليمين، فإذا نكل قضي لها، وإذا حلف قضي له بقوله أما إذا اختلفا في قبض الصداق بأن ادعى الزوج أنها قبضت الصداق، وأنكرت كان القول لها بيمينها. أو لوارثها إن كانت ميتة، ومثل ذلك ما إذا اختلفا على تسمية المهر بأن ادعى أنه قد سمى لها مائة، وأنكرت لتتوصل بذلك إلى مهر مثلها الزائد عن المائة، وبلا بينة، كان القول قولها بيمينها، فيقضى لها بمهر المثل، ولا فرق في ذلك كله بين أن يختلفا قبل الدخول.

أو بعده، قبل الطلاق أو بعده، لأن المدار في الفصل بينهما إما على البينة إن وجدت، وإلا فعلى الزوج في بعض الأحوال بأن يكون القول قوله بيمينه، وعلى الزوجة في البعض الآخر، وهو أن يكون القول قولها بيمينها) .

ص: 156