الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[قاعدة جليلة]
وصرح المتأخرون بتواتره أيضًا، اعتمادا على قول ابن عبد البر أنه روى من وجوه كثيرة متواترة، لأن المتواتر في لسان الأقدمين كالطحاوى وابن حزم وابن عبد البر لا يريدون منه معناه الأصولى الاصطلاحى، وإنما يريدون منه تتابع الطرق وتواردها على معنى واحد، لأنهم يعبرون بذلك عما له ثلاثة طرق وأربعة، وهو لا يفيد التواتر جزما، وذلك غرَّ جماعة ومنهم المؤلف، فأكثر في كتابه من الأحاديث المشتهرة، وظنها متواترة، وكذلك شيخنا في "نظم المتناثر"، بل أورد فيه الضعيف وعده متواترا.
1222/ 2761 - "أهل البدع شر الخلق والخليقة"
(حل) عن أنس
قال الشارح: بإسناد ضعيف.
قلت: ما هو ضعيف، بل شده على شرط الصحيح، فأبو نعيم رواه في الحلية من طريق الطبرانى وغيره، ثم من رواية محمد بن عبد اللَّه بن عمار: ثنا المعافى بن عمران عن الأوزاعى عن قتادة عن أنس به، ثم قال: تفرد به المعافى عن الأوزاعي بهذا اللفظ ورواه عيسى بن يونس عن الأوزاعى نحوه.
فهؤلاء ثقات من رجال الصحيح إلا محمد بن عبد اللَّه بن عمار الموصلى، فهو من رجال النسائى وهو أيضًا ثقة حافظ، وقد رواه عنه جماعة منهم أحمد بن حماد بن سفيان كما عند أبي نعيم في الحلية، وعلى بن سعيد
الرازى كما عند الطبرانى، وأبي نعيم في الحلية أيضًا، وأحمد بن محمد بن السكن كما عند أبي نعيم في "تاريخ أصبهان" ومحمد بن محمد بن سليمان الباغندى الحافظ.
كما أسنده الذهبى في الميزان من رواية الدارقطنى، ولعله في "الأفراد" عن الباغندى.
ثم قال الذهبى عقبه: غريب جدا، وتابع محمد بن عبد اللَّه بن عمار، على بن عمر الموصلى كما عند أبي نعيم في "تاريخ أصبهان" في ترجمة فيروز بن عبد العزيز، فالحديث على شرط البخارى.
1223/ 2762 - "أهل الجنة عشرون ومائة صف، ثمانون منها من هذه الأمة، وأربعون من سائر الأمم"
(حم. ت. هـ. حب. ك) عن بريدة (طب) عن ابن عباس، وعن ابن مسعود
قال في الكبير على حديث مبريدة: قال الحاكم: على شرطهما، وقال الترمذى: حسن ولم يبين لم لا يصح، قيل: لأنه روى مرسلا ومتصلا، قال في المنار: ولا ينبغى أن يعد ذلك مانعا لصحته.
وقال على حديث ابن عباس: قال الهيثمى: فيه خالد بن يزيد الدمشقى، وهو ضعيف ووثق.
وعلى حديث ابن مسعود قال الهيثمى: رجاله رجال الصحيح، غير الحارث ابن حصيرة، وهو ثقة.
وعلى حديث أبي موسى قال الهيثمى: فيه القاسم بن غص، وهو ضعيف،
وأعاده مرة أخرى ثم قال: فيه سويد بن عبد العزيز، وهو ضعيف جدا، وفي اللسان كالميزان: هذا حديث منكر.
قلت: هذا تهافت ونقل متضارب يوقع الناظر في حيرة وفيه مع ذلك خطأ في النقل، فاللسان ليس فيه أنه منكر، وإنما ذلك في الميزان بالنسبة لرواية ضرار بن عمرو الملطى خاصة، ورد ذلك الحافظ في اللسان، قال الذهبى: ضرار بن عمرو الملطى عن يزيد الرقاشى وغيره، روى أحمد بن سعيد بن أبي مريم عن يحيى: لا شيء، وقال الدولابى: فيه نظر، ومن مناكيره عن محارب بن دثار عن أبي بريدة عن أبيه رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم:"أهل الجنة عشرون ومائة صف، هذه الأمة منها ثمانون صفا" ثم ذكر حديثين آخرين، فقال الحافظ: وحديث بريدة ليس هو من منكراته كما هنا، فقد رواه ضرار بن مرة الثقة الثبت عن محارب بن دثار عن سليمان ابن بريدة عن أبيه، أخرجه الترمذى من طريقه، وقال: حسن.
وقد روى عن علقمة بن مرثد عن ابن بريدة عن النبي صلى الله عليه وسلم يعنى مرسلا.
قلت: لكن اختلف فيه على علقمة، فوصله ابن حفص عن الثورى عنه، واللَّه أعلم اهـ.
فالحافظ لم يقل في اللسان: إنه منكر، كما عزاه إليه الشارح، بعد أن نقل تحسينه عن الترمذى، وتصحيحه عن غيره.
والحديث رواه عن محارب بن دثار رجلان كل منهما اسمه ضرار، فالأول ضرار بن عمرو الملطى كما سبق.
والثانى ضرار بن مرة، ومن طريقه أخرجه أحمد في مسنده:
ثنا عفان ثنا عبد العزيز بن مسلم ثنا أبو سنان عن محارب بن دثار عن ابن بريدة عن أبيه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فذكره.
ورواه الترمذى:
حدثنا حسين بن يزيد الطحان الكوفى ثنا محمد ابن فضيل عن ضرار بن مرة به، ثم قال: "وقد روى هذا الحديث عن علقمة ابن مرثد عن سليمان بن بريدة عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا، ومنهم من قال: سليمان بن بريدة عن أبيه، وحديث أبي سنان عن محارب ابن دثار حسن، وأبو سنان اسمه ضرار بن مرة اهـ.
ورواه الطحاوى في "مشكل الآثار":
ثنا إبراهيم بن مرزوق ثنا عفان بسنده المار عند أحمد.
وأخرجه الحاكم عن شيخه الأصم:
ثنا أحمد بن عبد الجبار ثنا محمد بن فضيل ثنا أبو سنان ضرار بن مرة به، ثم قال: صحيح على شرط مسلم وأقره الذهبى.
وأخرجه أبو سعيد النقاش في "فوائد العراقيين":
أخبرنا أبو بكر عمر بن أحمد بن القاسم النهاوندى ثنا محمد بن أيوب بن يحيى الرازى ثنا مسلم بن إبراهيم ثنا عبد العزيز ابن مسلم ثنا ضرار أبو سنان به.
لكنه وقع مرسلا في أصلى من نسخة الفوائد دون ذكر بريدة.
وأخرجه ابن أبي الدنيا في "حسن الظن باللَّه"[84 رقم 74]: ثنا يحيى ابن إسماعيل ثنا ابن فضيل ثنا أبو سنان ضرار (1) بن مرة.
وروى هذا الحديث سفيان الثورى، وورد عنه على قولين:
القول الأول: عن علقمة بن مرثد عن سليمان بن بريدة عن أبيه، هكذا قال عنه حسين بن حفص الأصبهانى ومؤمل بن إسماعيل وعمرو بن محمد العنقزى وعماز بن محمد ومعاوية بن هشام، إلا أن الأخير شك في ذكر أبيه، وخالفهم يحيى بن سعيد وعبد الرحمن بن مهدى فروياه عن الثورى مرسلًا دون ذكر بريدة.
أما رواية الحسين بن حفص فخرجها ابن ماجه [2/ 1433، رقم 4289] عن عبد اللَّه بن إسحاق الجوهرى.
وخرجها الحاكم [1/ 82، رقم 274] من طريق لبيد بن عاصم.
وخرجها أبو نعيم في تاريخ أصبهان [1/ 328] من طريق محمد بن يونس الكديمى ثلاثتهم عن الحسين بن حفص:
ثنا سفيان الثورى عن علقمة بن مرثد عن سليمان بن بريدة عن أبيه به.
وأما رواية مؤمل بن إسماعيل فأخرجها الحاكم في المستدرك [1/ 82 رقم 274] من طريق عبدان الأهوازى عن الحسن بن الحارث عن مؤمل بن إسماعيل عن سفيان به مثله.
وأما رواية العنقزى [1/ 82 رقم 274] فخرجها الحاكم أيضًا من رواية محمد ابن غالب عن عبد اللَّه بن عمر عن عمرو بن محمد العنقزى عن سفيان به.
وأما رواية عمار بن محمد فقال ابن السبط في فوائده: وهو أبو سعيد المظفر
(1) في الأصل "ضرير" والصواب ما أثبتناه، وانظر تهذيب الكمال (13/ 306، ترجمة 2933) وهو الذي يروى عنه محمد بن فضيل.
ابن الحسن بن السبط أنا أبو الحسن أحمد بن محمد بن الصلت ثنا يوسف ابن البهلول ثنا الحسن بن عرفة ثنى عمار بن محمد عن سفيان الثورى به.
وأما رواية معاوية بن هشام فأخرجها الدارمى [2/ 337]:
أخبرنا محمد بن العلاء ثنا معاوية بن هشام عن سفيان عن علقمة بن مرثد عن سليمان بن بريدة قال: أراه عن أبيه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فذكره.
وأما رواية يحيى بن سعيد وابن مهدى فذكرها الحاكم في المستدرك [1/ 82، رقم 274]، ولا شك أن القول قول من وصل الحديث دون من أرسله.
القول الثانى: لسفيان في هذا الحديث عن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده، قال أبو عمرو بن حمدان في "فوائد الحاج":
حدثنا عبد اللَّه بن أحمد بن موسى عبدان الأهوازى ثنا محمد بن بكار العيشى ثنا حماد بن عيسى عن الثورى عن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أهل الجنة عشرون ومائة صف، أنتم ثمانون صفا والناس بعد ذلك".
وقال خيثمة بن سليمان: ثنا أبو قلابة عبد الملك بن محمد بن بكار الصيرفى ثنا حماد بن عيسى به.
وأما حديث ابن مسعود، فلم ينفرد الطبراني بإخراجه، بل أخرجه أحمد [1/ 453]:
ثنا عفان ثنا عبد الواحد بن زياد ثنا الحارث بن حصيرة ثنا القاسم بن عبد الرحمن عن أبيه عن ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم به.
وأخرجه الطحاوى في مشكل الآثار: [1/ 337، رقم 166] عن إبراهيم ابن مرزوق عن عفان شيخ أحمد، ورواه الحاكم في المستدرك وقال: عبد
الرحمن لم يسمع من أبيه في أقصر الأقاويل، وأخرجه الطبرانى أيضًا في الصغير عن أحمد بن القاسم بن مساور الجوهرى عن عفان به، ثم قال لم يرويه عن القاسم إلا الحارث تفرد به ابن زياد.
1224/ 2763 - "أهلُ الجنَّةِ جُردٌ مُردٌ كُحلٌ، لا يَفنَى شَبابُهم ولا تَبْلى ثِيابُهُم".
(ت) عن أبي هريرة
قال في الكبير: وقال (ت): حسن غريب اهـ. وفيه معاذ بن هشام حديثه في الكتب الستة، قال ابن معين: صدوق وليس بحجة.
قلت: كأنه يشير إلى الرد على الترمذى في تحسينه الحديث، فمعاذ بن هشام ثقة من رجال الصحيحين والسند فيه من هو متكلم فيه، بل هو ضعيف وهو شهر بن حوشب، ولذلك في نسختنا من الترمذى: غريب وليس فيه حسن، فترك الشارح من يعلل به الحديث وتعلق بأذيال الثقة الذي لا مغمز فيه، وكون يحيى قال فيه ذلك فمن أجل القدر لا من ضعفه في الرواية على أن في الباب شواهد لهم من حديث أبي هريرة وأنس ومعاذ وغيرهم.
1225/ 2764 - "أهلُ الجنَّةِ مَنْ مَلأَ اللَّهُ أُذنَيهِ من ثَنَاءِ النَّاسِ خَيْرًا وهو يَسْمَعُ، وأهَلُ النَّارِ مَنْ مَلأَ اللَّه أُذَنيه من ثَناءِ الناسِ شرًّا وهو يَسْمَعُ"
(هـ) عن ابن عباس
قال الشارح: وفيه أبو الجوزاء فيه مقال.
وقال في الكبير: فيه أبو الجوزاء، قال الذهبى: قال البخارى: فيه نظر
قلت: الحديث صحيح، وأبو الجوزاء ثقة عابد صدوق من رجال البخارى ومسلم والأربعة، لا مطعن فيه ولا مغمز أصلًا، والبخارى لم يقل: فيه نظر ولا نقل الذهبى ذلك عنه أصلًا، بل قال البخارى: في إسناده نظر، وهكذا نقله عنه الذهبى ولكن الشارح لبعده عن الفن يحرف ويقلب ويبدل ويغير ويأتي بالطامات، وفرق كبير بين "فيه نظر"، و"في إسناده نظر" فإن الأول: طعن في الرجل بل هو في اصطلاح البخارى من أشد الجرح.
والثانى: وهو في إسناده نظر ليس بطعن في الرجل ولا يحوم حوله أصلًا وإنما هو كلام في السند إليه أو في سماعه من شيوخه، وقد تكلم الحفاظ وأئمة الجرح على هذه المقالة بخصوصها:
فقال ابن حبان في الثقات: [1/ 278، رقم 1045] كان عابدًا فاضلًا، وقول البخارى: في إسناده نظر ويختلفون فيه، إنما قاله عقب حديث رواه في التاريخ من رواية عمرو بن مالك النكرى، والنكرى ضعيف عنده.
وقال ابن عدى: حدث عنه عمرو بن مالك قدر عشرة أحاديث غير محفوظة، وأبو الجوزاء روى عن الصحابة وأرجو أنه لا بأس به، ولا يصح روايته عنه أنه سمع منهم، وقول البخارى في إسناده نظر يريد أنه لم يسمع من مثل ابن مسعود وعائشة وغيرهما، لا أنه ضعيف عنده، وأحاديثه مستقيمة.
قلت: لو كان ضعيفا عنده، لما روى عنه في الصحيح، وليس كل من ذكره الذهبى في الميزان ضعيفًا، لا في نفى الأمر ولا عند الذهبى أيضًا، فقد قال هو نفسه: قد كتبت في مصنفى الميزان عددًا كثيرًا من الثقات الذين احتج البخارى ومسلم أو غيرهما بهم لكون الرجل منهم قد دون اسمه في مصنفات الجرح، وما أوردتهم لضعف فيهم عندى، بل ليعرف ذلك، وما زال يمر بى
الرجل الثبت، وفيه مقال مَنْ لا يعبأ به، ولو فتحنا هذا الباب على نفوسنا لدخل فيه عدة من الصحابة والتابعين والأئمة إلخ ما قال في الفصل المعروف عنه في ذلك وهو في جزء صغير مطبوع.
والشارح في غفلة عن هذا وعن التحقق بحقائق الرجال، كلما رأى رجلًا في الميزان أو رأى فيه كلمة جرح طار بها وحكم على الحديث بالضعف من أجله، فجرح بذلك نفسه وأسقط عن درجة الاعتبار كلامه وكتابه.
والحديث خرجه أيضًا الطبرانى [12/ 170، رقم 12787] وعنه أبو نعيم في الحلية [3/ 80] من رواية على بن عبد العزيز البغوى وهو شيخ الطبرانى، فيه عن مسلم بن إبراهيم:
ثنا أبو هلال الراسبى ثنا عقبه بن أبي ثبيت الراسبى عن أبي الجوزاء عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم به.
قال أبو نعيم لم يرفعه ولم يسنده إلا مسلم عن أبي هلال.
وأخرجه البيهقى في الزهد:
أخبرنا أبو نصر بن قتادة أنبأنا أبو على الرفا ثنا على بن عبد العزيز به.
ورواه ابن المبارك في الزهد [ص 154، رقم 455] في باب الرياء:
قال أخبرنا محمد بن سليم عن عقبة بن أبي ثبيت عن أبي الجوزاء قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "ألا أخبركم بأهل الجنة وأهل النار، أهل الجنة" وذكره هكذا أخرجه مرسلًا دون ذكر ابن عباس.
وأخرجه كذلك مرسلًا أحمد في مقدمة كتاب الزهد [1/ 51] قال:
حدثنا عبد الصمد ثنا أبو هلال ثنا عقبة بن أبي ثبيت عن أبي الجوزاء مرسلًا: "ألا أنبئكم بأهل الجنة وأهل النار". الحديث.
ورواه الحاكم في المستدرك [1/ 378، 1400] في كتاب الجنائز منه من حديث أنس بن مالك فقال:
حدثنا عبد الرحمن بن الحسن بن أحمد بن محمد بن عبيد الأسدي بهمدان ثنا إبراهيم بن الحسين ديزيل ثنا آدم بن أبي إياس ثنا حماد بن سلمة ثنا ثابت البنانى عن أنس بن مالك قال: "قيل يا رسول اللَّه من أهل الجنة؟ قال: من لا يموت حتى تملأ أذناه مما يحب، قيل من أهل النار؟ قال: من لا يموت حتى تملا أذناه مما يكره" ثم قال الحاكم: صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه، وأقره الذهبى.
ورواه البيهقى في الزهد عن الحاكم بهذا الإسناد، ثم قال: هكذا أخبرنا موصولًا، وقد ذكره البخارى في التاريخ [2/ 93] عن موسى: هو ابن إسماعيل عن حماد عن ثابت عن أبي الصديق عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلًا.
ورواه عن عبد السلام بن مطهر عن سليمان بن المغيرة عن ثابت عن أنس قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أهل الجنة من لا يموت حتى يملأ مسامعه مما يحب" قلت: لكن رواه ابن المبارك في الزهد في باب الاجتهاد في العمل (1)، والخشوع عن سليمان بن المغيرة عن ثابت مرسلًا مثل سياق الحاكم، فهذا اختلاف على ثابت في الحديث.
1226/ 2765 - "أهلُ الجورِ وأعوانُهم في النارِ".
(ك) عن حذيفة
قال الشارح: قال الحاكم: صحيح، وتعقبه الذهبى فقال: بل منكر.
قلت: لم يبين سبب ذلك، والحديث رواه الحاكم [4/ 89، رقم 7007]
(1) لم أجده في الزهد لابن المبارك، ولم أجد بابا بهذا الاسم فيه، وإنما وجدته في زوائد الزهد برواية أبي نعيم (ص 61، رقم 214) باب في الذب عن عرض المؤمن بنفس السند واللفظ المذكورين، فاللَّه أعلم.
عن أبي بكر بن إسحاق الفقيه:
أنا محمد بن أيوب أنا عتبان بن مالك ثنا عيينة بن عبد الرحمن أخبرنى مروان ابن عبد اللَّه مولى صفوان بن حذيفة عن أبيه عن حذيفة به، ومروان بن عبد اللَّه، ذكره الذهبى في الميزان فقال مروان بن عبد اللَّه بن صفوان بن حذيفة بن اليمان عن أبيه لا يعرف هو ولا أبوه، قال العقيلى وحديثه غير محفوظ، وقال الحافظ في اللسان: قال العقيلى مجهول بالنقل هو وأبوه، وحديثه غير محفوظ، ثم ساق من طريق عيينة بن عبد الرحمن عنه عن أبيه فذكر هذا الحديث، كذا وقع في الميزان، ولسانه، مروان بن عبد اللَّه بن صفوان بن حذيفة، على أنه من ذرية حذيفة، والذي في المستدرك: مروان ابن عبد اللَّه مولى صفوان بن حذيفة، وكذلك هو في مسند الفردوس للديلمى [3/ 42، رقم 3813] من طريق أبي بكر الدارع عن إبراهيم الحربى عن عبد الوارث بن عبد الصمد بن عبد الوارث عن أبيه عن عنبسة ابن عبد الرحمن عن مروان مولى حذيفة عن أبيه عن حذيفة، مرفوعًا:"الظلمة وأعوانهم في النار"، وقد وقع في سند الديلمى عنبسة بن عبد الرحمن بالنون والباء الموحدة والسين، بدل عيينة، وعنبسة متروك وعيينة ثقة، فيحتاج إلى تحرير، إلا أن الحاكم غالبًا لا يخرج لعنبسة بن عبد الرحمن واللَّه أعلم.
1227/ 2766 - "أهلُ الشامِ سوطُ اللَّه تعالى في الأرض، ينتقمُ بهم ممن يشاءُ من عبادِه، وحرامٌ على منافقِيهم أن يظهرُوا على مؤمنيهِم، وأن يَموتُوا إلا همَّا وغمَّا وغيظًا وحزنًا".
(حم. ع. طب) والضياء عن خريم بن فاتك
قلت: هذا حديث كذب موضوع على النبي صلى الله عليه وسلم ليس هو من كلامه ولا ألفاظه بألفاظ نبوية ولا خبره مطابق للواقع، والصحيح فيه أنه من كلام
خريم بن فاتك كما أخرجه أحمد في مسنده موقوفًا عليه لم يرفعه، ولذلك يلام المصنف على عزوه لأحمد مرفوعًا، وخريم كان بالشام وكانت السياسة المعاوية تأمر بمثل هذا الكلام، ونسبة مثله إلى النبي صلى الله عليه وسلم تثيبتًا لقدم المملكة وانتصارًا على الخصوم وإغواء للعامة والدهماء، وجل الأحاديث الواردة في فضل الشام وأهله من هذا القبيل وللَّه الأمر من قبل ومن بعد.
1228/ 2768 - "أهلُ القرآنِ أهلُ اللَّه وخاصتهِ".
أبو القاسم بن حيدر في مشيخته عن على
قال في الكبير: وظاهره أنه لا يوجد مخرجا لأحد من الستة، وإلا لما أبعد النجعة وهو ذهول عجيب فقد خرجه النسائى في الكبرى وابن ماجه وكذا الإمام أحمد والحاكم من حديث أنس، قال الحافظ العراقى: بإسناد حسن، والعجب أن المصنف نفسه عزاه لابن ماجه وأحمد في الدرر عن أنس.
قلت: ليس العجب من المصنف ولكن العجب من غفلة الشارح، فإن حديث أنس لفظه:"إن للَّه أهلين من الناس قالوا من هم يا رسول اللَّه؟ قال: أهل القرآن" الحديث.
وقد سبق للمصنف ذكره في حرف "إن" وعزاه لأحمد والنسائى وابن ماجه والحاكم، أما "الدرر المنتثرة" فالمصنف لا يراعى فيها ألفاظ المخرجين وإنما يراعى اللفظ المتداول المشهور على الألسنة.
1229/ 2771 - "أهلُ شغلِ اللَّهِ في الدنيا هم أهلُ شغل اللَّه في الآخرةِ، وأهلُ شغلِ أنفسِهم في الدنيا هم أهلُ شغلِ أنفسِهم في الآخرة".
(قط) في الأفراد، (فر) عن أبي هريرة
قلت: قال الديلمى [1/ 497، رقم 1665]: أخبرنا أبو ثابت بنجير بن منصور بن على الصوفى عن جعفر بن محمد الأبهرى عن على بن أحمد الجزرى عن محمد بن القاسم بن محمد عن الحسن بن على عن محمد بن ثابت عن ابن عون عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة به.
1230/ 2777 - "أوتى موسى الألواحَ، وأوُتيتُ المثانى".
أبو سعيد النقاش في فوائد العراقيين عن ابن عباس
قلت: قال النقاش: في فوائده المذكورة:
أخبرنا أبو بكر أحمد بن إبراهيم الجرجانى ثنا الحين بن أحمد بن منصور أبو عبد اللَّه ثنا أبو معمر ثنا جرير عن الأعمش عن مسلم البطين عن سعيد بن جبير عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم به.
1231/ 2778 - "أوثق عرى الإيمان الموالاة في اللَّه، والمعاداة في اللَّه، والحب في اللَّه والبغض في اللَّه عز وجل".
(طب) عن ابن عباس
قال في الكبير: وفي الباب عن البراء أيضًا كما خرجه الطيالسى قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "تدرون أى عرى الإيمان أوثق، قلنا الصلاة، قال: الصلاة حسنة وليست بذلك، قلنا: الصيام، قال: مثل ذلك حتى ذكرنا الجهاد، فقال: مثل ذلك" ثم ذكره.
قلت: في هذا الاستدارك أمور أحدها: أن حديث البراء لم يخرجه الطيالسى وحده بل خرجه من هو أشهر منه وهو أحمد في المسند [4/ 286]، والبيهقى في الشعب [1/ 445، رقم 13].
ثانيها: أنه تقدم قريبًا للمصنف بلفظ: "إن أوثق عرى الإسلام" وعزاه لأحمد وابن أبي شيبة والبيهقى في الشعب فنسى الشارح وغفل.
ثالثها: أن في الباب ما لم يذكره المصنف وهو حديث ابن مسعود أخرجه أبو داود الطيالسى في مسنده [ص 50 رقم 378]، والطبرانى في الصغير [1/ 373، رقم 624]، وأبو يعلى، وابن جرير في التفسير، والحاكم في المستدرك [2/ 480، رقم 3790] وأبو نعيم في الحلية [4/ 177] وابن عبد البر في العلم وآخرون مطولًا ومختصرًا، وفيه:"أوثق عرى الإيمان الولاية في اللَّه، والحب فيه والبغض فيه" الحديث، وقد أطلت الكلام عليه في "فك الربقة بطرق حديث تفترق أمتى على ثلاث وسبعين فرقة".
1232/ 2780 - "أوحَى اللَّه تعالى إلى نبي من الأنبياءِ أن قلْ لفلان العابدِ: أما زهدُك في الدنيا فتعجلتَ [به] راحةَ نفسِك، وأما انقطاعُكَ إليَّ فتعززتَ بى، فماذا عملتَ فيما لى علَيك؟ قال يا ربِ وماذا لك عليَّ؟ قال: هل عاديتَ فيَّ عدوا؟ أو هل واليتَ فيَّ وليا؟ ".
(حل. خط) عن ابن مسعود
قال في الكبير: وفيه على بن عبد الحميد، قال الذهبى: مجهول، وخلف ابن خليفة أورده في الضعفاء، وقال: ثقة كذبه ابن معين.
قلت: خلف بن خليفة صدوق من رجال مسلم وإنما اختلط في آخر عمره، وليس هو علة الحديث، ولا على بن عبد الحميد، وإنما علته حميد بن عطاء الأعرج، فالحديث رواه أبو نعيم في الحلية [10/ 316]:
ثنا على بن محمد ابن إسماعيل الطوسي بمكة حدثنا على بن عبد الحميد الجرجانى ثنا محمد بن محمد بن أبي الورد قال: حدثنى سعيد بن منصور ثنا خلف بن خليفة عن حميد الأعوج عن عبد اللَّه بن الحارث عن عبد اللَّه بن مسعود به.
ورواه أبو صالح أحمد بن عبد الملك المؤذن في الأربعين له عن شيخ أبي نعيم
على بن محمد بن إسماعيل الطوسي به، ومن طريقه رواه القاضى عياض في معجمه.
ورواه الخطيب عن عبد اللَّه بن على القرشى [3/ 202]:
ثنا أبو جعفر محمد بن الحسن اليقطينى ثنا على بن عبد الحميد الغضائري به.
فعلي بن عبد الحميد هذا ليس هو الذي قال فيه أبو حاتم: مجهول، ونقل ذلك في الميزان، بل ذاك أقدم من هذا، وحميد الأعرج منكر الحديث قال ابن حبان: يروى عن عبد اللَّه بن الحارث عن ابن مسعود نسخة كأنها موضوعة، وقال الدارقطنى: متروك وأحاديثه شبه موضوعة، وقال ابن عدى: هذه الأحاديث عن عبد اللَّه بن الحارث ليست بمستقيمة ولا يتابع عليها، وقال أبو حاتم: لا نعلم لعبد اللَّه بن الحارث عن ابن مسعود شيئًا.
قلت: وقد وجدت هذا الخبر عن الفضيل بن عياض مقطوعا، قال الدينورى: في السابع من المجالسة:
ثنا محمد بن يونس ثنا الحميدى قال: سمعت الفضيل يقول: "أوحى اللَّه تعالى إلى نبي من الأنبياء" فذكر مثله، فإن لم يكن رواه عن حميد الأعرج فهو شاهد جيد واللَّه أعلم.
1233/ 2781 - "أوحَى اللَّه تعالى إلى إبراهيمَ: يا خليلي، حسِّنْ خلقكَ ولو مع الكفارِ تدخلُ مداخلَ الأبرارِ فإن كلمتِى سبقتْ لمن حَسُن خلقُه أن أظلَّه في عرشِى، وأن أسُكنَه حظيرةَ قُدسى، وأن أُدنِيهِ من جوارِى".
الحكيم (طس) عن أبي هريرة
قال في الكبير: رواه الحكيم الترمذى عن أبي هريرة.
قال الزيلعى: وهذا معضل.
قلت: وكذلك نقْلُ الشارح معضل، وهو بمجرده غير مفهوم، وإن كان الزيلعى لم يجد التعبير عنه، وذلك أنه ذكره في سورة مريم، من تخريج أحاديث الكشاف [2/ 326]، وعزاه إلى الطبرانى في الأوسط، ثم قال: ورواه أبو عبد اللَّه الترمذى الحكيم في كتابه "نوادر الأصول" في الأصل الثانى والثلاثين بعد المائتين، فقال:
حدثنا عمر بن أبي عمر يرفعه إلى أبي هريرة فذكره، ثم قال: وهذا معضل، يريد معلقا بدون إسناد من شيخ الحكيم إلى أبي هريرة، وكان حقه أن يقول معلقا أو منقطعا لأن هذه ليست صورة للمعضل على كل قول فيه، ثم إن الحديث لم يقع كذلك في نوادر الأصول، بل وقع مسندا موصولا، وإنما حصل ذلك في النسخة التي وقف عليها الزيلعى، كما أنه لم يذكره في الأصل الثانى والثلاثين ومائتين، بل في الحادى والثلاثين قبيل الثانى والثلاثين فانتقل بصره إليه، قال الحكيم الترمذى:
ثنا عمر بن أبي عمر قال: حدثنا سليمان بن عبد الرحمن عن مؤمل بن عبد الرحمن الثقفى قال: حدثنا أبو أمية بن يعلى عن سعيد بن أبي سعيد المقبرى عن أبي هريرة به.
وأما الطبرانى فقال [6/ 315، رقم 6506]:
حدثنا محمد بن داود بن أسلم الصدفى ثنا عمرو بن سوار السَّرحيُّ (1) ثنا مؤمل بن عبد الرحمن به.
(1) في الأصل: "عمرو بن سوار السروجى" والصواب ما أثبتناه، وانظر تهذيب الكمال (22/ 57).
ورواه أبو نعيم في أربعين الصوفية (1) عن الطبراني بهذا الإسناد، ثم قال: لا يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا بهذا الإسناد.
ورواه ابن عدى في الكامل: عن موسى بن الحسن الكوفى عن عمرو بن سوار به، وقال: تفرد به مؤمل بن عبد الرحمن عن أبي أمية بن يعلى، وليس كما قال، بل رواه عن أبي أمية بن يعلى أيضًا كادح بن رحمة، أخرجه الأصبهانى في الترغيب [2/ 84، رقم 1204]، وأبو عبد الرحمن السلمى في الأربعين، كلاهما من روايته عن أبي أمية إسماعيل بن يعلى الثقفي به، وهو ضعيف.
1234/ 2782 - "أوحى اللَّهُ تعالى إلى داودَ أن قُلْ للظَلَمة لا يذكرُونى، فإنى أذكرُ من يذكرنى. وإنَّ ذكرِى إياهم أن ألْعَنهم".
ابن عساكر عن ابن عباس
قال في الكبير: قضية صنيع المؤلف أنه لم يره مخرجا لأحد من المشاهير وهو قصور، فقد خرجه الحاكم والبيهقى في الشعب، والديلمي باللفظ المزبور، عن ابن عباس المذكور.
قلت: وظاهر كلام الشارح وإطلاقه العزو إلى الحاكم أنه خرجه في المستدرك، وهو القصور على الحقيقة ونهاية الغرور، فإنه رأى الديلمى أسنده في مسند الفردوس من طريق الحاكم، فظنه في مستدركه، وهو في تاريخ نيسابور، قال الديلمى [1/ 176، رقم 497]:
أخبرنا ابن خلف إجازة أخبرنا الحاكم ثنا على بن عيسى بن إبراهيم ثنا جعفر بن محمويه الفارسى ثنا محمد بن المثنى ثنا مؤمل بن إسماعيل ثنا سفيان عن الأعمش عن المنهال عن عبد اللَّه بن الحارث بن نوفل عن عبد اللَّه
(1) لأبي نعيم أربعين التصوف، وأما أربعين الصوفية فهو لعبد الرحمن السلمى، وقد روى الحديث فيه أيضًا.
ابن عباس به.
وإذ الحديث في التاريخ لا في المستدرك، فالعزو إلى التاريخين سواء، بل تاريخ ابن عساكر أشهر من تاريخ نيسابور وأكثر تداولًا.
1235/ 2783 - "أوحَى اللَّه تعالى إلى داودَ ما من عبد يعتصمُ بى دون خلقِى أعرفُ ذلك من نيتهِ فتُكيدُه السمواتُ بمن فيها إلا جعلتُ له من بين ذلك مخرجًا، وما من عبدٍ يعتصمُ بمخلوقٍ دونى أعرفُ ذلك من نيتهِ إلا قطعتُ أسبابَ السماء بين يديهِ وأرسختُ الهوَى من تحت قدميه، وما من عبد يطِيعنى إلَا وأنا مُعطِيه قبل أن يسألَني وغافرٌ له قبل أن يستغفرنى".
ابن عساكر عن كعب بن مالك
قلت: أخرجه أيضًا الديلمى في مسند الفردوس [1/ 175، رقم 495] قال: أخبرنا أبي أخبرنا الحسن المرجانى عن ابن أبرك عن على بن الحسين بن الربيع عن أبي العباس الفضل بن الحسين الضبى عن أحمد بن محمد بن أبي موسى الانطاكي عن هشام بن خالد عن يوسف بن السهر عن الأوزاعى عن يونس ابن يزيد عن الزهرى عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك عن أبيه به.
1236/ 2784 - "أوسعُوا مسجدَكم تملؤُوه".
(طب) عن كعب بن مالك
قال الشارح: وإسناده واه.
وقال في الكبير: أخرجه أيضًا أبو نعيم والخطيب عن كعب بن مالك قال: "مر النبي صلى الله عليه وسلم على قوم يبنون مسجدا"، فذكره، قال الهيثمى: وفيه محمد ابن درهم ضعيف اهـ. وقال الذهبى في المهذب: هو واه، وفي الميزان عن
جمع: هذا ضعيف، ثم ساق له هذا الحديث. وأقول: فيه أيضًا يحيى الحمانى، قال الذهبى في الضعفاء: قال أحمد كان يكذب جهارًا، ووثقه ابن معين، وقيس بن الربيع ضعفوه وهو صدوق.
قلت: في هذا أوهام: الأول: قوله وإسناده واه، فإن الحديث ليس بواه غايته ضعيف، وهو إنما أخذ ذلك من قول الذهبى في محمد بن درهم، واه، ولا يلزم من قوله ذلك أن يكون الحديث واهيًا، فقد قال يحيى بن معين في رواية عباس: ليس به بأس.
وروى هذا الحديث عنه الأئمة الكبار من أهل هذا الشأن، وما كان كذلك لا يكون واهيًا.
الثانى: قوله أخرجه أيضًا أبو نعيم، فإن إطلاقه يوهم أنه خرجه في الحلية وليس كذلك، إنما أسنده الخطيب في التاريخ عنه، فقد يكون في كتاب أو جزء من أجزائه الكثيرة، وقد يكون حدث به من مسموعاته ولم يدونه في كتاب فكان حق الشارح أن يقول رواه الخطيب عن أبي نعيم.
الثالث: قوله رواه أبو نعيم والخطيب عن كعب بن مالك، والخطيب لم يروه عن كعب بن مالك إنما رواه عن أبي قتادة لأنه اختلف فيه على محمد بن درهم كما سيأتى، قال الخطيب [5/ 268]:
أنا أبو نعيم الحافظ ثنا عبد اللَّه بن جعفر بن أحمد بن فارس ثنا إسماعيل بن عبد اللَّه بن مسعود العبدى ثنا عاصم بن على ثنا محمد بن درهم المدائنى عن كعب بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي قتادة أن النبي صلى الله عليه وسلم أتى على رهط من الأنصار قد التمسوا مسجدًا لهم ليبنوا فقال: "أوسعوه تملؤوه".
الرابع: قوله: وأقول فه أيضًا يحيى الحمانى إلخ، فإنه لا وجود ليحيى
الحمانى فيه أصلًا ولا أدرى من أين أدخله في سند هذا الحديث، وكأن نظره شق إليه في حديث قبله أو بعده.
الخامس: قوله: وفيه قيس بن الربيع، ضعفوه وهو صدوق، فإن قيس بن الربيع إنما هو أحد من رواه عن محمد بن درهم، وقد تابعه عليه جماعة منهم شبابة وحجاج بن المنهال وأبو داود الطيالسى وعاصم بن على ومحمد ابن جعفر المدائنى وسعيد بن زكريا ومحمد بن الفضل بن عطية وغيرهم، لكنهم اختلفوا عليه في إسناده، كما أشار إليه البخارى في التاريخ الكبير فقال [7/ 226]:
كعب بن عبد الرحمن بن أبي قتادة عن أبيه، قال عبد اللَّه بن محمد: عن أبي داود عن محمد بن درهم، وقال عبد اللَّه: عن شبابة عن محمد عن كعب بن عبد الرحمن الأنصارى عن جده أبي قتادة، وقال أبو سعيد: عبد الرحمن عن محمد عن كعب بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي قتادة قال: "مر النبي صلى الله عليه وسلم بأناس من الأنصار يبنون مسجدًا فقال: أوسعوه تملؤوه" اهـ.
وقال الخطيب [5/ 268، 269]: أخبرنا البرقانى قال: سئل أبو الحسن الدارقطنى عن حديث عبد الرحمن بن كعب بن مالك عن أبي قتادة، فذكر هذا الحديث، قال: يرويه محمد بن درهم المدائنى، واختلف عنه فرواه محمد بن جعفر المدائنى وحجاج بن منهال وسعيد بن زكريا فقالوا: عن كعب بن عبد الرحمن الأنصارى عن أبيه عن أبي قتادة.
ورواه أبو داود ومحمد بن الفضل بن عطية عن محمد بن درهم عن كعب الأنصارى عن أبي قتادة، ولم يقولا عن أبيه.
رواه قيس بن الربيع عن محمد بن درهم فقال:
عن كعب بن عبد الرحمن بن كعب بن مالك عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم فأسنده عن كعب بن مالك، والقول قول من أسنده عن أبي قتادة لاتفاقهم على خلاف قيس، ومحمد بن درهم ضعيف، والحديث غير ثابت اهـ.
واقتصر الذهبى من هذا الخلاف على ذكر قول قيس بن الربيع وحجاج فقال في الميزان: محمد بن درهم القسى مولى بنى هاشم حدث عنه شبابة بن سوار وقال: ثقة، وقال يحيى بن معين: ليس بشيء، وقال الدارقطنى ضعيف، قيس بن الربيع وحجاج بن المنهال، واللفظ لقيس عن محمد بن درهم عن كعب بن عبد الرحمن بن كعب بن مالك عن أبيه عن جده فذكره قال: وأما حجاج فقال: كعب عن أبيه عن أبي قتادة وهو أشبه اهـ.
قال الحافظ في اللسان: والثانى أورده العقيلى من طريق حجاج.
قلت: طريق حجاج أخرجه أيضًا البيهقى في السنن [2/ 439] من طريق يعقوب بن سفيان:
ثنا أبو محمد حجاج بن المنهال ثنا محمد بن درهم عن كعب بن عبد الرحمن الأنصارى عن أبيه عن أبي قتادة به.
وأخرجه أيضًا من طريق يحيى بن أبي طالب [2/ 439]:
ثنا أبو داود الطيالسى أنبأنا محمد بن درهم به مثله.
1237/ 2789 - "أُوصيك أن تَستَحى من اللَّه كما تَستَحى من
الرجل الصالح من قَومِك".
الحسن بن سفيان (طب. هب) عن سعيد بن يزيد بن الأزور
قلت: وهم الشارح في قوله عن الحسن بن سفيان أنه أخرجه في جزئه، وليس للحسن جزء معروف إنما له المسند، بل قيل له ثلاثة مسانيد، وله الأربعون، قرأناها وللَّه الحمد.
والحديث ففي مسنده جزما، والشارح ذهب به الوهم إلى الحسن بن عرفة صاحب الجزء المشهور والحديث مرسل وسعيد بن يزيد ليس بصحابى جزمًا ولم يصرح في طريق من طرق هذا الحديث بقوله سمعت، بل اتفق الرواة كلهم على قوله: إن رجلا قال للنبي صلى الله عليه وسلم أوصنى.
ووردت طرق أخرى مصرحة بأن ذلك الرجل هو ابن عم له، وأنه رواه عنه، قال أسلم بن سهل بحشل في تاريخ واسط [ص 232]:
حدثنا حمدون بن سلم ثنا أبو سفيان الحميرى عن عبد الملك بن جعفر عن يزيد بن أبي حبيب عن سعيد بن يزيد عن ابن عم له قال: قلت: "يا رسول اللَّه أوصنى قال: استحى" وذكره.
وهكذا رواه ابن أبي حاتم، وقال الباقون عنه: إن رجلًا كما قال ابن أبي الدنيا في مكلارم الأخلاق [ص 20، رقم 91]:
ثنا عبيد اللَّه بن عمر الجشمى (1) ثنا هشام (2) بن عبد الملك
(1) في الأصل: "الخشنى" والصواب ما أثبتناه، وانظر تهذيب الكمال (7/ 40، 41)
(2)
في الأصل "هاشم" وصوابه "هشام" انظر تهذيب الكمال (11/ 45).
ثنا ليث بن سعد ثنا يزيد بن أبي حيب عن أبي الخير أنه سمع سعيد بن يزيد يقول: "إن رجلًا قال: يا رسول اللَّه" وذكره.
وقال محمد بن سنان القزاز في جزئه، ثنا بشر بن عمر ثنا ليث به مثله، وهكذا قال الباقون.
وقد ورد هذا الحديث من حديث أبي أمامة كما سبق للمصنف ذكره بلفظ: "استحى من اللَّه" في الألف مع السين.
1238/ 2793 - "أُوصِيك بتقوَى اله، فإنه رأسُ الأمرِ كلِّه، وعليك بتلاوةِ القرآنِ، وذكرِ اللَّه، فإنه ذكرٌ لك في السماءِ ونورٌ لك في الأرضِ، عليك بطولِ الصمتِ إلا في خيرٍ، فإنه مطردةٌ للشيطان عنك. وعونٌ لك على أمرِ دينِك، إياك وكثرةُ الضحكِ، فإنه يميتُ القلبَ، ويُذهبُ بنور الوجه، عليك بالجهادِ فإنه رهبانيةُ أمتى، أحِبَّ المساكينَ وجالسْهم، وانظُر إلى من تحتك ولا تنظُر إلى من فوقَك، فإنه أجدَر أن لا تَزدرِى نعمةَ اللَّهِ عندك، صلْ قرابتَك وإن قطعُوك، قلْ الحقَّ وإن كان مرا، لا تخفْ في اللَّه لومةَ لائمٍ، ليُحجزْك عن الناس ما تعلمُ من نفسِك ولا تجدْ عليهم فيما تأتى، وكفَى بالمرءِ عيبا أن يكون فيه ثلاثُ خصالٍ: أن يعرفَ من الناس ما يجهلُ من نفسِه، ويستحِى لهم مما هو فيه، ويؤذِى جليسَه، يا أبا ذر لا عقلَ كالتدبير، ولا ورعَ كالكف، ولا حسبَ كحسنِ الخلقِ".
عبد بن حميد في تفسيره (طب) عن أبي ذر
قال في الكبير: ورواه ابن لال والديلمى في مسند الفردوس.
قلت: لا معنى لهذا الاستدراك فإن حديث أبي ذر هذا قطعة من حديثه الطويل، وقد أخرجه جماعة مطولا ومختصرًا منهم ابن سعد في الطبقات [4/ 229] وأحمد [5/ 181] وابن ماجه [2/ 1410، رقم 4218] والآجرى وابن مردويه في التفسير والحاكم في المستدرك والخرائطى في مكارم الأخلاق [ص 8] وابن شاهين في الترغيب [ص 259، رقم 261] وابن حبان في الصحيح [2/ 76، رقم 361] وابن أبي حاتم [2/ 142] والطبرانى في مكارم الأخلاق والحارث بن أبي أسامة في مسنده وأبو نعيم في الحلية [1/ 168] والقضاعى في مسند الشهاب [1/ 431، رقم 740] وآخرون.
وطرقه وألفاظه تستدعى جزءًا مفردًا، وقد كتبت فيه عدة أوراق في مستخرجى على مسند الشهاب فلينظر ذلك فيه.
1239/ 2796 - "أُوصِيكم بالجارِ".
الخرائطى في مكارم الأخلاق عن أبي أمامة
قال في الكبير: وظاهر صنيع المصنف أنه لم يره لأشهر من الخرائطى وهو غفلة، فقد رواه الطبرانى عن أبي أمامة بلفظه، قال المنذرى والهيثمى: إسناده جيد.
قلت: لا يخفى ما في عبارة الشارح من الغفلة التي هي الغفلة، فأما المصنف فلا لوم عليه في عزو الحديث إذ عزاه إلى أصل من أصوله المسندة، وليس لكتب الطبراني مزية على مكارم الخرائطى لا في الصحة ولا في الشهرة.
والحديث أخرجه أيضًا أبو عمرو بن منده في الأول من فوائده:
أخبرنا الهيثم بن كليب الشاشى ثنا عيسى بن أحمد العسقلانى ثنا بقية بن الوليد عن محمد بن زياد الألهانى سمعت أبا أمامة الباهلى سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع يقول: "أوصيكم بالجار، حتى ظننت أنه سيورثه".
وأخرجه أحمد في المسند [5/ 267]:
حدثنا حيوة بن شريح ثنا بقية ثنا محمد بن زياد الألهانى قال: "سمعت أبا أمامة يقول: سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يوصي بالجار حتى ظننت أنه سيورثه"
1240/ 2801 - "أولياءُ اللَّه تعالى الذين إذا رُءُوا ذُكرَ اللَّه تعالى"
الحكيم عن ابن عباس
قال في الكبير: وظاهر صنيع المصنف أنه لا يوجد مخرجا لأشهر من الحكيم ولا أعلى، وهو عجب فقد رواه البزار عن ابن عباس، رواه عن شيخه على ابن حرب الرازى، قال الهيثمى: لم أعرفه، وبقية رجاله وثقوا اهـ.
ورواه أبو نعيم في الحلية من حديث ابن أبي وقاص.
قلت: وظاهر صنيع الشارح في استدراكه على المصنف بالبزار أنه لا يوجد مخرجا لأشهر منه ولا أعلى وهو عجب عجاب، فقد خرجه النسائى في الكبرى ومن قبله ابن أبي شيبة في المصنف وابن المبارك في الزهد، وأخرجه أيضًا الدولابى في الكنى والأسماء وابن أبي الدنيا في الأولياء وابن جرير في التفسير وكذا ابن مردويه فيه، وأبو نعيم في تاريخ أصبهان وآخرون، كما سأذكر أسانيد جميعهم، فأين هو من هذا كله.
أما قوله أن أبا نعيم خرجه في الحلية من حديث ابن أبي وقاص فغلط فاحش ما خرجه من حديثه أصلًا وإنما خرجه من حديث سعيد بن جبير مرسلًا في موضعين من الحلية، في الخطبة [1/ 6] وفي ترجمة مسعر [7/ 231]، إلا
أنه ذكره في الموضعين باسم سعيد مجردًا فوقع في نسخة الشارح سعد بحذف الياء فظنه ابن أبي وقاص وإنما هو سعيد بن جبير.
والحديث روى عنه على ثلاثة أقوال، القول الأول: عنه عن ابن عباس مرفوعًا، قال البزار:
حدثنا على بن حرب الرازى ثنا محمد بن سعيد بن سابق ثنا يعقوب بن عبد اللَّه الأشعرى القمى عن جعفر بن أبي المغيرة عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: "قال رجل يا رسول اللَّه من أولياء اللَّه؟ قال: الذين إذا رءوا ذكر اللَّه".
وهكذا رواه النسائى في الكبرى [6/ 362، رقم 11235]، والحكيم الترمذى في النوادر [1/ 567] والطبرانى في الكبير [12/ 13، رقم 12325](1) كلهم من طريق محمد بن سعيد بن سابق به مثله، قال البزار: وقد رواه غير محمد بن سعيد عن يعقوب عن جعفر عن سعيد بن جبير عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلًا.
قلت: رواه عن يعقوب كذلك يحيى الحمانى، وأبو يزيد الرازى ومحمد بن عبد الوهاب وتابعهم عن جعفر بن أبي المغيرة أشعث بن إسحاق في رواية يحيى بن يمان عن أشعث كما سأذكره في القول الثانى، وذلك أيضًا في رواية ابن أبي شيبة وأبي كريب وأبي هشام عن يحيى بن يمان، وخالفهم عبد اللَّه بن عمر بن أبان فقال: حدثنا يحيى بن يمان عن أشعث بن إسحاق عن جعفر بن المغيرة عن سعيد بن جبير عن ابن عباس موصولًا.
القول الثانى: عن سعيد بن جبير مرسلًا، وهو رواية يحيى الحمانى
(1) ولكنه ليس من طريق محمد بن سعيد بن سابق.
وأبي يزيد الرازى ومحمد بن عبد الوهاب عن يعقوب القمى عن جعفر بن أبي المغيرة.
ورواية أشعث بن اسحاق عن جعفر أيضًا.
ورواية سهل عن أبي الأسد وأبي سعد وبكر بن خنيس عن سعيد بن جبير.
أما رواية يحيى الحمانى فروإها ابن مردويه في تفسيره من طريقه:
ثنا يعقوب بن عبد اللَّه القمى عن جعفر بن المغيرة عن سعيد بن جبير "أن رجلًا قال: يا رسول اللَّه" فذكره.
وأما رواية أبي يزيد فقال ابن جرير [11/ 132]:
ثنا أبو يزيد الرازى عن يعقوب عن جعفر عن سعيد بن جبير عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلًا.
وأما رواية محمد بن عبد الوهاب فقال ابن أبي الدنيا في الأولياء [ص 38، رقم 15]: ثنا محمد بن عبد الوهاب ثنا يعقوب القمي به مثله.
وأما رواية أشعث بن إسحاق عن جعفر فقال ابن أبي شيبة في المصنف: ثنا يحيى بن اليمان عن أشعث بن إسحاق عن جعفر بن أبي المغيرة عن سعيد بن جبير قال: "سئل النبي صلى الله عليه وسلم" به مثله، وقال ابن جرير: ثنا أبو كريب وأبو هشام قالا: حدثنا ابن يمان به.
وأما رواية أبي الأسد فرواها ابن المبارك في الزهد [ص 72، رقم 217] وابن أبي الدنيا في الأولياء [ص 48، 27] والدولابى في الكنى [1/ 106] وابن جرير في التفسير [11/ 131] كلهم من رواية مسعر عن سهل أبي الأسد عن سعيد بن جبير، قال: سئل النبي صلى الله عليه وسلم به.
وأما رواية [سعد] فقال ابن جرير [11/ 132]: ثنا القاسم ثنا الحسين ثنا فرات عن أبي سعد عن سعيد بن جبير به.
وأما رواية بكر بن خنيس فقلل أبو نعيم في الحلية [7/ 231]: ثنا أحمد بن يعقوب بن المهرجان العدل ثنا حسن بن علويه القطان ثنا إسماعيل بن عيسى ثنا الهياج ابن بسطام عن مسعر عن بكير بن الأخنس عن سعيد، قال:"سئل رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم من أولياء اللَّه؟ " الحديث، وهذه الطريق هي التي زعم الشارح أنها من حديث ابن أبي وقاص.
القول الثالث: عنه عن ابن عباس موقوفًا، قال ابن جرير [11/ 131]:
ثنا أبو كريب وابن وكيع قالا: حدثنا ابن يمان ثنا ابن أبي ليلى عن الحكم عن مقسم وسعيد بن جبير عن ابن عباس: " {أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} قال: الذين يذكر اللَّه لرؤيتهم".
1241/ 2802 - " أولُ الآياتِ طلوعُ الشمسِ من مغربِها"
(طب) عن أبي أمامة
قال في الكبير: قال الهيثمى: فيه فضال بن جبير وهو ضعيف، وأنكر عليه هذا الحديث اهـ، وقضية تصرف المصنف أن ذا لم يخرجه أحد من الستة، وهو ذهول شنيع فقد عزاه الديلمى وغيره، بل وابن حجر إلى مسلم وأحمد وغيرهما من حديث ابن عمر باللفظ المذكور مع زيادة:"وخروج الدابة إلى الناس ضحى".
قلت: هو ذهول عجيب حقًا ولكن من الشارح لا من المؤلف الحافظ الواعى، فمسلم خرج الحديث بزيادة "إن" في أوله، وقد ذكره المؤلفه سابقًا في حرف "إن" وعزاه لأحمد ومسلم وأبي داود وابن ماجه من حديث عبد اللَّه بن عمرو بن العاص لا من حديث عبد اللَّه بن عُمر كما وهم الشارح، فذاك حديث وذا حديث آخر، وذاك صحيح وذا ضعيف.
وقد أخرجه أيضًا أبو الصيرفى في السداسيات، قال:
أخبرنا القاضي أبو الفضل محمد بن أحمد بن عيسى السعدي بمصر أنا عبيد اللَّه بن محمد بن بطة العكبري بها أنا عبد اللَّه بن محمد بن عبد العزيز البغوى ثنا طالوت بن عباد ثنا فضال ثنا أبو أمامة به.
وهو أيضًا من سداسيات الخطيب، فقد رواه في التاريخ [2/ 156] عن عبد الغفار بن محمد بن جعفر عن أبيه عن البغوي به، ورواه [5/ 24] في موضع آخر من وجه آخر من رواية أحمد بن محمد بن سليمان المعروف بـ "ابن الفافا" عن طالوت به وهو سداسى أيضًا.
وأخرجه القاضي عياض في معجمه عن أبي على الجيانى:
ثنا حكم بن محمد ثنا أبو بكر بن المهندس بمصر ثنا أبو القاسم عبد اللَّه بن محمد البغوي به، فهو سباعى للقاض عياض.
وأخرجه ابن حبان في الضعفاء [2/ 204] قال:
حدثنى محمد بن على الصيرفى غلام طالوت بالبصرة ثنا طالوت بن عباد به، قال: وهو من نسخة كتبناها عنه أكثرها لا أصل لها، قال: والحديث هو من قول عبد اللَّه بن عمرو بن العاص ليس عن النبي صلى الله عليه وسلم.
قلت: وهذا عجيب غريب فالحديث في صحيح مسلم مرفوعًا، قال مسلم:[4/ 226، رقم 2941/ 118] حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ثنا محمد ابن بشر عن أبي حيان عن أبي زرعة عن عبد اللَّه بن عمرو قال: "حفظت من رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم حديثا لم أنسه بعد، سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: إن أول الآيات خروجًا طلوع الشمس من مغربها وخروج الدابة على الناس ضحى وأيهما ما كانت قبل صاحبتها فالأخرى على أثرها قريبًا".
1242/ 2803 - "أولُ الأرضِ خرابًا يُسراها ثم يُمناها".
ابن عساكر عن جرير
قال في الكبير: وظاهر صنيع المصنف أنه لم يره مخرجًا لأحد من المشاهير الذين وضع لهم الومرز وهو غفلة فقد رواه الطبرانى وأبو نعيم والديلمى وغيرهم باللفظ المزبور عن جابر المذكور.
قلت: نعم هي غفلة ولكن من الشارح لا من المصنف فهؤلاء رووه بلفظ: "أسرع" وقد سبق ذكره للمصنف في حرف الألف مع السين، وعزاه للطبرانى في الأوسط وأبي نعيم في الحلية، فكتب عليهما الشارح نفسه: إسناده حسن كما بينه الهيثمى، ثم نسى ذلك، فالذنب ذنبه لا ذنب المصنف الحافظ المحقق، ثم إنه مع هذا نسى كون الحديث عن جرير فقال: إنه عن جابر.
1243/ 2804 - "أولُ العبادةِ الصمتُ".
هناد عن الحسن مرسلًا
قلت: هو قطعة من حديث رواه الحسن عن أنس فقيل عنه مرفوعًا وقيل موقوفًا، راجع حديث "أربع لا يصبن إلا بعجب".
1244/ 2806 - "أوَّل الناس فناءً قريشٌ، وأوَّل قريشٍ فناءً بنو هاشم".
(ع) عن ابن عمرو بن العاص
قال الشارح: وفيه ابن لهيعة.
قلت: له طريق آخر من حديث عائشة أخرجه البخارى في التاريخ الكبير [1/ 318] عن موسى بن إسماعيل عن سعد عن أبي عاصم عن إبراهيم بن محمد بن على بن عبد اللَّه بن جعفر الهاشمى عن أبيه سمع عائشة رضي اللَّه
عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لها: "أول الناس فناء قومك قريش"
1245/ 2810 - "أوَّل تُحفةِ المؤمن أن يُغفر لمن صلى عليه".
الحكيم عن أنس
قال في الكبير بعد أن تكلم على سنده: ورواه الخطيب عن جابر والديلمى عن أبي هريرة، وفيه عنده عبد الرحمن بن قيس رمى بالكذب، ولأجله حكم الحاكم على الحديث بالوضع، وعده ابن الجوزى من الموضوعات.
قلت: حديث جابر لم يخرجه الخطيب وحده، بل خرجه ابن أبي الدنيا في ذكر الموت من وجه غير الوجه المخرج منه عند الخطيب.
وحديث أبي هريرة لم ينفرد بإخراجه الديلمي، بل خرجه جماعة من أهل الأصول الأقدمين الذين لا يخرج الديلمي إلا من كتبهم وكتب أمثالهم، فلا معنى للعزو إليه وحده، فقد أخرجه ابن عدي في الكامل وأبو نعيم في تاريخ أَصبهان [2/ 289] والخطيب في موضعين من تاريخه [11/ 81 (1)، 12/ 212 (2)].
وفي الباب أيضًا عن ابن عباس وسلمان الفارسى، ولا أدرى ما الحامل للشارح على ذكر كون ابن الجوزى ذكر الحديث في الموضوعات ولم يتعرض مع ذلك لتعقب المصنف عليه. (راجع:"إن أول ما يجازى به العبد" من كتابنا هذا تعرف السبب).
(1) بلفظ: "أول كرامة المؤمن أن يغفر لمشيعيه".
(2)
بلفظ: "أول تحفة المؤمن أن يغفر لمن شيع جنازته".
1246/ 2814 - "أوَّلُ سابقٍ إلى الجنَّة عبدٌ أطاع اللَّه وأطاع مواليهِ"
(طس. خط) عن أبي هريرة
قلت: ما رأيت هذا الحديث في تاريخ الخطيب فليحرر (1).
وقد أخرجه أيضًا أبو عمرو بن حمدان في فوائد الحاج، وهو آخر حديث فيه، قال:
أخبرنا العباس بن أحمد بن محمد بن عيسى البرتى القاضى ببغداد حدثنا أحمد بن عاصم العبادانى ثنا بشيو بن يمون أبو صيفى الخراسانى عن مجاهد عن أبي هريرة به، وبشير بن ميمون ضعيف متهم بالوضع.
1247/ 2815 - "أوَّلُ شهرِ رمضان رحمةٌ، ووسطُهُ مغفرةٌ، وآخرُه عتقٌ من النَّارِ".
ابن أبي الدنيا في فضل رمضان (خط) وابن عساكر عن أبي هريرة قلت: وهذا أيضًا ما رأيته في نسختنا من تاريخ الخطيب فاللَّه أعلم (2).
1248/ 2816 - "أوَّلُ شئٍ يحشُرُ النُّاسَ، نارٌ تحشرُهُم عن المشرقِ إلى المغربِ".
الطيالسى عن أنس
قال الشارح في الكبير: ظاهر صنيع المصنف أن ذا مما لم يتعرض الشيخان ولا أحدهما بتخريجه، وإلا لما أبعد النجعة بالعزو إلى الطيالسى، وهو
(1) تحريره أن الخطيب رواه في التاريخ (4/ 335)، وأخرجه من طريقه أبو عمرو بن حمدان في فوائد الحاج.
(2)
رواه الخطيب في موضع أوهام الجمع والتفريق (2/ 147).
ذهول شنيع، فقد عزاه الديلمى وغيره إلى البخارى ومسلم وكذا أحمد، ولفظهم:"أول من يحشر النَّاس نار تجيئ من قبل المشرق فتحشر الناس إلى المغرب".
قلت: أما مسلم فما خرجه أصلًا فهو غلط عليه، وأما البخارى فما أخرجه أيضًا بهذا اللفظ بل بلفظ:"أما أول أشراط الساعة فنار تخرج من المشرق فتحشر النَّاس إلى المغرب، وأما أول ما يأكل أهل الجنة" الحديث.
وقد ذكره المصنف بهذا اللفظ وعزاه لأحمد والبخارى كما مر ذلك قريبًا ولكن الشارح نسى.
1249/ 2817 - "أوَّلُ شيءٍ يأكلُهُ أهلُ الجنَّة زِيَادةُ كبد الحوتِ".
الطيالسى عن أنس
وقد هذى الشارح في الكبير بمثل ما هذى به في الذي قبله، وهما حديث واحد رواه الطيالسى بهذا اللفظ ورواه البخارى باللفظ الذي قدمناه.
1250/ 2818 - "أوَّلُ ما يُحاسبُ به العبدُ يومَ القيامةِ الصَّلاة، فإنْ صَلحتْ صلحَ له سائرُ عملِهِ، وإنْ فَسدتْ فسدَ سائرُ عملِهِ".
(طس) والضياء عن أنس
قال في الكبير: قال الهيثمى: فيه القاسم بن عثمان، قال البخارى: له أحاديث لا يتابع عليها، وقال ابن حبان: هو ثقة وربما أخطأ، وظاهر صنيع المصنف أن ذا مما لم يخرجه أحد من الستة وإلا لما عدل عنه على القانون المعروف عندهم وهو ذهول، فقد رواه أبو داود والترمذى وابن ماجه عن أبي هريرة مع تغيير يسير، ولفظه عند الترمذى: "إن أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة من عمله صلاته فإن صلحت فقد أفلح وأنجح وإن فسدت فقد
خاب وخسر، فإن انتقص من فريضته شيء قال الرب تبارك وتعالى: انظروا هل لعبدى من تطوع فيكمل به ما انتقص من الفريضة ثم يكون سائر عمله على مثل ذلك".
قلت: المؤلف أورد حديثًا لأنس بلفظ والشارح يلزمه أن يعزو ذلك الحديث إلى من خرج حديثًا آخر من رواية أبي هريرة بلفظ آخر، إن هذا لعجب.
فالحديث ورد أيضًا من حديث عبد اللَّه بن مسعود كما سيذكره المصنف سابع حديث بعد هذا، ومن حديث تميم الدارى وابن عمر ورجل من الصحابة ويحيى بن سعيد الأنصارى بلاغًا.
وحديث أبي هريرة خرجه أيضًا أبو داود الطيالسى [ص 323، رقم 2468] وأحمد [2/ 290] والنسائى [1/ 232، رقم 233] والطحاوي في مشكل الآثار [6/ 387، رقم 2553] والحاكم في المستدرك [1/ 262، رقم 965] وأبو نعيم في تاريخ أصبهان [1/ 254] والبيهقى في السنن [2/ 386] وابن المبارك في الزهد [ص 320، رقم 915] وآخرون كلهم من رواية الحسن البصرى، واختلف عليه فيه على أقوال: فقيل عنه قدم رجل المدينة فقال له أبو هريرة: كأنك لست من أهل البلد، قال: أجل، قال: أفلا أحدثك حديثًا سمعته من رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم الحديث.
وقيل: عنه عن أنس بن حكيم عن أبي هريرة، وقيل: عنه عن رجل من بنى سليط عن أبي هريرة، وقيل: عنه عن حريث بن قبيصة عن أبي هريرة، وقيل: عنه عن صعصعة بن معاوية عن أبي هريرة، وقيل: عنه عن أبي هريرة دون واسطة، واختلف على قتادة عن الحسن فيه أيضًا، فقيل: عنه عن الحسن وقيل: عنه عن الحسن بن زياد عن أبي رافع عن أبي هريرة، واختلف على حماد بن سلمة فيه أيضًا، فقيل: عنه عن حميد عن الحسن وقيل: عنه عن داود بن أبي هند عن زرارة بن أوفى عن تميم الدارى به،
وقيل: عنه عن الأزرق بن قيس عن يحيى بن يعمر عن رجل من الصحابة، وقيل: عنه بهذا الإسناد عن أبي هريرة بدل رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وقد فصلت هذه الطرق كلها في مستخرجى على مسند الشهاب.
1251/ 2891 - "أوَّلُ ما يُرفعُ منِ النَّاسِ الأمانةُ، وآخر ما يبقى من دينهم الصَّلاة، ورُبَّ مصلٍّ لا خلاقَ له عند اللَّه تعالى".
الحكيم عن زيد بن ثابت
قال في الكبير: قال في اللسان عن العقيلى: حديث فيه نكارة ولا يروى من وجه يثبت، وقال الأسدي: سلام بن واقد، أى أحد رواته منكر الحديث اهـ. وقضية تصرف المصنف أنه لم يره مخرجا لأحد من المشاهير الذين رمز لهم، والأمر بخلافه، فقد خرجه البيهقى من حديث ابن عمر وغيره وخرجه الطبرانى في الصغير من حديث عمر.
قلت: في هذا أمور، الأول الحديث ورد من طرق متعددة، وبألفاظ مختلفة من حديث شداد بن أوس وعمرو ابن مسعود وأنس بن مالك وعائشة وأبي هريرة وغيرهم.
وقد ذكر المصنف بعد هذا حديث شداد بن أوس وحديث أبي هريرة ولم يلتزم هو استيعاب جميع الطرق والأحاديث ولا ذلك في إمكان مخلوق.
الثاني: أن حديث زيد بن ثابت غير حديث عمر وابن عمر لو صح أن البيهقى خرجه عن ابن عمر، فإن الشارح لا يعبأ بنقله لكثرة أوهامه، فكيف يدرج حديثًا في حديث؟
الثالث: ما نقله عن اللسان خطأ قبيح وغلط فاحش، فإنه ليس في هذا الحديث بل في حديث عائشة، فإن سلام بن واقد رواه عن محمد بن
عبد اللَّه بن عبيد بن عمير عن هشام بن عروة عن أَبيه عن عائشة مرفوعًا: "أول ما يرفع من هذه الأمة الأمانة، وآخر ما يبقى الصلاة، ومن لم يصل فلا خلاق له عند اللَّه يوم القيامة"، أخرجه العقيلى من هذا الطريق ثم قال ولا يروى هذا من وجه يثبت اهـ. فلا يدرج حديثًا في حديث من شم رائحة للحديث.
تنبيه: حديث ابن مسعود الذي أشرنا إليه خرجه عبد الرزاق في مصنفه وابن أبي الدنيا في مكارم الأخلاق [ص 68، رقم 267] والخرائطى فيها [ص 28] والخطيب وغيرهم مختصرًا ومطولًا موقوفًا عليه، لكن له حكم الرفع لأن فيه إخبارا عن أمور ستقع في آخر الزمان لا يمكن العلم بها إلا من طريق الوحى، وقد أورده ابن العربى المعافرى المالكى في "سراج المريدين" عنه كذلك موقوفًا، ثم قال: وأنا أقول: آخر ما يفقد منه الأمر بالمعروف ثم التوحيد اهـ.
وهذا لا يخفى ما فيه من سوء الأدب مع ابن مسعود أولًا، ومن معارضة كلام رسول صلى الله عليه وسلم ثانيا، فإنه مع كونه له حكم الرفع قد ورد مرفوعًا من طرق أخرى كما أشرنا إليه، ومن مخالفة الواقع ثالثًا، فإن الأمر بالمعروف فقد منذ قرون وصار أغرب شيء يتصور في العقول فضلًا أن يوجد ويعمل به، ولا تزال المساجد عامرة بالمصلين، فصدق رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وأخطأ المعافرى.
1252/ 2820 - "أوَّلُ ما تفقدُون من دينِكُم الأمانةُ".
(طب) عن شداد بن أوس
قال الشارح: تمامه عند مخرجه الطبرانى: "ولا دين لمن لا أمانة له، ولا دين لمن لا عهد له، وحسن العهد من الإيمان" وإسناده حسن.
وقال في الكبير: وتمامه عند مخرجه الطبرانى في روايته عن أنس ثم ذكره،
ثم قال: قال الهيثمى: فيه المهلب بن العلاء لم أجد من ترجمه، وبقية رجاله ثقات.
قلت: قابل بين كلامه في الصغير وكلامه في الكبير تدرك ما فيه من الغلط والتحريف والتبديل.
1253/ 2821 - "أوَّلُ ما يرفعُ من النَّاسِ الخشُوعُ".
(طب) عن شداد بن أوس
قال في الكبير: قال الزين العراقى في شرح الترمذى وتبعه الهيثمى: فيه عمران القطان، ضعفه ابن معين والنسائى، ووثقه أحمد.
قلت: من عجيب شأن الشارح أنه يحصر الفضيلة في قرابته كالحافظ العراقى الذي يقول: إنه جده الأعلى من قبل أمه، فإنه لا يكاد يسمى حافظًا غيره، ويجعل كل قول قاله حافظ موافقًا للعراقى تابعًا له فيه، ولعمرى من عرفه أن الهيثمى تبع العراقى فيما قال، وهو قد التزم ذلك الصنيع والكلام على كل حديث وقع في مسند أحمد ومعاجم الطبرانى الثلاثة ومسند البزار ومعجم أبي يعلى وهى أحاديث تكاد تبلغ العشرين ألفًا، فهل كل ما قاله فيه تبع العراقى، وأين قال ذلك العراقى؟
ثم إن الحديث ورد من وجه آخر ليس فيه عمران القطان، قال أبو نعيم في تاريخ أصبهان [2/ 334]:
ثنا أبو محمد بن حيان ثنا أبو الفضل ورقاء بن أحمد التميمى ثنا أحمد بن يونس ثنا يزيد بن هارون ثنا حسام بن مصك عن الحسن عن شداد بن أوس به.
ورواه الطحاوى في مشكل الآثار آخر حديث عوف بن مالك موقوفًا على شداد بن أوس وهو حديث وقع في سنده اضطراب، ربما أذكره في "أنى"
بعده مع طرق أخرى.
1254/ 2822 - "أوَّلُ شيءٍ يرفعُ من هذه الأمة الخشُوعُ حتَّى لا ترى فيها خاشعًا".
(طب) عن أبي الدرداء
قال في الكبير: قال الهيثمى: سنده حسن اهـ. وظاهر اقتصار المصنف على عزوه للطبرانى أنه لا يوجد مخرجًا لأحد أعلى ولا أولى بالعزو وهو قصور، فقد خرجه الإمام أحمد في المسند من حديث عوف بن مالك ولفظه "أول ما يرفع من هذه الأمة الأمانة والخشوع، حتى لا يكاد ترى خاشعًا وليكونن أقوام يتخشعون هم ذئاب ضوارى" اهـ بحروفه.
قلت: الحديث ما أخرجه أحمد عن عوف بن مالك أصلًا، إنما روى عن علي بن بحر [6/ 26]:
ثنا محمد بن حمير الحمصى حدثنى إبراهيم بن أبي عبلة عن الوليد بن عبد الرحمن الجرشى قال حدثنا جبير بن نفير عن عوف بن مالك أنه قال: "بينما نحن جلوس عند رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ذات يوم فنظر في السماء ثم قال: هذا أوان العلم أن يرفع، فقال له رجل من الأنصار يقال له زياد بن لبيد: أيرفع العلم يا رسول اللَّه وفينا كتاب اللَّه وقد علمناه أبناءنا ونساءنا، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: إن كنت لأظنك من أفقه أهل المدينة". ثم ذكر ضلالة أهل الكتابين وعندهما ما عندهما من كتاب اللَّه عز وجل، فلقى جبير بن نفير شداد بن أوس بالمصلى فحدثه هذا الحديث عن عوف بن مالك، فقال: صدق عوف ثم قال: وهل تدرى ما رفع العلم؟ قال: قلت: لا أدرى، قال: ذهاب أوعيته، قال: وهل تدرى أى العلم أول أن يرفع؟ قلت: لا أدرى، قال: الخشوع حتى لا تكاد ترى خاشعًا.
فهذا من حديث شداد بن أوس موقوفًا آخر حديث عوف لا من حديث عوف وليس فيه الذئاب الضوارى كما نقل الشارح.
ثم إن الحديث اختلف فيه على جبير بن نفير، فرواه الوليد بن عبد الرحمن الجرشى عنه هكذا كما مر عند أحمد وكما رواه الطحاوى في مشكل الآثار [1/ 278، رقم 302] من طريق خطاب بن عثمان الفوزى عن محمد بن حمير به مثله.
ورواه أيضًا [1/ 277، رقم 301] من طريق الليث عن إبراهيم بن أبي عبلة به مثله أيضًا، إلا أنه قال فيه:"فقال رجل يقال له: لبيد بن زياد" بدل قوله في الرواية السابقة: زياد بن لبيد.
ورواه أيضًا [1/ 278، رقم 303] من طريق يحيى بن أيوب عن إبراهيم بن أبي عبلة مثله، إلا أنه قال:"فقلنا يا رسول اللَّه كيف يرفع العلم".
وهكذا رواه عبد الرحمن بن جبير بن نفير عن أبيه عن عوف بن مالك في رواية بعضهم عنه كما ذكره الترمذى [5/ 31، رقم 2653].
ورواه معاوية بن صالح عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير عن أبيه فخالف في موضعين: أولهما: قال عن أبي الدرداء: "قال: كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم فشخص ببصره إلى السماء"، فذكر الحديث عنه لا عن عوف بن مالك.
وثانيهما: أنه قال في آخره: فلقيت عبادة بن الصامت بدل قوله شداد بن أوس، هكذا أخرجه الدارمى [1/ 87]:
أخبرنا عبد اللَّه بن صالح حدثنى معاوية بن صالح عن عبد الرحمن بن جبير ابن نفير عن أبيه عنه أبي الدرداء به.
ورواه الترمذى عن الدارمى [5/ 31، 32، 2653]، ثم قال هذا حديث حسن غريب، قال: وروى بعضهم هذا الحديث عن عبد الرحمن بن جبير ابن نفير عن أبيه عن عوف بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم.
ورواه الطحاوى [1/ 279، رقم 304] عن فهد عن عبد اللَّه بن صالح به.
وقد روى هذا الحديث عبد اللَّه بن المبارك في الزهد له [ص 56، رقم 172] عن أبي بكر بن أبي مريم عن ضمرة بن حبيب مرسلًا: "قال: أول شيء يرفع من هذه الأمة الأمانة والخشوع حتى لا تكاد ترى خاشعًا".
ورواه أحمد في الزهد [2/ 395] عن إسحاق عن عبد اللَّه بن المبارك به.
فأما ابن المبارك فأخرجه في باب الخشوع أوائل كتاب الزهد.
وأما أحمد فأخرجه في آخر كتاب الزهد له مختصرًا كما ترى دون الزيادة التي ذكرها الشارح.
وكذلك ورد من حديث أنس وأبي هريرة مرفوعًا ومن حديث حذيفة موقوفًا قال الدولابى في الكنى [2/ 10]:
حدثنى أحمد بن محمد بن المغيرة أبو حميد بن سيار الحمصى ثنا يحيى بن سعيد القطان ثنا العلاء بن زيدى أبو محمد عن أنس بن مالك قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "أول شيء يرفع من أمتي الخشوع، قلت: ما الخشوع؟ قال: خوف اللَّه جل ثناؤه".
وقال الدارقطني في الأفراد: ثنا أحمد بن محمد بن مسعدة ثنا أبو الحسين محمد بن عبد اللَّه البلخى ثنا سعيد بن يعقوب ثنا ابن المبارك عن سفيان عن يحيى بن عبيد اللَّه عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أول ما يرفع من هذه الأمة الخشوع".
وقال الدولابى في الكنى:
ثنا محمد بن بشار ثنا عبد الرحمن بن مهدى ثنا عكرمة بن عمار عن جنيد أبي عبد اللَّه الفلسطينى قال: حدثنى عبد العزيز ابن أخي حذيفة عن حذيفة قال: "أول ما تفقدون من دينكم الخشوع وآخر ما تفقدون الصلاة".
ورواه أبو نعيم في الحلية من طريق وكيع عن عكرمة بن عمار به.
1255/ 2823 - "أوَّلُ ما يوضعُ في الميزانِ الخُلُقُ الحسنُ".
(طب) عن أم الدرداء
قال الشارح: بإسناد ضعيف، بل قيل لا أصل له.
قلت: هذا تخليط وتدليس، فإن هذا الحديث ما قال أحد فيه: لا أصل له، بل قال فيه الحافظ العراقى في المغنى: لم أقف له على أصل، كما نقله الشارح في الكبير متعجبا من العراقى في قوله ذلك مع كون الحديث مخرجًا عند الطبرانى والقضاعى وأبي الشيخ والديلمى، ثم حرف ذلك هنا إلى ما ترى وهو تحريف مضر لأن قول الحافظ: لم أقف له على أصل معناه أنه لم يجد من خرجه بإسناده ساعة كتابة الكتاب، ومعنى قولهم لا أصل له أنه موضوع باطل لا يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم أصلًا، فانظر كم بين العبارتين من البون الشاسع، وكم حديث قال فيه الحافظ العراقى: لم أقف له على أصل، فوقفنا نحن وغيرنا له على أصل أو أصول.
فالحديث خرجه أبو نعيم [5/ 75] من طريق منجاب وأبي بكر بن أبي شيبة وأحمد بن أبي أسد.
وأخرجه القضاعي [1/ 155، رقم 214] من طريق محمد بن سعيد الأصبهانى كلهم عن شريك عن خلف بن حوشب عن ميمون بن مهران عن أم الدرداء قال: "قيل لها سمعت من رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم شيئًا، قالت نعم، سمعته يقول" وذكرته، وهذا السند حسن ظاهرًا لكنه معلول، فإن أكثر الرواة قالوا عن أم الدرداء عن أبي الدرداء بلفظ:"أثقل ما يوضع "لا" أول ما يوضع" وسيذكره المصنف في حرف اللام في: "ليس شيء أثقل في الميزان"، وفي حرف الميم في:"ما من شيء أثقل" ولعلنا نتكلم عليه هناك إن شاء اللَّه.
1256/ 2825 - "أوَّلُ ما يُقْضى بين النَّاسِ يومَ القيامةِ في الدماءِ"
(حم. ق. ن. هـ) عن ابن مسعود
قال في الكبير: ظاهره أنه لم يروه من الستة إلا هؤلاء الأربعة، وليس كذلك بل رواه الكل إلا أبا داود.
فقلت: خلاصة هذا أن الترمذى أخرجه أيضًا وهو كذلك إلا أنه رواه بلفظ [4/ 17، رقم 1396]: "إن أول ما يحكم به بين العباد" وفي لفظ آخر له أيضًا [4/ 71، رقم 1397]: "إن أول ما يقضى فيه بين العباد"، وهذا على ترتيب المصنف موضعه حرف "إن" إلا أنه لم يذكره هناك.
1257/ 2827 - "أوَّلُ ما يرفعُ من هذه الأمةِ الحياءُ والأمانةُ".
القضاعى عن أبي هريرة
قال في الكبير: تمامه كما في الفردوس: "فسلوهما اللَّه"، قال: ررواه أيضًا أبو يعلى وأبو الشيخ، وفيه كما قال الهيثمى: أشعث بن براز وهو متروك، فقول العامرى حسن غير حسن.
قلت: العامرى شارح الشهاب لا يلتفت إلى قوله في الحكم على الأحاديث فإنه مخبول، انفرد في الدنيا -فيما أعلم- بالحكم على الأحاديث بالهوى والرأى والذوق لا بالإسناد وأصول الحديث، فهو أطرح عن أن يلتفت إليه، والحديث ليس في سنده عند القضاعى أشعث بن براز بل رواه عن وجه آخر كما سأذكره.
قال الخرائطى في مكلارم الأخلاق [29، 50]:
حدثنا محمد بن غالب تمتام حدثنا مسدد ثنا خزيمة (1) بن سويد عن داود بن أبي هند قال: مررت على غاز بالجديلة فقال سمعت أبا هريرة يقول: "أول
(1) الذي في مكارم الأخلاق "قزعة".
ما يرفع من هذه الأمة الحياء والأمانة فسلوهما اللَّه". هكذا رواه الخرائطى بهذه الزيادة موقوفًا على أبي هريرة.
ورواه القضاعى [1/ 155، رقم 215] من طريق الخرائطى فذكره مرفوعًا بدون الزيادة المذكورة.
وقد رواه ابن أبي الدنيا في مكارم الأخلاق [ص 67، رقم 265] عن أزهر ابن مروان الرقاشى عن قزعة بن سويد به مرفوعًا أيضًا.
فكأنه سقط ذكر قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم من نسخة الخرائطى المطبوعة كما سقط منها عدة أبواب من الكتاب فإنها ناقصة كثيرًا، وخزيمة بن سويد ضعيف.
1258/ 2828 - "أوَّلُ ما نهانى عنه ربِّى بعد عبادةِ الأوثانِ شربُ الخمرِ ومُلاحاةُ الرِّجالِ".
(طب) عن أبي الدرداء، وعن معاذ
قال في الكبير: قال الهيثمى: فيه عمرو بن واقد وهو متروك رمى بالكذب، وقال الذهبى في المهذب: فيه إسماعيل بن رافع واه، وأورده في الميزان في ترجمة عمرو بن واقد من حديثه وقال: قال البخارى: منكر الحديث.
قلت: في هذا خبط وتخليط ووهم وإيهام من وجوه الأول: نقله عن النور الهيثمى أنه قال؛ فيه عمرو بن واقد، ثم نقله عن الذهبى في المهذب أنه قال فيه إسماعيل بن رافع يدل على [أن] كلًا من عمرو بن واقد وإسماعيل بن رافع وقعا في سند الحديث، والأمر بخلافه.
الثانى: نقله عن الذهبى في المهذب يفيد أن الحديث خرجه البيهقى عن أبي الدرداء ومعاذ، والأمر بخلافه أيضًا.
الثالث: نقله عن كل من الهيثمى والذهبى يفيد أنهما تكلما على سند هذا الحديث، فذكر أحدهما راويًا ضعيفًا وسكت عن آخر، وذكر ثانيهما راويًا ضعيفًا غير الذي ذكره الأولى وترك آخر، وليس شيء من ذلك واقعًا، فإن عمرو بن واقد إنما هو في حديث أبي الدرداء ومعاذ؛ لأنه رواه بسندين له عنهما، قال الطبرانى:
حدثنا موسى بن عيسى ثنا محمد بن المبارك الصورى ثنا عمرو بن واقد ثنا إسماعيل بن عبيد اللَّه عن أم الدرداء عن أبي الدرداء.
و [20/ 83، رقم 157]: ثنا عمرو بن واقد عن يونس بن ميسرة عن أبي إدريس الخولانى عن معاذ بن جبل به.
ورواه أبو نعيم في الحلية [9/ 303] عن الطبرانى.
ورواه ابن حبان في روضة العقلاء [ص 94]:
أنبأنا محمد بن عبد اللَّه بن عبد السلام ببيروت ثنا محمد بن محمد بن مصعب حدثنى ابن المبارك عن عمرو بن واقد عن إسماعيل بن عبيد اللَّه عن أم الدرداء عن أبي الدرداء عن النبي صلى الله عليه وسلم به (1)، لم يذكر سند معاذ.
وذكره الذهبى من رواية هشام بن عمار عن عمرو بن واقد عن يونس بن ميسرة عن أبي إدريس الخولانى عن معاذ عن النبي صلى الله عليه وسلم به، ولم يذكر سند أبي الدرداء.
وليس في شيء من طرق هؤلاء إسماعيل بن رافع، ولذلك لم يذكره الهيثمى، وأما ما ذكره الذهبى في المهذب فهو عن حديث آخر أخرجه البيهقى [10/ 194] من حديث أم سلمة رضي الله عنها قال:
أخبرنا علي بن أحمد بن عبدان أنبأنا أحمد بن عبيد ثنا ابن أبي قماش ثنا
(1) رواه بلفظ: "لعن الحمير" بدل قوله: "شرب الخمر".
سعدويه عن أبي عقيل عن إسماعيل بن رافع عن ابن لأم سلمة المخزومى عن أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت: "قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أول ما نهانى عنه ربي عز وجل وعهد إلى بعد عبادة الأوثان وشرب الخمر لملاحاة الرجال".
1259/ 2829 - "أوَّلُ ما يُهرَاقُ من دم الشَّهيد يُغفر له ذنبه كله إلا الدَّين".
(طب. ك) عن سهل بن حنيف
قال في الكبير: وفيه عند الحاكم عبد الرحمن بن سعد المدنى، قال الذهبى: له مناكير، وقال الهيثمى: رجال الطبرانى رجال الصحيح.
قلت: ما قال الذهبى ذلك ولا ذكره في الميزان والذي في المستدرك [2/ 119، رقم 2555] عبد الرحمن بن سعد المازنى وهو شيخ ابن وهب في الحديث، رواه عن سهل ابن أبي أمامة بن سهل بن حنيف عن أبيه عن جده، أخرجه الحاكم شاهد الحديث عبد اللَّه بن عمرو بن العاص مرفوعًا [2/ 119، رقم 2554]: "يغفر للشهيد كل ذنب إلا الدين"، وقال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه.
1260/ 2830 - "أوَّلُ مَنْ أشفعُ له يومَ القيامةِ من أمَّتى أهل بيتى ثُمَّ الأقربُ فالأقربُ إلى قريش، ثمَّ الأنصارُ، ثمَّ من آمن بى واتبعنى من اليمنِ، ثُمَّ من سائرِ العربِ، ثمَّ الأعاجمُ، ومن أشفعُ له أولا أفضلُ".
(طب) عن ابن عمر
قلت: هذا حديث باطل موضوع ظاهر الركاكة لفظا ومعنى وقد اعترف
المصنف بوضعه وإقراره لابن الجوزى على ذلك، فلا معنى لإيراده هنا فهو ملوم على ذلك جدًا.
1261/ 2831 - "أوَّل من أشفعُ له من أمَّتى أهلُ المدينةِ وأهلُ مكةَ وأهلُ الطائف".
(طب) عن عبد اللَّه بن جعفر
قال في الكبير: قال الهيثمى: وفيه من لم أعرفهم اهـ.
وقال في الصغير: فيه مجاهيل.
قلت: من لم يعرفهم الحافظ الهيثمى ليسوا بمجاهيل كما شرحته سابقا مرات عديدة.
1262/ 2834 - "أولُ من يشفعُ يوم القيامة الأنبياءُ ثمَّ العلماءُ ثمَّ الشهداءُ".
الموهبى في فضل العلم، (خط) عن عثمان
قال في الكبير: وفيه عنبسة بن عبد الرحمن، قال الذهبى: متروك، متهم عن علاف بن أبي مسلم قال الذهبى: وهاه الأزدى عن أبان بن عثمان، قال: متكلم فيه.
قلت: أبان بن عثمان الذي قال فيه ذلك الذهبى هو أبان بن عثمان الأحمر متأخر، والذي في سند هذا للحديث هو أبان بن عثمان بن عفان الراوى للحديث عن أبيه، وهو ثقة من رجال مسلم، فأحدهما مشرق والآخر مغرب، فالصواب تعليل الحديث بعنبسة بن عبد الرحمن وحده.
1263/ 2835 - "أوَّلُ من يُدعى إلى الجنَّة الحمَّادون الَّذين يحمدون اللَّه على السَّراء والضَّراء".
(طب. ك. هب) عن ابن عباس
قال في الكبير: قال الحاكم على شرط مسلم وأقره الذهبى، وقال الحافظ العراقى بعد ما عزاه للطبرانى وأبي نعيم والبيهقى: فيه قيس بن الربيع، ضعفه الجمهور، وقال الهيثمى: في أحد أسانيد الطبرانى قيس بن الربيع وثقه شعبة وضعفه القطان وغيره وبقية رجاله رجال الصحيح.
قلت: هذه أنقال عن تقليد وعدم دراية توقع الناظر في حيرة، وشرح المقام أن الحديث خرجه أبو نعيم في الحلية [5/ 69] قال:
حدثنا حبيب بن الحسن ثنا عمر بن حفص السدوسى ثنا عاصم بن على ثنا قيس بن الربيع عن حبيب بن أبي ثابت عن سعيد بن جبير عن ابن عباس.
وأخرجه الطبرانى في الصغير [1/ 181، رقم 288]:
ثنا إدريس بن عبد الكريم الحداد المقرى ثنا عاصم بن على به، ثم قال لم يروه عن حبيب إلا قيس بن الربيع وشعبة بن الحجاج، تفرد به عن شعبة نصر بن حماد الوراق.
قلت: وليس كما قال بل رواه عن حبيب أيضًا عبد الرحمن المسعود.
ورواه عن شعبة أيضًا سعيد بن عامر.
أما رواية نصر بن حماد عن شعبة فقال الطبرانى في الصغير [1/ 182، رقم 288]:
ثنا عبد اللَّه بن ناجية البغدادى ثنا محمد بن مطر الصاغانى
ثنا نصر بن حماد ثنا شعبة عن حبيب بن أبي ثابت به.
وقال البغوى في التفسير [5/ 139]:
أنا أبو على الحسين بن محمد القاضى أنا أبو الطيب سهل بن محمد بن سليمان ثنا أبو العباس الأصم ثنا محمد بن يعقوب ثنا محمد بن إسحاق الصاغانى ثنا نصر بن حماد به.
وقال ابن مردك في الفوائد، تخريج الدارقطنى: حدثنا عبد اللَّه بن محمد بن أبي سعيد ثنا أحمد بن الضحاك بن حبيب الخشاب ثنا نصر بن حماد به، ثم قال: تفرد به نصر بن حماد عن شعبة مرفوعًا، ورواه المسعودى وقيس بن الربيع عن حبيب مسندًا ولا يصح.
قلت: وهو كلام لغو لا معنى له، وأما رواية سعيد بن عامر عن شعبة فقال أبو سعد المالينى في مسند الصوفية وهو آخر حديث فيه:
أخبرنا أبو على محمد بن الحسين بن حمزة الصوفى الرازى أنبأنا أبو الحسن علي بن أحمد الفقيه ببلخ أنبأنا محمد بن الفضيل الزاهد أنبأنا سعيد بن عامر عن شعبة به مثله، إلا أنه قال:"أولُ من يدعى إلى اللَّه" بدل "الجنة".
وأما رواية المسعودى عن حبيب فقال الحاكم في المستدرك [1/ 502، رقم 1851]:
أخبرنا حمزة بن العباس القعنبى ببغداد ثنا العباس بن محمد الدورى ثنا قراد بن نوح ثنا عبد الرحمن بن عبد اللَّه المسعودى عن حبيب ابن أبي ثابت به.
1264/ 2836 - "أوَّلُ من يُكسى من الخلائقِ إبراهيم".
البزار عن عائشة
قال في الكبير نقلًا عن الهيثمى: فيه ليث بن أبي سليم وهو مدلس.
قلت: له طريق آخر من حديث أبي هريرة مطولًا إلا أن فيه من لم أعرفهم، قال أبو نعيم في تاريخ أصبهان [1/ 344]:
ثنا سليمان بن أحمد هو الطبرانى إملاء ثنا محمد بن إبراهيم بن عامر بن إبراهيم ثنا أبي ثنا أبي ثنا شعبة بن عمران ثنا عيسى بن صالح عن ابن جريج عن عطاء عن أبي هريرة قال: "قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أول من يكسى يوم القيامة إبراهيم خليل الرحمن وأول من يدخل الجنة محمد ثم من بعد محمد النبيون ثم من بعد النبيين الشهداء ثم من بعد الشهداء المؤذنون ثم من بعد المؤذنين عبدٌ عبد ربه وأطاع مواليه ثم من بعد العبيد الفقراء، قال: ويدخل العبيد قبل الفقراء بنصف يوم وذلك خمسمائة عام والفقراء قبل الأغنياء بنصف يوم وذلك خمسمائة عام".
قلت: حديث غريب وفيه نكارة.
1265/ 2837 - "أوَّلُ من فُتقَ لسانهُ بالعربيةِ المبيَّنة إسماعيل وهو ابن أربعَ عشرةَ سنةً".
الشيرازى في الألقاب عن على
قال في الكبير: ظاهر عدول المصنف للشيرازى أنه لم يره مخرجًا لأحد من المشاهير الذين وضع لهم الرموز، وهو عجيب فقد خرجه الطبرانى والديلمى من حديث ابن عباسى باللفظ المزبور، قال ابن حجر: وإسناده حسن، ورواه الزبير بن بكار من حديث على رفعه باللفظ المزبور وحسَّن ابن حجر إسناده أيضًا.
قلت: ليس شيء من هذا واقعًا، فلا الطبرانى خرجه ولا الحافظ قال عن
حديث ابن عباس: سنده حسن ولا ورد من حديث ابن عباس مرفوعًا بل كتب الحافظ على قوله في حديث ابن عباس: "حتى إذا كان بها أهل أبيات منهم وشب الغلام وتعلم العربية منهم ما نصه: فيه إشعار بأن لسان أمه وأبيه لم يكن عربيا وفيه تضعيف لقول من روى أنه أول من تكلم بالعربية، وقد وقع ذلك من حديث ابن عباس عند الحاكم في المستدرك بلفظ: "أول من نطق بالعربية إسماعيل"، وروى الزبير بن بكار في النسب من حديث على بإسناد حسن قال: "أول من فتق اللَّه لسانه بالعربية المبينة إسماعيل" وبهذا القيد يجمع بين الخبرين فتكون أوليته في ذلك بحسب الزيادة في البيان لا الأولية المطلقة، فيكون بعد تعلمه أصل العربية من جرهم ألهمه اللَّه العربية الفصيحة المبينة فنطق بها" اهـ.
فالحافظ إنما حسن حديث على دون حديث ابن عباس، بل أشار إلى ضعف حديث ابن عباس ولم يعزه إلى الطبرانى، بل إلى الحاكم في المستدرك وهو عنده موقوفًا عليه بسند واه كما قال الذهبى وسأذكره بلفظه، ولم يذكره الحافظ الهيثمى في الزوائد، ولو خرجه الطبرانى لذكره فيه، وكذلك لم أره في زهر الفردوس، فالعجب إنما من كثرة أوهام الشارح وأغلاطه الفاحشة لا من المصنف.
قال الحاكم في المستدرك [2/ 552، 553، رقم 4029]:
أخبرنا الحسين بن الحسن بن أيوب ثنا أبو يحيى بن أبي ميسرة ثنا إبراهيم بن المنذر الحزامى ثنى عبد العزيز بن عمران ثنى إسماعيل بن إبراهيم بن أبي حبيبة عن داود بن الحصين عن عكرمة عن ابن عباس قال: "أول من نطق بالعربية ووضع الكتاب على لفظه ومنطقه ثم جعل كتابًا واحدًا مثل بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الموصول حتى فرق بينه ولده إسماعيل بن إبراهيم"
ثم قال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه، فتعقبه الذهبى بأن عبد العزيز بن عمران واه.
أما حديث على فقال الشيرازى في الألقاب:
أخبرنا أحمد بن سعيد الميدانى أنبأنا محمد بن أحمد بن إسحاق الماسى ثنا محمد بن جابر ثنا أبو يوسف يعقوب بن السكيت قال حدثنى الأثرم عن أبي عبيدة حدثنا مسمع بن عبد الملك عن محمد بن على بن الحسين عن آبائه عن النبي صلى الله عليه وسلم به مثل اللفظ المذكور في المتن.
وعزاه ابن كثير في البداية للأموى قال: حدثنى علي بن المغيرة ثنا أبو عبيدة ثنا مسمع بن مالك به مثله أيضًا.
وفي كل من الطريقين: فقال له يونس صدقت يا أبا سيار، هكذا أبو جرى حدثنى.
وقال محمد بن سلام الجمحى في طبقات الشعراء:
قال يونس بن حبيب: "أول من تكلم بالعربية إسماعيل بن إبراهيم عليهما السلام"، ثم قال محمد بن عبد السلام: أخبرنى مسمع بن عبد الملك أنه سمع محمد بن على يقول: قال ابن سلام: لا أدرى رفعه أم لا، وأظنه قد رفعه:"أول من تكلم بالعربية ونسى لسان أَبيه إسماعيل عليه السلام".
1266/ 2838 - "أوَّل من خضَّب بالحنَّاء والكتم إبراهيمُ، وأولُ من اختضب بالسَّواد فرعونُ".
(فر) وابن النجار عن أنس
قال في الكبير: وفيه منصور بن عمار، قال العقيلى فيه تجهم، وقال الذهبى: له مناكير.
قلت: المذكور في سند الحديث منصور مولى عمار لا منصور بن عمار، والذي في السند متقدم يروى عن أنس بن مالك، ومنصور بن عمار متأخر يروى عن ابن لهيعة، قال الديلمى [1/ 59، رقم 47]:
أخبرنا أبو العلاء أحمد بن نصر الحافظ ثنا أبو مسلم عبد الرحمن بن غزو ثنا محمد بن عبد اللَّه الهروانى القاضى ثنا أبو بكر أحمد بن إبراهيم المكى ثنا محمد بن عبد اللَّه بن الجنيد التسترى ثنا عبد اللَّه بن موسى الخلى ثنا منصور مولى عمار عن أنس به.
وأنا ما عرفت منصورا هذا ولا الراوى عنه.
1267/ 2839 - "أوَّلُ من دخلَ الحمامات وصُنعت له النَّورةَ سليمانُ بن داود، فلمَّا دخلَهُ وجد حرَّه وغمَّه، فقال: أوَّه من عذاب اللَّه أوَّه قبل أن لا تكون (1) ".
(عق. طب. عد. هق) عن أبي موسى
قال الشارح: بأسانيد ضعيفة.
وقال في الكبير: قضية كلام المصنف أن مخرجيه سكتوا عليه، والأمر بخلافه فقد تعقبه البيهقى بما نصه: "تفرد به إسماعيل الأودى قال البخارى: ولا يتابع عليه، وقال مرة: فيه نظر اهـ كلام البيهقى، وفيه أيضًا إبراهيم بن مهدى ضعفه الخطيب وغيره، وقال الذهبى كابن عساكر: حديث ضعيف، وفي اللسان كأصله: هذا من مناكير إسماعيل ولا يتابع عيه
(1) كذا بالأصل، والذي في النسخة المطبوعة من فيض القدير "قبل أن لا تكون أوّه".
وقال الهيثمى بعد ما عزاه للطبرانى: فيه صالح مولى التوأمة ضعفوه بسبب اختلاطه، وابن أبي ذوئيب سمع منه قبل الاختلاط وهذا من روايته عنه اهـ وأقول لكن فيه أيضًا هشام بن عمار، وفيه كلام وعبد اللَّه بن زيد البكرى أورده الذهبى في الضعفاء وقال: ضعفه أبو حاتم اهـ، فتعصيب الهيثمى الجناية برأس صالح وحده غير صالح.
قلت: كل ما نقله الشارح هنا كذب لا شيء منه واقع البتة، إلا ما نقله عن البيهقى في الشعب، فإنه موافق للواقع، وما عداه فباطل، أول ذلك: أن الحديث ليس له أسانيد كما زعمه في الصغير بل ليس له إلا إسناد واحد من رواية إسماعيل بن عبد الرحمن الأولى عن أبي بردة عن أبي موسى عن أبيه به، قال البخارى في التاريخ [1/ 362]: قال لى حسن بن صباح:
ثنا إبراهيم بن مهدى ثنا أبو حفص الأبار عن إسماعيل به، ثم قال البخارى: فيه نظر لا يتابع في حديثه.
وقال أبو نعيم في تاريخ أصبهان:
حدثنا علي بن أحمد بن على المصيصى ثنا أحمد بن خليد الحلبى ثنا إبراهيم بن مهدى ثنا أبو حفص الأبار به، ثم قال: تفرد به الأبار عن إسماعيل اهـ.
وقال العقيلى: لا يتابع عليه ولا يعرف به.
الثانى: أن قضية كلام المصنف من أول كتابه إلى آخره لا تفيد سكوت المخرجين ولا كلامهم لأن كتابه غير موضوع لذلك ولكن المخرجين تكلموا على الحديث بما ناقضه الشارح وأتى بخلافه فإنهم نصوا على تفرد إسماعيل به، وهو زعم أن له أسانيد متعددة، أما المصنف فقد رمز لضعفه فوافق
كلامهم وأفاده برمزه.
الثالث: ما نقله عن الهيثمى كذب عليه فإنه ما قال ذلك أصلًا بل ذكر الحديث في موضعين من مجمع الزوائد في الطهارة وفي الأنبياء، قال في كل منهما: فيه إسماعيل بن عبد الرحمن الأودى وهو ضعيف اهـ.
فالعجب من هذا الشارح يكذب على الرجل أو يغلط عليه ثم لا يكفيه ذلك حتى يشينه بما هو منه برئ.
1268/ 2841 - "أوَّلُ من يبدّلُ سنَّتي رجلٌ من بني أمية".
(ع) عن أبي ذر
قال الشارح: زاد الرويانى وابن عساكر في روايتهما: "يقال له: يزيد".
قلت: هذه الزيادة باطلة افتعلها المجومون ليدفعوا بها عن حمى معاوية حتى لا يحوم الظن حوله. والحديث مطلق بدون تلك الزيادة الباطلة، كذلك أخرجه الأقدمون.
قال الدولابى في الكنى [1/ 163]: أخبرنى أحمد بن شعيب يعنى النسائى أنبأنا سليم بن سلم أنبأنا التفسير بن إسماعيل أنبأنا عوف عن أبي المهاجر عن أبي خالد عن رفيع أبي العالية قال: قال أبو ذر: "سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: إن أول من يبدل سنتى رجل من بني أمية".
1269/ 2842 - "أوَّلُ ما يرفع الرُّكنُ والقرآنُ ورؤيا النَّبيِّ في المنامِ".
الأزرقى في تاريخ مكة، عن عثمان بن ساج بلاغًا.
قال الشارح: قال في التقريب: وفيه ضعف.
قلت: لأن الأزرقى قال: حدثنى جدى ثنا سعيد بن سالم عن عثمان بن ساج به، وسعيد بن سالم هو القداح وفيه ضعف يسير وهو صدوق.
1270/ 2847 - "أولادُ المشركين خدمُ أهلِ الجنَّةِ".
(طس) عن سمرة وعن إنس
قال في الكبير: قال الهيثمى: فيه عباد بن منصور وثقه القطان، وفيه ضعف وبقية رجاله ثقات.
قلت: في هذا تحريف ووهم وإيهام فإنه يفيد أن سند الحديثين واحد من رواية عباد بن منصور وأن الهيثمى هو صاحب هذا الإيهام المنقول عنه مع أنه برئ من ذلك وإنما الشارح حرف النقل عنه إذ أبى اللَّه تعالى له أن يقول صوابا أو ينقل صوابا، فالحافظ الهيثمى أورد حديث سمرة ثم قال: رواه الطبرانى في الكبير والأوسط والبزار وفيه عباد بن منصور، وثقه يحيى بن معين وفيه ضعف، وبقية رجاله ثقات، ثم أورد حديث أنس ثم قال: رواه أبو يعلى والبزار والطبرانى في الأوسط، وفي إسناد أبي يعلى يزيد الرقاشى، وهو ضعيف، وقال فيه ابن معين: رجل صدوق، ووثقه ابن عدى، وبقية رجالهما رجال الصحيح اهـ.
فحديث أنس الذي كتب الشارح عقبة فيه عباد بن منصور ليس هو فيه إنما هو في سند سمرة.
وقد أخرجه من طريقه أيضًا ابن فيل في جزئه:
قال: حدثنا عقبة بن مكرم ثنا عيسى بن شعيب ثنا عباد بن منصور عن أبي
رجاء العطاردى عن سمرة بن جندب قال: "سألنا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم عن أولاد المشركين فقال: هم خدم أهل الجنة".
ورواه لوين في جزئه من حديث سلمان الفارسى موقوفًا عليه، قال:
حدثنا أبو عوانة عن قتادة عن أبي قراية عن سلمان رضي الله عنه قال: "هم خدم أهل الجنة".
1271/ 2851 - "ألا أخبرك بأَخيرِ سورة في القرآن، الحمدُ للَّه ربِّ العالمينَ".
(حم) عن عبد اللَّه بن جابر البياضى
قال في الكبير: قال الهيثمى: فيه عبد اللَّه بن أحمد بن عقيل، سئ الحفظ وحديثه حسن، وبقية رجاله ثقات اهـ.
وقضية صنيع المصنف أنه لم يخرجه أحد من الستة وإلا لما عدل عنه، وهو ذهول شنيع، فقد رواه البخارى في التفسير والفضائل وأبو داود والنسائى في الصلاة وابن ماجه في ثواب التسبيح بلفظ:"ألا أعلمك أعظم سورة في القرآن الحمد للَّه رب العالمين هي السبع المثانى والقرآن العظيم، الذي أوتيته، وأعظم سورة في القرآن".
قلت: عبد اللَّه بن جابر البياضى ليس له في الكتب الستة حديث أصلًا، والذي يشير إليه الشارح وعين مواضع إخراجه فيه من الكتب المذكورة، هو حديث أبي سعيد بن المعلى، وهو مروى في أكثر ألفاظه بلفظ:"لأعلمنك أعظم سورة"، وقد ذكره
المصنف في حرف الحاء في الحمد للَّه رب العالمين.
وعزاه للبخارى وأبي داود كما سيأتى، فلو سكت المصنف لكان أستر لحاله.
1272/ 2852 - "ألا أخْبرُك عن ملوكِ الجنَّة؟ رجلٌ ضَعِيفٌ مستضعفٌ ذو طمرين لا يُؤبه له، ولو أقسمَ على اللَّه لأبرَّه".
(هـ) عن معاذ
قال الشارح: بإسناد صحيح.
وقال في الكبير: قال المنذرى: رواته محتج بهم في الصحيح إلا سويد ابن عبد العزيز، وقال الحافظ العراقى في المغنى: سنده جيد، وفي أماليه: حديث حسن، وفيه سويد بن عبد العزيز ضعفه أحمد وابن معين والجمهور ووثقه دحيم، والحديث له شواهد اهـ. وظاهر كلامه أنه إنما هو حسن لشواهده.
قلت: وإذا كان كذلك فلم قلت في الصغير: إسناده صحيح، فإنه تلاعب منك وتهور لا سيما وقد ذكر ابن أبو حاتم في العلل أنه سأل أباه عن هذا الحديث الذي رواه سويد بن عبد العزيز عن زيد بن واقد عن بسر بن عبيد اللَّه عن أبي إدريس عن معاذ عن النبي صلى الله عليه وسلم فقال: هذا حديث خطأ إنما يروى عن أبي إدريس من كلامه فقط.
1273/ 2854 - "ألا أخْبرُك بأفضلَ ما تعوَّذ به المتعوَّذون؟ {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ}، {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ} ".
(طب) عن عقبة بن عامر
قال في الكبير: ظاهره أنه لم يخرجه أحد من الستة وهو ذهول، فقد رواه النسائى باللفظ المزبور عن عابس الجهني، قال في الفردوس: ويقال له صحبة.
قلت: صحابى الحديث ابن عابس لا عابس (1)، وأوله عند النسائى [8/ 251، 252]: "يا ابن عابس ألا أدلك" أو قال: "ألا أخبرك" فموضعه في اصطلاح المؤلف حرف الياء آخر الحروف لا الألف، ولولا مراعاة أوائل الحروف لكان عزو حديث عقبة إلى الطبرانى وحده قصورا من المؤلف، واستدراك الشارح بحديث ابن عابس قصورا أيضًا، فإن حديث عقبة بن عامر مخرج في صحيح مسلم [1/ 558، رقم 814/ 264، 265] وسنن أبي داود [2/ 74، رقم 1426] والترمذى [5/ 170، رقم 2902] والنسائى [8/ 254] من طرق عديدة بألفاظ مختلفة، ولكن الشارح لا لوم عليه لأنه يذكر كل حرف في موضعه حسب رواية المخرج والشارح ملوم جدًا لو كان من أهل الحديث، ولكنه ملوم لجرأته بالخطأ والباطل وعدم التحقيق.
(1) انظر تحفة الأشراف (11/ 120، رقم 15523)، وانظر أيضًا تهذيب الكمال كلاهما للمزي (34/ 455، رقم 7738).
1274/ 2860 - "ألا أخبرُكم عنِ الأجْود؟ اللَّه الأجْودُ الأجْود، وأنا أجودُ ولدِ آدم، وأجودُهم من بعدي رجلٌ علم علمًا فنشرَ عِلمَهُ، يبُعثُ يوم القيامة أمةً وحدهُ، ورجلٌ جاد بنفسِهِ في سبيل اللَّه حتى يُقتلَ".
(ع) عن أنس
قال في الكبير: قال المنذرى: ضعيف، وقال الهيثمى وغيره: فيه سويد بن عبد العزيز وهو متروك الحديث اهـ، وخرجه ابن حبان عن مكحول عن محمد بن هاشم عن سويد بن عبد العزيز عن نوح بن ذكوان عن أخيه عن الحسن عن أنس، وأورده ابن الجوزى من حديث ابن حبان هذا، ثم حكم بوضعه وقال: قال ابن حبان: منكر باطل، وأيوب منكر الحديث وكذا نوح، ولم يتعقبه المؤلف سوى بأن أبا يعلى أخرجه ولم يزد على ذلك.
قلت: لا يخفى ما في كلامه من الاختصار المجحف في موضع التطويل، والإجمال في موضع الحاجة إلى البيان، فابن حبان خرج الحديث في الضعفاء خلاف ما يوهمه إطلاقه، ونوح رواه عن أخيه أيوب وهو لم يذكر اسمه في السند، ثم في كلام ابن الجوزى ذكر أيوب فلا يعرف الناظر أين ذكر أيوب من الإسناد، ثم إن ابن الجوزى توسع في النقل عن ابن حبان وذكره بالمعنى وإلا فابن حبان ذكر هذا الحديث في موضعين من كتاب الضعفاء ولم يصرح بأنه باطل في واحد منهما، فذكره أولًا في ترجمة أيوب ابن ذكوان وقال: هو أخو نوح بن ذكوان، يروى عن الحسن، روى عنه أخوه نوح بن ذكوان، منكر الحديث يروى عن الحارث وغيره المناكير، ولا أعلم له راويًا غير أخيه فلا أدرى التخليط في حديثه منه أو من أخيه، وهو الذي يروى
عن الحسن، فذكر حديثًا وأسنده، ثم قال: وهو الذي يروى عن الحسن عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: "ألا أخبركم بأجود الأجودين قالوا: بلى يا رسول اللَّه، قال: فإن اللَّه أجود الأجودين، وأنا أجود بني آم وأجودهم بعدي رجل علم علمًا فنشر علمه، يبعث يوم القيامة أمة وحده كما يبعث النبي أمة وحده" أخبرناه مكحول ثنا محمد بن هاشم البعلبكى ثنا سويد بن عبد العزيز ثنا نوح بن ذكوان عن أخيه أيوب بن ذكوان عن الحسن.
ثم ذكره ابن حبان أيضًا في ترجمة محمد بن إبراهيم الشامى فقال: كان يدور بالعراق وتجاوز عبادان يضع الحديث على الشاميين، حدثنا عنه أبو يعلى والحسن بن سفيان وغيرهما، لا تحل الرواية عنه إلا عند الاعتبار، روى عن الوليد بن مسلم عن الأوزاعى عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة مرفوعًا:"لا تعزير فوق عشرين سوطا" فيما يشبه هذا مما لا أصل له من كلام رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، لا يحل الاحتجاج به، وهو الذي روى عن سويد بن عبد العزيز عن نوح بن ذكوان عن أخيه أيوب عن الحسن عن أنس مرفوعًا:"ألا أخبركم عن الأجود، الأجود اللَّه أجود الأجود" الحديث مثل ما في المتن، ثم قال: حدثناه أحمد بن على بن المثنى هو أبو يعلى ثنا محمد ابن إبراهيم الشامى به، ثم ذكر أحاديث أخرى، فابن الجوزى أخذ ذلك من عموم كلام ابن حبان في الترجمة الثانية، وهو غلو وإسراف بالنسبة لهذا الحديث واللَّه أعلم.
1275/ 2762 - "ألا أخبرُكم بسورةٍ ملأ عظمتُها ما بين السماء والأرض، ولِكاتبهِا من الأجرِ مثلُ ذلك، ومن قرأها يومَ الجمعة غُفر له ما بينه وبين الجمعةِ الأخرى وزيادةُ ثلاثة أيامٍ، من قرأ الخَمْس الأواخر منها عند نومه بَعَثَهُ اللَّه أيَّ الليل شاء؟ سورةُ أصحاب الكهفِ".
ابن مردويه عن عائشة
قال الشارح: وفيه إعضال أو إرسال.
وقال في الكبير: ورواه عن عائشة أيضًا أبو الشيخ وابن جرير، وأبو نعيم والديلمى وغيرهم، فاقتصار المصنف على ابن مردويه غير سديد لإيهامه، وروى من طرق أخرى عند ابن الضريس وغيره، لكن بعضها كما قال الحافظ ابن حجر في أماليه: معضل وبعضها مرسل.
قلت: في هذا أمور: الأول: قوله في الصغير وفيه إعضال أو إرسال، كلام مضحك، إذ لا يتصور الإعضال مع وجود عائشة في السند، أما الإرسال فقد يعبر به بعض القدماء عن الانقطاع توسعا في معناه، وإن كانوا يخصون ذلك بالمصدر ويتمسكون بالاصطلاح في الاسم، لكن الشارح بنقله كلام الحافظ في كبيره دلَّ على أنه يريد المرسل الاصطلاحى، فكان ذلك أغرب وأعجب.
الثانى: عزوه الحديث إلى أبي الشيخ وأبي نعيم وابن جرير قلة أمانة منه وعدم تحقيق فإنه لم ير الحديث في هذه الكتب ولا رأى أحدًا من ألفاظ عزاه إليها، وإنما رأى الديلمى أسنده عن طريق هؤلاء فقال في مسند الفردوس:
أخبرنا الحداد أخبرنا أبو نعيم أخبرنا أبو محمد بن حيان هو أبو الشيخ ثنا
محمد بن جرير ثنا عمرو بن عثمان الزهري ثنا عبد الرحمن بن هشام ثنا أبي ثنا هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم به.
فهؤلاء قد لا يكون أخرجوه جميعهم، وقد راجعت تفسير ابن جرير فلم أره فيه، وإذا كان أخرجه أبو الشيخ وأبو نعيم فإن لكل منهما عدة كتب، ففي أى منها أخرجاه أو واحد منهما، وقد يكون أحدهما أملاه في مجلس من مجالسه، وبالجملة فعزوه إلى الثلاثة بعيد عن الأمانة والتحقيق، فكيف يستدرك بذلك على المصنف ويلام على التحقيق والأمانة وعدم سلوك سبيل التهور والخيانة.
الثالث: ولو فرضنا أن هؤلاء أخرجوه في كتب معينة ورآه الشارح فيها فأى شيء في عزو الحديث إلى كتاب دون غيره، وهل اشترط ذلك أحد أو جعل ضده عيبا إلا هذا الشارح؟
1276/ 2863 - "ألا أخبرُكم بمن تحرم عليه النارُ غدًا؟ على كلِّ هينٍ لينٍ قريبٍ سهلٍ".
(ع) عن جابر (ت. طب) عن ابن مسعود
قال الشارح: بأسانيد جيدة.
وقال في الكبير: (ت) في الزهد، وقال: حسن غريب، (طب) كلهم عن ابن مسعود، قال الهيثمى بعدما عزاه لأبي يعلى: فيه عبد اللَّه بن مصعب الزبيرى، ضعيف، وقال عقب عزوه للطبرانى: رجاله رجال الصحيح، وقال العلائى: سند هذا أقوى من الأول.
قلت: في هذه الجملة البسيطة أوهام، الأول: قوله بأسانيد جيدة لا يخلو أن يكون مراده بذلك حديث ابن مسعود وحده، أو حديثه مع حديث جابر، فإن كان الأول فليس له إلا إسناد واحد من رواية هشام بن عروة عن موسى بن
عقبة عن عبد اللَّه بن عمرو الأودى عن عبد اللَّه بن مسعود، هكذا أخرجه الترمذى [4/ 654، رقم 2488]: ثنا هناد ثنا عبدة عن هشام، وهكذا أخرجه ابن حبان [2/ 216، رقم 470] من طريق يحيى بن معين: أنا عبدة به، وأخرجه ابن النقور: أنا على السكرى أنا أحمد بن الحسين الصوفى ثنا يحيى بن معين به. وإن كان الثانى، فسند حديث جابر قد نص على أن فيه مصعب بن الزبير، وهو ضعيف، فكيف يكون جيدًا؟ وأيضًا فحقه أن يقول حينئذ: بإسنادين جيدين لا بأسانيد جيدة.
الثانى: قوله: كلهم عن ابن مسعود، وحقه أن يقول كلاهما.
الثالث: قوله: قال الهيثمى بعدما عزاه لأبي يعلى، فأوهم أن أبا يعلى خرجه من حديث ابن مسعود أيضًا لأنه لم يصرح بحديث جابر وعطف عليه قوله، وقال عقب عزوه للطبرانى: مع أن أبا يعلى إنما خرج حديث جابر، وهو الذي في سنده عبد اللَّه بن مصعب، وقد أخرجه أيضًا الطبرانى في الصغير [1/ 72، رقم 89] قال:
حدثنا أحمد بن سعيد بن شاهين ثنا مصعب بن عبد اللَّه الزبيرى ثنا أبي عن هشام بن عروة عن محمد بن المنكدر عن جابر به.
وأخرجه أيضًا في مكارم الأخلاق: ثنا عبد اللَّه بن أحمد بن حنبل ثنى مصعب ابن عبد اللَّه به.
الرابع: قوله وقال بعد عزوه للطبرانى: رجاله رجال الصحيح، فإن هذا كذب على الهيثمى، فإنه ما ذكر حديث ابن مسعود في كتابه ولا عزاه للطبرانى ولا قال رجاله رجال الصحيح أصلا ولا الحديث من شرط كتبه.
الخامس: لو فرضنا أن الهيثمى وَهِمَ وذكر الحديث في الزوائد، وهو في الأصول لكان الواجب أن ينبه على وهم الهيثمى، فكيف يهم هو عليه
وينسب إليه ما هو برئ منه بالاختلاق المجود، فإنه لم يذكر في الباب حديثًا بهذا اللفظ إلا حديث معيقيب وحديث جابر وحديث أبي هريرة وحديث أنس، ولم يقل في واحد منها رجاله رجال الصحيح حتى يقال إن بصره انتقل عن حديث إلى حديث، فاعجب لهذا الأمر.
1277/ 2866 - "ألا أخبرُكم بأفضلَ من درجة الصيام والصَّلاةِ والصَّدقةِ؟ صلاحُ ذاتِ البين، فإنَّ فساد ذات البين هي الحالقةُ"
(حم. د. ت) عن أبي الدرداء
قال الشارح: بأسانيد صحيحة.
قلت: ليس له عندهم إلا سند واحد صحيح من رواية أبي معاوية عن الأعمش عن عمرو بن مرة عن سالم بن أبي الجعد عن أم الدرداء عن أبي الدرداء عن النبي صلى الله عليه وسلم، ومن هذا الطريق أخرجه أيضًا البخارى في الأدب المفرد [ص 142، رقم 391] والطبرانى في مكارم الأخلاق [ص 68، رقم 75] وآخرون.
نعم له سند آخر عن أبي الدرداء لكن موقوفًا عليه، قال محمد بن يحيى الذهلى في جزئه:
ثنا عثمان بن عمر ثنا يونس عن الزهرى عن أبي إدريس أن أبا الدرداء قال: "ألا أخبركم بخير لكم من الصيام والصدقة؟ صلاح ذات البين، وإياكم والبغضة فإنها الحالقة".
وقال ابن المبارك في الزهد [ص 256، رقم 739]:
أخبرنا صخر (1) أبو المعلى قال حدثنى يونس بن ميسرة عن أبي إدريس الخولانى
(1) بياض بالأصل، والتصويب من الزهد.
قال: سمعت أبا الدرداء يحلف باللَّهِ، وأيم اللَّه ما سمعته يحلف قبلها:"ما من مسلم يعمل عملا أفضل من مشى إلى الصلاة وصلاح ذات البين".
ورواه ابن المبارك أيضًا من وجه آخر عن سعيد بن المسيب مرسلا [ص 256، رقم 738] فقال:
أخبرنا أسامة بن زيد عن إسماعيل بن أبي حكيم عن سعيد بن المسيب قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "ألا أخبركم بخير من كثير من الصدقة والصلاة قالوا: بلى، قال: إصلاح ذات البين وإياكم [والبغضة] (1) فإنها هي الحالقة".
1278/ 2867 - "أَلا أخبرُكم برجالِكُم من أهل الجنَّةِ؟ النَّبي في الجنةِ، والشَّهيدُ في الجنَّةِ، والصديقُ في الجنَّةِ، والمولودُ في الجنَّةِ، والرجلُ يزور أخاه في ناحية المِصر في اللَّه في الجنَّةِ. ألا أخبرُكم بنسائِكُم من أهل الجنَّةِ؟ الودودُ العئُودُ التي إذا ظُلمت قالت: هذه يدي في يدك لا أذوقُ غُمضًا حتَّى ترضى".
(قط) في الأفراد، (طب) عن كعب بن عجرة.
قال في الكبير: قال الطبرانى لا يروى عن كعب إلا بهذا الإسناد.
قال الهيثمى: فيه السرى بن إسماعيل، وهو متروك اهـ. وفيه سعيد بن خيثم، قال الذهبى، عن الأزدى: منكر الحديث، والسرى بن إسماعيل قال الذهبى: قال يحيى القطان: استبان لي كذبه في مجلس واحد، وقال النسائى: متروك، ورواه البيهقى في الشعب عن ابن عباس وقال إسناد ضعيف بمرة.
(1) الزيادة من الزهد.
قلت: أطال وكرر وأملَّ في موضع الاختصار، فإنه لا حاجة إلى تكرار القول في السرى بعد النقل عن الهيثمى، واختصر في موضع الحاجة إلى الإطالة بذكر حديث ابن عباس متنا وسندا حتى يستفاد المتن والسند، ويعرف هل هو كما قال البيهقى أم لا.
فقد أخرجه أبو نعيم في الحلية [4/ 303] عن محمد بن جعفر بن الهيثم:
ثنا إبراهيم بن إسحاق الحربى ثنا سريج بن النعمان ثنا خلف بن خليفة عن أبي هاشم الرمانى عن سعيد بن جبير عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ألا أخبركم برجالكم من أهل الجنة؟ النبي والصديق والشهيد والمولود ورجل يزور أخاه في ناحية المصر، لا يزوره إلا للَّه" وهذا سند رجاله ثقات.
ورواه الطبرانى [12/ 59، رقم 12467] عن علي بن عبد العزيز البغوى:
ثنا محمد بن أبي نعيم ثنا سعيد بن زيد عن عمرو بن خالد عن أبي هاشم به.
فحديث ابن عباس على شرط الصحيح لا كما نقل الشارح عن البيهقى إن لم يكن واهما عليه.
وفي الباب أيضًا عن أنس قال الطبرانى في الصغير [1/ 89، رقم 118]:
حدثنا أحمد بن الجعد الوشاء البغدادى ثنا محمد بن بكار بن الريان ثنا إبراهيم بن زياد القرشي عن أبي حازم عن أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ألا أخبركم" مثل اللفظ المذكور في المتن، وقال ابن وهب في جامعه:
وحدثنى من سمع سعيد بن أبي أيوب يقول: "إن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: ألا أخبركم برجالكم من أهل الجنة؟ قالوا: بلى يَا رسول اللَّه، قال: النبيون والصديقون ورجل زار أخاه في اللَّه، ثم قال: ألا أخبركم بنسائكم من أهل الجنة؟ قالوا: بلى يَا رسول اللَّه، قال: الودود والولود العئود التي إذا أساءت أو أسئ إليها وضعت يدها في يده ثم قالت: اعمل وافعل ما بدا لك".
1279/ 2874 - "ألا أدلُكم على أشدِكم؟ أمْلكُكُم لنفسه عند الغضبِ".
(طب) في مكارم الأخلاق عن أنس
قال في الكبير: قال الهيثمى: فيه شعيب بن بيان، وعمران القطان وثقهما ابن حبان، وضعفهما غيره، وبقية رجاله رجال الصحيح.
قلت: قد يدل على ضعف الحديث كون راوييه الضعيفين أو أحدهما رواه بلفظين، وكذلك أخرجه عنهما الطبرانى في مكارمه فقال أولا:"في باب فضل من يملك نفسه عند الغضب".
حدثنا عبد اللَّه بن أحمد ثنا إبراهيم بن المستمر العرزمى ثنا شعيب بن بيان الصفار عن عمران القطان عن قتادة عن أنس "أن النبي صلى الله عليه وسلم مر على قوم يرفعون حجرًا فقال: ما هذا؟ قالوا: يَا رسول اللَّه حجرًا كنا نسميه في الجاهلية حجر الأشداء، فقال: ألا أدلكم" وذكر مثل ما هنا.
ثم قال في "باب فضل كظم الغيظ":
حدثنا عبدان ثنا إبراهيم بن المستمر بسنده السابق عن أنس "أن النبي صلى الله عليه وسلم مر بقوم يصطرعون فقال: ما هذا؟ فقالوا: يَا رسول اللَّه فلان الصريع لا ينتدب له أحد إلا صرعه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ألا أدلكم على من هو أشد منه، رجل كلمه رجل فكظم غيظه فغلبه وغلب شيطانه وغلب شيطان صاحبه" اهـ.
لكن ورد من حديث على عليه السلام بالسند (1) الأول واللفظ الأول، ذكره المصنف سابقًا بلفظ "أشدكم" وذكرنا سنده عند الديلمى فارجع إليه.
(1) في الأصل: "بالسبب"، والصواب ما أثبتناه، واللَّه أعلم.
1280/ 2875 - "لا أدلُّكم على الخلفاءِ منِّى ومن أصحابى ومنَ الأنبياء قبلى؟ هم حملةُ القرآنِ والأحاديث عنِّى وعنهم في اللَّه وللَّه"
السجزى في الإبانة، (خط) في شرف أصحاب الحديث عن على
قال في الكبير: ورواه عنه أيضًا اللالكائى في السنة وأبو نعيم والديلمى باللفظ المزبور، فاقتصار المصنف على ذينك غير جيد.
قلت: بل جيد وفوق الجيد، قال الديلمى في مسند الفردوس [1/ 170، رقم 469]:
أنا الحداد أنا أبو نعيم ثنا الحسن بن علان ثنا عبد الوهاب بن عصام ثنا إسماعيل بن يزيد القطان ثنا قتيبة بن مهران ثنا عبد الغفور عن أبي هاشم عن زاذان عن علي به. فاستدركه به، وهو لا يدرى في أي كتاب خرجه، وأبو نعيم خرجه في تاريخ أصبهان [2/ 134] في ترجمة عبد الوهاب بن عصام، وقال الخطيب في شرف أصحاب الحديث [ص 32]:
أخبرنى أبو بكر عبد اللَّه بن محمد بن أحمد بن القلون الكاتب أنا أبو بكر أحمد بن عبد الرحمن الدقاق المعروف بالولى ثنا أبو جعفر الحسن بن على ابن الوليد بن النعمان الفارسى الفسوى الكرابيسى ثنا خلف بن عبد الحميد ابن أبي الحسناء ثنا أبو الصباح عبد الغفور به، وهو كذاب وضاع، والحديث باطل موضوع على النبي صلى الله عليه وسلم ومخالف لأمر وسنته، وليس عن الأنبياء أحاديث تروى وتحفظ حتى يجعل النبي صلى الله عليه وسلم حملتها خلفائهم، بل نهى أمته عن قراءة كتبهم والاشتغال بغير كتاب اللَّه تعالى وسنته صلى الله عليه وسلم وقال:"لو كان موسى حيا ما وسعه إلا اتباعى"، فالمصنف ملوم جدًا على ذكره هذا الباطل في كتابه الذي صانه عما انفرد به الوضاع لا سيما وقد أورد هو في ذيل اللآلئ حديثًا حكم بوضعه وأعلَّه بعبد الغفور المذكور.
1281/ 2884 - "ألا أنبِّئُك بشرِّ النَّاس؟ مَنْ أكل وَحْدهُ ومنعِ رَفْدَهُ وسافر وحدَهُ وضربَ عبدَهُ، ألا أنبِّئُك بشرٍّ من هذا؟ من يبغضُ النَّاس ويَبغضُونه، ألا أنبِّئُك بشرٍّ من هذا؟ من يُخْشى شرُّهُ ولا يُرجى خيرُه، ألا أنبِّئُك بشرٍّ من هذا؟ مَن باع آخرَتَهُ بدنيا غيره، ألا أنبِّئُك بشرٍّ من هذا؟ مَن أكل الدُّنيا بالدِّين".
ابن عساكر عن معاذ
قال في الكبير: ورواه الطبرانى في الكبير من حديث ابن عباس، وضعفه المنذرى.
قلت: حديث ابن عباس أخرجه الحكيم الترمذى في النوادر مختصرًا فقال:
حدثنا عبد الوهاب بن فليح ثنا عبد العزيز بن عبد الصمد ثنا هشام أبو المقدام عن محمد بن كعب عن ابن عباس قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "ألا أنبئكم بشراركم؟ قالوا: بلى يَا رسول اللَّه، قال: من أكل وحده ومنع رفده وجلد عبده" اهـ.
فلينظر هل خرجه الطبرانى مطولًا وذلك بعيد، بل هو إطلاق فاسد من الشارح.
1282/ 3885 - "ألا أخبرُكُم (1) بخيارِكُم؟ خيارُكُم الَّذين إذا رُءوا ذُكرَ اللَّه"
(حم. هـ) عن أسماء بنت يزيد
قال الشارح: بإسناد حسن أو صحيح.
وقال في الكبير: قال الهيثمى: فيه شهر بن حوشب، وثقه غير واحد وضعف، وبقية رجال أحد أسناديه رجال الصحيح.
(1) في النسخة المطبوعة من فيض القدير: "ألا أنبئكم"
قلت: ما رأيت هذا الحديث في مجمع الزوائد، بل ترجم لهذا المعنى في كتاب الذكر بباب خاص وأورد فيه حديث ابن عباس بلفظين وحديث ابن مسعود، ولم يورد حديث أسماء ولا يتصور أن يورده إلا إذا كان واهما أو كان في الحديث زيادة أخرى ليست في رواية الأصل الذي هو سنن ابن ماجه.
ثم وجدته كذلك في باب الغيبة والنميمة بزيادة: "ألا أخبركم بشراركم المشاءون بالنميمة المفسدون بين الأحبة الباغون للبرءاء العيب"، فكان الواجب أن ينبه الشارح على أن أحمد رواه بزيادة سوغت الهيثمى ذكره في الزوائد من أجلها.
ورواه البخارى في الأدب المفرد [ص 119، رقم 323] كذلك بالزيادة المذكورة.
ورواه ابن أبي الدنيا في الأولياء [ص 39، رقم 16] وأبو نعيم في الحلية [1/ 6] مختصرًا كما في المتن، وقد تقدم من حديث ابن عباس بلفظ:"أولياء اللَّه الذين" ومن حديث أنس بلفظ: "أفضلكم الذين" ويأتى من حديث ابن عمر بلفظ: "خياركم الذين".
1283/ 2887 - "ألا يارُبَّ نفسٍ طاعمةٍ ناعمةٍ في الدنيا جائعةٌ عاريةٌ يوم القيامة، ألا يارُبَّ نفسٍ جائعةٍ عاريةٍ في الدُّنيا طاعمةٌ ناعمةٌ يومَ القيامةِ، ألا يارُبَّ مكرمٍ لنفسه وهو لها مهينٌ، ألا يارُبَّ مهينٍ لنفسه وهو لها مكرمٌ، ألا يارُبَّ متخوصٍ ومتنعمٍ فيما أفاء اللَّه على رسوله ما له عند اللَّه عن خلاق، ألا وإنَّ عمل الجنَّة حَزَنٌ بربوةٍ وإنَّ عمل النَّار سهلٌ بسهوةٍ، ألا يارُبَّ شهوةِ ساعةٍ أورثت حزنا طويلا".
ابن سعد (هب) عن أبي البجير
قال في الكبير: وخرجه عنه الديلمى أيضًا، وعزاه المنذرى إلى تخريج ابن أبي الدنيا، ثم ضعفه.
قلت: الحديث أخرجه أيضًا ابن أبي عاصم في كتاب الآحاد والمثانى [5/ 165، رقم 2703] ، وأبو نعيم في المعرفة، والقضاعى في مسند الشهاب [2/ 308، رقم 1423] كلهم من طريق بقية، عن سعيد بن سنان الحمصى عن أبي الزاهرية عن جبير بن نفير عن أبي البجير -وكان من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال:"أصاب النبي صلى الله عليه وسلم يومًا جوع، قال: فوضع الحجر على بطنه ثم قال: ألا يارب" وذكره.
ووقع عند ابن سعد [7/ 139] قال بقية هكذا تعليقًا.
وهو عند الديلمى من رواية الربيع بن روح الحمصى عن سعيد بن سنان، وسعيد متروك منكر الحديث، وقال الجوزجانى: أخاف أن تكون أحاديثه موضوعة.
قلت: لكن ورد نحوه من وجه آخر من حديث ابن عباس وشداد بن أوس، فحديث ابن عباس أخرجه أحمد [1/ 327] والقضاعى [2/ 199، رقم 1180] وابن الأعرابى وإسحاق بن راهويه وغيرهم، وفيه كلام طويل ذكرته في المستخرج على مسند الشهاب.
وحديث شداد رواه أبو يوسف في كتاب الخراج عنه مرفوعًا والبخارى في التاريخ الكبير عنه موقوفًا مختصرًا والجميع في المستخرج.
1284/ 2888 - "إيَّاك وكلُّ أمرٍ يُعتذرُ منه".
الضياء عن أنس
قال في الكبير: ورواه عنه أيضًا الديلمى في مسند الفردوس، وسنده حسن، قال: وأخرج البخارى في تاريخه وأحمد في الإيمان والطبرانى في
الكبير بسند جيد عن سعد بن عبادة الأنصارى وله صحبة موقوفًا: "انظر إلى ما يعتذر منه من القول والفعل فاجتنبه".
وأخرجه الحاكم في المستدرك من حديث سعد، والطبرانى في الأوسط من حديث ابن عمر وجابر بلفظ:"إياك وما يعتذر منه".
قلت: حديث أنس أخرجه أيضًا البيهقى في الزهد من رواية محمد بن يونس الكديمى:
ثنا أبو عاصم ثنا شبيب بن بشر ثنا أنس بن مالك قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "اعمل للَّه رأى العين كأنك تراه فإنك إن لم تكن تراه فإنه يراك، وأسبغ طهورك إذا دخلت المسجد، واذكر الموت في صلاتك فإن الرجل يذكر
الموت في صلاته لحرى أن يحسن صلاته، وصل صلاة رجل لا يظن أن يصلى صلاة غيرها، وإياك وما يعتذر منه" اهـ.
ومحمد بن يونس الكديمى متهم بالوضع، وإن كان من العباد الزهاد.
لكن رواه الديلمى من طريق أبي الشيخ: ثنا ابن أبي عاصم ثنا أبي ثنا أبي ثنا شبيب به.
وكذا قال الحافظ في زهر الفردوس، سنده حسن.
وقول الشارح: عن سعد بن عبادة تحريف، والصواب سعد بن عمارة.
وحديث سعد بن أبي وقاص أخرجه أيضًا البيهقى في الزهد كلاهما -أعنى هو والحاكم [4/ 326، رقم 7928]- من رواية محمد بن أبي حميد عن إسماعيل بن محمد بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه عن جده به.
ثم صححه الحاكم وأقره الذهبى مع أن محمد بن أبي حميد ضعيف، ومع ضعفه اختلف عليه فقيل عنه هكذا، وقيل عنه عن محمد بن المنكدر عن جابر، كما خرجه الطبرانى في الأوسط [7/ 369، رقم 7753] من رواية
منصور بن أبي نويرة عنه، وقيل عنه عن إسماعيل بن محمد الأنصارى عن أبيه عن جده.
كذلك أخرجه أبو نعيم في المعرفة من رواية ابن أبي فديك عنه.
وحديث جابر سيذكره المصنف قريبًا بلفظ: "إياكم والطمع".
وحديث ابن عمر أخرجه أيضًا العسكرى والقضاعى [2/ 93، رقم 952] والمخلص في السادس من فوائده والبيهقى في الزهد كلهم من رواية الحسن ابن راشد بن عبد ربه: ثنى أبي عن نافع عن ابن عمر به.
وفي الباب أيصا عن علي وأبي أيوب مرفوعًا وعمر موقوفًا ذكرتها في المستخرج.
1285/ 2895 - "إيَّاك ونار المؤمن لا تحرقُك، وإن عَثَر كلَّ يوم سبعَ مراتٍ، فإنَّ يمينَه بيد اللَّه إذا شاء أن يُنعشَه أنْعشَه".
الحكيم عن الغار بن ربيعة
قال في الكبير: لم أر في الصحابة فيما وقفت عليه من اسمه كذلك فلينظر.
قلت: الحديث مرسل، والغاز بن ربيعة ليس بصحابى غالبًا فإن ابنه هشام متأخر يروى عن الزهرى وطبقته من صغار التابعين مات بعد الخمسين ومائة قال الحكيم [2/ 46]:
حدثنا داود بن حماد القيسى ثنا عمر بن سعيد الدمشقى ثنا مكرم البجلى عن هشام بن الغاز عن أبيه الغاز بن ربيعة قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وذكره، وعمر بن سعيد ضعيف.
وقد رواه الحكيم أيضًا عن يزيد بن ميسرة موقوفًا قال: "إن اللَّه تبارك وتعالى يقول: ابن آدم لا تحرقك نار المؤمن فإن يمينه في كف الرحمن منعشة، وإن عثر في كل يوم سبع مرات".
قال الحكيم حدثنا الفضل بن محمد ثنا عمرو بن عثمان القرشى ثنا محمد بن حرب ثنى أبو سلمة سليمان بن سليم عن يحيى بن جابر الطائى عن يزيد بن ميسرة به.
1286/ 2797 - "إيَّاكُم والحمرةِ فإنَّها أحبُّ الزينة إلى الشَّيطان".
(طب) عن عمران بن حصين
قال الشارح: وفي إسناده مجهول، وبقيته ثقات.
وقال في الكبير: قال الديلمى: وفي الباب عبد الرحمن بن يزيد اهـ. قال الهيثمى: رواه الطبرانى بإسنادين في أحدهما يعقوب بن خالد بن نجيح البكرى العبدى، لم أعرفه، وفي الآخر بكر بن محمد يروى عن سعيد عن شعبة، وبقية رجالهما ثقات.
قلت: لا يخفى ما بين كلامه في الصغير وكلامه في الكبير من الفرق، وقدمنا مرارًا أن ما يقول عنه النور الهيثمى:"لم أعرفه"، لا يقال عنه مجهول.
أما حديث خالد بن يزيد الذي في الباب أخرجه ابن منده، قال: حدثنا أحمد بن سليمان بن أيوب ثنا أبو زرعة ثنا يحيى الوحاظى ثنا سعيد بن بشير ثنا قتادة عن الحسن عن عبد الرحمن بن يزيد ابن رافع قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "إياكم والحمرة فإنها أحب الزينة إلى الشيطان".
قال ابن منده: عبد الرحمن مختلف في صحبته.
وأخرجه أيضًا الحسن بن سفيان في مسنده، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثانى [5/ 264، رقم 2789] وأبو نعيم في المعرفة كلهم من طريق سعيد بن بشير به، وهو ضعيف، وقد اختلف
عليه في اسم جد الصحابي فبعضهم قال عنه عبد الرحمن بن يزيد بن رافع، وبعضهم قال: راشد بدل رافع، واختلف عليه أيضًا في إسناده، فقال الوحاظى ومحمد بن عثمان: عنه هكذا، وقال بكر بن محمد: عنه عن عمران بن حصين.
كذلك أخرجه الطبرانى [18/ 148، رقم 317] وهي الرواية المذكورة في المتن.
1287/ 2898 - "إيَّاكم وأبْوابَ السُّلطان فإنَّهُ قد أصْبحَ صعبًا هَبُوطًا".
(طب) عن رجل من سليم
قال في الكبير: ثم إن لفظ هبوطا بالهاء هو ما وقفت عليه في نسخ هذا الجامع، والذي وقفت عليه في نسخ البيهقى والطبرانى حبوطا بحاء مهملة، ثم قال: قال الهيثمى: رجاله رجال الصحيح، ورواه عن أبي الأعور المذكور أبو نعيم والديلمى والبيهقى في الشعب.
قلت: الذي في مسند الفردوس هبوطا بالهاء وهو -أي الديلمى- أسنده [1/ 464، رقم 1539] عن الحداد عن أبي نعيم عن الطبرانى:
ثنا الحضرمى ثنا عتبة بن يعيش ثنا محمد بن فضيل عن إسماعيل عن قيس عن أبي الأعور السلمى به.
ولعل الشارح تجاوز وسلك المعاريض في قوله: نسخ البيهقى والطبرانى، فإنه ما رأى الطبرانى الكبير فضلًا عن نسخ منه، نعم رأى الشعب للبيهقى، فاللَّه أعلم ما أراد.
1288/ 2899 - "إيَّاكم ومشارَّةُ النَّاس فإنها تدفنُ الغُرَّة وتُظهرُ العُرَّة".
(هب) عن أبي هريرة
قال في الكبير: ظاهره أن البيهقى خرجه وأقره والأمر بخلافه، بل تعقبه بما نصه: تفرد به الوليد بن سلمة الأردنى، وله من أمثال هذا أفراد لم يتابع عليها اهـ. والوليد هذا قال الذهبى: تركه الدارقطنى. ورواه الطبرانى أيضًا، قال الهيثمى: ورجاله ثقات إلا أن شيخ الطبرانى محمد بن الحسن بن هديم لم أعرفه.
قلت: في هذا أمور، الأول: قوله: ظاهره أن البيهقى. . إلخ هو عكس الواقع، بل ظاهره إن كان يفيد شيئًا فهو عكس ما قال الشارح، وهو أن البيهقى ضعفه لأن المصنف رمز له بالضعف كما رمز للمخرج.
الثانى: قوله: ورراه الطبرانى أيضًا هو صريح في أن الطبرانى خرجه عن حديث أبي هريرة المتكلم عليه والعائد ضمير أخرجه عليه في عرف أهل الحديث، وليس كذلك، بل أخرجه عن حديث ابن عباس.
الثالث: إطلاقه الطبرانى يفيد في عرف أهل الفن أنه خرجه في الكبير وليس كذلك بل خرجه في الصغير.
الرابع: إقراره للحافظ الهيثمى أن رجاله ثقات وليس كما قال، بل فيه سيف الثمالى ضعفه الدارقطنى وغيره، وقال الأزدى: ضعيف مجهول لا يكتب حديثه روى عن مجالد عن الشعبى عن ابن عباس رفعه: "إياك ومشارة الناس" الحديث ولا يعرف إلا به اهـ. وليس الأمر كما قال الأزدى، بل ورد من غير طريقه من حديث أبي هريرة كما سبق ومن حديث على كما سيأتى.
وقد أخرج حديث أبي هريرة أيضًا القضاعى في مسند الشهاب [2/ 96، رقم 956] من طريق عصمة بن الفضل:
ثنا الوليد بن سلمة الأزدى ثنا الأوزاعى عن ابن شهاب عن أبي سلمة عن
أبي هريرة به.
أما حديث ابن عباس فقال الطبرانى في الصغير [2/ 217، رقم 1055]:
ثنا محمد بن الحسن بن هريم الكوفى ثنا عبد اللَّه بن عمر بن أبان ثنا محبوب ابن محرر القواريرى عن سيف الثمالى عن مجالد بن سعيد عن الشعبى عن ابن عباس به.
وأما حديث على فأخرجه الطوسى في السابع عشر من أماليه من طريق محمد بن الحسن ابن بنت إلياس عن أبيه عن علي بن موسى الرضا عن آبائه.
1289/ 2902 - "إيَّاكم والتعريس على جوادِّ الطريق، والصَّلاة عليها، فإنَّها مأوى الحيَّات والسِّباع وقضاءِ الحاجةِ عليها، فإنَّها المَلاعِنُ".
(هـ) عن جابر
قال الشارح: ورواته ثقات.
وقال في الكبير: سكت عليه المصنف فلم يشر إليه بعلامة الضعف كعادته في الضعيف، وكأنه اغتر بقول المنذرى: رواته ثقات، لكن قال الحافظ مغلطاى في شرح ابن ماجه: هذا الحديث معلل بأمرين الأول ضعف عمرو بن أبي سلمة أحد رجاله، فإن ابن معين ضعفه وقال لا يحتج به، الثانى: ان فيه انقطاعًا، لكن رواه البزار مختصرًا بسند على شرط مسلم اهـ. وقال الولى العراقى: فيه سالم الخياط وفيه خلف واختلف في سماع الحسن بن جابر، ورواه الطبرانى أيضًا، قال الهيثمى: رجاله رجال الصحيح.
قلت: في هذا أمور الأول: ما ذكره في الكبير يناقض ما اختاره بعده في
الصغير من قوله: رجاله ثقات، مع تقريره أن السند ليس كذلك.
الثانى: ما قاله عن المصنف من أنه لم يرمز له، خلاف الواقع فإنه رمز له بعلامة الحسن.
الثالث: عمرو بن أبي سلمة وإن تكلم فيه فهو ثقة من رجال الصحيحين.
الرابع: سالم المذكور في السند، لم يصرح ابن ماجه بأنه الخياط ولا المكى، وقد فرق بينهما ابن حبان فجعل المكى ثقة، على أن الخياط ليس متفقا على ضعفه، بل هو موثق أيضًا، والحديث له شواهد تؤيده.
الخامس: الحديث ليس من الزوائد، فالهيثمى لم يذكره ولم يقل رجاله رجال الصحيح.
1290/ 2908 - "إيَّاكُم والحسدَ فإنَّ الحسدَ يأكلُ الحسناتِ كما تأكلُ النارُ الحطبَ".
(هـ) عن أبي هريرة
قال في الكبير: رواه أبو داود من حديث إبراهيم بن أسيد عن جده عن أبي هريرة وجده لم يسم، وذكر البخارى إبراهيم هذا في تاريخه الكبير وذكر له هذا الحديث وقال: لا يصح.
قلت: هذا تحريف، لم يقل البخارى ذلك في الحديث، وإنما قاله في ضبط اسم الرجل ولفظه [1/ 272]: إبراهيم بن أبي أسيد المدنى البراد عن جده عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إياكم والحسد"، الحديث، روى عنه سليمان بن بلال وأبو ضمرة، ويقال ابن أبي أسيد ولا يصح اهـ. يعنى الأول بالفتح والثاني بالضم ولا يصح، فحرفه الشارح وحمله على الحديث.
وفي الباب عن أنس سيأتى في حرف الحاء.
1291/ 2919 - "إيَّاكُم والغيبةَ، فإنَّ الغيبةَ أشدُّ من الزِّنا، إن الرجلَ قد يزنى ويتوبُ فيتوبَ اللَّه عليه، وإن صاحبَ الغيبةِ لا يُغفرُ له حتى يغفرَ له صاحبهُ".
ابن أبي الدنيا في ذم الغيبة، وأبو الشيخ في التوبيخ عن جابر وأبي سعيد
قلت: قال ابن أبي الدنيا [ص 44، رقم 25]:
حدثنا يحيى بن أيوب ثنا أسباط بن محمد عن أبي رجاء الخراسانى عن عباد ابن كثير عن الجريرى عن أبي نضرة عن جابر وأبي سعيد به.
وقال أبو الشيخ [ص 203، رقم 168]: أخبرنا ابن أبي عاصم النبيل ثنا الحسين بن الحسن (ح)
وحدثنا عبد الرحمن بن الحسن قال: حدثنا الحسن بن الصباح (ح)
وثنا أبو يحيى الرازى ثنا هناد قالوا: حدثنا أسباط به.
وأخرجه أيضًا الدينورى في المجالسة قال: حدثنا النضر بن عبد اللَّه الحلوانى قال قال أسباط بن محمد. . . فذكره، وعباد بن كثير هو والراوى عنه متروكان وقد قيل عنهما بسند آخر قال ابن حبان في الضعفاء [2/ 168]: ثنا عمران بن موسى بن مجاشع ثنا إبراهيم بن عيسى الأيلى ثنا أسباط بن محمد ثنا أبو رجاء الخراسانى عن عباد بن كثير عن الحسن عن أبي نضرة عن أبي سعيد وجابر به.
قال ابن حبان بعد تضعيف عباد: وأبو رجاء هذا هو روح بن المسيب وهو أيضًا لا شيء اهـ.
كذا أدخل ابن حبان في السند الحسن وقال: إن أبا رجاء هو روح بن المسيب، وخالفه ابن أبي حاتم فسماه عبد اللَّه بن واقد، فقال في العلل: سألت أبي عن حديث رواه أسباط بن محمد عن أبي رجاء عبد اللَّه بن واقد الخراسانى عن عباد بن كثير عن الجريرى عن أبي نضرة عن جابر فذكره دون ذكر أبي سعيد، قال: فقلت لأبي هذا حديث منكر، قال: كما يكون، أسال اللَّه العافية، يجئ عباد بن كثير البصرى بمثل هذا اهـ.
1292/ 2925 - "إيَّاكُم والدَّيْن فإنه همٌ بالليلِ ومذلةٌ بالنَّهار".
(هب) عن أنس
قال الشارح: ضعيف لضعف الحارث بن نبهان.
قلت: لكن له شواهد تأتى في حرف الدال، وهذا أخرجه أيضًا القضاعى في مسند الشهاب [2/ 97، رقم 958] من طريق ابن وهب:
أخبرنى الحارث بن نبهان عن يزيد بن خالد عن أبي أيوب عن أنس به.
وأخرجه الديلمى [1/ 384، رقم 1544] من طريق محمد بن عبدة بن حرب: ثنا أبو كامل الجحدرى ثنا الحارث بن نبهان به.
1293/ 2927 - "إيَّاكم والطمعَ فإنه الفقرُ الحاضرُ، وإيَّاكم وما يُعتذر منه".
(طس) عنه جابر
قال الشارح: ضعيف لضعف محمد بن أبي حميد.
قلت: ومع ضعفه اختلف عليه في إسناده كما بينته فيما مر قريبا في حديث: "إياكم وكل ما يعتذر منه".
1294/ 2930 - "إيَّاكُم والعضْةَ النَّميمةَ القالةَ بين النَّاس".
أبو الشيخ في التوبيخ، عن ابن مسعود
قلت: سكت عنه الشارح، وراجع ما كتبناه على حديث:"أتدرون ما العضة؟ "، تقف على طرقه.
1295/ 2931 - "إيَّاكُم والكذبَ، فإنَّ الكذبَ مجانبٌ للإيمان".
(حم) وأبو الشيخ في التوبيخ، وابن لال في مكارم الأخلاق عن أبي بكر
قال في الكبير: قال أبو بكر رضي الله عنه: قام فينا خطيبا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم مقامى هذا عام أول ثم بكى وقال: "إياكم والكذب" إلخ. قال الزين العراقى: وإسناده حسن اهـ. وقال الدارقطنى: الأصح وقفه.
قلت: في هذا أمور الأول: وهم المصنف في عزوه الحديث إلى مسند أحمد مرفوعًا، فإن أحمد خرجه فيه موقوفًا.
الثانى: قول الشارح قال أبو بكر رضي الله عنه: قام فينا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم خطيبا إلخ، ليس هو في هذا الحديث، بل ذلك في حديث آخر قال فيه
أحمد [1/ 5]:
حدثنا هاشم بن القاسم ثنا شعبة أخبرنى يزيد بن حمير سمعت سليم بن عامر -رجلًا من حمير- يحدث عن أوسط بن إسماعيل بن أوسط البجلى يحدث عن أبي بكر أنه سمعه حين توفى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: "قام رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم عام الأول مقامى هذا ثم بكى ثم قال: عليكم بالصدق فإنه مع البر وهما في الجنة، وإياكم والكذب فإنه مع الفجور وهما في النار، وسلوا اللَّه المعافاة، فإنه لم يؤت رجل بعد اليقين شيئًا خيرا من المعافاة، ثم قال: لا تقاطعوا ولا تدابروا ولا تباغضوا ولا تحاسدوا وكونوا عباد اللَّه إخوانا".
أما حديث الباب فقال أحمد [1/ 5]:
حدثنا هاشم ثنا زهير يعنى ابن معاوية قال: ثنا إسماعيل بن أبي خالد ثنا قيس قال: قام أبو بكر رضي الله عنه فحمد اللَّه عز وجل وأثنى عليه فقال: "يا أيها الناس إنكم تقرءون هذه الآية: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ} إلخ الآية، وإنكم تضعونها على غير موضعها، وإنى سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: إن الناس إذا رأوا المنكر ولا يغيروه أوشك اللَّه أن يعمهم بعقابه، قال: وسمعت أبا بكر رضي الله عنه يقول: يا أيها الناس إياكم والكذب فإن الكذب مجانب للإيمان".
الثالث: قوله وقال الزين العراقى: سنده حسن، لم يقل العراقى ذلك في هذا الحديث، بل في الحديث الذي ذكرته قبل هذا، فإن الغزالى قال: سمعت إسماعيل بن أوسط سمعت أبا بكر الصديق رضي الله عنه يخطب بعد وفاة رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فقال: قام فينا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم مقامى هذا عام أول ثم بكى وقال: "إياكم والكذب فإنه مع الفجور" الحديث، فقال العراقى: رواه ابن ماجه والنسائى في اليوم والليلة ثم قال: وإسناده حسن اهـ.
وحديث الباب رجاله رجال الصحيح إلا أن الصحيح فيه أنه موقوف كما قال جماعة من الحفاظ منهم الدارقطنى كما حكاه عنه الشارح، ولفظ الدارقطنى لم يرفعه إلا إسماعيل بن أبي خالد، واختلف عنه، فرفعه عنه يحيى بن عبد الملك وجعفر بن زياد الأحمر وعمرو بن ثابت، ووقفه عنه غيرهم وهو أصح.
وروى عن أبي أسامة ويزيد بن هارون أنهما رفعاه ولا يثبت عنهما اهـ.
قلت: وممن رفعه عنه أيضًا يعلى بن عبيد، ومن طريقه أخرجه ابن لال:
ثنا إسماعيل الصفار ثنا محمد بن إسحاق وعباس الدورى قالا: حدثنا يعلى ابن عبيد ثنا إسماعيل بن أبي خالد به.
وممن وقفه ابن المبارك في كتاب الزهد له [ص 299، رقم 736] ووكيع رواه عنه ابن أبي شيبة في الأدب من مصنفه [8/ 404، رقم 5654]
1296/ 2932 - "إيَّاكُم والالتفات في الصَّلاة فإنَّها هلكةٌ".
(عق) عن أبي هريرة
قال في الكبير: رواه -يعنى العقيلى- من حديث بكر بن الأسود عن الحسن عن أبي هريرة، ثم قال العقيلى: لا يتابع على هذا اللفظ، قال: وفي النهى عن الالتفات أحاديث صالحة، كذا في لسان الميزان عنه، وبكر هذا، قال البخارى: عن يحيى بن كثير كذاب، وضعفه النسائى وغيره، وبه يعرف أن المصنف كما لم يصب في اقتصاره على العزو للعقيلى واقتطاعه من كلامه ما عقب به الخبر من بيان حاله الموهم أنه خرجه وأقره، لم يصب في إيثاره الطريق المعلول على الطريق الصالحة التي أشار إليها العقيلى نفسه، وأعجب
من ذلك أنه اقتصر على العزو للعقيلى الموهم أنه لا يوجد لأحد من الستة، وقد خرجه الترمذى عن أنس مرفوعًا بأتم من هذا ولفظه:"إياكم والالتفات في الصلاة فإن الالتفات في الصلاة هلكة، فإن كان لابد ففي التطوع لا في الفريضة" اهـ. بحروفه، ثم قال الترمذى: حديث حسن، فعدول المصنف عنه تقصير أو قصور.
قلت: في هذا الكلام من جهالات الشارح أمور، الأول: أن كتاب العقيلى ليس مصنفا ولا صحيحا ولا سننا بل هو كتاب في الرجال الضعفاء، وما يخرجه فيه من الأحاديث "إنما يورده يستدل به على ضعف الرجل لنكارة الحديث وغرابته أو وهم في متنه وإسناده، فكل الأحاديث المخرجة فيه ضعيفة إلا القليل النادر الذي لم يصب العقيلى في الاستشهاد به أو الذي أورده خارجا عن موضوع استدلاله، فمطلق العزو إليه مؤذن بالضعف كما صرح به المصنف في خطبة الأصل أعنى الجامع الكبير.
الثانى: وحتى لو كان مصنفا أو سننا فإن المصنف قد عرض عن كلام الرجال في الحديث بالرموز للضعف والصحة والحسن.
الثالث: لم تجر عادة المصنف بنقل كلام المصنفين على الأحاديث من أول الكتاب إلى آخره، فهذا الترمذى والحاكم يقصان كل حديث بالكلام عليه، وقد أخرج المصنف من كتابيهما آلافا من الأحاديث، فما نقل في واحد منها كلامًا لواحد فهما استغناء بالرموز، فالتعقب بمثل هذا سخافة وتعنت ظاهر.
الرابع: قوله: في العقيلى يوهم أنه خرجه وأقره تلبيس منه وتدليس يوهم أن العقيلى صنف كتابا في الأحاديث المختلفة التي فيها الصحيح وغيره، وهو إنما ألَّف في الضعفاء.
الخامس: أن المتن الذي خرجه الترمذى هو قطعة من وسط حديث طويل جدا في نحو ورقة، وهو حديث الوصية المشهور عن أنس، وقد اقتصر الترمذى منه على ثلاث قطع ذكرها مفرقة في ثلاثة كتب بإسناد واحد، فقال في كتاب العلم:"باب الأخذ بالسنة واجتناب البدعة"[5/ 46، رقم 2678]، ثم قال:
حدثنا مسلم بن حاتم الأنصارى البصرى ثنا محمد بن عبد اللَّه الأنصارى عن أبيه عن على بن زيد عن سعيد بن المسيب قال: قال أنس بن مالك: "قال لى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: يا بنى إن قدرت أن تصبح وتمسى ليس في قلبك غش لأحد فافعل، يا بنى وذلك من سنتى ومن أحيا سنتى فقد أحيانى ومن أحيانى كان معى في الجنة".
قال الترمذى: وفي الحديث قصة طويلة، هذا حديث حسن غريب عن هذا الوجه، ثم قال: ولا نعرف لسعيد بن المسيب عن أنس رواية إلا هذا الحديث بطوله اهـ.
وذكر في كتاب الاستئذان قطعة أخرى منه فقال [5/ 59، رقم 2698]: "باب في التسليم إذا دخل بيته"، ثم ذكر بالإسناد نفسه عن أنس قال: قال لى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "يا بنى إذا دخلت على أهلك فسلم يكون بركة عليك وعلى أهل بيتك"، ثم قال: هذا حديث حسن صحيح غريب.
وذكر في كتاب الصلاة [2/ 484، رقم 589] قطعة أخرى بهذا السند أيضًا عن أنس قال: قال لى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "يا بنى إياك والالتفات في الصلاة" إلخ ما نقله الشارح.
والحديث رواه جماعة مطولا ومختصرا، وممن رواه مطولا الطبرانى في
الصغير [2/ 100، 102، رقم 856] من طريق مسلم بن حاتم شيخ الترمذى، فيه بسنده إلى أنس أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أوصاه فقال:"يا بنى أسبغ الوضوء يزد في عمرك ويحبك حافظاك، ثم قال: يا بنى إن استطعت أن لا تبيت إلا على وضوء فافعل، فإنه من أتاه الموت وهو على وضوء أعطى الشهادة، ثم قال: يا بنى إن استطعت أن لا تزال تصلى فافعل فإن الملائكة لا تزال تصلى عليك ما دمت تصلى، ثم قال: يا بنى إياك والالتفات في الصلاة" الحديث بطوله.
فلو كان المصنف ذاكرا حديث أنس بقطع النظر عن حذف النداء لذكره بلفظ: "أسبغ الوضوء"، فإنه أول الحديث، ويما عزاه إلى الترمذى أيضًا لأنه لم يخرجه بتمامه، إنما أخرج قطعا منه، لكن المصنف اختار أن لا يذكر في الجامع الصغير إلا الأحاديث القصار دون الطوال أمثال هذا.
السادس: لو فرضنا أن ما ذكره الترمذى هو الحديث بتمامه لكان محل ذكره حرف الياء لأن أوله عند الترمذى: "يا بنى".
السابع: ولو أسقط حرف النداء لكان محل ذكره قد فات، لأن حديث أنس مصدر بـ "إياك" خطابا للمفرد، وحرف إياك تقدم، وإنما المصنف الآن في "إياكم" خطابا للجمع.
الثامن: أن الشارح أورده بلفظ "إياكم" بميم الجمع وعزاه للترمذى وقال عقبه انتهى بحروفه، تأكيدا وإعلاما بأنه لم يذكره بالمعنى، وهو كذب ظاهر، فإن حديث أنس بدون الميم كما علمت.
التاسع: قوله: ولم يصب في إيثاره الطريق المعلول على الطريق الصالحة التي أشار إليها العقيلى جهل تام منه بمراد العقيلى أو تجاهل يريد منه قضاء
حاجة في نفسه، فإن العقيلى لا يريد أن الحديث بحروفه ولفظه ورد من طريق أخرى صالحة، بل قال: وفي النهى عن الالتفات أحاديث صالحة، يشير إلى ما في الباب من الأحاديث الواردة فيه كحديث عائشة رضي الله عنها قالت:"سألت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم عن الالتفات في الصلاة فقال: اختلاس يختلسه الشيطان من صلاة العبد"، رواه البخارى [1/ 191، رقم 751] وأبو داود [1/ 237، رقم 910] وغيرهما.
وحديث أبي ذر مرفوعًا: "لا يزال اللَّه مقبلًا على العبد في صلاته ما لم يلتفت، فإذا صرف وجهه انصرف عنه". رواه أحمد [5/ 272] وأبو داود [1/ 237، رقم 909] وصححه ابن خزيمة [1/ 244، رقم 482] والحاكم في [1/ 237، رقم 864]، أحاديث أخرى معروفة في كتب الأحكام والترغيب والترهيب، والمصنف جعل كتابه على الحروف لا على الأبواب، فكيف يورد حديثا مصدرا بحرف في موضع حرف آخر؟
العاشر: أن المصنف لم يجعل كتابه خاصا بالصحيح حتى يتعقب عليه بمثل هذا لو كان التعقب واردا، بل قصد أن يورد فيه أكثر الأحاديث التي يحتاج إليها من صحيح وحسن وضعيف بجميع أنواعه، إلا الواهى الساقط والموضوع المكذوب، وكل هذا ظاهر واضح، ولا حول ولا قوة إلا باللَّه.
1297/ 2938 - "أيُّما إمام سها فصَّلى بالقوم وهو جنبٌ فقد مضتْ صلاتُهم، ثمَّ لِيغتسل هو ثمَّ لِيُعد صلاتَه، وإن صلَّى بغير وضوءٍ فمثلُ ذلك".
أبو نعيم في معجم شيوخه، وابن النجار عن البراء
قال في الكبير: ولقد أبعد المصنف النجعة حيث عزاه لمن ذكر مع وجوده لغيره، فقد رواه الدارقطنى والديلمى عن جويبر عن الضحاك بن مزاحم عن البراء. وجويبر متروك، والضحاك لم يلق البراء.
قلت: لو عزا المصنف الحديث إلى الدارقطنى لقال الشارح مثل قوله واستدرك بأبى نعيم وابن النجار، وكأنه لم يعرف أن الحديث في سنن البيهقى وإلا لهول به، وأى فرق بين الدارقطنى وأبي نعيم لو كان هناك إنصاف؟!
1298/ 2943 - "أيُّما امرأةٍ خَرجتْ من بيتها بغير إذنِ زوجِها كانتْ في سَخَط اللَّه تعالى حتى ترجعَ إلى بيتها أو يرضى عنها زوجُها".
(خط) عن أنس
قال في الكبير: وقضية كلام المصنف أن الخطيب خرجه وأقره، وهو تلبيس فاحش، فإنه تعقبه بقوله: قال أحمد بن حنبل: إبراهيم بن هدبه لا شيء، في حديثه مناكير، وقال ابن معين: إنه كتب عنه ثم تبين له أنه كذاب خبيث، وقال على بن ثابت: هو أكذب من حمارى هذا اهـ. وقال الذهبى في الضعفاء: هو كذاب ينبغى للمصنف حذفه من الكتاب، وليت إذ ذكره بيَّن حاله، وكما أنه لم يصب في ذلك لم يصب في اقتصاره على عزوه للخطيب وحده، فإن أبا نعيم خرجه وعنه الخطيب، فعزوه للفرع وإهماله الأصل من سوء التصرف.
قلت: الشارح أكذب من إبراهيم بن هدبة ومن حمار على بن ثابت، أول ذلك: ادعاؤه أن المصنف لبس تلبيسا فاحشا، وحاشاه من ذلك بل الملبس هو الشارح، وإذا كان المصنف الذي رمز بالضعف للحديث ونص على أن كل ما في الخطيب أو أكثره ضعيفا يعد مع هذا ملبسا تلبيسا فاحشا، ماذا
يكون حال الشارح في كتابه "كنوز الحقائق" الذي شحنه بالموضوعات والأكاذيب التي يستحى العاقل من نسبتها إلى عاقل مثله فضلا عن النبي صلى الله عليه وسلم ولم يبين حالها لا بالرموز ولا بالصراحة.
الثانى: قوله عن الخطيب أنه تعقب الحديث بقوله. . إلخ فإنه كذب وتدليس وتزوير وتلبيس، فالخطيب ليس مصنفا في الحديث حتى يورد الحديث ويتكلم عليه، بل في الرجال، والحديث إنما يورده في ترجمة الرجل اتصالا به ورواية من طريقه، فهو ترجمة لإبراهيم بن هدبة الفارسى وافتتح ترجمته بأحاديث من روايته عن أنس لقرابة هذا الإسناد، منها حديث الباب، ثم بعدها شرع يتكلم على الرجل وينقل ما قاله النقاد فيه بقطع النظر عن الأحاديث، فنسبة كونه تعقب الحديث إليه كذب صراح لا تعريض فيه.
الثالث: قوله: وكما أنه لم يصب في ذلك لم يصب في اقتصاره على الخطيب. . إلخ، فإنه كذب إذ المصنف الذي رأى الحديث في تاريخ الخطيب وعزاه إليه، قد رأى أن الخطيب أسنده عن شيخه أبي نعيم كما رأى ذلك الشارح، فلو كان ذلك يجور لأهل العلم والأمانة والتحقيق والصدق في النقل لعزاه إلى أبي نعيم، ولكن المصنف عزا الحديث الى من رآه مخرجا في كتابه، وكونه رواه عن شيخ مصنف لا يدل على أن ذلك الشيخ المصنف أثبته في مصنفاته، فقد يكون أبو نعيم حدث الخطيب بهذا الحديث إملاء أو من أصول سماعاته ولم يدرجه في مصنفاته، فكيف يجوز للعالم الأمين أن يعزو الحديث إليه وهو غير عارف بموضع تخريجه ولا جازم بذلك فضلا
عن أن يلام فاعل ذلك والسالك فيه مسلك الصدق والأمانة.
1299/ 2947 - "أيُّما إِهابٍ دُبغَ فقد طَهُرْ".
(حم. ت. ن. هـ) عن ابن عباس
قال في الكبير: وقضية صنيع المؤلف أن هذا الحديث ليس في أحد الصحيحين ولا كذلك بل هو في مسلم وهو مما تفرد به عن البخارى.
قلت: مسلم لم يخرج هذا الحديث بلفظ يدخل هنا أصلا بل رواه بلفظ: "هلا أخذتم إهابها فدبغتموه فانتفعتم به"[1/ 276، رقم 363/ 100] وبلفظ "ألا أخذوا إهابها فدبغوه فانتفعوا به"[1/ 277، رقم 363/ 102] وبلفظ "ألا أخذتم إهابها"[1/ 277، رقم 364/ 103] وبلفظ "ألا انتفعتم بإهابها"[1/ 277، رقم 365/ 104] وبلفظ "إذا دبغ الإهاب فقد طهر"[105/ 366] وبلفظ "دباغه طهوره"[1/ 278، رقم 366/ 106].
ثم ما زعمه من أن مسلما تفرد به عن البخارى باطل، بل خرجه البخارى في باب جلود الميتة من كتاب الذبائح [7/ 125، رقم 5532] بلفظ "ما على أهلها لو انتفعوا بإهابها"[124/ 71، رقم 5531] وبلفظ "هلا استمتعتم بإهابها" فما صدق الشارح لا أولا ولا ثانيا.
1300/ 2953 - "أيُّما رجلٍ عَادَ مَريضًا فإنَّما يَخُوضُ في الرَّحمةِ، فإذا قَعَد عند المريضِ غَمَرتْهُ الرحمةُ".
(حم) عن أنس
قال في الكبير: رواه أحمد من حديث أبي داود ولعله الحبطى عن أنس، قال الهيثمى: وأبو داود ضعيف جدا اهـ.
ثم جزم في الصغير بأنه أبو داود الحبطى ولم يشك.
قلت: الذي في السند هو الأعمى واسمه نفيع بن الحارث الهمدانى الدارمى الكوفى القاضى فلا أدرى من أين أتى الشارح بأبى داود الحبطى؟ وما عرفت في الرجال من هو أبو داود الحبطى؟
والعجب أنه شك أولا في الكبير بأنه الحبطى ثم جزم بذلك في الصغير وهذا لقلة أمانته وتحقيقه.
1301/ 2959 - "أيُّما عبدٍ أبقَ منْ مَوالِيه فَقدْ كفرَ حتَّى يرْجعَ إليهم".
(م) عن جرير
قال في الكبير: موقوفًا ونقل عنه بعض رواته أنه قال: سمعته من النبي صلى الله عليه وسلم لكن أكره أن يروى عنى هنا بالبصرة.
قلت: لا يكاد الشارح يصيب في نقل ولا قول، فالذي نقل عنه هذا هو منصور بن عبد الرحمن أحد رجال إسناده لا جرير، قال مسلم [1/ 83، رقم 68/ 122]:
حدثنا على بن حجر السعدى ثنا إسماعيل -يعنى ابن علية- عن منصور بن عبد الرحمن عن الشعبى عن جرير أنه سمعه يقول: "أيما عبد أبق من مواليه
فقد كفر حتى يرجع إليهم" قال منصور قد واللَّه روى عن النبي صلى الله عليه وسلم ولكنى أكره أن يروى عنى هاهنا بالبصرة اهـ. فهذا مبلغ أمانة الشارح.
1302/ 2961 - "أيُّما مُسلمٍ كسا مُسلِما ثَوْبا كان في حِفْظِ اللَّه تعالى ما بَقيتْ عليه منه رُقعةٌ".
(طب) عن ابن عباس
قلت: أخرجه أيضًا ابن شاهين في الترغيب، قال [ص 317، رقم 368]:
حدثنا عبد اللَّه بن محمد ثنا داود بن رشيد الخوارزمى ثنا محمد بن ربيعة عن خالد بن طهمان عن حصين الجعفى عن ابن عباس به، وخالد بن طهمان صدوق اختلط بآخره.
1303/ 2969 - "أيُّما نائحةِ مَاتْت قبل أن تَتُوبَ ألْبَسَها اللَّه سِرْبَالا من نارٍ وأقامها للنَّاس يوم القيامةِ".
(ع. عد) عن أبي هريرة
قال الشارح نقلا عن الهيثمى: إسناده حسن.
قلت: إن كان أبو يعلى رواه بإسنادين فممكن ذلك، وإلا فالحديث منكر أو موضوع لأن ابن حبان رواه في الضعفاء [2/ 186] عن أبي يعلى، قال:
ثنا أبو إبراهيم الترجمانى ثنا عبيس بن ميمون عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة به.
وعبيس بن ميمون منكر الحديث متروك، قال ابن حبان يروى عن الثقات الأشياء الموضوعات توهما لا تعمدا، فإذا سمعها أهل العلم سبق إلى قلوبهم أنه كان المتعمد لها اهـ. وتكلم فيه آخرون، فلعل النور الهيثمى غفل عن وجوده في سند الحديث واللَّه أعلم.
1304/ 2971 - "أيُّما امرأةٍ استعطرتْ ثمَّ خَرجتْ فَمَرتْ على قوم ليجِدُوا ريحَها فهى زانيةٌ وكلُّ عينٍ زانيةٌ".
(حم. ن. ك) عن أبي موسى
قال في الكبير: قال الحاكم: صحيح، وأقره الذهبى، وأقول فيه عند الأولين ثابت بن عمارة، أورده الذهبى في ذيل الضعفاء، وقال: قال أبو حاتم ليس بالمتين عندهم، ووثقه ابن معين.
قلت: تقييده بالأولين يفيد أنه عند الثالث ليس كذلك، مع أن الجميع رواه من طريقه عن غنيم بن قيس عن أبي موسى الأشعرى به.
ومن طريقه أيضًا رواه الطحاوى في مشكل الآثار [(7/ 141، رقم 2716) و (11/ 478، رقم 4553)] وأما الانتقاد بثابت بن عمارة فمن فضول الشارح فإنه ثقة مطلقا، وقول أبي حاتم فيه غير ضائر بل ليس هو بشيء.
1305/ 2973 - "أيُّما امرئٍ وُلى من أمر المسلمين شيئًا لم يحطْهم بما يحوطُ نفسَهُ لم يُرح رائحةَ الجنَّةِ"
(عق) عن ابن عباس
قال في الكبير: قضية كلام المصنف أن العقيلى خرجه ساكتًا عليه، والأمر بخلافه، فإنه ساقه من حديث إسماعيل بن شبيب الطائفى وقال: أحاديثه مناكير غير محفوظة.
قلت: بل قضية كلام المصنف لا تدل على شيء ولا المصنف ملزم بنقل كلام الناس على الأحاديث ولا قائل بذلك أصلا إلا في عرف الشارح، ثم إن المصنف رمز للحديث بالضعف وهى قضية تشر إلى أن العقيلى لم يسكت عليه، على أنا قدمنا مرارا أن العقيلى ألف في الرجال الضعفاء، فكل حديث يعزى إليه فهو معلوم الضعف، وقد صرح المصنف بذلك في خطبة الجامع الكبير، والشارح ممن يعلم ذلك.
والحديث ورد من غير هذا الوجه من حديث أبي سعيد الخدرى، قال أبو نعيم في تاريخ أصبهان [1/ 319]:
حدثنا أبو محمد بن حيان ثنا ابن عامر ثنا أبي وعمى قالا حدثنا أبي ثنا زياد بن طلحة عن الأعمش عن أبي سفيان عن أبي نضرة عن أبي سعيد قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "أيما امرئ لم يحط رعيته بالنصيحة حرم اللَّه عليه الجنة".
1306/ 2976 - "أيُّما صبيٍّ حجَّ ثم بلغ الحنْثَ فعليه أن يحُجَّ حجةً أخرى، وأيُّما أعرابى حجَّ ثم هاجرَ فعليه أنْ يَحُجَّ حجةً أخرى، وأيُّما عبدٍ حَجَّ ثم اعتق فعليه أن يحُجَّ حجةً أخرى".
(خط) والضياء عن ابن عباس
قال الشارح: بإسناد ضعيف، ورواه الطبرانى بإسناد صحيح.
وقال في الكبير: ظاهر صنيع المصنف أن الخطيب خرجه ساكتا عليه، والأمر
بخلافه، بل تعقبه بقوله: لم يرفعه إلا يزيد بن زريع عن شعبة، وهو غريب اهـ. قال ابن حجر: تفرد برفعه محمد بن المنهال عن يزيد بن زريع عن شعبة عن الأعمش عنه، وأخرجه ابن عدى، وقال إن يزيد بن زريع سرقه من محمد بن المنهال اهـ. ورواه الطبرانى في الأوسط، قال الهيثمى: ورجاله رجال الصحيح، فلو عزاه المصنف له لكان أولى.
قلت: في هذا أمور، الأول: ظن الشارح أن قول الخطيب "لم يرفعه إلا يزيد بن زريع" تضعيف للحديث، وطعن في سنده وهو في ذلك غالط جاهل بمعنى قول الحفاظ لم يرفعه إلا فلان، فإنه لا مسيس له بضعف الحديث أصلا، وإنما هو بيان لاختلاف الرواة في رفع الحديث ووقفه، وبيان من انفرد برفعه منهم على حسب مبلغ علم القائل، فقد يكون الأمر كما قال وقد يكون ذلك الراوى لم ينفرد به كالواقع هنا، فإن يزيد بن زريع لم ينفرد برفعه كما قال الخطيب، بل تابعه على رفعه جماعة كما سأذكره.
الثانى: زعم أن الخطيب أخرجه بسند ضعيف، والأمر بخلافه، بل سند الخطيب صحيح ورجاله ثقات، والشارح أخذ ضعفه من قول الخطيب [8/ 209] تفرد برفعه يزيد بن زريع عن شعبة وهو غريب، وقد بينا أنه لا مدخل لهذا: في الضعف أصلا.
الثالث: وزعم أيضًا أن الطبرانى رواه برجال الصحيح بخلاف الخطيب، مع أن شد الحديث واحد من رواية شعبة عن الأعمش عن أبي ظبيان عن ابن عباس، وعن شعبة اشتهر الحديث، ورواه جماعة كثيرة فلا يعتبر باختلاف السند قبله، وإنما أصل الحديث من شعبة فما فوق.
الرابع: ونسب إلى الحافظ أنه قال تفرد برفعه محمد بن المنهال عن يزيد بن
زريع عن شعبة، والحافظ لم يقل ذلك بل نقله عن البيهقى، ثم تعقبه بقوله: لكن هو عند الإسماعيلى والخطيب عن الحارث بن سريج عن يزيد ابن زريع متابعة لمحمد بن المنهال، قال: ويؤيد صحة رفعه ما رواه ابن أبي شيبة [ص 405، رقم 274] عن ابن عباس قال: "احفظوا عنى ولا تقولوا قال ابن عباس" فذكره، وهذا ظاهره أنه أراد أنه مرفوع، فلذا نهاهم عن نسبته إليه اهـ.
وكأن الحافظ لم يستحضر أن لمحمد بن المنهال متابعين آخرين على رفعه غير الحارث بن سريج كما سأذكره في الكلام على يزيد بن زريع.
الخامس: وزعم أن الحافظ أيضًا قال: وأخرجه ابن عدى وقاله: إن يزيد بن زريع سرقه من محمد بن المنهال اهـ. وهذا كذب، فالحافظ ما نطق بحرف من هذا ولقد أعاذه اللَّه تعالى وكل عالم بل وكل عاقل أن ينطق بهذا المحال، فإن يزيد بن زريع هو شيخ محمد بن المنهال في الحديث، وهو الذي حدثه به فكيف يسرقه منه، وأيضا يزيد بن زريع ثقة كبير وإمام حافظ متفق على ثقته وجلالته، بل قلَّ في الثقات من انعقد الإجماع على ثقة مثله، وهو من رجال الصحيحين والأربعة، فكيف يتهم بسرقة حديث وينسب ذلك إلى ابن عدى وإلى نقل الحافظ ذلك عنه؟
السادس: قوله: ورواه الطبرانى في الأوسط. . إلخ. كأنه لما رأى ذلك في مجمع الزوائد ظن أن ذلك هو المنتهى، مع أن الحديث مخرج في صحيح ابن خزيمة [4/ 349، رقم 3050] ومستدرك الحاكم وسنن البيهقى [4/ 325، 5/ 179]، وهى أشهر وأصح من الطبرانى، ومخرج أيضًا في معانى الآثار للطحاوى ومحلى ابن حزم وغيرها، فلو كان الاستقصاء في العزو واجبا وتركه عيبا ونقصا كما يفهمه الشارح أو يريد أن يفهمه لكان هذا
أكبر نقص في حقه إذ استدرك بالطبرانى وترك ابن خزيمة والحاكم والبيهقى.
السابع: أن ما نقله عن الخطيب من تفرد يزيد بن زريع برفعه غير مسلم بل تابعه على ذلك عفان وأبو الوليد ومحمد بن كثير كلهم عن شعبة، قال الحاكم في المستدرك [1/ 481، رقم 1769]:
حدثنا أحمد بن سلمان الفقيه ثنا جعفر بن محمد بن شاكر ثنا عفان ثنا شعبة (ح)
وأخبرنا إسماعيل بن محمد الفقيه بالرى ثنا أبو حاتم محمد بن إدريس ثنا أبو الوليد ومحمد بن كثير قالا حدثنا شعبة (ح)
وثنا أبو بكر بن اسحاق ثنا أبو المثنى ثنا محمد بن المنهال ثنا يزيد بن زريع ثنا شعبة عن الأعمش عن أبي ظبيان عن ابن عباس قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "إذا حج الصبى فهى له حجة، حتى يعقل وإذا عقل فعليه حجة أخرى، وإذا حج الأعرابى فهى له حجة فإذا هاجر فعليه حجة أخرى" ثم قال: صحيح على شرط الشيخين اهـ.
ويؤيد رفعه ما رواه ابن أبي شيبة في مصنفه [ص 405، رقم 272](1):
ثنا أبو معاوية عن الأعمش عن أبي ظبيان عن ابن عباس قال: "احفظوا عنى ولا تقولوا قال ابن عباس" فذكره.
ورواه الطحاوى في مشكل الآثار:
ثنا محمد بن خزيمة ثنا عبد اللَّه بن رجاء ثنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن أبي السفر قال: سمعت ابن عباس يقول: "يا أيها الناس اسمعونى ولا
(1) القسم الأول من القسم الرابع من المصنف، المعروف بالجزء المفقود.
تخرجوا تقولون قال ابن عباس، أيما غلام" فذكره.
ورواه البيهقى في السنن [5/ 179] من طريق أحمد بن خالد الوهبى: ثنا يونس بن أبي إسحاق عن أبي السفر به.
ورواه ابن أبي شيبة [ص 405]:
ثنا وكيع عن يونس بن أبي إسحاق قال: سمعت شيخا يحدث [أبا إسحاق](1) عن محمد بن كعب القرظى عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "أيما صبى حج به أهله ثم مات أجزأ عنه، وإن أدرك فعليه الحج" الحديث.
وقد اعترف ابن حزم بصحة حديث محمد بن المنهال المرفوع، قال: لأن رواتها ثقات، إلا أن الخبر منسوخ بلا شك، ثم ذكر ناسخه.
وبالجملة فالحديث صحيح وسند الخطيب أيضًا صحيح، وما ذكره الشارح لا طائل تحته.
1307/ -بدون رقم - "أيُّما امرئٍ اقتَطَع (2) حقَّ امرئٍ مُسلم بيمينٍ كاذبةٍ كانت له نكتةٌ سوداءُ في قلبه لا يغيرها شيءٌ إلى يوم القيامةِ".
الحسن بن سفيان (طب. ك) عن ثعلبة الأنصارى
قال الشارح: بإسناد ضعيف.
قلت: اعتاد الشارح الغلط على الناس حتى صار يغلط على نفسه، فإن
(1) الزيادة من المصنف، وأبو إسحاق هذا والد يونس، وقد سمع يونس منه، وانظر التهذيب (32/ 489).
(2)
سقط الحديث من متن فيض القدير مع وروده في الحاشية، انظر (3/ 149).
الحديث صحيح لا غبار عليه، وقد صححه الحاكم [4/ 294، رقم 7800] وأقره الذهبى ولكن الشارح نقل في الكبير هذه العبارة: "قيل هو أحد الستة الذين تخلفوا عن تبوك"، قال الذهبى: وذلك ضعيف اهـ.
فنقل هذا من كبيره إلى صغيره ولكن حرفه فجعله في الحديث مع أنه ذكره في كون الرجل من الستة الذين تخلفوا.
1308/ 3001 - "أيَّما مسلمٍ استرْسل إلى مسلمٍ فَغَبَنه كان غُبْنُه ذلك ربا"
(حل) عن أبي أمامة
قال في الكبير: ورواه عنه الطبرانى أيضًا باللفظ المزبور وفيه موسي بن عمير القرشى، قال أبو حاتم: ذاهب الحديث.
قلت: الطبرانى لم يروه باللفظ المزبور كما زعم الشارح، بل رواه بلفظ:"غبن المسترسل حرام".
وقد ذكره المصنف كذلك في حرف الغين وعزاه للطبرانى، قال الطبرانى [8/ 149، رقم 7576].
ثنا أحمد بن خليد ثنا أبو توبة ثنا محمد بن عبيد ثنا موسى بن عمير عن مكحول عن أبي أمامة قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "غبن المسترسل حرام".
والذي غرَّ الشارح في هذا أنه رأى أبا نعيم أسنده في الحلية عن الطبرانى أولا ثم حول الإسناد ورواه عن أبي عمرو بن حمدان، فساقه أولا بلفظ الحسن بن سفيان ثم نص على لفظ الطبرانى فلم ينتبه الشارح لذلك.
ولفظ أبي نعيم [5/ 178]: ثنا سليمان بن أحمد ثنا أحمد بن
خليد ثنا أبو توبة (ح)
وحدثنا أبو عمرو بن حمدان ثنا الحسن بن سفيان ثنا الحارث بن عبد اللَّه ثنا محمد بن عبيد ثنا موسى بن عمير عن مكحول عن أبي أمامة قال: قال رسوله اللَّه صلى الله عليه وسلم: "أيما مؤمن استرسل إلى مؤمن فغبنه كان غبنه ذلك ربا" هذا لفظ الحارث، وقال أبو توبة:"غبن المسترسل حرام" اهـ. فلم يفرق الشارح بين كوع الإسناد وبوعه.
1309/ 3004 - "أيُّما ناشئٍ نشأ في طلبِ العلمِ والعبادِ حتَّى يكْبُرَ أعطاهُ اللَّه يومَ القيامةِ ثوابَ اثنينِ وسبعينَ صدِّيقًا".
(طب) عن أبي أمامة
قال في الكبير: قال في الميزان: هذا منكر جدا اهـ. وقال الهيثمى: فيه يوسف بن عطية متروك الحديث.
قلت: الحديث باطل موضوع، وقد أخرجه أيضًا ابن عبد البر من هذا الوجه من رواية محمد بن أبي السرى:
ثنا يوسف بن عطية ثنا مروان أبو عبد اللَّه عن مكحول عن أبي أمامة به.
1310/ 3007 - "أيُّما راعٍ استرعى رعيةً فلم يحطْها بالأمانةِ والنصيحةِ، ضاقت عليه رحمة اللَّه التي وسعتْ كلَّ شيء".
(خط) عن عبد الرحمن بن سمرة
قال الشارح: بإسناد ضعيف.
قلت: لم يبين وجه ضعفه، وهو من رواية أبو محمد البخارى الفقيه صاحب مسند أبي حنيفة:
ثنا خالد بن تمام الأسدى ثنا سليمان الشاذكونى ثنا الفضيل بن عياض عن هشام بن حسان عن الحسن عن عبد الرحمن بن سمرة به، وأبو محمد البخارى ضعيف صاحب مناكير.
لكنه ورد من وجه آخر قال الدينورى في المجالسه:
حدثنا أبو قلابة عبد الملك بن محمد الرقاشى ثنا عبد الصمد بن عبد الوارث ثنا محمد بن ذكوان حدثنى مجالد بن سعيد قال: سمعت الشعبى يقول: سمعت الحسن يحدث ابن هبيرة عن عبد الرحمن بن سمرة قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "ما استرعى اللَّه عبدا رعية فلم يحطها بنصيحة إلا حرم اللَّه عليه الجنة".
1311/ 3008 - "أيُّما والٍ وَلى شيئًا من أمر أمَّتى فلم ينصحْ لهم ويجتهدْ لهم كنصيحتهِ وجهدهِ لنفسهِ كبَّهُ اللَّهُ تعالى على وجههِ يومَ القيامة في النَّار".
(طب) عن معقل بن يسار
قلت: سكت عنه الشارح، وقد خرجه الطبرانى في الثلاثة.
قال في الصغير [1/ 282، رقم 465]: حدثنا الزبير بن محمد البغدادى ثنا العباس بن محمد بن حاتم ثنا عبد الرحمن بن غزوان أبو نوح ثنا السرى بن يحيى ثنا عبد الرحمن بن معقل بن يسار عن أبيه به.
ورواه جماعة من طرق أخرى عن معقل بن يسار منهم البخارى ومسلم والحاكم وسيأتى بلفظ "ما من عبد يسترعيه اللَّه" في حرف الميم، والشارح لا يعلم ذلك.
1312/ 3022 - "أيْمنُ امرئ وأشْأمُهُ ما بين لحييْه"
(طب) عن عدى بن حاتم
قلت: أخرجه أيضا ابن خزيمة في كتاب التوحيد مرفوعًا [2/ 364] وموقوفا [2/ 365]. وقال: إن الموقوف هو الصحيح، قال: حدثنا زيد بن أخزم الطائى ثنا وهب بن جرهـ ثنا أبي قال سمعت الأعمش يحدث عن خيثمة بن عبد الرحمن عن عدى بن حاتم عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أيمن امرئ وأشأمه بين لحييه".
قال لنا زيد: سمعته مرتين، مرة رفعه، ومرة لم يرفعه، وقال لنا زيد مرة، وسمعته مرة، وسئل عنه فقال: لا أهاب أن أرفعه.
ثم قال ابن خزيمة: حدثنا أبو كريب ثنا أبو أسامة ثنا جرير بن حازم فذكره موقوفًا ثم قال وهذا هو الصحيح.
1313/ 3023 - "الآخذُ بالشُبهاتِ يَستَحِلُّ الخمرَ بالنبيذ، والسُّحتَ بالهديَّة، والبخسَ بالزَّكاة".
(فر) عن على
قلت: هذا حديث موضوع ظاهر البطلان، وقد أسخف الشارح على عادته فقال: ورواه عنه أيضًا [أبو نعيم] وأبو الشيخ، ومن طريقهما أورده الديلمى، فعزوه إلى الأصل كان أولى، ثم إن فيه بشار بن قيراط، قال الذهبى: متهم بالوضع اهـ.
مع أن المصنف لم يره عند أبي الشيخ وأبي نعيم ولا صرح الديلمى في أى كتاب خرجاه، فكيف يعزوه المصنف إلى من لم يتحقق أنهما أخرجاه، ثم إن
الذهبى لم يقل في بشار متهم كما نقل عنه الشارح، بل نقل تكذيبه عن أبي زرعة.
والحديث قال فيه الديلمى [1/ 163، رقم 441]:
أنا الحداد أنا أبو نعيم أنا أبو محمد بن حيان ثنا محمد بن شعيب ثنا عبد الرحمن بن. . . (1) حدثنا بشار بن قيراط ثنا على بن صالح المكى عن محمد بن عمر بن على عن أبيه عن جده به.
1314/ 3029 - "الآياتُ بعدَ المائتينِ".
(هـ. ك) عن أبي قتادة
قال في الكبير: قال الحاكم: على شرطهما، وشنع عليه الذهبى، وقال: أحسبه موضوعا وعون بن عمارة ضعفوه اهـ. وفيه ابن المثنى ضعفوه أيضًا، وسبقه إلى الحكم بوضعه ابن الجوزى، وتعقبه المصنف فما راح ولا جاء.
قلت: بل جاء بالفائدة وراح بخيبة الشارح، فابن الجوزى أخرج الحديث [3/ 198]، من طريق محمد بن يونس الكديمى:
ثنا عون بن عمارة ثنا عبد اللَّه بن المثنى عن أبيه عن جده أنس عن أبي قتادة به، ثم قال: موضوع، عون وابن المثنى ضعيفان، غير أن المتهم به الكديمى اهـ.
فحكم بوضعه لأجل وجود الكديمى في سنده لا لأجل عون ولا عبد اللَّه بن المثنى، فتعقبه المصنف بأن ابن ماجه والحاكم روياه من غير طريق الكديمى المتهم به فبرئ من عهدته، فأى تعقب بعد هذا، أما عون وعبد اللَّه فلم يبلغ الحال بهما إلى الوضع.
(1) بياض بالأصل.
1315/ 3031 - "الآيتانِ مِنْ آخرِ سورة البقرةِ من قَرَأهُما في ليلةٍ كَفَتاهُ".
(حم. ق. هـ) عن ابن مسعود
قال في الكبير: ظاهر صنيع المؤلف أنه لم يخرجه من الأربعة إلا ابن ماجه، وليس كما أوهم فقد رواه أبو داود والترمذى والنسائى في فضائل القرآن عن ابن مسعود أيضًا فاقتصاره على القزوينى رحمه اللَّه تعالى غير جيد قلت: بل تهور الشارح وفضوله غير جيد فهؤلاء رووه بلفظ "من قرأ الآيتين" وقد أعاده المصنف كذلك في حرف الميم وعزاه للأربعة فانتقد عليه الشارح هناك بأنه في مسلم فما أصاب لا هنا ولا هناك
1316/ 3037 - "الأبدالُ من الموَالى".
الحاكم في الكنى عن عطاء مرسلًا
قال في الكبير: ظاهره أن ذا هو الحديث بتمامه، وليس كذلك بل بقيته عند مخرجه الحاكم:"ولا يبغض الموالى إلا منافق" اهـ.
وظاهر صنيعه أيضًا أن هذا لا علة له غير الإرسال والأمر بخلافه بل فيه الرجال بن سالم، قال في الميزان: لا يدرى من هو والخبر منكر اهـ. وخرجه عنه أيضًا أبو داود في مراسيله اهـ.
قلت: ليس شيء من هذا واقعا، فالذي خرجه بالزيادة المذكورة هو الطيورى في "الطيوريات"، وأسنده الذهبى في الميزان من طريقه ثم من طريق أبي داود، فنقل الشارح الزيادة منه وجزم بأنها عند مخرجه الحاكم، وجزم أيضًا بأن أبا داود خرجه في المراسيل كأنه رأه فيه، وإنما وقع ذكر أبي داود في السند فقط، فقد يكون في مراسيله وقد لا يكون، وما زعمه من أن ظاهر صنيع المصنف أنه لا علة له باطل، بل ظاهر صنيعه أنه معلول لأنه رمز له
بالضعف.
قال الذهبى في الميزان [2/ 47، رقم 2766]:
أخبرنا سليمان الحاكم أنا جعفر ثنا السلفى ثنا المبارك بن الطيورى ثنا العتيقى ثنا محمد بن عدى كتابة ثنا أبو عبيد الآجرى (1) ثنا أبو داود السجستانى أنبأنا محمد بن عيسى بن الطباع ثنا ابن فضيل عن أبيه عن الرحال بن سالم عن عطاء قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "الأبدال من الموالى، ولا يبغض الموالى إلا منافق" اهـ.
والحديث ظاهر البطلان إن لم يكن مؤولا أو مختصرا قد ذهب منه ما أفسد معناه، فإن الإبدال كما يكونون من الموالى يكونون من العرب، وكما يكونون من العبيد يكونون من الأحرار كما هو مشاهد، وفضل اللَّه لا يختص بفريق دون فريق.
1317/ 3040 - "الإثْمدُ يجْلو البَصرَ ويُنبتُ الشعرَ".
(تخ) عن معبد بن هوذة
قلت: خالف المصنف صنيعه في هذا الحديث، فإن البخارى قال [7/ 398]:
ثنا أبو نعيم ثنا عبد الرحمن بن النعمان الأنصارى عن أبيه عن جده، وكان أتى به النبي صلى الله عليه وسلم فمسح على رأسه وقال:"لا تكتحل وأنت صائم اكتحل ليلًا، الإثمد يجلو البصر وينبت الشعر"، فالحديث على اصطلاحه يجب أن يدخل في حرف "لام الألف"
(1) في الأصل الأزدى، والتصويب من الميزان، وانظر التهذيب (11/ 361).
وقد رواه أبو داود بسياق آخر فقال [2/ 320، رقم 2377]:
حدثنا النفيلى ثنا على بن ثابت حدثى عبد الرحمن بن النعمان بن معبد بن هوذة عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم: "أنه أمر بالإثمد المروح عند النوم وقال: ليتقه الصائم"، قال أبو داود: قال لى يحيى بن معين: هذا حديث منكر.
ثم أسند أبو داود عن أنس أنه كان يكتحل وهو صائم، وهو عن الأعمش [2/ 321، رقم 2379] قال: ما رأيت أحدًا من أصحابنا يكره الكحل للصائم.
قلت: ونكارة الحديث من قبل عبد الرحمن بن النعمان فإنه ضعيف.
1318/ 3041 - "الأجْدعُ شيْطانٌ".
(حم. د. هـ. ك) عن عمر
قاله الشارح: بإسناد ضعيف.
وقال في الكبير: قال المناوى: فيه مجالد بن سعيد، قال أحمد: ليس بحجة، وابن معين: لا يحتج به، والدارقطنى: ضعيف وكذا الحاكم اهـ. فعزو المصنف الحديث للحاكم وسكوته عن تضعيفه له غير سديد.
قلت: مجالد بن سعيد صدوق من رجال مسلم، وإن كان فيه لين كما قال الذهبى، والحاكم لم يضعف الحديث، بل رواه [4/ 279، رقم 7742] من طريق مجالد عن عامر عن مسروق قال: "قدمت على عمر فقال: ما اسمك؟ قلت: مسروقه، قال: ابن من؟ قلت: ابن الأجدع، قال: أنت مسروق بن عبد الرحمن، حدثنا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أن الأجدع شيطان".
قال الحاكم: تفرد به مجالد بن سعيد وليس من شرط هذا الكتاب اهـ.
وليس معنى هذا تضعيف الحديث بل معناه أنه ليس في الدرجة العليا من الصحة كما هو شرط الشيخين المصنَّفُ كتابه على شرطهما لأن الشيخين غالبا لم يخرجا للين المتكلم فيه، مثل مجالد، ما تفرد به، بل ما له شواهد ومتابعات فيكون الحديث صحيحا لكن ليس على شرطهما أو يكون حسنا، أما ضعيف فلا، ولو اعتقد تضعيفه لما خرجه في صحيحه إلا مع التنبيه عليه.
1319/ 3045 - "الأذانُ تِسْعَ عشْرَةَ كلمَةً، والإقامةُ سَبْعَ عشْرةَ كلِمةً".
(ن) عن أبي محذورة
قال في الكبير: ظاهر صنيع المصنف أن النسائى تفرد به عن الستة والأمر بخلافه، فقد خرجه الترمذى أيضًا، بل عزاه القسطلانى لمسلم أيضًا.
قلت: الحديث خرجه مسلم وأبو داود والترمذى وابن ماجه، وليس عند واحد منهما هذا اللفظ.
أما مسلم فلفظه [1/ 287، رقم 379/ 6] عن أبي محذورة: "أن نبي اللَّه صلى الله عليه وسلم علمه هذا الأذان: اللَّه أكبر اللَّه أكبر أشهد أن لا إله إلا اللَّه" وذكر صفة الأذان بتمامه.
وأما أبو داود فلفظه [1/ 134، رقم 502] مثل ذلك ورواه أيضًا عنه: "أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم علمه الأذان تسع عشرة كلمة، والإقامة سبع عشرة كلمة، الأذان اللَّه أكبر اللَّه أكبر" وذكر صفته.
وهكذا رواه الترمذى [1/ 367، رقم 192] لكنه لم يذكر لفظ الأذان بل قال: عن أبي محذورة: "أنه النبي صلى الله عليه وسلم علمه الأذان تسع عشرة كلمة، والإقامة سبع عشرة كلمة".
ورواه ابن ماجه مطولا ولفظه: "علمنى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم الأذان تسع عشرة
كلمة والإقامة سبع عشرة كلمة، الأذان اللَّه أكبر"، وذكره بتمامه.
فألفاظ هؤلاء موقوفة لأن الصحابى عبر عما لقنه رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بالجملة فذكر عدده ولم يذكر لفظه، ومتى كان موقوفًا فليس هو من شرط الكتاب، ولفظ النسائى مرفوع يدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم هو الذي نطق بلفظ العدد أولا مجملًا ثم فضله كما عند الآخرين، ففرق بعيد بين الروايتين لو كان الشارح يعقل بل لو عزاه المصنف باللفظ المذكور إلى الترمذى والمذكورين لكان منتقدا ومخطئا غاية الخطأ إذ أدرج الموقوف في المرفوع.
1320/ 3054 - "الاستئذانُ ثلاثٌ، فالأولى تستمعونَ، والثانيةُ تستصلحونَ، والثالثةُ تؤْذنونَ أو تُرَدونَ".
(قط) في الأفراد عن أبي هريرة
قلت: قاله الدارقطنى:
ثنا مراد ثنا محمد بن أبي صالح الأزدى وأبو شيبة عبد العزيز بن جعفر بن بكر الخواررمى قالا: ثنا العباس بن يزيد ثنا عمر بن عمران قال: حدثنا دهشم بن قران عن يحيى بن أبي كثير عن عمرو بن عثمان عن أبي هريرة به. ثم قال: تفرد به دهشم بن قران عن يحيى بن أبي كثير.
قلت: ودهشم متروك وكذا الراوى عنه، وقد أورده الذهبى في ترجمته وهو باطل لا شك فيه إن شاء اللَّه.
1321/ 3060 - "الإسلامُ عَلَانيةٌ والإِيمانُ في القَلبِ".
(ش) عن أنس
قال في الكبير: قال عبد الحق: حديث غير محفوظ، تفرد به على بن مسعدة وفي توثيقه خلف، قال أبو حاتم: لا بأس به، والبخارى: فيه نظر، وابن عدى: أحاديثه غير محفوظة، وقال الهيثمى: رواه أحمد وأبو يعلى والبزار ورجاله رجال الصحيح.
قلت: هذا يفيد أن هؤلاء خرجوه من غير طريق على بن مسعدة مع أنهم رووه من طريقه، والحافظ الهيثمى استثناه مما قال، ولكن الشارح حذف ذلك من كلامه فوهم وأوهم.
وعبارة الهيثمى عن أنس قال: "كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: الإسلام علانية والإيمان في القلب، قال: ثم يشير بيده إلى صدره ثلاث مرات ثم يقول: التقوى ههنا، التقوى ههنا، رواه أحمد وأبو يعلى بتمامه والبزار باختصار، ورجاله رجال الصحيح ما خلا على بن مسعدة، وقد وثقه ابن حبان وأبو داود الطيالسى وأبو حاتم وابن معين وضعفه آخرون اهـ. هذا نص كلام الهيثمى بحروفه.
ثم إن ابن حبان ذكر على بن مسعدة في الضعفاء أيضًا وقال: كان ممن يخطئ على قلة روايته ويتفرد بما لا يتابع عليه فاستحق ترك الاحتجاج به فيما لا يوافق الثقات من الأخبار، ثم قال:
حدثنا الحسن بن سفيان ثنا أبو بكر بن أبي شيبة ثنا زيد بن الحباب ثنا على بن مسعدة ثنا قتادة عن أنس بالحديث.
1322/ 3062 - "الإسلامُ يَزيدُ ولا يَنْقصُ".
(حم. د. ك. هق) عن معاذ
قال الشارح في الكبير: أى أبو داود الطيالسى في مسنده، [ثم] قال أيضًا: قلل الحافظ في الفتح: قال الحاكم: صحيح، وتعقب بالانقطاع بين أبي الأسود ومعاذ، لكن سماعه منه ممكن، وقد زعم الجوزقانى أنه باطل، وهى مجازفة، وقال القرطبى في "المفهم": هو كلام يحكى ولا يروى ولعله ما وقف على ما ذكر اهـ. وسبب هذا الحديث كما في أبي دارد عن عبد اللَّه بن بريدة: "أن أخوين اختصما إلى يحيى بن يعمر، يهوديا ومسلما في ميراث أخ لهما يهودى فورَّث المسلم" وقال حدثنى أبو الأسود،
ووقع في الأصل المطبوع أبو الدرداء، أن رجلًا حدثه عن معاذ سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول فذكره، قال ابن عبد البر: وهذا لا حجة فيه وليس في اللفظ ما يعطيه، وجعله ابن الجوزى موضوعا ونازعه المؤلف.
قلت: في هذا أمور، الأول: تفسيره رمز "الدال" بأبى داود الطيالسى من أعجب ما يرى من الوهم والغفلة، فإن المصنف لم يجعل لأبي داود الطيالسى رمزا، بل إذا عزا إليه يذكره بكامل اسمه، وكون "الدال" لأبي داود السجستانى في هذا الكتاب بل وسائر كتب الحديث أمر ضرورى لا يغفل عنه إلا غارق في بحار الغفلة والحيرة والوله.
الثانى: أنه قال: وسبب هذا الحديث كما في أبي داود: "أن أخوين يهوديا ومسلما اختصما في أخ لهما يهودى"، وهذه زيادة من عنده فليس هذا في الحديث لا في سند أبي داود ولا في مسند أبي داود (1) عن عبد اللَّه بن بريدة:"أن أخوين اختصما إلى يحيى بن يعمر، يهودى ومسلم، فورَّث المسلم منهما".
وقال: حدثنى أبو الأسود وذكره لم يقل: "في أخ لهما يهودى".
وأما أبو داود الطيالسى فعين في روايته [ص 77، رقم 568] أن الميراث كان من والد لا من أخ، إلا أنه جعل ذلك من حكم معاذ نفسه لا من حكم يحيى بن يعمر. وكذلك هو عند الحاكم في المستدرك [4/ 345].
الثالث: أنه حكى تصحيحه عن الحاكم والذهبى والحافظ وغيرهم، ثم ذكر أن ابن الجوزى ذكره في الموضوعات فأوهم أنه حكم عليه بالوضع من الطريق
(1) أى: الطيالسى.
التي حكم له بها أولئك بالصحة وليس كذلك، بل ابن الجوزى أتى به من موضوعات الجوزقانى الذي رواه من طريق محمد بن المهاجر:
ثنا يزيد بن هارون ثنا حماد بن سلمة عن خالد الحذاء عن عمرو بن كردى عن يحيى بن يعمر عن معاذ، ثم اتهم به محمد بن المهاجر.
وهؤلاء رووه من طريق شعبة عن عمرو بن حكيم عن عبد اللَّه بن بريدة عن يحيى بن يعمر عن أبي الأسود عن معاذ، فبرئ محمد بن المهاجر منه، وبهذا الطريق تعقبة المولف.
1323/ 3063 - "الإسلامُ يَعْلو ولَا يُعْلَى".
الرويانى (قط. هق) والضياء عن عائذ بن عمرو
قال في الكبير: وعلقه البخارى، ورواه الطبرانى في الصغير والبيهقى في الدلائل، قال ابن حجر: وسنده ضعيف.
قلت: ما رواه الطبرانى في الصغير أصلا (1) ولا رواه البيهقى في الدلائل عن عائذ بن عمرو، وإنما رواه هو (2) والطبرانى في الأوسط (3) لا
(1) بل رواه في الصغير (2/ 153، رقم 948) عن عمر بن الخطاب في حديث "الضب"، وفيه:"الحمد للَّه الذي هداك إلى هذا الدين الذي يعلو ولا يعلى".
(2)
رواه في السنن الكبرى (6/ 205) من حديث عائذ بن عمرو، وفي الدلائل (6/ 36) من حديث عمر بن الخطاب.
(3)
لم أجده في المعجم الأوسط، ولم أرَ من عزاه إليهم إلا الزيعلى في نصب الراية (3/ 213)، وقد ذكره ابن حجر في التلخيص الحبير (4/ 126) وعزاه إلى المعجم الصغير فقط، ولعل ما ذكره الحافظ الزيلعى بعد عزوه الحديث للأوسط ما يؤكد أنه ليس في الأوسط وإنما في الصغير، ولعله سبق قلم منه رحمه الله حيث قال: أخرجاه الطبرانى والبيهقى في حديث الضب الذي كلم النبي صلى الله عليه وسلم اهـ. وحديث الضب بأكمله في الصغير عن عمر، وكذلك بنفس السند الذي ساقه الزيلعى في نصب الراية، فاللَّه أعلم.
في الصغير من حديث عمر، والشارح نقل هذا من المقاصد الحسنة للسخاوى فحرفه بل مسخه على عادته، قال الحافظ السخاوى [ص 114 رقم 109]: حديث "الإسلام يعلو ولا يعلى" رواه الدارقطنى في النكاح من سننه والرويانى في مسنده، ومن طريقه الضياء في المختارة كلاهما من جهة شباب ابن خياط العُصفري: ثنا حشرج بن عبد اللَّه بن حشرج حدثنى أبي عن جدى عن عائذ بن عمرو المزنى رفعه بهذا.
ورواه الطبرانى في الأوسط والبيهقى في الدلائل عن عمر وأسلم بن سهل في تاريخ واسط عن معاذ كلاهما به مرفوعًا، وعلقه البخارى في صحيحه اهـ.
قلت: وحديث عائذ بن عمرو أخرجه أيضًا أبو نعيم في تاريخ أصبهان [1/ 92] في ترجمة عائذ المذكور قال:
حدثنا أبو إسحاق بن حمزة ثنا أحمد بن الحسين الحذاء ثنا خليفة بن خياط ثنا حشرج بن عبد للَّه بن حشرج حدثنى أبي عن جدى عن عائذ بن عمرو: "أنه جاء مع أبي سفيان يوم الفتح ورسول اللَّه صلى الله عليه وسلم جالس حوله المهاجرون والأنصار، فقالوا: هذا أبو سفيان وعائذ بن عمرو فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: هذا عائذ بن عمرو وأبو سفيان، الإسلام أعز من ذلك الإسلام يعلو ولا يعلى" وحشرج وابنه عبد اللَّه لا يعرفان.
أما حديث معاذ فقال أسلم بن سهل في تاريخ واسط [ص 173]:
حدثنا إسماعيل بن عيسى ثنا خالى عمران بن أبان ثنا شعبة عن عمرو بن أبي حكيم عن عبد اللَّه بن بريدة عن يحيى بن يعمر عن أبي الأسود الدؤلى عن معاذ قال: "قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: الإيمان يعلو ولا يعلى".
قلت: عمران بن أبان ضعيف، وقد وهم في هذا الحديث، فإن هذا السند سند حديث:"الإسلام يزيد ولا ينقص" كما مر قريبا في الذي قبله.
1324/ 3064 - "الإسلامُ يَجُبُّ ما كانَ قَبلَه".
ابن سعد عن الزبير، وعن جبير بن مطعم
قال في الكبير: قضية صنيع المصنف أنه لم يره مخرجا لأحد من المشاهير الذين وضع لهم الرموز مع أن الطبرانى خرجه باللفظ المزبور.
قلت: وقضية كلام الشارح أنه لم يره في أحد من الأصول الستة وهو عجيب، فإن مسلما خرجه في صحيحه [1/ 112، رقم 128/ 192] من حديث عبد اللَّه بن عمرو في قصة إسلامه، لكن بلفظ لا يدخل أوله هنا، والشارح لا يعتبر الحروف.
1325/ 3066 - "الأشِرَةُ شَرٌّ".
(خد. ع) عن البراء
قلت: انظر ما كتبناه سالفا على حديث: "افشوا السلام تسلموا".
1326/ 3067 - "الأشْعَريوُن في النَّاسِ كَصُرةٍ فيها مسكٌ".
ابن سعد عن الزهرى مرسلا
قال في الكبير: رواه ابن سعد في الطبقات عن الحسن البصرى عن الزهرى مرسلا.
قلت: لا أدرى من أين يختلق الشارح هذه الزيادات، فابن سعد رواه [1/ 2/ 79] عن جماعة عنهم على بن مجاهد عن محمد بن إسحاق عن الزهرى، لا ذكر للحسن البصرى فيه أصلا، راجع وفد الأشعريين من الجزء الأول من الطبقات.
1327/ 3069 - "الأضْحَى عليَّ فريضةٌ وعليكم سنةٌ".
(طب) عن ابن عباس
قال في الكبير: قال ابن حجر: رجاله ثقات، لكن في رفعه خلف.
قلت: ما قال الحافظ هذا ولا يتصور أن يقوله، بل نص على أنه ضعيف من جميع طرقه، وكيف يمكن ورود الخلاف في رفعه ووقفه وابن عباس يقول:"على فريضة وعليكم سنة"، فإنه ليس في الأمة من خص بفريضة إلا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فلا يتصور أن يكون الحديث إلا مرفوعًا، فاسمع ما قال الحافظ في هذ الحديث، قال في الفتح [10/ 4 تحت شرح حديث 5545]: واستدل من قال بعدم الوجوب بحديث ابن عباس: "كتب على النحو ولم يكتب عليكم" وهو حديث ضعيف أخرجه أحمد وأبو يعلى والطبرانى [11/ 301، رقم 11802] والدارقطنى [4/ 282]، وصححه الحاكم فذهل وقد استوعبت طرقه ورجاله في الخصائص من تخريج أحاديث الرافعى اهـ.
وقال في باب الخصائص من تخريج الرافعى: رواه أحمد [1/ 317] من طريق إسرائيل عن جابر عن عكرمة عن ابن عباس بلفظ: "أمرت بركعتى الضحى ولم تؤمروا بها وأمرت بالأضحى ولم تكتب" وإسناده ضعيف من أجل جابر الجعفى.
ورواه أبو يعلى من طريق شريك بلفظ: "كتب على النحر ولم يكتب عليكم وأمرت بصلاة الضحى ولم تؤمروا بها".
ورواه البزار بلفظ: "أمرت بركعتى الفجر والوتر وليس عليكم (1) ".
ومن طريق أبي جناب الكلبى عن عكرمة عنه بلفظ: "ثلاث هن على فرائض ولكم تطوع، النحر والوتر وركعتا الفجر (2) ".
ورواه الحاكم [1/ 300، رقم 1119] وابن عدى [2/ 513] من هذا الوجه
(1) انظر كشف الأستار (3/ 144، رقم 2434).
(2)
المصدر السابق (3/ 144، رقم 2433).
ولفظه: "الأضحى" بدل "النحر""وركعتا الفجر" بدل "الضحى".
وكذلك رواه الدارقطنى [2/ 21] والبيهقى [2/ 468، 9/ 264] ورواه ابن حبان في الضعفاء وابن شاهين في ناسخه [1/ 300، رقم 1447] من طريق وضاح بن يحيى عن مندل عن يحيى بن سعيد عن عكرمة عنه بلفظ: "ثلاث على فريضة وهن لكم تطوع، الوتر وركعتا الفجر وركعتا الضحى" والوضاح ضعيف، فتلخص ضعف الحديث من جميع طرقه اهـ.
وقال في صلاة التطوع منه: رواه أحمد والدارقطنى والحاكم والبيهقى من حديث ابن عباس بلفظ: "ثلاث هن على فرائض ولكم تطوع، النحر والوتر وركعتا الضحى" لفظ أحمد [1/ 231]، وفي رواية للدارقطنى [2/ 21]:"وركعتا الفجر" بدل "وركعتا الضحى"، وفي رواية لابن عدى [2/ 513]:"الوتر والضحى وركعتا الفجر" ومداره على أبي خباب الكلبى عن عكرمة، وأبو خباب ضعيف ومدلس أيضًا، وقد عنعنه، وأطلق الأئمة على هذا الحديث الضعف، كأحمد والبيهقى وابن الصلاح وابن الجوزى والنووى وغيرهم، وخالف الحاكم فأخرجه في مستدركه.
لكن لم يفرد به أبو خباب بل تابعه أضعف منه وهو جابر الجعفى، رواه أحمد والبزار وعبد بن حميد [ص 512، رقم 1586] من طريق إسرائيل عنه عن عكرمة عنه، وله متابع آخر من رواية وضاح بن يحيى عن مندل بن على عن يحيى بن سعيد عن عكرمة، قال ابن حبان في الضعفاء: وضاح لا يحتج به، كان يروى الأحاديث التي كأنها معمولة، ومندل أيضًا ضعيف اهـ.
فما الشارح إلا أعجوبة من عجائب الدنيا في الأغلاط.
1328/ 3070 - "الاقتصادُ نصفُ العيشِ، وحُسْنُ الخُلقِ نصفُ الدينِ".
(خط) عن أنس
قلت: أخرجه أيضًا أبو الشيخ في النوادر والنتف في الجزء العاشر منه، والعقيلى في الضعفاء والديلمى في مسند الفردوس كلهم من طريق على بن عيسى: ثنا خلاد بن عيسى عن ثابت عن أنس به.
فأما أبو الشيخ والديلمى فبلفظ [2/ 119، رقم 2240]: "التودد نصف العقل والهم نصف الهرم وقلة العيال أحد اليسارين".
وأما العقيلى فرواه مختصرا بلفظ [2/ 19 ترجمة رقم 432]: "الخلق الحسن نصف الدين" وذلك في ترجمة خلاد بن عيسى، وقال: إنه مجهول بالنقل، كذا في نقل الذهبى عن ضعفاء العقيلى.
وفي التهذيب عنه أيضًا: "حسن الخلق نصف الدين" وخلاد وثقه ابن معين وذكره ابن حبان في الثقات، وقال أبو حاتم: حديثه متقارب.
1329/ 3071 - "الاقْتصَادُ في النَّفقَةِ نصفُ المعِيشَةِ، والتَّوددُ إلى الناسِ نصفُ العقلِ، وحُسْنُ السؤالِ نصفُ العلمِ".
(طب) في مكارم الأخلاق، (هب) عن ابن عمر
قلت: أخرجه أيضًا أبو الشيخ في العاشر من النوادر والنتف، والقضاعى في مسند الشهاب [1/ 55، رقم 33] والديلمى في مسند الفردوس [1/ 158، رقم 418] كلهم من طريق هشام بن عمار:
ثنا محيسن بن تميم ثنا حفص بن عمر أخبرنى إبراهيم بن عبد اللَّه عن نافع عن ابن عمر به، وإبراهيم بن عبد اللَّه منكر الحديث.
1330/ 3073 - "الأكلُ في السُّوقِ دَناءةٌ".
(طب) عن أبي أمامة، (خط) عن أبي هريرة
قلت: أورده ابن الجوزى في الموضوعات من عند ابن عدى [3/ 37]، قال:
سمعت عمران السختيانى يقول: حدثنا سويد بن سعيد ثنا بقية عن جعفر بن الزبير عن القاسم عن أبي أمامة به، ثم قال: القاسم وجعفر مجروحان ثم أورده من وجه آخر من عند العقيلى [3/ 191] من رواية بقية عن عمر بن موسى الوجيهى عن القاسم به، ثم قال: الوجيهى كذاب.
وأورده أيضًا من حديث أبي هريرة من عند الخطيب [10/ 124] ثم من رواية الهيثم بن سهل:
ثنا مالك بن سعيد عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة به مرفوعًا مثله، وقال: الهيثم ضعيف.
ومن عند ابن عدى ثم من رواية محمد بن الفرات [3/ 163، 7/ 283]:
حدثنى سعيد بن نعمان عن عبد الرحمن الأنصارى عن أبي هريرة به، وقال: محمد بن الفرات كذاب اهـ.
وأخرجه أبو يعلى عن جبارة عن محمد بن الفرات به، وعن أبي يعلى أورده الأزدى في الضعفاء وقال: خالفه يونس بن محمد وهو ثبت عن محمد بن الفرات، فقال: عن سعد بن بكر عن بشر بن عبد الرحمن الأنصارى عن أبي هريرة، قال الأزدى: وكلا الإسنادين غير قائم.
1331/ 3074 - "الأَكلُ بأُصْبُع واحدةٍ أكلُ الشيطانِ، وباثْنَينِ أكلُ الجَبَابِرة، وبالثَلاثِ أكلُ الأنْبيَاء".
أبو أحمد الغطريفى في جزئه، وابن النجار عن أبي هريرة
قلت: قال الغطريفى في جزئه:
ثنا الحسن بن سفيان لفظا ثنا أبو طاهر أحمد بن عمرو بن السرح ثنا رشدين عن أبي حفص المكى عن ابن جريج عن عطاء عن أبي هريرة به، ورشدين فيه مقال.
ورواه الديلمى [1/ 162، رقم 434] في مسند الفردوس من طريق الغطريفى والتي بالسند معنعنا وليس هو كذلك في أصل الجزء.
1332/ 3076 - "الإمامُ ضَامنٌ والمؤذن مُؤتَمنٌ، اللَّهمَّ أَرْشِدِ الأئمَة واغْفْر للمؤذنينَ".
(د. ت. حب. هق) عن أبي هريرة، (حم) عن أبي أمامة
قلت: في الباب عن جماعة، وللحديث طرق كثيرة استوعبتها في المستخرج على مسند الشهاب والحمد للَّه.
1333/ 3090 - "الأَنبياءُ قَادةٌ والفُقَهاءُ سَادَةٌ ومُجَالستُهُم زيادةٌ"
القضاعى عن على
قلت: يأتى الكلام عليه في العين في: "العلماء قادة".
1334/ 3099 - "الإِيمانُ الصَبْرُ والسَّماحَةُ".
(ع. طب) في مكارم الأخلاق عن جابر
قلت: قال أبو يعلى [3/ 380، رقم 1854]:
حدثنا عبيد بن جناد الحلبى ثنا يوسف بن محمد بن المنكدر عن أبيه عن جابر قال: "سئل رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم عن الإيمان فقال: الصبر والسماحة".
وقال الطبرانى في مكارم الأخلاق [ص 51 رقم 31]:
ثنا أحمد بن محمد بن عبد الرحمن بن يونس الرقى ثنا عبيد بن جناد الحلبى به، ولفظه:"قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: الإيمان الصبر والسماحة".
وقال ابن أبي الدنيا في مكارم الأخلاق له [ص 13 رقم 61]:
حدثنا إسماعيل بن أسد ثنا عبيد بن جناد به بلفظ أبي يعلى.
ورواه ابن حبان في الضعفاء عن أبي يعلى وقال في يوسف بن محمد بن المنكدر: إنه يروى عن أبيه ما ليس من حديثه من المناكير التي لا يشك عوام أصحاب الحديث أنها مقلوبة، وكان يوسف شيخا صالحا ممن غلب عليه الصلاح حتى غفل عن الحفظ والإتقان، فكان يأتى بالشيء على التوهم فبطل الاحتجاج به على الأحوال كلها اهـ.
قلت: لكنه لم ينفرد بهذا الحديث، بل ورد من وجوه أخرى من حديث عمرو بن عبسة وعمير الليثى، وقد أطلت الكلام على أسانيده في حديث:"أفضل الإيمان" سابقا فراجعه.
1335/ 3101 - "الإِيمَانُ بالقَدَرِ يُذْهبُ الهَمَّ والحَزَنَ".
(ك) في تاريخه، والقضاعى عن أبي هريرة
قال في الكبير: وفيه السرى بن عاصم الهمذانى مؤدب المعتز، قال في الميزان: وهاه ابن عدى، وقال: يسرق الحديث، وكذبه ابن خراج، قال: ومن بلاياه هذا الخبر، وأورده ابن الجوزى في الواهيات وقال: السرى، قال ابن حبان: لا يحل الاحتجاج به.
قلت: السرى بن عاصم لا يوجد في سند هذا الحديث لا عند القضاعى ولا عند الحاكم، والشارح رأى الذهبى أورد الحديث في ترجمته من الميزان فظن أنه انفرد به وأن الحاكم والقضاعى روياه من طربقه، وليس كذلك، قال القضاعى [1/ 187، رقم 277]:
أخبرنا أبو عبد اللَّه محمد بن منصور التسترى ثنا أبو عقيل عيسى بن محمد بن أحمد الأشترى ثنا أبو سعيد الحسن بن أحمد الطوسى ثنا جماهير هو ابن
محمد ثنا على بن الحسين ثنا المزاحم بن عوام عن الأوزاعى عن عبدة بن أبي لبابة عن أبي هريرة به.
وقال الحاكم في التاريخ:
ثنا محمد بن إبراهيم ثنا موسى بن عبد المؤمن ثنا أبو محمد سعيد بن محمد بن سعيد الرهاوبى ثنا على بن الحسن القرشى به.
لكنه قال: ثنا الأوزاعى دون ذكر المزاحم بن عوام على ما في نقل الديلمى في مسند الفردوس [1/ 150، رقم 384]، فإنه أخرجه من طريق الحاكم كذلك، أما السرى بن عاصم فقال: حدثنا محمد بن مصعب ثنا الأوزاعى فذكره، فلم يذكر في سند الحديث عندهما لا هو ولا شيخه محمد بن مصعب، وهكذا يتهور الشارح ويحقق ظنه ويجزم به ويعزوه إلى غير من وقع كذلك عنده، فيقع في مثل هذه الأخطاء الفاحشة.
1336/ 3102 - "الإِيمانُ عَفِيف عن المحَارمِ، عَفِيفٌ عن المطَامعِ".
(حل) عن محمد بن النضر الحارثى
قلت: قال أبو نعيم [8/ 224]:
حدثنا عبد اللَّه بن محمد ثنا أحمد بن الحسين ثنا أحمد بن إبراهيم ثنا عبد الأعلى بن حماد ثنا بشر -يعنى ابن منصور- عن عمارة بن راشد عن محمد بن النضر الحارثي به، ثم قال: وهذا مما لا يعرف له طريق عن غير محمد بن النضر، ثم ذكر أحاديث عنه كلها مرسلة ثم قال: كان محمد بن النضر وضرباؤه من المتعبدين لم يكن من شأنهم الرواية، كانوا إذا أوصوا إنسانا أو وعظوه ذكروا الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم إرسالا اهـ.
وقال: قبل ذلك كان محمد بن النضر من المتمسكين بالآثار فعلا نقل الرواية
نقلا، حفظ عنه أحاديث لم يذكر إسنادها فذكرها إرسالا اهـ.
قلت: لكنه أخرج هذا الحديث أيضًا في تاريخ أصبهان [2/ 356] من رواية محمد بن النضر المذكور عن أسماء بنت عميس، فقال في ترجمة يحيى بن زكريا المزنى:
ثنا محمد بن جعفر بن يوسف ثنا أحمد بن الحسين الأنصارى ثنا يحيى بن زكريا بن يحيى المزنى في كتابه ثنا الحسين بن حفص ثنا بشر بن منصور عن عمارة بن راشد عن محمد بن النضر عن أسماء بنت عميس قالت: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم مثله، وهو منقطع، محمد لم يدرك أسماء.
ورواه أحمد في الزهد عن أبي معاوية الغلابى:
حدثنى رجل عن بشر بن منصور قال: "إن الإيمان عفيف عن المطامع، عفيف عن المحارم" هكذا وقف به عليه ولم يسنده.
1337/ 3103 - "الإِيمَانُ بالنيَّةِ واللسَانِ، والهجرةُ بالنفسِ والمالِ".
عبد الخالق بن زاهر الشحامى في الأربعين عن عمر
قلت: حرف الشارح هذه النسبة أو تحرفت عليه فضبطها من عنده فقال: الشحنانى بضم المعجمة وإهمال الحاء ثم نون محدث مشهور اهـ.
وهذا من عجائب وهمه فإن النسبة لفظها الشحامى بفتح الشين وآخره ميم نسبة إلى الشحم فيما يظن، وهى نسبة مشهورة بين أهل الحديث كصاحبها، ووالده زاهر بن طاهر الشحامى أشهر من أن يجهله طالب حديث.
1338/ 3104 - "الإيمانُ والعملُ أخوانِ شريكلانِ في قرنٍ لا يقْبَلُ اللَّه أحدَهُما إلا بصَاحِبِه".
ابن شاهين في السنة عن على
قال في الكبير: وظاهر صنيع المصنف أنه لم يره مخرجًا لأحد من المشاهير الذين وضع لهم الرموز وهو ذهول، فقد خرجه الحاكم والديلمى باللفظ المزبور عن على المذكور.
قلت: إطلاق الشارح العزو إلى الحاكم يفيد أنه عنده في المستدرك كما هي القاعدة عند أهل الحديث، ويتبنى على ذلك اعتقاد صحة الحديث، مع أن الحاكم خرجه في تاريخ نيسابور من طريق أصرم بن حوشب:
ثنا أبو سنان ثنا عمرو بن مره عن محمد بن على عن أبيه، وأصرم بن حوشب وضاع، فالحديث باطل من طريقه.
والشارح رأى الديلمى قال [1/ 148، رقم 375]: أنا ابن خلف أنا الحاكم، فاستدرك به ولم يدر في أى كتاب خرجه الحاكم، ولئن درى أنه في التاريخ وأطلق فذلك تدليس منه وغش، ثم إنه سكت عليه مع أن فيه أصرم بن حوشب وهو من أشهر الوضاعين.
وقد ورد من طريق آخر لكنه من رواية وضاع أيضًا، ذكره ابن حبان في الضعفاء [1/ 189] من رواية بشر، ويقال له بشار بن إبراهيم الأنصارى عن عبد الوهاب بن مجاهد عن أبيه عن على عليه السلام عن النبي صلى الله عليه وسلم به مثله.
وقال ابن حبان: بشر بن إبراهيم يضع الحديث على الثقات، لا يحل ذكره في الكتب إلا على سبيل القدح فيه اهـ.
ولا أدرى هل ابن شاهين خرجه من طريق بشر هذا أو من طريق غيره.
1339/ 3106 - "الإيمَانُ نصْفانِ، فنصفٌ في الصَّبْرِ ونِصْفٌ في الشُّكْرِ".
(هب) عن أنس
قال الشارح: وفيه يزيد الرقاشى، متروك، ورواه الحكيم الترمذى بلفظ:
"نصفان، نصف للشكر، ونصف للصبر"، وبه يتقوى اهـ.
وقال في كبير: فيه يزيد الرقاشى قال الذهبى وغيره: متروك، ورواه القضاعى بهذا اللفظ، وذكر بعض شراحه أنه حسن.
قلت: فيه أمران، الأول: أن الحديث ليس له طريق إلا من رواية يزيد الرقاشى، فقوله رواه الحكيم الترمذى بلفظ كذا وبه يتقوى، كأن الحديث في نظره يتقوى باختلاف الألفاظ وإن اتحد الطريق، وهذا من أعجب ما يسمع.
الثانى: قوله: وذكر بعض شراحه أنه حسن، هو عجيب أيضًا، فإن القضاعى خرجه من طريق يزيد الرقاشى الذي اعترف الشارح بأنه متروك، فكيف ينقل كلام العامرى وهو رجل جاهل أحمق يصحح الموضوع ويحسن المنكر بهواه ولمجرد ذوقه غير ناظر إلى الإسناد ولا قواعد التصحيح والتحسين ولكن الشارح لا يستغرب منه النقل عن العامرى، فاسمع سند الحديث عند القضاعى، قال [1/ 127، رقم 159]:
أخبرنا هبة اللَّه بن إبراهيم بن عمر ثنا ابن بندار ثنا محمد بن القاسم ثنا الحسن بن عياش الحمصى ثنا عتبة بن السكن عن العلاء بن خالد عن يزيد الرقاشى عن أنس قال: "قال لى النبي صلى الله عليه وسلم يا أنس الإيمان نصفان، نصف شكر، ونصف صبر".
وأخرجه أيضًا الديلمى في مسند الفردوس [1/ 149، رقم 378](1) من طريق محمد بن مصعب: ثنا الأوزاعى ثنا العلاء بن خالد عن يزيد الرقاشى به.
(1) عن معاذ بن جبل، وليس أنسا.