الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حَال الرِّوَايَة بِمَا هُوَ أَهله وَيَدْعُو لَهُ وَلَا بَأْس بِذكرِهِ بِمَا يعرف بِهِ من لقب أَو نِسْبَة وَلَو إِلَى أم أَو صَنْعَة أَو وصف فِي بدنه وَحسن أَن يجمع فِي إمْلَائِهِ جمعا من شُيُوخه مقدما أفضلهم ويملي عَن كل شيخ حَدِيثا ويختار مَا على سَنَده وَقصر مَتنه ويتحرى الْمُسْتَفَاد مِنْهُ وينبه إِلَى مَا فِيهِ من علوا وَفَائِدَة وَضبط مُشكل ويتجنب مَا لَا تحتمله عقول الْحَاضِرين أَو يخَاف عَلَيْهِم الْوَهم فِي فهمه ثمَّ يخْتم إملاءه بِشَيْء من الحكايات والنوادر والإنشادات وَهُوَ فِي الزّهْد والآداب وَمَكَارِم الْأَخْلَاق أولى وَإِذا قصر الْمُحدث عَن التَّخْرِيج أَو أنشغل عَنهُ اسْتَعَانَ بِبَعْض الْحفاظ فِي التَّخْرِيج لَهُ قَالَ الْخَطِيب كَانَ جمَاعَة من شُيُوخنَا يَفْعَلُونَهُ إِذا فرغ من الْإِمْلَاء قَابل مَا أملاه
النَّوْع السَّادِس فِي أدب طَالب الحَدِيث قد تقدّمت جمل من هَذَا النَّوْع ووراء ذَلِك فضول
الأول تَصْحِيح النِّيَّة فِي طلبه لله تَعَالَى خَالِصا والحذر من قصد التَّوَصُّل بِهِ إِلَى الْأَغْرَاض الدُّنْيَوِيَّة ويبتهل إِلَى الله تَعَالَى فِي التَّوْفِيق والتيسير وَيَأْخُذ نَفسه بالآداب السّنيَّة والأخلاق المرضية فَعَن سُفْيَان الثَّوْريّ مَا أعلم عملا أفضل من طلب الحَدِيث لمن أَرَادَ الله بِهِ وَقد تقدم الْكَلَام فِي السن الَّذِي يبتدىء فِيهِ بِسَمَاع الحَدِيث وليغتنم مُدَّة إِمْكَانه ويفرغ جهده فِي تَحْصِيله
الثَّانِي أَن يبْدَأ بِسَمَاع مَا عِنْد أرجح شُيُوخ بَلَده إِسْنَادًا وعلما ودينا وشهرة فَإِذا فرغ من مهمات بَلَده رَحل فِي الطّلب فَإِن الرحلة من عَادَة الْحفاظ المبرزين وَلَا يحملهُ الشره فِي الطّلب على التساهل فِي السماع والتحمل فيخل بِشَيْء من شُرُوطه وليستعمل مَا يُمكنهُ اسْتِعْمَاله مِمَّا يسمعهُ من الحَدِيث فِي أَنْوَاع
الْعِبَادَات والآداب فَذَلِك زَكَاة الحَدِيث كَمَا قَالَه بشر الحافي وَهُوَ سَبَب حفظه قَالَ وَكِيع إِذا أردْت حفظ الحَدِيث فاعمل بِهِ
الثَّالِث أَن يعظم شَيْخه وكل من يسمع مِنْهُ فَإِن ذَلِك من إجلال الْعلم ويتحرى رِضَاهُ وَلَا يُطِيل عَلَيْهِ بِحَيْثُ يضجره فَرُبمَا كَانَ ذَلِك سَبَب حرمانه وَعَن الزُّهْرِيّ قَالَ إِذا طَال الْمجْلس كَانَ للشَّيْطَان فِيهِ نصيب وليستشر شَيْخه فِي أُمُوره وَكَيْفِيَّة مَا يعتمده من اشْتِغَاله وَمَا يشْتَغل فِيهِ وَقد ذكرت فِي أدب الْعَالم والمتعلم من هَذَا الْبَاب مَا يروي الظمآن إِلَيْهِ
الرَّابِع إِذا ظفر بِسَمَاع أَو فَائِدَة أرشد غَيره من الطّلبَة إِلَيْهِ فَإِن كتمان ذَلِك لؤم من جهلة الطّلبَة يخَاف على فَاعله عدم النَّفْع فَإِن بركَة الحَدِيث إفادته وبنشره ينمى وَلَا يمنعهُ الْحيَاء وَالْكبر من السَّعْي فِي التَّحْصِيل وَأخذ الْعلم مِمَّن دونه فِي سنّ أَو نسب أَو منزلَة وليصبر على جفَاء شَيْخه وليعتن بالمهم وَلَا يضيع زَمَانه فِي الْإِكْثَار من الشُّيُوخ لمُجَرّد الْكَثْرَة وليكتب وليسمع مَا يَقع لَهُ من كتاب أَو جُزْء بِكَمَالِهِ وَلَا ينتخب مِنْهُ لغير ضَرُورَة فَإِن احْتَاجَ إِلَيْهِ تولاه بِنَفسِهِ فَإِن قصر عَنهُ اسْتَعَانَ بحافظ
الْخَامِس أَن لَا يقْتَصر على مُجَرّد سَمَاعه وَكتبه دون مَعْرفَته وفهمه بل يتعرف صِحَّته وَضَعفه ومعانيه وفقهه وَإِعْرَابه ولغته وَأَسْمَاء رِجَاله ويحقق كل ذَلِك ويعتني بإتقان مشكله حفظا وَكِتَابَة وَيقدم فِي ذَلِك كُله الصَّحِيحَيْنِ ثمَّ بَقِيَّة الْكتب الْأَئِمَّة كسنن أبي دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه ثمَّ كتاب سنَن الْبَيْهَقِيّ ثمَّ المسانيد كمسند أَحْمد بن حَنْبَل وَغَيره ثمَّ من كتب الْعِلَل كِتَابه وَكتاب الدَّارَقُطْنِيّ وَمن التواريخ تَارِيخ البُخَارِيّ وَابْن أبي خَيْثَمَة وَمن كتب الْجرْح وَالتَّعْدِيل كتاب ابْن أبي حَاتِم وَمن مُشكل الْأَسْمَاء كتاب ابْن مَاكُولَا ويعتني بكتب غَرِيب الحَدِيث وشروحه وَكلما مر بِهِ مُشكل بحث عَنهُ وأتقنه ثمَّ حفظه وَكتبه ويتحفظ الحَدِيث قَلِيلا قَلِيلا
السَّادِس أَن يشْتَغل بالتخريح والتصنيف إِذا تأهل لَهُ معتنيا بشرحه وَبَيَان مشكله وإتقانه فقلما يمهر فِي علم الحَدِيث من لم يَفْعَله ولعلماء الحَدِيث فِي تصنيفه طَرِيقَانِ
أجودهما على الْأَبْوَاب كَمَا فعله البُخَارِيّ وَمُسلم فيذكر فِي كل بَاب مَا عِنْده فِيهِ إِمَّا مُطلقًا كالبيهقي أَو على شَرطه كالبخاري
الثَّانِيَة على المسانيد فَيجمع فِي تَرْجَمَة كل صَحَابِيّ مَا عِنْده من حَدِيثه صَحِيحه وضعيفه وعَلى هَذِه الطَّرِيقَة فقد ترَتّب على الْحُرُوف وَقد ترَتّب على الْقَبَائِل فَيقدم بني هَاشم ثمَّ الْأَقْرَب فَالْأَقْرَب وَقد ترَتّب بالسابقة فَيقدم الْعشْرَة ثمَّ أهل بدر ثمَّ الْحُدَيْبِيَة ثمَّ من هَاجر بَينهَا وَبَين الْفَتْح ثمَّ أصاغر الصَّحَابَة ثمَّ النِّسَاء يبْدَأ بأمهات الْمُؤمنِينَ وَمن أحْسنه تصنيفا مَا جمع فِي كل حَدِيث أَو بَاب طرقه وَاخْتِلَاف رِوَايَته مُعَللا كَمَا فعل يَعْقُوب بن شيبَة وَقد ترَتّب على الشُّيُوخ فَيجمع حَدِيث كل شيخ على انْفِرَاده أَو على التراجم كنافع عَن ابْن عمر وَهِشَام عَن أَبِيه وليحذر من إِخْرَاج تصنيفه قبل تهذيبه وتحريره وتكرير نظره فِيهِ ويتحرى الْعبارَات الْوَاضِحَة والاصطلاحات المستعملة وليحذر من تصنيف مَا لم يتأهل لَهُ
وَقد بسطت من الْآدَاب فِي هَذَا النَّوْع وَفِي الَّذِي قبله فِي كتابي فِي أدب الْعلم المتعلم مَا لَا يحْتَملهُ هَذَا الْمُخْتَصر فَمن أَرَادَهُ فَعَلَيهِ بِهِ أَو مَا فِي فنه
الطّرف الرَّابِع فِي أَسمَاء الرِّجَال وطبقات الْعلمَاء وَمَا يتَّصل بذلك وَالْكَلَام فِيهِ فِي أحد وَعشْرين نوعا
النَّوْع الأول فِي معرفَة الصَّحَابَة رضي الله عنهم هَذَا فن مُهِمّ عَظِيم الْفَائِدَة يعرف بِهِ الْمُرْسل والمتصل وَقد صنف فِيهِ كتب كَثِيرَة وَمن أَجودهَا كتاب الِاسْتِيعَاب لِابْنِ عبد الْبر لَكِن شابه بِذكر مَا شجر بَينهم وبحكاياته عَن الأخباريين وَقد جمع فِيهِ أَبُو الْحسن بن الْأَثِير الْجَزرِي كتابا حسنا كثير الْفَائِدَة جمع فِيهِ كتبا كَثِيرَة وَفِي هَذَا النَّوْع فُصُول
الأول اخْتلف فِي حد الصَّحَابِيّ وَالْمَعْرُوف عِنْد أهل الحَدِيث وَبَعض أَصْحَاب الْأُصُول أَنه كل من رأى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَهُوَ مُسلم قَالَه البُخَارِيّ فِي صَحِيحه وَأسْندَ الْخَطِيب عَن أَحْمد بن حَنْبَل أَنه قَالَ أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عليه وسلم من صَحبه سنة أَو شهرا أَو يَوْمًا أَو سَاعَة أَو رَآهُ فَهُوَ من أَصْحَابه وَقيل هُوَ من طَالَتْ مُجَالَسَته على طَرِيق التتبع وَعَن سعيد بن الْمسيب أَن الصَّحَابِيّ من أَقَامَ مَعَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم سنة أَو سنتَيْن وغزا مَعَه غَزْوَة أَو غزوتين وَهَذَا ضَعِيف لِأَنَّهُ يَقْتَضِي أَن لَا يعد جرير بن عبد الله البجلى وأضاربه صحابيا وَلَا خلاف
أَنهم صحابة وَيعرف كَونه صحابيا بالتواتر كَأبي بكر وَعمر أَو الاستفاضة أَو بقول صَحَابِيّ غَيره إِنَّه صَحَابِيّ أَو بقوله عَن نَفسه إِنَّه صَحَابِيّ إِذا كَانَ عدلا وَهَذَا الْأَخير عِنْد بعض أهل الْأُصُول مُحْتَمل للْخلاف فِيهِ
الثَّانِي الصَّحَابَة كلهم عدُول مُطلقًا لظواهر الْكتاب وَالسّنة وَإِجْمَاع من يعْتد بِهِ بِالشَّهَادَةِ لَهُم بذلك سَوَاء فِيهِ من لابس الْفِتْنَة وَغَيره ولبعض أهل الْكَلَام من الْمُعْتَزلَة وَغَيرهم فِي عدالتهم تَفْصِيل وَاخْتِلَاف لَا يعْتد بِهِ وأفضلهم على الْإِطْلَاق أَبُو بكر ثمَّ عمر بِإِجْمَاع أهل السّنة ثمَّ عُثْمَان ثمَّ عَليّ عِنْد جمهورهم وَحكى الْخطابِيّ عَن أهل السّنة من الْكُوفَة تَقْدِيم عَليّ على عُثْمَان وَبِه قَالَ أَبُو بكر بن خُزَيْمَة وَقَالَ أَبُو مَنْصُور الْبَغْدَادِيّ أَصْحَابنَا مجمعون على أَن أفضلهم الْخُلَفَاء الْأَرْبَعَة ثمَّ تَمام الْعشْرَة ثمَّ أهل بدر ثمَّ أحد ثمَّ بيعَة الرضْوَان وَمِمَّنْ لَهُ مزية أهل العقبتين من الْأَنْصَار أما السَّابِقُونَ الْأَولونَ فال ابْن الْمسيب هم من صلى إِلَى الْقبْلَتَيْنِ وَقَالَ الشّعبِيّ أهل بيعَة الرضْوَان وَقَالَ عَطاء أهل بدر
الثَّالِث أَوَّلهمْ إسلاما أَبُو بكر وَقيل عَليّ وَقيل زيد وَقيل خَدِيجَة وَاخْتَارَهُ جمَاعَة من الْمُحَقِّقين وَادّعى الثَّعْلَبِيّ فِيهِ الْإِجْمَاع وَأَن الْخلاف فِيمَن بعْدهَا والأورع أَن يُقَال أول من أسلم من الرِّجَال الْأَحْرَار أَبُو بكر وَمن الصّبيان عَليّ وَمن النِّسَاء خَدِيجَة وَمن الموَالِي زيد وَمن العبيد بِلَال وَآخرهمْ موتا على وَجه الأَرْض أَبُو الطُّفَيْل عَامر بن وَاثِلَة مَاتَ بِمَكَّة سنة مئة وَآخر من مَاتَ قبله أنس بن مَالك بِالْبَصْرَةِ سنة ثَلَاث وَتِسْعين على الْأَظْهر وَقيل غير ذَلِك قلت وَيُقَال آخر من مَاتَ مِنْهُم بِالشَّام عبد الله بن بسر
وبمصر عبد الله بن جُزْء وبالبصرة أنس بن مَالك وبالكوفة عبد الله بن أبي أوفى وبالمدينة سهل بن سعد وبالبادية سَلمَة بن الْأَكْوَع وبمكة وَالْأَرْض كلهَا أَبُو الطُّفَيْل
الرَّابِع أَكْثَرهم حَدِيثا أَبُو هُرَيْرَة ثمَّ ابْن عمر وَابْن عَبَّاس وَجَابِر وَأنس وَعَائِشَة وَأَكْثَرهم فتيا تروى ابْن عَبَّاس وَعَن ابْن الْمَدِينِيّ لم يكن من أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عليه وسلم أحد لَهُ أَصْحَاب يقومُونَ بقوله فِي الْفِقْه إِلَّا ثَلَاثَة عبد الله بن مَسْعُود وَزيد بن ثَابت وَابْن عَبَّاس وَمن الصَّحَابَة العبادلة وهم عبد الله بن عَمْرو وَابْن عَبَّاس وَابْن الزبير وَابْن عَمْرو بن الْعَاصِ كَذَا عدهم أَحْمد بن حَنْبَل وَلَيْسَ ابْن مَسْعُود مِنْهُم قَالَ الْبَيْهَقِيّ لِأَنَّهُ تقدم مَوته وَهَؤُلَاء عاشوا حَتَّى احْتِيجَ إِلَى علمهمْ وَكَذَا كل من اسْمه عبد الله من الصَّحَابَة وهم نَحْو مئة وَعشْرين
الْخَامِس قَالَ أَبُو زرْعَة الرَّازِيّ قبض رَسُول الله صلى الله عليه وسلم على مئة ألف وَأَرْبَعَة عشر ألفا من الصَّحَابَة مِمَّن روى عَنهُ وَسمع مِنْهُ وَاخْتلف فِي عدد طبقاتهم وَالنَّظَر فِي ذَلِك إِلَى السَّبق بِالْإِسْلَامِ وَالْهجْرَة وشهود الْمشَاهد الفاضلة مَعَه صلى الله عليه وسلم وجعلهم الْحَاكِم اثنتى عشر طبقَة وَزَاد غير هـ على ذَلِك
//
السَّادِس لَا يعرف من شهد بَدْرًا هُوَ وَابْنه إِلَّا أَبُو مرْثَد وَابْنه مرْثَد وَلَا سَبْعَة إخْوَة لأم شهدُوا بَدْرًا إِلَّا بَنو عفراء وَلَا شَهِدَهَا مُسلم ابْن مُسلمين إِلَّا عمار بن يَاسر وَلَا أَرْبَعَة صحابة متوالدون إِلَّا عبد الله بن أَسمَاء بنت أبي بكر بن أبي قُحَافَة وَابْن خَاله أَبُو عَتيق مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن أبي بكر بن أبي قُحَافَة وَلَا سَبْعَة إخْوَة هَاجرُوا وصحبوا النَّبِي صلى الله عليه وسلم إِلَّا بَنو مقرن