الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب في إخراج الزكاة
إن من أهم أحكام الزكاة معرفة مصرفها الشرعي؛ لتكون واقعة موقعها، وواصلة إلى مستحقها، حتى تبرأ بذلك ذمة الدافع.
فاعلم أيها المسلم أنه تجب المبادرة بإخراج الزكاة فور وجوبها في المال؛ لقوله تعالى: {وَآتُوا الزَّكَاةَ} ، والأمر المطلق يقتضي الفورية، وعن عائشة رضي الله عنها؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"ما خالطت الزكاة مالاً إلا هلكته"، ولأن حاجة الفقير تستدعي المبادرة بدفعها إليه، وفي تأخيرها إضرار به، ولأن من وجبت عليه عرضة لحلول العوائق الطارئة كالإفلاس والموت، وذلك يؤدي إلى بقائها في ذمته،
ولأن المبادرة بإخراج الزكاة، وعدم تأخيرها إلا لضرورة؛ كما أو أخرها ليدفعها إلى من هو أشد حاجة، أو لغيبة المال، ونحو ذلك.
وتجب الزكاة في مال صبي ومال مجنون؛ لعموم الأدلة، ويتولى إخراجها عنهما وليهما في المال؛ لأن ذلك حق وجب عليهما تدخلة النيابة.
ولا يجوز إخراج الزكاة إلا بنية؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: "إنما الأعمال بالنيات".
وإخراج الزكاة عمل، والأفضل أن يتولى صاحب المال توزيع الزكاة؛ ليكون على يقين من وصولها إلى مستحقيها، وله أن يوكل من يخرجها عنه، وإن طلبها إمام المسلمين؛ دفعها إليه، أو يدفعها إلى الساعي، وهو العامل الذي يرسله الإمام لجباة الزكوات.
ويستحب عند دفع الزكاة أن يدعوا الدافع والآخذ، فيقول الدافع:"اللهم اجعلها مغنما ولا تجعلها مغرما"، ويقول الآخذ:"آجرك الله فيما أعطيت، وبارك لك فيما أبقيت، وجعله لك طهورًا".
قال الله تعالى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِم} ؛ أي: ادع لهم.
قال عبد الله بن أبي أوفى: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أتاه قوم يصدقهم؛ قال: "اللهم صل عليهم"، متفق عليه.
وإذا كان الشخص محتاجا، ومن عادته أخذ الزكاة؛ دفعها إليه دون أن يقول: هذه زكاة؛ لئلا يحرجه، وغن كان محتاجا، ولم يكن من عادته أخذ الزكاة، أعلمه بأنها زكاة.
والأفضل إخراج زكاة كل مال في بلده؛ بأن يوزعها على فقراء ذلك البلد الذي فيه المال، ويجوز نقلها إلى بلد آخر لمصلحة شرعية؛ كأن يكون له قرابة محتاجون ببلد آخر، أو من هم أشد حاجة ممن هم في البلد الذي فيه المال؛ لأن الصدقات كانت تنقل إلى النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة، فيفرقها على فقراء المهاجرين والأنصار.
ويجب على غمام المسلمين بعث السعاة قرب زمن وجوب الزكاة لقبض زكاة الأموال الظاهرة كسائمة بهيمة الأنعام والزروع والثمار؛ لفعل النبيصلى الله عليه وسلم وفعل خلفائه رضي الله عنهم من بعده، وجرى عليه عمل المسلمين، ولأن من الناس من لو ترك؛ لم يخرج الزكاة، ومنهم من يجهل وجوب الزكاة؛ فإرسال السعاة فيه تدارك لهذا الخطر، وفي بعث السعاة أيضا تخفيف على الناس، وإعانة لهم على أداء الواجب.
والواجب على المسلم إخراج الزكاة عند وجوبها كما سبق من غير تأخير ولا تردد، ويجوز تعجيل إخراج الزكاة قبل وجوبها لحولين فأقل؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم تعجل من العباس صدقة سنتين؛ كما رواه أحمد وأبو داود؛ فيجوز تعجيل الزكاة قبل وجوبها إذا انعقد سبب الوجوب عند جمهور العلماء، سواء كانت زكاة ماشية أو حبوب أو عروض تجارة إذا ملك النصاب، وترك التعجيل أفضل؛ خروجا من الخلاف.