الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مُقَدّمَة المُصَنّف
الْحَمد لله الذى جعل اللُّغَة الْعَرَبيَّة أوسع اللُّغَات نطاقا وأبلغها مقَالا وأفسحها مجالا وَعلمنَا الْبَيَان وألهمنا التِّبْيَان الْمُقَدّس فِي ذَاته عَن سمات النَّقْص فِي صِفَاته فقد أودع فِي كل من الْمَخْلُوقَات من بديع صفته ولطيف آيَاته وَمن الحكم والعبر مَالا يُدْرِكهُ الْبَصَر الذى شهِدت الكائنات بِوُجُودِهِ وَشَمل الموجودات عميم كرمه وجوده ونطقت الجمادات بقدرته وأعربت العجماوات عَن حكمته وتخاطبت الْحَيَوَانَات بلطيف صَنعته وتنازت الْأَطِبَّاء بتوحيده وتلاغت وحوش القفار بتغريده كل من نَام وجاهد يشْهد أَنه إِلَه وَاحِد منزه عَن الشَّرِيك والمعاند مقدس عَن الزَّوْجَة وَالْولد وَالْوَالِد
وَأشْهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله لَا شريك لَهُ رب أودع أسرار ربوبيته فِي بريته وَأظْهر أنوار صمديته فبعض يعرب بِلِسَان حَاله وَبَعض يعرب بِلِسَان مقاله وَأشْهد أَن سيدنَا مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله من صَدَقَة تمّ سوله أفضل من بعث بالرسالة وسلمت عَلَيْهِ الغزالة وَكلمَة الْحجر وآمن بِهِ الْمدر وَانْشَقَّ لَهُ الْقَمَر صلى الله عليه وسلم صَلَاة تنطق بالإخلاص وتسعى لقائلها بالخلاص وعَلى آله أسود المعارك وَأَصْحَابه شموس المسالك وَسلم تَسْلِيمًا وزاده شرفا وتعظيما.
أما بعد
فَيَقُول العَبْد الْفَقِير أَحْمد بن مصطفى اللبابيدى الدمشقى إِنَّه لما وجدت بضَاعَة الْعُلُوم رائجة فِي زمن سلطاننا الْأَعْظَم وخاقاننا الأفخم السُّلْطَان الغازى عبد الحميد خَان بن السُّلْطَان الغازى عبد الْمجِيد خَان سُلْطَان الْإِسْلَام وَالْمُسْلِمين محيى سيرة الْخُلَفَاء الرَّاشِدين مَعْدن الْفضل والأمان المتمثل قَوْله تَعَالَى {إِن الله يَأْمر بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَان} وَلَا زَالَ لِوَاء عدله المنشور إِلَى يَوْم النشور وَلَا زَالَت سلطنته مسلسلة إِلَى انْتِهَاء الزَّمَان رافلا فِي حلل السَّعَادَة وَالرِّضَا والرضوان ورايت كثيرا من أهل الْعلم وَالْأَدب يرغبون كتابا حاويا على غَرِيب اللُّغَات وتحققت أَن صَاحب الدولة والسماحة شيخ الْإِسْلَام جمال الدّين افندى الْمُعظم فريد الْفَخر فِي نحر هَذَا الْعَصْر وإكليل المعالى فَوق رَأس الْأَيَّام والليالى بدر الْمغرب الذى استضاء بِهِ الشرق وَفرع دوحة السلالة الَّذين لَهُم فِي المعالى فضل سبق الرافل فِي مطارف الْمجد الأبدى والعز السرمدى رغبته لمثل هَكَذَا تَأْلِيفَات لاستجلاب الدَّعْوَات الْخَيْرِيَّة لسيدنا وَولى نعمتنا أَمِير الْمُؤمنِينَ أيده الله تَعَالَى بِالْمَلَائِكَةِ المقربين وَكَانَت الْكتب الْمُؤَلّفَة بهَا وَإِن كَانَت محتوية على فَوَائِد إِلَّا أَن المتناسب مِنْهَا غير مَجْمُوع فِي مَكَان وَاحِد فَكَانَ تَعْلِيقه بالأذهان يحْتَاج إِلَى طول من الزَّمَان وَلَا يَتَيَسَّر ذَلِك لكل إِنْسَان فَجمعت مَا تناسب مِنْهَا تسهيلا للمرام وَهُوَ مَا يشفى الْقُلُوب ويطفى الأوام لكَونهَا ألفاظا منسوجة على منوال عَجِيب وآثاراء اسديت لحمتها فِي صنع بديع غَرِيب فينبغى أَن تتلقاها الْقُلُوب بِالْقبُولِ والصدور بالانشراح والبصائر بالاستبصار
وَذكرت مُفْرَدَات لَطِيفَة الْمعَانى دقيقة المبانى يظْهر فَضلهَا وحلاوتها فِي التراكيب عِنْد وَضعهَا فِي المناسبات وَلكُل الأساليب إِذْ كل مؤلف مِنْهَا كَانَ لطيفا وعاليا منيفا على نسق تَرْتِيب المقامة عِنْد ذوى الْفَهم وَالْإِقَامَة وَإِن كنت كررت بعض الْأَلْفَاظ فِي مَوَاضِع فقصدت ترتيبا على نسق غَرِيب كَمَا لَا يخفى على ذى فهم أريب وَقد احتوى على ثَلَاث جِهَات
الأولى جِهَة الْأَسْمَاء المترادفة المقبولة عِنْد ذوى الْعُقُول العارفة
الثَّانِيَة محتوية على عدَّة فُصُول هِيَ مَقْبُولَة عِنْد ذوى الْعُقُول
الثَّالِثَة مُشْتَمِلَة على مَا كَانَ عجيبا وبديعا من اللُّغَات والمقدمة المركبة من الْمُفْردَات
وَكَانَ جلّ مأخذه من الْقَامُوس الذى هُوَ لكل ذى أدب ناموس وَمَا أخذت من غَيره إِلَّا مَا ندر وَقل ودق وَجل كفقه اللُّغَة وفصيح ثَعْلَب ومزهر السيوطى والأشباه والنظائر الَّتِى هِيَ مُعْتَبرَة عِنْد أولى البصائر
وسميته لطائف اللُّغَة بِاعْتِبَار مَا اشْتَمَلت الْجِهَة الآخيرة من المقامة فنسأل الله تَعَالَى أَن ينفع بِهِ عُمُوم الْمُسلمين بِحَق سُورَة عَم وَسورَة يَوْم الْقِيَامَة وَكَانَ ختامه فِي سنة ألف وثلاثمائة وَإِحْدَى عشر فِي أول أشهرها شهر محرم جعله الله خَالِصا لوجهه الْكَرِيم آمين