المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌أصل اللغة الإشارة - الفوائد اللغوية - ضمن «آثار المعلمي» - جـ ٢٤

[عبد الرحمن المعلمي اليماني]

فهرس الكتاب

- ‌أصلُ اللُّغةِ الإشارةُ

- ‌اشتقاق الكلمات

- ‌[بحث في أصل صيغ الفعل واشتقاقها منه، وإتيان بعضها مكان بعض]

- ‌[المناسبة بين رسم كلمتَي الصدق والكذب وبين معانيهما]

- ‌[تعليقات على مواضع من «مختصر المعاني شرح تلخيص المفتاح» و «حاشيته» للبنَّاني]

- ‌[بحث في المجاز العقلي]

- ‌[حول المثنَّى بالتغليب]

- ‌[تنبيهات على أبياتٍ لامرئ القيس]

- ‌[تعليقات على مواضع من «شرح الشافية»]

- ‌دلائل كون الكلمة أعجمية

- ‌[تعليق على كلام الجوهري في معنى «التدافن»]

- ‌[أنواع اسم الجنس والفرق بينها وبين الجمع واسم الجمع]

- ‌[مجيء «إذا» للماضي في القرآن]

- ‌[أمثلة لـ «فعيل» التي تأتي بمعنى «مُفعِل»]

- ‌[أمثلة لما شذَّ عن القاعدة في صياغة «أفعل» التفضيل وصيغة التعجب]

- ‌[حول توالي الإضافات]

- ‌[بحث في اشتقاق «أَحبَّ»]

- ‌[تعليقات على مواضع من «المثل السائر»]

- ‌[فائدة في نسبة المطر إلى «النوء»]

- ‌[بحث في معنى «أرأيتك»]

- ‌[بحث في الحرف الزائد]

- ‌[تعليق الشيخ على مواضع من «المُزْهِر»]

- ‌[تعليقات على مواضع من «أمالي القالي»]

- ‌[تعليق على «التنبيه على أوهام أبي علي في أماليه» للبكري]

- ‌[تعليق على «الطارقية» لابن خالويه]

- ‌[بحث في أدوات الاستفهام]

- ‌[تعليق على موضع من «عروس الأفراح»]

- ‌[بحث في منع «أبي هريرة» ونحوه من الصرف]

- ‌فوائد متفرقة

- ‌فروق ملخصة من "كتاب الروح"(1)لابن القيم

- ‌[الفرق بين العشق والرقَّة والفسق]

- ‌[اليُمْن والشؤم]

- ‌[في معنى حديث: "لا يسترقون ولا يتطيَّرون ولا يكتوون"(1)وحكم التداوي]

- ‌المعاريض

- ‌التعليم والحكمة

- ‌[قانون لتعليم علم النحو]

- ‌[مقدمة في فن المنطق]

- ‌[تأمّلات في بعض المقادير الشرعية]

- ‌[دفع طعن السيد العلوي في شيخ الإسلام والاعتذار عنه في ردّه لبعض الأحاديث التي يراها غيره أنها صحيحة]

- ‌[حول شدّة التعصّب المذهبي لدى الحنفية]

- ‌[زعم الصوفية أن العبادة لا تنبغي لقصد الجنة]

- ‌[سبب منع أبي بكر النفقة عن مسطح]

- ‌[مناظرة مع الشيخ الخضر الشنقيطي]

- ‌[منهج وضعه الشيخ لتأليف كتاب في التفسير]

- ‌[سرّ صيغة الجمع في السلام وجواب التشميت]

- ‌[كشف تحريف لأحد الجهلة في نسخة من "حلية الأولياء

- ‌[تعليق الشيخ على كلام الفراهي في كتابه "الرأي الصحيح في مَن هو الذبيح

- ‌[تقييد وفاة يحيى الهمداني]

- ‌[معاناة الشيخ مع بعض المصححين بدائرة المعارف]

- ‌[وصف نسخة من "سنن البيهقي" بخط مؤلفه]

- ‌[وصف نسخة خطية من "الرد على المنطقيين

- ‌[تحضيض الشيخ أركان دائرة المعارف أن يعلِّموا أبناءهم العربية]

- ‌[قواعد في صيغ الجمع باللغة الأوردية]

- ‌[تعليقات على مواضع من "ألف باء" للبلوي]

- ‌[تعليق على مواضع من "طبقات ابن سعد

- ‌[نظم في زكاة الحيوان]

- ‌[نظم في أصوات الحيوانات]

- ‌[من قريض الشيخ]

- ‌[رؤى رآها الشيخ]

الفصل: ‌أصل اللغة الإشارة

الحمد لله.

‌أصلُ اللُّغةِ الإشارةُ

اختلف الباحثون في أصل اللغة، وظهر لي في ذلك شيء هو في نظري أصحُّ ما يُقال في هذا الباب، ولعلّي أكون أوَّلَ مَنْ تنبَّه له. المعذرةُ أيها القارئ! فلعلّي أكون مخطئًا في اعتقادي هذا. وقد كان يجب عليَّ أن أستوعب ما قيل في هذا الموضوع قبل أن أُبدي ما عندي، ولكن لم يتيسَّر لي ذلك في الحال، وعلمت أنَّ للمخلّفاتِ ــ كما قيل ــ آفاتٍ.

وقبل بيان ما ظهر لي، أذكرُ ما وقفتُ عليه من آراء الناس في هذا الباب.

الرأي الأول: أنَّ اللغة من وضع الخالق عز وجل.

ثم اختلف أصحاب هذا الرأي. فقال بعضهم: علَّمها الله عز وجل آدمَ محتجِّين بقوله عز وجل: {وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا} [البقرة: 31]، مع ما في الحديث الصحيح أنَّ الناس يوم القيامة يأتون يقولون لآدم:«وعلَّمك أسماء كلّ شيء»

(1)

، ثمَّ علَّمها آدمُ بنيه فتوارثوها.

وقال آخرون: بل بالوحي إلى الأنبياء. وقال غيرهم: بل بالإلهام.

الرأي الثاني: أنَّ الواضع لها هم البشر، ثم اختلف هؤلاء.

فقال فريق منهم: إنَّ بين الألفاظ والمعاني مناسَباتٍ طَبْعيَّة تفطَّن لها الواضع. ومنهم مَنْ فسَّر هذا بأن المراد بالمناسبة أنَّ للحروف صفاتٍ

(1)

البخاري (4476) من حديث أنس رضي الله عنه.

ص: 321

محسوسةً من الجهر والشدة وغيرهما، وكذا للفتح والكسر والضم والسكون، وللمسميات صفاتٌ مشابهة لذلك، فرُوعِيَتِ المناسبة بذلك، وقد ذكر ابن جني في «خصائصه»

(1)

أمثلة لذلك.

وقال فريق آخر: بل بمجرَّد الاصطلاح بمعونة الإشارة، كأن يحضر الشيءُ أمام المُصطَلِحِين فيتَّفِقُون على لفظٍ يضعونه له.

وقال آخرون: بل الأصل في هذا حكاية أصوات الحيوانات وغيرها، وقد حكاه ابنُ جنِّي في «الخصائص»

(2)

وحسَّنه، ولفظُه:«وذهب بعضُهم إلى أنَّ أصل اللغات كلِّها إنما هو من الأصوات المسموعات كدوِيِّ الريح، وحنين الرعد، وخرير الماء، وشحيج الحمار، ونعيق الغراب، وصهيل الفرس، ونزيب الظبْي، ونحو ذلك، ثم ولدت اللغات عن ذلك فيما بعد. وهذا عندي وَجْهٌ صالح ومذهبٌ مُتَقَبَّلٌ» . خصائص (ج 1 ص 44).

الرأي الثالث: الوَقْف.

أمَّا أنا فإني أرى أنَّ أصل اللغة الإشارةُ على تصرُّفٍ في معنى الإشارة لما ستراه إن شاء الله تعالى. ثم أقول: إمّا أن يكون الخالق عز وجل وضعها موافقةً لذلك مراعاةً للحكمة وليَسهل تعلُّمُها على الناس، ويكون أظهر في الدلالة على المعاني، كما يدلك على ذلك كثرة استعمال العرب كلمة (البَوْس) بمعنى التقبيل، حتى لا تكاد العامة تعرف له لفظًا غير (البَوْس) مع

(1)

وذلك في باب: «في إمساس الألفاظ أشباه المعاني» : (1/ 152 - 168) ت. محمد علي النجار.

(2)

(1/ 46 - 47).

ص: 322

أنه من غير لغة العرب، إلَّا أنه ظاهر الموافقة للإشارة بخلاف (التقبيل) ونحوه، كما ستراه إن شاء الله تعالى.

وإمَّا أن يكون الخلق هم الذين ولَّدوها من الإشارة.

ولا أجزم بأحدهما، ولكنّي سأبني كلامي على الثاني.

الدليل الإجمالي

أصحُّ أساسٍ نبني عليه البحث في هذا الموضوع أن نعتبر حال الإنسان قبل اللغة بحال الأبكم، وكلّنا يعلم أنَّ الأبكم يعتمد في تفهيم ما يريده على أمورٍ منها: الإشارة ببعض أعضائه الظاهرة، ومنها أصوات طبعية تدل على أغراض معروفة، كالأنين على الألم. وهذا القسم يظهر أنه كان كثيرًا في الإنسان لأننا نرى العجماوات تستفيد من أصواتها الطبعية كثيرًا في تفهيمها، ولا شك أن الإنسان قبل اللغة كان أرقى منها.

ومنها حكاية أصوات الأشياء التي يريد [أن] يخبر عنها سواءً من أصوات الإنسان نفسه كالأنين والحنين والنخير والشخير أو أصوات الحيوانات أو غيرها. ومنها حكاية المعاني بأصوات تناسبها، وهذا هو الذي دندن عليه ابن جنّي.

أنا أرى أنَّ الأقسام الثلاثة يصحّ أن تكون كلها من باب الإشارة، فالأول إشارة مرئية، والآخران إشارة مسموعة، وإن كان معنى الإشارة في أصل اللغة لا يتحمَّل هذا فلنحمِّلْه إيَّاه على سبيل الاصطلاح. ويرجّح هذا أنَّ الإشارة بالأعضاء أوسع تصرُّفًا من الأصوات الطبعية والحكاية كما لا يخفى.

ص: 323

وقريب من الأبكم: الناطق الذي يحاول تفهيم مَنْ لا يعرف لسانه. بل إن الناطق الذي يريد تفهيم مَنْ يعرف لسانه كثيرًا ما يستغني بالإشارة والأصوات الطبعية والحكاية.

وإذن فقد كان الناس قبل الكلام يتفاهمون بذلك. والمنطق يدلّ أنّ أقرب ما يمكن أن تَولَّد منه أداة الشيء هو أداة أخرى لذلك الشيء كانت قبلها.

وإذن فاللغة مولَّدة من الإشارة والحكاية.

التحليل

الإشارة بالأعضاء هي عبارة عن تحريك بعض الأعضاء حركةً مخصوصةً، وقد يكون غير الأعضاء كعُودٍ باليد، ولكن مبنى الإشارة على الأعضاء كما لا يخفى.

من الأعضاء: أعضاء الفم من الشفتين واللسان وغيرها.

الإشارة بأعضاء الفم قد تكون بالتحريك الظاهر كإبراز اللسان، وقد تكون بتحريك لا يظهر للبصر، وإنّما يُستدلّ عليه بصوتٍ كدلالة «هع» على تحريك بعض أعضاء الحلق حركةً مخصوصةً للدلالة على القيء.

قد يقال: الأَولى أن يُجعل نفس الصوت ــ «هع» مثلاً ــ هو الدالّ على المعنى ــ وهو القيء هنا ــ مع قطع النظر عن تحريك أجزاء الحلق، فيكون هذا من الحكاية لا من الإشارة العضوية. وهذا ــ وإن صحّ في المثال ــ لا يصحّ في نحو (بَلَع) كما سيأتي إيضاحه إن شاء الله تعالى.

ص: 324

قدَّمنا الإشارة العضوية التي يمكن توليد الكلام منها هي ما كان بأعضاء الفم، والظاهر أن أول ما ولد من الكلام هو ما جرت العادة بأن يشار إليه بشيء من أعضاء الفم. ثم إن الواضعين ألحقوا بذلك ما جرت العادة أن يشار إليه بغير ذلك بأن كلّفوا أنفسهم أولاً الاقتصار في الإشارات على أعضاء الفم ثم فعلوا بها كما فعلوا بالأولى.

الكلمات المولدة من الإشارة العضوية والأصوات الطبعية والحكاية هي أصول المواد، وكذا أصول الصِيَغ فيما يظهر، ثم جُعِلت تلك الأصول أمهات، وولدت منها كلمات أخرى بمقتضى المناسبة، وقد تكون المناسبة إشارية وقد تكون غيرها، وقد تكون مركبة.

طريق البحث في هذا الموضوع أن

(1)

.

* من لطائف الإشارة كلمة: «حِرْح» فإنها إشارة إلى شيء فيه دفع وبلع. ثمَّ أسقطوا منه ما يدل على البلع على عادتهم في إضمار ذلك والتحاشي من التصريح به

(2)

.

* * * *

(1)

بياض في الأصل.

(2)

مجموع [4716].

ص: 325