الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الثاني: صفاته
لقد كان المؤلف- رحمه الله كفيف البصر منذ ولادته، ولكنَّ الله سبحانه وتعالى رزقه وعوَّضه عن نعمة البصر بنعمة البصيرة، والذكاء، وقوة الحافظة. ومِمَّا يدل لهذا ما حدَّثني به ابنه حيث قال:(كان أبي يعرف مواضع الكتب وأماكنها من مكتبته) . وما قاله أيضاَ تلميذه حمزة سعداوي: (كان شيخنا- رحمه الله الشيخ محمد أُوتي قوة حافظة عجيبة، وسرعة تذكُر، فكان إذا سمع الصوت مرة واحدة لا ينساه وربما يعرف القادم من خلال مشيه وخطواته) . ويدلُّ لهذا ما ذكره- رحمه الله في كتابه هذا من الكتب الكثيرة، وسرد أسمائها وأسماء مؤلفيها من حفظه.
وكان- رحمه الله ربعة من الرجال، ليس بالطويل البائن ولا بالقصير، كان نحيفاَ، ويمتاز بهيئته في المشي. فإذا مشى مشى ممشوق القائمة شامخاَ برأسه، ولم يكن رحمه الله كثير شعر اللحية، بل كان خفيف العارضين، وربما إذا مشى مسك عصى بيده، وقد يأتي أحياناَ ويكون معه قائدٌ يقوده من بيته إلى مسجده. ولباسه لباس العلماء في ذلك الوقت- الجبة والعمامة-. كان صوته أقرب إلى الخفض، إلا أنه كان مسموعاً هادئاَ يبعث سماعه على الطمأنينة والراحة.
ولم يكن- رحمه الله ممن يكثر الاختلاط بالناس، إلا بقدر الحاجة من نصح وإرشاد.
كان كثير الصوم والصلاة، دائم التضرع والابتهال إلى الله. حدثتني ابنته تقول:
(كان يقضي غالب وقته في مكتبته مع بعض تلاميذه، فإذا جاء الليل شغله بالذكر والقرآن والصلاة ويحرص حرصا شديدا على صيام أيام التطوع) .
أخلاقه:
عاش الشيخ- رحمه الله عيشة الفقراء، فأثر ذلك في أخلاقه وطِبَاعِه، كان متواضعاً جداً لا تُعْجبه حياة الترف والثراء، ينهى دائماً عن الإكثار من الدنيا ومتاعها، وغالباً ما يوجه طلابه وتلاميذه إلى التقلل من الدنيا.
وقد عُرف عن الزهد فيما في أيدي الناس مع حاجته- رحمه الله.
ومن أخلاقه: تمتعه بقوة الصبر والتحمل، وشدة التواضع، ومن أمثلة تواضعه وصبره أن يقف للمرأة تستفتيه وتسأله، ويقف للعامة من الناس- وربما أطال الوقوف- رحمه الله في شدة الحر، وكان يسمع بعض الكلام ممن يُنْكِرُ عليهم من الصوفية، لا يزيد على قول: اللهم اهدهم.
ومن تواضعه أنه كان يرد السلام على كل من سلم عليه بوجه بشوش طَلْق، فلذلك أحبه الناس مع إنكاره عليهم؛ لأنه كان يُنكِر بحكمة ولين، فأصبح مرجع الناس في حل مشاكلهم وفتاويهم.
كان- رحمه الله ملازماَ للتقوى، لا يُحب الكلام في الآخرين والقدح فيهم ويترحم على الميتين ويلتمس الأعذار لمن أخطأ عليه.