المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌حرف الجيم 1501/ 3574 - " جَارُ الدَّارِ أَحَقُّ بِالدَّارِ مِنْ - المداوي لعلل الجامع الصغير وشرحي المناوي - جـ ٣

[أحمد بن الصديق الغماري]

الفصل: ‌ ‌حرف الجيم 1501/ 3574 - " جَارُ الدَّارِ أَحَقُّ بِالدَّارِ مِنْ

‌حرف الجيم

1501/ 3574 - " جَارُ الدَّارِ أَحَقُّ بِالدَّارِ مِنْ غَيْرِهِ".

ابن سعد عن الشريد بن سويد

قلت: قال ابن سعد: أخبرنا عفان بن مسلم ثنا همام عن قتادة عن عمرو بن شعيب عن الشريد بن سويد الثقفى به.

ورواه أبو عمرو بن حمدان في فوائد الحاج عن عبدان الأهوازى:

ثنا عبد الوارث بن عبد الصمد ثنا أبي ثنا عمر بن إبراهيم عن قتادة عن عمرو ابن شعيب فقال: عن أبيه عن جده عن الشريد بن سويد به بلفظ: "جار الدار أحق بعقب أرضه"، فإن كان هذا محفوظًا فهو من رواية صحابى عن صحابى، والسند الأول منقطع.

ص: 344

1502/ 3577 - "جَالِسُوا الكُبَرَاءَ، وَسَائِلُوا العُلَمَاءَ، وَخَالِطُوا الحُكَمَاءَ".

(طب) عن أبي جحيفة

قال في الكبير: قال الهيثمى: رواه الطبرانى من طريقين أحدهما هذه والأخرى موقوفة، وفيه عبد الملك بن حسين أبو مالك النخعى، ضعفه أبو زرعة والدارقطنى وساق له مناكير هذا منها.

قلت: كذا وقع في الأصل المطبوع وكأنه سقط منه جملة، فإن الهيثمى قال: وفيه عبد الملك بن الحسين أبو مالك النخعى وهو منكر الحديث، والموقوف صحيح الإسناد اهـ.

والحديث أسنده الذهبى (1) في ترجمة يزيد بن عبد اللَّه القرشى من طريق أبي سعيد النقاش:

أنا غسان بن أحمد بن غسان العسكرى بها ثنا عبدان ثنا قطن بن نسير ثنا يزيد أبو خالد ثنا أبو مالك أخبرنى سلمة بن كهيل عن أبي جحيفة به.

وقال الذهبى في يزيد المذكور: أورده بن عدى ومشاه، فقال: ليس هو بمنكر الحديث، زاد الحافظ في اللسان [6/ 290]: وذكره ابن حبان في الثقات، وقال: مستقيم الحديث، قال الحافظ: وأبو مالك لا يدرى من هو.

قلت: بل هو معروف، وهو عبد الملك بن الحسين النخعى كما ورد مصرحًا به عند البندهى كما سأذكره، وقد ترجمه الحافظ في التهذيب في الكنى منه، وأطال فيه قال البندهى:

345 (أ)

(1) في الميزان (4/ 431 ترجمة 9722)

ص: 345

أخبرنا أبو حفص عمر بن أحمد بن منصور الصفار أنا أبو بكر أحمد بن على ابن خلف الشيرازى أنا أبو طاهر محمد بن محمد بن محمش الزيادى أنا أبو طاهر محمد أبي الحسن المحمدبادي ثنا محمد بن غالب تمتام ثنا عبد الصمد ابن النعمان ثنا عبد الملك بن حسين عن سلمة بن كهيل به.

وله طريق آخر عن سلمة بن كهيل، قال الخطابى في العزلة:

ثنا أبو عمر غلام ثعلب حدثنا محمد بن يونس الكديمى ثنا إبراهيم بن زكريا البزار ثنا عبد اللَّه بن عثمان بن عطاء الخراسانى عن أبيه عن سلمة بن كهيل به.

والديلمى كذاب وعثمان بن عطاء فيه مقال.

1502/ -مكرر/ 3583 - "جَزَاءُ الغَنِّى منَ الفَقير النَّصيحة والدُّعَاء".

ابن سعد (ع. طب) عن أم حكيم

قال: قال البيهقى: فيه أربع نسوة بعضهن عن بعض وهو مما يعز وجوده.

قلت: قال أبو سعيد:

أخبرنا موسى بن إسماعيل حدثتنا حبابة بنت عجلان الخزاعية عن أمها عن أم حفص بنت جرير عن أم حكيم بنت وداع قالت: للنبي صلى الله عليه وسلم: "ما جزاء الغني من الفقير؟ قال: النصيحة والدعاء".

1503/ 3585 - "جَزَى اللَّهُ العَنْكَبُوتَ عَنَّا خَيرًا، فَإِنَّهَا نَسَجَتْ عَلَى فم الغَارِ"(1).

أبو سعد السمان في مسلسلاته

(فر) عن أبي بكر

345 (ب)

(1) في المطبوع من الفيض: "نسجت عليَّ في الغار".

ص: 345

قال الشارح في مخرج هذا الحديث. أبو بكر أزهر بن سعد البصرى السمان في مسلسلاته؛ أي في الأحاديث المسلسلة بمحبة العنكبوت، عن أبي بكر الصديق، وهذا عنده مسلسل بمحبة العنكبوت وإسناده ضعيف.

قال في الكبير: ابن سعد البصرى السمان روى عن حميد الطويل، وعنه أهل العراق، مات سنة ثلاث أو سبع ومائتين (في أحاديثه المسلسلة بمحبة العنكبوت)، والديلمى كلاهما عن أبي بكر الصديق، وهو عنده مسلسل أيضًا بمحبة العنكبوت فقال: أخبرنا والدى وأنا أحبها أخبرنا فلان وأنا أحبها منذ سمعت ذلك. . . إلخ.

قلت: في هذا من عجائب أوهام الشارح أمور:

الأول: أن المصنف قال في مخرج الحديث: أبو سعد، وهو قال في صغيره: أبو بكر أزهر بن سعد.

الثانى: أنه قال في الكبير: ابن سعد وحذف أداة الكنية.

الثالث: أنه قال: روى عن حميد الطويل مع أنه رآى الحديث في مسند الفردوس ورأى أبا سعد هذا شيخ لشيخ والد أبي منصور صاحب الكتاب المتوفى في نصف القرن السادس، فكيف يروى عن حميد الطويل التابعي المتوفى في سنة ثلاث وأربعين ومائة؟! وكيف يكون بينه وبين ابن سيرين وبين حميد الطويل ثمانية أنفس كما سيأتى؟!

قال الديلمى:

أخبرنا أبي أخبرنا إبراهيم بن أحمد المراغي والمطهر بن محمد بن جعفر قالا: سمعنا من أبي سعد إسماعيل بن على السمان سمعت أحمد بن محمد بن أحمد بن عبد اللَّه بن حفص سمعت من يزيد بن أحمد بن محمد الزاهر ببلخ سمعت أبا سهل ميمون بن محمد بن يونس سمعت من عبد اللَّه موسى السلاماني قال: سمعت من إبراهيم بن محمد سمعت من أحمد بن العباس

346 (أ)

ص: 346

الحضرمى قال: سمعت من عبد الملك بن قريب الأصمعي قال: سمعت من ابن عون قال: سمعت من محمد بن سيرين سمعت من أبي هريرة سمعت من أبي بكر الصديق قال: "لا أزال أحبُّ العنكبوت منذ رأيت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أحبها وقال: جزى اللَّه العنكبوت عنَّا خيرًا نسجت عليَّ وعليك يا أبا بكر في الغار حتى لم يرنا المشركون ولم تصلْ إلينا"، قال ابن سيرين: لا أزال أحبها منذ سمعت من أبي هريرة ذلك، وتسلسل.

الرابع: أن المصنف قال: أبو سعد، والشارح وقف عليه مسمى في مسند الفردوس أبو سعد إسماعيل بن على، فلم يتنبه لا من كنيته ولا من اسمه واسم أبيه الذي صرح به الديلمى، ثم ذهب إلى أبي بكر أزهر بن سعد السمان وأتى به إلى هذه الطامة الكبرى وجرَّه من القرن الثانى إلى القرن الخامس، والواقع أن مخرج الحديث هو الحافظ أبو سعيد إسماعيل بن على بن الحسين بن زنجويه الرازى السمان من شيوخ الخطيب وأبي على الحداد والطبقة، مات سنة خمس وأربعين وأربعمائة، وكان حافظًا كبيرًا صنف كتبًا كثيرة منها المسلسلات، وكان معتزلى المذهب في العقائد، جمال البلاد وطاف، وكان له ثلاثة آلاف شيخ فيما حكاه الذهبى عن ابن عساكر، ثم قال الذهبى: هذا العدد لشيوخه لا أعتقد وجوده ولا يمكن.

قلت: وهو غريب من الذهبى فإنه نفسه حكى في ترجمة أبي سعد بن السمعانى عن ابن النجار أنه قال: شيوخ السمعانى سبعة آلاف شيخ، وكذلك نقل هذا العدد أو قريبًا منه عن شيوخ البرزالى.

وترجمة السمان المذكور في طبقات الحفاظ للذهبى وغيره معروفة، والمقصود أنه مات سنة 445 في منتصف القرن الخامس، فأين هو من الرواية عن أصحاب أنس بن مالك.

الخامس: أن أبا بكر أزهر بن سعد السمان مات سنة ثلاث ومائة، ولم يقل

346 (ب)

ص: 346

أحد أنه توفى سنة سبع فيما أحسب.

السادس: أنه قال: في أحاديثه المسلسلة بمحبة العنكبوت، وهذا لا ينطق به من له أدنى أدنى خبرة بالحديث، فإنه لا يوجد مسلسل بمحبة العنكبوت إلا هذا الحديث الباطل الموضوع، فكيف يكون هناك أحاديث مسلسلة بمحبة العنكبوت خاصة حتى أفردت بالتأليف؟!.

السابع: أنه قال عن الديلمى: وهو عنده مسلسل أيضًا بمحبة العنكبوت، فاقتضى أن سند الديلمى غير سند السمان، والديلمى إنما أسنده من طريق السمان.

1504/ 3586 - "جُزُّوا الشَّوَارِبَ، وأَرْخُوا اللِّحَى، خَالِفُوا المجُوسَ"

(م) عن أبي هريرة

قلت: ورد لهذا الحديث سبب غريب، قال إبراهيم بن إسحاق بن أبي العنبسى في جزء من حديثه:

حدثنا جعفر بن عون عن أبي عميس عن عبد المجيد بن سهيل عن عبيد اللَّه ابن عبد اللَّه بن عتبة قال: "جاء رجل من المجوس إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقد حلق لحيته وأطال شاربه، فقال له: لم تفعل هذا؟ قال: هذا في ديننا، قال: ولكن في ديننا نجز الشوارب ونعفى اللحى".

1505/ 3591 - "جَعَلَ اللَّه الحَسَنَةَ بِعَشْرِ أَمْثَالهَا: الشَّهْرُ بِعَشْرَة أَشْهُرٍ، وَصيَامُ سِتَّة أَيَّامٍ بَعْدَ الشَّهْرَ تَمَامُ السَّنَةِ".

أبو الشيخ في الثواب عن ثوبان

قال الشارح: بضم المثلثة، بإسناد ضعيف.

ص: 347

قلت: ثوبان بفتح المثلثة لا بضمها كما نبهت عليه سابقًا.

والحديث رواه أبو الشيخ:

ثنا محمد بن يحيى بن منده ثنا أبو سحام ثنا محمد بن شعيب عن يحيى بن الحارث عن أبي أسماء عن ثوبان به.

وهؤلاء الرجال ثقات إلا أبو سحام فإنه وقع في الأصل كذا غير مبين ولا منقوط فما عرفته.

1506/ 3596 - "جَعَلَ اللَّه الخَيْرَ كُلَّهُ في الرَّبعَةِ".

ابن لال عن عائشة

قال الشارح: بإسناد ضعيف.

قلت: لأنه من رواية صبيح بن عبد اللَّه الفرغانى عن عبد العزيز بن عبد الصمد العمى: ثنا جعفر بن محمد عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة به، وصبيح منكر الحديث.

1507/ 3597 - "جُلَسَاءُ اللَّه غَدًا أَهْلُ الوَرَعِ فِى الزُّهْدِ فِى الدُّنْيَا"

ابن لال عن سلمان

قال الشارح: بإسناد ضعيف.

قلت: لأنه من رواية عيسى بن إبراهيم عن مقاتل بن الأسدى عن علقمة بن مرثد عن سلمان الفارسى به، وعيسى بن إبراهيم بن طهمان متروك.

1508/ 3599 - "جَمَالُ الرَّجُلِ فصَاحَةُ لِسَانِهِ".

القضاعى عن جابر

قال في الكبير: وكذا رواه الخطيب والقضاعى وفيه أحمد بن عبد الرحمن بن

ص: 348

الجارود، قال في الميزان عن الخطيب كذاب، ومن بلاياه هذا الخبر وفي اللسان عن ابن طاهر: كان يضع الحديث.

قلت: لا يخفى ما في قوله: وكذا رواه الخطيب والقضاعى إذ المصنف عزاه للقضاعى.

والحديث له طرق أخرى ذكرتها في المستخرج على مسند القضاعى

1509/ 3601 - "جَنِّبُوا مَسَاجِدَكُمْ صِبْيَانكُمْ، وَمَجَانِينَكُمْ، وَشِرَاءكُمْ، وَبَيْعكُمْ، وَخُصُومَاتِكُمْ، وَرَفْعَ أَصْوَاتِكُمْ، وَإِقَامَةَ حُدُودِكُمْ، وَسَلَّ سُيُوفِكُمْ، وَاتْخِذُوا عَلَى أَبوَابِهَا المَطَاهِرَ، وجَمِّرُرهَا في الجُمَعِ".

(هـ) عن واثلة

قال في الكبير: أخرجه ابن ماجه من طريق الحارث بن نبهان عن عتبة عن أبي سعيد عن مكحول عن واثلة، قال الزين العراقى في شرح الترمذى: والحارث بن نبهان ضعيف، وقال ابن حجر في المختصر: حديث ضعيف، وأورده ابن الجوزى في الواهيات، وقال ابن حجر في تخريج الهداية: له طرق وأسانيد كلها واهية، وقال عبد الحق: لا أصل له.

قلت: لم أر هذا الحديث في تخريج أحاديث الهداية فليحرر (1).

والحديث وإن كان له طرق إلا أن أكثرها راجع إلى مكحول، فرواه ابن ماجه [1/ 274، رقم 750] من طريقه كما سبق عنه عن واثلة، ورواه الطبرانى في الكبير [22/ 57، رقم 136] والعقيلى [3/ 347، 348] وابن عدى في الضعفاء [5/ 219] من طريق العلاء بن كثير عن مكحول عن أبي الدرداء وأبي أمامة وواثلة، والعلاء بن كثير ضعفه ابن معين وابن المدينى

(1) ذكر في الدراية (1/ 288) وفيه ما ذكره المناوى بتمامه.

ص: 349

والنسائى، وقال البخارى: منكر الحديث، ورواه عبد الرزاق في مصنفه [1/ 441، 442، رقم 1726] وإسحاق بن راهويه في مسنده، والطبرانى في الكبير، كلهم من حديث محمد بن مسلم الطائفى عن عبد ربه ابن عبد اللَّه السامى عن مكحول عن معاذ بن جبل، ومكحول لم يسمع من معاذ.

ورواه ابن عدى [4/ 135] من طريق عبد اللَّه بن محرر محمد عن يزيد الأصم عن أبي هريرة.

وعبد اللَّه بن محرر بمهملات، ضعفه ابن المبارك وابن معين والفلاس والنسائى وآخرون، وقال ابن عدى: أحاديثه غير محفوظة، وأما عبد الحق: فذكره من طريق البزار ثم من حديث عبد اللَّه بن مسعود، وقال: ليس له أصل، كذا قال ولم نقف على سنده.

1510/ 3603 - "جَهْدُ البَلاءِ كَثْرَةُ العِيَالِ مَعَ قِلَّةِ الشَّيْءِ".

(ك) في تاريخه عن ابن عمر

قلت: سكت عنه المصنف والشارح، وهو من رواية إسماعيل بن عياش عن حسان بن عبد اللَّه عن إياس بن معاوية عن أبيه عن عبد اللَّه بن عمر، وإسماعيل بن عياش فيه مقال، وحسان بن عبد اللَّه قال الأزدى: منكر الحديث، فقال الذهبى: ذلك من جهة الراوى عنه ابن عياش، قال الحاكم في التاريخ:

حدثنى حسين بن سرجس ثنا أبو نعيم الجرجانى ثنا محمد بن عوف ثنا الربيع ابن روح (1) ثنا ابن عياش به، ولينظر أيضًا فيمن قبل ابن عياش.

1511/ 3604 - "جَهْدُ البَلاءِ قِلَّةُ الصَّبْرِ".

أبو عثمان الصابونى في المائتين (فر) عن أنس

(1) قال الذهبى في الكاشف (1/ 235 رقم 154): ثقة نبيل.

ص: 350

قلت: رمز له المؤلف بالضعف ورجاله كلهم ثقات إلا أن سلم بن جنيد فيه كلام ضعيف لا يضر.

والديلمى خرجه عن طريق الصابونى [2/ 177، رقم 2404]:

أخبرنا أحمد بن محمد بن إسحاق البالوى ثنا محمد بن جمعة ثنا سلم بن جنادة -وهو بفتح السين وتحرف على الشارح فسماه مسلم- حدثنا وكيع حدثنا شعبة عن عبد الحميد بن كرديد عن ثابت عن أنس به.

ثم إن قوله: "قلة الصبر" كذا وقع عند الصابونى والديلمى ورواه غيرهما فقال: "قتل الصبر".

قال البندهى في شرح المقامات عقب حديث "اللهم إنى أعوذ بك عن سوء القضاء وجهد البلاء ودرك الشقاء وشماتة الأعداء" ما نصه: قلت: وقد روى أن جهد البلاء هو قتل الصبر، أخبرناه أبو القاسم بن أبي عبد الرحمن بن أبي حامد المزكى في كتابه:

أنا محمد بن عبد الرحمن بن محمد الأديب أنا أبو حامد أحمد بن سهل بن إبراهيم بن سهل الأنصارى ثنا أبو قريش محمد بن جمعة بن خلف النهستانى الحافظ ثنا سلم بن جنادة، فذكره بالسند السابق عن أنس مرفوعًا:"قتل الصبر: جهد البلاء".

قال البندهى: يقال قتل فلان صبرًا أى حبس على القتل ثم قتل.

وقال أبو الحسن على بن إسماعيل بن سيده النحوى: روى عن ابن الأعرابى أنه قال:

حدثنى بعض أصحابى عن ابن الكلبى عن رجل عن مجالد قال: "كنت جالسًا عند عبد اللَّه بن معاوية بن عبد اللَّه بن جعفر بن أبي طالب بالكوفة فأتى برجل فأمر بضرب عنقة، فقلت: هذا واللَّه جهد البلاء، فقال:

ص: 351

واللَّه ما هذا إلا كشرطة حجام بمشرطته، ولكن جهد البلاء فقر مدقع بعد غنى موسع".

قال البندهى: ويؤيد هذا القول ما أخبرناه فلان، ثم ذكر الحديث الآتى بعده.

1512/ 3605 - "جَهْدُ البَلاءِ أَنْ تَحْتَاجُوا إلى مَا في أَيْدِى النَّاسِ فَتُمنَعُوا".

(فر) عن ابن عباس

قلت: قال الديلمى [2/ 176، رقم 2403]:

أخبرنا والدى أخبرنا يوسف بن محمد الخطيب أخبرنا ابن لال حدثنا أبو داود سليمان بن يزيد من سليمان القزوينى ثنا على بن أبي طاهر حدثنا هارون بن عيسى بن إبراهيم الهاشمى ثنا أحمد بن عبد الأعلى ثنا أبو عيد اللَّه اليشكرى ثنا ميمون بن مهران عن ابن عباس قال: "قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم" فذكره.

ورواه البندهى من وجه آخر عن ميمون بن مهران مفصلًا بذكر السبب، فقال:

أخبرنا الإمام أبو محمد عبد الصمد من محمد بن عمر بن عبد اللَّه الخطيب البغوى بها أنا القاضى الإمام أبو سعيد محمد بن على بن أبي صالح البغوى أنا الحاكم أبو الحسن على بن الإسترباذى أنا أبو يعلى النسفى ثنا محمد بن زكريا عن مضمون بن مهران عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: "اختصم أصحاب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في جهد البلاء، فقال بعضهم: جهد البلاء القتل، وقال بعضهم: جهد البلاء الفقر، وقال بعضهم: جهد البلاء الصلب، واختلفوا في ذلك فخرج رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فقال: فيم أنتم؟ فأخبروه، فقال: كل الذي ذكرتموه شديد، ولكن جهد البلاء أن تحتاج إلى ما في أيدى الناس فيمنعون" ومحمد بن زكريا هو ابن دويد الكندى، قال الذهبى: لا أعرفه ولينظر بقية السند.

ص: 352

1513/ 3606 - "جَهَنَّمُ تُحِيطُ بالدُّنْيَا، وَالجَنَّةُ مِنْ وَرَائِهَا، فَلِذَلِكَ صَارَ الصِّرَاطُ عَلَى جَهَنَّمَ طَرِيقًا إِلىَ الجَنَّةِ".

(خط. فر) عن ابن عمر

قال في الكبير: وفيه محمد بن مخلد، قال الذهبى: قال ابن عدى حدث بالأباطيل، ومحمد بن حمزة الطوسى قال الذهبى: قال ابن منده: حدث بمناكير عن أبيه، وقال ابن معين: ليس بشيء، قال الذهبى في الضعفاء: ضعف وهو صدوق اهـ. وفي الميزان: هذا الخبر منكر ومحمد واه وحمزة ترك، وقال معن: سألت أحمد عن حمزة الطوسى فقال: لا يكتب عن الخبيث شيء.

قلت: هذا خطأ فاحش، ووهم قبيح من وجوه، الأول: أن محمد بن مخلد إنما هو موجود في سند الخطيب، فإنه قال [2/ 291]:

أخبرنا أبو عمر بن مهدى أنبأنا محمد بن مخلد العطار أنبأنا محمد بن حمزة ابن زياد الطوسى أنبأنا أبي أنبأنا قيس بن الربيع عن عبيد المكتب عن مجاهد عن ابن عباس به.

أما الديلمى فقال [2/ 183، رقم 2422]:

أخبرنا الحداد أخبرنا أبو نعيم ثنا عبد اللَّه بن محمد بن الموفق ثنا محمد بن جعفر بن أحمد المطيرى ثنا محمد بن حمزة بن زياد الطوسى به.

الثانى: أن الخطيب صرح بأن محمد بن مخلد هو العطار، ومحمد بن مخلد الذي ذكره الذهبى قال فيه: محمد بن مخلد أبو أسلم الرعينى الحمطى.

الثالث: أن محمد بن مخلد العطار هو شيخ شيخ الخطيب في الحديث، ومحمد بن مخلد الذي ذكره الذهبى قال فيه: يروى عن مالك وغيره، ومالك توفى سنة 179، فكيف يدرك الخطيب وهو من أهل القرن الخامس من روى عن أصحاب مالك؟!

ص: 353

فالمذكور في السند هو الحافظ الثقة أبو عبد اللَّه محمد بن مخلد بن حفص الدورى البغدادى المتوفى بها سنة إحدى وثلاثين وثلاثمائة عن سبع وتسعين سنة، وقد خرج هذا الحديث في جزئه المشهور ومنه خرجه الخطيب.

وقد ذكره (1) شيخنا أبو عبد اللَّه الكتانى في "رسالته المستطرفة في مشهور كتب السنة المشرفة"، وقال عنه: هو جزء لطيف مشتمل على نحو من تسعين حديثًا اهـ.

وليس كما قال، فإن عندى الجزء الثانى منه، وهو مشتمل على نحو من مائتين وخمسين حديثًا.

الرابع: أن الذهبى لم يقل في محمد بن حمزة الطوسى: ضعف وهو صدوق، بل ذلك من كيس أوهام الشارح.

1514/ 3609 - "الجَارُ قَبْلَ الدَّارِ، والرَّفيقُ قَبْلَ الطَّرِيقِ، والزَّادُ قَبْلَ الرَّحيلِ".

(خط) في الجامع عن علي

قال في الكبير: قال المصنف في الدرر: سنده ضعيف اهـ. ورواه عنه أيضًا الحاكم والدارمى والعقيلى في الضعفاء والعسكرى، قال السخاوى: وكلها ضعيفة لكن بالانضمام يتقوى.

قلت: ما خرجه الحاكم ولا الدارمى ولا قال ذلك السخاوى، وإنما هو وهم من الشارح عليه.

بل عزاه للطبرانى في الكبير وابن أبي خيثمة وأبي الفتح الأزدى والعسكرى في الأمثال والخطيب في الجامع [2/ 350، رقم 1771] من حديث أبان بن المحبر عن سعيد بن معروف بن رافع من خديج عن أبيه عن جده بلفظ: "التمسوا الرفيق قبل الطريق، والجار قبل الدار"، قال: وأبان بن المحبر متروك وهو وسعيد لا تقوم بهما حجة.

ص: 354

ولكن له شاهد رواه العسكرى فقط من حديث عبد الملك بن سعيد الخزاعى عن جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه: قال: "خطب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم" وذكر حديثًا طويلًا وفي آخره: "الجار ثم الدار، الرفيق ثم الطريق"، وهو عند الخطيب في جامعه [2/ 350، رقم 1772] باختصار من حديث محمد بن مسلم عن أبي جعفر محمد بن على عن أبيه على بن الحسين عن أبيه الحسين بن على عن أبيه على عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "الجار قبل الدار، والرفيق قبل الطريق، والزاد قبل الرحيل"، وللخطيب أيضًا [2/ 351، رقم 3773] من طريق عبد اللَّه بن محمد اليمامى عن أبيه عن جده قال: قال خفاف بن ندبة: "أتيت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فقلت: يا رسول اللَّه محمد من تأمرنى أن أنزل أعلى قريش أم على الأنصار أم أسلم أم عمار؟ فقال: يا خفاف ابتغ الرفيق قبل الطريق، فإن عرض لك أمر لم يضرك، وإن احتجت إليه نفعك"، وكلها ضعيفة لكن بانضمامها تقوى، وفي قول اللَّه تعالى حكاية عن السيدة آسية:{رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ} ، ما يشير إلى الجملة الثانية اهـ. كلام السخاوى بحروفه (1). وقد قدمت الكلام عليه أيضًا في حديث:"التمسوا".

1515/ 2610 - "الجَالِبُ مَرزُوقٌ، والمُحْتَكِرُ مَلْعُونٌ".

(هـ) عن عمر

قال في الكبير: رواه ابن ماجه من حديث على بن سالم عن على بن زيد عن سعيد بن المسيب عن عمر، قال الذهبى: على عن على ضعفاء اهـ، وقال المناوى: على بن سالم مجهول، وقال البخارى: لا يتابع على حديثه اهـ. وقال ابن حجر: سنده ضعيف.

قلت: أخرجه أيضًا الدارمى [2/ 249] وإسحاق بن راهويه وأبو يعلى في

(1) انظر المقاصد الحسنة (ص 151 - 152، رقم 163) بتصرف يسير.

ص: 355

مسانيدهم، والحاكم في المستدرك [2/ 11، رقم 2164]، لكنه لم يصححه (1) ولم يذكر إلا شطره الثانى، وكذلك خرجه العقيلى في الضعفاء، كلهم من الطريق السابق عن عمر.

وفي الباب عن أنس، قال الثقفى في الثقفيات:

حدثنا أبو الفرج عثمان بن أحمد بن إسحاق البرحى ثنا محمد بن عمر بن حفص ثنا حجاج بن يوسف بن قتيبة ثنا بشر بن الحسن عن الزبير بن عدى عن أنس قال: "قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: الجالب مرزوق، والمحتكر ملعون".

1516/ 3612 - "الجَاهِرُ بِالقُرْآنِ كَالجَاهِرِ بِالصَّدَقَةِ، والمُسِرُّ بِالقُرْآنِ كَالمُسِرِّ بِالصَّدَقَةِ".

(د. ت. ن) عن عقبة بن عامر (ك) عن معاذ

قلت: حديث عقبة أخرجه أيضًا الربعى السدار في جزئه، وأبو الحسين بن بشران في فوائده، وعنه الثقفى في الثقفيات وآخرون كلهم من طريق إسماعيل ابن عياش عن بكر بن سعد الكلاعى عن خالد بن معدان عن كثير بن مرة الحضرمى عن عقبة بن عامر به.

وحديث معاذ، قال عنه الحاكم [1/ 555، رقم 2038]: صحيح على شرط البخارى، وأقره الذهبى، مع أن الحاكم رواه من طريق سعيد بن أبي

(1) لم يصححه لأنه ليس على شرطه في كتابه، فإنه قال قبل هذا الحديث مباشرة [2/ 11]: وقد روى في الزجر عن احتكار الطعام. . . أخبار لابد من ذكرها، ثم ذكره وذكر معه خمسة أحاديث آخر، ثم قال [2/ 13]: هذه الأحاديث الستة طلبتها، وخرجتها في موضعها من هذا الكتاب يعنى كتاب البيوع احتسابًا لما فيه الناس من الضيق، واللَّه يكشفها، وإن لم يكن من شرط هذا الكتاب اهـ.

ومع هذا قال الذهبى في التلخيص [2/ 11، رقم 2164]: على بن سالم ضعيف وهذا رواه ابن ماجه اهـ. واللَّه أعلم.

ص: 356

مريم عن يحيى بن أيوب عن بحير بن سعد (1) عن خالد بن معدان عن كثير بن مرة الحضرمى عن معاذ به، وهذا السند عينه سند حديث عقبة، فالظاهر أن بعض الرواة وهم في قوله: عن معاذ.

وفي الباب عن أبي أمامة مرفوعًا: "من خَفتَ بالقرآن فهو كالذى يَخْفِتُ بالصدقة، ومن جهر بالقرآن فهو كالذى يجهر بالصدقة"، رواه ابن حبان في الضعفاء [1/ 187]:

أخبرنا الحسن بن سفيان ثنا جعفر بن مهران ثنا عبد الوارث عن بشر بن نمير القشيرى عن القاسم عن أبي أمامة به، وقال ابن حبان في بشر بن نمير: منكر الحديث.

1517/ 3613 - "الجَبَرُوتُ فِي القَلْبِ".

ابن لال عن جابر

قال في الكبير: بإسناد ضعيف، لكن شاهده خبر أحمد وابن منيع والحارث عن على مرفوعًا:"إن الرجل ليكتب جبارًا وما يملك غير أهل بيته".

قلت: كذا وقع في الأصل، أحمد وابن منيع بواو العطف، وإنما هو أحمد ابن منيع، والشارح أخذ ذلك من كلام الحافظ السخاوى فإنه قال: ويدخل هنا ما رواه أحمد بن منيع والحارث بن أبي أسامة في مسنديهما عن على.

أما حديث الباب فقال ابن لال:

حدثنا إسماعيل بن محمد ثنا يحيى بن أبي طالب ثنا يزيد بن هارون ثنا محمد بن عبد الملك عن ابن المنكدر عن جابر به، ومحمد بن عبد الملك متهم بالكذب ووضع الحديث.

(1) كذا في الكاشف للذهبى، وفي التهذيب لابن حجر والخلاصة "سعيد" بدلًا من سعد.

ص: 357

1518/ 2614 - "الجِدَالُ في القُرْآنِ كُفرٌ".

(ك) عن أبي هريرة

قال الشارح: وصححه الحاكم ونوزع.

قلت: الحاكم ما صحح هذه الرواية ولا نازعه أحد، والشارح نفسه نقل في الكبير عن الحاكم أنه قال: لم يحتج الشيخان بعمر، كذا نقل ذلك مجملًا ثم حرفه في الصغير فما أصاب في الكتابين معًا.

والواقع أن الحاكم خرج الحديث أولًا [2/ 223، رقم 2882]: من طريق المعتمر بن سليمان عن محمد بن عمرو بن علقمة عن أبي سلمة عن أبي هريرة (1)، ثم قال: تابعه عمر بن أبي سلمة عن أبيه، ثم أخرجه [2/ 223، رقم 2883] من طريق سعد بن إبراهيم عن عمر بن أبي سلمة ثم قال: حديث المعتمر عن محمد بن عمرو صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه، فأما عمر بن أبي سلمة فإنهما لم يحتجا به اهـ.

والحديث عند إبراهيم بن سعد في جزئه عن أبيه، لكنه قال: عن حميد بن عبد الرحمن أو عن أبي سلمة بن عبد الرحمن فذكره مرسلًا.

وأخرجه الطبرانى (2) وعنه أبو نعيم في الحلية [6/ 134] من رواية ضمرة بن شوذب عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة به.

ورواه أبو داود في سننه وسيعزوه المصنف له في حرف الميم في: "المرآة في القرآن"، وهناك إن شاء اللَّه نذكر له مخرجين غير هؤلاء.

(1) خرجه بلفظ: "مراء في القرآن كفر".

(2)

رواه في الصغير في موضعين [1/ 299، رقم 496] من رواية الزهرى، عن سعيد بن المسيب وأبي سلمة به [1/ 345، رقم 574] من طريق هشام بن عروة عن أبيه، عن أبي سلمة به بلفظ:"المراء في القرآن كفر".

ص: 358

1519/ 3618 - "الجَزُورُ عَنْ سَبْعَةٍ".

الطحاوى عن أنس

قال الشارح: رواه الطحاوى في مسنده.

وقال في الكبير: ظاهر اقتصاره على الطحاوى أنه لم يخرجه أحد من الستة وإلا لما عدل عنه وهو ذهول، فقد خرجه أبو داود في الأضاحى عن جابر [بزيادة] فقال:"البدنة عن سبعة والجزور عن سبعة" ورواه الترمذى بلفظ: "الجزور عن سبعة والبقرة عن سبعة في الأضاحى"، وما أراه إلا ذهل عنه.

قلت: ما ذهل عنه ولكنك كثير النسيان، فإن أبا داود خرجه بلفظ:"البقرة عن سبعة والجزور عن سبعة"، وقد قدمه المصنف في حرف الباء، وعزاه لأحمد وأبي داود، والعجب أن الشارح يقول: بلفظ: "البدنة"، ولا يتفطن لكون لفظ:"البدنة" ليس هذا موضعها بل موضعها حرف الباء، وهو يستدرك بها في حرف الجيم.

ثم إنه لم يقع أيضًا عند أبي داود بلفظ: "البدنة" كما يقول الشارح، بل بلفظ:"البقرة" كما سبق للمصنف، أما لفظ:"البدنة" فوقع عند أبي داود [3/ 98، رقم 2809] في رواية لا تدخل في هذا الكتاب أصلًا، وهي قولة:"نحرنا مع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بالحديبية البدنة عن سبعة والبقرة عن سبعة".

وبهذا اللفظ أيضًا خرجه الترمذى [4/ 21، رقم 1502]، فما ذهل المصنف وإنما ذهل الشارح.

ثم إنه قال عن الطحاوى أنه خرج هذا الحديث في مسنده، وليس للطحاوى مسند إنما خرجه في شرح معاني الآثار [4/ 175].

ص: 359

1520/ 3622 - "الجُلُوسُ مَعَ الفُقَرَاءِ مِنَ التَّوَاضُع، وَهُوَ مِنْ أَفْضَلِ الجِهَادِ".

(فر) عن أنس

قال في الكبير: فيه محمد بن الحسين السلمى الصوفى، قال الخطيب: قال لي محمد بن يوسف القطان: كان يضع الحديث.

قلت: محمد بن الحسين هو أبو عبد الرحمن السلمى الحافظ الصوفى شيخهم في وقته اجل من أن يكذب، ومن اتهمه بذلك فما عرفه ولا قدره قدره.

والسند فيه مجاهيل لا يعرفون، فلا معنى لاتهام أبي عبد الرحمن به، قال الديلمى [2/ 196، رقم 2454]:

أخبرنا يزيد أخبرنا البجلى أخبرنا السلمى حدثنا أحمد بن إبراهيم الفقيه ثنا محمد بن على بن الأشعث ثنا جعفر بن محمد العلوى ثنا مسلم بن إبراهيم ثنا عروة بن ثابت عن طاهر بن عبيد اللَّه عن أنس به.

1521/ 3623 - "الجَمَاعَةُ بَرَكَةٌ، والسُّحُورُ بَرَكَةٌ، والثَّرِيدُ بَرَكَةٌ"

ابن شاذان في مشيخته عن أنس

قال في الكبير: ورواه الحارث بن أبي أسامة وأبو ليلى والديلمى من حديث أبي مريرة ولقد أبعد المصنف النجعة حيث عزاه لابن شاذان مع وجوده لمن ذكر قلت: أما الحارث بن أبي أسامة فلم يروه من حديث أبي هريرة، بل رواه عن أبي سعيد الإسكندرانى مرسلًا بسند فيه كذاب ومتروك، فقال الحارث (1):

حدثنا داود بن المحبر ثنا بحر بن كنيز السقا عن عمران القصير عن أبي سعيد الإسكندرانى قال: "قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: الجماعة بركة، والثريد بركة، والسحور بركة، تسحروا فإنه يزيد في القوة، وهو من السنة، تسحروا

(1) انظر بغية الحارث: [1/ 414، رقم 323].

ص: 360

ولو بجرعة من ماء أو على جرع من ماء تسحروا صلوات اللَّه على المتسحرين" فهذا الحديث بهذه الزيادة موضوع وداود بن المحبر وضاع، وشيخه متروك منكر الحديث.

وأما أبو يعلى فرواه بلفظ: "السحور بركة"، فموضعه حرف السين، إلا أن المصنف لم يذكره هناك وإن ذكره في الأصل، قال أبو يعلى [11/ 330، رقم 6447]:

حدثنا أبو ياسر عمار بن هارون المستملى ثنا مسلمة بن علقمة -إمام مسجد داود بن أبي هند- ثنا داود من أبي هند عن الشعبى عن أبي هريرة مرفوعًا: "السحور بركة، والجماعة بركة، والثريد بركة".

وكذلك رواه الحسن بن سفيان في مسنده عن عمار بن عمرو، وعنه رواه أبو عمرو بن حمدان في فوائد الحاج، وبهذا اللفظ ذكره النور الهيثمى في الزوائد وعزاه لأبي يعلى، ثم قال: فيه أبو ياسر عمار بن هارون وهو ضعيف اهـ.

1522/ 3624 - "الجَمَاعَةُ رَحْمَةٌ، والفُرْقَةُ عَذَابٌ".

عبد اللَّه في زوائد المسند، والقضاعى عن النعمان بن بشير

قلت: تقدم الكلام عليه قريبًا في حديث: "التحدث بنعمة اللَّه شكر".

1523/ 3626 - "الجَمَالُ صَوَابُ القَوْلِ بِالحَقِّ، وَالكَمَالُ حُسْنُ الفِعَالِ بِالصِّدْقِ".

الحكيم عن جابر

قال الشارح: بسند ضعيف جدًا.

ص: 361

وقال في الكبير: قضية صنيع المصنف أنه لم يره مخرجًا لأحد من المشاهير الذين وضع لهم الرموز وهو عجيب، فقد رواه أبو نعيم في الحلية والديلمى في مسند الفردوس والبيهقى في الشعب فعدوله للحكيم واقتصاره عليه الموهم غير لائق، ثم إن فيه أيوب بن يسار الزهرى قال الذهبى: ضعيف جدًا تفرد به عنه عمر بن إبراهيم وهو ضعيف جدًا.

قلت: فيه أمور، الأول: هذا الحديث باطل موضوع جزمًا، وليس هو من الألفاظ النبوية.

الثانى: لم يخرجه أبو نعيم في الحلية، وإنما قال الديلمى [2/ 195، رقم 2451]:

أخبرنا الحداد أخبرنا أبو نعيم حدثنا أحمد بن محمد بن موسى ثنا إسحاق بن أحمد بن الحسن ثنا محمد بن مصعب ثنا عمر بن إبراهيم عن أيوب بن سيار عن محمد بن المنكدر عن جابر قال: "أقبل العباس وعليه ثياب بياض" فلما نظر إليه النبي صلى الله عليه وسلم تبسم، فقال العباس: ما الجمال يا رسول اللَّه؟ قال: الجمال صواب القول" وذكره.

فلما رأى الشارح الديلمى أسنده من طريق أبي نعيم نسبه إليه في الحلية وهو غير موجود فيها، ولأبى نعيم كتب كثيرة، وقد خرج هذا الحديث في تاريخ أصبهان ولكن بسند آخر غير هذا السند كما سأذكره.

الثالث: قوله: تفرد به عنه عمر بن إبراهيم باطل، بل رواه عنه أيضًا همام ابن مسلم وعلى بن حفص المدائنى.

أما رواية همام فقال أبو نعيم في التاريخ [2/ 86، 87]:

أخبرنا عبد اللَّه بن أحمد بن عبد اللَّه بن مسعود فيما أذن ثنا عبد اللَّه بن أحمد ابن السيد ثنا سليمان بن الربيع النهدى ثنا همام بن مسلم عن أيوب بن سيار

ص: 362

عن محمد بن المنكدر عن جابر به مثله.

وأما رواية على من حفص فقال الطوسى في أماليه.

أخبرنا جماعة عن أبي المفضل قال: حدثنا الحسن بن محمد بن الإسكاف حدثنا أبي قال: حدثنا على بن حفص المدائنى حدثنى أيوب بن سيار به، وفيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"إنك يا عم لجميل، فقال العباس: ما الجمال بالرجال يا رسول اللَّه؟ قال: صواب القول بالحق، قال: فما الكمال؟ قال: تقوى اللَّه عز وجل وحسن الخلق".

الرابع: ليس من ذكر بأشهر من الحكيم الترمذى ولا في العزو إليه أدنى إيهام لشئ.

1524/ 3628 - "الجُمُعَةُ إلى الجُمُعَةِ كَفارَة لِمَا بَينهمَا مَا لَمْ تُغْش الكَبَائِرُ".

(هـ) عن أبي هريرة

قال في الكبير: ورواه الحاكم والديلمى.

قلت: هذا هو الوهم والإيهام على الحقيقة لا ما يلمز به الشارح المصنف جهلًا، فقوله رواه الحاكم يفيد أنه في المستدرك وليس كذلك إنما هو في التاريخ، وعدم ذكره لصحابى الحديث يفيد أنه أبو هريرة أيضًا، وإنما رواه الحاكم في التاريخ والديلمى من حديث عثمان، قال الديلمى:

أخبرنا ابن خلف أخبرنا الحاكم حدثنا الحسين بن محمد ثنا أحمد بن محمد الفقيه ثنا عبد اللَّه بن مصعب عن أبيه عن عبد اللَّه بن عبد الخالق عن أبيه عن سعيد بن عثمان عن أبيه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "الجمعة إلى الجمعة

ص: 363

كفارة لما بينهما ما اجتنبت الكبائر" وأعمل الحديث في صحيح مسلم وغيره (1).

1525/ 3635 - "الجُمُعَةُ حَجُّ المَسَاكِين".

ابن زنجويه في ترغيبه والقضاعى عن ابن عباس

قال الشارح: بإسناد ضعيف.

قلت: في الباب عن على وابن عمر وأبي الدرداء ذكرتها بأسانيدها في المستخرج.

1526/ 3637 - "الجَنَارَةُ مَتبُوعَةٌ، وَلَيْسَتْ بِتَابِعَةٍ، لَيْسَ منَّا مَنْ تَقَدَّمَهَا".

(هـ) عن ابن مسعود

قال في الكبير: قال ابن الجوزى حديث لا يثبت وفيه أبو مساجد قال الدارقطنى: مجهول، وظاهر صنيع المصنف أن ابن ماجه تفرد بإخراجه من بين الستة وأنه لا علة له والأمر بخلافه، أما أولًا: فإن أبا داود والترمذى خرجاه أيضًا في الجنائز واستغربه الترمذى، وأما ثانيًا: فإنه عندهم من رواية أبي مساجد وهو ضعيف. . . إلخ.

قلت: كلا الوجهين باطل، أما الأول: فإن أبا داود والترمذى لم يخرجاه بلفظ يدخل في هذا الكتاب، إنما وقع اللفظ المذكور أثناء حديثهما، قال أبو داود [3/ 202، رقم 3184]: ثنا مسدد ثنا أبو عوانه عن يحيى المجبر وهو يحيى بن عبد اللَّه التيمى عن أبي ماجد عن ابن مسعود قال: "سألنا نبينا صلى الله عليه وسلم عن المشى مع الجنارة فقال: ما دون الخبب، إن يكن خيرًا تعجل إليه وإن يكن

(1) مسلم (1/ 209، رقم 14، 15، 16).

ص: 364

غير ذلك فبعدًا لأهل النار، والجنازة متبوعة ولا تتبع، وليس معها من يقدمها".

وقال الترمذى [3/ 323، رقم 1011]: ثنا محمود بن غيلان ثنا وهب بن جرير عن شيبة عن يحيى إمام بنى تيم اللَّه عن أبي مساجد عن عبد اللَّه بن مسعود قال: "سألنا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم عن المشى خلف الجنازة فقال: ما دون الخبب" وذكر مثله، فالحديث في روايتهما أثناء حديث آخر.

أما ابن ماجه فقال [1/ 2476، رقم 1484]: حدثنا أحمد بن عبدة أنبأنا عبد الواحد بن زياد عن يحيى بن عبد اللَّه التيمى عن أبي ماجد الحنفى عن عبد اللَّه بن مسعود قال: "قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: الجنازة متبوعة" الحديث.

والمصنف في كتابه هذا إنما يورد الأحاديث على ما وردت عليه عند مخرجيها، ولذلك يكرر الحديث مرارًا ويفرق بين ما اتفق عليه أصحاب الكتب الستة في عدة مواضع بحسب اللفظ الواقع عند كل واحد منهم، والشارح يعلم هذا جيدًا.

وأما الثانى: فإن المصنف رمز له بعلامة الضعيف التي اكتفى بها عن نقل الكلام الطويل في علل الأحادبث اختصارًا، كما اكتفى بالرمز عن أسماء الرجال.

1527/ 3628 - "الجَنَّةُ أَقْرَبُ إلى أَحَدِكُمْ مِنْ شِرَاكِ نَعْلِهِ، والنَّارُ مِثْلُ ذَلِكَ".

(حم. خ) عن ابن مسعود

قلت: في الباب عن جابر، قال أبو نعيم في التاريخ [2/ 9]:

ص: 365

ثنا أحمد بن عبيد اللَّه بن محمود ثنا على بن الحسين بن سلم بالرى ثنا أبي ثنا أحمد بن معاوية بن الهذيل ثنا الحسين بن حفص ثنا أبو سلم خادم الأعمش عن الأعمش عن أبي سفيان عن جابر قال: أظنه رفعه إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: "إن الجنة أقرب إلى أحدكم من شراك نعله، والنار مثل ذلك".

1528/ 3640 - "الجَنَّةُ مِائَةُ دَرَجَةٍ، مَا بَيْنَ كُلِّ دَرَجَتَينِ كَمَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ".

ابن مردويه عن أبي هريرة

قال في الكبير: وظاهر صنيع المصنف أنه لم يره لأحد من المشاهير وهو عجيب، فقد خرجه الحاكم وقال على شرطهما.

قلت: الشارح لجهله بصناعة الحديث يظن أن من شرط العزو أن يعزى الحديث إلى جميع من خرجه، وأن من لم يفعل ذلك فهو قاصر، وأنه باستدراكه على المصنف بأمثال هذا سيفوقه وينقص من قدره، وكل هذا محال بل من أمحل المحال.

والحديث خرجه قبل الحاكم البخارى في التاريخ الكبير [1/ 203] من حديث أبي الدرداء:

فروى عن عبد الرحمن بن يحيى عن محمد بن عيسى بن سميع القرشى عن زيد بن واقد عن بسر بن عبيد اللَّه عن أبي إدريس عن أبي الدرداء عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "الجنة مائة درجة أعدها اللَّه للمجاهدين".

ورواه ابن أبي داود في البعث [ص 11] من حديث أبي هريرة، فقال:

ثنا أحمد بن سنان ثنا يزيد بن هارون أنا شريك عن محمد بن جحادة عن عطاء عن أبي هريرة قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "الجنة مائة درجة ما بين كل

ص: 366

درجتين مسيرة خمسمائة عام".

ورواه أبو نعيم في تاريخ أصبهان [2/ 305]:

ثنا أبو بكر محمد بن إبراهيم ثنا أبو بكر محمد بن موسى بن أحمد بن الزبرقان ثنا محميد بن شيرزاذ ثنا يحيى الحمانى ثنا شريك عن محمد بن جحادة به مثله.

وأما الحاكم [1/ 80، رقم 357] فرواه من طريق فليح بن سليمان عن هلال ابن على عن عطاء بن يسار عن أبي هريرة: "أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الجنة مائة درجة بين كل درجتين كما بين السماء والأرض، والفردوس من أعلاها درجة، ومنها تفجر أنهار الجنة، فإذا سألتم اللَّه فاسألوه الفردوس".

ورواه أيضًا من حديث أبي هريرة وأبي سعيد معا، ورواه أيضًا [1/ 80، رقم 359] من حديث زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن عبادة ابن الصامت، وهي كلها عند الترمذى.

وهذا كله باعتبار الرواية المصدرة باللفظ الذي ذكره المصنف دون أصل الحديث، وإلا فهو في صحيح البخارى [4/ 19، رقم 2790] وسنن الترمذى [4/ 674، رقم 2529] ومسند أحمد [2/ 335] وغيرها من حديث أبي هريرة أيضًا ولفظه: "من آمن باللَّه ورسوله وأقام الصلاة وصام رمضان كان حقًا على اللَّه أن يدخله الجنة، هاجر في سبيل اللَّه أو جلس في أرضه التي ولد فيها، قالوا يا رسول اللَّه: أفلا ننبئ الناس بذلك؟ قال: إن في الجنة مائة درجة أعدها اللَّه للمجاهدين في سبيله، كل درجتين ما بينهما كما بين السماء والأرض، فإذا سألتم اللَّه فسلوه الفردوس فإنه أوسط الجنة وأعلى الجنة، وفوقه عرش الرحمن ومنه تفجر أنهار الجنة".

ص: 367

1529/ 3641 - "الجَنَّةُ مِائَةُ دَرَجَةٍ، وَلَو أن العَالَمِينَ اجْتَمَعُوا في إِحْدَاهُنَّ لوَسِعَتْهُم".

(حم. ع) عن أبي سعيد

قال في الكبير: ظاهر صنيع المصنف أن ذا لم يتعرض أحد من الستة لتخريجه وإلا لما عدل عنه، والأمر بخلافه، فقد رواه الترمذى عن أبي سعيد المذكور بلفظ: "الجنة مائة درجة، ولو أن الناس كلهم في درجة واحدة لوسعتهم، اهـ. بلفظه فالعدول عنه من ضيق العطن.

قلت: كذب الشارح في قوله بلفظ الجنة. . . إلخ، فإن الترمذى قال [4/ 676، رقم 2532]:

حدثنا قتيبة ثنا ابن لهيعة عن دراج عن أبي الهيثم عن أبي سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم: "إن في الجنة مائة درجة لو أن العالمين اجتمعوا في إحداهن لوسعتهم".

فرواية الترمذى مصدرة بـ "إن" وقد ذكره المصنف في حرف "إن" وعزاه للترمذى فكتب عليه الشارح هناك: وقال الترمذى: حسن صحيح اهـ وهو واهم أيضًا فيما قال، فإن الترمذى قال: هذا حديث غريب فالشارح أضيق خلق اللَّه عطنا وأكثرهم غفلة ونسيانًا.

1530/ 3642 - "الجَنَّةُ تَحْتَ أَقْدَامِ الأُمَّهَاتِ".

القضاعى (خط) في الجامع عن أنس

قال الشارح: وفيه مجهولان، ورواه مسلم عن النعمان بن بشير.

وقال في الكبير: روياه كلاهما من حديث منصور بن مهاجر عن أبي النضر الأبار عن أنس، قال ابن طاهر: ومنصور وأبو النضر لا يعرفان والحديث منكر اهـ. فظاهر صنيع المصنف أنه لم يره مخرجًا لأحد من الستة وإلا لما

ص: 368

أبعد النجعة وهو ذهول، فقد خرجه النسائى وابن ماجه وكذا أحمد والحاكم وصححه، وأعجب من ذلك أن المصنف في الدرر عزاه إلى مسلم باللفظ المذكور من حديث النعمان بن بشير فيا له من ذهول ما أبشعه!.

قلت: أى نعم ما أبشعه وأشنعه ولكن من الشارح لا من المصنف، وإن وقع منه بعض تسامح في عزو هذا الحديث في الدرر لا في الجامع كما سأبينه، أما الشارح فذهوله أعجب وأعجب وإن كان ذلك لا يعد منه عجببًا لأنه أصل كلامه ومبنى كتابته، فإنه لا يقول إلا خطأ ولا يسطر إلا وهمًا كما تراه في كتابنا هذا من أوله إلى آخره، وفي هذا الحديث من ذهوله الشنيع ووهمه الشيخ وخطائه الفاحش أمور، الأول: أنه ليس المصنف الذي عزاه إلى مسلم، بل الذي عزاه إليه الزركشى في الأصل، نعم المصنف أقره ولم يتعقبه فهو من جملة ذلك متساهل.

الثانى: أن الزركشى عزاه إلى مسلم من حديث أنس لا من حديث النعمان ابن بشير، وسلفه في ذلك الديلمى فإنه الذي عزاه لمسلم عن أنس كما ذكره الحافظ السخاوى وقال: فلينظر.

الثالث: أن مسلمًا لم يخرجه لا من حديث أنس ولا من حديث النعمان والديلمى ومن تبعه واهمون في ذلك.

الرابع: أن النسائى وابن ماجه والحاكم لم يخرجوه من حديث أنس كما يفيده كلام الشارح بل خرجوه من حديث معاوية بن جاهمة السلمى.

الخامس: أن لفظه عندهم وعند غيرهم كأحمد وابن شاهين وابن أبي عاصم وابن عبد البر عن معاوية أنه قال: "يا رسول اللَّه أردت الغزو وجئتك أستشيرك، فقال: هل لك من أم؟ قال: نعم، قال: الزمها، فإن الجنة عند رجلها"(1).

(1) النسائى (6/ 11) وابن ماجه (2/ 930، رقم 2781) الحاكم (4/ 151 رقم 7248) أحمد [3/ 429].

ص: 369

وهو حديث وقع فيه اضطراب، فهذا لفظ لا يدخل في هذا الحرف.

السادس: ما نقله عن ابن طاهر من أن منصور بن مهاجر وأبا النضر الأبار لا يعرفان باطل، فمنصور بن مهاجر معروف، روى عنه يعقوب بن شيبة ومحمد بن عبد الملك الدقيقى والحسن بن على الحلوانى ومحمد بن إسماعيل الحسانى وإسحاق بن وهب العلاف وعلى بن إبراهيم بن عبد المجيد وأبو هاشم سهم بن إسحاق بن إبراهيم وعلى بن إبراهيم الواسطى وآخرون، وروى له ابن ماجه في التفسير وله ترجمة في التهذيب، وأبو النضر الأبار هو جرير بن حازم كما ذكره الدولابى في الكنى، وهو ثقه من رجال الجميع.

1531/ 3643 - "الجَنَّةُ تَحْتَ ظِلالِ السُّيوفِ".

(ك) عن أبي موسى

قال في الكبير: قال الحاكم: على شرط مسلم، وأقره الذهبى وكان على المصنف إثبات هذا في حرف "إن" لأنه في رواية الحاكم بـ "إن" في أوله كما رأيته في المستدرك بخط الذهبى، ثم إن ظاهر كلام المصنف أن هذا مما لم يخرجه الشيخان ولا أحدهما وهو ذهول، فقد رواه البخارى عن ابن أبي أوفى مرفوعًا بلفظ:"اعلموا أن الجنة تحت ظلال السيوف". وأخرجه مسلم أيضًا في المغازى وأبو داود في الجهاد، فاقتصار المؤلف على الحاكم من ضيق العطن.

قلت: هذا مما يدل على أن الشارح ملبس، فبينما هو يتعقب المؤلف على ذكر حديث الحاكم هنا ويقول أن حقه أن يذكر في حرف "إن" لأنه مصدر بها عند الحاكم على ما رآه بخط الذهبى، إذ يتعقب عليه بعدم عزوه للبخارى من حديث ابن أبي أوفى الذي هو مصدر بـ "اعلموا"، على ما يفتريه هو ويدلسه ويقترف به الذي موضعه حرف الألف مع العين.

ص: 370

وأما الواقع فلفظ حديث ابن أبي أوفى عند البخارى [4/ 77، رقم 3026]: "يا أيها الناس لا تمنوا لقاء العدو وسلوا اللَّه العافية، فإذا لقيتموهم فاصبروا واعلموا أن الجنة تحت ظلال السيوف" وهكذا هو عند مسلم [3/ 1362، رقم 1742] وأبي داود [3/ 42، رقم 2631]، فالشارح يكذب ويدلس ليتوصل إلى قوله من ضيق العطن أو قصور وتقصير.

1532/ 3645 - "الجَنَّةُ لَبِنَةٌ مِن ذَهَبٍ ولَبِنَةٌ مِن فِضَّةٍ".

(طس) عن أبي هريرة

قال في الكبير: قال الهيثمى: رجاله رجال الصحيح اهـ. وقضية كلام المصنف أن ما ذكره هو الحديث بتمامه والأمر بخلافه، بل بقيته:"وملاطها المسك".

قلت: الشارح أخذ هذا مما ذكر الحافظ الهيثمى، وهو قد ذكره كذلك ولكن عزاه للبزار والطبرانى معًا، فالزيادة المذكورة وقعت في رواية البزار، والحديث روى بهذه الزيادة وبدونها، فقد أخرجه أبو مسلم الكشى ومن طريقه أبو نعيم في الحلية [2/ 248] من رواية عمران القطان عن قتادة عن العلاء بن زياد عن أبي هريرة باللفظ المذكور في الكتاب فقط، قال أبو نعيم: وكذلك رواه إبراهيم بن طهمان عن مطر الوراق عن العلاء مثله، قال: ورواه سعيد بن أبي عروبة عن قتادة وزاد: "ترابها الزعفران، وطينها المسك".

رواه الحسن بن أبي سفيان: ثنا محمد بن المنهال ثنا يزيد بن زريع عن سعيد به.

ورواه معمر عن قتادة عن العلاء عن أبي هريرة موقوفًا وزاد: "درجها الياقوت واللؤلؤ ورضراض أنهارها اللؤلؤ وترابها الزعفران".

ورواه ابن أبي الدنيا والطبرانى في الأوسط أيضًا من حديث ابن عمر: "سئل

ص: 371

رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم عن الجنة ما بناؤها؟ قال: لبنة من ذهب ولبنة من فضة وملاطها المسك، وترابها الزعفران، وحصباؤها اللؤلؤ والياقوت".

1533/ 3646 - "الجَنَّةُ مِائَةُ دَرَجَةٍ، مَا بَيْنَ كُل دَرَجَتَينِ مَسِيرَة خَمْسمِائَةِ عام".

(طس) عن أبي هريرة

قال في الكبير: هذا من المصنف كالصريح في أن هذا الحديث لم يتعرض الشيخان ولا أحدهما لتخريجه وإلا لما عدل عنه وأعظم بها من غفلة، فقد خرجه البخارى وكذا أحمد والترمذى باللفظ المزبور وزادوا:"والفردوس أعلاها درجة ومنها تفجر أنهار الجنة الأربع وفوق ذلك يكون العرش" اهـ.

قلت: أى واللَّه أعظم بها من غفله ولكن من الشارح لا من المؤلف وذلك في أمور، الأول: أن هؤلاء خرجوا الحديث بلفظ لا يدخل في هذا الحرف، بل المذكور هنا هو بعض الحديث الذي خرجوه، قال البخارى [4/ 19، رقم 2790]:

حدثنا يحيى بن صالح ثنا فليح عن هلال بن على عن عطاء بن يسار عن أبي هريرة قال: "قال النبي صلى الله عليه وسلم: من آمن باللَّه وبرسوله وأقام الصلاة وصام رمضان كان حقًا على اللَّه أن يدخله الجنة جاهد في سبيله أو جلس في أرضه التي ولد فيها، فقالوا: يا رسول اللَّه أفلا نبشر الناس؟ قال: إن في الجنة مائة درجة أعدها اللَّه للمجاهدين في سبيله ما بين الدرجتين كما بين السماء والأرض، فإذا سألتم اللَّه فاسألوه الفردوس، فإنه أوسط الجنة، وأعلى الجنة أراه قال: وفوقه عرش الرحمن، ومنه تفجر أنهار الجنة".

فهذا كما ترى حديث مطول أوله حرف "من".

الثانى: إن هذا فيه: "ما بين الدرجتين كما بين السماء والأرض"، والذي رواه الطبرانى:"ما بين كل درجتين خمسمائة عام".

ص: 372

الثالث: أن الذي رواه البخارى ومن وافقه مخالف أيضًا للفظ الذي عزاه إليهم الشارح.

الرابع: أن الترمذى لم يخرجه من حديث أبي هريرة بل خرجه من حديث معاذ [4/ 675، رقم 2530] لاختلاف وقع في إسناده، وإنما خرج حديث أبي هريرة مرفوعًا [4/ 674، رقم 2529]: "في الجنة مائة درجة ما بين كل درجتين مائة عام"، وقال: حسن غريب، فما أعظمها من الشارح كفلة وجرأة.

1543/ 3647 - "الجَنَّةُ بِالمَشْرِقِ".

(فر) عن أنس

قال في الكبير: فيه يونس بن عبيد، أورده الذهبى في الضعفاء وقال: مجهول، وظاهر صنيع المصنف أنه لم يره مخرجًا لأحد أعلى ولا أشهر ولا أقدم من الديلمى وهو عجيب، فقد خرجه الحاكم من هذا الوجه بهذا اللفظ ومن طريقه وعنه أورده الديلمى مصرحا، فإهمال المصنف للأصل واقتصاره على العزو للفرع غير جيد.

قلت: فيه من الجهل رالتدليس أمور: الأول: أن المصنف نقل الحديث من مسند الفردوس ورأى الديلمى أسنده من طريق الحاكم كما رآه الشارح، فلو كان خائنًا في النقل متهورًا في العزو لما عجز عن أن يعزوه للحاكم، ولكنه أمين إذ لم ير الحديث في كتاب الحاكم فعزاه إلى من خرجه، فهل أعجب من شأن الشارح يعيب المصنف بالصدق والأمانة، وينقصه بعدم الكذب والخيانة.

الثاثى: أن إطلاقه العزو الى الحاكم يوهم بل يمد صراحة أنه في المستدرك، والديلمى إنما يروى عن ابن خلف إجازة عن الحاكم ما خرجه في التاريخ،

ص: 373

كما أن الحافظ أسقط في زهر الفردوس كل ما أشده الديلمى من الكتب المشهورة وترك ما في الكتب الغريبة كما نص عليه في خطبته، والشارح رآه ووقف عليه وعلم أن الحديث عند الحاكم في التاريخ ولكنه قصد الإيهام بالتدليس والتلبيس ليوهم أن الحديث في مستدرك الحاكم ولم يعزه المصنف إليه قصورًا منه.

الثالث: أنه قال: ومن طريقه وعنه خرجه الديلمى، فزيادة "وعنه" تفيد صريحًا في اصطلاح أهل الحديث والمخرجين أنه رواه عنه مباشرة وإلا فقوله من طريقه يكفى، وذلك باطل فإن الديلمى ما أدرك الحاكم وإنما يروى عن ابن خلف عنه.

الرابع: قوله: وفيه يونس بن عبيد، قال الذهبى: مجهول هي فضيحة وخزى، فإن يونس بن عبيد أشهر من نار على علم ولا يمكن أن يجهله أحد من صغار طلبة الحديث، لأن السند فيه يونس بن عبيد عن الحسن عن أنس، ويونس بن عبيد صاحب الحسن، أشهر بين طلبة الحديث من سيبويه بين طلبة النحو، وهو إمام ثقة من رجال الصحيح بل الستة بل من أشهر الثقات وأفاضل العباد لا يمكن أن يجهله أو يشتبه حاله إلا على من لم يسمع بلفظ الحديث فضلًا عما فوق ذلك.

الخامس: أن يونس بن عبيد الذي ذكره الذهبى قال فيه: يروى عن البراء بن عازب، والذي في السند لم يدرك أحدًا من الصحابة، وأيضا فإن الذهبى قال: ذكره ابن حبان في الثقات، وذكر له حديثًا ثم قال: هو حديث حسن.

السادس: أن الحديث موضوع باطل، ويونس بن عبيد المذكور قد قال عنه الذهبى: ذكره ابن حبان في الثقات وحديثه حسن، ومن كان كذلك لا يروى مثل هذا الباطل.

السابع: أن الشارح ترك الراوى الكذاب الذي هو علة الحديث وذكر يونس

ص: 374

ابن عبيد الإمام الثقة الشهير، فإن الديلمى رواه [2/ 189، رقم 2434] من طريق الحاكم:

ثنا محمد بن العباس ثنا أحمد بن محمد بن عطاء الفقيه ثنا إبراهيم بن على النيسابورى ثنا الحسين بن إسحاق البصرى ثنا محمد بن الزبرقان عن يونس بن عبيد عن الحسن عن أنس به، والحسين بن إسحاق كذاب وضاع وهو الذي افتراه.

الثامن: أن الحافظ قد ذكر هذا الرجل في اللسان وذكر له هذا الحديث ونص على وضعه، والشارح قد رتب أحاديث الميزان واللسان، فأين كان عن هذا الحديث، ولكنه ينسى ما يكتبه قبل أربعة أسطر، فكيف يذكر ما في كتاب آخر.

قال الحافظ في اللسان [2/ 335]: الحسن بن إسحاق البصرى عن محمد ابن الزبرقان عن يونس عن الحسن عن أنس رفعه: "إن الشمس بالجنة والجنة بالمشرق" وعنه إبراهيم بن على النيسابورى، أورده الجوزقانى في كتاب الأباطيل، وقال: الحسين مجهول اهـ.

التاسع: أن الحديث ظاهر الوضع والبطلان، والمصنف قد تساهل وغفل جدًا في إيراده في هذا الكتاب، فبدلًا من أن ينبه الشارحُ على ذلك شرع يخبط خبط عشواء ويهرف بما لا يعرف ويأتى بالطامات الفاضحة لأنه غير موفق وإلى اللَّه عاقبة الأمور.

1535/ 3648 - "الجَنَّةُ حَرَامٌ عَلَى كُلِّ فَاحِشٍ أَنْ يَدْخُلَهَا"

ابن أبي الدنيا في الصمت (حل) عن ابن عمرو

قلت: كأن المصنف قلد الحافظ العراقى في عزو هذا الحديث إلى الحلية مرفوعًا وهو واهم في ذلك فإن أبا نعيم لم يخرجه عنه إلا موقوفًا [1/ 288] وذلك في ترجمته من طريق موسى بن هارون عن قتيبة بن سعيد عن الليث بن

ص: 375

سعد عن عياش بن عياش عن أبي عبد الرحمن قال: سمعت عبد اللَّه بن عمرو بن العاص يقول: "إن الجنة حرام على كل فاحش أن يدخلها".

وهكذا رواه الدولابى في الكنى عن النسائى عن قتيبة به مثله.

1536/ 3649 - "الجَنَّةُ لِكُلِّ تَائِبٍ، وَالرَّحْمَةُ لِكُلِّ وَاقِفٍ".

أبو الحسين بن المهتدى في فوائده عن ابن عباس

قال في الكبير: فظاهر حال المصنف أنه لم يقف عليه مخرجًا لأحد من المشاهير الذين وضع لهم الرموز مع أن الديلمى خرجه في مسند الفردوس.

قلت: ما رأيته في زهر الفردوس، وإن ذكره صاحب الفرودس من حديث ابن عباس ولو خرجه ولده لذكره الحافظ في الزهر فهو لا يعدو تدليس الشارح وإرادته الفردوس فاللَّه أعلم.

نعم خرجه أبو نعيم في تاريخ أصبهان، قال [2/ 84]:

حدثنا أبو بكر بن المقرى ثنا عبد اللَّه بن الحسن بن فورك ثنا عباد بن الوليد ثنا حجاج بن نصير ثنا قتادة عن عطاء عن ابن عباس به، وما أرى الحديث إلا باطلًا.

1537/ 3654 - "الجِهَادُ أَرْبَعٌ: الأَمْرُ بِالمَعْرُوفِ، وَالنَّهْيُ عَنِ المُنْكَرِ، وَالصِّدْقُ في مَوَاطِنِ الصَّبْرِ، وَشَنَآنُ الفَاسِقِ".

(حل) عن على

قال في الكبير: ظاهر صنيع المصنف أن ذا هو الحديث بكماله والأمر بخلافه بل بقيته عند مخرجه أبي نعيم: "فمن أمر بالمعروف شد عضد المؤمن، ومن نهى عن المنكر أرغم أنف الفاسق، ومن صدق في مواطن الصبر فقد قضى ما عليه" اهـ بحروفه. فاقتصار المصنف على بعض الحديث بغير ملجئ تقصير وإن كان جائزا، ثم قال: فيه عبيد اللَّه الوصافى نُقِلَ في الميزان عن جمع

ص: 376

تضعيفه واستحقاقه للترك، ثم أورد له أخبارا هذا منها.

قلت: نسخ الحلية مختلفة في هذا الحديث، فبعضهم اقتصر على ذكر ما نقله المصنف هنا وذلك ما في نسخته، وبعضهم زاد تلك الزيادة كما نبه عليه الخانجى طابع الحلية عند ذكر هذا الحديث (ص 10 من الجزء الخامس)، وذكر أن هذه الزيادة إنما هي في النسخة المغربية التي كنت قدمت له منها أجزاء ليطبع عليها، ثم إن الشارح لم ينقل الحديث من الحلية وإنما نقله من الميزان، وهو ذكر الزيادة كما ذكرها الشارح، وفيها أيضًا نقص على ما في الحلية، وهى قوله:"ومن شنأ الفاسقين غضب للَّه وغضب اللَّه له"، فهل نسخف على الشارح كما يسخف هو على المؤلف، كلا.

وأغرب من ذلك أنه دائمًا يعيب المصنف بعدم ذكره لكلام المخرجين على الحديث الذي التزم هو أن لا يذكره وعوض عنه الرموز، وهذا الحديث قد قال عنه أبو نعيم: غريب من حديث محمد تفرد به الوصافى ومشهوره ما تقدم من قول على اهـ.

أى أن المشهور فيه أنه موقوف من كلام على عليه السلام، وهذا يدلك صريحًا أن الشارح ما رآى الحديث في الحلية وإنما نقله من الميزان، والذهبى لا ينقل إلا من كتب الضعفاء كضعفاء العقيلى وابن عدى غالبًا، فما ذكره فهو رواية تلك الكتب لا رواية أبي نعيم، فتعجب من أمانة الشارح.

* * *

ص: 377