الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
"حبب إلى من الدنيا النساء والطيب وجعلت قرة عينى في الصلاة"، ثم قال بعده مباشرة [3/ 128]:
ثنا أبو سعيد مولى بنى هاشم ثنا سلام أبو المنذر القارى ثنا ثابت عن أنس قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "حبب إلى من الدنيا النساء والطيب وجعلت قرة عينى في الصلاة".
وقال في موضع آخر [3/ 199]:
حدثنا عبد الواحد أبو عبيدة عن سلام أبي المنذر عن أنس: "أن النبي صلى الله عليه وسلم قال" وذكر مثله وقال في موضع آخر أيضًا: ثنا عفان ثنا سلام أبو المنذر فذكر بإسناده مثله، فهل أعجب من هذا؟ ينكر وجود حديث في مسند أحمد وهو قد ذكره فيه مرات متعددة؟ كل ذلك حرصًا على تخطئة المؤلف وبيان وهمه وقصوره.
فائدة
للحافظ السخاوى جزء في طرق هذا الحديث ومعناه ضمنه جزء ابن فورك الذي شرح به هذا الحديث، وقد قرأناه والحمد للَّه.
وللجمال الزيلعى في تخريج الكشاف إطالة في عزوه وتخريجه أيضًا في الحديث الحادى والعشرين من آل عمران.
1546/ 3670 - "حَبِّبُوا اللَّه إلى عِبَادِهِ يُحِبُّكمُ اللَّه".
(طب) والضياء عن أبي أمامة
قال في الكبير: فيه عبد الوهاب بن الضحاك كذبه أبو حاتم، وقال النسائى وغيره: متروك.
قلت: رواه أيضًا البخارى في التاريخ، قال:
قال يوسف بن موسى ثنا عبد الوهاب ثنا إسماعيل بن عياش عن صفوان بن عمر عن عبد اللَّه بن بسر عن أبي أمامة به، وعبد الوهاب وإن كان ضعيفا إلا أنه لم ينفرد به بل توبع عليه عن إسماعيل لكن بسند آخر مرسلًا.
قال ابن أبي الدنيا في كتاب الأولياء [ص 57، رقم 43]:
ثنا شجاع بن أشرس ثنا إسماعيل بن عياش عن أبي بكر بن عبد اللَّه عن ضمرة بن حبيب قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "حببوا اللَّه عز وجل إلى الناس وحببوا الناس أن يحببكم اللَّه"، وشجاع فما عرفته الآن.
1547/ 3671 - "حَبَّذَا المُتَخَللُونَ مِن أُمَّتِى".
ابن عساكر عن أنس
قال الشارح: بإسناد فيه مجهول.
وقال في الكبير: ظاهر صنيع المصنف أنه لم يره مخرجًا لأحد من المشاهير الذين وضع لهم الرموز مع أن الطبرانى خرجه في الأوسط، قال الهيثمى: وفيه محمد بن أبي حفص الأنصارى، لم أجد من ترجمه.
قلت: الشارح يراجع مجمع الزوائد المرتب على الأبواب، فما وجده فيه بسهولة ذكر هذه السخافة، وما لم يجده فيه أظلم عليه وسكت، مع أن
حديث أنس المذكور خرجه القضاعى في مسند الشهاب، والشارح قد رتبه، وربما وضع شرحًا عليه، فأين كان عنه، لكنه غير مرتب على الأبواب حتى يرجع إليه كمجمع الزوائد، ولا هو بحافظ ذاكر كالمصنف حتى يذكره من غير مراجعة كتاب.
قال القضاعى [2/ 267، رقم 1333]: أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن عمر الصفار أنا أحمد بن إبراهيم بن جامع ثنا على بن عبد العزيز ثنا محمد بن عمار ثنا عفيف عن محمد بن أبي حفصر الأنصارى عن رقبة بن مصقلة العبدى عن أنس به.
وأما قوله في الصغير: فيه مجهول استنادًا على قول الهيثمى: فيه من لم أجد ترجمته فقد بينت مرارًا أنه خطأ ناشئ عن جهل بقواعد الحديث وفنون الرواية، فإن من يقول فيه الهيثمى ذلك لا يقال عنه مجهول.
1548/ 3672 - "حَبَّذَا المُتَخَللُون من الوُضُوءِ وَالطَّعَامِ".
(حم) عن أبي أيوب
قال الشارح: بإسناد حسن.
وقال في الكبير: ورواه القضاعى في الثواب، وقال شارحه: حسن، وقال المنذرى: مدار طرقه كلها على واصل بن عبد الرحمن الرقاشى وفيه خلاف.
قلت: في هذا أمور، الأول: أنه قال في الصغير: شده حسن، وقال فيه في الحديث الذي بعده: سنده ضعيف، وقال في حرف الراء في حديث:"رحم اللَّه المتخللين" إنه حسن غريب، مع أن الأحاديث الثلاثة حديث واحد مروى من طريق واحد.
الثانى: أنه قال: رواه القضاعى في الثواب، والقضاعى له مسند الشهاب، والثواب إنما هو لأبي الشيخ.
الثالث: أنه قلد العامرى في ذلك، والعامرى رجل أحمق يحسن ويصحح الضعيف والموضوع بهواه.
الرابع: نقل عن المنذرى أنه فيه واصل بن عبد الرحمن الرقاشى، وفيه خلاف، والمنذرى قال: مداره على واصل بن عبد الرحمن الرقاشى، وقد وثقه شعبة وغيره اهـ. فلم يذكر فيه خلافًا.
الخامس: أن الحافظ المنذرى رضي الله عنه وهم في هذا الحديث فإن الذي في سنده واصل بن السائب الرقاشى، وهو ضعيف متفق عليه، وأما واصل بن عبد الرحمن فليس هو الرقاشى.
السادس: أن فيه أيضًا أبا سورة شيخ واصل بن السائب، وهو متفق على ضعفه ولم يتعرض له، قال أحمد:[5/ 416]
حدثنا وكيع عن واصل الرقاشى عن أبي سورة عن أبي أيوب وعن عطاء قال: "قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم" الحديث.
السابع: أن الحافظ الهيثمى ذكر هذا الحديث في مجمع الزوائد وعزاه لأحمد ثم ذكر بعده الرواية المطولة المذكورة في المتن بعد هذا، وعزاه للطبرانى في الكبير ثم قال: وفي إسنادهما واصل الرقاشى وهو ضعيف اهـ. ففرق الشارح بينهما وخص كلام الهيثمى بالحديث الآتى دون هذا.
1549/ 3676 - "حُجِبَتِ النَّارُ بِالشَّهَوَاتِ، وحُجِبَتِ الجَنَّةُ بِالمَكَارِهِ"
(خ) عن أبي هريرة
قال في الكبير: فظاهر صنيع المصنف أن هذا مما تفرد به البخارى عن صاحبه وهو ذهول بل هو في مسلم أيضًا كما ذكره الديلمى وغيره.
قلت: مسلم خرجه بلفظ [4/ 2174، رقم 2822/ 1]: "حفت النار"، وقد عزاه المصنف له بعد أحاديث في الحاء مع الفاء، وأسخف عليه الشارح هناك أيضًا بالبخارى، وأن مسلما لم يتفرد به، وهو يعلم يقينًا في كل من
الموضعين ما هو مقصد المصنف وترتيب أحاديث كتابه ولكنه يتغافل.
1550/ 3677 - "حِجَجٌ تَتْرَى، وَعُمرٌ نَسَقًا يَدْفَعْنَ مَيْتَةَ السُّوءِ، وَعَيْلَةَ الفَقْرِ".
(عب) عن عامر بن عبد اللَّه بن الزبير مرسلًا، (فر) عن عائشة
قال في الكبير: وفيه أحمد بن عصام فإن كان هو الموصولى فقد قال الدارقطنى: ضعيف، أو البلخى، فقال أبو حاتم: مجهول.
قلت: هذا من عجيب خبط الشارح وتخليطه فإن الذي في السند أحمد بن عصام بالصاد بعد العين وبعد الصاد ألف، والبلخى الذي قال فيه أبو حاتم: مجهول، اسم والده عاصم بالألف بعد العين، وبينهما بعد فلا يشبهان أصلًا.
وأيضًا فإن ابن عاصم مذكور في الميزان قبل ابن عصام بنحو ثمانية وأربعين ترجمة على حسب الترتيب، فالتخليط بينهما من أعجب العجائب، ثم إن البلخى لما ذكر الذهبى عن أبي حاتم أنه مجهول، تعقبه بقوله بل هو مشهور روى عنه البخارى في الأدب المفرد اهـ.
وهو أيضًا من رجاله في الصحيح، وله ترجمة في التهذيب، والشارح ذكر أنه مجهول فضرب عن بقية كلام الذهبى صفحًا.
ومن العجيب أنه تغافل هنا عن سخافته المعهودة، فإن متن الحديث عند الديلمى مخالف لما في المتن هنا، والديلمى أسنده من طريق الدارقطنى فلم يقل الشارح: ظاهر صنيع المصنف أنه لم يره لأشهر ولا أقدم. . . إلخ، فكأنه ذهل عن ذلك.
قال الدارقطنى فيما أسنده الديلمى من طريقه:
حدثنا أحمد بن محمد بن مسعدة أخبرنا أحمد بن عصام بن عبد المجيد ثنا أبو عامر ثنا محمد بن أبي حميد عن عامر بن عبد اللَّه بن الزبير، قال محمد: لا أعلمه إلا عن عروة عن عائشة قالت: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "حجج تترى، وعمر نسقا ينفيان الفقر والذنوب كما ينفى الكير خبث الحديد"
1550 -
مكرر/3682 - "حُجَّ عَن نَفْسِكَ، ثُم حُجَّ عَن شُبرُمَةَ".
(د) عن ابن عباس
قال في الكبير: ظاهر اقتصاره على أبي داود أنه تفرد به عن الستة والأمر بخلافه، فقد رواه ابن ماجه.
قلت: ابن ماجه رواه بلفظ آخر لا يدخل هنا فقال [2/ 969، رقم 3903]:
حدثنا محمد بن عبد اللَّه بن نمير ثنا عبدة بن سليمان عن سعيد عن قتادة عن عَزرَة عن سعيد بن جبير عن ابن عباس: "أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم سمع رجلًا يقول: لبيك عن شبرمة، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: من شبرمة قال: قريب لى قال: هل حججت قط؟ قال: لا، قال: فاجعل هذه عن نفسك ثم حج عن شبرمة".
وقد أطال الطحاوى في مشكل الآثار (ص 223) من الثالث فما بعدها [3/ 223] الكلام على هذا الحديث مع إيراد طرقه والاختلاف فيه.
1551/ 3684 - "حُجُّوا قَبْلَ أَنْ لا تَحُجُّوا، تَقْعُدُ أَعْرَابُهَا عَلَى أَذْنَابِ أَوْدِيَتِهَا فَلا يَصِلُ إلى الحَجِّ أَحَدٌ".
(هق) عن أبي هريرة
قال في الكبير: قال الذهبى في المهذب: إسناده واه اهـ. ورواه الدارقطنى باللفظ المزبور عن أبي هريرة، وتعقبه مختصره الغريانى بأن فيه عبد اللَّه بن
عيسى بن يحيى شيخ لعبد الرزاق مجهول، ومحمد بن أبي محمد مجهول، وأورده ابن الجوزى في العلل وجعل علته محمد بن أبي محمد.
قلت: الحديث أخرجه أيضًا أبو نعيم في التاريخ [2/ 77] في ترجمة عبد اللَّه ابن محمد بن عبد الكريم من طريقه، قال:
حدثنا أحمد بن منصور ثنا عبد الرزاق ثنا عبد اللَّه بن عيسى بن عمر أخبرنى محمد بن أبي محمد عن أبيه عن أبي هريرة به، كذا وقع عنده عبد اللَّه بن عيسى بن عمر.
وكذلك أخرجه الديلمى [2/ 207، رقم 2483] من طريقه، فقول الشارح: ابن يحيى تحريف، ثم راجعت سنن الدارقطنى فوجدت فيه عبد اللَّه بن عيسى ابن بحير بالباء الموحدة وآخره راء مهملة، وهذا هو الصواب.
وكذلك ذكره البخارى في التاريخ [1/ 226] في سند هذا الحديث أيضًا، فقال في ترجمة محمد بن أبي محمد عن أبيه وقال على:
حدثنا عبد الرزاق حدثنا عبد اللَّه بن بحير بن ريسان عن محمد بن أبي محمد عن أبيه عن أبي هريرة: "حجوا قبل أن لا تحجوا" اهـ.
وقد أزاحت هذه الرواية الإشكال وبينت عبد اللَّه بن عيسى من هو، فكأنه نسب إلى جده، أو بحير لقب لعيسى فيما يظهر، وعبد اللَّه بن بحير المذكور له ترجمة في التهذيب، والميزان، وهو مختلف فيه هل هما واحد أو اثنان، والصحيح أنهما واحد، وقد وثقه ابن معين، أما الذهبى فذكر عبد اللَّه بن عيسى الجندى ولم يعرج على ما ذكره البخارى في هذا الإسناد، بل قال: عبد اللَّه بن عيسى الجندى شيخ لعبد الرزاق، يروى عن محمد بن أبي محمد عن أبيه عن أبي هريرة مرفوعًا:"حجوا قبل أن لا تحجوا" الحديث رواه سلمة بن شبيب عن عبد الرزاق عنه، وهذا إسناد مظلم وخبر منكر اهـ.
زاد الحافظ في اللسان: وذكره العقيلى في الضعفاء وساق له هذا الحديث عن الفاكهى عنه وقال: إسناده مجهول فيه نظر اهـ.
زاد الزيلعى في تخريج أحاديث الكشاف نقلًا عن العقيلى أنه قال: لا يصح في هذا الباب شيء اهـ.
ومحمد بن أبي محمد ذكره البخارى في التاريخ كما سبق ولم يقل فيه شيئًا، وذكره الذهبى في الميزان بهذا الحديث أيضًا، وقال: مجهول، وزاد الحافظ في اللسان: أن ابن حبان ذكره في الثقات بهذا الحديث، وقال: هذا خبر باطل، وأبو محمد لا يدرى من هو اهـ، ومن الغريب أن يذكره في الثقات ويقول عنه هذا.
1552/ 3686 - " حُجُّوا تَسْتَغْنُوا، وَسَافِرُوا تَصِحُّوا".
(عب) عن صفوان بن سليم مرسلًا
قال في الكبير: ظاهر صنيع المصنف أنه لم يقف عليه متصلًا، وإلا لما اقتصر على رواية إرساله وهو عجيب، فقد رواه الديلمى في مسند الفردوس عن حديث ابن عمر.
قلت: وجه عدول المصنف عن الموصول إلى الموصل كون الموصول ساقط الإسناد لأنه عن رواية محمد بن الحارث الحارثى عن محمد بن عبد الرحمن البيلمانى عن أبيه عن ابن عمر، والحارثى والبيلمانى متروكان منكرا الحديث.
1553/ 3687 - "حَدُّ الجِوَارِ أَرْبَعُونَ دَارًا".
(هق) عن عائشة
قال في الكبير: حد بدال مهملة على ما وقفت عليه من الحروف ثم رأيته في نسخة المصنف بخطه كذلك، لكن رأيته ثانيًا في أصل الروضة حق بالقاف، وهكذا ذكره ابن الملقن وابن جماعة، وأثبته الكمال بن أبي شريف هكذا
بخطه، ثم رأيت في مسند أبي يعلى وغيره من الأصول كذلك، وبه يعرف أنه التحريف إنما هو من المصنف لا من النساخ، ثم قال بعد العزو: ظاهر صنيع المصنف أن البيهقى خرجه وسلمه، والأمر بخلافه بل قال: روى عن عائشة هذا، وروى عنها:"أوصانى جبريل بالجار إلى أربعين دارًا"، وكلاهما ضعيف، والمعروف المرسل الذي خرجه أبو داود اهـ.
قلت: الشارح كذاب بليد أحمق، أما الكذب ففيما عزاه إلى البيهقى وفيما نسبه إلى المصنف من التحريف، وفي زعمه أنه رأى الحديث في مسند أبي يعلى وفي زعمه أنه راه في غيره من الأصول، فإن هذا كله كذب صراح.
وأما الحمق والجهالة، فإنه يترك الأصل الذي عزاه إليه المصنف ويذهب إلى الروضة وكتب الفقهاء الذين هم أجهل الناس بالحديث وأشدهم تحريفًا لألفاظه بحيث تعب الحفاظ في تخريج أحاديث كتبهم والبحث عن وجودها بألفاظها في كتب السنة ونعوا على عدم وجود الكثير منها، والبيهقى عقد بابًا للألفاظ الدائرة بين الفقهاء ولا أصل لها، وكتب رسالة إلى الجوينى يمدح له كتاب النهاية في الفقة ويلومه على ما ذكر فيه من الأحاديث التي لا أصل لها، وهذا أمر معلوم لأهل الحديث بالضرورة، وأيضًا فإن كل فن يرجع فيه إلى أربابه فكيف [بمن] يرجع في تحقيق المتون إلى الفقهاء، بل لو ورد الحديث بـ "الفاء" في مسند أبي يعلى، وعزاه المصنف بـ "الدال" إلى البيهقى، واعترض عليه معترض برواية أبي يعلى، لكان ذلك المعترض جاهلًا أحمق، لأن لكل أحد رواية، والحديث تختلف الروايات فيه، وبون كبير بين مسند أبي يعلى وسنن البيهقى، فكيف بكتب الفقهاء الذين ينقلون ولا يحققون ويصحفون ويحرفون؟!
وأما البلادة فظاهرة لأن اللفظ الموافق للجوار هو الحد لا الحق، بل الحق بالقاف لا يستقيم إلا على مجاز وتقدير في الكلام، وإلا استحال الخبر مع
المبتدأ.
وبعد هذه المقدمة فاعلم أن البيهقى قال في كتاب الوصايا [6/ 276]:
أخبرنا أبو عبد اللَّه الحسين بن محمد بن الحسن الدينورى ثنا عمر بن الخطاب العنبرى ثنا عبد اللَّه بن الفضل بن داخرة ثنا محمد بن أبي بكر المقدس ثنا دلال بنت أبي المدل قالت: حدثتنا الصهباء عن عائشة رضي الله عنها قالت: "يا رسول اللَّه ما حق -أو قال: ما حد- الجوار، قال: أربعون دارًا"، هكذا أورده البيهقى بالشك، وهكذا هو في اختصار المهذب للذهبى.
وبلا شك ندرى أن الشك إنما هو من الراوى، وأن السؤال إنما هو من عائشة رضي الله عنها، ولكن المقرر في الأصول أن السؤال معاد في الجواب، وعليه يبنى أهل الحديث في ترتيب الأحاديث القولية على حروف المعجم، فيجعلون أولها هو أول لفظ السائل على هذه القاعدة ليتم الكلام، وإذ ذلك كذلك فالمصنف اختار لفظة "حد" بالدال لأنها الصحيحة الموافقة للمعنى دون مجاز ولا تقدير بخلاف:"حق الجوار أربعون دارًا" فإنه لا يستقيم حمل الخبر على المبتدأ إلا بتقدير: "إذ حق الجوار، ليس هو أربعين دارًا، وإنما حق الجوار البر والإحسان ومراعاة الحقوق، وذلك ينتهى في المجاورين إلى حد أربعين دارًا"، فكان اللفظ راجعًا إلى الحد أيضًا، فاتضح أن الشارح جاهل بمعانى الألفاظ وكاذب فيما نسبه إلى المؤلف من التحريف أيضًا لأنه على فرض أنه لم يقف على سنن البيهقى فإنه وقف على مهذب السنن للذهبى، وهو كثير النقل منه عند كل حديث ذكر من السنن، والحديث قد وقع في المهذب كما وقع في السنن باللفظين على الشك كما ذكرته وكما فعل المصنف في اختحاره لفظ "حد" بالدال.
كذلك فعل الحافظ في التلخيص [3/ 93، رقم 1374]، فإن الرافعى ذكره بلفظ
"حق" بالقاف، فقال الحافظ: أخرجه أبو داود في المراسيل [ص 257، رقم 350] بسند رجاله ثقات إلى الزهرى بلفظ: "أربعون دارًا جار"، قال الأوزاعى: فقلت لابن شهاب: كيف قال: "الأربعين عن يمينه وعن شماله" الحديث.
قال البيهقى [6/ 276]: وروى من حديث عائشة أنها قالت: "يا رسول اللَّه ما حد الجوار، قال: أربعون دارًا".
وفي رواية عنها [6/ 276]: "أوصانى جبريل بالجار إلى أربعين دارًا، عشرة من هنا" الحديث.
قال البيهقى: وكلاهما ضعيف، والمعروف المرسل الذي أخرجه أبو داود اهـ.
ورواه ابن حبان في الضعفاء [2/ 150] مثل ما ذكره الرافعى سواء من حديث أبي هريرة، وفي إسناده عبد السلام بن أبي الجنوب، وهو متروك اهـ.
فالحافظ أورده بلفظ "حد" بالدال ولم يعتبر اللفظ الواقع في السنن بالقاف على الشك، والشارح نقل منه وأغمض عية عما وقع فيه، ونسب التحريف إلى المؤلف لغرض له في ذلك.
ثم إن الحافظ قاله: ورواه ابن حبان في الضعفاء مثل ما ذكره الرافعى -يعنى بالقاف- فإنه وقع عند ابن حبان [2/ 150] كذلك قال في ترجمة عبد السلام المذكور:
حدثنا أبو يعلى ثنا محمد بن جامع القطان ثنا محمد بن عثمان ثنا عبد السلام ابن أبي الجنوب عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة قال: "قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: حق الجوار أربعون جارًا هكذا وهكذا وهكذا يمينًا وشمالًا وقدام وخلف".
فاللفظ الذي ذكره الفقهاء هو لفظ ابن حبان من رواية أبي هريرة لا لفظ
البيهقى الذي ذكره المؤلف، وكذلك ذكره الحافظ في الفتح بالدال أيضًا فقال: واختلف في حد الجوار، فجاء عن على رضي الله عنه: من سمع النداء فهو جار، وقيل من صلى معك صلاة الصبح في المسجد فهو جار، وعن عائشة: حد الجوار أربعون دارًا من كل جانب. . . إلخ ما ذكره.
فاعجب لجرأة الشارح على الكذب، ثم إن ما نقله عن البيهقى ليس كذلك هو فيه أيضًا، بل البيهقى [6/ 276] قال عقب حديث عائشة:
أخبرنا أبو القاسم عبد الرحمن بن محمد بن عبد اللَّه السراج أنا أبو محمد القاسم بن غانم بن حمويه الطويل حدثنا أبو عبد اللَّه أبو شنجى ثنا إسماعيل ابن سيف حدثتنى سكينة قالت: أخبرتنى أم هانئ بنت أبي صفرة عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أوصانى جبريل عليه السلام بالجار إلى أربعين دارًا، عشرة من ههنا وعشرة من ههنا وعشرة من ههنا وعشرة من ههنا، قال إسماعيل: عن يمينه وعن يساره وقباله وخلفه.
قال البيهقى: في هذين الإسنادين ضعف، وإنما يعرف من حديث ابن شهاب الزهرى عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلًا:"أربعون دارًا جار" قيل لابن شهاب: وكيف أربعون دارًا؟ قال: أربعون عن يمينه وعن يساره وخلفه وبين يديه، أورده أبو داود بإسناده عن الزهرى في المراسيل اهـ.
والمؤلف لم يسكت عن ذلك كما افتراه الشارح عليه، بل رمز للحديث بعلامة الضعف، وهو بذلك يكتفى عن نقل كلام المخرجين.
ثم ما ذكره الشارح من أنه وقف على الحديث بلفظ: "حق" بالقاف في مسند أبي يعلى كذب من جهتين: إحداهما: أن أبا يعلى لم يخرج حديث عائشة المذكور في المتن، وإنما خرج حديث أبي هريرة [5/ 385، رقم 5982](1) الذي أسنده عنه ابن حبان في الضعفاء.
(1) رواه بلفظ: "حق الجوار. . . ".
ثانيهما: أنه لم ير مسند أبي يعلى بعينه وإنما رأى الحديث في مجمع الزوائد معزوًا إلى أبي يعلى.
1554/ 3688 - "حَدُّ السَّاحِرِ ضَربَةٌ بِالسَّيْفِ".
(ت. ك) عن جندب
قال في الكبير: قال الحاكم: صحيح غريب، وقال الترمذى: لا نعرفه مرفوعًا إلا من هذا الوجه، وفيه إسماعيل بن مسلم المكى وهو مضعف من قبل حفظه، والصحيح وقفه اهـ. كذا في جامعه، وقال في العلل: سألت عنه محمدًا يعنى البخارى فقال: هذا لا شيء وإسماعيل ضعيف جدًا اهـ. ولهذا قال في الفتح: في سنده ضعف، وقال الذهبى في الكبائر: الصحيح أنه من قول جندب اهـ، ورواه الطبرانى والبيهقى عن جندب مرفوعًا، وأشار مغلطاى إلى أنه وإن كان ضعيفا يتقوى بكثرة طرقه، وقال: خرجه جمع منهم البغوى الكبير والصغير، والطبرانى والبزار ومن لا يحصى كثرة.
قلت: الغالب أن هذا النقل محرف من الشارح، فما أرى مغلطاى يدعى أنه لهذا الحديث طرقًا كثيرة، ويجعل الدليل على ذلك كثرة مخرجيه، فإن كثرة المخرجين لا تفيد شيئًا مع اتحاد الطريق، فإن الحديث إنما يعرف بإسماعيل بن مسلم المكى، ومن طريقه خرجه أكثر المخرجين أو كلهم، قال ابن أبي عاصم في الديات:
حدثنا إسحاق بن سليمان أبو يعقوب ثنا أبو معاوية عن إسماعيل بن مسلم عن الحسن عن جندب به.
وقال أبو بكر الرازى في الأحكام:
حدثنا ابن قانع ثنا بشر بن موسى ثنا ابن الأصبهانى ثنا أبو معاوية عن إسماعيل بن مسلم به.
وقال الدارقطنى [3/ 114]:
حدثنا محمد بن أحمد بن صالح الأزدى الوكيل ثنا أحمد بن بديل ثنا أبو معاوية ثنا إسماعيل به.
وقال الحاكم [4/ 360، رقم 8073]:
حدثنا على بن حمشاد العدل ثنا إسماعيل بن قتيبة والحسن بن عبد الصمد قالا: حدثنا يحيى بن يحيى أنبأنا أبو معاوية ثنا إسماعيل بن مسلم به.
وقال البيهقى [8/ 136]:
أخبرنا أبو سعد أحمد بن محمد بن الخليل المالينى أنا أبو أحمد ابن عدى الحافظ ثنا عمران بن موسى ثنا أبو معمر ثنا أبو معاوية عن إسماعيل بن مسلم به.
وقال عبد الرزاق فيما أسنده ابن حزم من طريقه:
عن سفيان بن عيينة عن إسماعيل بن مسلم به، إلا أنه ذكره عن الحسن مرسلًا دون ذكر جندب، فهو بادٍ كما ترى، كلهم خرجوه من طريق إسماعيل بن مسلم مع كثرتهم.
ونص الترمذى (1) على أنه لا يعرفه إلا من طريقه، نعم ذكر ابن كثير أن الطبرانى خرجه من وجه آخر عن الحسن عن جندب، ولكن هذا لا يقال معه أن للحديث طرقًا كثيرة.
1555/ 3691 - "حَدِّثُوا عَن بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلا حَرَجَ".
(د) عن أبي هريرة
(1) قال الترمذى: هذا حديث لا نعرفه مرفوعًا إلا من هذا الوجه، وإسماعيل بن مسلم المكى يضعف في الحديث، وإسماعيل بن مسلم العبدى البصرى، قال وكيع: هو ثقة ويروى عن الحسن أيضًا، والصحيح عن جندب موقوفًا.
قال في الكبير: قال السخاوى: أصله صحيح، وفي رواية ابن منيع وتمام والديلمى:"حدثوا عن بنى إسرائيل فإنه كانت فيهم أعاجيب".
قلت: قوله: وفي رواية ابن منيع وتمام. . . إلخ يفيد أنها رواية في حديث أبي هريرة يم أنها رواية أخرى من حديث جابر بن عبد اللَّه.
كذلك أخرجه أحمد في الزهد [1/ 56] قال:
حدثنا وكيع أخبرنا الربيع بن سعد الجعفى سمعه من عبد الرحمن بن سابط عن جابر بن عبد اللَّه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "حدثوا عن بنى إسرائيل ولا حرج، فإنه كانت فيهم الأعاجيب"، ثم أنشا يحدث، قال: خرجت طائفة من بنى إسرائيل حتى أتوا مقبرة لهم من مقابرهم فقالوا: لو صلينا ركعتين ودعونا اللَّه عز وجل أن يخرج لنا رجلًا ممن قد مات نسأله عن الموت قال: ففعلوا، فبينما هم كذلك إذ أطلع رجل رأسه من قبر من تلك المقابر خلاسى بين عينيه أثر السجود، فقال: يا هؤلاء ما أردتم إلى فقد مت منذ مائة سنة، فما سكنت عنى حرارة الموت حتى الآن فادعوا اللَّه عز وجل لى يعيدنى كما كنت".
وقال أبو يعلى [2/ 416، رقم 1209]: حدثنا أبو خيثمة ثنا وكيع به مثله.
وقال السمرقندى: حدثنا محمد بن فضل ثنا محمد بن جعفر ثنا إبراهيم بن يوسف ثنا وكيع به مثله.
ورواه البزار من هذا الوجه مختصرًا إلى قوله: "فإنه كان فيهم الأعاجيب"، فذا حديث، والمذكور في المتن حديث آخر، ثم راجعت المقاصد الحسنة التي نقل منها الشارح، فوجدته قال: وفي لفظ لأحمد بن منيع عن جابر: "حدثوا عن بنى إسرائيل فإنه كانت فيهم أعاجيب".
وكذا هو عند تمام في فرائده، ثم ذكره مطولًا.
أما حديث أبي هريرة فأخرجه أيضًا أحمد في مسنده [2/ 474] قال:
حدثنا يحيى هو القطان عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة به.
وقال الطحاوى في مشكل الآثار [1/ 126، رقم 135]:
حدثنا يونس أنبأنا ابن وهب حدثنى سليمان بن بلال عن محمد بن عمرو به.
1556/ 3692 - "حَدِّثُوا عَنِّى بِمَا تَسْمَعُونَ، وَلا تَقُولُوا إِلا حَقًّا وَمَن كذَبَ عَلَيَّ بُنِيَ لَهُ بَيْتٌ فِي جَهَنَّمَ يَرْتَعُ فِيهِ".
(طب) عن أبي قرصافة
قال الشارح: بكسر القاف حيدرة بن خيثمة.
وقال في الكبير: حيدرة بن خيشنة.
قلت: والصواب في هذا الاسم جندرة بالجيم وبعدها النون ثم الدال والراء، وخيشنة بالخاء والشين المعجمة ثم النون.
1557/ 3697 - "حَرسُ لَيْلَةٍ في سَبِيلِ اللَّه عز وجل أَفْضَلُ مِنْ أَلْفِ لَيْلَةٍ يُقَامُ لَيْلُهَا وَيُصَامُ نَهَارُهَا"
(طب. ك. هب) عن عثمان
قال في الكبير: رووه من حديث كهمس عن مصعب بن ثابت عن أبي الزبير عن عثمان، قال أبو الزبير: قال عثمان وهو يخطب: "أحدثكم حديثا لم يمنعنى أن أحدثكم به إلا الضن يه سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول" فذكره، قال الحاكم: صحيح وأقره الذهبى في التلخيص وهو غير سديد، كيف وقد أورد هو مصعبًا في الضعفاء وقال: ضعفوا حديثه، وقال في الكاشف: فيه لين
لغلطه، نعم قال ابن حجر: إسناده حسن.
قلت: إذًا فلم يفعل الشارح شيئًا، فإن الحسن والصحيح شيء واحد، على أن الحديث له طريق آخر عند الحاكم [2/ 81، رقم 2426]، قال أحمد [1/ 61]:
ثنا الحسن بن حكيم المرورى ثنا أبو الموجه أنبأنا عبدان أنبأنا عبد اللَّه أنبأنا محمد بن معن الغفارى أبو معن ثنا زهرة بن معبد القرشى عن أبي صالح مولى عثمان قال: سمعت عثمان بن عفان في مسجد الخيف بمنى وحدثنا: "أنه سمع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: يوم في سبيل اللَّه خير من ألف يوم فيما سواه، فلينظر كل امرئ لنفسه"، ثم صححه على شرط البخارى وأقره الذهبى أيضًا.
ثم إن الشارح حرف ووهم، أما التحريف: فإن الحديث من رواية كهمس عن مصعب بن ثابت عن عبد اللَّه بن الزبير عن عثمان لا عن أبي الزبير، وأما الذهبى فلم يقل: ضعفوا حديثه، بل نقل تضعيفه عن ابن معين وأحمد وأبي حاتم.
والحديث خرجه أيضًا أبو نعيم في الحلية [6/ 215]، والديلمى في مسند الفردوس.
1558/ 3706 - "حُرْمَةُ الجَارِ عَلَى الجَارِ كَحُرْمَة دَمِهِ".
أبو الشيخ في الثواب عن أبي هريرة
قلت: قال أبو الشيخ:
حدثنا ابن صاعد ثنا عبد اللَّه بن محمد بن سعيد الحرانى ثنا محمد بن سليمان ابن أبي داود حدثنى أبي عن عبد الكريم الجزرى عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة مرفوعًا به.
ورواه أبو الليث في التنبيه [ص 106، رقم 322] من وجه آخر عن سعيد بن المسيب مرسلًا، لكنه قال:"حرمة الجار على الجار كحرمة أمه" بدل "دمه"، قال أبو الليث:
حدثنا محمد بن داود بن ظهير ثنا محمد بن جعفر ثنا إبراهيم بن يوسف ثنا محمد بن القاسم عن موسى بن عبيدة الربدى عن زيد بن عبد الرحمن عن سعيد بن المسيب به.
1559/ 3710 - "حُزقَّةٌ حُزقَّةٌ تَرَقَ عَيْنَ بَقَّةٍ".
وكيع في الغرر وابن السنى في عمل يوم وليلة (خط) وابن عساكر عن أبي هريرة
قال [الشارح]: وفي إسناده مجهول وبقيته ثقات.
وقال في الكبير: وظاهر صنيع المصنف أنه لم يره لأحد من المشاهير غير هؤلاء وهو عجيب، فقد خرجه الطبرانى وأبو نعيم وغيرهما، ومن طريقهم أورده ابن عساكر، قال الهيثمى: وأبو مزرد لم أجد من وثقه، وبقية رجاله رجال الصحيح.
قلت: في هذا أمور، أحدها:[أنه] بمقتضى هذا نقول: ظاهر صنيع الشارح أنه لم يره مخرجًا لأشهر من هؤلاء وأقدم، وهو عجيب فقد خرجه البخارى في الأدب المفرد [ص 103، رقم 270] والحاكم في علوم الحديث [ص 89] في النوع الثانى والعشرين.
أما البخارى فمن طريق وكيع، وأما الحاكم فمن طريق خالد بن مخلد الغطوانى كلاهما عن معاوية بن أبي مزرد عن أبيه عن أبي هريرة به، إلا أن البخارى ذكره مختصرًا، وزاد الحاكم بعد قوله
"عين بقة"، "اللهم إنى أحبه فأحبه. . حب من يحبه"
وهذا ما استحضرناه دون بحث ولا مراجعة، وإلا فيمكن استدراك أزيد من عشرة على من ذكرهم الشارح، والتخريج ليس من شرطه الجمع والإحاطة، بل العزو إلى أصل واحد يكفى.
ثانيها: أن إطلاق العزو إلى أبي نعيم يفيد أنه في الحلية، وهو لم يخرجه فيه، وابن عساكر إذا أسنده من طريقه، فلأبى نعيم كتب كثيرة.
ثالثها: قوله في الصغير: وفي إسناده مجهول، هو غلط مركب على غلط، أما الغلط الأول، فإن الحافظ الهيثمى كثيرًا ما يقول عن الأسانيد: فيه فلان لم أعرفه، فيأخذ الشارح ذلك منه ويعبر عنه بقوله فيه مجهول، وقد بينا مرارًا أن هذا جهل من الشارح وغلط على الفن، وأن من لم يعرفه الهيثمى لا يقال عنه مجهول.
وأما الغلط الثانى المرعب على هذا: فهو أن الهيثمى لم يقل ذلك في هذا الحديث، بل قال: لم أجد من وثقه، كما نقله الشارح في كبيره، ولكنه لم يفرق بين قوله لم أجد من وثقه، وقوله: لم أجد من ترجمه، وجعلهما واحدًا، ثم عبر في الصغير بقوله: وفيه مجهول، والواقع أنه مترجم في التهذيب واسمه عبد الرحمن بن يسار، وهو أخو سعيد بن يسار، روى عن أبي هريرة واحتج به البخارى في الأدب المفرد، إلا أنه لم ينقل عن أحد فيه كلام لا جرحًا ولا تعديلًا، فهو الذي يقصد الهيثمى كما هو صريح لفظه، لا أنه مجهول.
1560/ 2711 - "حَسَّانُ حِجَازٌ بين المُؤْمِنِينَ وَالمُنَافِقِينَ: لا يُحِبُّهُ مُنَافِقٌ وَلا يُبْغِضُهُ مُؤْمِنٌ".
ابن عساكر عن عائشة
قال في الكبير: وظاهر صنيع المصنف أنه لم يره لأحد من أصحاب الرموز التي اصطلح عليها مع أن أبا نعيم خرجه في الحلية والديلمى في الفردوس.
قلت: كذب الشارح على حلية أبي نعيم، ما الحديث مخرج في الحلية، وإنما أسنده الديلمى من طريق أبي نعيم، ولعله عنده في المعرفة فظنه الشارح في الحلية، فجزم بظنه جهلًا وافتراء، ثم قوله: والديلمى في الفردوس، غلط أيضًا فإن صاحب الفردوس ما خرجه إنما خرجه ولده في مسند الفردوس، قال:
أخبرنا الحداد أخبرنا أبو نعيم حدثنا على بن أحمد بن محمد المقرى الخياط ثنا إسحاق بن إبراهيم بن جميل ثنا محمد بن عمر الصامى ثنا يحيى بن عبد الرحيم الازجى ثنى أبو ثمامة الأنصارى أخبرنى عمر بن إسماعيل عن هشام بن عروة عن أبيه قال: حضرت عائشة فذكر عندها حسان فنيل منه فانتبهت له فقالت: من تذكرون حسان؟ قالوا: نعم، قالت: مه "سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول" وذكرته بلفظ "حجاب" بالباء.
1561/ 3715 - ""حَسْبِى اللَّه وَنِعْمَ الوَكِيلُ" أمانُ كُلِّ خَائِفٍ".
(فر) عن شداد بن أوس
قال في الكبير: فيه بقية بن الوليد وحاله معروف، ومكحول، قال الذهبى: حكى ابن سعد أنه ضعيف، ووثقه غيره، ورواه أيضًا أبو نعيم،
ومن طريقه وعنه رواه الديلمى مصرحًا، فلو عزاه المصنف إليه لكان أولى.
قلت: ذكر مكحول هنا جهل، فإنه ثقة يجل عن تضعيف الحديث به، وذكر بقية بن الوليد هنا أيضًا فضول، والذي يعلل به الحديث هو شيخه أبو فروة الرهاوى فإنه ضعيف، وإطلاق العزو إلى أبي نعيم يفيد أنه في الحلية، وأبو نعيم خرجه في تاريخ أصبهان في ترجمة الحسين بن محمد الزعفرانى، وإذ لم يصرح الديلمى بالكتاب الذي خرجه منه، فالمصنف أعقل وأصدق من أن يعزو لكتاب مجهول، بل ذلك تركه لأمثال الشارح.
قال أبو نعيم في التاريخ [1/ 283]:
ثنا الحسين بن محمد بن على ثنا الحسين بن على بن زيد ثنا محمد بن عمرو ابن حنان الحمصى ثنا بقية بن الوليد عن أبي فروة الرهاوى عن مكحول عن شداد بن أوس به.
1562/ 3718 - "حُسْنُ الخُلُقِ نِصْفُ الدِّينِ".
(فر) عن أنس
قال الشارح: وفيه مجهول.
وقال في الكبير: فيه خلاد بن عيسى، ضعفوه، وقال العقيلى: مجهول، وساق في الميزان هذا الخبر من مناكيره.
قلت: قوله في الصغير: فيه مجهول، غلط فاحش، فإنه قصد بالمجهول خلاد بن عيسى كما صرح به في الكبير أخذًا من قول العقيلى: مجهول، وهو أيضًا تحريف من الشارح، فإن العقيلى قال: مجهول بالنقل ولم يقل مجهول فقط، فإن الرجل غير مجهول بل روى عنه الحكم بن بشير وعلى ابن عيسى المخرمى ووكيع وعمر بن محمد العنقزى وجماعة، والجهالة ترتفع برواية اثنين، ومع هذا فقد قال الدورى عن ابن معين: ثقة، وقال عثمان
عنه: لا بأس به، وقال أبو حاتم: حديثه متقارب، وذكره ابن حبان في الثقات، أما العقيلى فقال: مجهول بالنقل، ثم قال:
حدثنا عبد اللَّه بن أحمد بن حنبل ثنا على بن عيسى المخرمى حدثنا خلاد بن عيسى عن ثابت عن أنس به، فكلام العقيلى مردود عليه مع توثيق هؤلاء له، وهو من رجال الترمذى وابن ماجه، والشارح لا يفهم كلام أهل الفن.
1563/ 3719 - "حُسْنُ الخُلُقِ يُذِيبُ الخَطَايَا كَمَا تُذِيبُ الشَّمْسُ الجَلِيدَ".
(عد) عن ابن عباس
قال في الكبير: ورواه البيهقى في الشعب وضعفه، والخرائطى في مكارم الأخلاق، قال العراقى: وسنده ضعيف لكن شاهده خبر الطبرانى بسند ضعيف.
قلت: خبط الشارح في هذا وخلط ووهم فأوهم، والكلام أصله للحافظ العراقى ونصه:
حديث أنس: "إن حسن الأخلاق يذيب الخطيئة كما تذيب الشمس الجليد"، رواه الخرائطى في مكارم الأخلاق بسند ضعيف ورواه الطبرانى في الكبير والأوسط والبيهقى في الشعب من حديث ابن عباس وضعفه، وكذا رواه من حديث أبي هريرة: وضعفه أيضًا اهـ.
فساق الشارح المخرجين مساقًا واحدًا كان الجميع خرجوه من حديث ابن عباس.
أما حديث أنس فرواه الخرائطى [ص 7] من حديث بقية بن الوليد:
حدثنى أبو سعيد حدثنى عبد الرحمن بن سليمان عن أنس قال: "بينما نحن مع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يومًا إذ قال: إن حسن الخلق"، وذكره، وأبو سعيد لا أدرى من هو؟ وكأن بقية دلسه لضعفه.
وأما حديث أبي هريرة فأخرجه أيضًا الطبرانى في مكارم الأخلاق [ص 43، رقم 11] قال:
حدثنا محمد بن صالح بن الوليد النرسى ثنا الحسين بن أبي سلمة بن أبي كبشة ثنا أبو بكر بن إسحاق الحضرمى ثنا النضر بن معبد الحرمى عن محمد ابن سيرين عن أبي هريرة به باللفظ المذكور في المتن، والنضر ضعيف.
1564/ 3720 - "حُسْنُ الشَّعْرِ مَالٌ، وَحُسْنُ الوَجْهِ مَالٌ، وَحُسْنُ اللِّسَانِ مَالٌ، وَالمَالُ مَالٌ".
ابن عساكر عن أنس
قال الشارح: بسند ضعيف.
وقال في الكبير عقب المتن: قال في الميزان: متصلًا بهذا، يعنى في المنام، ثم قال الشارح: وقضية عزوه لابن عساكر أنه لم يره مخرجًا لأشهر ممن وضع لهم الرمور وكأنه ذهول، فقد رواه أبو نعيم في الحلية والديلمى في مسند الفردوس باللفظ المذكور.
قلت: فيه أمور، الأول: أن الحديث موضوع لا ضعيف كما يقول الشارح، وقد أورده المصنف في ذيل اللآلئ وحكم بوضعه فكان حقه أن لا يورده هنا.
الثانى: كذب الشارح على حلية أبي نعيم، فإنه غير مخرج فيها وإنما أسنده الديلمى عن الحداد عن أبي نعيم، فألصق الشارح ذلك بالحلية، والواقع أن أبا نعيم خرجه في التاريخ [1/ 111] في ترجمة أحمد بن أبي السرى منه فقال:
حدثنا أبو بكر محمد بن عبد الرحمن بن الفضل ثنا أبو حامد الأشعرى ثنا أحمد بن أبي السرى الغزاء ثنا يوسف بن سعيد المصيصى ثنا يحيى بن عنبسة ثنا حميد ثنا أنس به.
الثالث: أن المصنف قد رآه في مسند الفردوس كما رآه في تاريخ أصبهان لأنه عزاه إليه في ذيل الموضوعات وإن لم يصرح بذكر التاريخ إلا أنه أورده بهذا الإسناد ثم قال عقبه: قال في الميزان: هذا الحديث من وضع يحيى بن عنبسة، قال ابن حبان: دجال وضاع، وقال الدارقطنى: دجال يضع، وقال ابن عدى: مكشوف الأمر اهـ، فكان المؤلف عزاه إلى ابن عساكر هنا لوروده من غير طريق يحيى بن عنبسة، لكنه بعيد، إذ الظاهر أنه تفرد به، فقد أخرجه البندهى في شرح المقامات من طريق أبي طاهر محمد بن الفضل ابن محمد بن إسحاق:
أنا عبد الملك بن محمد بن عدى الجرجانى ثنا يوسف بن سعيد ثنا يحيى بن عنبسة به.
الرابع: أن الشارح قد وقف على الحديث في الميزان ونقل منه بقية الحديث في روايته وهى قوله: يعنى في المنام، والذهبى قد صرح بوضع هذا الحديث فقال بعد ذكره وذكر أحاديث أخرى: هذا كله من وضع هذا المدبر اهـ. ومع هذا صرح بأن الحديث ضعيف.
1565/ 3721 - "حُسْنُ الصَّوْت زِينَةُ القُرْآنِ".
(طب) عن ابن مسعود
قال الشارح: فيه سعيد بن رزين، ضعيف.
قلت: حرف الشارح هذا الاصم، وصوابه سعيد بن زربى.
والحديث خرجه من طريقه أيضًا الدينورى في المجالسة، قال:
حدثنا عباس بن محمد الدورى ومحمد بن على المقرى قالا: حدثنا مسلم بن إبراهيم ثنا سيد بن زربى ثنا حماد عن إبراهيم عن علقمة قال: "كنت رجلًا قد أعطانى اللَّه حسن الصوت بالقرآن، فكان عبد اللَّه بن مسعود
يستقرئنى ويقول: اقرأ فداك أبي وأمى فإنى سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: "إن حسن. . . " وذكره.
ورواه أبو نعيم في الحلية [4/ 236]:
ثنا أحمد بن جعفر بن معبد ثنا عبد اللَّه بن محمد بن النعمان ثنا أبو ربيعة ثنا سعيد بن زرى به.
وقد ذكره الذهبى في الميزان [2/ 136، رقم 3177] مختصرًا كما في المتن، وقال: إنه من مناكير سعيد.
1566/ 3722 - "حُسْنُ الظَّنِّ مِنْ حُسْنِ العِبَادَةِ".
(د. ك) عن أبي هريرة
قال في الكبير: وفيه عند أبي داود مهنأ بن عبد الحميد البصرى، قال أبو حاتم: مجهول، وعند الحاكم صدقة بن موسى، قال الذهبى: ضعفوه.
قلت: هذا باطل من وجوه، الأول: أن أبا داود [4/ 300، رقم 4993] رواه من طريقين، فقال:
ثنا موسى بن إسماعيل ثنا حماد (ح)
وثنا نصر بن على عن مهنأ أبي شبل عن حماد بن سلمة عن محمد بن واسع عن شتير بن نهار عن أبي هريرة.
فمهنا إنما هو في الطريق الثانى إلى حماد دون الأول، وما كان كذلك فهو لاغ لا يعتبر به ولا يُعلِل به الحديث إلا مجنون، إذ لو فرضنا أن أبا داود لم يذكره واقتصر على ذكر التبوذكى عن حماد لكان كافيًا في صحة الحديث، لأنهما ثقات.
الثانى: أن مهنأ ليس بمجهول بل روى عنه أحمد بن حنبل وإسحاق بن منصور الكوسج وبندار ونصر بن على ووثقه على بن مسلم ويحيى بن
سعيد، فقول أبي حاتم فيه: مجهول غير مقبول.
الثالث: أن الحاكم لم يقع عنده صدقة بن موسى بل قال [4/ 256، رقم 7657]:
حدثنا على بن حمشاد ثنا على بن عبد العزيز وثنا أبو مسلم قالا: حدثنا حجاج بن منهال ثنا حماد بن سلمة به.
وإنما رأيته من طريق صدقة بن موسى عن محمد بن واسع عند ابن أبي الدنيا في حسن الظن [ص 21، رقم 6]، وابن الأعرابى في المعجم.
ورواه من الطريق الأول من رواية حماد أيضًا الدينورى في المجالسة والقضاعى في مسند الشهاب [2/ 103، رقم 974] كلاهما من طريق عفان عن حماد.
وفي الباب عن أنس عند الخطيب [5/ 377]، وسيأتى للمصنف في حرف الميم بلفظ:"من حسن العبادة حسن الظن".
وعن جابر أخرجه أبو نعيم في التاريخ بلفظ [2/ 179]: "ما عبد اللَّه بشيء أحب إليه من حسن الظن به" رواه من طريق الفضل بن الخطيب بن نصر:
ثنا محمد بن يحيى بن أبان العنبرى ثنا سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار عن جابر به.
1567/ 3724 - "حُسْنُ المَلَكَةِ يمُنٌ، وَسُوءُ الخُلُقِ شُؤْمٌ".
(د) عن رافع بن مكيث
قال في الكبير: بفتح الميم وكسر الكاف بعدها تحتية ثم مثلثة الجهنى، شهد الحديبية كذا في الكاشف، وقيل بل هو تابعى فهو مرسل، وفيه بقية وفيه مقال معروف، وقال في الإصابة: الحارث بن مكيث أرسل حديثا فذكره بعضهم في الصحابة وقد ذكره ابن حبان في ثقات التابعين.
قلت: رافع بن مكيث صحابى متفق عليه لم يختلف أحد فيه، قال الحافظ في
في الإصابة: شهد بيعة الرضوان وكان أحد من يحمل ألوية جهينة يوم الفتح، واستعمله النبي صلى الله عليه وسلم على صدقات قومه، وشهد الجابية مع عمر اهـ.
والشارح قد نقل كلام الذهبى في الكاشف وقوله: شهد الحديبية، فما الذي حمله بعد ذلك على البحث في الإصابة؟ وإذ بحث فيها فلم ترك القسم الأول وذهب إلى القسم الرابع؟ وإذ فعل ذلك فما الدافع له إلى حرف الحاء ليبحث عن الحارث وهو يتكلم على رافع الذي يجب أن يبحث عنه في حرف الراء؟ أليس هذا من فعل المجانين؟!
وأعجب من هذا أن الحافظ قال في ترجمة الحارث المذكور: الحارث بن رافع ابن مكيث الجهنى أرسل حديثًا فذكره بعضهم في الصحابة، وهذا الحديث إنما هو من رواية الحارث بن رافع عن رافع، والحديث مشهور لرافع بن مكيث، وكان شهد الحديبية، وقد ذكر ابن حبان في ثقات التابعين الحارث بن رافع المذكور اهـ.
فبعد هذا البيان والصراحة والتكرار من الحافظ، يلتقط منه الشارح ما ذكره من الغلط البشع، إن هذا واللَّه لهو العجب ولا حول ولا قوة إلا باللَّه.
1568/ 3725 - "حُسْنُ المَلَكَة يمُنٌ، وَسُوءُ الخُلُقِ شُؤْمٌ، وَطَاعَةُ المَرْأةِ نَدَامَةٌ، وَالصَّدَقَةُ تَدْفَعُ القَضَاءَ السُّوء".
ابن عساكر عن جابر
قال في الكبير: وكذلك القضاعى في الشهاب، وقال العامرى: حديث حسن.
قلت: هذا غلط من وجهين، أحدهما أن القضاعى لم يخرج هذا الحديث بجملته أصلًا.
ثانيهما: أنه خرج بعض جمله لكن ليس فيها واحد من حديث جابر أصلًا
أيضًا، فأخرج حديث [1/ 170، رقم 244]: "حسن الملكة يمان وسوء الخلق شؤم" من حديث رافع بن مكيث، وأخرج حديث [1/ 160، رقم 226]:
"طاعة النساء ندامة" من حديث عائشة، وأخرج حديث:"الصدقة تمنع ميتة السوء" من حديث رافع بن مكيث [1/ 91، رقم 97، 1/ 170، رقم 245] ومن حديث أبي هريرة [1/ 91، رقم 98].
1569/ 3726 - "حَسِّنُوا القُرْآنَ بِأَصْوَاتِكُمْ، فَإِنَّ الصَّوْتَ الحَسَنَ يَزِيدُ القُرْآنَ حُسْنًا".
الدارمى وابن نصر في الصلاة (ك) عن البراء
قلت: محمد بن نصر خرج هذا الحديث في كتاب قيام الليل، وهو موضوعه، فالغالب أن قول المصنف في الصلاة سبق قلم، وقد يكون خرجه في الكتابين واللَّه أعلم.
وروى ابن قانع في مسند أبي حنيفة هذا الخبر عن عمر رضي الله عنه موقوفًا، وذلك من طريق أبي بكر الشافعى عن أحمد بن إسحاق بن صالح عن خالد ابن خداش عن خويلد الصفار عن أبي حنيفة عن حماد عن إبراهيم عن عمر، قال:"حسنوا القرآن بأصواتكم".
1570/ 3731 - "حَضَرَ مَلَكُ المَوْتِ رَجُلًا يَمُوْتٌ فَشَقَّ أَعْضَاءَهُ فَلَمْ يَجِدْهُ عَمِلَ خَيْرًا قط، ثُمَّ شَقَّ قَلْبَهُ فَلَمْ يَجِدْ فِيهِ خَيْرًا قَط، فَفَكَّ لَحْيَيْهِ فَوَجَدَ طَرَفَ لِسَانِهِ لاصِقًا بِحَنَكِهِ يَقُولُ: "لا إلَهَ إلا اللَّه" فَغُفِرَ لَهُ بِكَلِمَةِ الإِخْلَاصِ".
ابن أبي الدنيا في كتاب المحتضرين (هب) عن أبي هريرة
قلت: قال أبو الحسين بن المهتدى باللَّه:
أخبرنا الحسين بن محمد المؤدب ثنا أبو بكر النقاش حدثنا سليمان بن سلام الزينى بحمص ثنا مبارك بن أيوب ثنا خالد بن عبد اللَّه حدثنى عطاه بن السائب عن سعيد بن جبير عن أبي هريرة به، وقال:"فغفر اللَّه له وأدخله الجنة".
ورواه الطبرانى في كتاب الدعاه [3/ 1486، رقم 1473] من هذا الوجه، وله طريق آخر، قال ابن لال فيما رواه الديلمى من طريقه:
حدثنا القاسم بن أبي صالح ثنا الحسن بن على بن زياد ثنا عبد العزيز بن عبد اللَّه العامرى ثنا عبد الرحمن بن أبي الزناد ثنا موسى بن عقبة عن رجل من ولد عبادة عن أبي هريرة به.
1571/ 3732 - "حُفَّتِ الجَنَّةُ بِالمَكَارِهِ، وحُفَّتِ النَّارُ بِالشَّهَواتِ"
(حم. م. ت) عن أنس (م) عن أبي هريرة (حم) في الزهد عن ابن مسعود موقوفًا
قال في الكبير: فظاهر صنيع المصنف أن ذا مما تفرد به مسلم عن صاحبه وهو ذهول، فقد رواه البخارى في الرقائق وقال:"احتجبت" بدل "حفت"، والعجب أن المصنف في الدرر عزاه للشيخين عما باللفظ المذكور هنا بعينه من حديث أنس.
قلت: بينما الشارح يتعجب من ذهول المصنف الموهوم المزعوم إذ يورد الحديث بلفظ: "احتجبت" الذي موضعه من الكتاب حرف الألف لا حرف الحاء، فهل بعد هذه الغفلة من غفلة؟! ومع هذا فإنه لم يحقق لفظ البخارى، فإن البخارى ما رواه بلفظ:"احتجبت" ولكن بلفظ: "حجبت"، وقد قدمه المؤلف قريبًا بذلك اللفظ في موضع الحاء مع الجيم وعزاه للبخارى فتعقبه الشرح هناك بمسلم الذي رواه بلفظ:"حفت" الذي هذا موضعه.
1572/ 3733 - "حفْظُ الغُلام في الصِّغرِ كَالنَّقْشِ في الحَجَرِ، وَحِفْظُ الرَّجُلِ بَعْدَمَا يَكْبُرُ كَالكِتَابَةِ (1) عَلَى المَاءِ".
(خط) في الجامع عن ابن عباس
قلت: سكت عنه الشارح، وقد قال أبو نعيم فيما رواه الديلمى من طريقه: حدثنا محمد بن هارون ثنا إسحاق بن مروان ثنا أبي ثنا إسحاق بن وزير عن عبد الملك بن موسى عن الزهرى عن عبيد اللَّه عن ابن عباس به، وفي هذا السند من لم أعرفه.
1573/ 3738 - "حَقُّ الزَّوْجِ عَلَى المَرْأَة أَنْ لا تَهْجُرَ فِرَاشَهُ، وَأَنْ تَبرَّ قَسَمَهُ، وَأَنْ تُطِيعَ أَمْرَهُ، وَأَنْ لا تَخْرُجَ إِلا بِإِذْنِهِ، وَأَنْ لا تُدْخِلَ إِلَيهِ مَن يَكْرَهُ".
(طب) عن تميم الدارى
[قال في الكبير: قال الهيثمى:] فيه ضرار بن عمرو وهو ضعيف.
قلت: ومن طريقه أيضًا أخرجه محمد بن سنان القزاز في جزئه، وهو ثانى حديث فيه، قال:
حدثنا عبد الملك بن عمرو ثنا محمد بن طلحة عن الحكم أبي عمرو عن ضرار بن عمرو عن أبي عبد اللَّه الشامى عن تميم الدارى به.
1574/ 3740 - "حَقُّ المَرْأَةِ عَلَى الزَّوْجِ: أَنْ يُطعِمهَا إِذَا طَعِمَ وَيَكْسُوهَا إِذَا اكْتَسَى، وَلا يَضْرِب الوَجْهَ، وَلا يُقَبِّح، وَلا يَهْجُر إلا فِي البَيْتِ".
(طب. ك) عن معاوية بن حيدة
(1) في النسخة المطبوعة من فيض القدير: "كالكتاب على الماء".
قال في الكبير: قال (ك): صحيح وأقره الذهبى، وظاهر صنيع المصنف أنه لا يوجد مخرجًا لأحد من الستة والأمر بخلافه، فقد رواه أبو داود وابن ماجه في النكاح والنسائى في عشرة النساء عن معاوية المذكور باللفظ المزبور. . . إلخ.
قلت: أما النسائى فما خرجه في المجتبى الذي هو أحد الكتب الستة أصلًا، وأما أبو داود فرواه بلفظ:"ائت حرثك أنى شئت، وأطعمها إذا طعمت" الحديث.
وقد عزاه المصنف له في حرف الهمزة وتكلم عليه الشارح هناك، فوهم عدة أوهام بيناها فيه فارجع إليه.
1575/ 3742 - "حَقُّ الوَلَدِ عَلَى وَالِدِهِ أَنْ يُعلِّمَهُ الكِتَابَةَ، والسِّبَاحَةَ، والرِّمَايَةَ، وأَنْ لا يَرْزُقَهُ إلا طَيبا".
الحكيم وأبو الشيخ في الثواب (هب) عن أبي رافع
قال في الكبير: ظاهر صنيع المصنف أن البيهقى سكت عليه وهو خلاف الواقع، بل تعقبه بقوله: عيسى بن إبراهيم يروى ما لا يتابع عليه.
قلت: كلام [المصنف](1) لا يفيد ما قال الشارح بل يفيد خلافه، فإنه رمز لضعفه بدلا عن الكلام عليه، وهو غير ملزم ولا أحد من أهل العزو والتخريج بتقل كلام المخرجين، ولا رأينا اعتباره في كلام هذا البعيد عن الفن والصواب والإنصاف، ولو نقل المصنف كلام البيهقى مخالفا لشرط كتابه لكان ملزما بالتعقب عليه فيطول الكتاب ويخرج عن وضعه أو يسكت عنه فيهم وهمه، فإن ما زعمه البيهقى من أن عيسى بن إبراهيم لم يتابع على حديثه غير مطابق للواقع، فإن عيسى تربع عليه كما سأذكره.
فإن عيسى بن إبراهيم رواه عن الزهرى عن أبي سليمان مولى أبي رافع عن أبي
(1) في الأصل المخطوط الشارح.
أبي رافع قال: "قلت يا رسول اللَّه: للولد علينا حق كحقنا عليهم، قال: نعم حق الولد على الوالد" وذكره.
قال الحكيم في الأصل الرابع ومائتين (1)[2/ 140]:
ثنا عمر بن أبي عمر ثنا يزيد بن عبد ربه الحمصى عن بقية بن الوليد عن عيسى بن إبراهيم به.
وتابعه الجراح بن المنهال أبو العطوف عن الزهرى.
قال ابن السنى فيما رواه الديلمى من طريقه [2/ 209، رقم 2491]:
حدثنا أبو عروبة عن المغيرة بن عبد الرحمن عن عمر بن عبد الرحمن عن الجراح بن المنهال عن الزهرى به، والجراح ضعيف.
وقد أورده الذهبى في ترجمته من الميزان لكن قال: روى عثمان بن عبد الرحمن عنه، والذي في أصل الديلمى عمر بن عبد الرحمن، وكان الذي في الميزان أشبه واللَّه أعلم.
ثم وجدته من طريقه ومن طريق غيره عن الجراح بن المنهال مطولا، قال أبو نعيم في الحلية [1/ 184]:
حدثنا عبد اللَّه بن محمد بن جعفر ثنا أبو بكر بن أبي عاصم ثنا صالح بن زياد (ح)
وحدثنا محمد بن على ثنا الحسين بن محمد بن حماد ثنا المغيرة بن عبد الرحمن قال: حدثنا عثمان بن عبد الرحمن وحدثت عن أبي جعفر محمد بن إسماعيل ثنا الحسن بن على الحلوانى ثنا يزيد بن هارون واللفظ له قالوا: حدثنا الجراح بن المنهال عن الزهرى عن أبي سليم مولى أبي رافع عن
(1) وهو في الأصل الثالث ومائتين.
أبي رافع مولى النبي صلى الله عليه وسلم قال: "قال النبي صلى الله عليه وسلم: كيف بك يا أبا رافع إذا افتقرت؟ قلت: أفلا أتقدم في ذلك؟ قال: بلى، قال: ما مالك؟ قلت؟ أربعون ألفا وهى للَّه عز وجل، قال: لا، قال: أعط بعضا وأمسك بعضا وأصلح إلى ولدك، قال: قلت: أوَلهُم علينا يا رسول اللَّه حق كما لنا عليهم؟ قال: نعم حق الولد على الوالد أن يعلمه الكتاب"، وقال عثمان بن عبد الرحمن:"كتاب اللَّه عز وجل والرمى والسباحة" زاد يزيد: "وأن يورثه طيبا، قال: ومتى يكون فقرى؟ قال: بعدى" قال أبو سليم: فلقد رأيته افتقر بعد حتى كان يقعد فيقول من يتصدق على الشيخ الكبير الأعمى؟ من يتصدق على رجل أعلمه رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أنه سيفتقر بعده؟ من يتصدق فإن يد اللَّه العليا ويد المعطى الوسطى ويد السائل السفلى، ومن سأل عن ظهر غنى كان له شِيَةٌ يعرف بها يوم القيامة، ولا تحل الصدقة لغنى ولا لذى مرة سوى، قال: فلقد رأيت رجلا أعطاه أربعة دراهم فرد عليه منها درهما، فقال: يا عبد اللَّه لا ترد على صدقتى، فقال: إن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم نهانى أن أكنز فضول المال، قال أبو سليم: فلقد رأيته بعد استغنى حتى أتى له عاشر عشرة وكان يقول: ليت أبا رافع مات في فقره -أو وهو فقير- قال: ولم يكن يكاتب مملوكه إلا بثمه الذي اشتراه به.
وهذا سياق غريب منكر لا يشك في أنه من افتعال الجراح بن المنهال واللَّه أعلم.
1576/ 3743 - "حَقُّ الوَلَدِ عَلَى وَالِدِهِ أَنْ يُحْسِنَ اسْمَهُ، وَيُزَوِّجَهُ إذا أَدْرَكَ، وَيُعَلِمَهُ الكِتَابَ".
(حل. فر) عن أبي هريرة
قلت: هذا الحديث رواه الديلمى [2/ 209، 2491] من طريق أبي نعيم لكنى لم أجده في الحلية، إنما وجدت فيه حديث أبي رافع المذكور قبله، فالغالب على الظن أن أبا نعيم خرجه في كتاب آخر من كتبه، واشتبه على المصنف فعزاه إلى الحلية إن لم يكن سقط من نسختنا، إلا أن الحافظ أورد هذا الحديث في زهر الفردوس، وهو لا يورد فيه ما في الكتب المشهورة المتداولة وإنما يورد ما في الكتب الغريبة، وهذا مما يؤيد أنه لم يخرج في الحلية أصلا واللَّه أعلم.
أما السند الذي ذكره الديلمى من طريق أبي نعيم فهو قول أبي نعيم:
حدثنا نصر بن أبي نصر عن محمد بن أحمد بن صفوة ثنا يوسف ابن سعيد عن أبي هروة السندى عن الحسن بن عمارة عن محمد بن عبد الرحمن بن عبيد عن عيسى بن طلحة عن أبي هريرة به.
ورواه أبو الليث في التنبيه من طريق إبراهيم بن يوسف:
ثنا أبو معاوية عن الحسن بن عمارة به، لكن قال: عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى بن أبي عبيد.
1577/ 3744 - "حَقُّ كَبِيرِ الإخْوَةِ عَلَى صَغِيرِهِمْ كَحَقِّ الوَالِدِ عَلَى وَلَدِهِ".
(هب) عن سعيد بن العاص
قال في الكبير: قال الحافظ العراقى: سنده ضعيف، ورواه الحاكم والديلمى باللفظ المزبور ثم قال: وفي الباب أبو هريرة -أى عند أبي الشيخ وغيره.
قلت: صريح إطلاق الشارح العزو إلى الحاكم أنه في المستدرك، وهو باطل، إنما رواه في التاريخ، وأسنده الديلمى من طريقه [2/ 210، رقم 2494]:
حدثنا على بن عيسى ثنا إبراهيم بن محمد المروزى حدثنا على بن حجر ثنا الوليد بن مسلم عن محمد بن السائب عن سعيد بن عمرو بن سعيد بن العاص عن أبيه عن جده سعيد به.
وأما حديث أبي هريرة الذي أشار إليه الديلمى فأخرجه أبو نعيم في التاريخ [1/ 122] قال:
حدثنا محمد بن أحمد بن شبويه ثنا أحمد بن محمد بن إبراهيم ثنا محمد بن مشكان ثنا عبد الرحمن بن أيوب ثنا الوليد بن مسلم عن الأوزاعى عن عطاء عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله بالحرف.
وفي الباب أيضًا عن كليب الجهنى، تقدم للمصنف في المتن بلفظ:"الأكبر من الإخوة".
1578/ 3745 - "حَقُّ الوَلَدِ عَلَى الَوالِدِ أنْ يُحْسِنَ اسْمَه، وَيُحْسِنَ أدَبَهُ".
(هب) عن ابن عباس
قال الشارح: بإسناد واه، بل قيل موضوع.
وقال في الكبير: وقضية تصرف المصنف أن مخرجه البيهقى خرجه ساكتا عليه والأمر بخلافه، بل قال محمد بن الفضل بن عطية: أحد رواته ضعيف بمرة لا يحتج بما انفرد به اهـ. وقال الذهبى: محمد هذا تركوه واتهمه بعضهم أى بالوضع.
قلت: في هذا أوهام وأغاليط، الأول: تصرف المصنف يفيد خلاف ما افتراه