المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[باب التنازع في العمل] : - أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك - ت هبود - جـ ٢

[ابن هشام النحوي]

الفصل: ‌[باب التنازع في العمل] :

[باب التنازع في العمل] :

هذا باب التنازع1 في العمل، ويسمى أيضا باب الإعمال:

[معنى التنازع] وحقيقته:

أن يتقدم فعلان2 متصرفان، أو اسمان يشبهانهما3، أو فعل متصرف واسم يشبهه، ويتأخر عنهما معمول غير سببي مرفوع4، وهو مطلوب لكل منهما من حيث المعنى5.

مثال الفعلين: {آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا} 6، ومثال الاسمين قوله7:[الطويل]

1 التنازع لغة: التجاذب، واصطلاحا ما ذكره المصنف.

2 أي: مذكوران، فلا تنازع بين عاملين محذوفين، أو محذوف أحدهما، وقد يكون التنازع بين أكثر من عاملين.

3 أي: في العمل، لا في التصريف، بدليل التمثيل بقوله تعالى:{هَاؤُمُ اقْرَأوا كِتَابِيَهْ} فإن "ها" اسم فعل جامد. والمراد بالاسم المشبه هنا اسم الفاعل، واسم المفعول، والمصدر واسمه، واسم الفعل. ضياء السالك: 2/ 98.

4 أو غير مرفوع؛ لأنه يلزم عليه إسناد أحدهما إلى السببي، والآخر إلى ضميره، فيكون رافع ضمير السببي خاليا من رباط يربطه بالمبتدأ؛ فنحو: زيد قام وقعد أخوه؛ يجعل على أن السببي؛ وهو "أخوه" مبتدأ ثانٍ، والعاملان قبله مع ضميريهما خبران عنه. وهذا الشرط لم يذكره أكثر النحاة. ضياء السالك: 2/ 98.

5 سواء كان الطلب على جهة التوافق في الفاعلية أو المفعولية، أو مع التخالف فيهما.

6 "18" سورة الكهف، الآية:96.

موطن الشاهد: {آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا} القطر: النحاس المذاب.

وجه الاستشهاد: أتى عاملان: "آتوني وأفرغ" وتأخر عنهما المعمول؛ فكلاهما يطلبه مفعولا به؛ الأول: يطلبه مفعولا ثانيا؛ والثاني يطلبه مفعولا أول؛ وقد أعمل الثاني في المفعول الظاهر، وأعمل الفعل الأول في ضميره، ومن ثم حذف؛ لكونه فضلة، ولو أعمل الأول في "قطرا" لأعمل الثاني في ضميره، ولقال: أفرغه.

7 لم ينسب البيت إلى قائل معين.

ص: 167

238-

عهدت مغيثا مغنيا من أجرته1

ومثال المختلفَيْن: {هَاؤُمُ اقْرَأوا كِتَابِيَهْ} 2.

1 تخريج الشاهد: هذا صدر بيت، وعجزه قوله:

فلم أتخذ إلا فناءك موئلا

وهو من شواهد: التصريح: 1/ 316، والأشموني:"408/ 1/ 202"، والعيني: 3/ 2.

المفردات الغريبة: عهدت: أي عهدك الناس وعرفوك. مغيثا: منجدا، وهو اسم فاعل من الإغاثة وهي النجدة. مغنيا: اسم فاعل من الإغناء، وهو ضد الإفقار. أجرته: أي حميته من عدوه، أو كنت له جارا. فناءك: الفناء: ساحة الدار، والمراد: الجوار والقرب. موئلا: ملجأ، وهو اسم مكان من وأل إليه: أي لجأ.

المعنى: عرفت بإغاثة الملهوف ونجدته، وعرفت بإغنائك من يستجير بك، ويلجأ إليك؛ فلهذا، لم ألجأ إلى أحد سواك، ولم أتخذ غير جوارك موئلا أميل إليه.

الإعراب: عهدت: فعل ماضٍ مبني للمجهول، والتاء: نائب فاعل. مغيثا: حال من نائب الفاعل منصوب. مغنيا: حال ثان من نائب الفاعل؛ وفي كل من الاسمين الواقعين حالين ضمير مستتر فيه هو فاعله؛ لأنهما اسما فاعلين. من: اسم موصول، تنازعه كل من "مغيث" و"مغنٍ" وقد أعمل فيه الثاني منهما، فهو مفعول به لقوله:"مغنيا" و"من" مبني على السكون في محل نصب مفعول به. أجرته: فعل ماضٍ، والتاء: فاعل، والهاء: مفعول به؛ وجملة "أجرته": صلة للموصول، لا محل لها ما الإعراب. فلم: الفاء عاطفة، لم: حرف جزم ونفي وقلب. أتخذ: فعل مضارع مجزوم بلم وعلامة جزمه السكون، والفاعل: أنا. إلا: أداة استثناء ملغاة تفيد الحصر. فناءك: مفعول به أول لـ "أتخذ" منصوب، وهو مضاف، والكاف: مضاف إليه. موئلا: مفعول به ثانٍ لـ "أتخذ" منصوب.

موطن الشاهد: "مغيثا مغنيا من أجرته".

وجه الاستشهاد: تقدم العاملان؛ الاسمان المشبهان للفعل، وهما:"مغيثا" و"مغنيا" وكلاهما اسم فاعل يعمل عمل فعله، وتأخر عنهما معمول واحد، هو "من" وكلاهما صالح للعمل فيه؛ فأعمل الشاعر الثاني لقربه، وأعمل الأول في ضميره؛ ثم حُذِف؛ لأنه فضلة؛ ولو ذكره، قال: عهدت مغيثه مغنيا من أجرته؛ غير أن حذف الضمير في هذه الحال واجب لكيلا يعود الضمير على متأخر لفظا ورتبة من دون ضرورة.

2 "69" سورة الحاقة، الآية:19.

موطن الشاهد: {هَاؤُمُ اقْرَؤُوا كِتَابِيَهْ} .

وجه الاستشهاد: تقدم عاملان مختلفان؛ الأول "هاؤم" وهو اسم فعل بمعنى خذ، والميم علامة الجمع؛ والأصل: هاكم؛ أبدلت الكاف واو، ثم الواو همزة، و"اقرؤوا": فعل أمر مبني على حذف النون، والواو: فاعل وتأخر عنهما معمول واحد يصلح كلا العاملين للعمل فيه؛ فأعمل الثاني لقربه، وحذف من الأول؛ والأصل: هاؤموه.

ص: 168

وقد تتنازع ثلاثة، وقد يكون المتنازع فيه متعددا، وفي الحديث:"تسبحون وتكبرون وتحمدون دبر كل صلاة ثلاثا وثلاثين" 1 فتنازع ثلاثة في اثنين ظرف ومصدر.

1 حديث صحيح، متفق عليه. انظر صحيح مسلم "مطبعة عيسى الحلبي": 8/ 417.

ورواه بلفظ: "تسبحون وتحمدون وتكبرون، خلف كل صلاة ثلاثا وثلاثين" البخاري "دار الفكر": 1/ 213، والسنن الكبرى للبيهقي "تصوير بيروت": 2/ 186 وصحيح مسلم، باب المساجد: 142، 143، وفتح الباري لابن حجر "دار الفكر": 2/ 325، 11/ 135، والترغيب والترهيب للمنذري "مطبعة مصطفى الحلبي": 2/ 450 وتفسير ابن كثير "مطبعة الشعب": 7/ 387، 8/ 51.

موطن الشاهد: "تسبحون وتكبرون وتحمدون دبر كل صلاة ثلاثا وثلاثين".

وجه الاستشهاد: تقدم ثلاثة أفعال عاملة، وتأخر عنها معمولان اثنان؛ هما: الظرف "دبر" ونائب المصدر "ثلاثا" وهو مفعول مطلق مبين للعدد؛ وقد أعمل الفعل الأخير لقربه؛ فنصب "دبر" على الظرفية، و"ثلاثا" على المفعولية المطلقة؛ لنيابته عن المصدر؛ وأعمل الفعلين الأول والثاني في ضميريهما، وحذفهما؛ لأنهما فضلتان؛ لأن الأصل: تصبحون الله فيه إياه، ولو أعمل الأول؛ لأضمر عقب الثاني والثالث:"فيه إياه"؛ ولو أعمل الثاني؛ لأضمر ذلك بعد الثالث.

فائدة 1:

- يمكن أن يكون المتنازع فيه ظرفا، أو مفعولا مطلقا كما في الحديث أو مفعولا معه؛ نحو: قمت وسرت وزيدا؛ على إعمال العامل الثاني؛ فلو أعمل الأول؛ لقيل: قمت وسرت وإياه وزيدا. ومنع ابن الخباز أن يقع التنازع في "المفعول له، والحال، والتمييز". انظر شرح التصريح: 1/ 316.

فائدة 2:

- إذا تنازع أكثر من عاملين؛ أعمل الأخير منها على الأرجح، وحكى بعضهم فيه الإجماع، قال ابن خروف في شرح كتاب سيبويه:"واستقرأت كلام العرب فوجدت إعمال الثالث، وإلغاء ما عداه" وقال ابن مالك: "وهو كما قال" واعترض بأنه سمع من كلامهم إعمال الأول، وقال المرادي: فدل على أن استقراءه غير تام، ولا يحفظ من كلامهم إعمال الثاني".

شرح التصريح: 1/ 316-317.

ص: 169

[امتناع وقوع التنازع بين حرفين] :

وقد علم مما ذكرته أن التنازع لا يقع بين حرفين1، ولا بين حرف وغيره، ولا بين جامدين2، ولا بين جامد وغيره3، وعن المبرد إجازته في فعلي التعجب، نحو:"ما أحسن وأجمل زيدا"، و:"أحسن به وأجمل بعمرو"4، ولا في معمول متقدم5، نحو:"أيهم ضربت وأكرمت"، أو:"شتمته" خلافا لبعضهم6، ولا في معمول متوسط نحو:"ضربت زيدا وأكرمت" خلافا للفارسي، ولا في نحو7:[الطويل]

239-

فهيهات هيهات العقيقُ ومَن به8

1 أي لضعف الحرف، ولأنه لا يضمر فيه. وصحة الإضمار شرط من المتنازعين.

2 لأن التنازع يقع فيه الفصل بين العامل والمعمول، والجامد لا يفصل بينه وبين معموله لضعفه.

التصريح: 1/ 317.

3 ينبغي أن يقيد ذلك بما إذا كان الجامد هو الفعل، وكان متقدما، فإن كان الجامد غير الفاعل، نحو:{هَاؤُمُ اقْرَأوا كِتَابِيَهْ} جاز، وكذلك إذا تأخر؛ نحو: أعجبني ولست مثل محمد.

4 أعمل الثاني في المثالين، وجاء في المثال الثاني مع الأول المهمل بالضمير المجرور بالباء، ولم يحذفه؛ لأنه فاعل، فهو عمدة على الصحيح، ويجب حذفه عند القائلين بأنه فضلة. وتقول في المثالين على إعمال الأول: ما أحسن وأجمله زيدا -وأحسِنْ وأجْمِلْ به بعمرو.

5 لأن الثاني لا يأتي إلا بعد أن يكون الأول قد أخذ معموله المتقدم.

6 هم بعض المغاربة، حيث أجاز التنازع في المتقدم مستدلا بقوله تعالى:{بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ} ولا دلالة له في ذلك؛ لأن الأول أخذ المعمول، ومعمول الثاني محذوف لدلالة الأول عليه.

التصريح: 1/ 318.

7 القائل: هو جرير بن عطية وقد مرت ترجمته.

8 تخريج الشاهد: هذا صدر بيت، وعجزه قوله:

وهيهات خِلٌّ بالعقيقِ نواصِلُهْ

والبيت من شواهد: التصريح: 1/ 318، 2/ 199، والهمع: 2/ 111، والدرر: 2/ 145 =

ص: 170

خلافا له وللجرجاني1؛ لأن الطالب للمعمول إنما هو الأول، وأما الثاني فلم يؤتَ به للإسناد، بل لمجرد التقوية، فلا فاعل له، ولهذا قال2:[الطويل]

240-

أتاك أتاك اللاحقون احبس احبس3

= والعيني: 3/ 7، 4/ 311، والمقرب: 26، وشرح المفصل: 4/ 35، والخصائص: 3/ 42، والنقائض لأبي عبيدة: 632، وقطر الندى:"114/ 347"، وديوان جرير:479.

المفردات الغريبة: هيهات: اسم فعل ماضٍ بمعنى بعد. العقيق: مكان بالحجاز. خل: خليل وصديق. نواصله: نصله من المواصلة والوصال.

المعنى: بعد عنا كثيرا ذلك الموضع ومن يقطن به من الأحباب والأصدقاء، وبعد الصديق الذي كنا نأنس به، ويصلنا ونصله.

الإعراب: هيهات: اسم فعل ماضٍ بمعنى بعد. هيهات: توكيد للأول. العقيق: فاعل "هيهات" الأول. و"هيهات" الثاني لا فاعل له؛ لأنه إنما أتى به لتقوية معنى البعد المسند إلى العقيق. ومن: الواو عاطفة، من: اسم موصول معطوف على العقيق في محل رفع. "به": متعلق بمحذوف صلة الاسم الموصول. وهيهات: الواو عاطفة. هيهات: اسم فعل ماضٍ. خل: فاعل هيهات الأخير مرفوع. "بالعقيق": متعلق بمحذوف صفة لـ "خل". نواصله: فعل مضارع مرفوع، والفاعل: نحن، والهاء: مفعول به.

موطن الشاهد: "هيهات هيهات العقيق".

وجه الاستشهاد: استشهد بهذا البيت على عدم وجود التنازع؛ لأن "هيهات" الثاني توكيد لاسم الفعل الأول؛ والأول: هو العامل، وجيء بالثاني؛ لتقوية الأول وتوكيده، حيث أكد به البعد، ومن -هنا- ندرك أن المعمول ليس مطلوبا لهما معا، وإنما هو مطلوب في المعنى للأول ليس غير.

1 هو أبو بكر: عبد القاهر بن عبد الرحمن الجرجاني، النحوي الفارسي، إمام العربية واللغة والبيان، أول من دون علم المعاني، تخرج على أبي الحسن محمد بن الحسن الفارسي "ابن أخت أبي علي الفارسي" ولم يقرأ على غيره، له مؤلفات مفيدة منها: شرح الإيضاح، دلائل الإعجاز، أسرار البلاغة

وغيرها. مات سنة: 471 هـ.

البلغة: 126، إنباه الرواة: 2/ 188، بغية الوعاة: 2/ 106، شذرات الذهب: 3/ 340، الأعلام: 4/ 174.

2 لم ينسب البيت إلى قائل معين.

3 تخريج الشاهد: هذا عجز بيت وصدره قوله:

فأين إلى أين النحاة ببغلتي

=

ص: 171

ولو كان من التنازع لقال: "أتاك أتوك" أو: "أتوك أتاك"، ولا في نحو1:[الطويل]

241-

وعزة ممطول معنّىً غَرِيمُهَا2

= وهو من شواهد: التصريح: 1/ 318، والأشموني:"406/ 1/ 201"، والهمع: 2/ 111، 125، والدرر: 2/ 145، 158، وأمالي ابن الشجري: 1/ 243، والخزانة: 2/ 353، والعيني: 3/ 9.

المفردات الغريبة: البغلة: أنثى البغال، والواحد بغل.

المعنى: يخاطب الشاعر نفسه، وهو ملاحق من قبل خصومه: أين أذهب؟! وإلى أي مكان أنجو ببغلتي؟! وقد كان خصومي يلحقون بي، وما علي إلا أن أقف حيث أنا، وليكن ما يكون؛ وهذا المعنى الأرجح لهذا البيت.

الإعراب: أتاك: فعل ماضٍ، والكاف: مفعول به. أتاك: توكيد لـ "أتاك" الأول غير عامل في "الكاف" المتصلة به؛ وإنما جيء بها؛ ليوافق لفظ الأول. "اللاحقون: فاعل مرفوع لـ "أتى" الأول. احبس: فعل أمر مبني على السكون، لا محل له من الإعراب، وحرك بالكسر لالتقاء الساكنين؛ والفاعل: ضمير مستتر وجوبا؛ تقديره: أنت. احبس: توكيد للفعل الأول، لا محل له من الإعراب، ولا يقدر له فاعل، ولا مفعول.

موطن الشاهد: "أتاك أتاك اللاحقون".

وجه الاستشهاد: استشهد بهذا البيت على عدم وجود التنازع في هذه الصورة -كما في البيت السابق- لأن العامل هو الأول، وجيء بالثاني؛ لمجرد تأكيد الأول وتقويته ليس غير.

1 هذا البيت من كلام كثير بن عبد الرحمن، المعروف بكثير عزة وقد مرت ترجمته.

2 تخريج الشاهد: هذا عجز بيت وصدره قوله:

قضى كل ذي دين فوفى غريمه

وهو من شواهد: التصريح: 1/ 318، والأشموني:"11/ 1/ 203"، والهمع: 2/ 111، والدرر: 2/ 146، والعيني: 3/ 3، وشرح المفصل: 1/ 8، والإنصاف: 1/ 90، وحماسة ابن الشجري: 543، وشذور الذهب:"225/ 547"، وديوان كثير: 1/ 177.

المفردات الغريبة: الغريم: المدين الذي عليه الدين. وهو أيضا: الذي له الدين ويستحقه، وهو المراد هنا. ممطول: اسم مفعول، من المطل وهو التسويف في قضاء الدين. =

ص: 172

بل: "غريمها" مبتدأ، و"ممطول" و"معنَّى" خبران، أو:"ممطول" خبر، و:"معنَّى" صفة له، أو حال من ضميره.

ولا يمتنع التنازع في نحو: "زيد ضرب وأكرم أخاه" لأن السببي منصوب1.

= المعنى: إن كل مدين وفَّى بما عليه من دين لصاحب الدين، غير عزة؛ فإنها مماطل غريمها ولا توفيه حقه؛ ويريد أنه تبخل على محبها، ولا تصله أو تنوله مراده.

الإعراب: قضى: فعل ماضٍ. كل: فاعل مرفوع. ذي: مضاف إليه وهو مضاف. دين مضاف إليه ثانٍ. فوفى: الفاء عاطفة. وفى: فعل ماضٍ، والفاعل: هو. غريمه: مفعول به، والهاء: مضاف إليه. وعزة: الواو حالية. عزة: مبتدأ مرفوع. ممطول: خبر أول مرفوع لـ "غريمها" المبتدأ الثاني المؤخر. معَنّى: خبر ثانٍ لـ "غريمها". غريمها: مبتدأ مؤخر مرفوع، و"ها": مضاف إليه. وجملة المبتدأ الثاني وخبره": في محل رفع خبر المبتدأ الأول: "عزة"؛ وجملة "عزة ممطول معنَّى غريمها": في محل نصب على الحال.

موطن الشاهد: "وعزة ممطول معنى غريمها".

وجه الاستشهاد: استشهد المؤلف بهذا البيت؛ ليبين أن لا تنازع فيه: "وعزة ممطول معنى غريمها" وإن كان من حيث الظاهر، يقتضي كل من "ممطول" و"معنى" يطلبان "غريمها" على أنه نائب فاعل؛ لأن شرط التنازع عند ابن مالك وابن هشام ألا يكون المتنازع فيه سببيا مرفوعا، ولو جعل من باب التنازع، كان "غريمها" سببيا؛ لأنه اسم ظاهر مضاف إلى ضمير عزة، وهو مرفوع؛ لأنه نائب فاعل حينئذ، ولذا خرجه المؤلف في المتن، كما أعربناه.

1 أي: بأحد العاملين، والرابط هو الضمير المستتر، أو المضاف إليه السببي وقيل: بامتناع التنازع السببي المنصوب كالمرفوع؛ لأنك لو أعملت الأول أو الثاني، فلا بد من ضمير يعود على السببي. وضمير السببي، لا يتقدم عليه.

قال ابن خروف: لأنه لو تقدم لكان عوضا عن اسمين: مضاف ومضاف إليه -وهذا لا سبيل إليه- فالوجه امتناع التنازع في السببي مطلقا: مرفوعا أو منصوبا قال صاحب التصريح: ولا يقع التنازع في الاسم المرفوع بعد "إلا" على الصحيح، كقول الشاعر:

ما صاب قلبي وأضناه وتيمه

إلا كواعب من ذهل بن شيبانا

لأنه لو كان من باب التنازع؛ لزم إخلاء العامل الملغى من الإيجاب، ولزم كذلك في مثل: ما قام وقعد إلا أنا -إعادة ضمير غائب على حاضر.

التصريح: 1/ 319.

ص: 173

[جواز إعمال أحد المتنازعين اتفاقا] :

فصل: إذا تنازع العاملان جاز إعمال أيهما شئت باتفاق1، واختار الكوفيون الأول لسبقه، والبصريون الأخير لقربه2.

فإن أعملنا الأول في المتنازع فيه أعملنا الأخير في ضميره، نحو:"قام وقعدا، أو وضربتهما، أو مررت بهما، أخواك"، وبعضهم يجيز حذف غير المرفوع؛ لأنه فضلة، كقوله3:[الكامل]

242-

بعكاظَ يُعشِي الناظريـ

ـن إذا هم لمحوا شعاعُهْ4

ولنا أن في حذفه تهيئة العامل للعمل وقطعه عنه، والبيت ضرورة.

1 أي من البصريين والكوفيين، فقد سمع عن العرب إعمال كل منهما، والخلاف بينهما إنما هو في المختار لا في أصل الجواز.

2 ما جاء من التنازع في آي القرآن الكريم، وفي الحديث الشريف، جارٍ على إعمال العامل الأقرب إلى المعمول، فقوله تعالى:{هَاؤُمُ اقْرَأوا كِتَابِيَهْ} العامل في "كتابيه" هو اقرؤوا؛ إذ لو كان العامل هو "هاؤم" لكان يقال: هاؤم اقرؤوه كتابيه. ومثله قوله تعالى: {آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا} . وهذا يرجح رأي البصريين الذين يعملون الأخير لقربه.

3 القائل: هو عاتكة بنت عبد المطلب، عمة النبي صلى الله عليه وسلم.

4 تخريج الشاهد: هذا بيت من قصيدة، تقولها عاتكة بنت عبد المطلب، رواها أبو تمام في ديوان الحماسة تصف فيها سلاح قومها، وقبله قوله:

سائِلْ بنا في قومنا

وليَكْفِ من شر سماعُه

قيسًا، وما جمعوا لنا

في مجمع باقٍ شناعُه

فيه السنوَّر والقنا

والكبش ملتمع قناعُه

والشاهد من شواهد: التصريح: 1/ 320، والأشموني:"419/ 1/ 206"، وابن عقيل:"161/ 2/ 165"، والمقرب: والعيني: 3/ 11، والهمع: 2/ 109، والدرر: 2/ 142 ومغني اللبيب: "1033/ 797" وشذور الذهب: "227/ 549"، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي:473.

المفردات الغريبة: عكاظ: موضع بناحية مكة كانت تقام فيه سوق للعرب في الجاهلية كل سنة، تمكث شهر ذي القعدة، يتبايعون فيه، ويتناشدون الأشعار ويتفاخرون، فلما جاء الإسلام هدم ذلك كله. يعشي: مضارع "أعشاه" إذا أصابه بالعشا؛ وهو ضعف =

ص: 174

وإن أعملنا الثاني، فإن احتاج الأول لمرفوع فالبصريون يضمرونه؛ لامتناع حذف العمدة، ولأن الإضمار قبل الذكر قد جاء في غير هذا الباب نحو:"رُبَّهُ رَجُلا" و: "نعم رجلا" وفي الباب نحو: "ضربوني وضربت قومك" حكاه سيبويه، وقال الشاعر1:[الطويل]

243-

جفوني ولم أجف الأخلاء، إنني2

= البصر ليلا. والمراد -هنا- ضعف البصر مطلقا. لمحوا: من اللمح؛ وهو سرعة إبصار الشيء. شعاعه: ضوءه وبريقه.

المعنى: تصف الشاعرة سلاح قومها؛ فإنه حين عرض بعكاظ، كان؛ لشدة بريقه ولمعانه يضر بصر المبصرين إذا ما نظروا إليه بسرعة.

الإعراب: "بعكاظ": متعلق بـ "مجمع" في البيت السابق؛ وعكاظ: ممنوع من الصرف للعلمية والتأنيث. يعشي: فعل مضارع مرفوع. الناظرين: مفعول به منصوب. إذا: ظرفية متضمنة معنى الشرط، في محل نصب على الظرفية الزمانية. هم: فاعل لفعل محذوف يفسره المذكور بعده؛ وهو الأفضل. وقد أعرب العيني "إذا" فجائية، و"هم" مبتدأ، وجملة "لمحوا": خبره. وأما على ما ذهبنا إليه في الإعراب؛ فجملة "لمحوا": تفسيرية، لا محل لها. شعاعه: شعاع: فاعل يعشي مرفوع، وهو مضاف، والهاء، مضاف إليه.

موطن الشاهد: "يعشي

لمحوا شعاعه".

وجه الاستشهاد: تنازع كل من "يعشي" و"لمحوا" العمل في "شعاعه" وقد أعمل الأول ورفع "شعاعه" على أنه فاعله، وأعمل الثاني في ضميره؛ فنصبه على أنه مفعول به، ثم حذف؛ لأنه فضلة؛ ولو ذكره لقال: إذا هم لمحوه شعاعه؛ وهذا الحذف؛ يأتي لضرورة الشعر -عند البصريين- الذين يعملون المتأخر لقربه؛ بينما هو جائز عند الكوفيين الذين يعملون العامل الأول؛ لتقدمه.

1 لم ينسب البيت إلى قائل معين.

2 تخريج الشاهد: هذا صدر بيت وعجزه قوله:

لغير جميل من خليلي مهمل

وهو من شواهد: التصريح: 1/ 321، والأشموني:"381/ 1/ 179"، والهمع: 1/ 109، والدرر: 1/ 45، والعيني: 3/ 14، ومغني اللبيب:"874/ 635"، وشرح السيوطي:296.

المفردات الغريبة: جفوني: من الجفاء وهو ترك المودة. الأخلاء: جمع خليل وهو اسم فاعل من أهمل الأمر إذا لم يعبأ به ولم يلقِ إليه بالا. =

ص: 175

والكسائي وهشام والسهيلي1 يوجبون الحذف2، تمسكا بظاهر قوله3:[الطويل]

244-

تعفق بالأرطى لها وأرادها

رجال

4

= المعنى: هجرني الأصدقاء وقطعوا مودتي وصلتي، وتتبعوا عوراتي، ولم يقوموا بواجب الصداقة؛ من البر والوفاء. أما أنا: فلم أقابلهم بالمثل؛ لأني أهمل وأترك ما ليس بحسن من أفعال أصدقائي.

الإعراب: جفوني: فعل ماضٍ، والواو: فاعل، والنون: للوقاية، والياء: مفعول به. ولم أجف: حرف جازم، وفعل مضارع مجزوم، والفاعل: أنا. الأخلاء: مفعول به منصوب. إنني: حرف مشبه بالفعل، والنون: للوقاية، والياء: في محل نصب اسم "إن". "لغير": متعلق بـ "مهمل" الآتي. جميل: مضاف إليه. "من خليلي": متعلق بمحذوف صفة من "جميل"، والياء: مضاف إليه. مهمل: خبر "إن" مرفوع، والتقدير: إنني مهمل لغير جميل حاصل من خليلي.

موطن الشاهد: "جفوني ولم أجف الأخلاء".

وجه الاستشهاد: إعمال العامل الثاني "لم أجف" في المعمول المتأخر "الأخلاء"، فنصبه على أنه مفعول به؛ وأعمل العامل الأول، "جفوني" في ضميره "واو الجماعة"؛ ولزم -على هذا- عود الضمير على متأخر لفظا ورتبة، وهو جائز في هذا الباب؛ لأن المرفوع لا بد من ذكره في مثل هذا الشاهد.

1 مرت ترجمته وافية لكل واحد منهم في محلها.

2 أي حذف الضمير المرفوع، فرارًا من الإضمار قبل الذكر.

3 القائل هو علقمة بن عبدة، المعروف بعلقمة الفحل، وسمي بالفحل لأنه فضل على امرئ القيس عندما احتكما إلى أم جندب زوجة امرئ القيس، وقيل لأنه يعرف بذلك عن علقمة آخر معروف بعلقمة الخصي، وهو شاعر جاهلي من بني تميم، له شعر جيد، منه ثلاث روائع جياد ذكرهن ابن سلام.

الجمحي: 1/ 139، والشعر والشعراء: 1/ 218، والخزانة: 1/ 565، المؤتلف:152.

4 تخريج الشاهد: هذا قطعة من بيت، يمدح فيه الشاعر الحارث بن جبلة الغساني، وهو بتمامه:

تعفق بالأرطى لها وأرادها

رجال فبذَّت نبلُهُم وكليبُ

وهو من شواهد: التصريح: 1/ 321، والأشموني:"414/ 1/ 204"، والمقرب: 54 والعيني: 3/ 15، والمفضليات: 393، وديوان علقمة:132.

المعنى: استتر واختفى وراء هذه الشجرة -لاصطياد تلك البقرة الوحشية، وأراد =

ص: 176

إذ لم يقل: "تعفقوا" ولا: "أرادوا".

والفراء يقول: إن استوى العاملان في طلب المرفوع فالعمل لهما، نحو:"قام وقعد أخواك" وإن اختلفا أضمرته مؤخرا، كـ:"ضربني وضربت زيدا هو".

وإن احتاج الأول لمنصوب لفظا أو محلا، فإن أوقع حذفه في لبس أو كان العامل من باب:"كان" أو من باب: "ظن" وجب إضمار المعمول مؤخرا، نحو:"استعنت واستعان علي زيد به1 وكنت وكان زيد صديقا إياه، وظنَّني وظننت زيدا قائما إياه"، وقيل: في باب: "ظن" و: "كان" يضمر مقدما، وقيل: يظهر، وقيل: يحذف، وهو الصحيح؛ لأنه حذف لدليل.

= اصطيادها رجال بالنبال، وكلاب صيد، فغلبتهم، وفرَّت، ولم يتمكنوا من اصطيادها؛ لسرعتها التي يشبه سرعة فرسه بها.

الإعراب: تعفق: فعل ماضٍ. "بالأرطى": متعلق بـ "تعفق". "لها": متعلق بـ "تعفق" أيضا. وأرادها: الواو عاطفة. وأرادها: فعل ماضٍ؛ و"ها" مفعول به. رجال: فاعل مرفوع. فبذت: الفاء عاطفة، بذت: فعل ماضٍ، والتاء: للتأنيث؛ والفاعل: ضمير مستتر جوازا؛ تقديره: هي، يعود إلى البقرة. نبلهم: مفعول به منصوب، و"هم": في محل جر بالإضافة، و"هم" يعود إلى الصيادين. وكليب: الواو عاطفة، كليب: اسم معطوف على رجال الواقع فاعلا لـ "أراد" مرفوع.

موطن الشاهد: "تعفق

وأرادها رجال".

وجه الاستشهاد: تقدم العاملان: "تعفق"، و"أدارها"، وتأخر المعمول "رجال" وقد أعمل العامل الثاني:"أرادها" ورفع "رجال" فاعلا له. وأعمل الأول "تعفق" في ضميره، وحذفه -مع أنه فاعل- على رأي الكسائي ومن معه، فرارا من الإضمار قبل الذكر؛ ويجوز القول: إن في "تعفق" ضميرا مستترا، يعود إلى "رجال"، وهو وإن كان جمعا، فهو في تأويل المفرد، فصح استتار ضميره مفردا.

انظر في هذه المسألة حاشية الصبان: 2/ 102، وشرح التصريح: 1/ 321، وضياء السالك: 2/ 106.

1 "استعان" الأول يطلب زيدا مجرورا بالباء، والثاني يطلبه فاعلا، فأعلمنا الثاني وأضمرنا ضمير زيد مجرورا بالباء مؤخرا. ولم نحذفه؛ لأن حذفه يوقع في لبس؛ لأنه لا يعلم، إن كان زيد مستعانا به أو عليه. وإضماره مقدما يلزم عليه الإضمار قبل الذكر من غير ضرورة.

التصريح: 1/ 321.

ص: 177

وإن كان العامل من غير بابي: "كان" و: "ظن" وجب حذف المنصوب1، كـ:"ضربت وضربني زيد"، وقيل: يجوز إضماره، كقوله2:[الطويل]

245-

إذا كانت ترضيه ويرضيك صاحب3

وهذا ضرورة عند الجمهور.

1 أي: لفظا ومحلا؛ لأنه فضلة مستغنى عنه، وقال صاحب التسهيل: الحذف أولى وليس بواجب.

التصريح: 1/ 322.

2 لم ينسب البيت إلى قائل معين.

3 تخريج الشاهد: هذا صدر بيت، وعجزه قوله:

جهارا فكن في الغيب أحفظ للودِّ

ويروى بعده قوله:

وألغِ أحاديث الوشاة فقلما

يحاول واشٍ غير هجران ذي وُدِّ

والشاهد من شواهد: التصريح: 1/ 322، والأشموني:"417/ 1/ 205"، والعيني: 3/ 21، والهمع: 2/ 110، والدرر: 2/ 144، والمغني:"621/ 638"، والسيوطي: 253، والشذور:"226/ 548".

المفردات الغريبة: جهارا: عيانا ومشاهدة. الغيب: كل ما غاب واستتر عنك. ود: مودة ومحبة.

المعنى: إذا ما كانت بينك وبين أحد صداقة. وكلاكما راضٍ عنها، يسعى إلى استمرارها؛ فعليك أن تكون في حال غيبة صديقك عنك، أو في حال بعده عنك -أكثر محافظة على تلك المودة والصداقة.

الإعراب: إذا: ظرفية متضمنة معنى الشرط، في محل نصب على الظرفية الزمانية. كنت: فعل ماضٍ ناقص، والتاء: اسمه. ترضيه: مضارع مرفوع، والهاء: مفعول به، والفاعل: أنت. ويرضيك: الواو عاطفة، يرضي: فعل مضارع مرفوع، والكاف: مفعول به. صاحب: فاعل مرفوع لـ "يرضيك". فكن: الفاء: واقعة في جواب "إذا" كن: فعل أمر ناقص، واسمه: أنت. "في الغيب": متعلق بمحذوف حال من اسم "كن". أحفظ: خبر "كن" منصوب. "للود": متعلق بـ "أحفظ"؛ وجملة "كن في الغيب أحفظ للسر": جوار "إذا" لا محل لها.

موطن الشاهد: "ترضيه ويرضيك صاحب".

وجه الاستشهاد: تقدم عاملان: "ترضيه ويرضيك" وتأخر معمول واحد "صاحب" وقد أعمل العامل الثاني "يرضيك في المعمول المتأخر فرفعه على الفاعلية، على الرغم من إعمال العامل الأول "ترضيه" في ضميره مذكورا، ولم يحذف للضرورة -عند الجمهور- مع أنه فضلة، وفيه عود الضمير على متأخر لفظا ورتبة، ولم يوجب في "التسهيل" حذفه؛ بل جعله أولى. انظر حاشية الصبان: 2/ 104، وشرح التصريح: 1/ 322.

ص: 178

مسألة1: إذا احتاج العامل المهمل إلى ضمير، وكان ذلك الضمير خبرا عن اسم، وكان ذلك الاسم مخالفا في الإفراد والتذكير أو غيرهما للاسم المفسر له، وهو المتنازع فيه، وجب العدول إلى الإظهار، نحو:"أظن ويظنانني أخا الزيدين أخوين".

وذلك لأن الأصل: "أظن ويظنني الزيدين أخوين" فأظن: يطلب "الزيدين أخوين" مفعولين، و:"يظنني" يطلب "الزيدين" فاعلا، و:"أخوين" مفعولا؛ فأعلمنا الأول، فنصبنا الاسمين، وهما:"الزيدين أخوين" وأضمرنا في الثاني ضمير: "الزيدين" وهو الألف، وبقي علينا المفعول الثاني يحتاج إلى إضماره، وهو خبر عن ياء المتكلم، والياء مخالفة لأخوين الذي هو مفسر للضمير الذي يؤتى به، فإن الياء للمفرد، و:"الأخوين" تثنية، فدار الأمر بين إضماره مفردا ليوافق المخبر عنه، وبين إضماره مثنى ليوافق المفسر، وفي كل منهما محذور، فوجب العدول إلى الإظهار، فقلنا:"أخا" فوافق المخبر عنه، ولم يضره مخالفته لـ:"أخوين"؛ لأنه اسم ظاهر لا يحتاج لما يفسره2، هذا تقرير ما قالوا.

1 خلاصة هذه المسألة: أنه لا يصح مجيء ضمير الاسم المتنازع فيه مع العامل المهمل، ولا حذفه. وإنما يجب أن يحل محله اسم ظاهر، وذلك إذا كان العامل المهمل محتاجا إلى مفعول به هو عمدة في الأصل، لا يجوز حذفه، ولو أضمرناه لكان غير مطابق لمرجعه الاسم الظاهر، وسيوضح المصنف ذلك بالمثال.

شرح التصريح: 1/ 322.

2 إجمال القول: أننا إنما أظهرنا المفعول الثاني ليظناني، وقلنا:"أخا" ولم نضمره؛ لأننا لو أضمرناه مفردا؛ لطابق المفعول الأول وهو ياء المتكلم في الإفراد، وخالف ما يعود عليه وهو "أخوين"؛ فلا يطابق المفسِّر المفسَّر في التثنية. ولو أضمرناه مثنى؛ لطابق ما يعود إليه وخالف المفعول الأول مع أنه خبر عنه في الأصل، ولا بد من المطابقة بين المبتدأ والخبر؛ وكلاهما ممنوع عند البصريين. فلما تعذر الإضمار أظهرنا ولم نحتج إلى مفسر وكذلك الحكم لو أعملنا الثاني؛ نحو: يظناني وأظن الزيدين أخوين أخًا.

المصدر نفسه: 323.

ص: 179

ولم يظهر لي فساد دعوى التنازع في الأخوين؛ لأن: "يظنني" لا يطلبه؛ لِكونه مثنى والمفعول الأول مفرد.

وعن الكوفيين أنهم أجازوا فيه وجهين: حذفه، وإضماره1 على وفق المخبر عنه.

1 أي: مقدما، فيقولون على الحذف: أظن ويظنان الزيدين أخوين، ويحذفون "أخا"؛ لدلالة أخوين عليه؛ ويقولون على الإضمار: أظن ويظناني إياه الزيدين أخوين؛ وإن أعملنا الثاني فالحكم كذلك، ولكن يضمر الثاني. ضياء السالك: 2/ 111.

فوائد وتوجيهات:

أ- لا يتأتى التنازع في التمييز والحال -كما أسلفنا- لأن كلا منهما، لا يضمر؛ لوجوب تنكيره.

ب- يجب إعمال الأول من العاملين -إذا وقعت بعده "لا" نحو: أكرمت لا أهنت السائل؛ لأن "لا" تجعل الحكم لما قبلها مثبتا؛ فما بعدها لا يطلب المعمول؛ كما يجب إعمال الثاني في نحو: أكرمت بل أهنت السائل؛ لأن "بل" تجعل الحكم لما بعدها، فما قبلها مسكوت عنه، فلا يطلب المعمول.

ج- يكون المعمول اسما ظاهرا، ويكون ضميرا، بشرط أن يكون منفصلا، مرفوعا، أو منصوبا، أو متصلا مجرورا؛ نحو: محمد إنما سافر ورجع هو، وما زرت وصافحت إلا إياه، وسررت وفرحت به.

د- لا تنازع في نحو: ما قام وقعد إلا محمد؛ لأن الإضمار في المهمل بدون "إلا" يعكس المعنى المراد من الإثبات على وجه الحصر إلى النفي، والإضمار معها يؤدي إلى خلاف المسموع وما ورد مما ظاهره جواز ذلك، كقول الشاعر:

ما صاب قلبي وأضناه وتيمه

إلا كواعب من ذهل بن شيبانا

فيؤول على أنه من الحذف لدليل، لا من باب التنازع.

ضياء السالك: 2/ 111-112، وحاشية الصبان: 2/ 108-109.

ص: 180