الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
رفات حسناء
وكم فيها من حسناء بضّة، كأنّها صليحة فضّة، أصابها الهزال كما يصيب الهلال، واعتلّ الجسم السّقيم كما يعتلّ النسيم، وإذا بها في القبر كأنّها مصباح راهب، في قبّةٍ مظلمةٍ أو كنزُ راغب، مهجورةٍ معتمة. وإذا بجسمٍ كان يخشى عليه الهزال، أصبح وهو بال. وخدٍ كان يصان عن قبلة، تعبث فيه الآرضة والنملة. وتغور كأنّها أقاح، أو حببٌ على راح، تُنْثَرُ في البوغاء، وتُخْلَطُ بالحصباء وعينين كأنّهما سنانان أزرقان في عامل،
أو سحر الملكين ببابل أضحيتا في الحجاج كما قال العجاج:
كأنّ عينيها من الغؤور
…
لحدان في قَلْتَيْ صفا منقور
وإذا ثديان كأنّهما حِقّان من مرمر، أُثْبِتا بمسمارين من عنبر، باتا من الدّود كأنّهما أخدود، وإذا بمنزلها في الدّور أشعث مهجور، كأنّه محجورٌ بلا حدق، أو شجرٌ بلا ورق، وكأنّه مات بعد ساكنيه، وكأنّهم كانوا روحاً فيه، وكم ذابت في ذاك
الثّرى خدودٌ وجباه، وثغورٌ وشفاه، وسلبٌ من أنفٍ شمم ومن بنانٍ عنم، وكم خُرِّبَتْ فيه قصور، وهُتِكَتْ ستور وجُمِعَتْ أضداد، وفُرِّقَتْ أمهاتٌ وأولاد، سبحانك اللهم وسعدانك من حبسٍ إلى رمس، ومن عبثٍ إلى جدث، عملٌ ثمّ أمل.
عُذْتُ بما عاذَ به إبراهيم
…
مستقبل القبلة وهو قائم
أني لك الهمّ عان راغم