الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
جامع أيا صوفية
في القسطنطينيّة اليوم محال، تُشَدُّ إليها الرّحال، وتُضْرَبُ بها الأمثال، فمن ذلك (أيا صوفية) وما أدراك ما هيه، مسجدٌ كأنّه هيكل، لجبلٍ قد طرح تربَهُ ورِضامَهُ، ورُكِّبَتْ أحجاره وعظامه قبّة جوفاء، كأنّها قبّة السّماء، فإنْ أوقدت رأيت بها الكواكب غير سائرةٍ، والأفلاك غير دائرةٍ، ودعائم كلّ دعامة كالحقِّ استقامة وأرض من مرمرٍ آلاق، وحجرٍ برّاق، يصف ما يحيط به من الأشياء، فكأنّه في وجه مرآة وضاء، وكأنّما تلتمع السّيوف في تلك السّقوف، ويكاد يرى القمر في ماء ذلك الحجر إلى محاريب وحنايا، وخبايا وزوايا، كأنّها ممّا صنع الجنُّ لسليمان بالصّفاح والصفوان.
فإنْ دخلته في العشاء الآخرة أبصرت الشّموع صنواناً وغير صنوان كأنّها رماح وفي كلِّ رمحٍ سِنان، وكأنّ أقباسها نضنضةُ الحيّات. أو إشارةُ السّبابةِ في التحيّات، ورأيت النّاس بين ركعٍ وسجدٍ، وأيقاظٍ وهجد، شِيَّبٌ ما زالوا يغسلون بالوضوء السّواد، حتّى مُحِيَ محو المِداد، وشبابٌ قيام للصّلاة كسطرٍ في كتاب، والكلُّ يجأرون بدعوة الإسلام، تحت أستار الظلام.