الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المجلد الرابع
باب النداء
…
بسم الله الرحمن الرحيم
[هذا باب النداء] :
وفيه فصول1:
1 النداء؛ معناه لغة: الطلب وتوجيه الدعوة بأي بلفظ كان.
معناه اصطلاحا: طلب المتكلم إقبال المخاطب إليه بالحرف "يا" أو إحدى أخواتها؛ سواء كان الإقبال حقيقيا، أو مجازيا يقصد به طلب الاستجابة؛ كنداء الله سبحانه وتعالى.
وقد اختلف النحاة في عامل المنادى؛ فذهب الجمهور إلى أن عامله فعل مضمر وجوبا فيكون المنادى مفعولا به لذلك العام؛ وأما إضمار ذلك العامل فللأسباب الأربعة التالية:
أ- الاستغناء بظهور معناه.
ب- قصدهم بعبارة النداء الإنشاء، وإظهار الفعل يوهم الإخبار فتحاشوا إظهاره.
ج- كثرة استعمال النداء في كلامهم.
د- تعويضهم من هذا الفعل حرف النداء؛ ومعلوم أنه لا يجمع في الكلام بين العوض والمعوض عنه.
وذهب بعض النحاة إلى أن العامل في النداء هو القصد؛ وعليه يكون العامل معنويا لا لفظيا؛ وهذا القول مردود؛ لأنه لم يعهد في عوامل النصب عامل معنوي، وإنما عهد ذلك في عوامل الرفع؛ كالابتداء الرافع للمبتدأ، والتجرد الرافع للفعل المضارع. وذهب أبو علي الفارسي إلى أن العامل في المنادى؛ هو حرف النداء، على سبيل النيابة عن الفعل والعوض به منه، وجعل المنادى مشبها بالمفعول به، لا مفعولا به -كما هو عند الجمهور- ويرد على هذا الرأي؛ بأن حرف النداء يحذف من الكلام، وحينئذٍ يكون العوض والمعوض منه محذوفين؛ ومعلوم أن العرب لا تجمع بين حذف العوض والمعوض عنه، وذهب بعضهم إلى أن العامل في المنادى هو أداة النداء؛ لا لكونها عوضا من الفعل المحذوف -كما قال الفارسي- بل لأن هذه الأول اسم فعل مضارع بمعنى: أدعو؛ وهذا مذهب ضعيف؛ لأن أدوات النداء لو كانت أسماء أفعال؛ لكان فيها ضمير مستتر؛ كما في سائر أسماء الأفعال؛ ولو كانت هذه الأدوات متحملة للضمير؛ لكانت هي والضمير المستتر جملة تامة، يجوز الاكتفاء بها، ولا يحتاج المتكلم إلى ذكر المنادى معها؛ لأنه فضلة، ولم يقل بذلك أحد. وذهب آخرون: إلى أن العامل في المنادى؛ هو أداة النداء على أن تلك الأدوات أفعال، لا أسماء أفعال ولا حروف عوض بها عن أفعال؛ وهذا قول مردود أيضا، والرأي الراجح؛ ورأي الجمهور؛ الذي اختاره ابن مالك.
انظر همع الهوامع: 1/ 171، وحاشية الصبان: 2/ 141.
الفصل الأول: الأحرف التي ينادى بها وأحكامها:
في الأحرف التي ينبه بها المنادى، وأحكامها:
وهذه الأحرف ثمانية: الهمزة1.
وأي2 مقصورتين، وممدوتين3 ويا4............................
1 ذهب جمهور النحاة أنها للقريب، وزعم شيخ ابن الخباز أنها للمتوسط، وفي هذا خرق لإجماعهم، وذكر ابن مالك -في شرح التسهيل- أن النداء بها قليل، وفي كلام العرب؛ وتبعه ابن الصائغ -في حواشي المغني- ويقول السيوطي:"وما قالاه مردود، فقد وقفت لذلك على أكثر من ثلاثمائة شاهد، وأفردتها بتأليف".ا. هـ.
ومن شواهد النداء بالهمزة؛ قول امرئ القيس في معلقته:
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل
…
وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
وقول قيس بن ذريح صاحب لبنى:
ألبنى لقد حلت عليك مصيبتي
…
غداة غدٍ إذ حَلَّ ما أتوقع
همع الهوامع: 1/ 172، ومغني اللبيب: 17، ورصف المباني:51.
2 بفتح الهمزة وسكون الياء والقصر؛ في معناها أقوال؛ قيل للقريب؛ كالهمزة وعليه المبرد والجزولي؛ وقيل للبعيد، كـ "يا" وعليه ابن مالك؛ وقيل للمتوسط. ومن شواهد النداء بها؛ ما ورد في الحديث:"أي رب"؛ وقول الشعر:
ألم تسمعي -أي عبد- في رونق الضحى
…
بكاء حمامات لهن هدير
همع الهوامع: 1/ 172، والدرر اللوامع: 1/ 147. والمغني: 106.
3 تقول في حالة القصر: أمحمد؛ أي محمد، وفي حالة المد: آمحمد؛ آي محمد، أما بقية الأحرف؛ فممدودة.
4 هي أم الباب؛ ومن ثم قال أبو حيان: إنها أعم الحروف، وأنها تستعمل للقريب والبعيد مطلقا؛ وأنه الذي يظهر من استقراء كلام العرب؛ وقال ابن مالك؛ هي للبعيد حقيقة، أو حكما؛ كالنائم والساهي؛ وقد ينادى بها القريب توكيدا؛ وقيل: هي مشتركة بين البعيد والقريب؛ وقيل بينهما وبين المتوسط وذكر ابن الخباز عن شيخه أن "يا" للقريب؛ وهو خرق لإجماعهم.
همع الهوامع: 1/ 172، ومغني اللبيب: 488، ورصف المباني:451.
وأيا1، وهيا2، ووا3.
فالهمزة المقصورة للقريب إلا إن نزل منزلة البعيد، فله بقية الأحراف كما أنها للبعيد الحقيقي.
وأعمها "يا" فإنها تدخل على كل نداء، وتتعين في نداء اسم الله تعالى، وفي
1 عند جمهور النحاة لنداء البعيد؛ وفي الصحاح: أنها لنداء القريب والبعيد؛ وقال في المغني: وليس كذلك، ومن شواهد النداء بها؛ قول ذي الرمة:
أيا ظبية الوعساء بين جلاجل
…
وبين النقا أأنتِ أَمْ أُمُّ سالمِ
الهمع: 1/ 172، ومغني اللبيب:29.
2 "هيا" للبعيد؛ وهاؤه أصل؛ لأن الإبدال نوع من التصريف؛ والتصريف لا يدخل الحروف. وقيل: بدل من همزة "أيا"؛ لأن هذا إبدال لغوي؛ والإبدال التصريفي هو المختص بالأسماء المتمكنة والأفعال؛ ومن شواهد النداء بـ "هيا" قول الشاعر:
هيا أم عمرو هل لي اليوم عندكمْ
…
بغيبة أبصار الوشاة سبيلُ
الهمع: 1/ 172، والدرر اللوامع: 1/ 148، رصف المباني: 40، الجنى الداني:507.
3 ذكرها ابن عصفور في حروف النداء، واستشهد بقول أحد بني أسد:
وافقعسا وأين مني فقعسُ
…
أإبلي يأخذها كروسُ
والجمهور على أن "وا": حرف لا يستعمل في غير الندبة، وحكى بعضهم: أنها تستعمل في غير الندبة قليلا؛ كقول عمر بن الخطاب: "واعجبا لك يا ابن العاص"، وقال في المغني:"وا" على وجهين؛ أحدهما: أن تكون حرف نداء مختصا، بباب لندبة؛ نحو: وازيداه؛ وأجاز بعضهم: استعماله في النداء الحقيقي".ا. هـ.
الهمع: 1/ 172، ومغني اللبيب: 482، والجنى الداني: 351، ورصف المباني:431.
4 أي: في لفظ الجلالة "الله"؛ وكذلك نداء لفظ "أيها"، و"أيتها"؛ نحو قوله تعالى:{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ} ، وقوله:{يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ} ، ولم يرد عن العرب نداء هذه الأشياء بحرف آخر.
باب الاستغاثة، نحو:"بالله للمسلمين"، وتتعين هي أو "وا" في باب الندبة، و"وا" أكثر استعمالا، منها في ذلك الباب، وإنما تدخل "يا" إذا أمن اللبس؛ كقوله1:
[البسيط]
430-
وقمت فيه بأمر الله يا عمرا2
1 القائل هو جرير بن عطية الخطفي، وقد مرت ترجمته.
2 تخريج الشاهد: هذا عجز بيت وصدره قوله:
حملت أمرا عظيما فاصطبرت له
وهو ثاني ثلاثة أبيات في رثاء أمير المؤمنين، عمر بن عبد العزيز؛ وقبله قوله:
نعي النعاة أمير المؤمنين لنا
…
يا خير من حج بيت الله واعتمرا
وهو من شواهد: التصريح: 2/ 164، والأشموني:"865/ 2/ 442" والعيني: 4/ 229، 273، والهمع: 1/ 180، والدرر: 1/ 155، والمغني:"698/ 486"، والسيوطي: 268، وديوان جرير:304.
المفردات الغريبة: حملت: كلفت. أمرا عظيما: هو الخلافة وتبعاتها الشاقة. اصطبرت: بالغت في الصبر والاحتمال.
المعنى: كلفت الخلافة وعهد إليك بشئون المسلمين في وقت عم فيه الظلم وفشا الجور؛ فصبرت على تلك المشاق، وقمت بما أمر الله؛ فقضيت على الفساد ونشرت العدل بين الناس، فأرضيت الخالق والخلق.
الإعراب: حملت: فعل ماضٍ مبني للمجهول والتاء ضمير متصل في حل رفع نائب منصوب وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة. فاصطبرت: الفاء عاطفة، اصطبر: فعل ماضٍ مبني على السكون: والتاء في محل رفع فاعل. "له": متعلق بـ "اصطبر". وقمت: الواو عاطفة، قمت: فعل ماضٍ، والتاء: في حل رفع فعل. "فيه": متعلق بـ "قام". "بأمر": متعلق بـ "قام" ايضا. و"أمر": مضاف. الله: "لفظ الجلالة": مضاف إليه مجرور. يا: حرف نداء وندبة. عمرا: منادى مندوب مبني على الضم المقدر على آخره منع من ظهوره اشتغال المحل بالحركة المناسبة المأتي بها؛ لمناسبة ألف الندبة.
موطن الشاهد: "يا عمرا".
وجه الاستشهاد: استعمال "يا" للندبة؛ لوضوح الأمر وأمن اللبس فإن صدور ذلك بعد موت "عمر" دليل على أن المقصود الرثاء والتوجع لا النداء؛ فهو يعلم أن عمر لن يجيبه، ولن يسمعه، وكذلك اتصال ألف الندبة في آخره دليل على أنه أراد الندبة لا النداء.
[جواز حذف حرف النداء] :
ويجوز حذف الحرف1؛ نحو: {يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا} 2، {سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَا الثَّقَلانِ} 3، {أَنْ أَدُّوا إِلَيَّ عِبَادَ اللَّهِ} 4، إلا في ثماني مسائل: المندوب نحو: "يا عمرا"، والمستغاث؛ نحو:"يالله"، والمنادى البعيد؛ لأن المراد فيهن إطالة الصوت، والحذف ينافيه، واسم الجنس غير المعين5؛ كقول الأعمى:"يا رجلا خذ بيدي"، والمضمر6؛ ونداؤه شاذ، ويأتي على صيغتي المنصوب والمرفوع؛ كقول بعضهم:"يا إياك قد كفيتك"7........
1 أي لفظا فقط، مع مراعاة تقديره، ويتعين تقدير "يا" عند الحذف؛ لكونه أعم حروف النداء استعمالا. وقد مثل المؤلف للمنادى؛ المفرد والشبيه به، والمضاف؛ ليشير إلى أنه لا فرق في أن يكون المنادى أحدا منها.
2 "12" سورة يوسف، الآية:29.
موطن الشاهد: {يُوسُفُ أَعْرِضْ} .
وجه الاستشهاد: حذف حرف النداء "يا"؛ لأن التقدير؛ يا يوسف؛ وحكم هذا الحذف جائز باتفاق.
3 "55" سورة الرحمن، الآية:31.
موطن الشاهد: {أَيُّهَا الثَّقَلانِ} .
وجه الاستشهاد: حذف حرف النداء قبل أيها؛ لأن التقدير: يا أيها الثقلان.
4 "44" سورة الدخان، الآية:18.
موطن الشاهد: {أَدُّوا إِلَيَّ عِبَادَ اللَّهِ} .
وجه الاستشهاد: حذف حرف النداء "يا" قبل المنادى المضاف عبد الله؛ قال الدنوشري: ويجوز أن يكون عباد الله مفعولا لـ "أدوا"، والأول أرجح.
5 هو: النكرة غير المقصودة.
6 المراد: ضمير المخاطب؛ لأن غيره لا ينادى مطلقا؛ فلا يقال: يا أنا، ولا يا هو. وإنما امتنع الحذف؛ لأن حذف الحرف معه، يفوت الدلالة على النداء. واختلفوا في ضمير المخاطب؛ فقد ذهب أبو حيان إلى أنه لا يجوز نداؤه مطلقا؛ وذهب ابن عصفور إلى أنه مقصور على ضرورة الشعر؛ وأجازه ابن مالك.
التصريح: 2/ 165، والأشموني: 2/ 443.
7 قيل: إن الأحوص اليربوعي، وفد مع ابنه على معاوية؛ فقام الأب فخطب، فلما انتهى قام الابن ليخطب؛ فقال له الأب ذلك؛ أي: قد أغنيتك عن القول. وبعضهم أعرب "يا": للتنبيه، و"إياك" مفعول لفعل محذوف، يفسره: كفيتك" المذكو؛ ويكون من باب الاشغال، ولا شاهديه.
حاشية يس على اتصريح: 2/ 164.
وقول الآخر1: [الرجز] .
431-
يا أبجر بن أبجر يا أنتا2
1 ينسب هذا البيت إلى الأحوص؛ وينسب إلى سالم بن دارة؛ وهو الصواب.
2 تخريج الشاهد: هذا صدر بيت، وعجزه قوله:
أنت الذي طلقت عام جعثا
والبيت من عدة أبيات؛ يقولها الشاعر في مر بن واقع، وصوب بعضهم الشاهد هكذا:
أنت الذي طلقت عام جعتا
وهو من شواهد: التصريح: 2/ 164، والأشموني: "866/ 2/ 443، والعيني: ونسبه إلى الأحوص، والهمع: 1/ 174، والدرر: 1/ 151، ونوادر أبي زيد: 163 وأمالي ابن الشجري: 2/ 79، والإنصاف: 325، 682، وشرح المفصل: 1/ 127، 130 والمقرب: 37، والخزانة: 1/ 289، والعيني: 4/ 232.
المفردات لغريبة: الأبجر: المنتفخ البطن. طلقت: فارقت حلائلك. عام جعتا؛ أي: في الوقت الذي وقعت في المجاعة.
المعنى: يذم المخاطب بقوله: يا عظيم البطن وابن عظيمها، أنت الذي فارقت زوجاتك حين لم تجد ما تسد به رمقك وتملأ به كرشك، وأبيت السعي؛ لجلب رزقهن.
الإعراب: يا: حرف نداء، لا محل له من الإعراب. أبجر: منادى مفرد علم مبني على الضم في حل نسب. ابن: صفة لـ "أبجر" وهو منصوب لوقوعه تابعًا لمحل المنادى؛ لأن محله النصب، وهو مضاف. أبجر: مضاف إليه مجرور وعلامة جره الكسرة، وقد صرفه الشاعر ونونه؛ لضرورة الشعر. يا: حرف نداء، لا محل له من الإعراب. أنتا: منادى مبني على ضم مقدر على آخره، منع من ظهوره اشتغال المحل بحركة البناء الأصلي، والألف للإطلاق. أنت: ضمير رفع منفصل، في محل رفع مبتدأز الذي: اسم موصول في محل رفع خبر المبتدأ. طلقت: فعل ماضٍ مبني على السكون، والتاء في محل رفع فاعل؛ وجملة "طلقت": صلة للموصول، لا محل لها من الإعراب. "عام": متعلق بـ "طلق". جعتا: فعل ماضٍ مبني على السكون؛ لاتصاله بضمير رفع متحرك، والتاء: في محل رفع فاعل، والألف: للإطلاق. وجملة "جعت": في محل جر بالإضافة.
موطن الشاهد: "يا أنتا".
وجه الاستشهاد: نادى الضمير الذي يستعمل في مواطن الرفع وجيء بالضمير المنادى على صيغة الرفع؛ لأنه لما تعذر بناؤه على الضم عدلوا إلى ما هو قريب من البناء على الضم؛ وهو الإتيان به على الصيغة الموضوعة على الرفع. وقيل إن "يا" في البيت المذكور للتنبيه، و"أنت" الأولى مبتدأ والثانية توكيد، والموصول خبر، ولا شاهد فيه حينئذٍ.
واسم الله تعالى إذا لم يعوض في آخره الميم المشددة، وأجازه بعضهم وعليه قول أمية بن الصلت1:[الطويل] .
432-
رضيت بك اللهم ربًّا فلن أرى
…
أدين إلها غيرك الله ثانيا2
1 مرت ترجمته.
2 تخريج الشاهد: هذا بيت من قصيدة طويلة في سيرة ابن هشام، لأمية بن أبي الصلت الذي يقول فيه النبي صلى الله عليه وسلم:"آمن لسنه ولم يؤمن قلبه" وذلك أنه كان قد قرأ في الكتب عن مبعث نبي فظن نفسه أنه سيكون هذا النبي، وعندما بعث النبي صلى الله عليه وسلم حسده ولم يوفق إلى الإيمان به؛ وقيل: إنه هو الذي أنزل فيه قوله تعالى: {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ} والبيت من شواهد: التصريح: 2/ 165، والعيني: 3/ 243، وليس في ديوانه.
المفردات الغريبة: أدين: اتخذ دينا، من دان بالشيء، اتخذه دينا.
المعنى: رضيت رضًا بك ربا يا الله، فلن أرى أن أتخذ إلها غيرك أعبده أو أدين له.
الإعراب: رضيت: فعل ماضٍ مبني على السكون، والتاء: في محل رفع فاعل. "بك": متعلق بـ "رضي". اللهم: الله: منادى بحرف نداء محذوف؛ والتقدير: يا الله مبني على الضم في محل نصب على النداء، والميم المشددة عوض عن حرف النداء المحذوف.
ربا: حال من لفظ الجلال منصوب؛ أو مفعول به لـ "رضي"، أو تمييز. فلن: الفاء تفريعية، لن: حرف نفي، ونصب، واستقبلا. أرى: فعل مضارع مبني للمجهول منصب بـ "لن" وعلامة نصبه الفتحة المقدرة على الألف، ونائب الفاعل ضمير مستتر وجوبا تقديره: أنا. أدين: فعل مضارع مرفوع؛ ارتفع بعد حذف الناصب؛ لأن التقدير: أن أدين؛ مثل "تسمع بالمعيدي"؛ والفعل أنا، وجملة "أدين": في محل نصب مفعول ثانيا "أرى" إن عدت علمية؛ أو في حل نصب على الحال؛ إن عدت بصرية. إلها: مفعول به منصوب لـ "أدين"؛ لأنه بمعنى أعبد غيرك: صفة لـ "إلها" منصوب، وهو مضاف، والكاف: في محل جر بالإضافة. الله: "لفظ الجلالة" منادى بحرف نداء محذوف، مبني على الضم في محل نصب على النداء. ثانيا: صفة لـ "إلها" منصوب وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة على آخره؛ وفي رواية التصريح "راضيا" بدل "ثانيا"؛ فهي حال من فاعل رضيت أو أدين؛ أو مفعول مطلق من "رضيت"؛ والأول أفضل.
موطن الشاهد: "الله".
وجه الاستشهاد: مجيء "الله" في عجز البيت منادى بحرف نداء محذوف ومن دون أن يعوض عنه بالميم المشددة؛ وذلك شاذ، ولا يقاس عليه، وعلمنا سابقا أنه يجب حذف حرف النداء متى لحقت الميم لفظ الجلالة؛ لأنه لا يجمع بين العوض والمعوض عنه؛ وما جاء مغايرا لذلك؛ فهو مخالف للقياس.
واسم الإشارة، واسم الجنس لمعين1" خلافا للكوفيين فيهما2، واحتجوا بقوله3:[الطويل] .
433-
بمثلك هذا لوعة وغرام4
1 المراد به: النكرة المقصودة المبنية على الضم عند ندائها.
2 يجوز نداء اسم الإشارة على قلة -شريطة أن لا تتصل به كاف الخطاب- إلا في الندبة فيصح؛ فإن اتصلت به الكاف ففي جواز خلاف والصحيح: المنع؛ لاستلزامه اجتماع النقيضين؛ لأن مدلول كاف الخطاب، يخالف مدلول المنادى. وكذلك، يجوز نداء اسم الجنس لمعين قليلا.
واختلف الكوفيون والبصريون في اسم الإشارة، واسم الجنس لمعين، إذا نوديا هل يجب ذكر حرف النداء، أو يجوز ذكره وحذفه؟.
فذهب البصريون إلى وجوب ذكر حرف النداء مع اسم الجنس لمعين، واسم الإشارة؛ ولا يجوز حذفه إلا في ضرورة الشعر. وذهب الكوفيون إلى جواز ذكر حرف النداء وجواز حذفه، واستدلوا على جواز الحذف بما ورد في السماع؛ وقد حملوا قوله تعالى:{ثُمَّ أَنْتُمْ هَؤُلاءِ تَقْتُلُونَ أَنْفُسَكُمْ} ؛ فقدروا أن "هؤلاء" اسم إشارة منادى بحرف نداء محذوف؛ أي: ثم أنتم يا هؤلاء تقتلون أنفسكم؛ وجعلوا من نداء اسم الجنس بحرف نداء محذوف قوله عليه الصلاة والسلام حكايةً عن موسى عليه السلام: "ثوبي حجر"؛ أي: يا حجر. غير أن البصريين، زعموا: أن كل ما احتج به الكوفيون ضرورة. التصريح: 2/ 165، وحاشية الصبان: 3/ 136-137.
3 القائل: هو غيلان بن عقبة المعروف بذي الرمة، وقد مرت ترجمته.
4 تخريج الشاهد: هذا عجز بيت، وصدره قوله:
إذا هملت عيني لها قال صاحبي
وهو من قصيدة مشهورة له؛ ومطلعها قوله:
عليكن يا أطلال ميٍّ بشارع
…
على ما مضى من عهدكن سلامُ
والشاهد من شواهد: التصريح 2/ 165، والأشموني: 867/ 2/ 443 والعيني: 4/ 235، والهمع: 1/ 174، والدرر: 1/ 150، والمغني:"1090/ 840" وديوان ذي الرمة: 563؛ وفيه: "فتنة" بدل "لوعة".
وقولهم: "أطرِقْ كَرَا"1، و"افتدِ مخنوقُ"2، و"أصبِحْ ليلُ"3، وذلك عند
= المفردات الغريبة: هملت العين: فاض دمعها وسال. لوعة؛ اللوعة: حرقة في القلب من ألم الحب والهوى أو الحزن. غرام: ولوع وشدة رغبة.
المعني: كلما بكى وانهمر دمعه -عند تذكر المحبوبة -قال له صاحبه: يا هذا، إنك شديد الحب لها والغرام بها؛ وهو لا يستطيع أن يعمل له شيئا يخفف من لوعته.
الإعراب: إذا: ظرف لما يستقبل من الزمان، خافض لشرطه منصوب بجوابه مبني على السكون في حل نصب على الظرفية الزمانية. هملت: فعل ماض، والتاء للتأنيث. عيني: فاعل مرفوع وعلامة رفعه الضمة المقدرة على ما قيل الياء، والياء في محل جر مضاف إليه؛ وجملة "هملت عيني": في محل جر بالإضافة "لها": متعلق بـ "همل".
قال: فعل ماضٍ. صاحبي: فاعل مرفوع، وعلامة رفعه الضمة المقدرة على ما قبل الياء، والياء في محل جر مضاف إليه؛ وجملة "قال صاحبي": لا محل لها من الإعراب؛ لأنها جواب شرط غير جازم. "بمثلك": متعلق بمحذوف خبر مقدم، و"مثل" مضاف والكاف مضاف إليه. هذا: ها: للتنبيه، و"إذا" اسم إشارة منادى بحرف نداء محذوف؛ والتقدير: يا هذا؛ و"جملة النداء" اعتراضية، لا محل لها. لوعة: مبتدأ مؤخر مرفوع. وغرام: الواو عاطفة، غرام: اسم معطوف على مرفوع؛ فهو مرفوع مثله؛ وجملة "بمثلك لوعة وغرام": مقول القول في محل نصب مفعول به.
موطن الشاهد: "هذا".
وجه الاستشهاد: نادى الشاعر اسم الإشارة وحذف حرف النداء؛ على مذهب الكوفيين؛ الذين أجازوا حذف حرف النداء اسم إشارة؛ ومثل هذا البيت قول الشاعر:
ذا، ارعواء، فليس بعد اشتغال الرأ
…
س شيبا إلى الصبا من سبيل
فالشاعر أراد يا هذا ارعوا رعواء؛ فحذف حرف النداء.
1 هذا جزء من مثل، وتمامه:"إن النعام في القرى"؛ وهو مثل يضرب لمن تكبر وقد تواضع من هو أشرف منه؛ أي اخفض يا كرا عنقك للصيد، فإن من هو أكبر وأطول عنقا منك -وهو النعام- قد صيد وجيء به من مكانه إلى القرى؛ وأصله: يا كروان، فرخم، بحذف النون والألف، ثم قلبت الواو ألفا؛ لتحركها وانفتاح ما قبلها.
وشذوذه من وجهين؛ حذف حرف النداء، وترخيمه.
والمثل من أمثال الميداني: 1/ 431. برقم 2273.
2 مثل يضرب لكل مضطرٍّ وقع في شدة وضيق؛ وهو يبخل بافتداء نفسه بماله؛ أي افْتَدِ نفسك يا مخنوق، وهو من أمثال الميداني: 2/ 78، برقم:2765.
3 مثل يضرب لمن يظهر الكراهة والبغض للشيء؛ أي: ائت بالصبح، يا ليل. فقد حذف حرف النداء من هذه الأمثلة، مع أن المنادى اسم إشارة في المثال الأول، واسم جنس في الآخيرين؛ وهو من أمثال الميداني: 1/ 403 برقم: 2132.
البصريين، ضرورة وشذوذ.
الفصل الثاني: أقسام المنادى وأحكامه:
المنادى على أربعة أقسام:
أحدها: ما يجب فيه أن يبنى على ما يرفع به لو كان معربا1؛ وهو ما اجتمع فيه أمران:
أحدهما: التعريف؛ سواء كان ذلك التعريف سابقا على النداء؛ نحو: "يا زيد"2، أو عارضا في النداء بسبب القصد والإقبال؛ نحو:"يا رجل" تريد به معينا3.
والثاني: الإفراد، ونعني به ألا يكون مضافا ولا شبيها به؛ فيدخل في ذلك المركب المزجي4، والمثني، والمجموع5؛ نحو:"يا معدي كرب" و"يا
1 فيبنى على الضم الظاهر أو المقدر في: المفرد الحقيقي، وما يلحق به؛ كأسماء الإشارة، والأسماء الموصولة غير المبدوءة بـ "أل"، وفي جمع التكسير، وجمع المؤنث السالم. وعلى الألف في المثنى، وعلى الواو في جمع المذكر السالم، وعلل النحويون البناء بمشابهته الكاف الاسمية في نحو:"أدعوك" خطابا، وإفرادا، وتعريفا؛ وهذه تشبه الكاف الحرفية لفظا ومعنى؛ فهو مشبه للحرف بالواسطة.
2 فزَيْد مُعرَّفة بالعلمية قبل النداء، واستصحب ذلك التعريف بعد النداء؛ وهو مذهب ابن السراج، وتبعه الناظم. وقيل: سلب تعريف العلمية، وتعرَّف بالإقبال؛ وهو مذهب المبرد والفارسي، ورد بنداء اسم الله تعالى، واسم الإشارة؛ فإنهما لا يمكن سلب تعريفهما؛ لكونهما لا يقبلان التنكير.
التصريح: 2/ 195-166.
3 أي: أن النكرة المقصودة تعرف عند النداء بسبب الإقبال والقصد؛ وإليه ذهب ابن الناظم، وذهب قوم إلى أنه يتعرف بـ "أل" محذوفة، وأن "يا" نابت عن أل.
التصريح: 2/ 166.
4 وكذلك العددي؛ كخمسة عشر، والإسنادي؛ كفتح الله. ويبنى المزجي على ضم الجزء الثاني، وكذلك الإسنادي، والعددي على فتح الجزأين.
5 قال الصبان: الظاهر أن نحو: يا زيدان ويا زيدون من النكرة المقصودة؛ لا من العلم، وأن العلمية زالت؛ إذ لا يثنى العلم، ولا يجمع إلا بعد اعتبار تنكيره؛ ولهذا دخلت عليهما "أل"؛ فتعريفهما بالقصد والإقبال.
حاشية الصبان على شرح الأشموني: 3/ 183.
زيدان"، و"يا زيدون" و"يا رجلان"، و"يا مسلمون"، و"يا هندان".
وما كان مبنيا قبل النداء؛ كـ "سيبويه" و"حذام" في لغة أهل الحجاز قدرت فيه الضمة، ويظهر أثر ذلك في تابعه، فتقول:"يا سيبويه العالِمَُ" برفع "العالم" ونصبه1، كما تفعل في تابع ما تجدد بناؤه؛ نحو:"يا زيد الفاضل" والمحكي كالمبني2؛ تقول: "يا تأبط شرًّا المقدامُ" أو "المقدامَ".
الثاني: ما يجب نصبه؛ وهو ثلاثة أنواع:
أحدها: النكرة غير المقصودة3؛ كقول الواعظ: "يا غفلا والموت يطلبه"4 وقول الأعمى: "يا رجلا خذ بيدي"، وقول الشاعر5:[الطويل] .
1 الرفع مراعاة للضم المقدر، والنصب مراعاة للمحل، ولا يجوز الجر مراعاة للكسر لأنها حركة بناء. ويقال في إعرابه: مبني على ضم مقدر، منع من ظهوره اشتغال المحل بحركة البناء الأصلي في محل نصب، و"سيبويه" منادى مبني على ضم مقدر، منع منه اشتغال المحل بحركة البناء الأصلي في حل نصب.
2 أي: يبنى على ضم مقدر، منع من ظهوره حركة الحكاية، في محل نصب، ويرفع تابعه وينصب على النحو المبين في المبني. وإذا نودي المنقوص؛ كـ "قاضٍ" حذف تنوينه، ورجعت الياء، وبُنِيَ على ضم مقدر عليها. وإذا نودي: اثنا عشر، واثنتا عشرة -علمين- جاز أن يقال: يا إثنا عشر، ويا إثنتا عشرة؛ بالبناء على الألف، وتبقى عشر وعشرة مبنية على الفتح؛ لأنها بمنزلة نون المثنى؛ وهمزتهما للقطع ما داما علمين؛ ويجوز أن يقال: يا اثني عشر، ويا اثنتي عشرة بالنصب بالياء، واعتبار عشر وعشرة بمنزلة المضاف إليه صورة.
الهمع: 1/ 172-173. والأشموني: 2/ 445.
3 أي: الباقية على إبهامها وشيوعها، ولا تدل على فرد معين مقصود بالمناداة؛ وتسمى: اسم الجنس غير المعين.
4 هذا إذا جعلت الواو استئنافية؛ فإن جعلت حالية، كان من أمثلة الشبيه بالمضاف؛ لعمله النصب في الجملة التي هي حال من ضمير "غافلا" المستتر فيه.
5 هو: عبد يغوث بن وقاص الحارثي؛ وقيل: ابن صلاءة، شاعر جاهلي من قحطان، وفارس معدود، وسيد قومه، أُسر يوم الكلاب؛ فخُيِّرَ كيف يرغب أن يموت؛ فاختار أن يقطع من عرق الأكحل وهو يشرب الخمر؛ فمات نزفا؛ وذلك سنة 40ق. هـ.
الخزانة: 1/ 313، والمفضليات: 156، والأعلام: 4/ 187، والأغاني: 15/ 69.
434-
فيا راكبا إما عرضت فبلغنْ1
1 تخريج الشاهد: هذا صدر بيت، وعجزه قوله:
نداماي من نجران أن لا تلاقيا
والبيت من قصيده ينوح فيها على نفسه، عندما أسرته تيم الرباب في يوم الكلاب الثاني؛ ومطلعها:
ألا لا تلوماني كفى اللوم ما بيا
…
فما لكما في اللوم خيرٌ ولا ليا
والشاهد من شواهد: التصريح: 2/ 167، والأشموني:"872/ 2/ 445"، والشذور:"51/ 111"، وابن عقيل:"306/ 3/ 260، وسيبويه: "1/ 312"، والخصائص: 2/ 449، وشرح المفصل: 1/ 127، 129، والخزانة: 1/ 313، والعيني: 3/ 42، 4/ 206، والمفضليات:156.
المفردات الغريبة: عرضت: أي ظهرت، وقيل معناه: أتيت العروض؛ والعروض: اسم لمكة والمدينة وما حولهما. نداماي: جمع ندمان؛ وهو المؤنس في مجلس الشراب.
نجران: بلد باليمن.
المعنى: يندب الشاعر حظه، وينادي الركبان؛ وهو في الأسر؛ فيقول: إذا بلغتم العروض، فبلغوا نداماي ورفاقي وأهلي وأحبابي؛ أنه لا تلاقي بيننا؛ فنحن في الأسر، ولا ندري ما الله صانع بنا.
الإعراب: يا: حرف نداء. راكبا: منادى نكرة غير مقصودة منصوب، وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة على آخره. إما: إن: شرطية مدغمة في "ما" الزائدة. عرضت: فعل ماضٍ -فعل الشرط- مبني على السكون؛ لاتصاله بالتاء المتحركة؛ والتاء في محل رفع فاعل؛ وهو في حل جزم فعل الشرط. فبلغن: الفاء واقعة في جواب الشرط، بلغن: فعل أمر مبني على الفتح؛ لاتصاله بنون التوكيد الخفيفة، والنون؛ لا محل لها من الإعراب، والفعل ضمير مستتر وجوبا، تقديره: أنت. نداماي: مفعول به منصوب، وعلامة نصبه الفتحة المقدرة على الألف، و"ندامى" مضاف، وياء المتكلم، في محل جر بالإضافة. "من نجران": متعلق بمحذوف حال من "نداماي"؛ و"نجران": ممنوع من الصرف؛ للعلمية والتأنيث. أن: مخففة من الثقيلة؛ واسمها ضمير الشأن المحذوف. لا: نافية للجنس، تعمل عمل إن. تلاقيا: اسم "لا" مبني على الفتح في محل نصب، والألف لإطلاق، وخبر "لا" محذوف والتقدير: لا تلاقي لنا؛ وجملة "لا تلاقي لنا": في محل رفع خبر "أن" المخففة من الثقيلة؛ والمصدر المؤول من "أن وما دخلت عليه": في محل نصب مفعول ثانٍ لـ "بلغن".
موطن الشاهد: "يا راكبا".
وجه الاستشهاد: وقوع "راكبا" منادى منصوبا؛ لأنه نكرة غير مقصودة؛ لأن الشاعر لا يقصد راكبا معينا؛ وفي هذا البيت وأمثاله رد على المازني الذي زعم استحالة وجود هذا النوع متذرعا بأن نداء غير المعين لا يمكن؛ وذهب إلى أن التنوين في ذلك المنادى شاذٌّ أو ضرورة؛ والبيت الشاهد حجة عليه.
وعن المازني1 أنه أحال وجود هذا القسم2.
الثاني: المضاف3؛ سواء كانت الإضافة محضة؛ نحو: "ربنا اغفر لنا" أوغير محضة؛ نحو: "يا حسن الوجه"؛ عن ثعلب4 إجازة الضم في غير المحضة5.
الثالث: الشبيه بالمضاف؛ وهو: ما اتصل به شيء؛ من تمام معناه6؛ نحو:
1 مرت ترجمته.
2 ادعى المازني أن النداء معناه: طلب إقبال من تناديه عليك، وأن غير المعين لا يمكن فيه ذلك، وعلى هذا يكون التنوين في النكرة ضرورةً أو شاذًّا.
التصريح: 2/ 167.
3 شرط أن تكون إضافته لغير ضمير المخاطب؛ فلا يصح أن يقال: يا غلامك؛ لأن النداء خطاب للمضاف، مع أن المضاف إليه ضمير المخاطب غير المضاف.
4 هو أحمد بن يحيى المعروف بثعلب، وقد مرت ترجمته.
5 حجته: أن الإضافة فيها في نية الانفصال، ورد بأن علة البناء مشابهة الضمير؛ وهي مفقودة هنا؛ لأن الصفة المضافة إلى معمولها، ليست بهذه المنزلة، ولم يسمع عن العرب ما يسيغ ذلك.
وقد تفصل لام الجر الزائدة بين المنادى المضاف، والمضاف إليه في الضرورة الشعرية؛ كقول سعيد بن مالك:
يا بؤسَ للحرب التي
…
وضعت أراهط فاستراحوا
6 أي: جاء بعده معمول يتمم معناه؛ سواء كان هذا المعمول مرفوعا به، أم منصوبا أم مجرورا بالحرف، والجار ولمجرور متعلقان بالمنادى، أم معطوفا على المنادى قبل النداء، وقد مثل لهما المؤلف على التوالي.
ومما ينبغي أن يعد من نوع التشبيه بالمضاف شيئان، لم يذكرهما المؤلف.
الأول: الاسم المفرد المنكر الموصوف؛ نحو: يا رجلا فاضلا، ونحو: يا رجلا يجبر الكسير، إذا كنت قصدت به معينا، وكان النداء طارئا على الصفة والموصوف جميعا.
الثاني: الوصف المقترن بجملة؛ نحو قوله صلى الله عليه وسلم في سجوده: "يا عظيمًا يرجى لكل عظيم"؛ لأنه قد اتصل به شيء يتمم معناه.
انظر الأشموني: 2/ 445، والتصريح: 2/ 68، وحاشية الصبان: 3/ 140-141.
"يا حسنا وجهه" و"يا طالعا جبلا"، و"يا رفيقا بالعباد"، و"يا ثلاثة وثلاثين"؛ فيمن سميته بذلك1، ويمتنع إدخال "يا" على "ثلاثين"2؛ خلافا لبعضهم؛ إن ناديت جماعة هذه عدتها، فإن كانت غير معينة نصبتهما أيضا3، وإن كانت معينة؛ ضممت الأول، وعرفت الثاني بـ "أل"، ونصبته، أو رفعته، إلا إن أعيدت معه "يا"، فيجب ضمه؛ وتجريده من "أل"4، ومنع ابن خروف5 إعادة "يا" وتخيره في إلحاق "أل" مردود6:
والثالث: ما يجوز ضمه وفتحه؛ وهو نوعان:
أحدهما: أن يكون علما مفردا موصوفا بابن متصل به مضاف إلى علم7، نحو:"يا زيد بن سعيد"8، والمختار عند البصريين -غير المبرد- الفتح، ومنه
1 أي: قبل النداء، وهذا مثال للمنادى المعطوف عليه قبل النداء، وإنما وجب نصبهما للطول؛ أما الأول فشبهه بالمضاف؛ لأن الثاني معمول له؛ لوقول التسمية بهما، وأما الثاني فالبعطف بالواو.
2 لأنه جزء علم؛ كشمس؛ من عبد شمس، وقيس؛ من عبد قيس؛ أما المخالف فقد نظر إلى الأصل.
3 الأول؛ لأنه نكرة غير مقصودة، والثاني؛ للعطف.
4 أما الضم؛ فلأنه نكرة مقصودة والمقصود بالضم: البناء على ما يرفع به. وأما تجريده من "أل"؛ فلأن "يا" لا تجامع أل إلا في مواضع ستأتي، وليس هذا منها.
5 مرت ترجمته.
6 وجه الرد على الشطر الأول: أن الثاني ليس بجزء علم حتى تمتنع معه "يا"؛ وعلى الشطر الثاني: أن اسم الجنس أريد به معين، فيجب تعريفه بـ "أل"، لا التخيير.
7 ظاهر هذه العبارة صالح لأن يشمل ما إذا كان العَلَم الذي أضيف "ابن" إليه مذكرًا؛ نحو: "يا زيد بن محمد" وما إذا كان مؤنثا؛ نحو: "يا عمرو بن هند"، والأول: متفق عليه بين النحاة؛ والثاني: محل خلاف بينهم.
8 فيجوز في "زيد" الضم على الأصل، والفتح إما على الإتباع لفتحة "ابن"؛ لأن الحاجز بينهما ساكن فهو غير حصين، أو فتح بناء على تركيب الصفة مع الموصوف، وجعلهما شيئا واحدا؛ كخمسة عشر، أو فتح إعراب على إقحام "ابن" وإضافة زيد إلى سعيد؛ لأن ابن الشخص، يجوز إضافته إليه؛ لأنه يلابسه.
لتصريح: 2/ 169.
قوله1: [الرجز]
435-
يا حَكَمَُ بن المنذر بن الجارود2
1 ينسب هذا الرجز إلى رجل من بني الحرماز، ونسبه الجوهري إلى رؤبة بن العجاج؛ وقد مرت ترجمته.
2 تخريج الشاهد: هذا صدر بيت من الرجز، في مدح الحكم بن المنذر أمير البصرة على عهد هشام بن عبد الملك؛ وعجزه قوله:
سرادق المجد عليك ممدود
وهو من شواهد: التصريح: 2/ 169، والأشموني:"873/ 2/ 446"، وسيبويه: 1/ 313، والمقتضب: 4/ 323، وشرح المفصل: 2/ 5، والعيني: 4/ 210 واللسان: "سردق"، وملحقات ديوان رؤبة:172.
المفردات الغريبة: الجارود: لقب لجد الممدوح؛ قيل لقب بذلك؛ لأنه أغار على قوم فاكتسح أموالهم، فشبهوه بالسيل الشديد الذي يجرف أمامه كل شيء. سرادق: هو ما يمد فوق صحن الدار. المجد: علو المنزلة وسمو القدر.
المعنى: إن الممدوح ذو شرف وسيادة، وقد جعل المجد ذا سرادق منصوب عليه -على سبيل الاستعارة بالكناية.
الإعراب: يا: حرف نداء. حكم: منادى مبني على الضم في محل نصب؛ أو مبني على الفتح للإتباع في محل نصب، والأول أفضل. ابن: صفة لـ "الحكم" باعتبار محله منصوب، وهو مضاف. المنذر: مضاف إليه/. ابن: صفة لـ "المنذر" مجرور، وو مضاف. الجارود: مضاف إليه، وسكن لضررة الشعر. سرادق: مبتدأ مرفوع، وهو مضاف. المجد: مضاف إليه مجرور. "عليك": متعلق بـ "ممدود" الآتي. ممدود: خبر مرفوع.
موطن الشاهد: "يا حكم".
وجه الاستشهاد: فتح "حكم" -وهو مختار البصريين- ويجوز فيه الضم -كما بيَّنَّا- وقد اشترط في جواز الوجهين؛ كون "الابن" صفة؛ فلو جعل بدلا؛ أو عطف بيان، أو منادى حذف منه حرف النداء، أو مفعولا بفعل محذوف، تقديره: أعني، ونحو ذلك، تعين الضم.
ويتعين الضم في نحو: "يا رجلُ ابنَ عمرو"، و"يا زيدُ ابنَ أخينا"؛ لانتفاء علمية المنادى في الأولى، وعلمية المضاف إليه في الثانية، وفي نحو:"يا زيدُ الفاضلَ ابن عمرو"؛ لوجود الفضل، وفي نحو:"يا زيد الفاضل"؛ لأن الصفة غير "ابن"، ولم يشترط ذلك1 الكوفيون، وأنشدوا2:[الوافر] .
436-
بأجود منك يا عمرَُ الجوادا3
1 أي: كون الوصف "ابنا"، وحجتهم: أن علة الفتح التركيب، وقد جاء في باب "لا" نحو: لا رجل ظريف -بفتحهما- فيجوز هنا.
2 هذا من قول جرير بن عطية الشعر المعروف، وقد مرت ترجمته.
3 تخريج الشاهد: هذا عجز بيت، وصدره قوله:
فما كعب بن مامة وابن سعدى
وهو من قصيدة يمدح فيه عمر بن عبد العزيز؛ ومطلع هذه القصيدة قوله:
أبت عيناك بالحسن الرقادا
…
وأنكرت الأصادق والبلادا
والشاهد: من شواهد: التصريح: 2/ 169، الأشموني:"874/ 2/ 447"، والهمع: 1/ 176، والدرر: 1/ 153.
المفردات الغريبة: كعب بن مامة: هو كعب الأيادي الذي يضرب به المثل في الإيثار؛ لأنه آثر رفيقه في السفر بالماء حتى مات عطشا، ومامة: اسم أمه. ابن سعدى: هو أوس بن حارثة الطائي الجواد المشهور، وسعدى: اسم أمه؛ ويروى "ابن أروى" مكان ابن سعدى، ويعني بذلك أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله عنه.
المعنى: يمدح الشاعر عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه قائلا: ليس كعب بن مامة، ولا ابن أروى -المشهوران بالكرم والجود- بأكرم منك؛ لكثرة جودك، وعظيم عطاياك.
الإعراب: ما: نافية حجازية -وهو الأرجح- تعمل عمل "ليس". كعب: اسم "ما" مرفوع، وهو مضاف. مامة: مضاف إليه مجرور، وعلامة جره الكسرة المقدرة على الألف. بأجود: الباء حرف جر زائد، أجود: اسم مجرور لفظا منصوب محلا؛ على أنه خبر "ما" العاملة عمل "ليس"؛ وأجود ممنوع من الصرف. "منك": متعلق بـ "أجود".
يا: حرف نداء. عمر: منادى مفرد علم مبني على الفتح؛ لأنه موصوف بالجواد المنصوب؛ أو مبني على الضم المقدر على آخره، منع من ظهوره فتح الإتباع. الجوادا: صفة لـ "عمر" على المحل، والألف للإطلاق.
بفتح "عمر"، والوصف بابنة؛ كالوصف بابن؛ نحو:"يا هندَُ ابنة عمرو"، ولا أثر للوصف ببنت؛ فنحو:"يا هندُ بنتَ عمرو" واجب الضم1.
الثاني: أن يكرر2 مضافا؛ نحو: "يا سعدَُ سعدَ الأوس"؛ فالثاني واجب النصب؛ والوجهان في الأول؛ فإن ضممته3 فالثاني بيان، أو بدل أو بإضمار "يا" أو أعني4، وإن فتحته؛ فقال سيبويه: مضاف لما بعد الثاني، والثاني مقحم بينهما.
1 ويمتنع الفتح لتعذر الإتباع؛ لأن بينهما حاجزا حصينا؛ وهو تحرك الباء.
2 أي المنادى المفرد المعرفة؛ سواء كان علما أم اسم جنس؛ وفي التمثيل بسعد سعد الأوس: وسعد بن عبادة؛ وهي:
فإن يسلم السعدان يصبح محمدًا
…
بمكة لا يخشى خلاف المخالفِ
أيا سعدَُ سعدَ الأوس كن أنت ناصرًا
…
ويا سعدَُ سعدَ الخزرجين الغطارفِ
أجيبا إلى داعي الهدى، وتَمَنَّيَا
…
على الله في الفردوس منية عارفِ
ونظير الشاهد هنا قول جرير:
يا تيم تيم عدي لا أبا لكم
…
لا يلقينكم في سوأة عمر
حاشية يس على التصريح: 2/ 171.
3 أي لأنه مفرد معرفة؛ يبنى على الضم في محل نصب.
4 إذا ضم الاسم الأول، فيحتمل في نصب الاسم الثاني خمسة أوجه:
الأول: أن يكون توكيدا للاسم الأول، ولم ينون؛ لقصد المشاركة بين الاسمين.
الثاني: أن يكون بدلا، والثالث: أن يكون عطف بيان عليه؛ وهو في هذه الأوجه الثلاثة تابع في إعرابه لمحل الاسم الأول المبني على الضم في محل نصب.
والرابع: أنه مفعول به لفعل محذوف؛ تقديره: أعني؛ فهو كالنعت المتطوع إلى النصب.
والخامس: أنه منادى مستأنف، وانتصب؛ لكونه مضافا.
وقد اعترض أبو حيان على الوجه الأول؛ بأنه لا يجوز التوكيد؛ لاختلاف وجهي التعريف؛ لأن تعريف الأول: بالعلمية، أو بالنداء، والثاني: بالإضافة.
هذا وقد اعترض أبو حيان على الوجه الأول بقوله: لا يجوز أن يكون الاسم الثاني توكيدا معنويا للاسم الأول؛ لأن التوكيد المعنوي له ألفاظ معينة محصورة، وليس هذا منها؛ كما لا يجوز أن يكون توكيدًا لفظيًّا؛ لأن مع الاسم الثاني زيادة هي المضاف إليه، ومع هذه الزيادة لا يتفقه التوكيد مع المؤكد في كمال المعنى؛ وقال ابن هشام في اعتراض هذا الوجه من وجه الإعراب: تعريف الاسم الأول إما بالعلمية السابقة على النداء، وإما بالإقبال عليه الحاصل بالنداء؛ وأما تعريف الاسم الثاني فبالإضافة؛ وباختلاف التعريفين لا يحصل التوكيد.
انظر التصريح: 2/ 171.
وقال المبرد: مضاف لمحذوف مماثل لما أضيف إلي الثاني1، وقال الفراء: الاسمان مضافان للمذكور2، وقال بعضهم: الاسمان مركبان تركيب خمسة عشر ثم أضيفا3.
الرابع: ما يجوز ضمه ونصبه؛ وهو المنادى المستحق للضم إذا اضطر الشاعر إلى تنوينه؛ كقوله4: [الوافر] .
437-
سلام الله يا مطر عليها5
1 ويكون نصب الثاني حينئذ -على أحد الأوجه المذكورة عند ضم الأول؛ وهو أن يكون منادى، أو عطف بيان، أو بدل
…
إلخ، والأصل: يا سعد الأسود سعد الأسود؛ فحذف من الأول؛ لدلالة الثاني عليه؛ وهو نظير قوله في نحو: قطع الله يد ورجل من قالها؛ وهو قليل في كلامه.
2 وهو رأي ضعيف؛ لأن فيه توارد عاملين على معمول واحد.
3 وتكون فتحة الثاني -على هذا- فتحة بناء. وإلى هذا النوع أشار ابن مالك بقوله:
في نحو: "سعدَُ سعدَ الَاوْسٍ" ينتصِبْ
…
ثانٍ وضم وافتح أوَّلًا تًصِبْ
والمعنى: في مثل يا سعد سعد الأوس مما وقع فيه المنادى مفردا مكررا، والثاني مضافا، يجب نصب الثاني منهما؛ أما الأول: فيجوز فيه الضم والفتح -كما بَيَّنَ المؤلف- وأما إذا كان الاسم الثاني غير مضاف؛ نحو: يا محمد محمد، أو يا سعد سعد؛ جاز بناؤه على الضم على أنه منادى حذف قبله حرف النداء، أو بدل؛ وجاز رفعه ونصبه؛ باعتباره توكيدا لفظيا على اللفظ أو المحل.
انظر حاشية الصبان: 3/ 154، والتصريح: 2/ 171.
4 القائل: هو: الأحوص؛ محمد بن عبد الله بن عاصم الأوسي، وقد مرت ترجمته.
5 تخريج الشاهد: هذا صدر بيت، وعجزه قوله:
وليس عليك يا مطرُ السلام
وقوله1: [الوافر] .
438-
أبعدا حل في شعبي غريبا2
= وهو من شواهد: التصريح: 2/ 171، والأشموني:"875/ 2/ 448"، وابن عقيل:"307/ 2 262"، والشذور:"53/ 113" وسيبويه: 1/ 313، والمقتضب: 4/ 214، 224 ومجالس ثعلب: 92، 239، 542، والأغاني: 14/ 61، والجمل للزجاجي: 166، وأمالي الزجاجي: 81، والمحتسب: 2/ 93، وأمالي ابن الشجري: 1/ 341، والإنصاف: 311، والخزانة: 1/ 294، والهمع: 2/ 80، والدرر: 2/ 105، والعيني: 1/ 108، 4/ 211، والمغني:"643/ 449"، والسيوطي: 260، وديوان الأحوص:137.
المعنى: واضح.
الإعراب: سلام: مبتدأ مرفوع، وهو مضاف. الله:"لفظ الجلالة" مضاف إليه مجرور. يا: حرف نداء، لا محل له من الإعراب. مطر: منادى مفرد علم مبني على الضم، في محل نصب على النداء، ونُوِّنَ للضرورة الشعرية. "عليها": متعلق بمحذوف خبر المبتدأ "سلام"؛ أو متعلق بـ "سلام" ويكون الخبر محذوفا؛ والتقدير: سلام الله عليها حاصل أو كائن مثلا. وليس: الواو عاطفة، ليس: فعل ماضٍ ناقص. "عليك": متعلق بالخبر المقدم المحذوف. يا: حرف نداء، لا محل له من الإعراب. مطر: منادى مبني على الضم في محل نصب على النداء؛ وجملة "يا مطر": اعتراضية، لا محل لها. السلام: اسم ليس مرفوع، وعلامة رفعه الضمة الظاهرة.
مواطن الشاهد: "يا مطر عليها".
وجه الاستشهاد: مجيء "مطرا" الأول منونا؛ لضرورة الشعر؛ وهو مفرد علم واجب البناء على الضم؛ كما هو معلوم؛ وحكم تنوينه الجواز للضرورة الشعرية.
1 القائل: هو جرير بن عطية الخطفي.
2 تخريج الشاهد: هذا صدر بيت، وعجزه قوله:
ألؤما لا أبا لك واغترابا
وهو من كلمة يهجو فيها العباس بن يزيد الكندي؛ وأولها قوله:
أخالدَ عاد وعدُكُمُ خِلابا
…
ومُنَّيتِ المواعد والكذابا
وقد مر تخريج هذا الشاهد في باب المفعول المطلق.
موطن الشاهد: "أعبدا".
وجه الاستشهاد: وقوع "عبدا" منادى نكرة مقصودة، وقد نصبه مع التنوين تشبيها له بالنكرة غير المقصودة، وذلك للضرورة؛ وقيل: يجوز نصبه؛ لأنه شبيه بالمضاف؛ لأنه نكرة موصوفة؛ وقيل: يجوز أن يكون "عبدا" حالا من فاعل محذوف؛ والتقدير: أتفخر عبدا؟؛ أي: وأنت عبد، ولا يليق الفخر بالعبيد.
انظر ضياء السالك: 3/ 223.
واختار الخليل وسيبويه الضم، وأبو عمرو1 وعيسى2 النصب، ووافق الناظم والأعلم سيبويه في العلم، وأبا عمرو وعيسى في اسم الجنس3.
[لا يجوز نداء ما فيه"أل"] :
فصل: ولا يجوز نداء ما فيه "أل"4 إلا في أربع صور:
إحداها: اسم الله تعالى5، أجمعوا على ذلك؛ تقول:"يا الله" بإثبات الألفين، و"يَللَّه" بحذفهما، و"يالله" بحذف الثانية فقط، والأكثر أن يحذف حرف النداء، ويعوض عنه الميم المشددة؛ فتقول:"اللهم" وقد يجمع بينهما في الضرورة النادرة؛ كقوله6: [الرجز] .
439-
أقول يا اللهم يا اللهما7
1 هو أبو عمرو بن العلاء، وقد مرت ترجمته، وترجمة الأعلم والخليل وسيبويه والناظم.
2 هو أبو عمرو؛ عيسى بن عمر الثقفي، مولى خالد بن الوليد المخزومي، كان إماما في النحو والعربية؛ أخذ عن ابن أبي إسحاق وأبي عمرو بن العلاء، روى عن الحسن البصري؛ وعنه أخذ الأصمعي والخليل وغيرهما؛ وكان عيسى يطعن على العرب، ويخطئ المشاهير منهم؛ كالنابغة في بعض أشعاره، كما كان صاحب تقعير في كلامه، واستعمال للغريب فيه؛ له مصنفات كثيرة؛ منها: الإكمال، والجامع، وقيل إن له سبعين مصنفا، مات سنة 149هـ.
البلغة: 179، إنباه الرواة: 2/ 274، وبغية الوعاة: 2/ 237، والأعلام: 5/ 288.
3 أي: نصبه "كعبدا" في البيت السابق؛ وذلك لضعف شبهه بالضمير؛ وخيَّر الناظم بين الضم والنصب مع التنوين للضرورة.
4 لما فيه من الجمع بين معرفتين؛ النداء، وأل، وذلك ما لم يعهد في الأساليب العربية.
5 وذلك للزوج "أل" له حتى صارت كالجزء منه.
6 القائل: هو أبو خراش الهذلي، أو أمية بن أبي الصلت.
7 تخريج الشاهد: هذا عجز بيت، وصدره قوله:
إني إذا ما حدث ألما
وهو من شواهد: التصريح: 2/ 172، والأشموني:"880/ 2/ 449"، وابن عقيل:"310/ 3/ 265"، والعيني: 4/ 216، ونسبه إلى أمية بن أبي الصلت. ونوادر أبي زيد: 165، والمقتضب: 4/ 242، والمخصص: 1/ 137، والمحتسب: 2/ 238، والهمع: 1/ 168، والدرر.
الثانية: الجمل المحكية؛ نحو: "يا المنطلق زيد"؛ فيمن سمي بذلك، نصَّ
1/ 155، وأمالي ابن الشجري: 2/ 103، والإنصاف: 341، واللسان "أله".
المفردات الغريبة: جدث: حادث طارئ من مكاره الدنيا. ألما: نزل.
المعنى: إذا نزل بي حادث من حوادث الدهر، وطرأ علي ما أحتاج فيه إلى المعونة، ألجأ إلى الله وأناديه، فإنه جلت قدرته هو المعين وحده.
الإعراب: إني: إن حرف مشبه بالفعل، والياء: في محل نصب اسمه. إذا: ظرف لما يستقبل من الزمان خافض لشرطه منصوب بجوابه. ما: زائد، لا محل لها. حدث: فاعل لفعل محذوف، يفسره المذكور بعده؛ وجملة "الفعل المحذوف وفاعله": في محل جبر بالإضافة. ألما: فعل ماض، والألف: للإطلاق، والفاعل: شمير مستتر جوازا؛ تقديره: هو؛ وجملة "ألما" تفسيرية، لا محل لها. أقول: فعل مضارع مرفوع والفاعل: أنا؛ وجملة "أقول": جواب شرط غير جازم، لا محل لها. وجملة "الشرط وجوابه": في محل رفع خبر "إن". يا اللهم: "يا" حرف نداء، اللهم: الله "لفظ الجلالة": منادى مبني على الضم في محل نصب على النداء. والميم: حرف أصلها عوض عن "يا" عند حذفها، وقد جمع هنا بينهما ضرورة؛ و"جملة النداء": في محل نصب مفعول به، مقول القول. يا اللهم: مثل الأولى.
موطن الشاهد: "يا اللهم".
وجه الاستشهاد: الجمع في "يا اللهم" بين حرف النداء، والميم المشددة؛ التي تأتي عوضا عن حرف النداء، وحكم هذا الجمع شاذ أو نادر؛ لأنه جمع بين العوض والمعوض عنه. هذا: وقد تحذف "أل" من اللهم؛ فيقال: "لاهم" وتكون كلمة "لاه" هي المنادى المبني على الضم؛ وهو كثير في الشعر؛ ومنه قول القائل:
لاهُمَّ إن العبد يَمْـ
…
ـنعُ رحله فامنع رحالك
وقد تخرج اللهم عن النداء المحض؛ فتستعمل على وجهين:
أ- أن تذكر تمكينا للجواب؛ كأن يقال: هل أنت مسافر؟ فتقول: اللهم نعم أو لا.
ب- أن تدل على الندرة؛ نحو: سأزورك اللهم إذا لم تدعني؛ وهي حينئذ منادى صورة فتعرب كإعرابه.
لتصريح: 2/ 172. الأشموني: 2/ 450.
على ذلك سيبويه، وزاد عليه المبرد ما سمي به من موصول مبدوء بأل1؛ نحو: الذي والتي، وصوبه الناظم.
الثالثة: اسم الجنس المشبه به؛ كقولك: "يا الخليفة هيفة" نص على ذلك ابن سعدان2.
الرابعة: ضرورة الشعر؛ كقوله3:
440-
عباس يا الملك المتوج والذي4
ولا يجوز ذلك في النثر؛ خلافا للبغداديين.
1 بشرط أن يكون مع صلته علما؛ نحو: "يا الذي سافر" في نداء من سمي بذلك؛ لأن الموصول مع صلته بمنزلة اسم واحد؛ أما الموصول وحده المسمى به فمتفق على منع ندائه.
ومن نداء الاسم الموصول المقترن بـ "أل" مع صلته قول الشاعر:
من اجلك يا التي تيمت قلبي
…
وأنت بخيلة بالود عني
2 مرت ترجمته.
2 لم ينسب البيت إلى قائل معين.
4 تخريج الشاهد: هذا صدر بيت، وعجزه قوله:
عرفت له بيتَ العُلا عدنانُ
وهو من شواهد: التصريح: 2/ 173، والأشموني:"878/ 2/ 449" والعيني: 4/ 245 والهمع: 1/ 174، والدرر: 1/ 152.
المفردات الغريبة: المتوج: الذي ألبس التاج. عرفت: اعترفت. العلا: الشرف. عدنان: المراد عدنان أبو العرب.
المعنى: واضح.
الإعراب: عباس: منادى بحرف محذوف، مبني على الضم في محل نصب. يا: حرف نداء، لا محل له من الإعراب. الملك: منادى مبني على الضم في محل نصب على النداء. المتوج: صفة لـ "الملك" يجوز فيها الرفع إتباعا على لفظ الموصوف؛ ويجوز فيها النصب إتباعا على محل الموصوف. والذي: الوو عاطفة، الذي: اسم موصول، مبني على السكون، معطوف على المتوَّج في حل رفع أو نصب. عرفت: فعل ماضٍ مبني على الفتح، والتاء: للتأنيث. "له": متعلق بـ "عرف". بيت: مفعول به منصوب لـ "عرف"، وهو مضاف العلا: مضاف إليه مجرور، وعلامة جره الكسرة المقدرة على الألف للتعذر. عدنان: فاعل مرفوع، وعلامة رفعه الضمة الظاهرة؛ وجملة "عرفت له بيت العلا عدنان": صلة للموصول الأسمي، لا محل لها.
موطن الشاهد: "يا الملك".
وجه الاستشهاد: إدخال حرف النداء "يا" على المنادى المقترن بـ "أل"؛ وهو "الملك"؛ وحكم هذا الإدخال ضرورة عند البصريين؛ وجائز عند الكوفيين؛ بالقياس وبالسماع؛ فأما القياس؛ فما أباحه الجميع من مناداة لفظ الجلالة المقترن بـ "أل" وأما السماع: فهذا الشاهد ونحوه.
انظر حاشية الصبان: 3/ 145.
الفصل الثالث: في أقسام تابع المنادى المبني وأحكامه1:
وأقسامه أربعة:
أحدها: ما يجب نصبه مراعاة لمحل المنادى؛ وهو ما اجتمع فيه أمران:
أحدهما: أن يكون نعتا2 أو بيانا أو توكيدا.
ثانيهما: أن يكون مضافا مجردا من "أل"3؛ نحو: "يا زيد صاحب عمرو".
1 أما المنادى المنصوب اللفظ، إن كان تابعه نعتا أو عطف بيان أو توكيدا؛ وجب نصب التابع مرعاةً للفظ المتبوع؛ نحو: يا مجاهدا مخلصا لا تحجم عن لقاء العدو، يا عربا أهل اللغة الواحدة، أو كلكم أجيبوا داعي الوطن. وإن كان التابع بدلا، أو عطف نسق مجرَّدًا من "أل"؛ فالأحسن أن يكون منصوب اللفظ أيضا: نحو: بوركت يابن الخطاب عمر؛ أو بوركتما يابن الخطاب وعليا. وبعضهم يجعل ذلك في حكم المنادى المستقل.
2 بشرط ألا يكون منعوته -وهو المنادى- اسم إشارة، ولا كلمة "أي"، أو "أية"، وإلا وجب رفع النعت؛ كما في الحالة الثانية الآتية.
3 ويشترط أن تكون الإضافة في الثلاثة محضة على الراجح، وإلا جاز رفع التابع مرعاة للفظ المنادى؛ نحو: يا رجل ضارب محمد بالضم والنصب، ووجوب النصب بهذين الشرطين: مذهب جمهور النحاة؛ وحكي عن جماعة من الكوفيين ومعهم الكسائي لما كانت حادثة تحدث بدخول حرف النداء، وتزول بزواله أشبهت حركة الإعراب؛ فجاز مراعاتها. وحكوا ذلك في النعت والتوكيد، ولم يحكوه في عطف البين؛ لأنه قريب الشبه من البلد، وقد علمنا أن البدل إذ كان مضافا؛ وجب نصبه؛ لأنه كنداء مستقل؛ فما أشبهه يأخذ حكمه.
التصريح: 2/ 174، الأشموني: 2/ 450.
و "يا زيدُ أبا عبد الله"، و"يا تميمُ كلَّهم، أو كلكم"1.
والثاني: ما يجب رفعه مراعاة للفظ المنادى؛ وهو نعت "أي" و"أية"2 ونعت اسم الإشارة؛ إذا كان اسم الإشارة وصلة لندائه؛ نحو: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ} 3، {يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ} 4، وقولك "يا هذا الرجل"5، إن كان المراد أوَّلا نداء الرجل؛
1 إذا كان تابع المنادى مشتملا علي ضمير؛ جاز أن يجيء به ضمير غيبة؛ وهو الأصل؛ وذلك باعتبار أن لفظ المنادى اسم ظاهر؛ والاسم الظاهر من قبيل الغيبة؛ وجاز أن يجيء به ضمير خطاب؛ وهذا يشمل توابع المنادى المنصوب اللفظ وغير المنصوب؛ إلا إذا كان التابع اسم إشارة؛ فلا يجوز أن تتَّصل بآخره علامة خطاب وقد اجتمع الاعتباران في قول الشاعر:
فيا أيها المُهدِي الخنا من كلامه
…
كأنك يضفو في إزارك خِرنِقُ
فجاء بضمير الغيبة في قوله: "من كلامه؛ وبضمير الخطاب في قوله: "من إزارك"، وذهب الأخفش إلى وجوب كون الضمير المتصل بتابع المنادى ضمير غيبة؛ فإن جاء ضمير حضور؛ نحو: "يا تميم كلكم"؛ فن رفعت كلكم؛ فهو مبتدأ خبره محذوف؛ وإن نصبتهن فهو مفعول به لفعل محذوف.
التصريح: 2/ 147
2 إنما وجب الرفع؛ لأن المقصود بالنداء هو التابع، وهو مفرد، أما "أي" و"أية" فكلاهما صلة لندائه، وهما مبنيان على الضم؛ لأن كلا منهما نكرة مقصودة. و"ها" حرف تنبيه زائد زيادة لازمة لا تفارقهما.
3 "2" سورة البقرة، الآية:21.
موطن الشاهد: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ} .
وجه الاستشهاد: مجيء "أي" منادى نكرة مقصودة مبنيا على الضم، و"ها" للتنبيه؛ والناس: بدل من "أي" مرفوع تبعا للفظ "أي"؛ وإنما جاز الرفع مع أن المتبوع مبني؛ لأنه مشبه للمعرب في حدوث ضمه بسبب الداخل عليه.
انظر التصريح: 2/ 174.
4 "89" سورة الفجر، الآية:27.
موطن الشاهد: {يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ} .
وجه الاستشهاد: مجيء "أية" مبنية على الضم؛ لكوها نكرة مقصودة، و"ها" للتنبيه لازمة للفظ "أية"، و"النفس": بدل من "أية" مرفوع على التبعية وجوبًا؛ مراعاةً للفظ "أية"؛ وإنما جاز الرفع مع أن المتبوع مبنى؛ لأنه مشبه للمعرب في حدوث ضمة بسبب الداخل عليه.
5 جوز النحاة على الاسم المحلى بـ "أل" بعد اسم الإشارة، أن يكون صفة لاسم الإشارة، أو
ولا يوصف اسم الإشارة أبدا إلا بما فيه أل، ولا توصف أي وأية في هذا الباب إلا بما فيه "أل"، أو باسم الإشارة، نحو:"يا أيهذا الرجل"1.
والثالث: ما يجوز رفعه ونصبه؛ وهو نوعان:
أحدهما: النعت المضاف المقرون بـ "أل"2؛ نحو: "يا زيدُ الحسنَُ الوجه"3.
والثاني: ما كان مفردا من نعت، أو بيان، أو توكيد، أو كان معطوفا مقرونا بـ "أل"؛ نحو:"يا زيد الحسنُ" و"الحسنَ" و"يا غلام بشر" و"بشرا" و"يا تميم
= عطف بيان عليه، أو بدلا منه، واعترض ابن عصفور: بأن النعت يشترط فيه أن يكون مشتقا، أو مؤولا بالمشتق، وأن عطف البيان، ينبغي أن يكون جامدا، كما يشترط فيه أن يكون أعرف من المبين؛ في حين لا تكون الصفة أعرف من الموصوف فإذا قيل هذا الاسم صفة تضمن ذلك أنه مشتق أو في قوة المشتق، وأنه مساوٍ للموصوف لا أعرف منه؛ وإذا قيل: هذا الاسم عطف بيان؛ تضمن أنه جامد وأنه أعرف من المبين؛ فكيف يصح في الاسم الواحد أن يكون صفة، وأن يكون عطف بيان؛ وكل منهما يقتضي نقيض ما يقتضيه الآخر من وجهين. ورُدَّ على ابن عصفور بأن عطف البيان لا يشترط فيه أن يكون أعرف؛ لأنه مخالف لقول سيبوبه في "يا هذا ذا الجمَّة"؛ وأما الوجه الآخر: فإذا قدر صفة، جعل مؤولا بالمشتق، وإن قدر عطف بيان؛ فهو جامد على ظاهره، واللام على تقدير الصفة؛ للعهد، وعلي تقدير البيان؛ لتعريف الحضور أي للجنس.
1 توصف أي: وأية بواحدة من ثلاثة أشياء:
الأول: الاسم المحلى بأل؛ نحو: {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ} ، و {يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ} .
الثاني: الاسم الموصول المقترن بأل؛ نحو: {يَا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ} ؛ ونحو: يا أيتها التي قامت.
الثالث: اسم الإشارة الخالي من كاف الخطاب؛ كمثال المصنف؛ أما اسم الإشارة المقترن بكاف الخطاب، فلا يكون نعتا لـ "أي"؛ خلافا لابن كيسان.
ومن هذا النوع قول ذي الرمة:
ألا أيهذا الدارس الذي
…
كأنك لم يعهد بك الحي عاهد
التصريح: 2/ 175.
2 اقترانه بـ "أل" يستلزم أن تكون الإضافة غير محضة؛ لأنها هي التي تجتمع مع أل، وتكاد نحصر هذه الإضافة في تابع واحد؛ هو النعت؛ لأن الغالب عليه الاشتقاق حيث تشيع هذه الإضافة.
3 الرفع على الإتباع للفظ "زيد" في الصورة، تشبيها له بالمرفوع، والنصب على المحل.
أجمعون" و"أجمعين"، وقال الله تعالى: {يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرُ} 1؛ قرأه السبعة بالنصب، واختاره أبو عمرو وعيسى، وقُرِئَ بالرفع؛ واختاره الخليل، وسيبويه، وقدروا2 النصب بالعطف على {فَضْلًا} 3 من قوله تعالى: {وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُدَ مِنَّا فَضْلًا} ، وقال المبرد: إن كانت "أل" للتعريف مثلها في "الطير"؛ فالمختار النصب4، أو لغيره مثلها في "اليسع"؛: فالمختار الرفع5.
والرابع: ما يعطى تابعًا ما يستحقه إذا كان منادى مستقلا؛ وهو البدل والمنسوق المجرد من "أل"؛ وذلك لأن البدل في نية تكرار العامل، والعاطف كالنائب عن العامل؛ تقول:"يا زيدُ بِشْرُ" بالضم، وكذلك "يا زيدُ وبِشْرُ"، وتقول:"يا زيد أبا عبد الله"، وكذلك:"يا زيد وأبا عبد الله" وهكذا حكمهما مع المنادى المنصوب.
الفصل الرابع: في المنادى المضاف للياء:
وهو أربعة أقسام:
1 "34" سورة سبأ، الآية:10.
أوجه القراءات: انفرد ابن مهران، عن هبة الله بن جعفر، عن روح؛ برفع الراء من "والطير"؛ وهي رواية زيد عن يعقوب؛ ووردت عن عاصم، وأبي عمرو؛ وقرأ السبعة بالنصب. النشر: 2/ 335، وتفسير الطبري: 14/ 266، ومشكل إعراب القرآن: 2/ 204.
موطن الشاهد: {يَا جِبَالُ
…
وَالطَّيْرُ} .
وجه الاستشهاد: قراءة الرفع في "الطير" بالعطف على لفظ الجبال"، وقراءة النصب فيها عطفا على محل الجبال؛ أو عطفا على "فضلا" في قوله تعالى: {وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُدَ مِنَّا فَضْلًا} ؛ والتقدير: وآتيناه الطير، وعلي هذا؛ فجملة النداء معترضة بين المتعاطفين.
التصريح: 2/ 176، ومشكل إعراب القرآن 2/ 204.
2 أي: من اختاروا الرفع.
3 ووجه اختيار الرفع: مشاكلة الحركة وكثرته؛ كما يقول سيبويه.
4 لأن المعرف يشبه المضاف من حيث تأثر كلٍّ بالتعريف بما يتصل به.
5 لأن "أل" حينئذٍ وهي من بنية الكلمة كالمعدومة؛ فلا مانع من أن يلي ما هي فيه حرف النداء.
أحدها: ما فيه لغة واحدة؛ وهو المعتل؛ فإن ياءه واجبة الثبوت والفتح1؛ نحو: "يا فتاي"، و"يا قاضي"2.
والثاني: ما فيه لغتان؛ وهو الوصف المشبه للفعل3؛ فإن ياءه ثابتة لا غير، وهي إما مفتوحة أو ساكنة؛ نحو:"يا مكرمي" و"يا ضاربي".
الثالث: ما فيه ست لغات؛ وهو ما عدا ذلك4، وليس أَبًا ولا أمًّا؛ نحو:"يا غلامي"، فالأكثر حذف الياء والاكتفاء بالكسرة؛ نحو:{يَا عِبَادِ فَاتَّقُونِ} 5، ثم ثبوتها ساكنة نحو:{يَا عِبَادِ لا خَوْفٌ عَلَيْكُم} 6، أو مفتوحة؛ نحو: {يَا عِبَادِيَ
1 أما علة الثبوت؛ فلأنها -لو حذفت؛ لحصل التباس بغير المضاف، وأما وجوب الفتح؛ فلأنها لو سكنت؛ التقى ساكنان؛ والتحريك بالمضم والكسر ثقيل على الياء.
التصريف: 2/ 177.
2 قاضي: منادى منصوب بفتحة مقدرة على الياء المدغمة في ياء المتكلم؛ وهي مضافة إليها. ويلحق بالمعتل: المثنى وشبهه، وجمع المذكر السالم وشبهه، إذا أضيفا وحذفت نونهما للإضافة، وختم آخرهما بالعلامة الخاصة بكل منهما؛ تدغم الياء الساكنة في آخرهما في ياء المتكلم المبنية على الفتح؛ نحو: يا عيني جودا بالدمع؛ ومنه قول الشاعر:
يا سابقيَّ إلى الغفران؛ مكرمة
…
إن الكرام إلى الغفران تستبِقُ
ويلحق كذلك بالمعتل: المختوم بياء مشددة، ليس تشديدها للإدغام؛ كعبقري وبني تصغير ابن؛ يقال: يا عبقري ويا بني؛ بحذف الياء المشددة الثانية؛ وإدغام الأولى في ياء المتكلم المفتوحة. ويجوز حذف ياء المتكلم وبقاء الياء المشددة قبلها مكسورة؛ تقول: يا عبقري، ويا بني.
3 أي: المضارع بإفادة معنى الحال، أو الاستقبال، أما الذي بمعنى الماضي؛ فإضافته محضة، وفيه اللغات الست الآتية.
4 ويشمل: الصحيح الآخر، وما يشبهه إذا كانت إضافتهما محضة. ويجب نصبه إذا كان المنادى مفردًا، أو جمع تكسير، أو جمع مؤنث سالما؛ نحو: يا أخي، يا أصدقائي، يا فتياتي.
5 "39" سورة الزمر، الآية: 16
موطن الشاهد: {يَا عِبَادِ فَاتَّقُونِ} .
وجه الاستشهاد: حذفت الياء من "عبادي" واكتفي بالكسر إجراء للمنفصل من كلمتين مجرى المتصل في كلمة واحدة؛ كما في قوله تعالى: {وَاللَّيْلِ إِذَا يَسْرِ} .
6 "43" سورة الزخرف، الآية:68.
موطن الشاهد: {يَا عِبَادِيَ} .
وجه الاستشهاد: ثبوت الياء ساكنة في المنادى المضاف إلى الأصل.
الَّذِينَ أَسْرَفُوا} 1، ثم قلب الكسرة فتحة والياء ألفا:{يَا حَسْرَتَا} 2، وأجاز الأخفش حذف الألف والاجتزاء بالفتحة؛ كقوله3:[الوافر]
441-
بلهفَ ولا بليت ولا لَوَ انِّي4
1 "39" سورة الزمر، الآية:53.
موطن الشاهد: {يَا عِبَادِيَ} .
وجه الاستشهاد: ثبوت الياء المفتوحة في المنادى المضاف؛ لخفة الفتح.
2 "39" سورة الزمر، الآية:56.
موطن الشاهد: {يَا حَسْرَتَا} .
وجه الاستشهاد: ثبوت الياء المفتوحة، ثم قلبت الكسرة قبل الياء فتحة، ثم قلبت الياء ألفًا؛ لتحركها انفتاح ما قبلها؛ لأن الألف أخف من الياء؛ فالأصل:"يا حسرتِي" بكسر التاء وفتح الياء؛ ثم قيل: يا حسرتَى بفتحهما؛ ثم، قيل: يا حسرتا.
ومثل هذه الآية قول الشاعر:
بانت لتحزنا عفارةْ
…
يا جارتا ما أنت جارةْ
3 لم ينسب البيت إلى قائل معين.
4 تخريج الشاهد: هذا عجز بيت، وصدره قوله:
ولست براجع ما فات مني
وهو من شواهد: التصريح: 2/ 177، والأشموني: 2/ 456 عرضا، والخصائص: 3/ 135، والمحتسب: 1/ 277، 323، وأمالي ابن الشجري: 2/ 74، والإنصاف: 390، 449، 546 وا لمقرب: 38، 116، والهمع: 1/ 143، والدرر: 1/ 112.
المفردات الغريبة: راجع: اسم فاعل من رجع؛ وهو أفصح من أرجع؛ وفي القرآن: {فَإِنْ رَجَعَكَ اللَّهُ إِلَى طَائِفَةٍ مِنْهُمْ} لهف: حزن وتحسر. وبلهف: كلمة يتحسر بها على فائت. المعنى: إن ما ذهب مني لا يعود بكلمة التلهف والحسرة، ولا بكلمة لاتمنى، وقولي: ليتني عملت كذا، ولا بقولي: لو أني كذا لكان كذا.
الإعراب: لست: فعل ماضٍ ناقص مبني على السكون؛ لاتصاله بالتاء المتحركة، والتاء: في محل رفع اسمه. براجع: الباء حرف جر زائد، راجع: اسم مجرور لفظا منصوب محلا على أنه خبر ليس؛ وفي راجع ضمير مستتر في محل رفع فاعل لاسم الفاعل. ما اسم موصول بمعنى الذي، في محل نصب مفعول به لـ "راجع". فات: فعل ماضي مبني على =
أصله: بقولي: يا لَهْفَا؛ ومنهم من يكتفي من الإضافة بنيتها، ويضم الاسم كما تضم المفردات، وإنما يفعل ذلك، فيما يكثر فيه، أن لا ينادى إلا مضافا؛ كقول بعضهم. "يا أمي لا تفعلي"، وقراءة آخر:{رَبُّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ} 1.
الرابع: ما فيه عشر لغات؛ وهو الأب والأم؛ ففيهما مع اللغات الست: أن تعوّض تاء التأنيث عن ياء المتكلم؛ وتكسرها؛ وهو الأكثر؛ أو تفتحها وهو الأقيس؛ أو تضمها على التشبيه؛ بنحو: ثبة وهبة؛ وهو شاذ، وقد قرئ بهن2، وربما جمع
= الفتح، والفاعل: هو؛ وجملة "فات مني": صلة للموصول، لا محل لها. "مني": متعلق بـ "فات". بلهف: الباء حرف جر، والمجرور محذوف؛ والتقدير: بقولي يا لهف. وبقولي: متعلق بـ "راجع". لهف: منادى بحرف نداء محذوف؛ والتقدير: يا لهف، وجملة "النداء": في محل نصب للقول المحذوف المجرور بالباء.. ولا: الواو عاطفة، لا: زائدة لتأكيد النفي. بليت: الباء حرف جرن "ليت" قصد لفظه؛ فهو مجرور بالباء.
ولا: الواو عاطفة، لا زائدة؛ لتأكيد النفي. لو أني: قصد لفظه معطوف على: "لا بليت".
موطن الشاهد: "بلهف".
وجه الاستشهاد: مجيء "لهف" منادى بحرف نداء محذوف؛ وهو مضاف إلى ياء المتكلم؛ المنقلبة ألفًا المحذوفة؛ والفتحة دليل عليها؛ والأصل يا لهفي. وقيل: أن "لهف" مجرور بالباء على الحكاية، وكذا ما بعده، لا على النداء؛ ولا شاهد فيه حينئذ؛ والأول أفضل. وانظر حاشية الصبان: 3/ 155.
1 "12" سورة يوسف، الآية:33.
أوجه القراءات: ذكر الألوسي قراءة رفع "رب" وكسر النون في "السجنِ" ولم ينسبها إلى أحد؛ وقرأ يعقوب وعثمان بن عفان والزهري وابن هرمز "رب السجنَ" بفتح السين.
تفسير الألوسي: 12/ 235، وإتحاف الفضلاء: 264، إعراب النحاس: 2/ 140.
موطن الشاهد: {رَبُّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ} .
وجه الاستشهاد: ضم باء "رب" لأن الأم والأب الأكثر فيهما أن لا يناديا إلا مضافين للياء؛ فالأصل فيهما "يا أمي" و"يا ربي"؛ فحذفت الياء تخفيفا، وبنيا على الضم تشبيها بالنكرة المقصودة. التصريح: 2/ 178.
2 أي في نحو قوله تعالى: {يَا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا} والمنادى في هذه الحالات الثلاث منصوب؛ لأنه مضاف للياء المحذوفة المعوض عنها تاء التأنيث ونصبه بفتحة مقدرة منع من ظهورها الفتحة التي جيء بها لمناسبة التاء؛ ويرى بعض المحدثين أن يقال: منصوب بالفتحة الظاهرة؛ لأن تاء التأنيث تستلزم فتح ما قبلها دائما إلا في النداء. انظر التصريح: 2/ 178.
بين التاء والألف، فقيل:"يا أبتا"1، و"يا أمتا" وهو كقوله:
أقول يا اللهم يا اللهما2.
وسبيل ذلك الشعر؛ ولا يجز تعويض تاء التأنيث عن ياء المتكلم إلا في النداء؛ فلا يجوز "جاءني أبت"، ولا:"رأيت أمَّت".
والدليل على أن التاء في "يا أبت"، و"يا أمت" عوض من الياء أنهما لا يكادان يجتمعان، وعلى أنهما للتأنيث؛ أنه يجوز إبدالها في الوقف هاء3.
1 ومن ذلك قول الشاعر:
تقول بنتي: قد أنى أناكا
…
يا أبتا علك أو عساكا
ونظيره قول الآخر:
يا أبتا أرقني القذانُ
…
فالنوم لا تطعمه العينانُ
أوضح المسالك: 4/ 38-39.
2 مر تخريج هذا الشاهد والتعليق عليه.
موطن الشاهد: "يا اللهم، يا اللهم".
وجه الاستشهاد: جمع الشاعر بين ياء النداء والميم المشددة التي تتبع المنادى عوضا عن حرف النداء، فجمع بين العوض والمعوض عنه؛ وحكم هذا الجمع شاذٌّ؛ وقد ذكر المؤلف البيت ليبين لنا أن في قولهم:"يا أبتا" جمعا بين العوض والمعوض منه؛ كما في هذا الشاهد، والذي ذهب إلى أنه جمع بين العوض "التاء" والمعوض منه."الألف المنقلبة عن ياء المتكلم"؛ وهو ابن جني؛ لأنه يرى: أن هذه الألف هي ياء المتكلم انقلبت ألفًا بعد فتح ما قبلها، وأما ابن مالك فيرى: أن هذه الألف، هي التي تلحق آخر الاسم المندوب، والمستغاث، والمنادى البعيد؛ وعليه فلا جمع بين العوض والمعوض منه؛ وبالتالي فلا مشابهة بين ما ذكر وبين الشاهد؛ غير أنه مع بين "الياء"، و"التاء" في قول الشاعر:
أيا ابتي لا زلت فينا؛ فإنما
…
لنا أمل في العيش ما دمت عائشا
فذهب البصريون: إلى أنه ضرورة من ضرورات الشعر؛ لأن "التاء" عوض من "ياء المتكلم"، ولا يجوز الجمع بينهما، وذهب كثير من الكوفيين إلى أنه ليس ضرورة، وأنه يجوز لك في "السعة" أن تقول: يا أبتي. انظر التصريح: 2/ 178.
3 وكذلك في الخط؛ والغالب والأفضل جعلها تاء عند الكتابة والوقف.
[حكم المنادى المضاف إلى مضاف إلى الياء] :
فصل: وإذا كان المنادى مضافًا إلى مضاف إلى الياء؛ فالياء ثابتة لا غير1؛ كقولك: "يا ابن أخي"، و"يا ابن خالي" إلا إن كان "ابن أمِّ" أو "ابن عمِّ"؛ فالأكثر الاجتزاء بالكسرة عن الياء؛ أو أن يفتحا للتركيب المزجي2؛ وقد قُرئ:{قَالَ ابْنَ أُمَّ} 3؛ بالوجهين، ولا يكادون يثبتون الياء والألف إلا في الضرورة؛ كقوله4:[الخفيف]
1 أي: مع بنائها على السكون، أو الفتح، ما لم تحتّم الضرورة الشعرية الاقتصار على أحدهما.
2 فيصيران بمنزلة "خمسة عشر" مثلا؛ ويقال في إعراب: يابن أم
…
إلخ. "يا": للنداء، و"ابن أم" منادى منصوب بفتحة مقدرة؛ منع من ظهورها حركة البناء التركيبي، وياء المتكلم المحذوفة: مضاف إليه؛ وهذا تخريج سيبويه والبصريين. وقيل: إن الأصل: يا بن أمَّا، ويا عما
…
إلخ؛ بقلب الياء ألفا وحذفها؛ للتخفيف، وإبقاء الفتحة؛ دليلا عليها، ويكون الإعراب مقدرا، منع منه الفتحة التي جيء بها لمناسبة الألف المحذوفة؛ وهذا تخريج الكسائي والفراء وأبي عبيدة ويحكى عن الأخفش أيضا. ويجوز وجه ثالث؛ وهو: إهمال الياء المحذوفة واعتبار المنادى وما أضيف إليه بمنزلة الاسم الواحد المركب تركيبا مزجيا، ويعرب مبنيا على ضم مقدر، منع منه حركة البناء أيضا.
التصريح: 2/ 179، والأشموني: 2/ 457.
3 "7" سورة الأعراف، الآية:150.
أوجه القراءات: قرأ ابن عامر وحمزة والكسائي وخلف: "ابن أُمِّ"، وقرأ ابن السميفع "ابن أمي". البحر المحيط: 396، والقرطبي: 7/ 290، والكشاف: 2/ 95.
موطن الشاهد: {ابن أمَِّ} .
وجه الاستشهاد: قرئت بالوجهين؛ فأما قراءة الفتح: فالأصل: "أُمَّا" بقلب ياء المتكلم ألفا، ثم حذفت هذه الألف، وبقيت الفتحة دليلا عليها؛ وهذا قول الكسائي والفراء وأبي عبيدة؛ وحكي عن الأخفش؛ وقيل: أن يفتحا: "ابن، أم"؛ للتركيب المزجي، وهو رأي سيبويه والبصريين.
4 القائل: هو أبو زيد الطائي؛ واسمه حرملة بن المنذر، شاعر معمر عاش في الجاهلية والإسلام، وكان من زوار ملوك العجم، عالم بسيرها، وفد على عثمان بن عفان رضي الله عنه، فقربه؛ له شعر جيد في وصف الأسد، وعينية مشهورة. مات سنة 62 هـ.
الشعر والشعراء: 301، تجريد الأغاني: 1373، الجمجي: 593، الأعلام: 2/ 174، السمط:118.
442-
يا ابن أُمِّي ويا شُقَيِّقَ نفسي1
وقال2: [الرجز]
443-
يا ابنة عمَّا لا تلُومِي واهجعي3
1 تخريج الشاهد: هذا صدر بيت، وعجزه قوله:
أنت خلفتني لدهر شديدِ
والبيت من كلمة يرثي فيها أخاه؛ وأول هذه الكلمة قوله:
إن طول الحياة غير سعودِ
…
وضلال تأميل نيل الخلودِ
والشاهد من شواهد: التصريح: 2/ 179، والأشموني:"888/ 2/ 457"، وسيبويه: 1/ 318، والجمل: 173، وأمالي ابن الشجري: 2/ 74، وشرح المفصل: 2/ 12، والعيني: 4/ 222، والهمع: 2/ 54، والدرر: 2/ 70، وجمهرة القرشي: 262، واللسان "شقق"، وديوان أبي زبيد "48".
المفردات الغريبة: شقيق: تصغير شقيق. خلفتني: تركتني بعدك. لدهر شديد: لزمن تبعاته شديدة.
المعنى: يا أخي في النسب ويا مَن نفسه كنفسي؛ لقد ذهبت وتركتني وحيدا أقاسي ويلات الزمن، وقد كنت ركنًا أستند إليه، وظهيرا اعتمد عليه.
الإعراب: يا: حرف نداء مبني على السكون، لا محل له من الإعراب. ابن: منادى مضاف إليه مجرور، والياء: في محل جر بالإضافة. أنت: ضمير رفع منفصل في محل رفع مبتدأ. خلفتني: فعل ماضٍ مبني على السكون، والتاء: فاعل، والنون: للوقاية، والياء: في محل نصب مفعول به؛ وجملة "خلفتني": في محل رفع خبر المبتدأ. "لدهر": متعلق بقوله "خلف". شديد: صفة لـ "دهر" مجرورة.
موطن الشاهد: "يابن أمي".
وجه الاستشهاد: إثبات ياء المتكلم في "يابن أمي" للضرورة؛ والأصل إثبات الياء في المضاف إلى ياء المتكلم إذا نودي المضاف إلا في يابن أم ويابن عم؛ لكثرة الاستعمال فيهما.
انظر شرح العيني بذيل حاشية الصبان: 3/ 157.
2 القائل: هو أبو النجم؛ الفضل بن قدامة العجلي، وقد مرت ترجمته.
3 تخريج الشاهد: هذا صدر بيت من الرجز، وعجزه قوله:
لا يخرق اللوم حجاب مسمعي
=
.........................................................................
= وهذا البيت من قصيدة مشهورة مطلعها:
قد أصبحت أم الخيار تدعي
…
على ذنبا كله لم أصنع
وهو من شواهد: التصريح: 2/ 179، والأشموني:"889/ 2/ 457"، وسيبويه: 1/ 318، ونوادر أبي زيد: 19، والمقتضب: 4/ 252، والمحتسب: 2/ 238، والجمل: 172، وشرح المفصل: 12/ 12،13، والعيني: 4/ 224، والهمع: 2/ 54، والدرر: 2/ 70.
المفردات الغريبة: لا تلومي: من اللوم؛ وهو كثرة العتاب. واهجعي: من الهجوع، وهو الرقاد بالليل؛ والمراد: ترك ما هي فيه من لوم وتعنيف. حجاب مسمعي: كناية عن الأذن.
المعنى: دعي واتركي لومي وعتابي يا ابنة عمي، وخذي نفسك بالراحة ونامي؛ فإن لومك هذا لا يصل إلى سمعي، ولا استمع له. وكانت كثيرة اللوم له؛ لكبره وضعفه ولا سيما وقت النوم والراحة.
الإعراب: يا: حرف نداء، لا محل له. ابنة: منادى مضاف منصوب، وهو مضاف عما: عم مضاف إليه مجرور، وعلامة جره الكسرة المقدرة على ما قبل ياء المتكلم المنقلبة ألفا منع من ظهورها اشتغال المحل بالحركة المناسبة، وعم مضاف، وياء المتكلم المنقلبة ألفا في محل جر بالإضافة. لا: ناهية لا محل لها من الإعراب. تلومي: فعل مضارع مجزوم بـ "لا"الناهية، وعلامة جزمه حذف النون، والياء: في محل رفع فاعل. واهجعي: الواو عاطفة، واهجعي: فعل أمر مبني على حذف النون؛ لاتصاله بياء المؤنثة المخاطبة، والياء: ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل.
موطن الشاهد: "يا ابنة عما".
وجه الاستشهاد: إثبات الألف المنقلبة عن ياء المتكلم للضرورة.