الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[باب الندبة] :
هذا باب الندبة
[حكم المندوب وشروطه] :
حكم المندوب؛ وهو المتفجع عليه أو المتوجع منه1، حكم المنادى؛ فيضم في نحو:"وا زيدَا" وينصب في نحو: "وا أميرَ المؤمنين" إلا أنه لا يكون نكرة؛ كـ "رجل"2، ولا مبهما، كـ "أي"، واسم الإشارة والموصول3؛ إلا ما صلته
1 الندبة لغة: مصدر ندب الميت إذ ناح عليه، وذكر خلاله الكريمة ومآثره الحميدة، واصطلاحا: نداء موجه للمتفجع عليه، أو المتوجع منه بلفظ:"وا" أو "يا" عند أمن اللبس.
والتفجع: إظهار الحزن وقلة الصبر عند نزول المصيبة، وأكثر ما يكون عند النساء لضعفهن عن الاحتمال. والمتفجع عليه: من نزلت به الفجيعة، أو أصابته نازلة حقيقية؛ كالموت، وقد مثل له المصنف ببيت جرير في عمر بن عبد العزيز. أو أن المتفجع عليه نزل منزلة ذلك؛ كقول عمر رضي الله عنه؛ وقد أخبر يجدب أصاب بعض العرب: واعمراه. واعمراه. والمتوجع منه: الموضع والمكان الذي فيه الألم؛ كقولك: وارأساه؛ ومنه قول المجنون:
فواكبدا من حب من لا يحبني
…
ومن عبرات ما لهن فناءُ
أو السبب الذي أدى إلى الألم؛ كقولك: "وامصيبتاه"؛ ومنه قول ابن الرقيات:
تبكيهم الدهماء مُعوِلة
…
وتقول سلمى: وارزِيَّتِيَه
وقد يمسى هذا متوجعا له. والمنادى في ذلك كله يسمى: مندوبا.
التصريح: 2/ 181، الهمع: 1/ 179.
2 هذا في المتفجع عليه؛ أما المتوجع منه فيجوز أن يكون نكرة؛ نحو: وامصيبتاه، في مصيبة غير معينة. وإنما لم تندب النكرة ولا المبهم؛ لأن القصد من الندبة الإعلام بعظمة المندوب وإظهار اهميته أو شدته؛ وذلك يستدعي أن يكون معروفا معينا. وزعم الرياسي: أنه يجوز أن تندب النكرة مستدلا على ذلك؛ بأنه قد ورد في الحديث: "واجبلاه"، وأنكر غيره ذلك، وقالوا: إن صح الحديث؛ فهو نادر.
همع الهوامع: 1/ 179، التصريح: 2/ 182.
3 أجمع النحاة على أنه لا تجوز ندبة الموصول المقترن بـ "أل" كالذي والتي مطلقا. واختلفوا في جواز ندبة غير المقترن بأل؛ فذهب البصريون إلى أنه لا يجوز مطلقا أيضا، وذهب غيرههم: إلى جواز ندبة ما اشتهرت صلته؛ كما حكاه المؤلف. التصريح: 2/ 182.
مشهور فيندب؛ نحو: "وا من حفرة بئر زمزماه"؛ فإنه بمنزلة "واعبد المطلباه" إلا أن الغالب أن يختم بالألف1؛ كقوله:
340 وقمتَ فيه بأمر الله يا عمرا2
[بما يحذف لألف الندبة] :
ويحذف لهذه الألف ما قبلها؛ نحو: "واموساه"3 أو تنوين4 في صلة نحو: "وا من حفر بئر زمزماه"، وفي مضاف إليه؛ نحو:"واغلام زيداه"، أو في محكي، نحو:"واقام زيداه"؛ فيمن اسمه قام زيد، ومن ضمه؛ نحو:"وازيداه"،
1 أي: الزائدة، وذلك لمد الصوت، حتى يكون أقوى بنبرته على إعلان ما في النفس من حزن وأسى.
2 هذا عجز بيت، من كلام جرير في عمر بن عبد العزيز، وصدره قوله:
حملت أمرا عظيما فاصطبرت له
وقد تقدم تخريج هذا الشاهد في باب النداء.
موطن الشاهد: "يا عمراه".
وجه الاستشهاد: مجيء"عمرا" مختتما بألف الندبة، وثبوت هذه الألف دليل على أنه مندوب؛ لأنه لو كان منادى؛ لبني على الضم؛ لأنه مفرد علم؛ وهو هنا مبني على الضم المقدر، منع من ظهوره الفتحة المناسبة للألف، واستعملت "يا" للندبة في هذا البيت؛ لأمن اللبس، بوجود الألف؛ التي دلت على أنه مندوب، لا منادى.
3 أي: في "موسى".وعند إعرابه يقال: "موسى": منادى مبني على ضم مقدر للتعذر على الألف المحذوفة؛ لالتقاء الساكنين، والألف الموجودة زائدة للندبة، والهاء للسكت.
4 ما ذكره المؤلف من وجوب حذف التنوين لوصل الاسم المندوب بألف الندبة؛ وهو مذهب البصريين؛ وذهب الكوفيون إلى أنه يجوز في ندبة المنون وجهان؛ أولهما: حذف التنوين؛ كمذهب البصريين، والثاني: بقاء التنوين مع تحريكه؛ إما بالفتح لمناسبة التخلص من التقاء الساكنين؛ فيلزم قلب الألف ياء؛ لوقوعها بعد كسرة؛ فيقال "واغلام زيديه". وذهب الفراء إلى أنه يجوز حذف التنوين مع بقاء الكسرة التي تقتضيها الإضافة، فيلزم قلب الألف ياء؛ لما قلنا؛ فيقال "واغلام زيديه".
التصريح: 2/ 183، الهمع: 1/ 179.
أو كسرة؛ نحو: "واعبد الملكاه"، و"واحذماه" فإن أوقع حذف الكسرة أو الضمة في لبس أبقيا؛ وجعلت الألف ياء بعد الكسرة؛ نحو:"واغلامكي" واوا بعد الضمة؛ نحو: "وا غلامهو" أو "واغلامكمو"، ولك في الوقف: زيادة هاء السكت بعد أحرف المد1.
[ندبة المضاف إلى ياء المتكلم] :
فصل: وإذا ندب المضاف للياء؛ فعلى لغة من قال: "يا عبد" بالكسر، أو "يا عبد": بالضم، أو "يا عبدا" بالألف، أو "يا عبدي" بالإسكان، يقال:"واعبدا"2 وعلى لغة من قال: "يا عبدي" بالفتح؛ أو "يا عبدي" بالإسكان؛ يقال: "واعبديا"3 بإبقاء الفتح على الأول، وباجتلابه على الثاني.
وقد تبين أن لمن سكن الياء أن يحذفها أو يفتحها؛ والفتح رأي سيبويه، والحذف رأي المبرد.
1 فتقول: واعمراه- وامصيبتاه
…
، وتحذف في الوصل؛ إلا في الضرورة الشعرية؛ فتبقى وتحرك بالكسر أو الضم، كقول المتنبي:
واحر قلباه ممن قلبه شبم
…
ومن بجسمي وحالي عنده سقم
وقول المجنون:
فناديت يا رباه أول سؤلتي
…
لنفسي ليلى ثم أنت حسيها
هذا، وإذا كان المندوب مثنى أو جمع مذكر سالما؛ فلا تحذف نونهما عند ألف الندبة؛ فيقال: وازيدانا- ويبنيان على الألف والواو كالمجرد. وإذا كان للمندوب تابع؛ فإن كان نعتا لفظه كلمة "ابن" المضافة لعلم، فإن الألف تدخل على المضاف إليه؛ تقول: وا إسماعيل بن إبراهيماه، وإن كان لفظا آخر، فالأحسن دخولها على المنعوت؛ أما البدل، وعطف البيان؛ والتوكيد المعنوي؛ فالأحسن الاكتفاء بدخولها على المتبوع.
وفي عطف النسق تدخل على المعطوف عليه. وتدخل في التوكيد اللفظي عليهما.
2 أي: بحذف الياء؛ لالتقاء الساكنين، وهذا ونحو منصوب بفتحة مقدرة على ما قبل ياء المتكلم المحذوفة، منع من ظهورهاه فتحة ألف الندبة وليس مبنيا لأنه مضاف.
3 أي: بزيادة ألف الندبة وفتح ما قبلها، ويكون منصوبا بفتحة مقدرة على الدال منع من ظهورها الكسرة العارضة لمناسبة الياء في محل نصب، والياء مضاف إليه مبني على سكون مقدر منع من ظهوره الفتحة التي جاءت لمناسبة الألف.
وإذا قيل: "ياغلام غلامي" لم يجز في الندبة حذف الياء؛ لأن المضاف إليها غير منادى1.
1 فلا تسرى عليه أحكام المنادى المضاف للياء، ولما لم تحذف في النداء، لم تحذف في الندبة، ومع إثبات الياء يجوز زيادة ألف الندبة بعدها وعدم زيادتها.