المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[هذا باب أسماء الأفعال - أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك - ت هبود - جـ ٤

[ابن هشام النحوي]

الفصل: ‌[هذا باب أسماء الأفعال

‌[هذا باب أسماء الأفعال

1] :

هذا باب أسماء الأفعال

[تعريف اسم الفعل] :

اسم الفعل: ما ناب عن الفعل معنى واستعمالا؛ كـ "شتان"، و"صه" و"أوه"2.

1 اسم الفعل هو: اسم ينوب عن فعل معين، ويتضمن معناه، وزمنه، ويعمل عمله من غير أن يقبل علامته ويتأثر بالعوامل، ويمتاز عن الفعل الذي هو بمعناه بأنه أقوى منه في الدلالة على أداء المعنى وإبرازه كاملا مع إيجاز في اللفظ أحيانا؛ لالتزامه صورة واحدة، لا تتغير غالبا مع الإفراد والتذكير وفروعهما.

2 ذهب النحاة في بيان ما تدل عليه أسماء الأفعال مذاهب كثيرة؛ منها:

أ- أنها -أي أسماء الأفعال- تدل على الألفاظ المكونة من الحروف الهجائية؛ وهذه الألفاظ تدل على لفظ الأفعال؛ فـ "شتان" مثلا: اسم للفظ المبدوء بالشين والمنتهي بالنون؛ وهذا الاسم يدل على لفظ "افترق" الدال على الحدث؛ وهو الافتراق، والزمان الذي هو الماضي؛ وهذا رأي جمهور البصريين.

ب- أنها تدل على الألفاظ المكونة هي منها؛ وهذه الألفاظ، تدل على معاني الأفعال؛ وهي الأحداث والأزمنة؛ وهذا الرأي، ينسب إلى سيبويه ومتابعيه، وارتضاه صاحب البسيط؛ وهو الظاهر من كلام المؤلف.

ج- أنها نائبة عن المصادر؛ والمصادر نائبة عن الأ فعال؛ وهذا رأي جماعة من البصريين؛ وهو مردود لأمرين.

أحدهما: لأن المصادر، لم توضع للدلالة على الزمان، فلو كان اسم الفعل، قد وضع للدلالة على المصدر، لم يكن دالًا على الزمان، ولم يكن منه الماضي، والمضارع، والأمر.

ثانيهما: لأن المصادر النائبة عن الأفعال معربة؛ وأسماء الأفعال مبنية.

د- أنها أفعال حقيقية؛ لأنها تدل على ما يدل عليه الفعل من الحدث والزمان؛ وهو رأي الكوفيين؛ وهذا فاسد للأسباب التالية:

1-

لأنها ليست على صيغ الأفعال المعروفة في العربية.

ص: 78

والمراد بالاستعمال: كونه عاملا غير معمول1، فخرجت المصادر والصفات في نحو:"ضربًا زيدًا"، و"أقائم الزيدان"؛ فإن العوامل تدخل عليها2.

[معاني أسماء الأفعال] :

ووروده بمعنى الأمر كثير؛ كـ "صه"، و"مه"، و"آمين" بمعنى: اسكت، وانكفف، واستجب، ونزال، وبابه3؛ وبمعنى الماضي والمضارع قليل؛

2- لأن منها ما ينون؛ ومعلوم أن الفعل لا ينون بحال.

3-

لأن منها ما وضع على حرفين أصالة؛ نحو: مه، وصه؛ ومعلوم أنه لا يوجد في العربية فعل وضع على حرفين أصلا.

4-

لأنها لا تتصل بها ضمائر الرفع البارزة؛ والضمائر تتصل بالأفعال كما هو معلوم.

5-

لأن الدال على الأمر منها لا يتصل به نون التوكيد؛ وهي تتصل بالفعل. وذهب الأخفش: إلى أن أسماء الأفعال لا محل لها من الإعراب، ووافقه ابن مالك وجماعة.

وذهب المازني إلى أنها في محل نصب بفعل محذوف؛ بناء على أنها نائبة عن المصادر. وذهب المازني إلى أنها في محل نصب بفعل محذوف؛ بناء على أنها نائبة عن المصادر.

وذهب آخرون إلى أنها في محل رفع بالابتداء، والاسم بعدها: فاعل سد مسد الخبر والصواب: ما ذهب إليه الأخفش وابن مالك ومن وافقهما.

انظر تفصيل ذلك في: الأشموني: 2/ 484-485، والتصريح: 2/ 195، وحاشية الصبان: 3/ 195؛196.

1 أي: العامل يقتضي الفاعلية والمفعولية، فلا يُرَدُّ أنَّه يكون معمولا للحروف الناصبة، أو الجازمة.

2 فضربا منصوب بما ناب عنه وهو أضرب، وقائم مرفوع بالابتداء.

3 ذهب المبرد إلى أن اسم الفعل لا ينقاس في شيء أصلا، وأنه يجب الاقتصار منه على ما سمع من العرب؛ وقياسه ابتداع لما لم يسمع عن العرب من الأسماء. وذهب غير المبرد إلى أن اسم الفعل من باب "نزال" قياسي؛ ووجهه أنه باب واحد كثر استعمال العرب له على منهج واحد، ولذا، لا يمنع قياس ما لم يرد، على نهج ما ورد عنهم منه؛ وأصحاب هذا المذهب، رأوا القياس في كل فعل ثلاثي تام متصرف، وما ورد خلاف ذلك؛ فهو شاذٌّ.

وأما الفعل الرباعي؛ أو الثلاثي المزيد فيه؛ فلا ينبني منه؛ وعليه، فقد شذَّ قول الراجز:

قالت له ريح الصبا قرقار

لأن "قرقار" من فعل "قرقر"، وشذ قولهم:"دراك" من "أدرك" الرباعي؛ خلافا لابن طلحة الذي أجاز بناءه من "أفعل" الرباعي، وجعل "دراك" قياسيا. وذهب الأخفش إلى =

ص: 79

كـ "شتان"، و"هيهات"، بمعنى افترق وبعد، و"أوه" و"أف": بمعنى أتوجه واتضجر، و"وا"، "وي"، و"واها" بمعنى: أعجب؛ كقوله تعالى: {وَيْكَأَنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ} 1؛ أي: أعجب لعدم فلاح الكافرين؛ وقول الشاعر2: [الرجز]

460-

وا بأبي أنت وفوك الأشنبُ3

= جواز بنائه من نحو: "دحرج"، وجعل "قرقار" قياسيا، وكذا، دحراج، وقرطاس.

وأما إن كان الفعل جامدا؛ نحو: "نعم وبئس"، أو غير تام التصرف؛ نحو:"هب" و"دع" لم يُبْنَ منه، فلا يقال: نعام، ولا وهاب ولا وداع. وكذلك إذا كان ناقصا، فلا يبني منه؛ "كان" وأخواتها.

وأما بالنسبة إلى بناء أسماء الأفعال -في هذا الباب-؛ فلأنها أشبهت الحروف شبها استعماليا، وأما كون بنائها على حركة؛ فللتخلص من التقاء الساكنين؛ لأن قبل آخرها ألفا؛ وهي ساكنة؛ وأما كون الحركة الكسر؛ فلأنها الأصل في التخلص من التقاء الساكنين، وبنو أسد، يفتحون آخرها اتباعا لحركة ما قبل الألف، وتخفيفا.

انظر التصريح: 2/ 196. وحاشية الصبان: 3/ 201.

1 "28" سورة القصص، الآية:82.

موطن الشاهد: "ويكأنه".

وجه الاستشهاد: مجيء "وي" اسم فعل مضارع بمعنى "أعجب"، وهو مبني على السكون، لا محل له من الإعراب، والفاعل: أنا. كأنه: الكاف حرف مشبه بالفعل -وهو الأفضل- والهاء: اسمه، وجملة:"لا يفلح الكافرون": في محل رفع خبر "كأن". وي: اسم فعل مضارع بمعنى أعجب مبني على السكون، لا محل له. وفاعله أنا. كأنه: الكاف حرف تعليل وجر، وأن مدخولها في تأويل مصدر مجرور بالكاف، وقيل: كأن: بتمامها رفة تشبيه ونصب، والهاء اسمها، وجملة "لا يفلح الكافرون" خبرها.

2 ينسب هذا الرجز إلى رجل من بني تميم.

3 تخريج الشاهد: يروى بعد الشاهد قوله:

كأنما ذر عليه الزرنبُ

أو زنجبيل، وهو عندي أطيبُ

والشاهد من شواهد: التصريح: 2/ 197، والأشموني:"934/ 2/ 486"، والعيني: 4/ 310، والهمع: 2/ 106، والدرر: 2/ 139، والمغني:"684/ 483"، والسيوطي: 2669، واللسان "زرنب"، والقطر 115/ 257".

المفردات الغربية: فوك: فمك. الأشنب: من الشنب. وهو عذوبة ماء الفم من رقة الأسنان. ذر: فرق ورش. الزرنب: نبت من نبات البادية طيب الرائحة. الزنجبيل: نبت معروف. =

ص: 80

وقول الآخر1: [الرجز]

461-

واهًا لسلمى ثم واهًا واها2

= المعنى: يعجب الراجز من جمال محبوبته، ويقول لها: أفديك بأبي، ويصف فمها بالعذوبة ورقة الأسنان والرائحة الطيبة المنبعثة منها.

الإعراب: وا: اسم فعل مضارع بمعنى أعجب، مبني على السكون، لا محل له من الإعراب، والفاعل: ضمير مستتر وجوبا؛ تقديره: أنا. "بأبي": متعلق بمحذوف خبر مقدم، وهو مضاف، وياء المتكلم: مضاف إليه. أنت: ضمير رفع منفصل في محل رفع مبتدأ مؤخر. وفوك: الواو عاطفة، فوك: اسم معطوف على أنه مرفوع، وعلامة رفعه الواو؛ لأنه من الأسماء الستة، وهو مضاف، والكاف: مضاف إليه. الأشنب: صفة لـ "فوك" مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة.

ويجوز أن تكون الواو في "وفوك" استئنافية، و"فوك" مبتدأ، ومضاف إليه؛ وهذا الوجه ارتضاه العيني، وتبعه الشيخ خالد في التصريح. كأنما: كافة ومكفوفة لا عمل لها. ذر: فعل ماضٍ مبني للمجهول مبني على الفتح. "عليه": متعلق بـ "ذر". الزرنب: نائب فاعل مرفوع، وعلامة رفعه الضمة الظاهرة، وجملة "ذر عليه الزرنب": في محل رفع خبر المبتدأ "فوك" على الوجه الذي ارتضاه العيني والشيخ خالد في التصريح. نظر حاشية الصبان: 3/ 198، والتصريح: 2/ 197.

موطن الشاهد: "وا".

وجه الاستشهاد: مجيء "وا" اسم فعل مضارع بمعنى أعجب، وذلك شائع في اللغة.

1ينسب هذا الرجز إلى رؤبة بن العجاج، وينسب إلى أبي النجم الفضل بن قدامة العجلي.

2 تخريج الشاهد: يروى بعد الشاهد قوله:

..................

هي المنى لو أننا نلناها

يا ليت عيناها لنا وفاها

بثمن نُرضِي به أباها

إن أباها وأبا أباها

قد بلغا في المجد غايتاها

والشاهد من شواهد: التصريح: 2/ 197، والأشموني:"728/ 2/ 363"، والعيني: 3/ 436. والقطر: "116/ 348" ومجالس ثعلب: 275، وشرح المفصل: 4/ 72، والمغني: "685/ 483"، والسيوطي: 266.

المفردات الغريبة: المنى: ما يتمناه الإنسان، جمع منية، نلناها: ظفرنا بها، والنيل: الظفر والمراد.

المعنى: يعجب لحسن محبوبته سلمى، ويؤكد عجبه بذلك ويقول: إنها كل ما يتمناه ويرجوه لو ظفر بها.

الأعراب: واها: اسم فعل مضارع بمعنى أعجب، لا محل له من الإعراب، والفاعل ضمير مستتر وجوبا تقديره: أنا. "لسلمى": متعلق بـ "واها". ثم: حرف عطف. واها: اسم فعل مضارع، والفاعل: ضمير مستتر وجوبا؛ تقديره: أنا، وجملة "واها" معطوفة على الجملة السابقة؛ لإفادة التوكيد. واها: توكيد لاسم الفعل السابق.

موطن الشاهد: "واها".

وجه الاستشهاد: استعمال "واها" اسم فعل مضارع بمعنى أعجب في المواضع الثلاثة، وقد عمل عمل فعله.

ص: 81

[اسم الفعل ضربان] :

فصل: اسم الفعل ضربان1:

أحدهما: ما وضع من أول الأمر كذلك2؛ كـ "شتان وصه ووي"3.

الثاني: ما نقل من غيره إليه4؛ وهو نوعان: منقول من ظرف أو جار ومجرور؛ نحو: "عليك" بمعنى الزم؛ ومنه: {عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ} 5؛ أي: الزموا.

= الأعراب: واها: اسم فعل مضارع بمعنى أعجب، لا محل له من الإعراب، والفاعل ضمير مستتر وجوبا تقديره: أنا. "لسلمى": متعلق بـ "واها". ثم: حرف عطف. واها: اسم فعل مضارع، والفاعل: ضمير مستتر وجوبا؛ تقديره: أنا، وجملة "واها" معطوفة على الجملة السابقة؛ لإفادة التوكيد. واها: توكيد لاسم الفعل السابق.

موطن الشاهد: "واها".

وجه الاستشهاد: استعمال "واها" اسم فعل مضارع بمعنى أعجب في المواضع الثلاثة، وقد عمل عمل فعله.

1 هذا التقسيم من حيث الوضع والأصالة في الدلالة على الفعل.

2 أي: أنه لم يستعمل في غيره من قبل؛ ولذلك يسمى: المرتجل.

3 وذكروا من أسماء الأفعال: "وشكان": بمعنى قرب، وفي المثل "وشكان ذا خروجا" وذكروا أيضا:"سرعان" بمعنى سرع، وفي المثل:"سرعان ذا إهالة" وذكروا منه أيضا: "هيت": في نحو قوله تعالى: {قَالَتْ هَيْتَ لَكَ} : بمعنى تهيت. وذكروا منه أيضا: "لعا" بمعنى انتعش وارتفع. حاشية يس على التصريح: 2/ 197.

4 أي: وضع أول الأمر لمعنى آخر، ثم انتقل منه اسم الفعل؛ ولهذا يسمى: المنقول.

5 "5" سورة المائدة، الآية:105.

موطن الشاهد: {عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ} .

وجه الاستشهاد: وقوع "عليكم" اسم فعل أمر مبني على السكون؛ وهو منقول عن "الجار والمجرور"؛ والفاعل: أنتم، و"أنفسكم": مفعول به لاسم الفعل على تقدير حذف مضاف؛ والتقدير: الزموا شأن أنفسكم؛ واختلف في "الكاف" المتصلة بـ "على"؛ فقيل: حرف خطاب، لا محل له من الإعراب؛ وقيل: ضمير في محل رفع على الفاعلية، وفي محل نصب على المفعولية؛ أو في محل جر؛ إما بـ "على"، أو بالإضافة؛ لأن "على" اسم للمصدر:"اللزوم"، وقد يتعدى "عليك" بالباء؛ نحو:"عليك بذات الدين تربت يداك" فيقدر فعل مناسب؛ نحو: تمسك ونحوه؛ وكثيرا ما تزاد الباء في مفعول أسماء الأفعال؛ لضعفها في العمل.

شرح التصريح: 2/ 198.

ص: 82

شأن أنفسكم1، و"دونك زيدا" بمعنى خذه، و"مكانك" بمعنى أثبت، و"أمامك"، بمعنى: تقدم، و"وراءك"، بمعنى: تأخر، و"إليك"؛ بمعنى: تنحَّ2؛ ومنقول من مصدر؛ وهو نوعان: مصدر استعمل فعله، ومصدر أُهمِل فعله؛ فالأول نحو:"رويد زيدًا" فإنهم قالوا: أروده إروادا؛ بمعنى أمهله إمهالا؛ ثم صغروا الإرواد تصغير الترخيم3، وأقاموا مقام مفعله، واستعملوه تارة مضافا إلى مفعوله، فقالوا:"رويد زيد"، وتارة منوَّنًا ناصبا للمفعول؛ فقالوا:"رويدا زيدا"، ثم إنهم نقوله وسموا به فعله؛ فقالوا:"رويد زيدا"4، والدليل على أن هذا اسم فعل: كونه مبنيا، والدليل

1 وقد يتعدى "عليك" بحرف الجر، وهو الباء؛ نحو: عليك بذات الدين، فيقدر فعل مناسب، أي: تمسك مثلا.

2 أي ابتعد. وقال الأشموني: ولا يقاس على هذه الظروف المبهمة، ولا على ما سمع ممن الجار والمجرور وغيرها؛ مما لم يسمع. وأجاز الكسائي قياس ما لم يسمع على ما سمع.

ولا يستعمل هذا النوع إلا متصلا بضمير المخاطب؛ وشذ قولهم: "عليه رجلا غيري" -أي: ليلزمه، و"علي" الشيء- أي: أولنيه، ولألزمه. وأما قوله عليه الصلاة والسلام:"ومن لم يستطع فعليه بالصوم"؛ فقد حسنه ما قبله من الخطاب في قوله: " يا معشر الشباب

إلخ"، وقيل: "عليه" خبر مقدم، و"بالصوم": مبتدأ مؤخر على زيادة الباء؛ واختلف في موضع الضمير المتصل بعليك ونحوه: فقيل: رفع على الفاعلية واستعير ضمير غير الرفع له، وقيل: نصب على المفعولية، والصحيح: أن موضعه جر بالإضافة مع الظروف، كدونك ونحوه- وبالحرف مع المنقول من الحروف؛ كـ "عليك" وأمثاله. وقد نظر في ذلك إلى الأصل قبل النقل؛ لأن اسم الفعل لا يضاف ولا يعمل الجر. وفي كل واحد من الأسماء ضمير مستتر مرفوع الموضع على الفاعلية؛ فإذا جئت بتوكيد فقلت: عليكم كلكم محمداً؛ جاز رفع "كل" على أنه توكيد للضمير المستتر المرفوع، وجاز جره على التوكيد للمجرور الموجود.

ومن هذا يتبين أن اسم الفعل وهو الجار لا غير، والفاعل مستتر فيه، والكاف كلمة مستقلة. الأشموني: 2/ 487-488.

3 فحذفوا زيادتيه، وهما: الهمزة والألف، وأوقعوا التصغير على أصوله فصار رويد.

4 "رويد" فيهما مصدر نائب عن فعل الأمر المحذوف؛ وهو "ارود" وفاعله مستتر فيه وجوبا. وكلمة "زيد" مفعول به، مجرور في الأول، منصوب في الثاني. وقد يستعمل منونا غير ناصب مفعوله نحو:"رويدا يا سائق"، فيكون نائبا عن فعل الأمر المحذوف أيضا، ويستعمل مصدرا منونا غير نائب عن فعل الأمر فينصب؛ إما على الحال؛ نحو: قرت الكتاب رويدا- أي مرودا: بمعنى متمهلا؛ أو نعتا لمذكور، أو محذوف على التأويل بالمشتق؛ نحو: سارت الوفود سيرا رويدا؛ أي متمهلا فيه، وساروا رويدا؛ أي: مرودين. وإذا قلت: رويدك زيدًا؛ فإن قدرت "رويدا" اسم فعل؛ فالكاف حرف خطاب، وإن قدرته مصدرا؛ فالكاف اسم مضاف إليه في ملح رفع على الفاعلية؛ ومثل"رويد زيدا" قول الشاعر:

رويد عليا، جد ما ثدي أمهم

إلينا، ولكن بغضهم متيامنُ

التصريح: 2/ 198، والأشموني: 2/ 488، كتاب سيبويه:241.

ص: 83

على بنائه: كونه غير منون؛ والثاني قولهم: "بله زيدا"، فإنه في الأصل. مصدر فعل مهمل مرادف لـ "دع" و"اترك"؛ يقال:"بله زيد" بالإضافة إلى المفعول؛ كما يقال: "ترك زيد"، ثم قيل:"بله زيدا"1، بنصب المفعول وبناء "بله" على أنه اسم فعل2.

[عمل اسم الفعل] :

فصل: يعمل اسم الفعل عمل مسماه3؛ تقول "هيهات نجد"، كما تقول:"بعدت نجد" قال4:

462-

فهيهات هيهات العقيق ومن به 5

1 من كلام العرب الذي جاء فيه هذا الاستعمال: قول كعب بن مالك في إحدى روايتيه:

تذر الجماجم ضاحيا هاماتها

بله الأكف كأنها لم تخلق

2 إذا كان الاسم بعد "بله" منصوبا منونا؛ جاز أن تكون مصدرا عاملا معربا؛ وجاز أن تكون فعل أمر مبنيا بمعنى: اترك، والقرائن: هي التي تعين أحد الوجهين. وإن كان الاسم بعدها مجرورا؛ وجب أن تكون مصدرا مضافا إلى ما بعدها. وكذلك الحال في "رويدا".

التصريح: 2/ 199، والأشموني: 2/ 488.

3 أي عمل الفعل الذي يدل عليه، فيرفع الفاعل مثله حتما، ويسايره في التعدي واللزوم غالبا، وباقي المكملات، فإن كان فعله متعديا، ولازما؛ فهو مثله، وإن تعدى بحرف جر معين؛ فهو مثله أيضا، وإن كان مسماه ما لا يكتفي بمرفوع واحد؛ كان اسم فعله مثله، ومن غير الغالب أن يخالفه في ذلك مثل:"آمني" فإنه لازم، وفعله الذي بمعناه -وهو استجب- قد يأتي متعديا ولازما، و"إية" فإنه لازم، وفعله وهو "زد" متعدٍّ

إلخ.

التصريح: "2/ 199".

4 القائل: هو جرير بن عطية الشاعر الأموي، وقد مرت ترجمته.

5 تخريج الشاهد: هذا صدر بيت، وعجزه قوله:

وهيهات خِلٌّ بالعقيق نواصله

=

ص: 84

وتقول: "شتان زيد وعمرو"، كما تقول:"افترق زيد وعمرو" و"تراك زيدا"، كما تقول:"اترك زيدا".

وقد يكون اسم الفعل مشتركا بين أفعال سميت به؛ فيستعمل على أوجه باعتبارها1؛ قالوا "حيهل الثريد"؛ بمعنى: ائت الثريد، و"حيهل على الخير"؛ بمعنى: أقبل على الخير، وقالوا:"إذا ذكر الصالحون فحيهل بعمر"2؛ أي: أسرعوا بذكره.

= وهو من شواهد: التصريح: 1/ 318، 2/ 199، والهمع: 2/ 11، والدرر: 2/ 145، والخصائص: 3/ 42 والنقائض: 632، وشرح المفصل: 4/ 35 والمقرب: 26، والعيني: 3/ 7، 4/ 311 والشذور:"212/ 525"، والقطر: 114/ 347" وديوان جرير: 479.

المفردات الغريبة: العقيق: موضع بجهات كثيرة؛ بالمدينة، وباليمامة، وبالطائف.

المعنى: بَعُدَ هذا الموضع، وبَعُدَ من به من الأصدقاء والأحبة، وهيهات خليل وحبيب نواصله، ولا نريد هجره وقطيعته.

الإعراب: هيهات: اسم فعل ماضٍ بمعنى بَعُدَ مبنيٌّ على الفتح، لا محل له من الإعراب.

هيهات: توكيد للأول. العقيق: فاعل لـ "هيهات" الأول مرفوع وعلامة رفعه الضمة.

ومن: الواو حرف عطف، من: اسم موصول مبني على السكون في محل رفع؛ لأنه معطوف على "العقيق". "به": متعلق بمحذوف صلة الموصول. وهيهات: الواو حرف عطف، هيهات: اسم فعل ماضٍ بمعنى بعُد. خل: فاعل لـ "هيهات" مرفوع. "بالعقيق": متعلق بمحذوف صفة لـ "خل"؛ أو في محل نصب على الحال منه؛ لأنه تخصص بالوصف بـ الجار والمجرور"، في قوله "بالعقيق".

موطن الشاهد: "هيهات العقيق، هيهات خل".

وجه الاستشهاد: وقوع "هيهات" اسم فعل ماضٍ بمعنى بعد، وقد عمل عمل الفعل الذي بمعناه.

1 بمعنى أن يساير في التعدي واللزوم الفعل الذي يؤدي معناه.

2 قول يروى عن ابن مسعود رضي الله عنه يراد به سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه.

ص: 85

[لا يجوز تقديم معمول اسم الفعل عليه] :

ولا يجوز تقديم معمول اسم الفعل عليه1؛ خلافًا للكسائي2، وأما:{كِتَابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ} 3، وقوله4:[الرجز]

463-

يا أيها المائح دلوي دونكا5

1 وذلك؛ لضعفه بعدم التصرف؛ ففي مثل: عليك نفسك؛ لا يصح في الغالب أن يقال: نفسك عليك، وفي عملها عمل الفعل الذي تنوب عنه، وفي أن معمولاتها لا تقدم عليها؛ ويقول ابن مالك:

وما لما تنوب عنه من عملْ

لها، وأخِّر ما الذي فيه العملْ

2 مرت ترجمته.

3 "4" سورة النساء، الآية:24.

موطن الشاهد: {كِتَابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ} .

وجه الاستشهاد: وقوع: "كتاب" مصدرا منصوبا بفعل محذوف، وهو مؤكد لنفسه؛ لأن قوله:{حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ} يدل على أن ذلك مكتوب؛ و"عليكم" متعلق بالفعل الحذوف؛ أو بـ طتاب"؛ والتقدير: كتب الله علكيم ذلك كتابا؛ فحذف الفعل وأضيف المصدر إلى فاعله. التصريح: 2/ 200.

4 ينسب هذا الرجز إلى راجز جاهلي من بني أسيد بن عمرو بن تميم.

5 تخريج الشاهد: ونسبة بعضهم إلى جارية من بني مازن، تخاطب فيه ناجية بن جندب الأسلمي رضي الله عنه صاحب بدن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يميح على الناس في القليب. وبعد الشاهد قوله:

إني رأيت الناس يحمدونكا

يثنون خيرا ويبعدونكا

خذها إليك اشغل بها يمينكا

والشاهد من شواهد: التصريح: 2/ 200، والأشموني:"983/ 2/ 491" والشذور: "217/ 530"، وأمالي القالي: 2/ 244، والعقد الفريد: 5/ 211، وأمالي الزجاجي: 237، والإنصاف: 228، وشرح الفصل: 1/ 117، والمقرب: 27، والخزانة: 3/ 15، والعيني: 4/ 311، والهمع: 2/ 105، والدرر: 2/ 138، واللسان والتاج والمقاييس "ميج".

المفردات الغريبة: المائح: الذي ينزل البئر؛ ليملأ الدلاء عند قلة مائها؛ أما الذي يقف على شفير البئر، ويستخرج الدلاء: فهو ماتح: دونكا: خذ.

المعنى: يا أيها المائح خذ دلوي فاملأه؛ فإني رأيت الناس يثنون عليك لمروءتك. =

ص: 86

فمؤولان1.

[المنون وغير المنون من أسماء الأفعال] :

فصل: وما نون من هذه الأسماء؛ فهو نكرة2، وقد التزم ذلك في "واهًا"

= الإعراب: يا: حرف نداء. أيها: أي: منادى نكرة مقصودة مبني على الضم في محل نصب على النداء، "ها": للتنبيه. المائح: صفة لـ "أي" مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة على آخره. دلوي: مفعول به لفعل محذوف يفسره اسم الفعل المذكور بعده؛ والتقدير: خذ دلوي؛ ومبتدأ مرفوع، والياء مضاف إليه. دونك: اسم فعل أمر بمعنى خذ، والفاعل ضمير مستتر وجوبا تقديره: أنت، وجملة "دونك": في محل رفع خبر المبتدأ على التقدير الثاني، وعليه ففي "دونك" مفعول به محذوف يربطه بالمبتدأ؛ والتقدير: دونكه، وأما على التقدير الأول، فجملة "دونك" تفسيرية، لا محل لها من الإعراب.

موطن الشاهد: "دلوي دونك".

وجه الاستشهاد: استشهد الكسائي بهذا البيت على أن "دلوي" مفعول به منصوب باسم الفعل المذكور بعده؛ وادعى أن اسم الفعل يعمل متأخرا، كما يعمل متقدما؛ وهذا غير صحيح -عند جمهور النحاة- لأن "دلوي" إما أن يكون مفعولا لفعل محذوف، أو مبتدأ؛ كما بينا في الإعراب.

1 قيل في تأويل الآية: "كتاب" مصدر منصوب بفعل محذوف؛ وهو مؤكد لنفسه؛ لأن قوله: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ} يدل على أن ذلك مكتوب. "عليكم" متعلق به؛ وبالفعل المحذوف؛ لا اسم فعل؛ والتقدير: كتب الله عليكم ذلك كتابا. فحذف الفعل، وأضيف المصدر إلى فاعله؛ أما تأويل البيت:"فدلوي" مبتدأ لا مفعول مقدم. "دونكا": اسم فعل أمر، وفاعله مستتر فيه. و"الجملة": خبر المبتدأ، والعائد محذوف؛ أي: دلوي دونكه.

ووقوع خبر المبتدأ جملةً طلبية سائغ عند الجمهور. هذا؛ واسم الفعل لا يعمل محذوفا على الاصح؛ خلافًا لابن مالك. ولا تلحقه نون التوكيد مطلقا. وفاعل اسم الفعل الماضي يكون في الغالب اسما ظاهرا؛ وضميرًا للغائب مستترا جوازا. أما اسم الفعل المضارع والأمر؛ ففاعلهما في الغالب: ضمير للمخاطب مستتر وجوبًا. ولا يكون الفاعل في هذا الباب ضميرا بارزا.

انظر: قطر الندى: "تحقيق عبد الحميد: 258"، والتصريح: 2/ 200، والدرر اللوامع: 2/ 138-0139.

2 التنكير خاص بالمرتجل من أسماء الأفعال؛ أما المنقولة، فلا تنون لاستصحابه الأصل؛ وهو غير منون. اعلم: أن التنكير راجع إلى المصدر الذي هو أصل ذلك الفعل -لا إلي اسم الفعل- لأن الفعل لا يحكم عليه بتعريف ولا بتنكير؛ فـ "صه" بمعنى: اسكت -منونا- يراد به طلب السكوت عن كل الكلام. و"صه" مجردا من التنوين: معناه اسكت عن هذا الموضوع الخاص المعروف لنا، مع جواز التكلم في غيره.

ص: 87

و "ويها"، كما التزم تنكير نحو: أحد وعريب وديار1.

وما لم ينون منها؛ فهو معرفة، وقد التزم ذلك في "نزال"، و"تراك" وبإيهما؛ كما التزم التعريف في المضمرات والإشارات والموصولات2.

وما استعمل بالوجهين: فعلى معنيين3، وقد جاء على ذلك: صه ومه وإيه، وألفاظ أخر، كما جاء التعريف والتنكير في نحو: كتاب، ورجل، وفرس.

1 "عريب" و"ديارا" بمعنى: أحدا؛ ومثال عريب، قول عبدي بن الابرص:

ليس بها منهُمُ عَرِيبُ

ومثال "ديَّار" قول الله تعالى: {لا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا} . ولـ "أحد" استعمالات معها:

1-

أن يكون مرادفا للأول؛ وهذا هو الذي يستعمل في العدد حين تقول: "أحد عشر"، و"أحد وعشرون".

2-

أن يكون مرادفا للواحد بمعنى المنفرد نحو: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} .

3-

أن يكون مرادفا لإنسان؛ نحو: {وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ} .

4-

ويكون اسما لمن يعقل؛ نحو: {فَمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ} ؛ وفي هذه الحالة، لا يستعمل إلا منفيا، ويلازم التنكير فلا يعرف إلا شذوذًا.

2 يذكر هنا: أن أسماء الأفعال جميعها مبنية، وليس لها محل من الإعراب؛ وبناؤها على لفظها المسموع؛ فمنها ما بناؤه على الفتح؛ كـ "شتان". ومنها المبنى على الكسر؛ كـ "أية".

3 ينكر عند تنوينه، ويعرف عند عدم التنوين؛ وذلك راجع إلى المصدر.

4 فهذه وأمثالها مع التنوين نكرات، وبدونه مع "أل" أو الإضافة معارف.

ص: 88