الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[باب إعمال المصدر واسم المصدر]
هذا باب إعمال المصدر، واسمه:
[تعريف المصدر واسم المصدر] :
الاسم الدال على مجرد الحدث إن كان علما، كـ"فجار" و"حماد" للفجرة والمحمدة، أو مبدوءا بميم زائدة لغير المفاعلة؛ كـ"مضرب" و"مقتل"، أو متجاوزا فعله الثلاثة؛ وهو بزنة اسم حدث الثلاثي؛ كـ"غسل" و"وضوء" في قولك:"اغتسل غسلا"، "توضأ وضوءا" فإنهما بزنة القرب والدخول في "قرب قربا" و"دخل دخولا"؛ فهو اسم مصدر، وإلا فالمصدر1.
[عمل المصدر عمل فعله وشروطه] :
ويعمل المصدر عمل فعله2؛ إن كان يحل محله فعل؛ إما مع "أن"،
1 المصدر: هو الاسم الذي يدل -غالبا- على الحدث المجرد من غير ارتباط بزمان، أو مكان، أو بذات، أو بعلمية. ومدلوله الحقيقي: أمر معنوي محض، يدل عليه اللفظ المعروف، وتسميته مصدرا مجاز. ولا بد من ناحيته اللفظية أن يشتمل على جميع الحروف الأصلية والزائدة في فعله لفظا؛ أو تقديرا، وقد يزيد عنها كأكرمه إكراما، ولا يمكن أن ينقص. أما اسم المصدر فهو كالمصدر في معناه؛ من حيث دلالته على الحدث المجرد، ويكون علم جنس كما ذكر الموضح ويخالفه في لفظه بنقص حروفه عن حروف فعله. وما ذكره المصنف من اعتباره المبدوء بميم زائدة لغير المفاعلة -اسم مصدر- مجانب لما عليه جمهور النحاة: من أن هذا يسمى مصدرا ميميا لا اسم مصدر.
التصريح: 2/ 62.
2 سواء كان متعديا أو لازما. ويخالف المصدر فعله في أمور؛ أهمها: أن المصدر لا يعمل إلا بشروط سنمر عليها، وأن فاعله يكثر حذفه جوازا، وعند حذفه لا يتحمل المصدر ضميره إلا إذا كان مصدرا نائبا عن فعله؛ وفي رفعه نائب الفاعل خلاف، =
كـ"عجبت من ضربك زيدا أمس" و"يعجبني ضربك زيدا غدا"؛ أي: أن ضربته وأن تضربه، وإما مع "ما" كـ"يعجبني ضربك زيدا الآن"؛ أي: ما تضربه، ولا يجوز في نحو:"ضربت ضربا زيدا" كون "زيدا" منصوبا بالمصدر؛ لانتفاء هذا الشرط1.
= والمختار جوازه عند أمن اللبس بخلاف الفعل فإنه يعمل وجوبا بلا شرط، ويحتمل ضمير مرفوعه المحذوف فاعلا كان أو نائب فاعل.
فائدة: أولى: إذا أردت بالمصدر الدلالة على ثبوت ما يدل عليه من الحدث؛ فإنه حينئذ لا يصلح لأن حيل محله فعل، لا مع "ما" ولا مع "أن"؛ لأن طبيعة الفعل دالة على الحدوث وأنت لا ترده، وإن أردت بالمصدر الدلالة على حدوث ما يدل عليه من الحدث في الزمن الحاضر، كان عليك أن تقدره بـ"ما" المصدرية، وتقدر معها الفعل المضارع، أما تقديره: بـ"ما" المصدرية -حينئذ- فلأن "أن" المصدرية لا تصلح لهذا الموضع؛ لأنها مع الفعل الماضي تبقيه على حاله وهو الدلالة على حدوث الحدث في الزمن الماضي، ومع الفعل المضارع تخلصه للدلالة على الاستقبال، فلما لم يمكنك أن تقدر المصدر بـ"أن" في هذه الحالة لزمك أن تقدره بـ"ما"؛ لأنها صالحة للاستعمال في الأحوال كلها.
وإن أردت بالمصدر الدلالة على حدوث الحدث في الزمن الماضي، أو في الزمن المستقبل فإنه يلزمك أن تقدره: بـ"أن" المصدرية، وتقدر مع "أن" حين تريد الزمن الماضي الفعل الماضي؛ لأنه هو الذي يدل على هذا الزمن، وعندما تريد الزمن المستقبل تقدر معها الفعل المضارع.
فائدة ثانية: أن اشتراط صلاحية المصدر بأن يحل محله الفعل مع "أن"، أو مع "ما" المصدرية هو شرط في عمله في غير الظرف، أو الجار والمجرور، أما عمله فيهما فلا يشترط فيه شيء؛ لأنهما يكتفيان برائحة الفعل.
فائدة ثالثة: اعلم أن المصدر المؤكد لفعله كما في قولك: "ضربت ضربا" لا يعمل؛ لأنه لا يحل محله فعل لا مع "ما" ولا مع "أن"؛ وقد اختلفوا في المصدر النائب عن فعله، فذهب ابن مالك في "التسهيل" إلى أنه يعمل، وذكر ابن هشام في "قطر الندى" أنه لا يعمل، فقولك:"ضربا زيدا"، "زيدا" منصوب بالمصدر عند ابن مالك، ومنصوب بالفعل المقدر عند ابن هشام.
انظر التصريح: 2/ 62.
1 لأنه لا يصلح أن يحل محله فعل مع "أن" أو "ما"؛ وإنما نصب زيد بـ"ضربت"؛ لأن المصدر المؤكد لعامله المذكور لا يعمل كما سلف، وما ذكره المؤلف لعمل المصدر شرط الإيجاب لا بد من وجوده، وهناك شروط سلبية منها: =
[عمل المصدر المضاف] :
وعمل المصدر مصافا أكثر؛ نحو: {وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ} 1، ومنونا أقيس؛ نحو:{أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ يَتِيمًا} 2، وبأل..........
= أ- ألا يكون المصدر مصغرا؛ لأن التصغير من خصائص الأسماء، وتصغير المصدر يبعده عن مشابهة الفعل، فلا يجوز أن تقول:"أميرك مطاع"، تريد أمرك.
ب- ألا يكون المصدر مضمرا خلافا للكوفيين، حيث زعموا أن ضمير المصدر كالمصدر فلا يجوز أن تقول:"حبي والدي عظيم وهو أمي أعظم"، فلا يجوز أن تنصب "أمي" بـ"هو" وإن كان هذا الضمير عائدا على "حبي".
ح- أن لا يكون المصدر مختوما بالتاء الدالة على الوحدة أي: المرة، فلا يجوز "سررت بضربتك الفائزة"، وأما إذا كانت التاء من بنية الكلمة فلا تمنع، فتقول:"رحمتك الفقراء دليل على حسن خلقلك".
د- أن يكون مفردا لا مثنى ولا مجموعا، وشذ إعمال غير المفرد في قول الشاعر:
قد جربوه فما زادت تجاربهم
…
أبا قدامة إلا المجد والفنعا
حيث نصب بـ"تجاربهم" -جمع تجربة؛ وهي مصدر جرب الرباعي- أبا غير أن بعض العلماء أجاز عمل المصدر المجموع؛ وهو رأي لا بأس في الأخذ به.
هـ- ألا يكون المصدر مفصولا عن معموله بأجنبي، لا بتابع، فلا يجوز القول:"إني أسرع إلى إجابة صارخا المستجير".
و ألا يكون المصدر موصوفا قبل العمل، فلا يصح القول:"ساءني عتابك الأليم خالدا".
ز- ألا يكون المصدر مؤخرا عن معموله، فلا يجوز القول:"أعجبني زيدا ضربك".
ج- ألا يكون المصدر محذوفا، ومعنى هذا أنك إذا احتجت إلى تقدير عامل لا يجوز لك أن تقدره مصدرا؛ ولهذا أنكر المحققون على من زعم أن الباء في البسملة متعلقة بمحذوف تقديره: ابتدائي.
انظر شرح قطر الندى "عمل اسم المصدر"، والتصريح: 2/ 62-63. والمغني: 700.
1 2 سورة البقرة، الآية:152.
موطن الشاهد: {دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ} .
وجه الاستشهاد: وقوع المصدر "دفع" مضافا إلى لفظ الجلالة، وقد عمل عمل فعله؛ فنصب مفعولا به؛ هو "الناس"؛ وحكم إعماله في هذه الحالة كثير شائع.
2 90 سورة البلد، الآية:14.
موطن الشاهد: {إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ يَتِيمًا} . =
فليل1 ضعيف؛ كقوله: [المتقارب]
365-
ضعيفُ النكايةِ أعداءَه2
= وجه الاستشهاد: وقوع "إطعام" مصدرا فاعله محذوف، وقد نصب مفعولا به، هو:"يتيما"؛ والتقدير: إطعامه يتيما. وذي مسغبة: أي: ذي مجاعة؛ وحكم إعمال المصدر المنون أوفق بالقياس على الفعل من المضاف؛ لأنه يشبه الفعل بالتنكير، وهو يلي المصدر المضاف في الكثرة والفصاحة.
1 أي: قليل في السماع، ضعيف في القياس؛ لبعده عن مشابهة الفعل بدخول "أل" عليه.
2 تخريج الشاهد: هذا صدر بيت وعجزه قوله:
يخال الفرار يراخي الأجل
وهو من شواهد: التصريح: 2/ 63، والأشموني: 679/ 2/ 337، والشذور: 1/؟؟؟ / 506"، وابن عقيل: 247/ 3/ 95، وسيبويه: 1/ 99، وهو من الخمسين التي لا يعرف لها قائل. والمصنف: 3/ 71، والمقرب: 25، والخزانة: 3/ 439، والهمع: 2/ 93، والدرر: 2/ 124.
المفردات الغريبة: النكاية: الإضرار والأذى -من نكيت العدو- أثرت فيه ونلت منه. يخال: يظن. يراخي: يباعد ويؤخر.
المعنى: أن هذا الرجل ضعيف لا يستطيع أن يؤثر في أعدائه، أو يقهرهم، أو ينازلهم القتال. يظن أن الهرب والفرار من الحرب يبعد عنه الموت، ويفسح له في العمر.
الإعراب: ضعيف: خبر لمبتدأ محذوف؛ والتقدير: هو ضعيف، وضعيف: مضاف. النكاية مضاف إليه. أعدائه: مفعول به للنكاية، والهاء مضاف إليه. يخال: فعل مضارع مرفوع، والفاعل هو. الفرار: مفعول به أول "يخال" منصوب. يراخي: فعل مضارع مرفوع، وعلامة رفعه الضمة المقدرة على الياء للثقل، والفاعل ضمير مستتر جوازا تقديره: هو. الأجل: مفعول به لـ"يراخي" منصوب، وسكن لضرورة الشعر؛ وجملة "يراخي الأجل": في محل نصب مفعولا ثانيا لـ"يخال".
موطن الشاهد: "النكاية أعداءه".
وجه الاستشهاد: إعمال المصدر المقترن بأل "النكاية"، ونصبه المفعول "أعداءه".
فائدة: ذهب سيبويه والخليل إلى أن ناصب المفعول هو المصدر المقترن بأل كما بينا؛ وذهب أبو العباس المبرد إلى أن ناصب المفعول في هذه الحالة مصدر آخر محذوف يدل عليه المصدر المذكور، وهذا المصدر المحذوف منكر؛ فالتقدير عنده: ضعيف النكاية نكاية أعداءه، وذهب أبو سعيد السيرافي إلى أن أعداءه في هذه الحالة =
[عمل اسم المصدر] :
واسم المصدر إن كان علما لم يعمل1 اتفاقا؛ وإن كان ميميا فكالمصدر2 اتفاقا؛ كقوله3: [الكامل]
366-
أظلوم إن مصابكم رجلا4
= منصوب على نزع الخافض؛ فالأصل عنده: ضعيف النكاية في أعدائه، ثم حذف حرف الجر فانتصب الاسم.
انظر الدرر اللوامع: 2/ 125.
1 لأن الأعلام لا تعمل؛ إذ لا دلالة لها على الحدث الذي يقتضي معمولا، وذلك نحو:"يسار" علم لليسر، و"فجار" علم جنس للفجور، وفعله: أفجر لا فجر، و"برة" علم جنس على البر، وفعله: أبر لا بر. واسم المصدر العلم لا يضاف، ولا يقبل "أل" ولا يقع موقع الفعل، ولا يوصف، كما ذكر ذلك السيوطي في الهمع. وإن كان غير علم عمل بالشرط الذي يعمل به المصدر غير النائب عن فعله، وإعمال اسم المصدر مع قياسيته قليل. ومنه قول الشاعر:
بعشرتك الكرام تعد منهم
ولم يحتفظ له شاهد إلا في حالة الإضافي؛ لأن النصب من خواص الأسماء، فهو يبعد شبه المصدر من الفعل، ويقدر الفعل الماضي عند إرادة الزمن الماضي والمضارع عند إرادة الزمن المستقبل.
همع الهوامع: 2/ 94.
2 ذكرنا أن الحق أنه مصدر ميمي لا اسم مصدر.
3 القائل: هو الحارث بن خالد المخزومي: أحد شعراء قريس المعدودين الغزليين؛ يذهب مذهب عمر بن أبي ربيعة، ولاه عبد الملك بن مروان مكة، قيل: إن العرب تفضل قريشا في كل شيء إلا في الشعر، فلما جاء عمر بن أبي ربيعة وخالد بن الحارث وغيرهما أقرت لها العرب بالشعر، توفي سنة: 80هـ. تجريد الأغاني: 1/ 429-435.
4 تخريج الشاهد: هذا صدر بيت وعجزه قوله:
أهدى السلام تحية ظلم
وبعد الشاهد قوله:
أقصيته وأراد سلمكم
…
فليهنه إذ جاءك السلم
=
وإن كان غيرهما1، لم يعمل عند البصريين، ويعمل عند الكوفيين والبغدايين؛ وعليه قوله2:[الوافر]
= والشاهد من شواهد: التصريح: 2 64، والأشموني: 684/ 2/ 336، والشذور: 218/ 534، ومجالس ثعلب: 270، والاشتقاق: 99، 151، وأمالي ابن الشجري: 1/ 107، والمغني: 937/ 697، والسيوطي: 301، والعيني: 3/ 502، والهمع: 2/ 94، والدرر: 2/ 126، وقد نسبه الحريري في درة الغواص إلى العرجي، وديوان العرجي:193.
المفردات الغريبة: ظلوم: وصف من الظلم، لقب به الشاعر حبيبته. مصابكم: مصدر ميمي بمعنى الإصابة.
المعنى: يقول الشاعر لمحبوبته -وقد لقبها بظلوم لمعاملتها له: إن إصابتكم رجلا يتقدم بالتحية تقربا إليكم- ظلم منكم له؛ لأنه يبغي الوصل وتجيبونه بالصد والإعراض.
الإعراب: أظلوم: الهمزة: حرف لنداء القريب، لا محل له من الإعراب، ظلوم: منادى مبني على الضم في محل نصب على النداء. إن: حرف مشبه بالفعل. مصابكم: مصاب: اسم إن منصوب، وهو مضاف، و"كم": في محل جر مضاف إليه؛ من إضافة المصدر الميمي إلى فاعله. رجلا: مفعول به منصوب للمصدر الميمي. أهدى: فعل ماضٍ مبني على الفتح المقدر على الألف للتعذر، والفاعل ضمير مستتر جوازا تقديره: هو. السلام: مفعول به منصوب، وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة وجملة "أهدى السلام": في محل نصب صفة لرجل. تحية: مفعول لأجله؛ والعامل فيه "أهدى". ظلم: خبر إن مرفوع، وعلامة رفعه الضمة الظاهرة على آخره.
موطن الشاهد: "مصابكم رجلا".
وجه الاستشهاد: إعمال المصدر الميمي "مصاب" عمل الفعل؛ حيث أضيف إلى فاعله "كاف الخطاب"، ونصب المفعول به "رجلا".
فائدة: زعم اليزيدي أن "مصابكم" اسم مفعول من الإصابة، وهو اسم إن، وخبرها "رجل"، وزعم أن قوله:"ظلم" خبر مبتدأ محذوف، والتقدير عنده: إن الذي أصبتموه رجل موصوف بأنه أهدى التحية، وذلك ظلم منكم؛ وما قاله اليزيدي تكلف ظاهر غير مرضي المبنى ولا المعنى. وللبيت الشاهد قصة عند أهل الأدب.
انظر الدرر اللوامع: 2/ 126-127.
1 أي غير العلم، وذي الميم المزيدة لغير المفاعلة.
2 القائل: هو عمير بن شييم المعروف بالقطامي، وقد مرت ترجمته.
367-
وبعد عطائك المائة الرتاعا1
1 تخريج الشاهد: هذا عجز بيت وصدره قوله:
أكفرا بعد رد الموت عني؟
البيت من قصيدة قالها الشاعر في مدح زفر بن الحارث الكلابي الذي أطلقه بعد أن كان أسيرا ووهبه مائة من الإبل، ورد عليه ماله.
وهو من شواهد: التصريح: 2/ 64، وابن عقيل: 250/ 3/ 99، والأشموني: 685/ 2/ 336، والعيني: 3/ 505، والشذور: 219/ 536، والخصائص: 2/ 220، وأمالي ابن الشجري: 2/ 142، وشرح المفصل: 1/ 20، والهمع: 1/ 188، 2/ 95، والدرر: 1/ 161، 2/ 127، وديوان القطامي:41.
المفردات الغريبة: أكفرا: الكفر هنا: جحد النعمة. الرتاعا: جمع راتعة وهي الإبل التي ترتع وترعى كيف شاءت لا يمنعها أحد.
المعنى: كيف أجحد نعمتك وأنكر فضلك علي وإحسانك إلي، بعد أن أطلقت سراحي من أسري، وخلصتني من يد أعدائي، فحلت بيني وبين الموت المحقق، ولم تكتف بذلك بل أعطيتني مائة من الإبل الراتعة السمينة؛ تفضلا منك وكرما؟.
الإعراب: أكفرا: الهمزة: حرف للاستفهام الإنكاري، كفرا؛ مفعول مطلق لفعل محذوف؛ والتقدير: أأكفر كفرا. "بعد": متعلق بالفعل المحذوف العامل في المصدر، و"بعد" مضاف. رد: مضاف إليه، وهو مضاف. الموت: مضاف إليه؛ من إضافة المصدر إلى مفعوله. "عني": متعلق بـ"رد". وبعد: الواو: عاطفة، بعد: معطوف على ظرف الزمان السابق، وهو مضاف. عطائك: عطاء: مضاف إليه، والكاف: في محل جر مضاف إليه؛ من إضافة اسم المصدر إلى فاعله. المائة: مفعول به لـ"عطاء" منصوب، وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة. الرتاع: صفة لـ"المائة" منصوب، وعلامة نصبه الفتحة والألف للإطلاق.
موطن الشاهد: "عطائك المائة".
وجه الاستشهاد: إعمال اسم المصدر عطاء عمل الفعل؛ فأضيف اسم المصدر إلى فاعله كاف الخطاب، ونصب المفعول به المائة؛ وحكم إعمال اسم المصدر في هذه الحال قليل، ونظيره قول الشاعر:
قالوا: كلامك هندا وهي مصغية
…
يشفيك قلت: صحيح ذاك لو كانا
فقوله: "كلام" اسم مصدر من فعل "كلم"، والمصدر هو التكليم. وقد أعمل الشاعر اسم المصدر عمل المصدر؛ فأضافه إلى فاعله "كاف الخطاب"، ونصب به المفعول به "هندا".
[إضافة المصدر إلى فاعله ومفعوله] :
ويكثر أن يضاف المصدر إلى فاعله، ثم يأتي مفعوله1؛ نحو:{وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ} 2، ويقل عكسه، كقوله3:[البسيط]
368-
قرع القواقيز أفواه الأباريق4
1 أي إن وجد له مفعول، ويكون الفاعل مجرورا في اللفظ مرفوعا في المحل.
2 2 سورة البقرة، الآية:251. 22 وسورة الحج، الآية: 40.
موطن الشاهد: {دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ} .
وجه الاستشهاد: مجيء المصدر مضافا إلى فاعله "لفظ الجلالة" ثم تبعه مفعوله "الناس"، وحكم إضافة المصدر إلى فاعله، ومن ثم يعقبه مفعوله كثير شائع.
3 القائل: هو المغيرة بن عبد الله، والمعروف بالأقيشر الأسدي، وقد مرت ترجمته.
4 تخريج الشاهد: هذا عجز بيت وصدره قوله:
أفنى تلادي وما جمعت من نشب
وهو من شواهد: التصريح: 2/ 64، والأشموني: 689/ 2/ 337، والشذور: 200/ 504، والمقتضب: 1/ 21، والجمل: 134، والمؤتلف: 56، والإنصاف: 233، والمقرب: 25، والعيني: 3/ 508، والمغني: 936/ 694، والسيوطي: 301، واللسان "قفز".
المفردات الغريبة: التلاد: المال القديم، كالتالد والتليد، وضده الطريف. النشب: المال الثابت الذي لا يستطاع نقله؛ كالدور والضياع. القواقيز: جمع قاقوزه: وهي القدح الذي يشرب فيه الخمر. والقرع: ضرب شيء صلب بمثله.
المعنى: يبين الشاعر حاله التي آل إليها قائلا: إن معاقرتي للخمر، ومعاشرة إخوان السوء ذهب بجميع أموالي التي ورثتها من آبائي، وما جمعته بجهدي وعملي؛ سواء في ذلك المنقول منها والثابت.
الإعراب: أفنى: فعل ماضٍ مبني على الفتح المقدر على الألف، للتعذر. تلادي: مفعول به منصوب، وعلامة نصبه الفتحة المقدرة على ما قبل ياء المتكلم، منع من ظهورها اشتغال المحل بالحركة المناسبة، وياء المتكلم في محل جر بالإضافة. وما: الواو: عاطفة، ما: اسم موصول معطوف على "تلادي" مبني على السكون في محل نصب. جمعت: فعل ماضٍ مبني على السكون، والتاء فاعله، وجملة "جمعت": صلة للموصول، لا محل لها من الإعراب، والعائد إلى الاسم الموصول محذوف والتقدير: جمعته. "من نشب": متعلق بحال محذوفة من ما الموصولة. قرع: فاعل =
وقيل: يختص بالشعر، ورد بالحديث:"وحج البيت من استطاع إليه سبيلا" 1؛ أي: وأن يحج البيت المستطيع، وأما إضافته إلى الفاعل ثم لا يذكر المفعول وبالعكس فكثير؛ نحو:{رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاءِ} 2 ونحو: {لا يَسْأَمُ الْإِنْسَانُ مِنْ دُعَاءِ الْخَيْرِ} 3 ولو ذكر لقيل: دعائي إياك، ومن دعائه الخير.
= "أفنى" مرفوع، وهو مضاف. القواقيز: مضاف إليه من إضافة المصدر إلى مفعوله. أفواه: فاعل للمصدر مرفوع، وهو مضاف. الأباريق: مضاف إليه مجرور.
موطن الشاهد: "قرع القواقيز أفواه".
وجه الاستشهاد: إضافة المصدر "قرع" إلى مفعوله "القواقيز"، ثم الإتيان بالفاعل "أفواه" وهذا قليل في اللغة؛ ومثل هذا البيت قول الفرزدق يصف ناقة بالقوة والسرعة:
تنفي يداها الحصى في كل هاجرة
…
نفي الدراهيم تنقاد الصياريف
1 الحديث: هذا جزء من حديث طويل ومشهور في بيان أركان الإسلام، وهو في صحيح مسلم: 1/ 42، والنسائي: 4/ 125. و"حج" مصدر مضاف إلى مفعوله وهو "البيت"، "من": اسم موصول فاعله.
وقد عدل المصنف عن الاستدلال بالآية: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا} ؛ لاحتمال كون "من" بدلا من الناس، بدل بعض من كل، وقد حذف الرابط للعلم به، أي: من استطاع منهم؛ كما يحتمل أن تكون مبتدأ خبره محذوف، أي فعليه أن يحج. وجعلها فاعلا للمصدر يفسد معه المعنى؛ لأن المعنى يكون حينئذ، ولله على الناس، مستطيعهم وغير متسطيعهم أن يحج البيت المستطيع، فيلزم تأثيم جميع الناس بتخلف المستطيع.
مغني اللبيب: 694-695، حاشية الصبان: 2/ 289.
2 14 سورة إبراهيم، الآية:40.
موطن الشاهد: {تَقَبَّلْ دُعَاءِ} .
وجه الاستشهاد: مجيء "دعاء" مصدرا مضافا إلى الفاعل؛ وهو ياء المتكلم المحذوفة تخفيفا؛ ومجيء مفعوله محذوفا؛ والتقدير: تقبل دعائي إياك؛ وهذا كثير شائع.
3 41 سورة فصلت، الآية:49.
موطن الشاهد: {دُعَاءِ الْخَيْرِ} .
وجه الاستشهاد: مجيء "دعاء" مصدرا مضافا إلى مفعوله "الخير" مع حذف فاعله؛ والتقدير: من دعائه الخير؛ وهذا كثير شائع.
[حكم تابع المصدر] :
وتابع المجرور يجر على اللفظ، أو يحمل على المحل1؛ فيرفع كقوله2:
[الكامل]
396-
طلب المعقب حقه المظلوم3
1 أي: إذا كان المجرور فاعلا، أو نائب فاعل، وهذا مذهب الكوفيين. وذهب سيبويه، وجمهور البصريين: إلى عدم جواز الاتباع على المحل، وما ورد مما ظاهره الاتباع على المحل يؤول بتقدير رافع للمرفوع وناصب للمنصوب. ورأي الكوفيين أوضح وأولى بالسير عليه.
التصريح: 2/ 65، الأشموني مع الصبان: 2/ 291.
2 القائل: هو لبيد بن ربيعة العامري، وقد مرت ترجمته.
3 تخريج الشاهد: هذا عجز بيت وصدره قوله:
حتى تهجر في الرواح وهاجها
وفي البيت يصف حمارا وحشيا وأتنه، وهو من شواهد: التصريح: 1/ 278، 2/ 65، وابن عقيل: 254/ 3/ 104، والأشموني: 691/ 2/ 337، والعيني: 3/ 315، وأمالي ابن الشجري: 1/ 228، 2/ 32، والإنصاف: 232، 331، وشرح المفصل: 2/ 24، 46، 6/ 66، والخزانة: 1/ 334، 441، والهمع: 2/ 145 والدرر: 2/ 202، وديوان لبيد:128.
المفردات الغريبة: تهجر: سار في الهاجرة، وهي نصف النهار وقد اشتداد الحر. الرواح: الوقت من زوال الشمس إلى الليل. هاجها: أزعجها وأثارها. المعقب: الغريم الذي يطلب حقه بإلحاح.
المعنى: حتى سار ذلك الحمار الوحشي عند شدة الحر بعد الزوال، وأزعج أتانه، وطلبها طلبا متواصلا، كما يطلب الغريم المظلوم حقه ودينه من غريمه بشدة وإلحاح.
الإعراب: حتى: حرف غاية وجر. تهجر: فعل ماضٍ مبني على الفتح، والفاعل ضمير مستتر جوازا تقديره: هو. "في الرواح": متعلق بـ"تهجر". وهاجها: الواو: عاطفة، هاج: فعل ماضٍ، والفاعل ضمير مستتر جوازا تقديره: هو، و"ها": في محل نصب مفعول به. طلب: مفعول مطلق منصوب، وهو مضاف. المعقب: مضاف إليه؛ من إضافة المصدر إلى فاعله. حقه: مفعول به للمصدر "طلب"، وهو مضاف، والهاء: في محل جر مضاف إليه. المظلوم: صفة لـ"المعقب" باعتبار محله؛ لأن محله الرفع على أنه فاعل للمصدر. =
أو ينصب؛ كقوله1: [الرجز]
370-
مخافة الإفلاس والليانا2
= موطن الشاهد: "المظلوم".
وجه الاستشهاد: رفع المظلوم الواقع صفة لـ"المعقب" المجرور لفظا بإضافة المصدر "طلب"، ولكنه مرفوع محلا؛ لأنه فاعل للمصدر؛ فتبعته الصفة بالرفع نظرا إلى المحل.
1 القائل: هو زيادة العنبري.
لم أعثر له على ترجمة وافية.
2 تخريج الشاهد: هذا بيت من الرجز وقبله قوله:
قد كنت داينت بها حسانا
وبعده قوله:
يحسن بيع الأصل والقيانا
والشاهد من شواهد: التصريح: 2/ 65، والأشموني: 693/ 2/ 338، وابن عقيل: 255/ 3/ 105، والكتاب لسيبويه: 1/ 98، ونسب إلى رؤبة بن العجاج، وأمالي ابن الشجري: 1/ 228، 2/ 31، وشرح المفصل: 6/ 65، والعيني: 3/ 520، والهمع: 2/ 145، والدرر: 2/ 203، والمغني: 856/ 619، والسيوطي: 282، ومحلقات ديوان رؤبة بن العجاج:187.
المفردات الغريبة: داينت بها: أخذتها بدلا من دين لي عليه، والهاء عائدة على جارية معروفة الليان: المماطلة.
المعنى: كنت قد أخذت هذه الجارية من حسان بدلا من دين لي عليه؛ لخوفي من إفلاسه ومماطلته في دفع الدين.
الإعراب: قد حرف تحقيق، لا محل له من الإعراب. كنت: فعل ماضٍ ناقص، مبني على السكون، والتاء: في محل رفع اسمه. داينت: فعل ماضٍ مبني على السكون، والتاء فاعله؛ وجملة "داينت": في محل نصب خبر كنت. "بها": متعلق بـ"داين". حسانا: مفعول به منصوب. مخافة: مفعول لأجله منصوب، وهو مضاف. الإفلاس: مضاف إليه؛ من إضافة المصدر إلى مفعوله. والليانا: الواو: عاطفة، الليانا: معطوف على الإفلاس باعتبار محله الذي هو نصب؛ لكونه مفعولا للمصدر "مخافة"، والمعطوف على المنصوب منصوب مثله.
موطن الشاهد: "والليانا".
وجه الاستشهاد: عطف "الليانا" بالنصب على الإفلاس المجرور لفظا بإضافة المصدر "مخافة"؛ لكونه أي -المعطوف عليه- منصوب محلا؛ لأنه مفعول للمصدر؛ ويجوز أن نعرب "الليانا": مفعولا معه، ويكون معطوفا على "مخافة" على حذف مضاف.