الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كَمَا كَانَ بعض الشُّيُوخ يفعل وَقَالَ ابْن عتاب الأندلسي لَا غنى فِي السماع عَن الْإِجَازَة وَلَو عظم مجْلِس المملي فَبلغ عَنهُ الْمُسْتَمْلِي فقد جوز قوم رِوَايَة ذَلِك عَن المملي وَقَالَ الْمُحَقِّقُونَ لَا يجوز
السَّابِع يَصح السماع مِمَّن هُوَ وَرَاء حجاب إِذا عرف صَوته إِن حدث بِلَفْظِهِ أَو حُضُوره إِن قرىء عَلَيْهِ وَيَكْفِي فِي تَعْرِيف ذَلِك خبر ثِقَة هَذَا قَول الْجُمْهُور وَشرط شُعْبَة رُؤْيَته قَالَ إِذا حدث الْمُحدث فَلم تَرَ وَجهه فَلَا ترو عَنهُ فَلَعَلَّهُ شَيْطَان
الثَّامِن إِذا قَالَ الشَّيْخ بعد السماع لَا تروعني أَو رجعت عَن إخبارك بِهِ أَو نَحْو ذَلِك وَلم يسْندهُ إِلَى خطأ أَو شكّ أَو نَحوه بل مَنعه مَعَ الْجَزْم بِأَنَّهُ رِوَايَته لم يمْنَع ذَلِك رِوَايَته وَلَو خص بِالسَّمَاعِ قوما فَسمع غَيرهم بِغَيْر علمه جَازَ لَهُ أَن يرويهِ عَنهُ قَالَه الْأُسْتَاذ أَبُو إِسْحَاق الإِسْفِرَايِينِيّ وَعَن النَّسَائِيّ مَا يُؤذن بالتحرز مِنْهُ وَهُوَ رِوَايَته عَن الْحَارِث بن مِسْكين وَلَو قَالَ الشَّيْخ أخْبركُم وَلَا أخبر فلَانا لم يضرّهُ وَجَاز لَهُ رِوَايَته
الطَّرِيق الثَّالِث الْإِجَازَة الْمُجَرَّدَة وَهِي أَنْوَاع
الأول أَعْلَاهَا إجَازَة معِين لمُعين ك أجزتك كتاب البُخَارِيّ مثلا أَو أجزت فلَانا جَمِيع مَا اشْتَمَلت عَلَيْهِ فهرستي وَنَحْو ذَلِك فَهَذَا أَعلَى أَنْوَاع الْإِجَازَة الْمُجَرَّدَة عَن المناولة وَالصَّحِيح عِنْد الْجُمْهُور من عُلَمَاء الْمُحدثين وَالْفُقَهَاء جَوَاز الرِّوَايَة بهَا وَادّعى أَبُو الْوَلِيد الْبَاجِيّ الِاتِّفَاق عَلَيْهِ وَغلط فِيهِ وَحكى الْخلاف فِي الْعَمَل بهَا ومنعها جمَاعَة من أهل الحَدِيث وَالْفِقْه وَالْأُصُول وَهُوَ إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَن الشَّافِعِي وَقطع بِهِ أَصْحَابه القاضيان حُسَيْن
وَالْمَاوَرْدِيّ وَمن الْمُحدثين إِبْرَاهِيم الْحَرْبِيّ وَأَبُو الشَّيْخ الاصبهاني وَاحْتج الْمُجِيز بِأَنَّهَا إِخْبَار بمروياته جملَة فصح كَمَا لَو أخبر بِهِ تَفْصِيلًا وإخباره لَا يفْتَقر إِلَى النُّطْق صَرِيحًا كالقراءة عَلَيْهِ وَقَالَ بعض أهل الظَّاهِر هُوَ كالمرسل تجوز الرِّوَايَة بهَا وَلَا يجب الْعَمَل وَهُوَ مَرْدُود عَلَيْهِم
الثَّانِي إجَازَة معِين فِي غير معِين كَقَوْلِه أجزتك مسموعاتي أَو مروياتي وَالْجُمْهُور على جَوَاز الرِّوَايَة بهَا وَوُجُوب الْعَمَل وَمن منع النَّوْع الأول فههنا أولى وَالْخلاف أقوى
الثَّالِث إجَازَة الْعُمُوم كَقَوْلِه أجزت للْمُسلمين أَو لمن أدْرك زماني وَمَا أشبهه فَمن منع مَا تقدم فَهَذَا أولى وَمن جوزه اخْتلفُوا فِي هَذِه فجوزها الْخَطِيب مُطلقًا فَإِن قيدت بِوَصْف خَاص فَأولى بِالْجَوَازِ وَجوز القَاضِي أَبُو الطّيب الْإِجَازَة لجَمِيع الْمُسلمين الْمَوْجُودين عِنْدهَا وَأَجَازَ ابْن عتاب لمن دخل قرطبة من طلبة الْعلم قَالَ ابْن الصّلاح لم يسمع عَن أحد مِمَّن يقْتَدى بِهِ أَنه اسْتعْمل هَذِه الْإِجَازَة فروى بهَا وَفِي أصل الْإِجَازَة ضعف فتزداد بهَا ضعفا لَا يَنْبَغِي احْتِمَاله وَفِيمَا قَالَه نظر
الرَّابِع إجَازَة مَجْهُول أَو فِي مَجْهُول كَقَوْلِه أجزت أَحْمد بن مُحَمَّد الدِّمَشْقِي وَثمّ جمَاعَة مسمون بذلك وَلم يعين المُرَاد مِنْهُم أَو يَقُول أجزت
فلَانا كتاب السّنَن وَهُوَ يروي عدَّة كتب تعرف بالسنن وَلم يعين فَهَذِهِ إجَازَة بَاطِلَة لَا فَائِدَة فِيهَا
الْخَامِس الْإِجَازَة الْمُعَلقَة مثل أجزت من شَاءَ فلَان أَو إِن شَاءَ زيد إجَازَة أحد أجزته فههنا جَهَالَة وَتَعْلِيق وَالْأَظْهَر أَنَّهَا لَا تصح وَبِه أفتى القَاضِي أَبُو الطّيب لِأَنَّهُ كَقَوْلِه أجزت بعض النَّاس وَقَالَ أَبُو يعلى بن الْفراء الْحَنْبَلِيّ وَابْن عمروس الْمَالِكِي يَصح لِأَن الْجَهَالَة ترْتَفع بِالْمَشِيئَةِ بِخِلَاف بعض النَّاس وَلَو قَالَ أجزت لمن شَاءَ الْإِجَازَة فَهُوَ كَقَوْلِه لمن شَاءَ فلَان وَهَذَا أولى بِالْبُطْلَانِ لتعليقها على مَشِيئَة من لَا ينْحَصر أما لَو قَالَ أجزت لمن شَاءَ الرِّوَايَة عني فَهُوَ أولى بِالْجَوَازِ لِأَن ذَلِك هُوَ مُقْتَضى الْإِجَازَة فَهُوَ تَصْرِيح بِمَا يَقْتَضِيهِ إِطْلَاقهَا لَا تَعْلِيقه وَلَو قَالَ أجزت فلَانا كَذَا إِن شَاءَ رِوَايَته عني فَأولى بِالصِّحَّةِ لانْتِفَاء الْجَهَالَة وَالتَّعْلِيق
السَّادِس إجَازَة الْمَعْدُوم كَقَوْلِه أجزت لمن يُولد لفُلَان وفيهَا خلاف فأجازها الْخَطِيب وَحَكَاهُ عَن ابْن الْفراء الْحَنْبَلِيّ وَابْن عمروس لِأَنَّهَا إِذن وأبطلها القَاضِي أَبُو الطّيب وَابْن الصّباغ وَهُوَ الصَّحِيح لِأَنَّهَا فِي حكم الْإِخْبَار وَلَا يَصح إِخْبَار مَعْدُوم وَقَوْلهمْ إِنَّهَا إِذن وَإِن سلمناه فَلَا تصح أَيْضا كَمَا لَا تصح الْوكَالَة للمعدوم أما لَو عطفه على الْمَوْجُود فَقَالَ أجزت لفُلَان وَلمن يُولد لَهُ أَو أجزت لَك ولعقبك ولنسلك فقد جوزه ابْن أبي دَاوُد وَهُوَ أولى بِالْجَوَازِ من الْمَعْدُوم الْمُجَرّد عِنْد من أجَازه وَأَجَازَ مَالك وَأَبُو حنيفَة فِي الْوَقْف الْقسمَيْنِ وَأَجَازَ الشَّافِعِي الثَّانِي دون الأول وَالْإِجَازَة للطفل الَّذِي لَا يُمَيّز صَحِيحَة قطع بِهِ القَاضِي أَبُو الطّيب والخطيب قَالَ الْخَطِيب وَعَلِيهِ عهدنا شُيُوخنَا يجيزون الْأَطْفَال الْغَيْب وَلَا يسْأَلُون عَن أسنانهم وتميزهم وَلِأَنَّهَا إِبَاحَة للرواية وَالْإِبَاحَة تصح للعاقل ولغير الْعَاقِل