الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الخامس: المصافحة عند المفارقة
المقرّر: أنّ المصافحة عند اللقاء سُنّة، وذلك على ما اتّضح فيما سبق، وهي عند المفارقة مشروعة، غير أنّ درجتها في المشروعية والطلب أقلُّ من الحاصلة عند اللقاء. أي: أنّ المصافحة عند المفارقة أدْنى رُتبةً من مَثيلتِها عند اللقاء. فقد روى الترمذي عن عبد الله بن عمر رضي الله عنه قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ودَّع رجُلاً أخذ بيَده، فلا يَدعُها حتى يكونَ الرّجل هو يَدَعُ يدَ النبي صلى الله عليه وسلم، ويقول: "استَوْدعُ الله دينَك وأمانَتَك وآخِر عملِك"، وفي رواية الإمام أحمد: أنّ ابن عمر أخذ بيد قزعة عند وداعه وقال: " أستودِع الله دِيَنك وأمانَتَك وخواتيم أعمالك" 1.
فهذا الحديث يدلّ دلالة واضحة على مشروعية المصافحة عند المفارقة. وفي هذا يقول الشيخ الألباني في "سلسلة الأحاديث الصحيحة": "فقول بعضهم: "إن المصافحة عند المفارقة بدْعة"،
1 الحديث أخرجه الترمذي 5/499، وأحمد في مسنده 2/7.
ممّا لا وجْه له. نعم، إنّ الواقف على الأحاديث الواردة في المصافحة عند المفارقة ومَن كان فقيهَ النفس يستنتج من ذلك أنّ المصافحة الثانية ليست مشروعيّتُها كالأولى – يعني: عند اللقاء - في الرتبة؛ فالأُولى سُنّة والأخرى –يعني: التي عند المفارقة - مستحَبّة. وأمّا أنها بدعة فلا"1.
وفي هذا، فالمستحبّ: المصافحة عند المفارقة، تحقيقاً لمسلك التّواصل بين المتصافحين من المسلمين عند المفارقة بينهم، وإشعاراً بدوام الأُلفة والحب، ودفعاً لدواعي القطيعة ومسالك الغلِّ والشحناء. وفي الأثر:"تصافحوا، يذهب الغِلّ. وتهادَوْا تحابُّوا، وتذهب الشحناء"2.
1 راجع: 1/53 رقم 16.
2 أخرجه مالك في الموطإ 2/908.