المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ العائق الرابع: - المنهج العلمي لطلاب العلم الشرعي

[ذياب الغامدي]

فهرس الكتاب

- ‌المَدَاخِلُ العِلْمِيَّةُ

- ‌المَدْخَلُ الأوَّلُ أهَمِّيَةُ طَلَبِ العِلْمِ الشَّرْعِيِّ

- ‌المَدْخَلُ الثَّانِي فَضْلُ عُلُوْمِ الغَايَةِ عَلَى عُلُوْمِ الآلَة

- ‌المَدْخَلُ الثَّالِثُ طَلائِعُ (المَنْهَجِ العِلْمِيِّ)

- ‌ الطَّلِيعَةُ الأوْلَى:

- ‌ الطَّلِيعَةُ الثَّانِيَةُ:

- ‌ الطَّلِيعَةُ الثَّالِثَةُ:

- ‌ الطلِيعَةُ الرَّابِعَةُ:

- ‌البَابُ الأوَّلُ المَرَاحِلُ العِلْمِيَّةُ

- ‌المَرْحَلَةُ الأُوْلَى

- ‌المَرْحَلَةُ الثَّانِيَةُ

- ‌المَرْحَلَةُ الثَّالثَةُ

- ‌المَرْحَلَةُ الرَّابِعَةُ

- ‌البَابُ الثَّانِي الفَوَائِدُ والتَّنْبِيهَاتُ

- ‌ التَّنْبِيهُ الأوَّلُ:

- ‌ التَّنْبِيهُ الثَّانِي:

- ‌ التَّنْبِيهُ الثَّالِثُ:

- ‌ التَّنْبِيهُ الرَّابِعُ:

- ‌ التَّنْبِيهُ الخَامِسُ:

- ‌البَابُ الثَّالِثُ العَزَائِمُ العِلْمِيَّةُ

- ‌ العَزِيمَةُ الأوْلَى:

- ‌ العَزِيمَةُ الثَّانِيَةُ:

- ‌ العَزِيمَةُ الثَّالِثَةُ:

- ‌البَابُ الرَّابِعُ العَوَائِقُ والعَلائِقُ

- ‌ العَائِقُ الأوَّلُ:

- ‌ العَائِقُ الثَّانِي:

- ‌ العائقُ الثالِثُ:

- ‌ العائِقُ الرَّابِعُ:

- ‌ العائِقُ الخامِسُ:

- ‌الإجَازاتُ العِلْمِيَّةُ

- ‌اللَّطَائِفُ العِلْمِيَّةُ

- ‌ثَبَتُ المَرَاجِع

الفصل: ‌ العائق الرابع:

* أمَّا‌

‌ العائِقُ الرَّابِعُ:

فَهُوَ التَّخَصُّصُ (الجَامِعِيُّ!).

ومَا أدْرَاكَ مَا هُوَ؟ إنَّه مِنَ التَّشَبُّهِ المَقِيتِ والمَوْرُوْثِ العِلْمِيِّ الوَافِدِ، يَوْمَ قَضتِ الأقْضِيَةُ في زَمَانِنا؛ بنبوْغِ نَوَابِتَ في صُفُوْفِ أهْلِ العِلْمِ قَدْ ألْبَسُوْهُم ثِيَابَ التَّخَصصِ، وتَوَّجُوْهُم ألْقَابًا وشَارَاتٍ مُهَلِّلَةً؛ فانْتَفَخُوا في العِلْمِ وهُم خَوَاءٌ، ونَابَذُوا التَّعَالَمُ وهُم سَوَاء، يَوْمَ قَصُرَتْ هِمَمُهُم وبَلَغَتْ عُلُوْمُهُم مِنَ العِلْمِ الشَّرْعِيِّ جَوَانِبَ ونُتَفًا عِلْمِيَّةً، حَامِلِينَ في شَهَادَاتهمُ الجَامِعِيَّةِ تَجْزِئَةً وتَقْطِيعًا لعُلُوْمِ الشَّرِيعَةِ، وتَغْيِيبًا لطَائِفَةٍ مِنْها عَنْ أحْكَامِ فِقْهِ الوَاقِعِ، وقَضَايَا الأمَّةِ المَصِيرِيَّةِ؛ فَلا عِلْمَ بَلَغُوْه، ولا عَمَلَ نَالُوْه، ولا وَاقِعَ فَهِمُوْه!

وإمَّا يَنْزِغَنَّكَ يا طَالِبَ العِلْمِ شَيءٌ مِنْ هَذَا الوَافِدِ الغَرْبِيِّ، فاسْتَعِذْ باللهِ السَّمِيعِ العَلِيمِ مِنْه، ولا تَطْرُقَنَّ لَه بَابًا فإنَّه مِنْ أبوْابِ الجُمُوْدِ العِلْمِيِّ!

حَيثُ جَاءَ بتَدَسُّس إلى أمَّتِي بثِيَابِ التَّشْوِيه العِلْمِيِّ ليَلْتَبِطَ بِخُطَاهُ في مَسَارِحِ الجَامِعَاتِ الإسْلامِيَّةِ؛ ليُفْسِدَ حَرْثَ مَا بَقِيَ مِنَ العِلْمِ الشَّامِلِ، ويَهْلِكَ نَسْلَ مَا بَقِيَ مِنَ العَمَلِ الكَامِلِ.

* * *

ص: 115

واعْلَمْ يَا رَعَاكَ اللهُ أنَّ التَّخَصُّصَ العِلْمِيَّ (الجَامِعِيَّ) قِسْمَانِ: مَحْمُوْدٌ، ومَذْمُوْمٌ.

* فأمَّا التخَصُّصُ المَحْمُوْدُ: فَهُو مَنْ جَمَعَ صَاحِبُه بَينَ القَدْرِ الوَاجِبِ مِنَ العُلُوْمِ الشَّرْعِيَّةِ (الغَائِي مِنْها والآلِي)(1)، وبَينَ التَّوَسُّعِ والتَّفَنُّنِ في عِلْمٍ مَّا.

وهَذَا؛ هُوَ الَّذِي أُتِيَ صَاحِبُه مِنَ العُلُوْمِ الشَّرْعِيَّةِ نَصِيبٌ وَافِرٌ تَبْرَأ بِه الذِّمَّةُ ويَسْقُطُ بِه الطَّلَبُ، مَعَ تَخَصُّصٍ وتَفَنُّنٍ في أحَدِ العُلُوْمِ الشَّرْعِيَّةِ.

فَتَرَاهُ إذا كَانَ فَقِيهًا (مَثَلًا): قَدْ أخَذَ مِنْ عُلُوْمِ الغَايَةِ والآلَةِ: القَدْرَ الوَاجِبَ الَّذِي يُسَاعِدُه عَلَى فَهْمِ دِينه بعَامَّةٍ، وبالفِقْهِ بِخَاصَّةٍ، إلَّا أنه مَعَ هَذَا قَدْ اجْتَهَدَ في فَنِّ الفِقْهِ، وبَرَّزَ فيه؛ حَتَّى عُرِفَ بِهِ ولُقِّبَ باسْمِه.

......................

فَقِسْ عَلَى قَوْلِي يكنْ عَلامةً!

فعِنْدَهَا؛ كَانَ التَّحْصيلُ العِلْمِيُّ عِنْدَ السَّلَفِ يَأخُذُ بعُلُوْمِ الشَّرِيعَةِ جُمْلَةً وتَفْصِيلًا، مَعَ تَفَاضُلٍ ونبوْغٍ في فَنٍّ دُوْنَ آخَرَ، فَهُمْ لا

(1) عُلُوْمُ الغَايَةِ مِثْلُ: العَقِيدَةِ، والحدِيثِ، والفِقْهِ، والتفْسِيرِ. وعُلُوْمُ الآلَةِ مِثْلُ: النَّحْوِ، واللُّغَةِ، وأُصُوْلِ الفِقْهِ، ومُصْطَلَحِ الحدِيثِ، والمَنْطِقِ

إلخ.

ص: 116

يَقْبَلُوْنَ في مَعَالمَ وقَوَاعِدَ وأسُس عُلُوْمِ الشَّرِيعَةِ نَصْيبًا دَانِيًا، ولا تَفَاضُلًا شَائِنًا، بَلْ تَرَاهُمْ قَدْ أخَذُوا مِنَ العُلوْمِ الشَّرْعِيَّةِ القَدْرَ الوَاجِبَ (الغَائِي مِنْها والآلِي)، مَعَ تَوَسُّعٍ في بَعْضِها، أو كُلِّها لا سِيَّما المُجْتَهِدونَ مِنْهُم.

ومِنْه تَعْلَمُ قَوْلَ المتقَدِّمِينَ: فُلانٌ أُصُوْلِيٌّ، فَقِيهٌ، نَحْوِيٌّ، لُغَوِيٌّ، مفَسِّرٌ، مُحَدِّث، قَارِئٌ، مُشَارِك (1)

! لَخْ.

* * *

* وأمَّا التَّخَصُّصُ المَذْمُوْمُ: فَهُوَ مَنْ لم يَجْمَعْ صَاحِبُه بَينَ مَا ذَكَرْنَاهُ آنِفًا، اللَّهُمَّ إنَّه تَوَسَّعَ وتَفَنَّنَ في عِلْمِ ما (الغَائِي مِنْها أو الآلِي)، دُوْنَ غَيرِه مِنَ العُلُوْمِ الشَّرْعِيَّةِ.

فَتَرَاهُ إذا كَانَ فَقِيهًا (مَثَلًا): لَمْ يَأْخُذْ مِنْ عُلُوْمِ الآلَةِ، وعُلُوْمِ الغَايَةِ: القَدْرَ الوَاجِبَ الَّذِي يُسَاعِدُه عَلَى فَهْمِ دِينه بِعَامَّة، وبالفِقْهِ بِخَاصَّةٍ؛ بَلْ غَايَةُ مَا عِنْدَه أنه يُحْسِنُ مَسَائِلَ الفِقْهِ!

(1) أي: أنه قَدْ أخَذَ مِنَ العُلُوْمِ الشَّرْعِيةِ الحدَّ الأدْنَى ممَّا يَسْقُطُ به وَاجِبُ العِلْمِ؛ بحَيثُ أصْبَحَ عِنْدَه شُمُوْلِية في العُلُوْمِ الشَرْعِيةِ، ومَعَ هَذا تَجِدُه قَدْ بَرَّزَ وظَهَرَ واشْتَهَرَ في فَنٍّ أو أكْثَرَ، فَعِنْدَئِذٍ يُلَقَّبُ عِنْدَ أهْلِ العِلْمِ بأشْهَرِها مِنْ فنوْنِ العِلْمِ الشَّرْعِيِّ: كالفَقِيهِ، أو الأُصُوْلِي، أو النَّحْوِي، أو المفَسرِ، أو المُحَدِّثِ، وهَكَذَا.

ص: 117

ومِنْه تَعْلَمُ قَوْلَ المتأخِّرِينَ: فُلانٌ أصُوْلي فَقِيه، مُحَدِّث، نَحْوِي، مفَسِّرٌ، قَارِئ، دَعَوِي، وَاعِظٌ

إلخ، فَعِنْدَ ذَلِكَ كَانَ كَلامِي هُنَا عَنْ أصْحَابِ هَذَا التَّخَصُّصِ، فكُنْ عَلَى ذُكْرٍ!

* * *

ومنْ بَعْدُ، فإنَّ أصْحَابَ التَّخَصُّصِ العِلْمِيِّ (المَذْمُوْمِ) لَمْ يَنْفَكُّوا عَنْ أخْطَاءَ شَرْعِيَّةٍ وآثَارٍ سيِّئةٍ، قَدْ دَفَعَتِ الأمَّةَ الإسْلامِيَّةَ (لاسِيَّما هَذِه الأيام) إلى مَفَاوِزَ مُهْلِكَةٍ، ومَزَالِقَ عِلْمِيَّةٍ، يَكْفي بَعْضُها لمِسْخِ مَا بَقِيَ مِنْ تراثِ أمَّتِنا الإسْلامِيَّةِ، فمِنْ ذَلِكَ:

أوَّلًا: أنَّ التَّخَصُّصَ العِلْمِيَّ الحادِثَ بِقِسْمَيهِ (الغَائِي والآلِي)، كَمَا هُوَ جَارٍ في خِطَّةِ تَعْلِيمِ بِلادِ المُسْلِمِينَ الآنَ، قَدْ أخَذَ مُنْحىً خَطِيرًا في تَقْطِيعِ أوَاصِرِ التَّرَابُطِ بَينَ عُلُوْمِ الشَّرِيعَةِ، وتَقْسِيمِها إلى أجْزَاءَ عِلْمِيَّةٍ ومُتَفَرِّقَاتٍ مُتَنَاثِرة هُنَا وهُنَاكَ، لا يَجْمَعُها جَامِعٌ بَتةً؛ فَعِنْدَها كَانَ الأثَرُ السَّيِّئُ عَلَى الحيَاةِ العِلْمِيَّةِ والأحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ لَدَى طُلابِ العِلْمِ هَذِه الأيامَ.

يُوَضِّحُهُ؛ أنه لما أزِفَتِ الآزِفَةُ، وأقْبَلَتِ الفِتَنُ في مَسَارِبَ مُهْلِكَةٍ، مُنْقَادَة لتُعِيدَها حَرْبًا صَلِيبِيَّةً يهوْدِيَّةً عَلَى الإسْلامِ والمُسْلِمِينَ في بِلادِ فِلِسْطِينَ وأفْغَانِسْتَانَ والعِرَاقِ وغَيرِها، وكَذَا مَا هُنَاكَ مِنْ هُجُوْمٍ سَافِرٍ عَلَى أخْلاقِ

ص: 118

المُسْلِمِينَ، ومَنَاهِجِهِم الشَّرْعِيَّةِ، إلِى غَيرِ ذَلِكَ مِنْ قَضَايا الأمَّةِ العَصْرِيَّةِ

ونَحْنُ مَعَ هَذَا كُلِّهِ لَمْ نَزَلْ نرى كَثِيرًا مِنْ أرْبَابِ التَّخَصُّصِ يَعْتَذِرُوْنَ عَنْ تَخَاذُلهِم وتراجُعِهِم عَنْ عَدَمِ المُشَارَكَةِ في الذَّبِّ عَنْ قضايا أمَّتِهِم بِحُجَّةِ النَّزْعَةِ البَائِسَةِ الَّتِي رَاجَتْ في سُوْقِ أهْلِ العِلْمِ باسْمِ: التَّخَصُّصِ العِلْمِيِّ!

يُوَضِّحُه: أنَّ الفَقِيه مِنْهُم (مَثَلًا) مِمَّنْ لَهُ مُجْمُوْعَةٌ مِنَ التَّآلِيفِ الفِقْهِيَّةِ، والتَّحْقِيقَاتِ الجَامِعِيَّةِ الَّتِي نَالَتْ مَرْتبةَ الشَّرَفِ

مَا زَالَ يَعْتَذِرُ عَنِ المُشَارَكَةِ في قَضَايا أمَّتِه الإسْلامِيَّة: بأنَّ مَا يَدُوْرُ هُنَا لَيسَ مِنْ تَخَصُّصِهِ، وهَذَا مَا نَجِدُه في الأعَمِّ الأغْلَبِ مِنْهُم!

هَذَا إذَا عَلِمْتَ (للأسَفِ) إنَّ أمْثَالَ هَذَا الفَقِيهِ مِنْ أهْلِ زَمَانِنا قَدْ تجاوَزَتْ أعْدَادُهُم المِئَاتِ.

وقِسْ عَلَى هَذَا: صَاحِبَ العَقِيدَةِ، والتَّفْسِيرِ والحَدِيثِ، واللُّغَةِ وغَيرِهِم.

* * *

ومَهْمَا يَكُنْ؛ فَلا تَعْجَبْ يَا طَالِبَ العِلْمِ إذَا عَلِمْتَ أنَّ القَوْمَ كَانُوا صَرْعَى التَّخَصُّصَاتِ العِلْمِيَّةِ، ونَتَاجَ الوَافِدِ الغَرْبِيِّ، واللهُ المُسْتَعَانُ عَلَى مَا يَصِفُوْنَ!

ص: 119

كَمَا كَانَ مِنْ آخِرِ سَوَالِبِ التَّخَصُّصِ الجَامِعِيِّ هَذِه الشَّارَاتُ والألْقَابُ (الجَامِعِيَّةُ!)(1)؛ الَّتِي دَفَعَتْ طَائِفَةً مِنَ المُنْتَسِبِينَ إلِى قَبِيلِ العِلْمِ الشَّرْعِيِّ، مِمَّنْ تَشَاغَلُوا بِهَذِه الأسْمَاءِ، وانْسَاقُوا جَرْيًا وَرَاءها السِّنِينَ الخَوَالِيا، إلى دُخُوْلاتِ العَطَالَةِ المُغَلَّفَةِ باسْمِ:(الحَصَانَةِ الجَامِعِيَّةِ)، فَماذَا كَانَ؟!

وَيَكْأَنَّ القَوْمَ؛ لَمْ يَنْصُرُوا حَقًّا، ولَمْ يَكْسِرُوْا بَاطِلًا: فَلا أمْرًا بِمَعْرُوْفٍ ولا نَهْيًا عَنْ مُنْكَرٍ، ولا جِهَادًا ولا اجْتِهَادًا؛ بَلْ رَأينا مِنْ بَعْضِهِم مَنْ كَانَ مجُدًّا في الطَّلَبِ والطَّاعَةِ؛ حَتَّى إذا أوْحَى إلَيه شَيَاطِينُ الإنْسِ والجِنِّ بأهَمِّيَةِ هَذِه الشَّارَاتِ والألْقَابِ

إذا بِهِ يُصْبِحُ فَاتِرَ العَزِيمَةِ، ذَابِلَ الطَّاعَةِ، قَلِيلَ الاجْتِهَادِ والمُجَاهَدَةِ؛ أمَّا إذا سَألْتَ عَنْ الزهد وجَلَدِ الطَّاعَةِ، وهَيبَةِ أهْلِ العِلْمِ ووَرَعِهِم: فَلا تَسْأَلْ؟ فتِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ، إلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي، وقَلِيلٌ مَا هُم!

وهَكَذَا حَتَّى أصبَحَ أهْلُ العِلْمِ الشَّرْعِيِّ في هَامِشِ الذَّاكِرَةِ الإعْلامِيَّةِ، وفي زَوَايا الجَامِعَاتِ العِلْمِيَّةِ، وذَلِكَ (للأسَفِ) باسْمِ: التَّخَصُّصِ الجَامِعِيِّ!

* * *

(1) كـ (الدكْتُوْرَاه)، و (الماجِسْتِير)، و (البَكَلَرْيُوس)، وغَيرِها.

ص: 120

ثَانيًا: اعْلَمْ أنَّ فَهْمَ عُلُوْمِ الآلَةِ عَلَى قِسْمَينِ:

القِسْمُ الأوَّلُ: فَهْمٌ وَاجِب، وهُوَ مَا يَسْقُطُ بِه الطَّلَبُ وتَبْرَأُ بِه الذِّمَّةُ، وهُوَ القَدْرُ الَّذِي يَشْتَرِكُ فيهِ عَامَّةُ أهْلِ العِلْمِ، وهَذَا القِسْمُ لا يجوْزُ لطَالِبِ العِلْمِ القُصُوْرُ فيه

كما أنَّه سِلاحُ طُلابِ العِلْمِ في التَّعَامُلِ مَعَ كُتُبِ أهْلِ العِلْمِ الفِقْهِيَّةِ مِنْهَا والعَقِيدَةِ والحَدِيثِ والتَّفْسِيرِ وغَيرِها، فبِهَذا القَدْرِ مِنْها يَسْتَطِيعُ مَعْرِفَةَ لُغَةِ واصْطِلاحِ القَوْمِ في فُنُوْنِهِم، ومَا زَادَ عَلَى هَذا الحَدِّ فَهُو فُضْلَةٌ لا يَحْتَاجُه إلَّا مَنْ رَامَ مَرَاتِبَ الاجْتِهَادِ!

القِسْمُ الثانِي: فَهْمٌ مُسْتَحَبٌّ، وهُو الإحَاطَةُ بَغَالِبِ عُلُوْمِ الآلَةِ المُخْتَصَرَاتِ مِنْها والمُطَوَّلاتِ؛ بِحَيثُ لا يَتْرُكُ مِنْها شَارِدَةً ولا وَارِدَةً إلَّا وَقَدْ أحَاطَ بِها في الجُمْلَةِ، وهَذا القِسْمُ في حَقِيقَتِه هُوَ مِنْ مَسَالِكِ طُلابِ مَنَازِلِ الاجْتِهَادِ، مِمَّنْ عَلَتْ هِمَّتُهُم وتَاقَتْ نُفُوْسُهُم لِيقِفُوا في مَصَافِ أئِمَّةِ الاجْتِهَادِ، كالأئِمَّةِ الأرْبَعَةِ وغَيرِهِم.

* * *

يَقُوْلُ ابنُ القَيَّمِ رحمه الله فيمَا نَحْنُ بِصَدَدِهِ والكَلامِ عَنْه، مَا ذَكَرَهُ في كِتَابِهِ "مِفْتَاحِ دَارِ السَّعَادَةِ" (1/ 485): "ومِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُوْلُ: إنَّ عُلُوْمَ

ص: 121

العَرَبِيَّةِ مِنَ التَّصْرِيفِ، والنَّحْوِ، واللُّغَةِ، والمَعَاني، والبَيَانِ، ونَحْوِها تَعَلُّمُها فَرْضُ كِفَايَةٍ لِتَوَقُّفِ فَهْمِ كَلامِ اللهِ ورَسُوْلِه عَلَيها؟!

ومِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُوْلُ: تَعَلُّمُ أصُوْل، الفِقْهِ فَرْضُ كِفَايَةٍ؛ لأنه العِلْمُ الَّذِي يُعْرَفُ به الدَّلِيلُ ومَرْتبتُه، وكَيفيةُ الاسْتِدَلالِ؟!

ثُمَّ قَالَ رحمه الله: إنَّ الفَرْضَ الَّذِي يَعُمُّ وُجُوبه كُلَّ أحَدٍ: هُوَ عِلْمُ الإيمانِ وشَرَائِعِ الإسْلامِ، فَهَذا هُوَ الوَاجِبُ، وأمَّا مَا عَدَاهُ فإنْ تَوَقَّفَتْ مَعْرِفته عَلَيه فَهُو مِنْ بَابِ مَا لا يَتِمُّ الوَاجِبُ إلَّا بِه، ويَكُوْنُ الوَاجِبُ مِنْه القَدْرَ المُوْصِلَ إلَيه دُوْنَ المسَائِلِ الَّتِي هِيَ فَضْلَةٌ لا يَفْتَقِرُ مَعْرِفَةُ الخِطَابِ وفَهْمُه إلَيها.

فَلا يُطْلَقُ القَوْلُ بأنَّ عِلْمَ العَرَبِيَّةِ وَاجِبٌ عَلى الإطْلاقِ؛ إذْ الكَثِيرُ مِنْه، ومِنْ مَسَائِلِه وبُحُوْثِه لا يَتَوَقَّفُ فَهْمُ كَلامِ اللهِ ورَسُوْلِه عَلَيها، وكَذا أُصُوْلُ الفِقْهِ؛ القَدْرُ الَّذِي يَتَوَقَّفُ فَهْمُ الخِطَابِ عَلَيهِ مِنْه تَجِبُ مَعْرِفَتُه دُوْنَ المسَائِلِ المُقَرَّر والأبْحَاثِ الَّتِي هِيَ فَضْلَةٌ؛ فَكَيفَ يُقَالُ إنَّ تَعَلُّمَها وَاجِبٌ؟!

وبالجُمْلَةِ؛ فالمطْلُوْبُ الوَاجِبُ مِنَ العَبْدِ مِنَ العُلُوْمِ والأعْمالِ مَا إذا تَوَقَّفَ عَلى شَيءٍ مِنْهَا؛ كَانَ ذَلِكَ الشَّيءُ وَاجِبًا وُجُوْبَ الوَسَائِلِ، ومَعْلُوْمٌ أنَّ

ص: 122

ذَلِكَ التَّوَقُّفَ يَخْتَلِفُ باخْتِلافِ الأشْخَاصِ والأزْمَانِ والألْسِنَةِ والأذْهَانِ، فَلَيسَ لِذَلِكَ حَدٌّ مُقَدَّرٌ، واللهُ أعْلَمُ" انْتَهَى.

ويَقُوْلُ الإمَامُ الذَّهَبِيُّ رحمه الله أيضًا في كِتَابِهِ "زَغَلِ العِلْمِ"(41) مَا نَحْنُ بِصَدَدِهِ والكَلامِ عَنْه: "أُصُوْلُ الفِقْهِ لا حَاجَةَ لَكَ بِه يَا مُقَلِّدُ، ويَا مَنْ يَزْعُمُ أنَّ الاجْتِهَادَ قَدْ انْقَطَعَ!

ومَا بَقِيَ مُجْتهِدٌ ولا فَائِدَةَ في أُصُوْلِ الفِقْهِ، إلَّا أنْ يَصِيرَ مُحَصِّلُهُ مُجُتهِدًا بِه، فإذَا عَرَفَه ولَمْ يَفُكَّ تَقْلِيدَ إمَامِهِ لَمْ يَصْنَعْ شَيئًا؛ بَلْ أتْعَبَ نَفْسَه ورَكَّبَ عَلَى نَفْسِه الحُجَّةَ في مَسَائِلَ، وإنْ كَانَ يَقْرَأُ لِتَحْصِيلِ الوَظَائِفِ وليقالَ، فَهَذَا مِنَ الوَبَالِ، وهُوَ ضَرْبٌ مِنَ الخَبَالِ" انْتَهَى.

* * *

فانْظُرْ يَا رَعَاكَ اللهُ إلى قَوْلِه: "ومَا بَقِيَ مُجْتهِدٌ ولا فَائِدَةَ في أُصُوْلِ الفِقْهِ، إلَّا أنْ يَصِيرَ مُحَصِّلُهُ مُجْتهِدًا بِه"، لتَعْلَمَ أنَّ كَثِيرًا مِنْ أهْلِ التَّخَصُّصِ في أُصُوْلِ الفِقْهِ قَدْ غَالَوْا وكَابَرُوا هَذَا العِلْمَ، وهَمْ مَعَ هَذَا لا يَتَجَاوَزُنَ في قِرَاءاتهم كُتُبَ الفِقْهِ المُدَوَّنَةِ، هَذَا إذَا عَلِمْنا أنَّ الاجْتِهَادَ المُطْلَقَ في زَمَانِنا مُنْدَثِرٌ بَينَ أهْلِه مُنْذُ زَمَنٍ بَعِيدٍ؛ فَلا حَوْلَ ولا قُوَّةَ إلَّا بالله!

ص: 123

ومِنْ خِلالِ مَا مَضى؛ نَسْتَطِيعُ أنْ نَقِفَ عَلَى بَعْضِ الأخْطَاءِ العِلْمِيَّةِ الَّتِي كَانَتْ حَصِيلَةَ المتخَصِّصِينَ في عُلُوْمِ الآلَةِ باخْتِصَارٍ:

1 -

أنَّ التَّخَصُّصَ والتَّفَنُّنَ في عُلُوْمِ الآلَةِ لا يَكُوْنُ إلَّا لمِنْ رَامَ دَرَجَةَ الاجْتِهَادِ، وإلَّا وَقَعْنَا في حَيصَ بَيصَ، وهَذَا لا نَجِدُه عِنْدَ أهْلِ التَّخَصُّصِ مِنْ أهْلِ زَمَانِنا!

2 -

أنَّ كَثِيرًا مِنَ المُتخَصِّصِينَ في أُصُوْلِ الفِقْهِ (مَثَلًا) مِنْ أهْلِ مِصْرِنا في هَذِه البِلادِ (حَفِظَها اللهُ مِنْ كُلِّ سُوْءٍ) نرَاهُم لا يَقْرَؤُوْنَ مِنْ كُتُبِ الفِقْهِ غَالِبًا إلَّا كُتُبَ الفِقْهِ الحَنْبَلِيَّةِ ابْتِدَاءً مِنْ "زَادِ المُسْتَقْنِعِ"، وانْتِهَاءً بـ "المُغْنِي"، ومَهْمَا اتَّسَعَتْ قِرَاءتهم لكُتُبِ الفِقْهِ الأُخْرَى، فإنَّهم أبْعَدُ مَا يَكُوْنُوْنَ عَنْ مَرَاتِبِ الاجْتِهَادِ.

* * *

وهَذَا في حَدِّ ذَاتِه يُعْتبر تَضْيِيعًا للأوْقَاتِ، وتَبْدِيدًا للطَّاقَةِ لَدَى طُلابِ التَّخَصصِ؛ حَيثُ نَجِدُهُم يَسْتكْثِرُوْنَ مِنْ قِرَاءةِ كُتُبِ "أُصُوْلِ الفِقْهِ" سَوَاءٌ عِنْدَ الأحْنَافِ، أو المَالِكِيَّةِ، أو الشَّافِعِيَّةِ، أو الحَنَابِلَةِ، ورُبَّما جَمَعُوْا بَينَها، كُلُّ هَذَا (للأسَفِ) عَلَى حِسَابِ الفِقْهِ الشَّرْعِيِّ العَامِّ، والخِلافِ العَالِي!

ص: 124

ثَالثًا: إذَا عَلِمْنا أنَّ عُلُوْمَ الغَايَةِ مِنْ مَقَاصِدِ الشَّرِيعَةِ، وأنَّ عُلُوْمَ الآلَةِ مِنْ الوَسَائِلِ، والحَالَةُ هَذِه كَانَ مِنَ الخَطأ البَيِّن، والفَسَادِ الوَاضِحِ أنْ نُغَلِّبَ جَانِبَ الوَسَائِلِ عَلَى المَقَاصِدِ، وإلَّا كنَّا مُغَالِينَ مُتكلِّفينَ!

* * *

ومَا أحْسَنَ مَا ذَكَرَهُ العَلامَةُ ابنُ خُلْدُون رحمه الله في كِتَابِهِ "المُقَدِّمةِ"(1/ 622): "وأمَّا العُلُوْمُ الَّتِي هِيَ آلَةٌ لِغَيرِها: مِثْلُ العَرَبِيَّةِ والمَنْطِقِ وأمْثَالهِما؛ فَلا يَنْبَغِي أنْ يُنْظَرَ فيها إلَّا مِنْ حَيثُ هِي آلَةٌ لِذَلِكَ الغَيرِ فَقَطُ، ولا يُوَسَّعُ فيها الكَلامُ، ولا تُفَرَّعُ المَسَائِلُ؛ لأنَّ ذَلِكَ يُخْرِجُ بها عَنِ المَقْصُوْدِ، فكُلَّمَا خَرَجَتْ عَنِ المَقْصُوْدِ، صَارَ الاشْتِغَالُ بِهَا لَغْوًا، ورُبَّمَا يَكُوْنُ ذَلِكَ عَائِقًا عَنْ تَحْصيلِ العُلُوْمِ المَقْصُوْدَةِ بالذَّاتِ لِطُوْلِ وَسَائِلِها؛ مَعَ أنَّ شَأنَها أهَمُّ، والعُمُرُ يَقْصُرُ عَنْ تَحْصِيلِ الجَمِيعِ عَلَى هَذِه الصوْرة، فَيَكُوْنُ الاشْتِغَالُ بِهَذِه العُلُوْمِ الآلِيَّةِ تَضْيِيعًا للعُمُرِ وشُغُلًا بِمَا لا يُغْنِي!

وهَذَا كَمَا فَعَلَهُ المُتَأخِّرُوْنَ في صِنَاعَةِ النَّحْوِ، وصِنَاعَةِ المَنْطِقِ، لا بَلْ وأُصُوْلِ الفِقْهِ؛ لأنَّهُم أوْسَعُوا دَائِرَةَ الكَلامِ فيها نَقْلًا واسْتِدْلالًا، وأكْثَرُوا مِنَ التَّفَارِيعِ والمَسَائِلِ بِمَا أخْرَجَها عَنْ كُوْنِها آلَةً، ورُبَّما ذَكَرُوا مَسَائِلَ لا حَاجَةَ بِها في العُلُوْمِ المَقْصُوْدَةِ بالذَّاتِ، فإذَا قَطَعُوا العُمُرَ في تَحْصِيلِ الوَسَائِلِ

ص: 125

فَمَتَى يَظْفَرُوْنَ بالمَقَاصِدِ؟ فلِهَذَا يَجِبُ عَلَى المُعَلِّمِينَ لِهَذِه العُلُوْمِ الآلِيَّةِ أنْ لا يَسْتَبْحِرُوا في شَأنِهَا، ولا يَسْتكثِرُوا مِنْ مَسَائِلِها، ويُنبِّهُ المُتَعَلِّمَ عَلَى الغَرَضِ مِنْها" انْتَهَى بتَصَرُّفٍ واخْتِصَارِ.

* * *

رَابعًا: أنَّ العُلاقَةَ بَينَ عُلُوْمِ الغَايَةِ والآلَةِ عُلاقَةٌ طَرْدِيَّة، لا سِيَّما مِنْ جِهَةِ الوَسَائِلِ، فعِنْدَئِذٍ كُلَّمَا ازْدَادَ طَالِبُ العِلْمِ مِنْ عُلُوْمِ الآلَةِ، كَانَ عَلَيه أنْ يَزْدَادَ مِنْ عُلُوْمِ الغَايَةِ ضَرُوْرَةً، وإلَّا كَانَ هَذَا تَنَاقُضًا بَيِّنًا، وخَلَلًا وَاضِحًا في الطَّلَبِ والقَصْدِ.

ومِنْه نَعْرِفُ حِينَئِذٍ: الحِنْثَ العَظِيمَ الَّذِي لَمْ يَزَلْ يَتَنَاقَلْهُ أهْلُ التَّخَصُّصِ العِلْمِيِّ هَذِه الأيَّامِ، يَوْمَ نَرَاهُم لا يَتَقَيَّدُوْنَ بِهَذِه القَاعِدَةِ الطَّرْدِيَّةِ بَينَ عُلُوْمِ الغَايَةِ والآلَةِ، فتجِدُ أحَدَهُم قَدْ طَالَ بِهِ العُمُرُ في تَحْصِيلِ: أُصُوْلِ الفِقْهِ (مَثَلًا) وهُوَ لا يُحْسِنُ مِنَ الفِقْهِ إلَّا مَا يُحْسِنُه طُلابُ العِلْمِ المُبْتَدِئِينَ، أو مُقَلِّدُو المَذْهَبِ.

وهَذَا الصَّنِيع مِنْهُم مِمَّا يَزِيدُنا يَقِينًا بأنَّ التَّخَصُّصَ العِلْمِيَّ: زَغَلٌ في العِلْمِ، ودَسِيسَةٌ في الطَّلَبِ، واللهُ المُوَفِّقُ والهادِي إلى سَوَاءِ السَّبِيلِ!

* * *

ص: 126

وآخَرُوْنَ مِنْ وَرَائِهِم قَدْ تَخصَّصُوا في التَّخَصُّصِ (؟!)، حَيثُ تَجِدُ بعْضَهَم قَدْ تَخصَّصَ في عُلُوْمِ القُرانِ مَثْلًا، إلَّا أنَّه لا يُحسِنُ مِنْ عُلُومِ القُرْانِ إلَّا: دِرَاسَةَ مَنَاهِجِ المؤلِّفِينَ في التَّفْسِيرِ، وطَرَائِقِ التَّفْسير الصَّحِيحِ مِنْها والبَاطِلِ، وعِلْمِ القِرَاءاتِ، وإعْجَازِ القُرآنِ، ولرُبَّما لَيسَ لبَعْضِهِم مِنَ العِلْمِ إلَّا تحْقِيقَ مَخْطُوْطَةٍ لبَعْضِ عُلُوْمِ القُرانِ

كُلُّ ذَلِكَ للأسَفِ كَانَ مِنْهم عَلى حِسَابِ فَهْمِهِم وعِلْمِهِم لتَفْسِيرِ القُرآنِ بخَاصَّةٍ، نَاهِيكَ عَلى حِسَابِ عُلُوْمِ الشَّرِيعَةِ بعَامَّةٍ!

* * *

أمَّا محُدِّثُو زَمَانِنا فَأمرٌ لا يُنَادَى وَليدُه، فَأكثرهُم للأسَفِ إلَّا مَا رَحِمَ اللهُ، لا يُحسِنُ مِنْ عُلُومِ الحدِيثِ إلَّا: مُصْطَلَحَ الحَدِيثِ، ابتِدَاءً بالبَيقُونيَّةِ، ومُرُورًا بنُخْبةِ الفِكْرِ، وانتِهَاءً بمُقَدِّمَةِ ابنِ الصَّلاحِ، ومَا حَامَ في حِماهَا، مِنْ شَرْحٍ، واخْتِصَارٍ، وتَقْييدٍ وتَوضِيحٍ، ونُكتٍ، واسْتِدْرَاكٍ، ونَظْمٍ

! إلَخْ.

وقَدْ زَادَ الطِّينَ بِلَّةً، أنَّ أكثَرَ مُحَدِّثِي زَمَانِنا (زَعَمُوا) لَيسَ لهُم مِنْ عُلُوْمِ الحدِيثِ: إلَّا تَخرِيجَ الحدِيثِ، ودِرَاسَةَ مَنَاهِجِ المُحَدِّثِينَ في كُتُبِهِم، ولرُبَّما لَيسَ لبَعْضِهِم مِنَ العِلْمِ إلَّا تحْقِيقَ مَخْطُوْطَةٍ لبَعْض عُلُوْمِ الحَدِيثِ

ص: 127