الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة
المؤلف
قال الشيخ الإمام العالم أبو الفرج عبد الرحمن ابن الشيخ عبد الرحمن ابن الشيخ الصالح شهاب الدين أحمد بن رجب رحمه الله تعالى:
الحمد الله الذي أسكن عباده هذه الدار وجعلها لهم منزلة سفر من الأسفار وجعل الدار الآخرة هي دار القرار وجعل بين الدنيا والآخرة برزخا يدل على فناء الدنيا باعتبار وهو في الحقيقة إما روضة من رياض الجنة أو حفرة من حفر النار فسبحان من يخلق ما يشاء ويختار ويرفق بعباده الأبرار في جميع الأقطار وسبق رحمته بعباده غضبه وهو الرحيم الغفار.
أحمده على نعمه الغزار وأشكره وفضله على من شكر مدرار.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الواحد القهار.
وأشهد أن محمدا عبده ورسوله النبي المختار الرسول المبعوث بالتبشير والإنذار صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه صلاة تتجدد بركاتها بالعشي والأبكار.
أما بعد فإن الله سبحانه وتعالى خلق بني آدم للبقاء لا للفناء وإنما ينقلهم بعد خلقهم من دار إلى دار كما قال ذلك طائفة من السلف الأخيار منهم بلال بن سعد وعمر بن عبد العزيز رضي الله عنهما فأسكنهما في هذه الدار ليبلوهم أيهم أحسن عملا ثم ينقلها إلى دار البرزخ فيحبسهم هنالك إلى أن يجمعهم يوم القيامة ويجزي كل عامل جزاء عمله مفصلا هذا مع أنهم في دار البرزخ بأعمالهم مدانون مكافؤون فمكرمون بإحسانهم وبإساءتهم مهانون قال الله سبحانه وتعالى: {وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ} [المؤمنون: 100] قال مجاهد: البرزخ الحاجز بين الموت والرجوع إلى الدنيا وعنه قال هو ما بين الموت إلى البعث.
قال الحسن: هي هذه القبور التي بينكم وبين الآخرة.
وعنه قال أبو هريرة هي هذه القبور التي تركضون عليها لا يسمعون الصوت
وقال عطاء الخراساني: البرزخ مدة ما بين الدنيا والآخرة.
وصلى أبو أمامة على جنازة فلما وضعت في لحدها قال أبو أمامة هذا برزخ إلى يوم يبعثون.
وقيل للشعبي: مات فلان قال: ليس هو في الدنيا ولا في الآخرة هو في برزخ وسمع رجلا يقول مات فلان أصبح من أهل الآخرة قال لا تقل من أهل الآخرة ولكن قل من أهل القبور.
وقد سألني بعض الإخوان الصالحين أن أجمع لهم ما ورد من أخبار البرزخ وأحوال الموتى الذاهبين فإن في سماع ذلك للقلوب عظه وهو يحدث لأهل الغفلة الأنتباه واليقظة فاستخرت الله تعالى في جمع ما ورد في ذلك من الكتاب والسنة وأخبار سلف الأمة وما ورد في الاتعاظ بالقبور وكلام الحكماء من منظوم ومنثور كل ذلك على وجه الاختصار لأن استيعاب ذلك يوجب الملل للإطالة والإكثار.
والله المسؤول أن يجعلنا ممن يبادر الفوت ويراقب الموت ويتأهب للرحلة قبل الممات وينتفع بما سمع من العظات بمنه وكرمه.
وقد قسمته ثلاثة عشر بابا والله المسؤول أن يجعله عملا خالصا صوابا:
الباب الأول: في ذكر حال الميت عند نزوله قبره وسؤال الملائكة له وما يفسح له في قبره أو يضيق عليه وما يرى من منزله في الجنة أو في النار.
الباب الثاني: في ذكر كلام القبر عند نزوله إليه.
الباب الثالث: في اجتماع الموتى إلى الميت عند موته وسؤالهم إياه.
الباب الرابع: في اجتماع أعمال الميت إليه من خير أو شر ومدافعتها عنه وكلامها له وما ورد من تحسر الموتى على انقطاع أعمالهم ومن أكرم منهم ببقاء عمله عليه.
الباب الخامس: في عرض منازل أهل القبور عليهم من الجنة أو النار بكرة وعشيا.
الباب السادس: في ذكر عذاب القبر ونعيمه.
الباب السابع: فيما ورد من تلاقي أرواح الموتى في البرزخ وتزاورهم.
الباب الثامن: فيما ورد من سماع الموتى كلام الأحياء ومعرفتهم بمن يسلم عليهم ويزورهم ومعرفتهم بحالهم بعد الموت وبحال أقاربهم في الدنيا.
الباب التاسع: في ذكر محل أرواح الموتى في البرزخ.
الباب العاشر: في ذكر القبور وظلمتها على أهلها وتنويرها عليهم بدعاء الأحياء وما ورد من حاجة الموتى إلى دعاء الأحياء وانتظارهم لذلك.
الباب الحادي عشر: في ذكر زيارة الموتى والاتعاظ بهم.
الباب الثاني عشر: في استحباب تذكر القبور والتفكر في أحوالهم وذكر أحوال السلف في ذلك.
الباب الثالث عشر: في ذكر كلمات منتخبة من كلام السلف الصالح في الاتعاظ بالقبور وما ورد عنهم في ذلك من منظور ومنثور.
وسميته كتاب "أهوال القبور وأحوال أهلها إلى النشور".
والله المسؤول أن يجعله خالصا لوجهه مقربا إليه نافعا في الدنيا والآخرة لجامعه ومن وقف عليه إنه أكرم المسؤولين وأعظم المأمولين.