الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ اَلْوُضُوءِ
فَرْضُهُ سِتَّةٌ:
ــ
باب الوضوء
أصله من الوضاءة وهو: الحسن والنظافة، وفيه لغات:
أشهرها انه بضم الواو: اسم للفعل - وهو المراد هنا - وبالفتح: الماء الذي يتوضأ به.
والثانية: بالفتح فيهما.
والثالثة: بالضم فيهما، وهو أضعفها.
وهو في الشرع: غسل أعضاء مخصوصة مفتتحة بالنية.
قال: (فرضه ستة).
الفرض والواجب بمعنى واحد، والمراد هنا: الركن، لا المحدود في كتب أصول الفقه، والصبي هنا كالبالغ، وعلم بالحصر أن الماء الطهور ليس من أركانه، بل هو شرط له كالعقل والإسلام والتمييز، لكن في (الروضة) في (باب التيمم) جعل التراب ركناً، والماء هنا كالتراب هناك، وقد عد المصنف من شروط الصلاة معرفة أعمالها وكيفيتها، وهذا يأتي في الوضوء وكل عبادة.
أَحَدُهَا: نِيَّةُ رَفْعِ حَدَثٍ،
ــ
قال: (أحدها: نية رفع حدث)، أما وجوب النية .. فلقوله تعالى:{ومَا أُمِرُوا إلَاّ لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ} ، والوضوء عبادة، وقال صلى الله عليه وسلم:(الأعمال بالنيات).
و (النية) – بتشديد الياء ويقال بتخفيفها -: القصد بالقلب.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وقال الماوردي: قصد الشيء مقترناً بفعله، فإن قصده وتراخى عنه .. فهو عزم.
وشرعت النية لتمييز العادات عن العبادات، كالجلوس في المسجد يكون للاعتكاف تارة وللاستراحة أخرى، أو لتمييز مراتب العبادات، كالصلاة للفرض تارة وللنفل تارة أخرى.
ومحلها القلب، فإن اقتصر عليه ولم يتلفظ .. جاز، ويندب التلفظ بالمنوي.
وقال الزبيري: يجب أن يساعد القلب اللسان.
ولو نوى بلسانه التبرد، وبقلبه رفع الحدث أو بالعكس .. فالاعتبار بما في القلب بلا خلاف.
و (رفع الحدث) معناه: رفع حكمه.
وكان ابن الرفعة يقول: الحدث معنى يحل بالأعضاء منزل منزلة المحسوس؛ ولذلك يقال بتبعيضه وارتفاعه عن كل عضو.
وشرط النية: العلم بالمنوي، فإن اعتقد أن جميع أفعاله فرض .. صح، أو سنة .. فلا، وإن اعتقد أن بعضها فرض وبعضها سنة ولم يميز .. صح بشرط أن لا يقصد بفرض نفلاً، كما سيأتي في الصلاة).
وشرطها: أن لا تكون معلقة، فلو قال: إن شاء الله قاصداً التعليق .. لم يصح، وإن قصد التبرك .. صح، وإن أطلق .. لم يصح؛ لأن اللفظ موضوع للتعليق، كذا صرح به الجرجاني في (الشافي)، ولم يذكر الرافعي صورة الإطلاق.
وعلم من وجوب النية اشتراط الإسلام والتمييز، فلا يصح الوضوء ولا الغسل ممن لا تمييز له قطعاً، ولا من كافر على الأصح، وقيل: يصحان منه، وقيل: يصح الغسل دون الوضوء.
وهذا في الكافر الأصلي، وأما المرتد فقال الشيخان: لا يصحان منه بلا خلاف،
أَوِ اَسْتِبَاحَةِ مُفْتَقِرٍ إِلَى طُهْرٍ،
ــ
وفي (الحاوي) وجه: أنه يصح غسله، وفي (التحقيق) وجه: أنه يصح وضوءه.
وسيأتي في (كتاب النكاح) حكم غسل الذمية لجماع المسلم.
ولو توضأ المسلم أو تيمم ثم ارتد .. بطل تيممه دون وضوئه في الأصح؛ لضعف التيمم، ولأن التيمم للإباحة ولا إباحة مع الردة.
ثم إن المصنف ذكر للنية ثلاث كيفيات:
إحداها: نية رفع الحدث، فإذا نوى ذلك .. صح؛ لأن المقصود بالوضوء رفع مانع الحدث، فإذا نواه فقد تعرض للمطلوب. وقيل: لا تكفي هذه الصيغة لماسح الخف؛ لأنه لم يرتفع حدثه.
ونكر المصنف لفظ الحدث؛ ليشمل ما إذا نوى بعض أحداثه التي وقعت منه، فإن الأصح أن ذلك يكفي.
فإن نوى رفع حدث البول، وليس عليه إلا حدث النوم مثلاً، فإن تعمد .. لم يصح؛ لتلاعبه، وإن غلط .. صح، كذا قاله الرافعي.
وذكر في نظائره ما يخالفه، فقال في (صفة الأئمة): إذا أخطأ في تعيين الإمام أو الميت .. لا تصح صلاته، وفي (الزكاة): إذا ملك مئتين حاضرة ومئتين غائبة، فأخرج خمسة بلا تعيين، ثم بان تلف أحد المالين .. فله جعله عن الباقي. فلو عين أحدهما فبان تالفاً .. لم ينصرف إلى الآخر.
وذكر في (الكفاية): أن الخطأ في التعيين يضر أيضاً.
هذا والنية شرط في الجميع، وتعيينها ليس بشرط، وقد أخطأ في الجميع.
قال: (أو استباحة مفتقر إلى طهر) هذا الكيفية الثانية، وهي: أن ينوي استباحة الصلاة أو غيرها مما لا يباح إلا بالطهارة، كالطواف، وسجدة التلاوة والشكر، ومس
أَوْ أَدَاءِ فَرْضِ اَلْوُضُوءِ
ــ
المصحف، فيصح؛ لأن رفع الحدث إنما يطلب لهذه الأشياء، فإذا نواها .. فقد نوى غاية القصد.
وقيل: لا يصح؛ لأن الاستباحة توجد مع بقاء الحدث، بدليل المتيمم والمستحاضة.
وشملت عبارته ما إذا نوى ما لا يمكن فعله بذلك الوضوء، كالعيد وهو في صفر، أو الطواف وهو بمصر، والأصح: الصحة.
واحترز عما لا يفتقر إليه، كدخول السوق ولبس الثوب، فلا تكفي نيته اتفاقاً، وعما يندب وسيأتي.
لكن لو قال: مفتقر إليه، كما عبر به في (الغسل) .. كان أحسن؛ لأن المكث في المسجد وقراءة القرآن متوقفان على طهر وهو الغسل، فلا يصح الوضوء بنية استباحتهما.
قال: (أو أداء فرض الوضوء) هذه الكيفية الثالثة، فيصح فيها الوضوء قياساً على الصلاة.
وظاهر عبارة الكتاب: أنه لا بد من التعرض للأمرين جميعاً وليس كذلك، بل إذا نوى أداء الوضوء .. صح، كما صرح به في (الحاوي الصغير). وكذلك لو نوى فرض الوضوء .. فإنه يكفيه على الأصح، بل لو نوى الوضوء فقط .. صحح المصنف صحته أيضاً، وهو خلاف ما عليه الأكثر.
وعكسه لو نوى الجنب الغسل .. فإنه لا يكفي، وهذا وارد على حصره في الكيفيات الثلاث.
وكذلك إذا نوى الطهارة عن الحدث .. فإنه يصح، فإن لم يقل: عن الحدث .. لم يصح على الصحيح في زوائد (الروضة)؛ لتردده بين اللغوية والشرعية، ومنصوص (البويطي): الصحة.
وَمَنْ دَامَ حَدَثُهُ كَمُسْتَحَاضَةٍ .. كَفَاهُ نِيَّةُ اَلِاسْتِبَاحَةِ دُونَ اَلرَّفْعِ عَلَى اَلصَّحِيحِ فِيهِمَا. وَمَنْ نَوَى تَبَرُّداً مَعَ نِيَّةٍ مُعْتَبَرَةٍ .. جَازَ عَلَى اَلصَّحَيحَ،
ــ
قال: (ومن دام حدثه كمستحاضة .. كفاه نية الاستباحة دون الرفع على الصحيح فيهما).
لما فرغ المصنف من حكم وضوء الرفاهية .. شرع في حكم وضوء الضرورة. ووجه الاكتفاء فيه بنية الاستباحة: القياس على التيمم.
وأما عدم الاكتفاء بالرفع .. فلأن حدثه لا يرتفع؛ لمقارنته الوضوء أو تأخره عنه.
وأشار إلى وجهين ضعيفين:
أحدهما: أنه لا بد من النيتين، ليرتفع الماضي ويستبيح المستقبل والمقارن.
والثاني: تكفي نية رفع الحدث أو الاستباحة؛ لأن نية رفع الحدث تتضمن الاستباحة.
تنبيه:
ظاهرة عبارة المصنف: أن نية استباحة الصلاة مطلقاً كافية وليس كذلك، بل حكم نية دائم الحدث حكم نية المتيمم، كما ذكره الرافعي هنا، وأغفله في (الروضة).
فإن نوى الفرض .. استباحه، وإلا فلا على المذهب.
وكالمستحاضة سلس البول والمذي.
قال: (ومن نوى تبرداً مع نية معتبرة .. جاز على الصحيح)؛ لأن التبرد حاصل وإن لم ينوه، وقصد العبادة لا تضره مشاركته لذلك، كما لو كبر الإمام وقصد مع التحرم إعلام المأمومين .. فإنه لا يضر.
والثاني: لا يجوز؛ لأنه شرك في العبادة وقال الله تعالى: {ومَا أُمِرُوا إلَاّ لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} .
والمراد بـ (المعية): أن يكون ذاكراً لها عند نية التبرد، فلو حدثت نية التبرد في
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الأثناء، فإن كان ذاكراً للنية المعتبرة .. فعلى الوجهين في الابتداء، وإن كان غافلاً .. لم يصح ما أتى به بعد ذلك في الأصح.
فقوله: (نية معتبرة) شامل للابتداء والأثناء.
وذكروا للتشريك في العبادة نظائر:
منها: المغتسل للجنابة والجمعة.
ولو أحرم بالصلاة بنيتها والاشتغال بها عن غريم، وكذلك الطواف مع ملازمة غريم.
وإذا صلى بنية الفرض والتحية .. صح قطعاً.
وقال الرافعي وابن الصلاح: إن الخلاف يجري فيه.
ورده المصنف بأنهما قربتان، فلم يشرك بين قربة وغيرها، وذكر أنه لم ير في ذلك خلافاً بعد البحث الشديد سنين.
وإذا كبر للصلاة وقصد إعلام القوم .. فإنه لا يضر كما تقدم.
وإذا خطب يوم الجمعة على قصد الكسوف والجمعة .. لا يصح اتفاقاً.
وإذا صام يوم عاشوراء عن قضاء أو نذر أو كفارة وأطلق، أو نوى معه صوم يوم عاشوراء .. أفتى الشيخ شرف الدين البارزي بالصحة ووقوعه عنهما، وهو نظير ما سيأتي في (باب الغسل) من نية الجنابة والجمعة، أو الحيض والعيد: أن ذلك يحصل.
ومن لم يحج، إذا نوى بحجه الفرض والنفل .. وقع فرضاً.
وإذا عجز عن قراءة القرآن في الصلاة، فانتقل إلى الذكر وأتى بالتعوذ ودعاء الاستفتاح قاصداً به السنة والبدلية .. لم يحسب عن الفرض كما قاله الرافعي.
وإذا كبر المسبوق تكبيرة واحدة بقصد التحرم والهوي .. لم تنعقد صلاته، وقيل: تنقلب نفلاً.
وإذا صلى الفائتة في ليالي شهر رمضان ونوى معها صلاة التراويح .. لا تحصل
أَوْ مَا يُنْدَبُ لَهُ وُضُوءٌ كَقِرَاءَةٍ .. فَلَا فِي اَلأَصَحَّ.
ــ
التراويح، بل تحصل الفائتة فقط في الأصح، قاله ابن الصباغ، ونازعه في (المهمات).
قال: (أو ما يندب له وضوء كقراءة .. فلا في الأصح)؛ لأنه مباح مع الحدث، فلا يتضمن قصده قصد رفع الحدث، فكان كزيارة الوالدين والصديق وعيادة المريض، وكل ذلك لا يصح الوضوء بنيته.
والثاني: يصح؛ لأن مقصوده تحصيل المستحب، وهو لا يحصل بدون رفع الحدث، فكانت نيته متضمنة له.
واحترز بـ (ما يندب) عما لا تشرع له الطهارة، كدخول السوق ولبس الثياب، فإن الوضوء لا يصح بنية ذلك جزماً.
ولو أغفل لمعة من أعضائه في المرة الأولى، وغسلها في الثانية أو الثالثة .. فقد غسلها بنية النفل، والأصح: الإجزاء؛ لأن الغسل عن النفل إنما يقع بعد تمام الفرض، وهنا الفرض لم يتم فوقع الغسل فرضاً.
وأنواع الوضوء المستحبة كثيرة:
فمنها: من قهقهة المصلى، وحمل الميت، ومسه، ولزيادة القبور مطلقاً، وللأذان، والإقامة، والوقوف بعرفة، والسعي، وزيارة قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن مس شعر الأجنبية، وللمعيان إذا أصاب بالعين، والجلوس في المسجد – وفي (المحرر): ودخوله أيضاً – ولقراءة الحديث وسماعه، ودراسة العلم الشرعي، والنوم، والجماع، وإنشاد الشعر، واستغراق الضحك، ومن الفصد، والحجامة، والقيء، وأكل لحم الجزور كما تقدم، وخطب غير الجمعة، ومن الغيبة والنميمة،
وَيَجِبُ قَرْنُهَا بِأَوَّلِ اَلْوَجْهِ، وَقِيلَ: يَكْفِيِ بسُنَّةٍ قَبْلَهُ.
ــ
والكذب، والقذف، وكل كلام قبيح، واستحبه ابن الصباغ من قص الشارب.
قال: (ويجب قرنها بأول الوجه)؛ لأنه أول مفروض، فلا يكفي اقترانها بما قبله من السنن؛ لأنها توابع والمقصود من العبادة واجباتها، ولا بما بعده من الواجبات، وإلا لزم خلو بعض الواجبات عن النية.
وإنما رخص في تقديم النية في الصوم في التقدم تارة والتأخر أخرى؛ لعسر مراقبة الفجر، وانطباق النية على أوله.
وإذا اقترنت النية بأول الوجه ولم يكن نوى قبل ذلك .. لم يحصل له ثواب السنن على الصحيح.
فإن قيل: من نوى صوم النفل في أثناء اليوم .. فإن النية تنعطف على الماضي ويحصل له ثواب جميع اليوم على الأصح، فلم لا كان هنا كذلك؟
فالجواب: أنه لا ارتباط لصحة الوضوء بالسنن المذكورة؛ فإنه يصح بدونها بخلاف بقية النهار، وأيضاً الصوم خصلة واحدة فإذا صح بعضها .. صح كلها، وللوضوء أركان متفاضلة فالانعطاف فيها أبعد.
ولو قال المصنف: بأول غسل الوجه .. كان أحسن؛ لأن أول الوجه أعلاه ولا يجب غسله أولاً.
وأفهمت عبارته: أنه لا يجب استصحاب النية ذكراً إلى آخر الوضوء وهو كذلك لما فيه من العسر، ولكن يجب استصحابها حكماً وهو: أن لا ينوي قطعها، ولا يأتي بما ينافيها. فلو ارتد – والعياذ بالله تعالى – أو نوى قطعها .. أثر ذلك في المغسول بعده، لا في الماضي، فإذا أسلم ونوى .. بنى.
قال: (وقيل: يكفي بسنة قبله)؛ لأنها جزء من الوضوء.
والسنن المتقدمة هي المضمضة والاستنشاق قطعاً.
وفي السواك والتسمية وغسل الكفين وجهان، والوجه: أنها من السنن أيضاً؛ لأنها مندوبة في ابتدائه ويثاب عليها.
وَلَهُ تَفْرِيقُهَا عَلَى أَعْضَائِهِ فِي اَلأَصَحَّ. اَلثَّانِي: غَسْلُ وَجْهِهِ،
ــ
فإذا اقترنت النية بها .. فقد اقترنت بأول العبادة، وقيل: يكفي الاقتران بالمضمضة والاستنشاق دون غيرهما.
والذي قطع به الجمهور: أنه لا يكفي اقترانها بالاستنجاء.
فعلى المذهب: يحتاج أن ينوي مرتين: مرة للسنن، ومرة للواجبات.
ومحل الخلاف: إذا عزبت النية قبل غسل الوجه، فإن استمرت إلى غسله .. فلا إشكال في الصحة.
وصورة المسألة: أن لا ينغسل حال المضمضة والاستنشاق شيء من الوجه، فإن انغسل منه شيء مع ذلك .. صح إن كان بنية الوجه، وكذا إن لم يكن على الصحيح.
قال المصنف: لكنه يحتاج إلى إعادة غسل ذلك الجزء على الأصح، وهو كلام متدافع؛ فإن تصحيح النية يقتضي الاعتداد بالمغسول، والصواب: صحة الوضوء بهذه النية من غير وجوب الإعادة، كما نص عليه جماعة من الأصحاب.
قال: (وله تفريقها على أعضائه في الأصح)، بأن ينوي عند كل عضو رفع الحدث عنه، سواء نفاه عن غيره أم لا.
والثاني: لا؛ قياساً على الصوم والصلاة.
وقيل: إن لم ينفه عن غيره .. صح جزماً.
قال: (الثاني: غسل وجهه)؛ لقوله تعالى: {إذَا قُمْتُمْ إلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وجُوهَكُمْ} الآية، وبذلك صحت السنة، وانعقد الإجماع.
والمراد بـ (غسله): انغساله، فلا يشترط أن يغسله هو، وكذلك بقية الأعضاء.
وَهُوَ: مَا بَيْنَ مَنَابِتِ رَاسِهِ غَالِباً وَمُنْتَهَى لَحْيَتْهِ، وَمَا بَيْنَ أُذُنَيْهِ،
ــ
قال: (وهو: ما بين منابت) شعر (رأسه غالباً ومنتهى لحييه) هذا حده طولاً، وهو من مبتدأ تسطيح الجبهة؛ لأنه مأخوذ من المواجهة، وهي تحصيل به.
واحترز بـ (غالباً) عن الأغم وسيأتي، وعن الأصلع الذي انحسر الشعر عن مقدم جبهته، فإنه لا اعتبار به.
وكان الأحسن أن يقول: منابت شعر الرأس؛ لأن شعر رأسه شيء موجود، لا غالب فيه ولا نادر، ولكن قوله:(ومنتهى لحييه) يقتضي: أن منتهى اللحيين غير داخل وليس كذلك، بل ما أقبل منهما داخل لوقوع المواجهة به.
و (المنابت) جمع منبت – بكسر الباء – وهو: موضع النبات.
و (اللحيان) بفتح اللام: العظمان اللذان عليهما الأسنان، واحدها لحي، والجمع ألح.
قال: (وما بين أذنيه) هذا عرضه، فالأذنان ووتداهما غير داخلين فيه، والأصح أن الصدغين ليسا منه.
والثاني: منه، واختاره ابن الصلاح.
والثالث: ما استعلى عن الأذنين من الرأس، وما انحدر عنهما من الوجه.
ويجب غسل جزء من الرأس ومن الحلق ومن تحت الحنك؛ لأن ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب. ومنه البياض الذي بين العذار والأذن. ومنه ما ظهر من حمرة الشفتين، ومن الأنف بالجدع، دون باطن الفم والعين، فهذه لها حكم الباطن في طهارة الحدث، وحكم الظاهر في طهارة الخبث.
واستحب جماعة غسل باطن العين؛ لأن ابن عمر كان يفعله حتى عمي، رواه البيهقي [1/ 177]، وسائر الأصحاب على خلافه للمشقة والضرر.
أما ماقا العين .. فيغسلان بلا خلاف. فإن كان عليهما ما يمنع وصول الماء إلى المحل الواجب الغسل .. وجب إزالته وغسل ما تحته.
فَمِنْهُ مَوْضِعُ اَلْغَمَمِ، وَكَذَا اَلتَّحْذِيفُ في اَلأَصَحَّ، لَا اَلنَّزَعَتَانِ، وَهُمَا: بيَاضَانِ يَكْتَنِفَانِ اَلنَّاصِيَةَ
ــ
قال: (فمنه موضع الغمم)؛ لحصول المواجهة به.
و (الغمم): أن يسيل الشعر حتى تضيق الجبهة أو القفا.
ورجل أغم وامرأة غماء، والعرب تذم به وتمدح بالأنزع؛ لأن الغمم يدل على البلادة والجبن والبخل، والأنزع بضد ذلك.
قال هدبة بن خشرم [من الطويل]:
فلا تنكحي إن فرق الله بيننا .... أغم القفا والوجه ليس بأنزعا
قال: (وكذا التحذيف في الأصح)؛ لمحاذاته بياض الوجه.
والمراد: موضع (التحذيف)، وهو بالذال المعجمة: ما نبت عليه الشعر الخفيف متصلاً بالصدغ.
وضابطه: أن يضع طرف خيط على رأس الأذن والطرف الثاني على أعلى الجبهة، فما نزل عنه إلى جانب الوجه .. فهو موضع التحذيف؛ لمحاذاته بياض الوجه.
وسمي بذلك؛ لأن النساء والأشراف يحذفون الشعر عنه ليتسع الوجه.
والثاني: أنه من الرأس لاتصال شعره بشعرها، وهذا هو الراجح في (الشرحين) و (التذنيب)، وهو الموافق للنص وعليه المعظم.
قال: (لا النزعتان، وهما بياضان يكتنفان الناصية)؛ لأنهما في تدوير الرأس.
و (النزعتان) بفتح الزاي ويجوز إسكانها، ويقال منه: رجل أنزع، أي: بين النزع، ولا يقال: امرأة نزعاء، لكن يقال: زعراء.
و (الناصية): مقدم الرأس من أعلى الجبين.
قُلْتُ: صَحَّحَ اَلْجُمْهُورُ: أَنَّ مَوْضِعَ اَلتَّحْذِيفِ مَنَ الرَّاسِ، وَاللهُ أَعْلَمُ. وَيَجِبُ غَسْلُ كُلَّ هُدْبٍ وَحَاجِبٍ وَعِذَارٍ وَشَارِبٍ وَخَدَّ وَعَنْفَقَةٍ شَعْراً وَبَشَراً،
ــ
وكان ينبغي أن يقول: لا النزعتان والصلع؛ فإن الضابط كما أدخل الغمم اخرج الصلع، فلا وجه لذكر أحدهما دون الآخر، لاسيما وقد صرح به في (المحرر).
قال: (قلت: صحح الجمهور: أن موضع التحذيف من الرأس والله أعلم) وهذا هو الذي عليه الأكثرون، وهو الموافق للنص كما تقدم، وذلك لاتصال الشعر بها.
قال: (ويجب غسل كل هدب)، وهو بالمهملة: الشعر النابت على أجفان العين.
قال: (وحاجب)، وجمعه: حواجب، وحاجب الأمير جمعه: حجاب، سمي بذلك؛ لأنه يحجب عن العين شعاع الشمس.
قال: (وعذار)، وهو بالمعجمة: الشعر النابت على العظم الناتئ بقرب الأذن وبينهما بياض، وهو أول ما ينبت للأمرد.
قال: (وشارب)، وهو: الشعر النابت على الشفة العليا، سمي بذلك؛ لملاقاته فم الإنسان عند الشرب، والمصنف وافق الجمهور في إفراده .. وعبر الغزالي وغيره بالتثنية، وتعبه في (الشرح) و (الروضة) وكلاهما في (الأم)، فقيل: أراد ما على الشفتين وقيل: أراد جانبي العليا.
قال: (وخد)، أي: الشعر النابت عليه، كذا ذكره البغوي، والمصنف في (شرح المهذب)، وليس له في كتب الرافعي ذكر ولا في (الروضة).
قال: (وعنفقة)، وهو: الشعر النابت على الشفة السفلى.
قال: (شعراً وبشراً)؛ لأنها من الوجه، سواء خفت أم كثفت؛ لأن الغالب على هذه الشعور الخفة وكثافتها نادرة، وكذلك لحية المرأة ولحية الخنثى إذا لم نجعلها علامة للذكور وهو المذهب.
وَقِيلَ: لَا يَجِبُ بَاطِنُ عَنْفَقَةٍ كَثِيفَةٍ. وَاللَّحْيَةُ إَنْ خَفَّتْ .. كَهُدْبٍ، وَإِلَاّ .. فَلْيَغْسِلْ ظَاهِرَهَا،
ــ
قال: (وقيل: لا يجب باطن عنفقة كثيفة) كاللحية.
وفي ثالث: يجب إن لم تتصل باللحية؛ لعدم إحاطة بياض الوجه بها، وعند هذا القائل غسل الخمسة الأولى لهذه العلة لا للندور فقط.
قال: (واللحية إن خفت .. كهدب) أي: حكمها حكمه في جميع ما سبق.
ولا خلاف في وجوب غسل باطنها إذا خفت، فإن خف بعضها وكثف بعضها .. كان لكل حكمه على الأصح، إلا أن لا تتميز .. فيجب غسل الجميع، وقيل: يجب غسل الجميع مطلقاً، وحكي عن النص.
و (الخفيف): ما لم يستر البشرة عن الناظر في مجلس التخاطب، وقيل: ما يصل إليه الماء بلا مشقة، وقيل: يرجع فيه إلى العرف.
و (اللحية) معروفة، والجمع لحى ولحى، ورجل لحيان: عظيم اللحية.
قال: (وإلا .. فليغسل ظاهرها)؛ لحصول المواجهة به، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم غسل وجهه بغرفة، وتوضأ بماء لا يبل الثرى، وهو: التراب الندي. وكان صلى الله عليه وسلم كثير الشعر عظيم اللحية. ومن المعلوم: أن ذلك لا يصل إلى ما تحت شعره، فدل على الاكتفاء بالإفاضة على الظاهر، ولأنه باطن دونه حائل معتاد، فلا يجب غسله كداخل الفم.
وقال المزني في (المنثور): يجب إيصاله إلى البشرة التي تحت الشعر، لكن يستثنى من إطلاقه لحية المرأة والخنثى كما تقدم، فيجب غسل باطنهما. ويستحب للمرأة حلقها، وكذا حكم شاربها وعنفقتها.
وقال محمد بن جرير: لا يجوز لها حلق شيء من ذلك.
وَفي قَوْلٍ: لَا يَجِبُ غَسْلُ خَارِجٍ عَنِ اَلْوَجْهِ. اَلثَّالِثُ: غَسْلُ يَدَيْهِ مَعَ مَرْفَقَيْهِ،
ــ
ونقل الجيلي في (الإعجاز) عن الفوراني: أنه يجب عليها حلقها؛ لئلا تشبه بالرجال في إبقائها.
وشعر العارضين – وهو: ما تحت العذار – له حكم اللحية، فيفرق بين خفيفه وكثيفه.
قال: (وفي قول: لا يجب غسل خارج عن الوجه) أي: من شعر اللحية؛ لأنه لا يحاذي محل الفرض، فلا يعطى حكمه كالذؤابة والسبال.
وأشار إلى أن الراجح: وجوب غسله، وهو الظاهر من القولين.
ويستحب أن يأخذ الماء بيديه جمعياً. ولو خلق له وجهان .. وجب غسلهما.
قال: (الثالث: غسل يديه)؛ للآية والإجماع.
فلو نبت على ذراعه أو رجله شعر كثيف .. وجب غسله مع البشرة، وكذا لو طالت أظفاره .. وجب غسلها على المذهب.
قال (مع مرفقيه)؛ تأسياً بالمبين عن الله تبارك وتعالى، صلى الله عليه وسلم.
وروى البزار [كشف 268] عن وائل حجر قال: (شهدت النبي صلى الله عليه وسلم توضأ فغسل وجهه، ثم يديه حتى جاوز المرفق ثلاثاً)، وذكر في الرجل نحوه.
وفعله صلى الله عليه وسلم بيان، فلما أدخل المرفقين في الغسل .. دل على وجوب غسلهما.
قال الأكثرون: إن (إلى) في الآية بمعنى (مع) كقوله تعالى: {ولا تَاكُلُوا أَمْوَالَهُمْ إلَى أَمْوَالِكُمْ} ، {وَإذَا خَلَوْا إلَى شَيَاطِينِهِمْ} ، {ويَزِدْكُمْ قُوَّةً إلَى قُوَّتِكُمْ} .
وفيه نظر؛ لأن المشهور: أن اليد حقيقة إلى المنكب، فتعين أن تكون للغاية.
والغاية إذا كانت جزءاً من المغيا .. دخلت، كقوله: قطعت أصابعه من الخنصر إلى المسبحة، وبعتك هذه الأشجار من هذه إلى هذه.
فَإِنْ قُطِعَ بَعْضُهُ .. وَجَبَ مَا بَقِيَ، أَوْ مِنْ مِرْفَقِهِ .. فَرَاسُ عَظْمِ اَلْعَضُدِ عَلَى اَلْمَشْهُورِ،
ــ
أو أنها غاية للمتروك، أي: اتركوا منها إلى المرافق.
فالمراد بالتحديد في هذا: إخراج ما وراء الحد.
و (مع) بفتح العين على المشهور، وإسكانها قليل.
و (المرفق) بكسر الميم وفتح الفاء وعكسه، سمي بذلك؛ لأن المتكئ يرتفق به إذا أخذ براحته رأسه متكئاً على ذراعه.
واليد الزائدة أو الإصبع الزائدة، إن كانت في محل الفرض .. وجب غسلها، وإلا فإن حاذى شيء منها محل الفرض .. وجب غسل المحاذي في الأصح، لا ما لم يحاذ قطعاً.
والسلعة تغسل إن نبتت في محل الفرض، وإلا فلا.
قال: (فإن قطع بعضه) أي: بعض ما يجب غسله (.. وجب ما بقي) بلا خلاف؛ لقول صلى الله عليه وسلم: (إذا أمرتكم بأمر .. فأتوا منه ما استطعتم)، متفق عليه [خ 6859 – م 1337].
وحكى الإمام في (باب زكاة الفطر) وجهاً: أنه لا يجب.
قال: (أو من مرفقه .. فرأس عظم العضد على المشهور)؛ لأنه من محل الفرض.
والثاني: لا يجب؛ لأن غسل المرفق ليس مقصوداً لنفسه، بل للاستيعاب.
والمصنف اقتصر على طريقة القولين تعباً لـ (المحرر) و (الشرح الصغير). ورجح في (الروضة) طريقة القطع، وليس في (الكبير) ترجيح لواحدة منهما.
ولو لم يكن ليده مرفق، ولا لرجله كعب .. اعتبر قدره ويحتاط.
و (العضد) من الإنسان وغيره: الساعد، وهو: ما بين المرفق إلى الكتف.
حكى الجوهري وابن سيده فيها أربع لغات، وزاد غيرهما أربعة أخرى، وهي مؤنثة على المشهور، ففي حديث أبي قتادة في الحمار الوحشي:(فناولته العضد فأكلها).
أَوْ فَوْقَهُ .. نُدِبَ بَاقِي عَضُدِهِ.
ــ
وقال اللحياني: لا يجوز فيها التذكير، وجمعها: أعضاد لا تكسر على غير ذلك.
وفي حديث أم زرع: (وملأ من شحم عضدي)، لم ترده خاصة، ولكنها أرادت الجسد كله، فإنه إذا سمن العضد .. سمن سائر الجسد.
قال: (أو فوقه .. ندب باقي عضده)، كما لو كان سليم اليد، ولئلا يخلو العضو عن طهارة، وكإمرار الموسى على رأس المحرم الذي لا شعر عليه، كذا علله أبو إسحاق.
وعلله الجمهور بأنه موضع الحلية، وقال صلى الله عليه وسلم:(من استطاع منكم أن يبطل غرته وتحجيله .. فليفعل). ومنه يؤخذ: أن غاية التحجيل تمتد إلى الإبط، وهو الصحيح.
ونظيره في الرجل: استيعاب الرجل.
فلو كان القطع من المنكب .. ندب إمساس موضع القطع بالماء.
فروع:
لو قطعت يده أو رجله، أو حلق شعره، أو قلم أظفاره بعد تطهير ذلك العضو .. لا يلزمه إعادة غسله ولا مسحه.
وقال محمد بن جرير: يلزمه الإعادة كماسح الخف إذا نزعه .. يلزمه غسل الرجلين، وهو غير صحيح؛ لأن الخف ليس من أصل الخلقة.
ووقع في (الوسيط): نسبة ذلك إلى ابن خيران، فاقتضى أن يكون وجهاً في المذهب، وليس كذلك؛ لأن ابن جرير مجتهد لا يعد خلافه وجهاً في المذهب، ووقع له نظير ذلك في أول (كتب الزكاة)، وسيأتي ذكره في الزائد على مئة وعشرين من الإبل.
اَلرَّابِعُ: مُسَمَّى مَسْحٍ لِبَشَرةِ رَاسِهِ،
ــ
وإذا لم يقدر الأقطع أو المريض على الوضوء .. لزمه تحصيل من يوضئه ولو بأجرة، فإن عجز .. تيمم، فإن عجز .. صلى وأعاد كفاقد الطهورين.
ولو كان تحت أظفاره وسخ يمنع وصول الماء إلى البشرة .. لم تصح طهارته على الأصح.
وإن كان على العضو دهن مائع، فجرى الماء على العضو ولم يثبت صح .. وضوءه.
قال: (الرابع: مسمى مسح لبشرة رأسه)؛ لأن المسح في الآية مجمل، وهو ينطلق على القليل والكثير.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وروى مسلم [274] عن المغيرة بن شعبة: أن النبي صلى الله عليه وسلم: (توضأ، فمسح بناصيته وعلى عمامته)، فلو كان الاستيعاب واجباً لما اقتصر على بعضه.
ولأن قول القائل: قبل فلان رأس اليتيم ومسحها أو ضرب رأسه .. صادق بالبعض، فكذلك هذا، وكل من الشعر والبشرة يصدق عليه مسمى الرأس عرفاً، إذ الرأس اسم لما رأس وعلا، بخلاف الوجه فإنه لو غسل بشرته وترك الشعر .. لم يجزئه؛ لأن الوجه من المواجهة وذلك إنما يقع على ظاهر الشعر.
والمراد: أن الواجب أقل جزء من بشرة الرأس، أو من الشعر ينطلق عليه الاسم، ولو بعض شعرة حتى لو أدخل يده تحت شعره ومسح البشرة .. أجزأه وإن كانت مستورة بالشعر في أصح الوجهين، سواء مسح بيده أو خرقة مبلولة أو خشبة ونحو ذلك.
وقيل: لا يجزئ مسح البشرة التي تحت الشعر؛ لانتقال الفرض إلى الشعر كاللحية الكثة.
وأوجب المزني مسح جميعه كمذهب مالك وأحمد.
واختار البغوي وجوب قدر الناصية كمذهب أبي حنيفة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يمسح على أقل منه.
وقيل: يتقدر الواجب بثلاث شعرات كالحلق في الإحرام.
وفرق الأصحاب بأن المطلوب في الحلق الشعر، وتقدير الآية: محلقين شعر رؤوسكم، والشعر: اسم جمع أو اسم جنس، وأقل الجمع: ثلاثة، بخلاف المسح فإنه غير منوط بالشعر.
فإن قيل: صيغة الأمر بمسح الرأس والوجه في التيمم واحدة، فهلا أوجبتم
أَوْ شَعْرٍ فِي حَدَّهِ. وَالأَصَحُّ: جَوَازُ غَسْلِهِ، وَوَضْعِ اَلْيَدِ بِلَا مَدًّ. اَلْخَامِسُ: غَسْلُ رِجْلَيْهِ
ــ
التعميم أيضاً؟ قلنا: المسح في التيمم بدل لأجل الضرورة، وهنا أصل.
واحترزنا بقولنا: (لأجل الضرورة) عن المسح على الخفين؛ فإنه جوز للحاجة.
قال: (أو شعر في حده)؛ لأنه يعد بذلك ماسحاً للرأس عرفاً.
والمراد: الجنس لا الجمع، حتى لو مسح على بعض شعره في حد الرأس .. أجزأه.
وأشار المصنف إلى أنه مخير إن شاء مسح البشرة، وإن شاء على الشعر، فلو كان الشعر مسترسلاً خارجاً عن حده .. لم يجز المسح عليه؛ لأن الماسح عليه غير ماسح على الرأس.
وكذا لو كان متجعداً بحيث لو مد لخرج عن الرأس .. فلا يجوز وجهاً واحداً. والمراد: المد من جهة الرقبة والمنكبين، وهي جهة النزول.
قال: (والأصح: جواز غسله)؛ لأنه مسح وزيادة.
والثاني: لا يجزئ؛ لأنه لا يسمى مسحاً.
وعلى الأصح .. يكره عند الأكثرين؛ لأنه سرف، وصحح الرافعي عدم الكراهة. ولو وقف تحت المطر، فوقع عليه ونوى المسح .. أجزأه بلا خلاف.
قال: (ووضع اليد بلا مد)؛ لوصول الماء، وكذلك لو قطر على رأسه قطرة من غير جريان، فإن جرت .. كفى بلا خلاف.
والثاني: لا يجزئ وضعها بلا مد؛ لأنه لا يسمى مسحاً.
قال: (الخامس: غسل رجليه)؛ للآية.
أما على قراءة النصب .. فظاهر.
وأما على قراءة الجر .. فهي وإن كان ظاهرها يقتضي وجوب المسح، لكن لا يمكن حملها عليه؛ لأنه لم يرد من فعل النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة رضي الله عنهم إلا لغسل فتعين.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ويجاب عن الآية بأن العطف فيها على الجوار، وهو جائز.
وذهب محمد بن جرير الطبري إلى التخيير بين الغسل والمسح جمعاً بين القراءتين.
وهذا المذكور ليس هو محمد بن جرير الإمام، إنما هو رجل من الشيعة موافق له في الاسم والنسبة.
ويرد ذلك إجماع من يعتد به، وأن النبي صلى الله عليه وسلم رأى قوماً يتوضؤون وأعقابهم تلوح، فقال: (ويل الأعقاب
مَعَ كَعْبَيْهِ
ــ
من النار)، رواه الشيخان [خ 60 – م 241].
وفي (صحيح مسلم)[243]: أن رجلاً ترك موضع قدر ظفر على قدمه لم يغسله، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم:(ارجع فأحسن وضوءك).
وفي (سنن أبي داوود)[136] وغيره – بأسانيد صحيحة -: أن رجلاً أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، كيف الطهور؟ فدعا بماء في إناء فغسل كفيه ثلاثاً، وذكر الحديث إلى أن قال: ثم غسل رجليه ثلاثاً، ثم قال صلى الله عليه وسلم:(هكذا الوضوء، فمن زاد على هذا أو نقص .. فقد أساء وظلم).
قال: (مع كعبيه)؛ لما سبق في المرفق، وهذا الفرض مخصوص بغير لابس الخف، أما لابسه في مدة المسح .. فليس الغسل فرضاً متعيناً عليه، بل الواجب غسل الرجلين أو مسح الخفين.
و (الكعب): العظم الناتئ بين مفصل الساق والقدم، ففي كل رجل كعبان؛ لما روى النعمان بن بشير أنه صلى الله عليه وسلم قال:(أقيموا صفوفكم)، فرأيت الرجل منا يلصق منكبه بمنكب صاحبه، وكعبه بكعبه. رواه البخاري وإنما يلصق الكعب بالكعب إذا كان ما ذكرناه.
وفي وجه: أن الكعب هو الذي فوق مشط القدم، وهو شاذ ضعيف.
فلو قطع بعض القدم .. وجب غسل الباقي، وإن قطع فوق الكعب .. فلا فرض عليه، ويستحب غسل الباقي كما تقدم في اليد.
اَلسَّادِسُ: تَرْتِيبُهُ هَكَذَا،
ــ
قال: (السادس: ترتيبه هكذا)؛ لأنه المأثور عن النبي صلى الله عليه وسلم، وعلماء المسلمين.
وروى جابر في حديثه الطويل: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أبدأ بما بدأ الله به). ورواه النسائي [1/ 236] بصيغة الأمر بإسناد على شرط مسلم، والعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، وظاهر الآية يقتضي الترتيب.
أما عند من يرى أن الواو للترتيب، كما قاله الفراء وثعلب وأكثر أصحاب الشافعي – كما قاله الماوردي – فظاهر.
وأما على القول بأنها لمطلق الجمع – وهو الصحيح – فلأن الله تعالى أمر بغسل الوجه بحرف العطف الموجب للتعقيب والترتيب، وإذا ثبت تقديم الوجه .. وجب الترتيب في بقية الأعضاء، إذ لا قائل بالفرق.
واستدل إمام الحرمين بأن النبي صلى الله عليه وسلم لم ينقل عنه أنه توضأ منكساً أبداً، ولو جاز لفعله ولو مرة لبيان الجواز.
واعترض عليه بأنه عليه الصلاة والسلام لم ينقل عنه أنه غسل الشمال قبل اليمين، ولا خلاف في جوازه.
وقيل: لا يشترط الترتيب، بل يشترط عدم التنكيس، واختاره ابن المنذر والمزني، والشيخ نصر والبندنيجي، وحكاه البغوي عن أكثر العلماء.
فعلى هذا، لو استعان بأربعة غسلوا أعضاءه دفعة واحدة .. صح وضوءه، كما لو استأجر المغضوب رجلين ليحجا عنه حجة الإسلام وحجة نذر في سنة واحدة فحجا .. فإنهما تحصلان على الصحيح.
فَلَوِ اَغْتَسَلَ مُحْدِثٌ .. فَالأَصَحُّ: أَنَّهُ إِنْ أَمْكَنَ تَقْدِيرُ تَرْتَيبِ بِأَنْ غَطَسَ وَمَكَثَ .. صَحَّ، وَإِلَاّ .. فَلَا. قُلْتُ: الأَصَحُّ: الصَّحَّةُ بَلَا مُكْثٍ، وَاللهُ أَعْلَمُ
ــ
وعلى اشتراط الترتيب يحصل له في هذه الصورة غسل الوجه فقط.
والفرق: أن الواجب في الوضوء الترتيب ولم يحصل، وفي الحج أن لا يتقدم حجة الإسلام غيرها ولم يتقدم.
وعن القديم: لا يضر ترك الترتيب سهواً.
قال: (فلو اغتسل محدث .. فالأصح: أنه إن أمكن تقدير ترتيب بأن غطس ومكث .. صح)؛ لأن الغسل أكمل من الوضوء، والترتيب حاصل في اللحظات التي مكثها، فيرتفع عن الوجه في اللحظة الأولى، وعن اليد في الثانية، وعن الرأس في الثالثة، والرجل في الرابعة.
والقول بعدم الصحة في هذه الحالة، فيما إذا نوى رفع الحدث ضعيف غريب.
و (غطس) بفتح الطاء يغطس بكسرها، أي: انغمس.
و (مكث) بضم الكاف وفتحها، أي: لبث.
قال: (وإلا .. فلا)، شملت عبارته صورتين:
إحداهما: إذا غسل الأسافل قبل الأعالي، والأصح باتفاق الأصحاب: أنه لا يجزئ.
والثانية: إذا خرج في الحال، والأصح عند الرافعي: لا يجزئه؛ لأن الترتيب من واجبات الوضوء، والواجب لا يسقط بفعل غير الواجب.
قال: (قلت: الأصح: الصحة بلا مكث والله أعلم)؛ لأنه يقدر الترتيب في لحظات لطيفة.
والذي صححه المصنف هنا، نقله عن المحققين - أي: في (الروضة) - محله: إذا نوى رفع الحدث. فإن نوى رفع الجنابة .. فوجهان:
أحدهما: لا يجزئه؛ لأنه نوى طهارة غير مرتبة.
والأصح: الإجزاء كما تقدم.
وَسُنَنُهُ: اَلسَّوَاكُ
ــ
وصورته المسألة: أن يظن أن حدثه هو الأكبر، فإن كان عالماً بالحال .. لم يصح كما سبق.
فرع:
شك في أثناء الوضوء في غسل بعض أعضائه .. بنى على اليقين، وهو أنه لم يفعل.
وإن شك بعد الفراغ .. فالأظهر المختار: الصحة.
قال: (وسننه: السواك)؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (لولا أن أشق على أمتي .. لأمرتهم بالسواك مع كل وضوء)، رواه الحاكم [1/ 146] وابن خزيمة [140]، والبخاري في (كتاب الصيام) تعليقاً، لا مسنداً كما وهم فيه عبد الحق في (الجمع بين الصحيحين).
وفي رواية صحيحة: (لفرضت عليهم السواك مع الوضوء).
ومحله: قبل التسمية، وقال ابن الصلاح: عند المضمضة، وصرح الرافعي بأنه قبلها.
وعبارة المصنف تفهم حصر سننه فيما ذكره، وليس كذلك بل له سنن وآداب كثيرة لم يذكرها. وعبارة (المحرر): وأما سننه .. فمنها السواك إلى آخره.
و (السواك) جمعه: سوك، ككتاب وكتب، والسواك والمسواك: ما يدلك به الأسنان من العيدان، يقال: ساك فاه يسوكه، أي: دلكه بالسواك، ولفظه مأخوذ من ذلك، وقيل: من التساوك وهو التمايل.
عَرْضاً بِكُلَّ خَشِنٍ،
ــ
وما أحسن قول محمد بن مكرم الأنصاري الضرير [من السريع]:
بالله إن جزت بوادي الأراك .... وقبلت أغصانه الخضر فاك
فابعث إلى المملوك من بعضها .... فإنني والله ما لي سواك
وقال الآخر [من الجتث]:
طلبت منك سواكا .... وما طلبت سواكا
وما أردت أراكا .... لكن أردت أراكا
وقال الآخر [من الخفيف]:
لا أحب السواك من أجل أني .... إن ذكرت السواك قلت: سواك
بل أحب الأراك من أجل أني .... إن ذكرت الأراك قلت: أراك
قال: (عرضاً)، ففي (مراسيل أبي داوود) [5]: (إذا استكتم
…
فاستاكوا عرضاً)، والمراد: عرض الأسنان؛ لأنه قد يدمي اللثة، ويفسد عمود الأسنان.
وعبارته تقتضي: أنه لو استاك طولاً لم تحصل السنة، وليس كذلك بل تحصل، ولكن الأكمل ما ذكره.
وأما اللسان .. فقد ورد في رواية: الاستياك فيه طولاً، قاله الشيخ تقي الدين في (شرح العمدة).
ويستحب أن يمر السواك على سقف حلقه إمراراً لطيفاً، وعلى كراسي أضراسه، وينوي به السنة، ويبدأ بجانب فيه الأيمن، ثم الأيسر.
قال: (بكل خشن) أي: لا تتأذى به الأسنان؛ لحصول المقصود، وهذا القيد
إَلَاّ إِصْبَعَهُ فِي اَلأَصَحَّ.
ــ
ذكره الغزالي واحترز به عن المضمضة بماء الغاسول للقلاح؛ فإنه يزيل القلح ولا يكون فاعله مقيماً للسنة، لكن الأفضل الأراك؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يستاك به.
وفي (معجم ابن قانع): أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (استاكوا بالأراك).
فإن تعذر .. فبعراجين النخل؛ لأن آخر سواك استاك به النبي صلى الله عليه وسلم عند الموت كان من عسيب نخلة، رواه البخاري [4451].
وكرهه الخفاف بعود الريحان، ومثله قضبان الرمان؛ لما فيها من الضرر، وكذلك ذكره العراقي في (شرح المهذب)، ولا يجوز بما فيه سمية من العيدان، ويحصل بالأشنان.
ويدخل في الخشن المبرد.
وقال الشيخ برهان الدين ابن الفركاح في (تعليقه) على (الوسيط): يكره – ونص عليه المعافى بن إسماعيل الموصلي – لأنه يزيل جزءاً من السن، فالمراد: مزيل القلح وحده.
قال: (إلا إصبعه في الأصح)؛ لأنه لا يسمى استياكاً، ولا ما في معناه.
والثاني: يجزئ، وصححه صاحب (الرونق) و (اللباب)، والقاضي والبغوي والروياني، واختاره في (شرح المهذب) من جهة الدليل، فقد روى الضياء المقدسي
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
في (أحكامه) عن أنس: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (يجزئ من السواك الأصابع)، قال: وهذا إسناد لا أرى به بأساً.
والثالث: إن وجد غيره .. لم يكفه، وإلا كفاه.
وصورة المسألة: أن تكون الإصبع خشنة متصلة، فإن انفصلت وقلنا بطهارتها .. فالظاهر: الإجزاء أيضاً.
ولو وضع عليه خرقة خشنة .. أجزأه بلا خلاف.
واحترز بـ (إصبعه) عن إصبع غيره المتصلة، فإنها تكفي بلا خلاف، كذا صرح به في (شرح المهذب) و (الدقائق)، لكنه أطلق الأوجه في (الروضة) و (التحقيق) و (الفتاوى)، وللمسألة نظائر:
منها: إذا استنجى باليد، وفيه وجوه أصحها: عدم الإجزاء.
ومنها: ستر العورة باليد، وهو جائز بيد غيره قطعاً، وبيده على الأصح.
ومنها: السجود على اليد، وهو جائز على يد غيره، وممتنع على يده قطعاً.
ومنها: ستر الرأس باليد في الإحرام، وهو جائز اتفاقاً.
و (الإصبع) تذكر وتؤنث، وفيها عشر لغات: تثليث الهمزة مع تثليث الباء، والعاشرة: أصبوع، والأفصح: كسر الهمزة مع فتح الباء.
تنبيه:
بدء المصنف بالسواك يفهم أنه أول ما يبدأ به قبل التسمية وغيرها، وبه صرح الغزالي في (الإحياء)، والماوردي في (الإقناع).
وفي (الصحيحين)[خ 4569 – م 256] من حديث ابن عباس في صفة تهجد النبي صلى الله عليه وسلم ما يشهد له.
وَيُسَنُّ لِلصَّلَاةِ
ــ
فائدة:
في (شرح المهذب) و (الأذكار) و (المطلب): أنه يستحب أن يكون السواك باليد اليمنى؛ لأنه أمكن. وبه أجاب الشيخ شرف الدين ابن البارزي.
وفي (نوادر الأصول): أنه باليسار فعل الشيطان.
وفي (أمالي ابن عبد السلام): أن القرب جميعها أصلها أن تكون باليمين.
ورأيت بخط العلامة الشيخ شمس الدين ابن عدلان في (شرح المختصر) ما لفظه الذي تحرر لي من كلام الأصحاب: أن السواك إن كان المقصود به إزالة القلح .. فباليسار، وإن كان المقصود به العبادة .. فباليمين، وهو فقه حسن.
والمنقول عن الإمام أحمد: أنه يستاك باليد اليسرى؛ لأنه إزالة مستقذر، فكان كالحجر في الاستنجاء.
قال: (ويسن للصلاة) المراد: أنه يتأكد في هذه الحالة، وإن لم يكن الفم متغيراً؛ لقول حذيفة:(كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام يجتهد .. يشوص فاه بالسواك)، و (كان) تشعر بالحالة الدائمة.
و (الشوص): الدلك، وقيل: الغسل.
وقال صلى الله عليه وسلم: (لولا أن أشق على أمتي .. لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة) رواهما مسلم [252].
وصح من طريق الحاكم [1/ 146]: (ركعتان بسواك أفضل من سبعين ركعة بغير سواك) رواه أبو نعيم والحميدي بإسناد كل رجاله ثقات.
وَتَغَيُّرِ اَلْفَمِ،
ــ
وفي (الإنتصار) وجه: أن السواك شرط في صحة الصلاة، ونقله ابن يونس عن أبي إسحاق، وهو غلط؛ إنما هو قول إسحاق بن راهويه، واتفق له نظير ذلك في (إجزاء البدنة عن عشرة)، وفي (الردة إذا تكررت).
وسواء في الاستحباب الصلاة المفروضة النافلة، والتي بالوضوء والتيمم، حتى في حق فاقد الطهورين.
والمتجه: أنه يسن أيضاً للطواف، وسجدتي التلاوة والشكر.
قال: (وتغير الفم) سواء كان بكلام أو نوم أو سكوت أو أكل أو جوع أو عطش؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (السواك مطهرة للفم، مرضاة للرب)، صصحه ابن خزيمة [135] وابن حبان [1067].
ويجوز في (مطهرة) فتح الميم وكسرها.
ويتأكد أيضاً عند القيام من النوم، وعند قراءة القرآن؛ لقوله صلى الله عليه وسلم:(طهروا أفواهكم بالسواك؛ فإنها مسالك القرآن).
وعند دخول المنزل؛ لما روى مسلم [253] عن شريح بن هانئ: (أنه سأل عائشة
وَلَا يُكْرَهُ إِلَاّ لَلصَّائِمِ بَعْدَ اَلزَّوَالِ
ــ
رضي الله عنها: أي شيء كان النبي صلى الله عليه وسلم يبدأ به إذا دخل بيته؟ قالت: السواك).
وعد أبو شامة ذلك من حسن معاشرة الأهل.
وقال الجويني: ينبغي أن يستاك عند كل صلاة وطهارة، فإن أخطأه ذلك .. فعند كل طهارة، فإن أخطأه ذلك .. ففي اليوم والليلة مرة.
وينبغي أن ينوي بالسواك السنة، كما ينبغي أن ينوي بالجماع النسل، وإن كان المقصود يحصل بدون نية.
وينبغي أن يعود الصبي السواك ليألفه.
وأن يغسل السواك إذا أراد استعماله ثانياً، ولا بأس بالخلال قبل السواك وبعده؛ لما روى عبد بن حميد [217] عن أبي أيوب قال: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: (حبذا المتخللون في الوضوء والطعام).
وقال الترمذي الحكيم: يكره أن يستاك بسواك غيره، وأن يزيد طول السواك على شبر.
وفي (البيهقي)[1/ 37] عن جابر قال: (كان سواك رسول الله صلى الله عليه وسلم موضع القلم من أذن الكاتب).
واستحب بعضهم أن يقول في أوله: اللهم؛ بيض به أسناني، وشد به لثاتي، وثبت به لهاتي، وبارك لي فيه يا أرحم الراحمين.
قال المصنف: وهذا لا بأس به، وإن لم يكن له أصل؛ فإنه دعاء حسن.
قال: (ولا يكره إلا للصائم بعد الزوال)؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك)، متفق عليه [خ 1894 – م 1151].
زاد مسلم: (يوم القيامة)، وزاد ابن حبان في (صحيحه) [3424]:(لخلوف فم الصائم حين يخلف)، وهو بتفح الخاء وضم اللام.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ولأنه أثر عبادة مشهود له بالطيب، فكان إبقاؤها راجحاً على إزالتها كدم الشهيد، وأجمعنا على عدم التحريم في السواك، فتثبت الكراهة.
وقولنا: (مشهود له بالطيب) احتراز من بلل الوضوء وأثر التيمم.
وما يصيب ثوب العالم من المداد، فإنه مشهود له بالفضل لا بالطيب.
واختصاصه بما بعد الزوال؛ لأن التغير قبله يكون من أثر الطعام، وبعده من الصيام، وروي:(استاكوا بالغداة، ولا تستاكوا بالعشي؛ فإنه ليس من صائم تيبس شفتاه إلا كان نوراً بين عينيه يوم القيامة)، وهذا يخص قوله صلى الله عليه وسلم:(من خير خصال الصائم السواك) رواه ابن ماجه [1677]، أو يحمل على ما قبل الزوال.
وقيل: لا يكره السواك له مطلقاً، وبه قال الأئمة الثلاثة، واختاره المصنف في (شرح المهذب)، وحكاه في (الروضة) هنا قولاً؛ لما روى الترمذي [725] وحسنه عن عامر بن ربيعة قال:(رأيت النبي صلى الله عليه وسلم ما لا أحصي يستاك وهو صائم).
وروى عن الشافعي: أنه لم ير به بأساً أول النهار وآخره.
وعن القاضي حسين: أنه يكره في الفرض، ولا يكره في النفل؛ خوفاً من الرياء بتقدير الترك.
وفي (الرونق) و (شرح المحب الطبري) وجه: أنه لا يكره إلا بعد العصر؛ لأثر فيه رواه البيهقي [4/ 274].
وفي (ودائع ابن سريج): أنه لا يكره إلا عند الإفطار، والأصح في (شرح المهذب): أن الكراهة تزول بغروب الشمس.
وعن الشيخ أبي حامد: أنها تبقى إلى الإفطار.
وَاَلتَّسْمِيَةُ أَوَّلَهُ،
ــ
قال: (والتسمية أوله)؛ لما تقدم في أول (الطهارة): أن النبي صلى الله عليه وسلم وضع يده في الماء وقال: (توضؤوا باسم الله)، قال أنس: فرأيت الماء ينبع من بين أصابعه صلى الله عليه وسلم، والقوم يتوضؤون حتى توضؤوا عن آخرهم، وكانوا نحو سبعين رجلاً.
وروى الدارقطني [1/ 74] والبيهقي [1/ 44]: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من توضأ وذكر اسم الله عليه .. كان طهوراً لجميع بدنه، ومن توضأ ولم يذكر اسم الله عليه .. كان طهوراً لما مر عليه الماء).
قال المصنف: معناه: أنه طهور من صغائر الذنوب، لكن الحديث لم يصح، وأما تصحيح الحاكم له .. فإنه اشتبه عليه، وانقلب عليه إسناده.
وأما حديث: (لا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه) .. ففي (أبي داوود)[102] و (الترمذي)[25]، لكنه لم يصح.
وقال أحمد: لا أعلم في التسمية حديثاً ثابتاً، ولذلك قال: ليست سنة فيه، بل هي محبوبة في كل أمر ذي بال، لا اختصاص لها بالوضوء.
وعن الشيخ أبي حامد: أنها هيئة فيه.
و (الهيئة): ما يتهيأ به لفعل العبادة. و (السنة): ما كان من أفعالها الراتبة.
وأكمل ألفاظها: بسم الله الرحمن الرحيم، فأن قال: باسم الله .. حصل فضل التسمية بلا خلاف.
وقال الأستاذ أبو منصور: يقول: باسم الله وعلى ملة رسوله الله صلى الله عليه وسلم.
وفي (بداية الهداية): بسم الله الرحمن الرحيم {رَّبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ (97) وأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَن يَحْضُرُونِ} .
فَإِنْ تَرَكَ .. فَفِي أَثْنَائِهِ، وَغَسْلُ كَفَّيْهِ، فَإِنْ لَمْ يَتَيَقَّنْ طُهْرَهُمَا .. كُرِهَ غَمْسُهُمَا فِي الإِنَاءِ قَبْلَ غَسْلِهِمَا،
ــ
ويستحب التعوذ قبلها، والإتيان بالشهادتين، ويقول: الحمد لله الذي جعل الماء طهوراً.
والحكم في الآكل إذا ترك التسمية كالمتوضئ؛ لما روى النسائي [سك 6725] وأحمد [4/ 336] عن أمية بن مخشي الخزاعي – ولا يعرف له سواه -: أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى رجلاً يأكل ولم يسم، فلما كان في آخر لقمة قال: باسم الله أوله وآخره، فقال صلى الله عليه وسلم:(ما زال الشيطان يأكل معه، فلما سمى .. قاء ما أكل).
قال: (فإن ترك .. ففي أثنائه)؛ تداركاً لما فات، كما أن الآكل إذا نسيها في أول الأكل .. تداركها.
وتعبيره بـ (الترك) أحسن من قول (المحرر): نسي؛ إذ لا فرق بين العم والنسيان، فلو لم يسم حتى فرغ .. فات محلها.
ويندب إذا تدارك في الأثناء أن يقول: باسم الله على أوله وآخره، كما يستحب ذلك في الطعام.
قال: (وغسل كفيه)؛ لما روى الشيخان عن عبد لله بن زيد [خ 185 – م 235] وعثمان [خ 160 – م 226]: (أنهما وصفاء وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم، فغسلا يديهما ثلاثاً قبل المضمضة والاستنشاق)، والمنقول: أنه يغسلهما كذلك.
قال: (فإن لم يتيقن طهرهما .. كره غمسهما في الإناء قبل غسلهما)؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (إذا استيقظ أحدكم من نومه .. فلا يغمس يده في الإناء حتى يغسلهما ثلاثاً، فإن أحدكم لا يدري أين باتت يده)، متفق عليه [خ 162 – م 278] إلا لفظ:(ثلاثاً) فلمسلم فقط.
وفي الحديث إعلام بأن الأمر بذلك إنما هو لأجل توهم النجاسة؛ لأنهم كانوا أصحاب أعمال ويستنجون بالأحجار، وإذا ناموا جالت أيديهم فربما وقعت على محل
وَاَلْمَضْمَضَةُ وَاَلِاسْتِنْشَاقُ،
ــ
النجو، أو بثرات في الجسد، فإذا صادفت ماء قليلاً .. نجسته.
وإذا كان هذا هو المراد فمن لم ينم واحتمل نجاسة يده .. كان في معنى النائم، فلهذا عبر المصنف بقوله:(فإن لم يتيقن طهرهما)؛ فإنه شامل للقائم من النوم وغيره، وعدم التيقن يحصل بشكه في نجاستهما، أو توهمها، أو تيقن النجاسة.
واحترز بـ (الإناء) عن البرك والأنهار، لكن المائع – وإن كثر – حكمه حكم القليل، فإن خالف وغمس .. لم يفسد الماء بذلك؛ للشك في نجاستهما.
فإذا تيقن طهرهما .. لم يكره الغمس على الأصح.
وعبر عنه في (التصحيح) بالصواب، وهو معترض بحكاية الخلاف، بل هو قوي. والأصح: أنه لا يستحب له الغسل قبل الغمس أيضاً.
وحيث كرهنا له الغمس لا تزول الكراهة إلا بالغسلات الثلاث، نص عليه في (البويطي)، ونقله في (الروضة) عنه وعن الأصحاب، ولا فرق بين نوم الليل والنهار.
وقال في (شرح المسند): يمكن أن يقال: الكراهة في نوم الليل أشد.
وهذه الغسلات هي المطلوبة أول الوضوء، لكن تأكد تقديمها عند الشك على إدخال اليد، كذا أشعر به كلام الرافعي، وبه صرح البندنيجي والقاضي أبو الطيب وابن الصباغ.
قال: (والمضمضة والاستنشاق)؛ لما روى مسلم [832] عن عمرو بن عبسة السلمي: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ما منكم من أحد يقرب وضوءه، ثم يتمضمض ويستنشق فينتثر .. إلا خرت خطايا فيه وخياشيمه مع الماء).
وَاَلأَظْهَرُ: أَنَّ فَصْلَهُمَا أَفْضَلُ،
ــ
ومعنى (خرت): سقطت وذهبت، ويروى: جرت بالجيم، أي: جرت مع ماء الوضوء.
ولو قال المصنف: (المضمضة ثم الاستنشاق) .. كان أولى؛ لأنه صحح في زوائد (الروضة): أنه يشترط تقديم غسل الكفين عليهما، وأن تقديم المضمضة على الاستنشاق مستحق، وقد أشار إليه بعد ذلك بقوله:(ثم الأصح).
وأما عدم وجوبهما .. فلقوله صلى الله عليه وسلم للأعرابي الذي علمه الصلاة: (توضأ كما أمرك الله)، وليس فيما أمره الله المضمضة والاستنشاق.
ثم أقلهما جعل الماء في الفم والأنف، ولا يشترط مجه ولا إدارته على الصحيح، فيكفي بلعه.
وأكملهما المبالغة، وهو: أن ينتهي الماء إلى أقصى الحلق والخياشيم.
والحكمة في تقديم السنن الثلاثة على الوضوء: أن يدرك أوصاف الماء الثلاثة اللون والطعم والريح.
وقال ابن عبد السلام: قدمت المضمضة لشرف منافع الفم على الأنف؛ لأنه مدخل القوت الذي هو قوام الحياة، ومحل الأذكار الواجبة والمندوبة، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
واتفق الأصحاب على أنه: يستحب أن يأخذ الماء بيده اليمنى، كما ثبت في (الصحيحين)[خ 160 – م 226]، ونص عليه في (المختصر).
قال: (والأظهر: أن فصلهما أفضل)؛ لما روى أبو داوود [40] عن طلحة بن مصرف عن أبيه عن جده أنه قال: (رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يفصل بين المضمضة والاستنشاق).
وروى ابن السكن في (سننه الصحاح) عن شقيق بن سلمة قال: شهدت علي بن أبي طالب وعثمان توضأ ثلاثاً ثلاثاً، وأفرادا المضمضة من الاستنشاق، ثم قالا:
ثُمَّ اَلأَصَحُّ: يُمَضْمِضُ بِغَرْفَةٍ ثَلَاثاً، ثُمَّ يَسْتَنْشِقُ بِأُخْرَى ثَلَاثاً، وَيُبَالِغُ فِيهِمَا غَيْرُ اَلصَّائِمِ.
ــ
(هكذا توضأ رسول الله صلى الله عليه وسلم.
والثاني: الأفضل الجمع؛ لما روي عن علي كرم الله وجهه في وصف وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أنه تمضمض مع الاستنشاق بماء واحد).
قال: (ثم الأصح) أي: على قول الفصل (يمضمض بغرفة ثلاثاً، ثم يستنشق بأخرى ثلاثاً)؛ لما روى البزار عن علي أنه كذلك وصف وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم. وأنكر ابن الصلاح هذه الرواية، وليست منكرة.
والحكمة في ذلك: أن لا ينتقل عن عضو إلا بعد إكمال ما قبله.
والثاني: بست غرفات، يتمضمض بثلاث ويستنشق بثلاث؛ لأنه أقرب إلى النظافة، وهو أنظفها وأضعفها.
وعلى قوله الفصل .. تقديم المضمضة على الاستنشاق مستحق؛ لأنهما عضوان مختلفان، فتعين الترتيب فيهما كسائر الأعضاء، وإلى هذا أشار المصنف بقوله:(ثم).
وقيل: إنه متسحب؛ لأنهما لما تقاربا نزلا منزلة العضو الواحد. والخلاف في الأفضل، فلو تمضمض واستنشق كيف كان .. فقد أدى سننهما.
قال: (ويبالغ فيهما غير الصائم)؛ لقوله صلى الله عليه وسلم للقيط بن صبرة: (أكمل الوضوء، وبالغ [في] الاستنشاق إلا أن تكون صائماً) رواه الأربعة، وصححه الترمذي [788] وابن خزيمة [151] وابن حبان [1054].
وفي رواية للدولابي: (وبالغ في المضمضة والاستنشاق).
وقال الصيمري والماوردي: إن الصائم يبالغ في المضمضة دون الاستنشاق؛ لأن المتمضمض متمكن من رد الماء عن وصوله إلى جوفه بأن يطبق حلقه، بخلاف المستنشق فإنه لا يمكنه دفع الماء بالخيشوم.
قُلْتُ: اَلأَظْهَرُ: تَفْضِيلُ اَلْجَمْعِ بِثَلَاثِ غُرَفٍ، يُمَضْمِضُ مِنْ كُلًّ ثُمَّ يَسْتَنْشِقُ، وَاللهُ أَعْلَمُ. وَتَثْلِيثُ اَلْغَسْلِ
ــ
وهذا النهي على سبيل الكراهة لا التحريم، كما جزم به في (شرح المهذب).
والفرق بينه وبين تحريم القبلة للصائم عند تحريك الشهوة: أن المبالغة نشأت عن سبب مأمور به وهو المضمضة، وتلك عن سبب منهي عنه.
وسوى القاضي أبو الطيب بينهما، فجزم بتحريم المبالغة أيضاً.
قال: (قلت: الأظهر: تفضيل الجمع بثلاث غرف، يمضمض من كل ثم يستنشق والله أعلم).
قال الشيخ: وهو الذي لا يترجح غيره، ويتعين الجزم به؛ لأنه المنصوص في (الأم)، والذي صحت به الرواية عن عبد الله بن زيد وغيره.
فالرافعي يرجح قول الفصل، والمصنف قول الوصل.
فإن قلنا بقول الفصل .. فالأصح: عندهما أنه بغرفتين.
وإن قلنا بالجمع .. فالأصح: عندهما أنه بثلاث غرفات.
قال: (وتثليث الغسل) بالإجماع، فلو زاد .. فهل يكره أو يحرم، أو لا يكره ولا يحرم؟ فيه أوجه، أصحها: أولها؛ لأنه صلى الله عليه وسلم توضأ ثلاثاً ثلاثاً، ثم قال:(فمن زاد على هذا أو نقص .. فقد أساء وظلم) رواه أبو داوود [136] وغيره بإسناد صحيح.
قال ابن الرفعة: مراده أساء بالنقص عن المرة، وظلم بالزيادة على الثلاث، وقيل: عكسه.
فلو غمس يده في ماء كثير راكد وحركها .. حصل التثليث عند القاضي حسين
وَاَلْمَسْحِ، وَيَاخُذُ اَلشَّاكُّ بِاَلْيَقِينِ،
ــ
والبغوي، وأفتى الشيخ بمخالفتهما؛ رعاية لصورة العدد، ولأن الماء قبل الانفصال عن المحل لا يثبت له حكم فلا يحصل العدد به.
قال: (والمسح)، المراد: مسح الرأس والأذنين والصماخين؛ لما روى أبو داوود [107 عن عثمان] والنسائي عن علي كرم الله وجهه أنه توضأ ثلاثاً ثلاثاً، ومسح رأسه ثلاثاً وقال:(هذا وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم، لكن جاء في (صحيح مسلم)[235] في وصف عبد الله بن زيد وضوءه صلى الله عليه وسلم: (أنه مسح رأسه مرة واحدة).
وفي رواية له [235]: (أنه توضأ فغسل وجهه ثلاثاً، ويديه مرتين، ورأسه مرة).
لا جرم استحب بعض أصحابنا المسح مرة واحدة، وحكاه الترمذي عن الشافعي، وهو مذهب الأئمة الثلاثة، واختاره ابن المنذر.
وفي وجه: أن مسح الأذنين مرة واحدة.
واحترز بـ (تثليث الغسل والمسح) عن القول، كالتسمية أوله والتشهد آخره، ولم يصرح في ذلك بالتكرار إلا الروياني، فإنه صرح بتثليث التشهد آخره، وجاءت فيه رواية في (ابن ماجه)[469]، والزيادة على الثلاث مكروهة، وقيل: حرام، وقيل: خلاف الأولى.
فرع:
توضأ مرة، ثم توضأ ثانياً كذلك قبل صلاة، ثم توضأ ثالثاً كذلك .. نال فضيلة التثليث كما أفهمه كلام الفوراني والروياني والإمام وغيرهم.
وفي (فروق الجويني) ما يقتضي خلافه.
قال: (ويأخذ الشاك باليقين) في المفروض وجوباً، وفي المسنون ندباً؛ لأن الأصل عدم ما زاد، كما لو شك في عدد الركعات، فإذا شك: هل غسل ثلاثاً أو مرتين؟ أخذ بالأقل وغسل أخرى.
وَمَسْحُ كُلِّ رَاسِهِ، ثُمَّ أُذُنَيْهِ،
ــ
وقال الشيخ أبو محمد: يأخذ بالأكثر حذرا من أن يزيد رابعة؛ فإنها بدعة، وترك السنة أهون من ارتكاب بدعة.
وأجاب الأولون بأن البدعة ارتكاب الرابعة عالما بكونها رابعة.
قال: (ومسح كل رأسه)؛ لأنه أكثر ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم، وخروجا من الخلاف، فيأخذ الماء بكفيه ثم يرسله، ثم يلصق طرف سبابته بطرف سبابته الأخرى، ثم يضعهما على مقدم رأسه ويضع إبهاميه على صدغيه، ثم يذهب بهما إلى قفاه، ثم يردهما إلى المكان الذي بدأ منه، وهذه مرة واحدة.
وهذا الاستحباب لمن له شعر ينقلب بالذهاب والرد، فالذي لا شعر له أو له شعر لا ينقلب .. اقتصر على الذهاب، فلو رد .. لم تحسب ثانية؛ لأنه صار مستعملا.
وإذا مسح زيادة على الواجب .. فهل يقع جميعه واجبا، أو الواجب ما يقع عليه الاسم خاصة؟ فيه خلاف، واختلاف تصحيح في مسائل تأتي في مواضعها.
قال: (ثم أذنيه)؛ لما روى أبو داوود [124] عن المقدام بن معدي كرب: (أن النبي صلى الله عليه وسلم مسح أذنيه ظاهرهما وباطنهما، وأدخل أصابعه في صماخيهما).
قيل: وذلك مستحب بباقي بلل الرأس، والصحيح: أنه بماء جديد.
وأتى المصنف بـ (ثم)؛ ليعلم أنهما مرتبان على مسح الرأس، فلو قدمهما عليه .. لم تحصل السنة في الأصح، وعطف في (المحرر) بالواو ففاته ذلك.
قائدة:
روى الدارقطني وغيره عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الله تعالى أعطاني نهرا، يقال له: الكوثر، في الجنة. لا يدخل أحد إصبعيه في أذنيه، إلا سمع خرير ذلك النهر) قالت: فقلت يا رسول الله؛
فَإِنْ عَسُرَ رَفْعُ الْعِمَامَةِ .. كَمَّلَ بِالْمَسْحِ عَلَيْهَا. وَتَخْلِيلُ اللِّحْيَةِ الْكَثَّةِ.
ــ
وكيف ذلك؟ قال: (أدخلي إصبعيك في أذنيك وسدي، فالذي تسمعين فيهما من خرير الكوثر).
وهذا النهر خاص بالنبي صلى الله عليه وسلم، تتشعب منه جميع أنهار الجنة.
قال: (فإن عسر رفع العمامة .. كمل بالمسح عليها) سواء وضعت على طهر أم حدث؛ لما تقدم في حديث المغيرة: (أن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ فمسح بناصيته وعلى عمامته).
والتعبير بـ (العسر) تبع فيه (المحرر) و (الشرحين).
والذي في (الروضة): ولو لم يرد نزع ما على رأسه من عمامة أو غيرها .. مسح ما يجب من الرأس، ويسن تتميم المسح على العمامة.
فاقتضت: أنه لا فرق بين أن يكون له عذر أم لا. وبه صرح في (شرح المهذب).
وأشار بقوله: (كمل) إلى أنه لا بد من مسح شيء من الرأس خلافا لمحمد بن نصر المروزي، فإنه ذهب إلى جواز الاقتصار على العمامة.
وفي مسح الرقبة بعد الأذنين أوجه:
أحدها: أنه يسن بماء جديد، واختاره الروياني والغزالي.
والثاني: وإليه مال الأكثرون أنه أدب وليس بسنة.
والثالث: أنه بدعة واختاره المصنف.
قال: (وتخليل اللحية الكثة)؛ فأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يخلل لحيته الشريفة وكانت غزيرة، صححه ابن حبان [1081] والحاكم [1/ 149].
و (التخليل): تفريق الشعر، وأصله إدخال الشيء في خلال الشيء، وكذلك تخليل ما في معناها كالعارض، وتكون أصابعه من أسفلها.
وقال المزني: تخليلها واجب.
وَأَصَابِعِهِ، وَتَقْدِيمُ الْيَمِينِ.
ــ
قال في (الروضة): ومراده وجوب إيصال الماء إلى المنبت.
ويستثنى المحرم فإنه لا يخلل؛ لأن نتف الشعر حرام، والتخليل سنة ويخاف منه المحذور، قال المتولي في (كتاب الحج).
وخالفه الشيخ في (الحلبيات) فقال: التخليل باق على سنيته، لكنه في حالة الإحرام أضعف من الاستحباب، ثم مال إلى أولوية الترك.
وتستثنى لحية المرأة والخنثى؛ لأنه تقدم وجوب غسل بشرتهما.
قال: (وأصابعه)؛ لما روى الترمذي [39] عن ابن عباس: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا توضأت .. فخلل بين أصابع يديل ورجليك).
فلو خلقت أصابعه ملتحمة .. لم يجز فتقها.
والأولى في تخليل اليدين التشبيك: وفي الرجلين أن يكون بخنصر يده اليسرى، من أسفل رجله اليمنى ويختم بخنصر رجله اليسرى؛ لما روى أبو داوود [149] والترمذي [40] وابن ماجه [446] عن المستورد بن شداد أنه قال:(رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا توضأ .. يدلك أصابع رجليه بخنصره).
وقال أبو طاهر الزيادي: يخلل ما بين كل إصبعين بإصبع من أصابع يديه.
قال: (وتقديم اليمين) بالإجماع.
وروى أبو داوود [4138] وابن ماجه [402] عن أبي هريرة: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا توضأتم .. فابدؤوا بميامنكم).
وكان صلى الله عليه وسلم يعجبه التيمن في تنعله وترجله وطهوره، وفي شأنه كله، متفق عليه [خ 168 – م 268].
فإن قدم اليسرى .. صح بالإجماع، ونص في (الأم) على كراهته.
أما الكفان والخدان والأذنان .. فالسنة تطهيرها معا، لغير الأقطع على الأصح.
وفي الوجه يبدأ بأعلاه، وفي اليد والرجل بالأصابع، إلا أن يكون غيره يصب عليه فبالمرفق والكعب. وأما الخفان فيمسحهما معا.
وَإِطَالَةُ غُرَّتِهِ وَتَحْجِيلِهِ. وَالْمُوَالَاةُ، وَأَوْجَبَهَا الْقَدِيمُ.
ــ
قال: (وإطالة غرته وتحجيله)؛ لما تقدم من قوله صلى الله عليه وسلم: (أنتم الغز المحجلون يوم القيامة من إسباغ الوضوء، فمن استطاع منكم أن يطيل غرته وتحجيله .. فليفعل).
فـ (إطالة الغرة): أن يغسل مع وجهه من مقدم رأسه وعنقه زائدا على الجزء الواجب.
و (التحجيل): أن يغسل فوق مرفقيه وكعبيه، وغايته: استيعاب العضد والساق، وقيل: نصفهما، وقيل: الزيادة من غير تحديد.
ولا يصير الماء مستعملا بانتقاله إلى موضع الغرة والتحجيل، بخلاف ما لو انتقل إلى غيرهما كفوق الركبة .. فإنه يصير مستعملا.
وأطلق الغزالي وجماعة: أن الغرة في اليدين والرجلين، والصحيح: أن هذا التحجيل.
قال: (والموالاة)؛ اتباعا لفعل النبي صلى الله عليه وسلم.
وصرفنا عن الوجوب:
ما صح عن ابن عمر أنه توضأ في السوق، فغسيل وجهه ويديه ومسح برأسه، فدعي إلى جنازة، فدخل المسجد ثم مسح على خفيه، وكان ذلك بحضرة جماعة من الصحابة ولم ينكروا عليه.
والقياس على رمي الجمار والطواف؛ فإنها لا يبطلان بالتفريق.
قال: (وأوجبها القديم)؛ لأنه صلى الله عليه وسلم واظب عليها وقال: (هذا وضوء لا يقبل الله الصلاة إلا به)، ولأنه عبادة يبطله الحدث فأبطله التفريق،
وَتَرْكُ الاِسْتِعَانَةِ.
ــ
كالصلاة إذا طول الركن القصير.
وأجاب الأصحاب بأن الصلاة يبطلها التفريق اليسير ولا يبطل الوضوء بالإجماع.
والأصح في ضابط الكثير: أن يجف المغسول مع اعتدال الزمان ومزاج الإنسان.
والقليل: دون ذلك. والمعتبر: آخر غسلة – ويقدر مسح الرأس غسلا – وقيل: يرجع فيه إلى العادة، وقيل: قدر ما يمكن فيه تمام طهارة.
والأصح: أن الخلاف لا يجري إذا كان التفريق بعذر كالنسيان ونحوه.
قال: (وترك الاستعانة)؛ لأنه الأكثر من فعل النبي صلى الله عليه وسلم، ولأنه نوع تكبر وهو لا يليق بحال العبادة.
وروى البزار [260]: أن أبا بكر – وقيل: عمر – هم بصب الماء على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: (إني لا أحب أن يعينني على وضوئي أحد)، لكنه ضعيف.
ودليل جوازها ما رواه الشيخان [خ 182 – م 274] عن المغيرة: (أنه صب على النبي صلى الله عليه وسلم، وفيهما أسامة [خ 181 – م 1280] نحوه.
وفي (ابن ماجه)[390] عن الربيع بنت معوذ بن عفراء: (أنها صبت عليه).
وفيه [391]: (وصب عليه صفوان بن عسال في سفر)، فلذلك كان الأصح: أنها خلاف الأولى لا مكروهة.
ومحل هذا الخلاف: إذا استعان بمن يصب عليه الماء، فإن استعان بمن يحضره له .. فلا بأس. وإن استعان بمن يغسل أعضاءه .. كره قطعا.
وتعبير المصنف وغيره بالاستعانة يقتضي: اختصاص الحكم بطلب المتوضئ
وَالنَّفْضِ، وَكَذَا التَّنْشِيفُ فِي الأَصَحِّ.
ــ
ذلك، فلو أعانه غيره وهو ساكت .. لا يكون خلاف الأولى، كما لو حلف لا يستخدمه فخدمه ساكتا .. لا يحنث، وليس المراد ذلك بل الاستقلال بالأفعال ولو لم يأمره.
هذا فيمن يمكنه أن لا يستعين، فأما من لا يقدر على الوضوء إلا بذلك كالأقطع .. فإنه تلزمه الاستعانة ولو بأجرة المثل إن وجدها فاضلة عن كفايته وكفاية من تلزمه كفايته ليومه وليلته، وقضاء دينه، فإن لم يجد .. صلى وأعاد كفاقد الطهورين؛ لندوره.
قال: (والنفض) أي: وترك النفض؛ لأنه كالتبري من العبادة. ولحديث: (إذا توضأتم .. فلا تنفضوا أيديكم؛ فإنه مراوح الشيطان)، لكنه ضعيف.
واستثنى بعضهم النفض عند مسح الرأس والأذن والرقبة، فإنه مستحب إذا أمن الرشاش.
وفيه نظر؛ لأنه يستحب في هذه الأحوال أن يرسل يديه لا أن ينفضهما.
وفي النقض أوجه:
أحدها: مكروه، وجزم به الرافعي في كتبه.
والثاني: خلاف الأولى، وهو المنصوص.
والثالث: مباح، ورجحه المنصنف؛ لأن في (الصحيح) [خ 276 – م 317] في صفة غسله صلى الله عليه وسلم:(أنه انطلق وهو ينفض الماء بيده).
قال: (وكذا التنشيف في الأصح)؛ اقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم، ولأنه يزيل أثر العبادة.
وكان الأحسن حذف (كذا)؛ لأن ما قبله مختلف فيه أيضا.
وقيل: إنه مباح يستوي فعله وتركه؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم نقل عنه فعله وتركه، واختاره في (شرح مسلم).
وَيَقُولُ بَعْدَهُ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إلَاّ اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، اللَّهُمَّ؛ اجْعَلْنِي مِنَ التَّوَّابِينَ، وَاجْعَلْنِي مِنَ الْمُتَطَهِّرِينَ، سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَاّ أَنْتَ، أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتُوبُ إِلَيْكَ. ....
ــ
وقيل: يستحب لما فيه من الاحتراز عن إلصاق الغبار.
وقيل: يكره في الصيف دون الشتاء لعذر البرد، فإن دعت ضرورة إلى التنشيف .. فلا كراهة ولا أولوية في تركه، لكن روى السهيلي:(أن النبي صلى الله عليه وسلم كان له منديل يمسح به وجهه من الوضوء).
قال في (الذخائر): وإذا تنشف .. فالأولى أن لا يكون بديله وطرف ثوبه ونحوهما.
أما تنشيف الميت .. فمستح بلا خلاف؛ لئلا يفسد الكفن، كذا علله الرافعي.
وأما غسل البدن من النجاسة .. فالمتجه: أنه لا كراهة في التنشيف منه.
قال: (ويقول بعده: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، اللهم؛ اجعلني من التوابين، واجعلني من المتطهرين)؛ لما روى مسلم [234] عن عمر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من توضأ فأحسن الوضوء، ثم قال: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمد عبده ورسوله صادقا من قلبه .. فتحت له أبواب الجنة الثمانية يدخل من أيها شاء).
زاد الترمذي [55] فيه: (اللهم؛ اجعلني من التوابين، واجعلني من المتطهرين).
قال: (سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك)؛ لما روى الحاكم [1/ 564]، والنسائي في (عمل اليوم والليلة) [81]:(أن من ذكره .. كتب في رق، ثم طبع بطابع، فلم يكسى إلى يوم القيامة).
واختلف في (سبحانك اللهم وبحمدك) فقيل: جملة واحدة و (الواو) زائدة
وَحَذَفْتُ دُعَاءَ الأَعْضَاءِ؛ إِذْ لَا أَصْلَ لَهُ.
ــ
وقيل: جملتان و (الواو) عاطفة أي: وبحمدك سبحتك.
وقال الخطابي: المعنى: وبمعونتك التي هي نعمة توجب علي حمدك سبحتك لا بحولي وقوتي.
ويستحب أن يأتي بهذا الذكر مستقبل القبلة، قال الرافعي، وأسقطه من (الروضة).
وفي (الإحياء) و (البحر): ويومئ بطرفه إلى السماء ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم.
وفي (رحلة ابن الصلاح): عن أبي الحسن علي بن أحمد بن الحسن البردي الشافعي أنه قال في كتاب (الغنية): يستحب أن يقرأ سورة القدر. ووفاة المذكور سنة إحدى وخمسين وخمس مئة.
وروى النسائي [825] وابن السني [28] عن أبي موسى الأشعري أنه قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم بوضوء فتوضأ، سمعته يقول:(اللهم؛ اغفر لي ذنبي، ووسع لي في داري، وبارك لي في رزقي)، فقلت: يا رسول الله؛ سمعتك تدعو بكذا وكذا، فقال:(وهل تركن من شيء)؟
قال: (وحذفت دعاء الأعضاء؛ إذ لا أصل له) لما قدم في الخطبة: أنه لا يحذف من (المحرر) شيئا من الأحكام ولا من الأذكار .. اعتذر عن حذف دعاء الأعضاء لعدم ثبوته، وسبقه إلى ذلك ابن الصلاح، وقد روي من طرق موقوفا على علي رضي الله عنه وغيره.
وجمع الحافظ ابن عساكر فيه جزءا، وهو مروي عن السلف، والحديث الضعيف يعمل به في فضائل الأعمال.
فيقول عند غسل الوجه: اللهم؛ بيض وجهي يوم تبيض وجوه وتسود وجوه.
وعند غسل اليد اليمنى: اللهم؛ أعطني كتابي بيميني وحاسبني حسابا يسيرا.
وعند غسل اليسرى: اللهم؛ لا تعطني كتابي بشمالي ولا من وراء ظهري.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وحكى المصنف والقاضي عياض قولين:
أحدهما: أن جميع المؤمنين من الأمم يأخذون كتبهم بأيمانهم، ثم يعذب الله من يشاء من عصاتهم.
والثاني: إنما يأخذه من يمينه الناجون من النار خاصة.
وعند مسح الرأس: اللهم؛ حرم شعري وبشري على النار.
عند الرجلين: اللهم؛ ثبت قدمي على الصراط يوم تزل فيه الأقدام.
وزاد الرافعي في (الشرح) عند مسح الأذنين: اللهم؛ اجعلني من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه.
وهمزة (أعطني) للقطع لا للوصل، و (قدمي) بتشديد الياء على التثنية.
تتمة:
يكره الإسراف في الماء، وجزم المتولي بتحريمه؛ لما روى البيهقي في (الشعب) [2788] عن عبد الله بن عمرو: أن النبي صلى الله عليه وسلم مر بسعد وهو يتوضأ، فقال:(ما هذا السرف يا سعد؟!) قال: وفي الوضوء إسراف؟! قال: (نعم، وإن كنت على نهر جار).
ويرتفع حديث كل عضو بغسله، وقال الإمام: يتوقف على فراغ الأعضاء.
وتظهر فائدة الخلاف فيما لو أحدث في الأثناء، فأراد هو أو غيره أن يتوضأ بما كان قد استعمله في الأعضاء السابقة.
فإن قلنا بالأول .. لم يجز، أو بمقالة الإمام .. جاز.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
خاتمة
ختم الله لكاتبه بخير
من آداب الوضوء: استقبال القبلة فيه.
وأن يصلي عقبه ركعتين.
وأن يبدأ في غسل وجهه بأعلاه، وفي غسل اليدين والرجلين بأطراف الأصابع إن كان يغسل بنفسه، فإن صب عليه غيره .. غسل من مرفقيه، وعقبه إلى أطراف الأصابع.
وأن يجعل الإناء عن يساره إن كان يقلب منه، فإن غرف .. فعن يمينه.
والجلوس بحيث لا يناله رشاش.
والشرب من فضل الوضوء بعد الفراغ من هيئاته.
ولا يلطم وجهه بالماء.
ولا يتكلم في أثنائه إلا بذكر الله عز وجل.
* * *