الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
التي كانت تلقيها في طريق النبي (ص) ، والمؤمنين إيذاء لهم أو هو كناية عن إلقاء الفتنة بين النبي (ص) والمشركين.
جِيدِها [الآية 5] : عنقها.
مَسَدٍ (5) : هو الليف، أي في عنقها حبل من ليف، تجمع فيه الحطب وتحزمه.
مع السورة
سورة المسد، وتسمّى أيضا سورة أبي لهب، وأبو لهب، واسمه: عبد العزّى بن عبد المطّلب، هو عم النبي (ص) وإنما سمّي أبا لهب لإشراق وجهه، وكان هو وامرأته «أم جميل» ، من أشدّ الناس إيذاء لرسول الله (ص) وللمؤمنين به.
أخرج البخاري بإسناده عن ابن عبّاس رضي الله عنهما، أن النبي (ص) خرج إلى البطحاء، فصعد الجبل فنادى:«يا صباحاه» ، فاجتمعت إليه قريش، فقال: أرأيتم إن حدّثتكم أن العدو مصبحكم أو ممسيكم، أكنتم مصدّقيّ؟ قالوا نعم، قال: فإنّي نذير لكم بين يدي عذاب شديد. فقال أبو لهب: تبّا لك سائر اليوم، ألهذا جمعتنا. فأنزل الله السورة: تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ (1) والتّباب الهلاك والبوار والقطع و «تبّت» الأولى دعاء، و «تبّت» الثانية تقرير لوقوع هذا الدعاء:
هلكت نفس أبي لهب، وقد هلك ما نفعه ماله، وما كسبه بماله من الربح والجاه سيدخل نارا ذات لهب، ونجد هنا تناسقا في اللفظ، فجهنّم هنا ذات لهب، يصلاها أبو لهب.
ومضمون السورة: خسر أبو لهب، وضلّ عمله، وبطل سعيه الذي كان يسعاه، للصدّ عن دين الله ولم يغن عنه ماله الذي كان يتباهى به، ولا جدّه واجتهاده في ذلك فإن الله أعلى كلمة رسوله، ونشر دعوته، وأذاع ذكره.
وسيعذّب أبو لهب يوم القيامة بنار ذات شرر ولهيب وإحراق شديد، أعدّها الله لمثله من الكفّار والمعاندين، فوق تعذيبه في الدنيا، بإبطال سعيه، ودحض عمله وستعذّب معه امرأته التي كانت تعاونه على كفره وجحده، وكانت عضده في مشاكسة رسول الله (ص) وإيذائه، وكانت تمشي بالنميمة للإفساد، وإيقاد نار الفتنة والعداوة.
وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ (4) أي وستعذّب أيضا بهذه النار امرأته أروى بنت حرب، أخت أبي سفيان بن حرب، جزاء لها على ما كانت تجترحه من السعي بالنميمة، إطفاء لدعوة رسول الله (ص) . والعرب تقول لمن يسعى في الفتنة ويفسد بين الناس: هو يحمل الحطب بينهم، كأنّه بعمله يحرق ما بينهم من صلات وقيل إنها كانت تحمل حزم الشوك والحسك والسعدان، وتنثرها بالليل في طريق رسول الله (ص) لإيذائه.
فِي جِيدِها حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ (5) في عنقها حبل ممّا مسّد به من الحبال، أي أحكم فتله وقد صوّرها الله تعالى بصورة من تحمل تلك الحزمة من الشوك، وتربطها في جيدها، كبعض الحطّابات الممتهنات، احتقارا لها، واحتقارا لبعلها، حينما اختارت ذلك لنفسها.
وجملة أمرها: أنّها في تكليف نفسها المشقّة الفادحة للإفساد بين الناس، وإيقاد نيران العداوة بينهم، بمنزلة حاملة الحطب، التي في جيدها حبل خشن تشدّ به ما تحمله إلى عنقها، حين تستقل به وهذه أبشع صورة تظهر بها امرأة، تحمل الحطب وهي على تلك الحال.
«ويروي بعض العلماء، أن المراد بيان حالها وهي في نار جهنّم، إذ تكون على الصورة التي كانت عليها في الدنيا، حينما كانت تحمل الشوك، إيذاء لرسول الله (ص) فهي لا تزال تحمل حزمة من حطب النار، ولا يزال في جيدها حبل من سلاسلها، ليكون جزاؤها من جنس عملها، فقد روي عن سعيد بن المسيّب، أنه قال: كانت لأم جميل قلادة فاخرة، فقالت:
لأنفقنّها في عداوة محمد فأعقبها الله في جيدها حبلا من مسد النار» «1» .
(1) . تفسير المراغي للأستاذ أحمد مصطفى المراغي 30: 263.
(2)
. مقتبس من تفسير جزء عم، للأستاذ الإمام محمد عبده، ص 133. [.....]