المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[باب الترخيم] : - أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك - ت هبود - جـ ٤

[ابن هشام النحوي]

الفصل: ‌[باب الترخيم] :

[باب الترخيم] :

هذا باب الترخيم1

[أقسام الترخيم وشروطه] :

يجوز ترخيم المنادى، أي: حذف آخره تخفيفا، وذلك بشرط2 كونه معرفة3، غير مستغاث4، ولا مندوب، ولا ذي إضافة، ولا ذي

1 الترخيم في اللغة: ترقيق الصوت وتليينه، يقال: صوت رخيم؛ أي رقيق لين، وكلام رخيم: لين سهل، ومنه قول الشاعر:

لها بشر مثل الحرير ومنطق

رخيم الحواشي لا هراء ولا نزر

وفي الاصطلاح: حذف آخر الكلمة في النداء بطريقة مخصوصة؛ للتخفيف غالبا، أو لداعٍ آخر كالتمليح والاستهزاء.

وهو ثلاثة أنواع: ترخيم اللفظ للنداء، وترخيمه للضرورة الشرعية؛ وهما موضوع هذا الباب وترخيمه للتصغير، وقد تحدث عنه المؤلف في باب التصغير.

التصريح: 2/ 184. ابن عقيل: 3/ 287، اللمع: 1/ 285.

2 هذه شروط عامة، لا بد منها لترخيم المنادى، سواء كان مختوما بتاء التأنيث، ومجردا منها.

3 أما بالعلمية، كالمفرد العلم، أو بالقصد والإقبال؛ كالنكرة المقصودة؛ ومنه قول الشاعر:

يا ناقُ سيرى عنقا فسيحا

إلى سليمان فنستريحا

وإنما اختصت المعرفة بالترخيم؛ لأنها هي التي يكثر نداؤها، فلا يصح ترخيم النكرة غير المقصودة.

4 قد ورد في الشعر ترخيم المستغاث المقرون بلام الاستغاثة، وغير المقرون بها؛ فأما الأول ففي نحو قول الشاعر:

كلما نادى مناد منهمُ:

يا لتيم الله قُلنا: يا لَمَالِ

فإنه أراد "يا لمالك" فرخمه بحذف آخره؛ وهو حرف الكاف، وهو مستغاث مقرون باللام، وأما ترخيم المستغاث غير المقرون باللام؛ فنحو قول أبي شريح الأحوص الكلابي =

ص: 51

إسناد1 فلا يرخم؛ نحو قول الأعمى: "يا إنسانا خذ بيدي"، وقولك:"يا لجعفر" و"واجعفراه" و"يا أمير المؤمنين"، و"يا تأبط شرا".

[جواز ترخيم ذي الإضافة] :

وعن الكوفيين: إجازة ترخيم ذي الإضافة؛ بحذف عجز المضاف إليه، تمسكا بنحو قوله2:[الطويل]

451-

أبا عُروَ لا تبعد فكل ابن حرة3

تمناني ليقتلني لقيط

أعام لك ابن صعصعة بن سعد

وقد حمل العلماء ذلك على أنه ضرورة؛ وممن نص على أنه ضرورة ابن الصائغ، وذهب ابن عصفور: إلى أنه يجوز ترخيم المستغاث إذا لم يكن مقرونا بلام الاستغاثة؛ كالبيت الثاني، وفي البيت الثاني هذا شذوذ من جهتين عند الجمهور؛ إحداهما: استعمال الهمزة في نداء المستغاث؛ وثانيهما: ترخيمه.

التصريح: 2/ 184. الهمع: 1/ 181، اللمع: 1/ 285.

1 أي: لا يكون مركبا تركيب إسناد. ويزاد على هذه الشروط: ألا يكون من الألفاظ المختصة بالنداء؛ كـ "فُلُ" و"فُله"، ولا مبنيا قبل النداء؛ كحذام، وخمسة عشر.

2 لم ينسب البيت إلى قائل معين.

3 تخريج الشاهد: هذا صدر بيت، وعجزه قوله:

سيدعوه داعي ميتة فيجيب

وهو من شواهد: التصريح: 2/ 184، والعيني: 4/ 287، والخزانة: 1/ 377، وأمالي ابن الشجري: 1/ 129، والإنصاف: 348، وشرح المفصل: 2/ 20.

المفردات الغريبة: لا تبعد: لا تهلك، من البعد بمعنى: الذهاب بالموت والهلاك. ابن حرة: يكني بذلك عن الرجل الكريم. ويقال: ابن الأمة ما ألأمة!. ميتة: اسم هيئة من الموت.

المعنى: لا تهلك نفسا أسى وحزنا على من مضى، فكل عظيم سيصيبه الموت بسببما من أسبابه الكثيرة؛ ولا يستطيع أن ينجو منه؛ فتلك سنة الله في الخلق.

الإعراب: أبا: منادى مضاف بحرف نداء محذوف منصوب، وعلامة نصبه الألف؛ لأنه من الأسماء الستة، وهو مضاف. عرو: مضاف إليه مجرور، وحذفت تاؤه ترخيما. لا: حرف دعاء، لا محل له. تبعد: فعل مضارع مجزوم بـ "لا" الدعائية، وعلامة جزمه السكون، والفاعل: ضمير مستتر وجوبا؛ تقديره: أنت. فكل: الفاء تعليلية، كل: مبتدأ =

ص: 52

[زعم ابن مالك ترخيم ذي الإسناد] :

وزعم ابن مالك: أنه قد يرخم ذو الإسناد1، وأن عمرا نقل ذلك؛ وعمرو هذا هو إمام النحويين رحمه الله، وسيبويه لقبه؛ وكنيته أبو بشر2.

[جواز ترخيم المختوم بتاء التأنيث مطلقا] :

ثم إن كان المنادى مختوما بتاء التأنيث؛ جاز ترخيمه مطلقا3؛ فتقول في هبة

= مرفوع، وهو مضاف. ابن: مضاف إليه مجرور، وهو مضاف. حرة: مضاف إليه مجرور.

سيدعوه: السين حرف استقبال، يدعو: فعل مضارع مرفوع، وعلامة رفعه الضمة المقدرة على الواو للثقل، والهاء ضمير متصل في محل نصب مفعول به. داعي: فاعل مرفوع، وعلامة رفعه الضمة المقدرة على الياء للثقل، وهو مضاف. ميتة: مضاف إليه مجرور؛ وجملة "يدعوه" في محل رفع خبر المبتدأ "كل". فيجيب: الفاء عاطفة، يجيب: فعل مضارع مرفوع، معطوف على "سيدعو"، والفاعل: ضمير مستتر جوازا؛ تقديره: هو.

موطن الشاهد: "أبا عرو".

وجه الاستشهاد: ترخيم عجز المنادى المركب المضاف؛ بحذف تائه؛ لأن الأصل: يا أبا عروة؛ وحكم هذا الترخيم الجواز عند الكوفيين؛ وأما البصريون فيمنعون ترخيم المنادى المركب المضاف محتجين بأن المضاف إليه9 بمنزلة التنوين مما قبله؛ فهو ليس بآخر المنادى حقيقة. ضياء السالك: 3/ 267.

1 فتقول في "تأبط شرا": يا تأبط، ونسب ابن مالك ذلك إلى سيبويه؛ حيث قال في ألفيته:

والعَجُزُ احْذِفْ من مُرَكَّبٍ وقُلْ

ترخيم جملة وذا عمرو نَقَلْ

والمعنى: يجوز ترخيم المركب المزجي؛ نحو: بعلبك، سيبويه

إلخ؛ ويكون ترخيمه بحذف عجزه؛ أما مركب الجملة -وهو المركب الإسنادي- فترخيمه قليل، وقد نقل سيبويه ذلك عن العرب؛ ولاشتهار المنع عند سيبويه في هذه المسألة نبه ابن مالك على أنه -أي: سيبويه- هو الذي نقل الجواز عن العرب. ويفهم من تنبيه ابن مالك أن "سيبويه" له رأيان مختلفان في ترخيم مثل "تأبط شرا"؛ أي التركيب الإسنادي. انظر تفصيل هذه المسألة في التصريح: 2/ 184-185، وحاشية الصبان: 3/ 179.

2 مرت ترجمته في الجزء الأول.

3 أي: سواء كان علما مثل: فاطمة، أو نكرة مقصودة مثل: جارية، وهبة، ويستوي في ذلك الثلاثي غير التاء، وما كان أقل من ثلاثة أحرف أو أكثر، ومثال ترخيم ذي التاء قول امرئ القيس:

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل

وإن كننت قد أزمعت صرمي فأجملي

ومثال ترخيم ذي التاء، وهو علم مذكر، قول عنترة:

يد عون عنتر والرماح كأنها

أشطان بئر في لبان الأدهم

ص: 53

علما: "يا هبَ"، وفي حارية لمعيَّنَةٍ:"يا جاريَ"؛ قال1: [الرجز]

452-

جَارِيَ لا تستنكري عذيري2

1 القائل: هو العجاج بن رؤبة، الراجز المشهور، وقد مرت ترجمته.

2 تخريج الشاهد: هذا بيت من مشطور الرجز، أو صدر بيت من الرجز؛ يخاطب فيه امرأته، عندما أنكرت عليه تأهبه للسفر؛ وعجزه قوله:

سيرى وإشفاقي على بعيري

وهو من شواهد: التصريح: 2/ 185، والأشموني: 909/ 2/ 468"، وسيبويه: 1/ 325،330، والمقتضب: 4/ 260، وأمالي ابن الشجري: 2/ 88، وشرح المفصل: 2/ 16، 330، والمقرب: 37، والخزانة: 1/ 283، والعيني: 4/ 277، واللسان "شقر، عذر، جرس" والصحاح "ع ذ ر" وديوان العجاج:26.

المفردات الغريبة: لا تستنكري: لا تعديه أمرا منكرا. عذيري، العذير: ما يعذر الإنسان في عمله فعلا كان أو تركا. والمراد هنا: الحال التي يزاولها، وعذير الرجل: من يعذره.

المعنى: لا تنكري على يا جارية تأهبي لسفر والذهاب في الأرض للبحث عن العيش، وعطفي وإشفاقي على بعيري؛ فالسعي واجب على كل إنسان، والعطف على الحيوان من الإيمان. قيل: أنه كان يعمل حلسا لبعيره استعدادا لسفر فهزئت منه.

الإعراب: جاري: منادى مرخم- بحرف نداء محذوف- والأصل: يا جارية؛ فرخم المنادى، وحذف حرف النداء؛ وهو نكرة مقصودة مبني على الضمة المقدرة على الياء؛ أو على التاء المحذوفة في محل نصب على النداء. لا: ناهية. تستنكري: فعل مضارع مجزوم بـ "لا" وعلامة جزمة حذف النون؛ والياء المؤنثة المخاطبة في محل رفع فاعل.

عذيري: مفعول به منصوب، وعلامة نصبه الفتحة المقدرة على ما قبل ياء المتكلم، وهو مضاف، وياء المتكلم: مضاف إليه.

موطن الشاهد: "جاري".

وجه الاستشهاد: مجيء "جاري" منادى نكرة مقصودة مرخما بحذف التاء من آخره؛ كما حذف حرف النداء، ومعلوم أن "جارية" اسم جنس -بحسب أصله- ونداء اسم الجنس مع حذف حرف النداء مختلف في جوازه، فضلا عن ترخيمه؛ فمن النحاة من قال: ليس هو من الضرورات التي لا تجوز إلا للشعراء؛ وليس هو من الكثرة بحيث يجوز في كل حال؛ والراجح أنه قليل.

وأما ترخيمه؛ فقد منعه أبو العباس المبرد؛ ولكن رأيه محجوج بورود السماع بترخيمه في الشعر والنثر.

انظر حاشية الصبان: 3/ 172-173.

ص: 54

[شروط ترخيم المجرد من التاء] :

وإذا كان مجردا من التاء، اشترط لجواز ترخيمه: كونه علما1، زائدا على ثلاثة2، كـ "جعفر"، و"سعاد"، ولا يجوز ذلك في نحو: إنسان لمعين، ولا في نحو: زيد، ولا في نحو: حكم، وقيل: يجوز في محرك الوسط دون ساكنة، وقيل: يجوز فيهما3.

1 فلا يصح أن يكون نكرة مقصودة؛ لأن تعريفها بالقصد والإقبال.

2 فلا يصح ترخيم الثلاثي مطلقا، سواء كان ساكن الوسط أو متحركه، وقد أجازه بعض الكوفيين.

فائدة: ذكر سيبويه أن ترخيم الأعلام الرباعية غير المختومة بالتاء جائز. وقد كثر في: "حارث ومالك وعامر"؛ وهي أسماء للرجال استعملت في الشعر كثيرا؛ كقول مهلهل بن ربيعة:

يا حارِ لا تجهل على أشياخنا

إنا ذوو السورات والأحلام

وكقول امرئ القيس:

أحارِ ترى برقا أريك وميضه

كلمع اليدين في حبي مكلل

وكقول النابغة في ترخيم عامر:

فصالحونا جميعا أن بدا لكم

ولا تقولوا لنا أمثالها عامِ

فـ "عام" مرخم "عامر".

وكقول الأنصاري في رجل؛ اسمه مالك:

يا مالِ والحق عنده فقفوا

ومثل هذا شائع كثير في الشعر.

انظر في ذلك الأشموني: 2/ 469-470، وهمع الهوامع: 1/ 182.

3 القائل بجواز ترخيم الثلاثي المحرك الوسط هو الفراء، قال ذلك قياسا؛ لأنه رأى أن حركة الحرف قامت مقام حرف آخر في مواضع منها في باب منع الاسم من الصرف؛ فإنهم يفرقون بين "هند" و"سقر"؛ لأن الأول ساكن الوسط، والثاني متحركه؛ ومنها في باب النسب؛ فإنهم يفرقون بين "حبلى" و"مرطى"؛ لذلك السبب.

وأما القول بجواز ترخيم الثلاثي مطلقا؛ فينسب إلى بعض الكوفيين والأخفش.

التصريح: 2/ 185، الهمع: 1/ 182. الأشموني: 2/ 470.

ص: 55

[المحذوف للترخيم أما حرف، إما حرفان] :

فصل: والمحذوف للترخيم إما حرف؛ وهو الغالب1؛ نحو: "يا سعا"، وقراءة بعضهم:"يا مَاِل"2

وإما حرفان؛ وذلك إذا كان الذي قبل الآخر من أحرف اللين، ساكنا3، زائدا، مكملا أربعة فصاعدا، وقبله حركة من جنسه لفظا أو تقديرا4؛ وذلك نحو: مروان، وسلمان، وأسماء، ومنصور ومسكين علما، قال: 5 [الكامل]

453-

يا مرو إن مطيتي محبوسة6

1 ولا يشترط فيه شيء غير ما تقدم.

2 "43" سورة الزخرف، الآية:77.

أوجه القراءات: قرأ علي وابن وثاب الأعمش وأبو الدرداء: "يَا مَالِ" ونسبها ابن خالويه في مختصره إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وقرأ أبو السرار؛ السوار الغنوي:"يَا مَالُ". البحر المحيط: 8/ 28، وإعراب القرآن، للنحاس: 3/ 102.

موطن الشاهد: "يا مالِ".

وجه الاستشهاد: حذف الكاف من "مالك" للترخيم؛ وذكر ابن جني أن هذا الترخيم لم يصدر من أهل النار للتكلف؛ بل من الضجر وضيق الحال؛ لأنهم في غنية عن الترخيم؛ وإنما لضعفهم عن إتمام الاسم.

3 اعلم أن الحروف "وَايْ" إن سكنت بعد حركة تجانسها؛ سميت حروف علة ولين ومد، وبعد حركة لا تجانسها؛ سميت حروف علة ولين فقط؛ كفرعَوْن، وخَيْر، وإن تحركت؛ فعلة فقط. فكل مد لين، وكل لين علة، ولا عكس؛ وبعد؛ فذكر المصنف السكون مع اللين للإيضاح.

4 لفظا؛ كمنصور ومسكين، وتقديرا؛ كمصطفون ومصطفين علمين.

5 القائل: هو الفرزدق، وقد مرت ترجمته.

6 تخريج الشاهد: هذا صدر بيت يستجدي به مروانَ بنَ الحكم والي المدينة، وقد مدحه فأبطأت عليه جائزته، وعجزه:

ترجز الحباء وربها لم ييأس

وهو من شواهد: التصريح: 2/ 186، الأشموني: "921/ 2/ 472، وسيبويه: 1/ 337، والجمل: 185، وأمالي ابن الشجري: 2/ 187، وشرح المفصل: 2/ 22، والعيني: 4/ 292، وديوان الفرزدق:482. =

ص: 56

وقال1: [البسيط]

454-

يا أسمُ صبرًا على ما كان حدث2

= المفردات الغريبة: مطيتي؛ المطية: الراحلة؛ من المطو وهو الإسراع، أو من المطا وهو الظهر؛ لأن راكبها يقتعد ظهرها. محبوسة: يريد ممنوعة من العودة إلى منزل صاحبها.

الحباء: العطاء بلا جزاء. ربها: صاحبها. لم ييأس: لم يقطع الأمل في العطاء.

المعنى: يقول للممدوح إنني باقٍ هنا أنا ومطيتي لم أبرح رحابك انتظارًا لعطائك، ولم أقطع الأمل في أن يصل إلي، ولا يزال رجائي معقودا بك.

الإعراب: يا: حرف نداء، لا محل له من الإعراب. مرو: منادى مرخم مبني على الضم في محل نصب على النداء. إن: حرف مشبه بالفعل. مطيتي: اسم "إن" منصوب، وعلامة نصبه الفتحة المقدرة على ما قبل ياء المتكلم، وهو مضاف، وياء المتكلم: مضاف إليه.

محبوسة: خبر "إن" مرفوع، وعلامة رفعه الضمة الظاهرة ترجو: فعل مضارع مرفوع، وعلامة رفعه الضمة المقدرة على الواو، والفاعل: ضمير مستتر جوازا؛ تقديره: هي، يعود إلى المطية. الحباء: مفعول به منصوب؛ وجملة: "ترجو الحباء": في محل نصب على الحال. وربها: الواو حالية، رب: مبتدأ مرفوع، وهو مضاف، و"ها": في محل جر بالإضافة. لم: حرف نفي وجزم وقلب. ييأس: فعل مضارع مجزوم بـ "لم" وعلامة جزمه السكون وحرك بالكسر؛ لأجل الروي؛ والفاعل: ضمير مستتر جوازا؛ تقديره: هو؛ وجملة "لم ييأس": في محل رفع خبر المبتدأ؛ وجملة "ربها لم ييأس": في محل نصب على الحال.

موطن الشاهد: "يا مرو".

وجه الاستشهاد: ترخيم المنادى: "مروان" بحذف النون والألف قبلها؛ وحكم هذا الترخيم الجواز؛ لاستيفائه الشروط المطلوبة؛ لجواز الترخيم.

1 القائل: هو لبيد بن ربيعة العامري، وقد مرت ترجمته.

2 تخريج الشاهد: هذا صدر بيت، وعجزه قوله:

إن الحوادث ملقيٌّ ومنتظَرُ

وينشد قبله:

ترى الكثير قليلا حين تسأله

ولا تخالجه المخلوجة الكثرُ

وهو من شواهد: التصريح: 2/ 186، والأشموني:"920/ 2/ 472"، والعيني: 4/ 288، وسيبويه: 337، والجمل للزجاجي: 184، وأمالي ابن الشجري: 2/ 87 وليس في ديوان لبيد. =

ص: 57

بخلاف نحو: "شمأل" علما" فإن زائدة، وهو الهمزة، غير حرف لين؛ ونحو: "هَبَيَّخِ1، وقَنَوَّر"2 علمين؛ لتحرك حرف اللين؛ ونحو:"مختار، ومنقاد" علمين؛ لأصالة الألفين3؛ ونحو: "سعيد وثمود وعماد"؛ لأن السابق على حرف اللين اثنان4؛ وبخلاف نحو: "فِرْعَون وغُرْنَيْق" علما؛ لعدم مجانسة

= المفردات الغريبة: أسم: أصله أسماء. حدث: هو النازلة من نوازل الدهر، والجمع أحداث. ملقيٌّ: اسم مفعول من لقي. منتظَر: مرتقَب ومتوقَّع النزول.

المعنى: اصبري يا أسماء على ما يطرأ من حوادث الدهر ونوازله؛ فإن حوادثه متتابعة محتومة؛ منها ما وقع وحصل، ومنها المنتظر وقوعه وحدوثه.

الإعراب: يا: حرف نداء. اسم: منادى مرخم مبني على الضم في محل نصب على النداء؛ أو مبني على ضم الحرف المحذوف؛ للترخيم في محل نصب. صبرا: مفعول مطلق لفعل محذوف؛ والتقدير: اصبري صبرا. "على ما": متعلق بـ "صبرا" أو بالعامل المحذوف. كان: فعل ماضٍ تام بمعنى حصل، والفاعل: ضمير مستتر جوازا؛ تقديره: هو، يعود إلى "ما". "من حدث": متعلق بمحذوف حال من "ما". إن: حرف مشبه بالفعل، لا محل له من الإعراب. الحوادث: اسم "إن" منصوب، وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة. ملقي: خبر "إن" مرفوع، وعلامة رفعه الضمة الظاهرة. ومنتظر: الواو عاطفة، منتظر: اسم معطوف على "ملقي" مرفوع مثله.

موطن الشاهد: "يا أسم".

وجه الاستشهاد: ترخيم "أسماء" بحذف الهمزة والألف قبلها؛ ومعلوم أنه لا يصح في هذا النوع المستوفي للشروط الاقتصاد على حذف الآخر وحده، بل يجب أن يحذف معه الحرف الذي قبله؛ إلا المختوم بالتاء؛ فتحذف وحدها.

1 تقول في ترخيمه: يا هبيَّ -والهبيخ "بفتح الهاء والباء وتشديد الياء مفتوحة" بزنة سفرجل: الغلام السمين الممتلئ لحما؛ والأنثى هبيخة.

2 تقول في ترخيمه: يا قنوَّ -والقَنَوَّر "بفتحات مشدد الواو"، بزنة سفرجل: الضخم الرأس أو الصعب اليابس من كل شيء.

3 فإنهما منقلبان عن أصل؛ فتقول في ترخيمهما: يا مختا، ويا منقا- بحذف الآخر ليس غير.

4 فيقال في ترخيمهما: يا سعي، ويا ثمو، وعما، بحذف الدال فيها ليس غير، ولا يحذف ما قبلها من الياء والواو والألف وإن كان كل منها حرف لين زائد؛ ومن ذلك قول أوس بن حجر:

تنكرت منا بعد معرفة لمي

وبعد التصافي والشباب المكرم

يريد "لميس"؛ فحذف السين، ووفر ما قبلها فأبقاه على حاله ومن ذلك قول يزيد بن محزم:

فقلتم تعال يا يزي بن مُحَزَّمِ

فقلت لكم إني حليف صداء

الكتاب لسيبويه: 1/ 336.

ص: 58

الحركة1، ولا خلاف في نحو:"مصطفون"، و"مصطفين" علمين؛ لأن أصلهما "مصطفيون"، و"مصطفيين"؛ فالحركة المجانسة مقدرة.

وإما كلمة برأسها؛ وذلك في المركب المزجي؛ تقول في معد يكرب: "يا معدي"2.

وإما كلمة وحرف؛ وذلك في "اثنا عشر" تقول: "يا اثن"3؛ لأن عشر في موضع النون؛ فنزلت هي والألف منزلة الزيادة في "اثنان" علما.

[في ترخيم من ينتظر المحذوف ومن لا ينتظره] :

فصل: الأكثر أن يُنوى المحذوف، فلا يغير ما بقي4؛ تقول في جعفر: "يا

1 فتقول في ترخيمهما: يا فرعَوْ، ويا غرنَى؛ بحذف الآخر فقط. ولا يشترط الجرمي والفراء المجانسة، فيقولان: يا فرع، ويا غرن؛ لبقاء الاسم على ثلاثة أحرف. وغرنيق: اسم لطائر طويل العنق من طيور الماء معروف. التصريح: 2/ 187.

2 وكذلك تفعل في "سيبويه"، و"خمسة عشر" ونحوهما -مسمى بهما، تقول: يا سيب- ويا خمسة، ولا بد من وجود قرينة قوية، تدل على الأصل. ومنع كثير من النحاة ترخيم المركب المزجي؛ لعدم سماعه عن العرب؛ وهو الأقرب للصواب. ومنع الفراء ترخيم المركب العددي. ومنع أكثر الكوفيين ترخيم المختوم بويه.

التصريح: 2/ 187، والأشموني: 2/ 472.

3 وتقول في "اثنتا عشرة": يا أثنت، ولم يعرف الترخيم بحذف الآخر وحرف قبل في غير هذين اللفظين من المركبات العددية؛ بشرط أن يسمى بهما؛ لئلا يلتبسا بنداء المثنى، وهو: اثنان، واثنتان. الأشموني: 2/ 472.

4 بل يبقى على حاله قبل الحذف، من حركة، أو سكون، أو صحة، أو إعلال؛ لأن المحذوف في نية الملفوظ، ويستمر البناء على الضم واقعا على الحرف الأخير المحذوف؛ وتسمى هذه اللغة: لغة من ينتظر؛ وهي اللغة الفضلى؛ لأن المحذوف المنوي جدير بالمراعاة؛ وينبيغ الاقتصاد عليه في ترخيم المنادى المختوم بتاء التأنيث عند خوف اللبس. التصريح: 2/ 188.

ص: 59

جعفَ" بالفتح، وفي حارث: "يا حارِ"1 بالكسر، وفي منصور: "يا منصُ" بتلك الضمة؛ وفي هرقل "يا هرقْ" بالسكون، وفي ثمود، وعلاوة، وكروان2: "يا ثمو، ويا علا، ويا كَرَوَ".

ويجوز أن لا يُنوَى فيجعل الباقي؛ كأنه آخر الاسم في أصل الوضع3؛ فتقول: "يا جعفُ، ويا حارُ، يا هرقُ" بالضم فيهِنَّ؛ وكذلك تقول: "يا منصُ" بضمة حادثة للبناء4؛ وتقول "يا ثمي" بإبدال الضمة كسرة، والواو ياء، كما تقول في جرو، ودلو: الأجرِي، والأدلِي5؛ لأنه ليس في العربية اسم معرب آخره واو لازمة مضموم ما قبلها، وخرج بالاسم الفعل نحو:"يدعو" وبالمعرب المبني نحو: "هو"، وبذكر الضم نحو:"دلو وغزو"، وباللزوم نحو:"هذا أبوك"6، وتقول:"يا علاء" بإبدال الواو همزة؛ لتطرفها بعد الف زائدة كما في كساء، وتقول:"يا كرأ" بإبدال الواو ألفا؛ لتحركها وانفتاح ما قبله، كما في العصا.

[أحكام ما فيه تاء التأنيث] :

فصل: يختصُّ ما فيه تاء التأنيث بأحكام:

منها: أنه لا يشترط لترخيمه علمية؛ ولا زيادة على الثلاثة كما مر.

1 ومنه قول المهلهل بن ربيعة:

يا حارِ لا تجهل على أشياخنا

إنا ذوو السورات والأحلام

2 العلاوة: ما يعلق على البعير بعد تمام الوقر. والكروان: طائر طويل العنق.

3 وعليه يقع البناء؛ لأن ما حذف اعتبر كأنه انفصل نهائيا. وتسمى هذه اللغة: لغة من لا ينتظر.

4 اختار الصبان أنه مبني على ضم مقدر، ويكون رفع التابع إتباعا للضم المقدر لا للضمة الملفوظ بها؛ وذلك خير من تكلف ذهاب ضمة أصلية وحدوث ضمة أخرى للبناء.

حاشية الصبان: 3/ 181-182.

5 الأصل: الأجرو، والأدلو؛ فقلبت الضمة كسرة والواو ياء؛ لعدم التنظير.

6 فإن الواو فيه غير لازمة؛ لقلبها ألفا في النصب، وياء في الجر.

ص: 60

وإنه إذا حذفت منه التاء توفر من الحذف، ولم يستتبع حذفها حذف حرف قبلها؛ فتقول في عَقَنباة: "يا عقنبا.

وأنه لا يرخم إلا على نية المحذوف؛ تقول في مسلمة، وحارثة، وحفصة:"يا مسلم، ويا حارث، ويا حفص" بالفتح؛ لئلا يلتبس بنداء مذكر لا ترخيم فيه؛ فإن لم يُخَفْ لَبْس جازَ، كما في نحو: همزة، ومسلمة2.

ونداؤه مرخما أكثر من ندائه تاما، كقوله3:[الطويل]

455-

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل4

1 أي: بالألف والاقتصار على حذف التاء. وعقنباة: صفة للعقاب؛ إحدى الطيور الجارحة. يقال: هذه عقاب عقنباة. أي: ذات مخالب قوية.

2 ومثلها: حمزة وطلحة؛ مما التاء فيه ليست للفرق بين المذكر والمؤنث. والهمزة: المغتاب: يستوي فيه المذكر والمؤنث؛ ومسلمة: علم رجل ومن ذلك مسلمة بن عبد الملك بن مروان.

3 القائل: هو امرؤ القيس بن حجر الكندي، وقد مرت ترجمته.

4 تخريج الشاهد: هذا صدر بيت من معلقته المشهورة وعجزه قوله:

وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

وهو من شواهد: التصريح: 2/ 189، والأشموني:"908/ 2/ 467"، والعيني: 4/ 289، والهمع: 1/ 172، والدرر: 1/ 147، وأمالي ابن الشجري: 2/ 84، والمغني:"3/ 17"؛ والسيوطي: 6؛ وديوان امرئ القيس: 174.

المفردات الغريبة: مهلا: مصدر مهل في الشيء: عمِله برفق ولم يعجل به. التدلل: أن يثق الشخص بحب غيره له فيجرؤ عليه ثقة به، وإظهار المرأة الغضب والتمنع وليست بغضبى. أزمعت: عزمت ووطنت النفس. صرمي: هجري وقطيعتي.

المعنى: ترفقي بي يا فاطمة، واتركي الدلال وإظهار الهجر، وإن كنت قد اعتزمت هجري حقًا، ووطنت نفسك عليه؛ فأحسني في ذلك، وكوني بي رفيقة.

المعنى: ترفقي بي يا فاطمة، واتركي الدلال وإظهار الهجر، وإن كنت قد اعتزمت هجري حقا، ووطنت نفسك عليه؛ فأحسني في ذلك، وكوني بي رفيقة.

الإعراب: أفاطم: الهمزة حرف نداء للقريب، لا محل له من الإعراب، وفاطم: منادى مرخم مبني على الضم في محل نصب على النداء؛ ومبني على ضم الحرف المحذوف مهلا: مفعول مطلق لفعل محذوف منصوب، وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة. بعض: مفعول به منصوب؛ لفعل محذوف؛ والتقدير: دعي بعض؛ أو نحو ذلك، و"بعض" مضاف. هذا: الهاء للتنبيه، وذا: اسم إشارة في محل جر بالإضافة. التدلل: بدل من اسم الإشارة =

ص: 61

لكن يشاركه في هذا مالك وعامر وحارث1

[جواز ترخيم غير المنادى بشروط] :

فصل: ويجوز ترخيم غير المنادى بثلاثة شروط:

أحدها: أن يكون ذلك في الضرورة.

الثاني: أن يصلح الاسم للنداء؛ فلا يجوز في نحو: "الغلام"2.

= مبرور، وعلامة جره الكسرة الظاهرة. وإن: الواو عاطفة، "إن" شرطية جازمة. كنت: فعل ماضٍ ناقص مبني على السكون؛ لاتصاله بضمير رفع متحرك؛ والتاء في محل رفع اسم "كان"، وفعل "كنت" في محل جزم فعل الشرط. قد: حرف تحقيق، لا محل له من الإعراب. أزمعت: فعل ماضٍ مبني على السكون؛ لاتصاله بضمير رفع متحرك، والتاء: ضمير متصل مبني على الكسر، في محل رفع فاعل. صرمي: مفعول به منصوب، وعلامة نصبه الفتحة المقدرة على ما قبل ياء المتكلم؛ والياء: في محل جر بالإضافة؛ وجملة: "أزمعت صرمي": في محل نصب خبر "كان". فأجملي: الفاء واقعة في جواب الشرط. أجملي: فعل أمر مبني على حذف النون؛ لاتصاله بياء المؤنثة؛ والياء: في محل رفع فاعل؛ وجملة "أجملي": في حل جزم جواب الشرط؛ لاقترانها بالفاء.

موطن الشاهد: "أفاطم".

وجه الاستشهاد: وقوع "فاطم" منادى مرخما بعد النداء، بحذف التاء؛ وحكم هذا الترخيم كثير وشائع؛ بل مجيئه مرخما بعد النداء أكثر من مجيئه غير مرخم.

1 فإن ترخيمها أكثر من تركه؛ لكثرة استعمالها في الشعر العربي في النداء، وأسماء الرجال، وهذا ما نص عليه سيبويه: من أن هذه الأعلام الثلاثة أكثر الأعلام استعمالا بالترخيم.

2 أي: لمباشرة حرف النداء. ولا شك في أن الغلام لا يصلح لذلك بسبب وجود "أل"، وفي هذا يقول ابن مالك:

ولاضطرار رخموا دون نِدَا

ما للندا يصلح نحو: "أحمدا"

والمعنى: أنهم رخموا للضرورة -في غير النداء- ما يصلح أن يكون منادى؛ نحو: "أحمد" ونص ابن مالك على شرطين؛ أن يكون الترخيم للضرورة، وأن يكون المرخم صالحا للنداء.

وقد عرفت باقي الشروط سابقا، ولا يشترط للمرخم للضرورة أن يكون معرفة؛ فقد ترخم النكرة؛ كقول الشاعر:

ليس حي على المنون بخالِ

أي: "بخالد". انظر التصريح: 2/ 189-190، وحاشية الصبان 3/ 183-184.

ص: 62

الثالث: أن يكون إما زائدا على الثلاثة، أو بتاء التأنيث؛ كقوله1 [الطويل]

456-

طريف بن مالٍ ليلة الجوع والخَصَرْ2

1 القائل: هو امرؤ القيس بن حجر، وقد مرت ترجمته.

2 تخريج الشاهد: هذا عجز بيت، وصدره قوله:

لنعم الفتى تعشو إلى ضوء ناره

ويروى بعده قوله:

إذا البازل الكوماء راحت عشيَّةً

تلاوذ من صوت المبسبس بالسَّحَرْ

والشاهد من شواهد: التصريح: 2/ 190، والأشموني: 923/ 2/ 477"، وابن عقيل: "316/ 3/ 295" والعيني: 4/ 280، وسيبويه: 1/ 366، والهمع: 1/ 181، والدرر: 1/ 157، وديوان امرئ القيس:142.

المفردات الغريبة: الفتى: يراد به هنا الرجل الجواد. تعشو: تنظر إلى ناره من بعيد، من عشا النار رآها ليلا من بُعْد فقصدها مستضيئا. الخَصَر: شدة البرد.

المعنى: نعم الرجل السخي الكريم طريف بن مالك؛ تقصده الناس من بعيد مستضيئة بناره في زمن الحاجة والمسغبة عند اشتداد البرد؛ وزمن الشتاء عند العرب؛ هو زمن الحاجة والمجاعة، وفيه يظهر الجواد والشحيح.

الإعراب: لنعم: لنعم موطئة للقسم، نعم: فعل ماضٍ لإنشاء المدح مبني على الفتح، لا محل له من الإعراب. الفتى: فاعل "نعم" مرفوع، وعلامة رفعه الضمة المقدرة على الألف؛ للتعذر. تعشو: فعل مضارع مرفوع، وعلامة رفعه الضمة المقدرة على الواو للثقل، والفاعل: ضمير مستتر رجوبا؛ تقديره: أنت؛ وجملة "تعشو": في محل نصب على الحال من "الفتى"؛ وصفة له. "إلى ضوء": متعلق بـ "تعشو"، وضوء: مضاف. ناره: مضاف إليه مجرور، وهو مضاف، و"الهاء": في محل جر بالإضافة؛ وجملة: "نعم الفتى

": في محل رفع خبر مقدم. طريف: مبتدأ مؤخر؛ وبدل من "الفتى"؛ أو خبر لمبتدأ محذوف. ابن: صفة لـ "طريف"، وهو مضاف. مال: مضاف إليه مجرور؛ وأصله: مالك؛ ورخم في غير النداء اضطرارا. "ليلة": متعلق بـ "تشعو"، وهو مضاف. الجوع: مضاف إليه مجرور. والخصر: الواو عاطفة، الخصر: اسم معطوف على الجوع مجرور مثله.

موطن الشاهد: "ابن مال".

وجه الاستشهاد: وقوع "مال" مضافا إليه مرخما للضرورة، في غير النداء؛ لأن أصله مالك؛ ونون على لغة من لا ينتظر.

ص: 63

ولا يمتنع على لغة من ينتظر المحذوف؛ خلافا للمبرد1؛ بدليل2: [الوافر]

وأضْحَتْ منك شاسعة أماما3

1 مرت ترجمته.

2 قائل هذا البيت؛ هو جرير بن عطية، وقد مرت ترجمته.

3 تخريج الشاهد: هذا عجز بيت، وصدره قوله:

ألا أضحت حبالكم رماما

وهو من شواهد: التصريح: 2/ 190، والأشموني:"924/ 2/ 477"، والعيني: 4/ 282، 302، وسيبويه: 1/ 343، والنوادر لأبي زيد: 31، والجمل: 189، وأمالي ابن الشجري: 1/ 126، 2/ 79،91، والإنصاف: 353، والخزانة: 1/ 389، وديوان جرير:502.

المفردات الغريبة: أضحت: معناها هنا صارت وتحولت. حبالكم: المراد، عهودكم وأواصر الألفة وروابط المحبة بيننا وبينكم. رماما: بالية ضعيفة، جمع رمة؛ وهي القطعة البالية من الحبل، شاسعة: بعيدة بُعدًا كبيرًا.

المعنى: لقد تحول ما بيني وبينكم -أيها القوم- من أواصر الألفة وروابط المحبة، وصار ما بيننا من عهود الود وأسباب التواصل كأن لم يكن، وأصبحت محبوبتي "أمامة" بعيدة عني ليس في وصلها مطمع.

الإعراب: ألا: حرف استفتاح وتنبيه، لا محل له من الإعراب. أضحت: فعل ماضٍ ناقص مبني على الفتح؛ المقدر على الألف المحذوفة؛ لالتقاء الساكنين، والتاء: للتأنيث.

حبالكم: اسم أضحى" مرفوع، وهو مضا ف، و"كم": مضاف إليه. رماما: خبر "أضحى" منصوب، وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة. وأضحت: الواو عاطفة، أضحى: فعل ماضٍ ناقص مبني على الفتح المقدر على الألف المحذوفة؛ لالتقاء الساكنين، والتاء للتأنيث. "منك": متعلق بـ "شاسعة" الآتي. شاسعة: خبر "أضحى" تقدم على اسمه.

أماما: اسم "أضحى" مؤخر عن خبرها مرفوع، وعلامة رفعه الضمة المقدرة على الحرف المحذوف للترخيم؛ الواقع ضرورة، في غير النداء؛ والألف للإطلاق.

موطن الشاهد: "أماما"

وجه الاستشهاد: مجيء "أمامة" مرخما في غير النداء، بحذف التاء، على لغة من ينتظر؛ وحكم هذا الترخيم الضرورة؛ ولو رخم على لغة من لا ينتظر؛ لقال: إمام بالضم؛ وهو الوجه الذي أوجبه المبرد؛ حيث يجري حركات الإعراب على آخر ما بقي من الكلمة بعد ترخيمها؛ والبيت الشاهد حجة عليه. =

ص: 64

.........................................................................

= ومثل البيت الشاهد قول الشاعر:

أبو حنش يؤرقني وطلق

وعمار وآونة أَثَالا

أراد: وآونة أثالة؛ فحذف التاء على لغة من ينتظر؛ لأنه أبقى اللام مفتوحة كما كانت قبل حذف التاء.

فائدة: يرد لفظ "صاح" منادى؛ وأصله: صاحب؛ فنودي نداء ترخيم. بحذف الباء على القاعدة؛ وهذا أولى من قول من يقول: إن أصلها "صاحبي"؛ لأن فيه شذوذا بحذف ياء المتكلم والباء؛ وما لا شذوذ فيه أولى.

ضياء السالك: 3/ 278.

فائدة: ذكر الأشموني نقلا عن صاحب التسهيل:

"لا يرخم في غير الضرورة منادى عارٍ من الشروط إلا ما شذ من "يا صاح، وأطرق كرا على الأشهر؛ إذ الأصل: صاحب، وكروان فرخما مع عدم العلمية شذوذا، وأشار بالأشهر إلى خلاف المبرد؛ فإنه زعم أنه ليس مرخما؛ وإن ذكر الكروان يقال له: كرا" حاشية الصبان: 3/ 185.

ص: 65