الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب في زكاة النقدين
اعلم وفقنا الله وإياك أن المراد بزكاة النقدين: زكاة الذهب والفضة وما اشتق منهما من نقود وحلي وسبائك وغير ذلك.
والدليل على وجوب الزكاة في الذهب والفضة: الكتاب والسنة والإجماع
قال الله تعالى: {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} ؛ ففي الآية الكريمة الوعيد الشديد بالعذاب الأليم لمن لم يخرج زكاة الذهب والفضة
وفي "الصحيحين": "ما من ذهب ولا فضة لا يؤدى حقها؛ إلا إذا كان يوم القيامة صفحت له صفائح من نار
…
" الحديث.
واتفق الأئمة على أن المراد بالكنز المذكور في القرآن والحديث كل ما وجبت فيه الزكاة فلم تؤد زكاتهن وأن ما أخرجت زكاته؛ فليس
بكنز، والكنز: كل شيء مجموع بعضه على بعض، سواء كنزه في بطن الأرض أم على ظهرها.
فتجب الزكاة من الذهب إذا بلغ عشرين مقالاً، وفي الفضة إذا بلغت مئتي درهم إسلامي، ربع العشر منهما، سواء كانا مضروبين أو غير مضروبين؛ لحديث ابن عمرو عن عائشة رضي الله عنهما مرفوعا:"أنه كان يأخذ من كل عشرين مثقالاً"، رواه ابن ماجه، وفي حديث أنس رضي الله عنه مرفوعا:"في الرقة ربع العشر"، متفق عليه.
والرقة بكسر الراء وتخفيف القاف هي الفضة الخالصة، مضروبة كانت أو غير مضروبة.
والمثقال في الأصل مقدار من الوزن. قال الفقهاء: "وزنة اثنتان وسبعون حبة شعير من الشعير الممتلىء معتدل المقدار"
ونصاب الذهب بالجنيه السعودي أحد عشر جنيها وثلاثة أسباع جنيه، ونصاب الفضة بالريال العربي السعودي ستة وخمسون ريالاً أو ما يعادل صرفها من الورق النقدي المستعمل في هذا الزمان.
ويخرج من الذهب والفضة إذا بلغ كل منهما النصاب المحدد له فأكثر ربع العشر.
ما يباح للرجل لبسه من الذهب والفضة:
يباح للذكر أن يتخذ خاتما من الفضة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم اتخذ خاتما من ورق، متفق عليه.
ويحرم عليه اتخاذ الخاتم من الذهب؛ فقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم الرجال عن التحلي بالذهب، وشدد النكير على من فعله، وقال صلى الله عليه وسلم:"يعمد أحدكم إلى جمة من نار جهنم، فيجعلها في يده".
ويباح للذكر أيضا من الذهب ما دعت إليه حاجة؛ كأنف، ورباط أسنان لأن عرفجة بن سعد قطع أنفه يوم الكلاب، فاتخذ أنفا من فضة، فأنتن عليه، فأمره النبي صلى الله عليه وسلم، فاتخذ أنفا من ذهب. رواه أبو داود والحاكم وصححه.
ما يباح للنساء التحلي به من الذهب والفضة:
يباح للنساء من الذهب والفضة ما جرت عادتهن بلبسه؛ لأن الشارع أباح لهن التحلي مطلقا، قال النبي صلى الله عليه وسلم:"أحل الذهب والحرير لإناث أمتي، وحرم على ذكورها"، رواه أحمد وأبو داود والترمذي
والنسائي، فدل على إباحة التحلي بالذهب والفضة للنساء وأجمع على ذلك.
ولا زكاة في حلي النساء من الذهب والفضة إذا كان معدًا للاستعمال أو للإعارة "1"؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: "ليس في الحلي زكاة"، رواه الطبراني عن جابر بسند ضعيف، لكن يعضده ماجرى العمل عليه، وقال به جماعة من الصحابة؛ منهم أنس، وجابر، وابن عمر، وعائشة، وأسماء أختها. قال أحمد:"فيه عن خمسة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم"، ولأنه عدل به عن النماء إلى فعل مباح أشبه ثياب البذلة وعبيد الخدمة ودور السكنى.
وإن أعد الحلي للكرين، أو أعد لأجل النفقة أي: اتخذ رصيدًا للحاجة، أو أعد للقنية، أو للإدخار، أو لم يقصد به شيء مما سبق؛ فهو باق على أصله، تجب فيه الزكاة؛ لأن الذهب والفضة تجب فيهما الزكاة، وإنما سقط وجوبها فيما أعد للاستعمال أو العارية، فيبقى وجوبها فيما عداه على الأصل إذا بلغ نصابا بنفسه أو بضمه إلى مال آخر،
1 عند الجمهور، وذهب بعض العلماء إلىإيجاب الزكاة فيه لأدلة رأوها.
فإن كان دون النصاب، ولم يمكن ضمه إلى مال آخر؛ فلا زكاة فيه؛ إلا إذا كان معدًا للتجارة؛ فإنها تجب الزكاة في قيمته.
حكم تمويه الحيطان وغيرها بالذهب والفضة واتخاذ الأواني منهما:
يحرم أن يموَّه سقف أو حائط بذهب أو فضة، أو يموه شيء من السيارة أو مفاتيحها بهما، كل ذلك حرام على المسلم، ويحرم تمويه قلم أو دواة بذهب أو فضة؛ لأن ذلك سرف وخيلاء.
ويحرم اتخاذ الأواني من الذهب والفضة، أو تمويه الأواني بذلك، قال صلى الله عليه وسلم:"والذي يشرب في آنية الذهب والفضة إنما يجرجر في بطنه نار جهنم".
كما أنه يشتد الوعيد على من لبس خاتم الذهب من الرجال، ولكن مع الأسف ترى بعض المسلمين يلبسون خواتيم الذهب في أيديهم، غير مبالين بالوعيد، أو يجهلونه؛ فالواجب على هؤلاء التوبة إلى الله من التحلي بالذهب، والاكتفاء بما أباح الله من خاتم الفضة ففي الحلال غنية عن الحرام.
نسأل الله للجميع البصيرة في دينه والعمل بشرعه والإخلاص لوجهه.