الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الطّرف الثَّالِث فِي تحمل الحَدِيث وطرق نَقله وَضَبطه وَرِوَايَته وآداب ذَلِك وَمَا يتَعَلَّق بِهِ وَالْكَلَام فِيهِ فِي سِتَّة أَنْوَاع
النَّوْع الأول فِي أَهْلِيَّة التَّحَمُّل
يَصح التَّحَمُّل قبل الْإِسْلَام أَو قبل الْبلُوغ وَمنع الثَّانِي قوم وأخطؤوا بذلك لأتفاق النَّاس على قبُول رِوَايَة الْحسن وَالْحُسَيْن وَابْني عَبَّاس وَالزُّبَيْر والنعمان بن بشير وَغَيرهم وَلم يزل النَّاس يسمعُونَ الصّبيان وَاخْتلف فِي الزَّمن الَّذِي يَصح فِيهِ سَماع الصَّبِي فَقَالَ القَاضِي عِيَاض حدد أهل الصَّنْعَة فِي ذَلِك خمس سِنِين وَهُوَ سنّ مَحْمُود بن الرّبيع الَّذِي ترْجم البُخَارِيّ فِيهِ مَتى يَصح سَماع الصَّغِير وَقيل كَانَ ابْن أَربع سِنِين وَهَذَا هُوَ الَّذِي اسْتَقر عَلَيْهِ عمل الْمُتَأَخِّرين يَكْتُبُونَ لِأَبْنِ خمس سمع وَلمن دونه حضر أَو أحضر وَقيل وَهُوَ الصَّوَاب أَن نعتبر كل صَغِير بِحَالهِ فَمَتَى كَانَ فهما للخطاب ورد الْجَواب صححنا سَمَاعه وَإِن كَانَ لَهُ دون خمس وَنقل نَحْو ذَلِك عَن أَحْمد بن حَنْبَل ومُوسَى الْحمال وَإِن لم يكن كَذَلِك لم يَصح سَمَاعه وَإِن كَانَ ابْن خمسين وَقد نقل أَن صَبيا ابْن أَربع سِنِين حمل إِلَى الْمَأْمُون قد قَرَأَ الْقُرْآن وَنظر فِي الرَّأْي غير أَنه إِذا جَاع يبكي وَأما حَدِيث مَحْمُود فَيدل على سنه لمن هُوَ مثله لَا على نَفْيه عَمَّن دونه مَعَ جودة التَّمْيِيز أَو ثُبُوته لمن هُوَ فِي سنه وَلم يُمَيّز تَمْيِيزه وَالله أعلم قَالَ
أَبُو عبد الله الزبيرِي يسْتَحبّ كتب الحَدِيث بعد عشْرين سنة لِأَنَّهَا مُجْتَمع الْعقل وَقَالَ مُوسَى بن هَارُون أهل الْبشرَة يَكْتُبُونَ لعشر سِنِين وَأهل الْكُوفَة لعشرين وَأهل الشَّام لثلاثين وَالصَّوَاب فِي هَذِه الْأَزْمَان أَن يبكر بإسماع الصَّغِير من أول زمَان يَصح فِيهِ سَمَاعه لِأَن الملحوظ الْآن إبْقَاء سلسله الْإِسْنَاد وَأَن يشْتَغل بكتب الحَدِيث وتقييده من حِين تأهله لذَلِك وَلَا ينْحَصر فِي سنّ مَخْصُوص لاخْتِلَاف ذَلِك باخْتلَاف الْأَشْخَاص
النَّوْع الثَّانِي فِي طرق تحمل الحَدِيث وَهِي ثَمَانِيَة على اتِّفَاق فِي بَعْضهَا وَاخْتِلَاف فِي بعض كَمَا سَيَأْتِي بَيَانه
الطَّرِيق الأول السماع وَهُوَ ضَرْبَان مُتَّفق على صحتهما وعَلى الِاحْتِجَاج بهما الأول السماع من لفظ الشَّيْخ سَوَاء أَكَانَ إملاء أم تحديثا من غير إملاء وَسَوَاء أَكَانَ من حفظه أم من كِتَابه وَهَذَا أرفع الطّرق عِنْد الجماهير وَيَقُول فِي السَّامع إِذا روى حَدثنَا وَأخْبرنَا وأنبأنا وَسمعت فلَانا وَقَالَ لنا قَالَ الْخَطِيب أرفع الْعبارَات سَمِعت ثمَّ حَدثنَا ثمَّ أخبرنَا وَهُوَ كثير فس اسْتِعْمَال الْحفاظ فِي ذَلِك قبل أَن يشيع تَخْصِيصه بِمَا قرىء على الشَّيْخ ثمَّ أَنبأَنَا وَهُوَ قَلِيل فِي الِاسْتِعْمَال لَا سِيمَا بعد غلبته فِي الْإِجَازَة وَقيل حَدثنَا وَأخْبرنَا أرفع من سَمِعت لدلالتهما على أَن الشَّيْخ رَوَاهُ الحَدِيث بِخِلَاف سَمِعت وَقد يرد هَذَا بِأَن سَمِعت صَرِيح فِي سَمَاعه بِخِلَاف أخبرنَا لاستعماله فِي الْإِجَازَة عِنْد بَعضهم كَمَا سَيَأْتِي إِن شَاءَ الله وَأما قَالَ لنا فَمن قبيل حَدثنَا لكنه بِمَا وَقع فِي المذاكرة والمناظرة أشبه وأليق من حَدثنَا وَقد تقدم فِي التَّعْلِيق وأوضح الْعبارَات قَالَ فلَان وَلم يقل لي