المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ باب إعمال الصفة المشبهة باسم الفاعل المتعدي إلى واحد - أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك - ت هبود - جـ ٣

[ابن هشام النحوي]

الفصل: ‌ باب إعمال الصفة المشبهة باسم الفاعل المتعدي إلى واحد

هذا‌

‌ باب إعمال الصفة المشبهة باسم الفاعل المتعدي إلى واحد

1

[تعريف الصفة المشبهة العاملة] :

وهي: الصفة التي استحسن فيها أن تضاف؛ لما هو فاعل في المعنى2، كـ"حسن الوجه"، و"نقي الثغر"، و"طاهر العرض".

فخرج نحو: "زيد ضارب أبوه" فإن إضافة الوصف فيه، إلى الفاعل ممتنعة3؛ لئلا توهم الإضافة إلى المفعول؛ ونحو:"زيد كاتب أبوه"؛ فإن إضافة الوصف فيه، وإن كانت لا تمتنع4 لعدم اللبس؛ لكنها لا تحسن؛ لأن الصفة لا تضاف لمرفوعها؛ حتى يقدر تحويل إسنادها عنه، إلى ضمير موصوفها؛ بدليلين؛

1 حق الصفة المشبهة أن تكتفي بمرفوعها، ولا تعمل النصب، لمباينتها الفعل بدلالتها على الثبوت؛ ولأنها مشتقة من مصدر الفعل الثلاثي اللازم وهو لا ينصب، ولكنها لما أشبهت اسم الفاعل المتعدي لواحد نصب مفعولها مثله، على التشبيه بالمفعول به، ووجده الشبه بينها وبين اسم الفاعل: أنها تدل على الحدث وصاحبه مثله، وأنها تقبل التثنية والجمع والتذكير والتأنيث غالبا، ويشترط في عملها النصب على التشبيه بالمفعول به: الاعتماد، كاسم الفاعل. ومن هذا كله: سميت بذلك الاسم.

2 قيد الفاعل بالمعنى؛ لأن الصف لا تضاف للفاعل إلا بعد تحويل الإسناد عنه إلى ضمير الموصوف، فلم يبق فاعلا إلا من جهة وقوعه بعدها واتصافه بمعناها والمراد: استحسان الجر بنوعها لا بشخصها؛ لئلا يرد صور امتناع الجر، وضعفه كما سيأتي. الأشموني مع الصبان: 3/ 2/ 3.

3 أي: وإن قصد به الثبوت والدوام كما بينه المصنف. وأجازهما بعض النحاة إذا قصد الثبوت، وأمن اللبس عند الإضافة للمفعول. وآخرون أجازوا إذا قصد الثبوت، ويحذف المفعول اقتصارا، ويكون من باب الصفة المشبهة.

التصريح: 2/ 81.

4 وذلك إذا قصد به الدوام، والثبوت؛ لأنه حينئذ يكون صفة مشبهة. أما إذا قصد به الحدوث والتجدد فإن إضافته ممتنعة.

ص: 218

أحدهما: أنه لو لم يقدر كذلك لزم إضافة الشيء إلى نفسه1.

والثاني: أنهم يؤنثون الصفة في نحو: "هند حسنة الوجه"2؛ فلهذا حسن أن يقال: "زيد حسن الوجه"؛ لأنه من حسن وجهه حسن أن يسند "الحسن" إلى جملته مجازا3، وقبح أن يقال:"زيد كاتب الأب"؛ لأن من كتب أبوه لا يحسن أن تسند الكتابة إليه4، إلا بمجاز بعيد5.

وقد تبين أن العلم بحسن الإضافة، موقوف على النظر في معناها؛ لا على معرفة كونها صفة مشبهة؛ وحينئذ فلا دور في التعريف المذكور؛ كما توهمه ابن الناظم6.

[ما تختص به الصفة المشبهة عن اسم الفاعل] :

فصل: وتختص هذه الصفة عن اسم الفاعل بخمسة أمور:

أحدها: أنها تصاغ من اللازم دون المتعدي7؛ كـ"حسن" و"جميل"؛ وهو يصاغ منهما، كقائم وضارب.

1 لأن الصفة نفس مرفوعها في المعنى، واللازم باطل فالملزوم مثله.

2 فلو لم تكن الصفة مسندة إلى ضمير الموصوف؛ وهو هند، لذكرت كما تذكر مع المرفوع.

3 أي: في الإسناد إلى الجزء، وإرادة الكل، والباعث عليه قصد التخفيف.

4 لأن الأب ليس جزءا من الابن، فلا يسوغ أن يطلق أحدهما ويراد الآخر.

5 وهو الإسناد إلى المضاف إليه وإرادة المضاف.

6 حيث قال: إن هذه الخاصة -وهي الإضافة إلى الفاعل- لا تصلح للتعريف بالصفة المشبهة وتمييزها؛ لأن العلم بالصفة المشبهة متوقف على استحسان إضافتها للفاعل، واستحسان الإضافة متوقف على العلم بكونها صفة مشبهة، فجاء الدور. وقد دفع المصنف ذلك بما حاصله: أن العلم باستحسان الإضافة موقوف على النظر في المعنى الثابت للفاعل، لا على العلم بكونها صفة مشبهة.

التصريح: 2/ 81.

7 ما لم ينزل منزلة اللازم، أو يحول إلى "فعل" بالضم، كما في رحمن ورحيم فإنهما صفتان من رحم، وهو متعدٍّ.

ص: 219

الثاني: أنها للزمن الحاضر الدائم1، دون الماضي المنقطع والمستقبل؛ وهو يكون لأحد الأزمنة الثلاثة2.

الثالث: أنها تكون مجارية للمضارع في حركه وسكونه؛ كـ"طاهر القلب" و"ضامر البطن"، و"مستقيم الرأي" و"معتدل القامة" وغير مجارية له؛ وهو الغالب في المبنية من الثلاثي3 كـ"حسن"، و"جميل"، و"ضخم"، و"ملآن"؛ ولا يكون اسم الفاعل إلا مجاريا له.

الرابع: أن منصوبها لا يتقدم عليها4؛ بخلاف منصوبه5، ومن ثم صح النصب في نحو "زيدا أنا ضاربه"6، وامتنع في نحو:"زيد أبوه حسن وجهه"7.

الخامس: أنه يلزم كون معمولها سببيا8؛ أي: متصلا بضمير موصوفها؛ إما

1 أي: الثابت في الأزمن الثلاثة لا خصوص الحال. ودلالة الصفة المشبهة على الدوام عقلية لا وضعية. لأنه لما انتفى عنها الحدوث والتجدد ثبت الدوام عقلا؛ لأن الأصل في كل ثابت دوامه.

2 فلا يقال حسن الوجه أمس، أو غدا.

3 أما المبنية من مصدر غير الثلاثي، فلا بد من مجاراتها لمضارعها، والمجارة: تساوي عدد الحروف المتحركة والساكنة في كل منهما، وأن يكون ترتيب المتحرك والساكن فيهما متماثلا.

4 لأنه كان فاعلا في الأصل، أو لأنه فرع اسم الفاعل.

5 فإنه يجوز تقديمه، إذا كان غير مقرون بأل نحو: العواصف شجرا مقتلعة. أما المقترن بأل؛ أو المجرور بإضافة، أو حرف جر أصلي فيمتنع تقديم منصوبه. ففي مثل، هذا غلام قاتل زيدا، ومررت بضارب زيدا، يمتنع تقدم "زيدا". أما نحو: لست بضارب زيدا، فلا يمتنع لزيادة الجار. أما المرفوع والمجرور فلا يتقدمان فيهما؛ لأن المرفوع فاعل، والمجرور مضاف إليه وكلاهما لا يتقدم.

6 أي: بنصب زيد على الاشتغال، لصحة عمل ضارب المذكور فيه لو ترفع من الضمير، وما يعمل في المتقدم يفسر عاملا فيه.

7 فلا يصح نصب الأب بصفة محذوفة معتمدة على زيد، تفسرها الصفة المذكورة المشتغلة بنصب سببيه وهو "وجهه"؛ لأن الصفة المشبهة لا تعمل في متقدم وما لا يعمل لا يفسر عاملا، فوجب رفعه على أنه مبتدأ ثان، و"حسن" خبره والجملة خبر "زيد".

8 أي: إذا كان مجرورا أو منصوبا على التشبيه بالمفعول به، وكذلك إذا كان معمولها =

ص: 220

لفظا؛ نحو: "زيد حسن وجهه"، وإما معنى؛ نحو:"زيد حسن الوجه"، أي: منه1؛ وقيل: إن "أل" خلف عن المضاف إليه2؛ وقول ابن الناظم: إن جواز نحو: "زيد بك فرح"3 مبطل لعموم قوله إن المعمول لا يكون إلا سببيا مؤخرا. مردود؛ لأن المراد بالمعمول ما عملها فيه لحق الشبه، وإنما عملها في الظرف بما فيها من معنى الفعل؛ وكذا عملها في الحال، وفي التمييز4، ونحو ذلك؛ بخلاف اسم الفاعل5.

= مرفوعا، والصفة جارية على الموصوف. والمراد بالسببي: ما ليس أجنبيا من الموصوف، فيشمل الضمير البارز المتصل. نحو: حسن الوجه طلقه أنت، فيجوز في الهاء أن تكون في محل نصب أو جر "لطلق"، و"حسن الوجه طلقه" خبران مقدمان، و"أنت" مبتدأ مؤخر.

1 "فالوجه" معمول لحسن، وهو سببي؛ لأنه متصل بضمير الموصوف معنى، وهو "زيد"، وقد حذف الضمير مع حرف الجر، ولكنه ملحوظ كأنه موجود، وهذا رأي البصريين.

2 وهو الضمير، وعلى ذلك فلا حذف، وهذا رأي الكوفيين. واعترض عليه بأنه قد يصرح بالضمير مع أل، كما في قول طرفة بن العببد في معلقته:

رحيب قطاب الجيب منها رقيقة

بجس الندامى بضة المتجرد

والشاهد في "الجيب منها". رحيب: متسع. قطاب الجيب: مخرج الرأس منه. والجس: اللمس. البضة: البيضاء الرخصة. المتجرد: جسدها المتجرد من ثيابها. وعلى الرغم من هذا الاعتراض يستحسن بعض العلماء رأي الكوفيين؛ لخلوه من الحذف والتقدير. وعليه يكون السببي هو: المتصل بضمير صاحب الصفة، أو بما يغني عن الضمير.

التصريح: 2/ 83.

3 أي: مما تقدم فيه المعمول -وهو هنا "بك"- على الصفة، وهي "فرح" مع أنه غير سببي؛ لأنه ليس اسما ظاهرا مضافا إلى ضمير يعود إلى الموصوف وهو "زيد".

4 مثال الحال: محمد حسن وجهه طلقه، ومثال التمييز: علي فصيح قولا.

5 فإنه لقوة شبهه بالفعل يعمل في متأخر ومتقدم، وفي سببي، وأجنبي. هذا؛ ومما تختص به الصفة المشبهة أيضا:

أ- أنها لا تعمل محذوفة، فلا يجوز: هذا حسن القول والفعل، بنصب "الفعل" على تقدير: وحسن الفعل. أما اسم الفاعل فيجوز: أنت ضارب اللص والخائن. =

ص: 221

[أحوال معمول الصفة المشبه في الإعراب] :

فصل: لمعمول هذه الصفة ثلاث حالات: الرفع على الفاعلية، وقال الفارسي: أو على الإبدال من ضمير مستتر في الصفة1؛ والخفض بالإضافة والنصب على التشبيه بالمفعول به؛ إن كان معرفة، وعلى التمييز إن كان نكرة2، والصفة مع كل من الثلاثة؛ إما نكرة، أو معرفة، وكل من هذه الستة3 للمعمول معه ست حالات؛ لأنه إما بأل؛ كـ"ـالوجه"، أو مضاف لما فيه أل كـ"ـوجه الأب"، أو مضاف للضمير كـ"وجهه"، أو مضاف لمضاف للضمير كـ"وجه أبيه"، أو مجرد كـ"ـوجه"، أو مضاف إلى المجرد كـ"ـوجه"، أو مضاف إلى المجرد كـ"وجه أب"؛ فالصور ست وثلاثون، والممتنع منها أربعة4؛ وهي: أن تكون الصفة بأل والمعمول مجردا منها ومن الإضافة إلى

= ب- ولا يجوز أن يفصل بينها وبين معمولها المرفوع، أو المنصوب بظرف، أو جاو ومجرور عند الجمهور.

ج- وأنه لا يراعي لمعمولها المجرور مجل بالعطف أو غيره، بخلاف اسم الفاعل في ذلك كله.

د- ولا تتعرف بالإضافة مطلقا بخلاف اسم الفاعل؛ فإنه يتعرف بها إذا كان بمعنى الماضي فقط، وأريد به الاستمرار؛ فيلحظ في هذا الاستمرار جانب المضي وحده.

هـ- وأن "أل" الداخلة عليها حرف تعريف، أما الداخلة عليه فاسم موصول ومعرفة معا، على الأصح فيهما.

انظر ضياء السالك؛ 3/ 60.

1 أي: بدل بعض من كل إذا أمكن ذلك لا مطلقا. قال الصبان: ويتعين الرفع على الفاعلية في نحو: مررت بامرأة حسن الوجه؛ لأن الصفة لو تحملت الضمير لوجب تأنيث الوصف بالتاء. ويتعين عدم في نحو: مررت بامرأة حسنة الوجه؛ لأن الوجه لوكان فاعلا لوجب تذكير الوصف. ويجوز الأمران في نحو:

مررت برجل حسن الوجه.

حاشية الصبان على شرح الأشموني: 3/ 8.

2 ويجوز أيضا في النكرة أن تنصب على التشبيه بالمفعول به.

3 أي: الحاصلة من ضرب وجوه الإعراب الثلاثة في حالتي تنكير الصفة وتعريفها.

4 لا يصح فيها إضافة الصفة المشبهة إلى معمولها وجره.

ص: 222

تاليها؛ وهو مخفوض1، كـ"ـالحسن وجهه"2 أو "وجه أبيه" أو "وجه" أو "وجه أب".

1 لأنه يلزم عليه إضافة ما فيه أل إلى المجرد منها، ومن الإضافة لتاليها، أو لضمير تاليها، وذلك ممنوع كما تقدم إيضاحه في باب الإضافة.

وهذا في الصفة المفردة. أما المثناة والمجموعة جمع مذكر سالم فتجوز إضافتها مطلقا.

2 محل الامتناع في هذا، وفي الأمثلة الثلاثة بعده، إذا كان الموصوف غير محلى بأل كزيد مثلا، وإلا جاز الجر، تقول: مررت بالرجل الحسن وجهه

إلخ؛ لأن معمول الصفة حينئذ مضاف لضمير ما فيه أل.

هذا: وتنقسم الصور الجائزة إلى ثلاثة أقسام: قبيح، وضعيف، وحسن. فالقبيح: رفع الصفة مجردة، أو مع أل نكرة، ويشمل ذلك أربع صور. ووجه القبح خلو الصفة لفظا من ضمير الموصوف.

والضعيف: نصب الصفة المنكرة -المعارف مطلقا- وجرها المضاف إلى ضمير الموصوف، أو إلى المضاف إلى ضميره، وذلك ست صور. ووجه الضعف إجراء وصف القاصر مجرى وصف المتعدي في حالة النصب، وشبه إضافة الشيء إلى نفسه في حالة الجر.

والحسن ما عدا ذلك وهو اثنتنان وعشرون صورة.

التصريح؛ 2/ 84-86. الأشموني: 2/ 360، والأشموني مع الصبان: 3/ 9.

ص: 223