الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[باب المفعول له] :
هذا باب المفعول له1:
ويسمى المفعول لأجله، ومن أجله، ومثاله:"جئت؛ رغبة فيك".
[شروط انتصاب المصدر على أنه مفعول لأجله] :
وجميع ما اشترطوا له خمسة أمور:
1-
كونه مصدرا2، فلا يجوز:"جئتك السمن والعسل" قاله الجمهور، وأجاز يونس:"أما العبيدَ فذو عبيد"3 بمعنى مهما يذكر شخص لأجل العبيد فالمذكور ذو عبيد، وأنكره سيبويه.
2-
وكونه4 قلبيا كالرغبة، فلا يجوز:"جئتك قراءة للعلم" ولا "قتلا للكافر" قاله ابن الخباز5 وغيره، وأجاز الفارسي: "جئتك ضربَ
1 هو المصدر الذي يدل على سبب وعلة ما قبله، ويشارك عامله في وقته وفاعله.
2 لأن المصدر يشعر بالعلية، أما الذوات فلا تكون في الغالب عللا للأفعال.
3 أي ينصب "العبيد" على أنه مفعول لأجله مع أنه غير مصدر، وزعم أن هذا قول بعض العرب، "ويقولونه إذا وصف شخص آخر بعبيد وغيرهم، كالمنكرين عليه وصفه بغير العبيد. وقال البعض: إنه مفعول لأجله بتقدير مضاف، أي أما تملك العبيد فالمفعول هو المصدر المحذوف وهو تملك. التصريح: 1/ 334.
4 أي من أفعال النفس الباطنة. وقيل في سبب اشتراط ذلك: إن العلة هي السبب في إيجاز الفعل وسبب الشيء متقدم عليه، وأفعال الجوارح، كالقتل والضرب
…
، ليست كذلك، ولم يشترط بعضهم ذلك، وأجاز: جئتك إكراما لي، وجئتك اليوم إكراما لك.
5 هو: شمس الدين أحمد بن الحسين بن أحمد بن أبي المعالي، النحوي الضرير؛ لم ير في زمانه أسرع منه حفظا، كان يحفظ المجمل لابن فارس، والإيضاح والتكملة لأبي علي الفارسي، والمفصل للزمخشري، وله مصنفات عديدة منها: النهاية في النحو: وشرح ألفية ابن معطي، مات بالموصل سنة 637 هـ. البلغة: 19، إنباه الرواة: 1/ 304، شذرات الذهب: 5/ 202، الأعلام: 1/ 114.
زيدا"1 أي: لتضرب زيدا.
3-
وكونه علة: عرضا كان كرغبة، أو غير عرض، كـ:"قعد عن الحرب جبنا".
4-
واتحاده بالمعلل به وقتا، فلا يجوز:"تأهبت السفر"2، قاله الأعلم3 والمتأخرون.
5-
واتحاده بالمعلل به فاعلا4، فلا يجوز:"جئتك محبتك إياي"، قاله المتأخرون أيضا، وخالفهم ابن خروف5.
[متى فقد المعلل شرطا وجب أن يجر بحرف التعليل] :
ومتى فقد المعلل شرطا منها وجب عند من اعتبر ذلك الشرط، أن يجر بحرف التعليل، ففاقد الأول، نحو:{وَالْأَرْضَ وَضَعَهَا لِلْأَنَام} 6، والثاني نحو:
1 مع أن المصدر ليس قلبيا، وليس مشتركا مع العامل في الفاعل؛ لأن فاعل المجيء غير فاعل الضرب، فكأن الفارسي لا يشرتط هذين الشرطين. التصريح: 1/ 335.
2 بأن يتحد وقت الفعل المعلل والمصدر المعلل، وفي هذا المثال زمن التأهب غير زمن السفر.
3 هو: يوسف الشنتمري، وقد مرت ترجمته.
4 أي: بأن يكون فاعل الفعل وفاعل المصدر واحدا.
5 فقال لا يشترط ذلك؛ لقوله تعالى: {هُوَ الَّذِي يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفًا وَطَمَعًا} إذ أن فاعل الإراءة هو الله، وفاعل الخوف والطمع العباد، وقد يقال: إن معنى يريكم: يجعلكم ترون، فيكون فاعل الرؤية والخوف واحدا. التصريح: 1/ 335.
6 "55" سورة الرحمن: 10.
موطن الشاهد: {وَالْأَرْضَ وَضَعَهَا لِلْأَنَام} .
وجه الاستشهاد: مجيء "الأنام" علة الوضع، ولكنها ليست مصدرا، فجُرَّ باللام.
{وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ مِنْ إِمْلاقٍ} 1 بخلاف: {خَشْيَةَ إِمْلاقٍ} 2، والرابع3 نحو4:[الطويل]
252-
فجئت وقد نضَّت لنوم ثيابها5
1 "6" سورة الأنعام، الآية:151.
موطن الشاهد: {وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ مِنْ إِمْلاقٍ} .
وجه الاستشهاد: مجيء "الإملاق" علة القتل؛ ولكنه ليس قلبيا فجر بـ "من" التعليلية؛ لافتقاده الشرط الثاني وهو القلبية.
2 سورة الإسراء، الآية:31.
موطن الشاهد: {وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ مِنْ إِمْلاقٍ} .
وجه الاستشهاد: "مجيء "خشية" مصدرا قلبيا علة للقتل فنصب على أنه مفعول لأجله.
3 لم يذكر المؤلف الشرط الثالث؛ وهو كونه علة؛ لإخراجه بقوله: ومتى فقد المعلل، فلما ليس بعلة نحو: قتلته صبرا، لا يجوز جره باللام؛ لأن الجر بحرف التعليل يفيد العلة، والفرض عدمها.
4 القائل: هو: امرؤ القيس بن حجر الكندي، وقد مرت ترجمته.
5 تخريج الشاهد: هذا صدر بيت وعجزه قوله:
لدى الستر إلا لبسة المتفضل
والبيت من معلقته المشهورة، وهو من شواهد: التصريح: 1/ 336، والأشموني: 428/ 1/ 216"، والهمع: 1/ 194، 247، والدرر: 1/ 66، والمقرب: 33. والعيني: 3/ 66، 225، وشذور الذهب "109/ 301"، وقطر الندى "101/ 306.
المفردات الغريبة: نضت: خلعت "بتشديد الضاد وتخفيفها"، لدى الستر: عند الستار: لبسة المتفضل: ما تلبسه وقت النوم من قميص ونحوه، والمتفضل: المتوشح بثوبه، أو لابس الثوب الواحد.
المعنى: أتيت إلى محبوبتي.. وقد خلعت ثيابها استعدادا للنوم -ولم يبق عليها إلا الثوب الذي تلبسه قبيل النوم لتنام فيه؛ كناية عن أنها مترفة ووليدة نعمة.
الإعراب: جئت: فعل ماضٍ وفاعل: وقد: الواو حالية. قد حرف تحقيق. نضت: فعل ماضٍ، والتاء: للتأنيث، والفاعل: هي. "لنوم": متعلق بـ "نض". ثيابها: مفعول به منصوب، و"ها": مضاف إليه. وجملة "نضت لنوم ثيابها": في محل نصب على الحال. "لدى": متعلق بـ "نض" وهو ظرف مكان منصوب، وعلامة نصبه الفتحة المقدرة على الألف للتعذر، وهو مضاف. الستر: مضاف إليه. إلا: حرف استثناء لا محل له من الإعراب. لبسة: منصوب على الاستثناء، وهو مضاف، المتفضل: مضاف إليه.
موطن الشاهد: "لنوم".
وجه الاستشهاد: مجيء "نوم" علة لخلع الثياب، غير أنه -أي زمن النوم- متأخر عن زمن خلع الثياب، فجرَّ بلام التعليل؛ لعدم اتحاد الوقت.
والخامس نحو1: [الطويل]
253-
وإني لتعروني لذكراك هزة2
1 القائل: هو: أبو صخر الهذلي؛ عبد الله بن سلم "سلمة" السهمي الهذلي، شاعر إسلامي من شعراء الدولة الأموية، كان متعصبا لبني مروان، له في عبد الملك بن مروان وأخيه عبد العزيز مدائح كثيرة، وكان قد تحول عن عبد الله بن الزبير بعد أن حبسه، مات سنة 3/ 261، وسمط اللآلي:399.
2 تخريج الشاهد: هذا صدر بيت وعجزه قوله:
كما انتفض العصفور بلله القطرُ
والبيت من قصيدته المشهورة والتي مطلعها:
عجبت لسعي الدهر بيني وبينها
…
فلما انقضى ما بيننا سكن الدهرُ
والشاهد من شواهد: التصريح: 1/ 336، 2/ 11، والأشموني:"429/ 1/ 216" والإنصاف: 1/ 253، وشرح المفصل: 2/ 67، وأمالي القالي: 1/ 149، والهمع: 1/ 194، والدرر: 1/ 166، والأغاني: 21/ 97، والمقرب: 33، والعيني: 3/ 67، 278، والخزانة: 1/ 552، وشرح السكري: 957، وشذور الذهب:"102/ 169".
المفردات الغريبة: تعروني: تنزل بي. لذاكراك: لتذكري إياك. هزة: رعدة وانتفاضة. انتفض العصفور: ارتعد وارتعش. القطر: المطر.
المعنى: إني لاضطرب وتنتابني -عندك تذكرك- رعدة ورعشة، كما يضطرب العصفور، ويرتعش وينتفض، إذا ما نزل عليه المطر وبلله.
الإعراب: إني: حرف مشبه بالفعل، والياء: اسمه. لتعروني: اللام لام المزحلقة، تعرو: فعل مضارع مرفوع، وعلامة رفعه الضمة المقدرة على الواو منع من ظهورها الثقل، والنون: للوقاية، وياء المتكلم مفعول به. "لذكراك": متعلق بـ "تعرو"، والكاف: مضاف إليه. هزة: فاعل مرفوع؛ وجملة "تعروني لذكراك هزة": في محل رفع خبر "إن". كما: الكاف حرف جر، و"ما" حرف مصدري. انتفض: فعل ماضٍٍ مبني على الفتح. العصفور: فاعل مرفوع؛ و"ما، وما دخلت عليه": في تأويل مصدر مجرور بالكاف؛ و"الجار والمجرور": متعلق بمحذوف صفة لـ "هزة"؛ والتقدير: تعروني هزة كائنة كانتفاض العصفور
…
بلله: فعل ماضٍ، والهاء: مفعول به؛ والضمير عائد إلى العصفور. القطر: فاعل مرفوع؛ وجملة "ببله القطر": في محل نصب على الحال من العصفور؛ أو في محل رفع صفة للعصفور؛ لأنه محلى بأل الجنسية.
موطن الشاهد: "لذكراك".
وجه الاستشهاد: مجيء "ذكرى" علة لعروِّ الهزة، غير أن فاعل "العرو" الهزة، وفاعل "الذكرى" هو المتكلم؛ فلما اختلف الفاعل؛ جر الاسم الدال على العلة.
وقد انتفى الاتحادان في: {أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ} 1.
[جواز جر المستوفي للشروط بكثرة إن كان بأل] :
ويجوز جر المستوفي للشروط بكثرة إن كان بـ "أل"، وبقلة إن كان مجردا، وشاهد القليل فيهما قوله2:[الرجز]
254-
لا أقعد الجبن عن الهيجاء3
1 "17" سورة الإسراء، الآية:78.
موطن الشاهد: {أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ} .
وجه الاستشهاد: التقى مانعان للنصب على المفعول له في الآية الكريمة؛ الأول: فاعل الإقامة "المخاطب" وفاعل الدلوك "وهو الميل عن وسط السماء" الشمس؛ وزمنهما مختلف؛ لأن زمن الإقامة متأخر عن زمن الدلوك. والثاني: "الدلوك" ليس مصدرا قلبيا؛ فجرَّ المصدر باللام؛ لانتفاء الاتحادين.
2 لم ينسب البيت إلى قائل معين.
3 تخريج الشاهد: هذا صدر بيت وعجزه قوله:
ولو توالت زمر الأعداء
وهو من شواهد: التصريح: 1/ 336، والأشموني:"431/ 1/ 217".
المفردات الغريبة: الجبن: الخوف والفزع. الهيجاء: الحرب -تقصر وتمد، توالت: تتابعت وتكاثرت. زمر: جماعات؛ جمع "زمرة" وهي الجماعة.
المعنى: لا أتكاسل ولا أتوانى عن اقتحام الحرب ومنازلة الأبطال خوفا وفزعا، ولو تكاثرت جماعات الأعداء علي، وأتى بعضها تلو بعض.
الإعراب: لا: نافية. أقعد: فعل مضارع مرفوع، والفاعل: أنا. الجبن: مفعول به لـ "أقعد""عن الهيجاء": متعلق بـ "أقعد". ولو: الواو عاطفة، والمعطوف عليه محذوف؛ والتقدير: لو لم تتوالَ زمر الأعداء. ولو توالت: لو: شرطية غير جازمة: أو حرف امتناع لامتناع. توالت: فعل ماضٍ، والتاء: للتأنيث، وهو فعل الشرط. زمر: فاعل مرفوع، وهو مضاف. الأعداء: مضاف إليه؛ وجواب "لو" محذوف دل عليه ما قبله؛ لأن التقدير: ولو توالت علي زمر الأعداء فإني لا أقعد عن الهيجاء.
موطن الشاهد: "الجبن".
وجه الاستشهاد: مجيء "الجبن" مصدرا منصوبا على المفعول لأجله؛ وحكم نصبه في هذه الحالة قليل؛ لأنه مقرون بأل؛ والأكثر فيه أن يأتي مجرورا بحرفٍ دالٍّ على التعليل.
وقوله1: [مشطور الرجز]
255-
من أمكم لرغبة فيكم جبر2
1 لم ينسب إلى قائل معين.
2 تخريج الشاهد: هذا صدر بيت من الرجز، وعجزه قوله:
ومن تكونوا ناصريه يَنْتَصِرْ
وهو من شواهد: التصريح: 1/ 336، والأشموني:"430/ 1/ 217"، والعيني: 3/ 170، وفيه "ظفر".
المفردات الغريبة: أمكم: قصدكم. لرغبة: رغب فيه: أراده وأحبه، ورغب عنه كرهه ولم يرده. جبر: اغتنى وظفر بما يريد. ناصريه: جمع ناصر وهو المعين.
المعنى: إن من يقصدكم يريد فضلكم ومعروفكم؛ يظفر بما يريد. والذي تتولون إعانته ونصره على أعدائه ينتصر لا محالة.
الإعراب: من: اسم شرط جازم، في محل رفع مبتدأ. أمكم: فعل ماضٍٍ، والفاعل: هو، و"كم": مفعول به؛ وجملة "أمكم" في محل جزم فعل الشرط. "لرغبة": متعلق بـ "أم". "فيكم": متعلق بـ "رغبة" أو بمحذوف صفة لـ "رغبة". جبر: فعل ماضٍٍ مبني للمجهول؛ وهو مبني على الفتح، وسكن لضرورة الوقف في محل جزم جواب الشرط. ومن: الواو عاطفة. من: اسم شرط جازم، في محل رفع مبتدأ. تكونوا: فعل مضارع ناقص، وهو فعل الشرط مجزوم بحذف النون، وواو الجماعة في محل رفع اسمه. ناصريه: خبر "تكونوا" منصوب، وعلامة نصبه الياء؛ لأنه جمع مذكر سالم، و"الهاء": في محل جر بالإضافة. ينتصر: فعل مضارع مجزوم؛ لأنه جواب الشرط؛ وجملتا الشرط والجزاء في العبارتين في محل رفع خبر المبتدأ "اسم الشرط الجازم".
موطن الشاهد: "لرغبة".
وجه الاستشهاد: مجيء "رغبة" مصدرا قلبيا واقعا مفعولا لأجله، غير أنه جر بحرف التعليل "اللام" مع كونه مجردا من "أل" ومن الإضافة؛ وحكم جره وهو على هذه الحال قليل والكثير فيه النصب.
[استواء النصب والجر في المضاف] :
ويستويان في المضاف، نحو:{يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ} 1، ونحو:{وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ} 2، قيل: ومثله: {لِإِيلافِ قُرَيْشٍ} 3، أي: فليعبدوا رب هذا البيت لإيلافهم الرحلتين، والحرف في هذه الآية واجب عند من اشترط اتحاد الزمان.
1 "2" سورة البقرة، الآية:265.
موطن الشاهد: {يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ} .
وجه الاستشهاد: مجيء "ابتغاء" مصدرا منصوبا على أنه مفعول لأجله وهو مضاف؛ وحكم نصبه في هذا الحال الجواز.
2 "2" سورة البقرة، الآية:74.
موطن الشاهد: {يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ} .
وجه الاستشهاد: مجيء "خشية" مصدرا مفعولا له، غير أنه جر بمن التعليلية؛ لأن التقدير: لم يهبط لأجل خشية الله؛ وهو مضاف إلى لفظ الجلالة؛ وحكم جره في هذه الحالة الجواز.
3 "106" سورة قريش، الآية:1.
موطن الشاهد: {لِإِيلافِ قُرَيْشٍ} .
وجه الاستشهاد: مجيء "إيلاف" مصدرا مفعولا له، وهو مضاف مجرور باللام المتعلقة بـ "يعبدوا" وقيل: متعلقة بـ "أعجبوا" مقدرا؛ وقيل غير ذلك؛ وحكم جره الجواز؛ لما ذكرنا في الآيتين السابقتين. انظر شرح التصريح: 1/ 337.
فائدة: يجوز حذف المفعول لأجله لدليل، تقول: اعبد الله شكرا وأطعه، أي شكرا. كما يجوز حذف عامله لقرينة تدل عليه، فتقول: طلبا للراحة. في جواب: لم سافرت بالأمس؟.