الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
صلاح الدين الأيوبي
قد ظهر في الأمّة سميذع نقاب كأنّه قسور غاب، قلب حول، لو عاودته نجوم الأفق لعاد ذو الرمح منها وهو أعزل يعبس وهو راض كالسّحاب، ويضحك وهو غاضبٌ كالقرضاب عاجلُ العفوِ آجلُ الانتقام كأنّ الملوك صفٌ وهو الإمام طبيب بأدواء الأمم حذاق، يعالج تارةً بالسُّم وطوراً بالترياق واحدٌ لم يختلف في فضله اثنان، نطقت بمآثره ألسن الخرسان والخرصان فقرّت بظهوره القلوب، وإذا هو صلاح الدّين يوسف بن أيّوب.
أنتَ الأميرُ الّذي ولّته همته
…
بغير عهدٍ من السّلطان معهود
أقبلت جموعٌ فرنجيّةٌ مهطعين، وأرسوا لحرب الصّليب على حطّين، فلقيهم بجحفلٍ جرار، وحمل عليهم حملة المهاجرين والأنصار حَمِسٌ يقابل منهم الأعداء، أمثال الجحّاف وأبي براء، كأنّهم في الصفوف حتوف، أو أسود أظافرها السّيوف، وكأنهم من حبّهم للقتال يَرَوْنَ النّقع ليلٌ وصال، تموج على صدورهم الفضفاضة السّلوقيّة، والزّعف الحطميّة، وكأنّ كلّ درع ردن هلهال، أو غدير تحرّك عليه شمال، وفي أيديهم السّيوف اليزنيّة
والسّهام الحجريّة وكأنّ كلّ سنان أرقم، وكل كنانةٍ جلدة شيهم.
وإذا تكافحٌ وجَلاد، وأبطالٌ في عصواد، وجسومٌ تحت الصّعيد ورؤوسٌ فوق الصّعاد وعثيرٌ في العنان، كادت تفرخ فيه العقبان، أصبحت الأرض به ستّاً والسّماء ثمان، وخيلٌ تنزع قبّاً، وتضبح وثباً، كأنّها في الجدد، طيرٌ تنجو من الشؤبوب ذي
البرد، وطعنٌ كلّ طعنةٍ نجلاء، لا ينفع فيها عصائب الخمر ولا ثمر الرّاء، وإذا العداة بين هاربٍ بدمائه، وباركٌ متجعجعٌ في دمائه، وإذا جموعهم كأنّها عرفجٌ علقت به نار، أو ليلٌ كشفه نهار، وإذا بالقدس قد فتح للمسلمين وكانت العاقبة للمتّقين.