الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ الْحَيْضِ
ــ
باب الحيض
أصله: السيلان، تقول العرب: حاضت الشجرة إذا سال صمغها، وحاض الوادي إذا سال.
وله عشرة أسماء: الحيض والطمث، والضحك والإكبار، والإعصار والدراس، والعراك بالعين، والفراك بالفاء، والطمس بالسين، حكاهما صاحب (الأحوذي)، والعاشر النفاس؛ لقوله صلى الله عليه وسلم لعائشة:(أنفست).
وهو في الاصطلاح: دم يخرج بعد بلوغ المرأة، من أقصى رحمها، على سبيل الصحة، من غير سبب، في أوقات معلومة.
والاستحاضة: سيلان الدم في غير أوقاته، من غير مرض وفساد، من عرق فمه في أدنى الرحم - يسمى: العاذل بالذال المعجمة - يتصل بالحيض تارة وينفصل أخرى.
والنفاس سيأتي.
ودم الفساد: الخارج قبل تسع سنين.
فجموع ما يخرج من الفرج أربعة دماء.
ونقل البخاري عن بني إسرائيل: أول ما وقع الحيض فيهم، ثم أبطله بقوله
أَقَلُّ سِنِّهِ: تِسْعُ سِنِينَ،
ــ
صلى الله عليه وسلم: (إن هذا شيء كتبه الله على بنات آدم).
وقيل: أول من حاضت حواء – بالمد – لما كسرت الشجرة الحنطة أدمتها، فقال تعالى: وعزتي وجلالي لأدمينك كما أدميت هذه الشجرة.
قال الجاحظ: والذي يحيض من الحيوان أربعة: الآدميات والأرانب والضبع الخفاش.
وصدر الباب في (المحرر) بقوله تعالى: {ويسئلونك عن المحيض} الآية.
والمحيض الأول في الآية: هو الدم بالاتفاق، والثاني: كذلك عندنا.
وقيل: زمان الحيض، وقيل: مكانه وهو الفرج، كالمبيت والمقيل: اسم لموضعهما، وإلى هذا ذهب جمهور المفسرين.
والسائل عنه: أسيد بن حضير، وعباد بن بشر.
قال: (أقل سنه: تسع سنين) أي: قمرية؛ لأنه لا ضابط له في الشرع ولا في اللغة، فرجع فيه إلى الوجود.
قال الشافعي: أعجل من سمعت من النساء يحضن نساء تهامة؛ يحضن لتسع سنين.
وَأَقَلُّهُ: يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ، وَأَكْثرُهُ: خَمْسَةَ عَشَرَ بِلَيَالِيهَا
ــ
وسواء في سن الحيض البلاد الحارة كتهامة، والباردة كالصين.
وقيل: إذا رأته بنت التسع ونحوها في البلاد الباردة لا يكون حيضا.
وأصح الأوجه: أنها باستكمالها، وقيل: نصفها، وقيل: أولها.
والأصح: أن التسع تقريب.
وعلى هذا: إذا رأت الدم قبله بزمن لا يسع طهرا وحيضا .. يكون حيضا، دون ما إذا وسعهما.
قال: (وأقله: يوم وليلة).
المراد: مقدار يوم وليلة، وهو أربع وعشرون ساعة؛ لأنه أقل ما علم، كذا قاله الشافعي، وهذا نصه في عامة كتبه، ونص في مواضع على أن: أقله قدر يوم فقط.
وقيل: قولان.
وقيل: دفعة كالنفاس وهو غريب.
قال: (وأكثره: خمسة عشر بلياليها) ، نقل ذلك عن عطاء وشريك وجماعة من التابعين، واستأنسوا له بما روي أنه صلى الله عليه وسلم قال:(ما رأيت من ناقصات عقل ودين أغلب لعقول ذوي الألباب منكن يا معشر النساء)! قيل: وما نقصان دينهن وعقلهن يا رسول الله؟ قال: (أما نقصان عقلهن .. فشهادة اثنتين منهن بشهادة رجل واحد، وأما نقصان دينهن .. فإن إحداهن تمكث شطر عمرها لا تصلي).
وعبر بذلك عن الحيض، لكن لم يذكره أهل الحديث بهذا اللفظ، بل بلفظ:(أليس إذا حاضت .. لم تصل ولم تصم) ، فعمدتنا الاستقراء.
وأما غالب الحيض فست أو سبع؛ لما روى أبو داوود [291] والترمذي [128]: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لحمنة: (تحيضي ستة أيام أو سبعة في علم الله)
وَأَقَلُّ طُهْرٍ بَيْنَ اَلْحَيْضَتَيْنِ: خَمْسَ عَشَرَ، وَلَا حَدَّ لِأَكْثَرِهِ
ــ
أي: فيما أعلمك الله من عادة النساء، إن كانت عادتهن ستا .. فتحيضي ستا، وإن كانت عادتهن سبعا .. فتحيضي سبعا.
قال: (وأقل طهر بين الحيضتين: خمسة عشر)؛ لأنه أقل ما يثبت وجوده، ولأن أكثر الحيض إذا كان خمسة عشر .. لزم في الطهر ما ذكرناه.
وقول صاحب (المهذب): ولا أعلم فيه خلافا، معترض بما روي عن بعض أصحاب مالك: أنه عشرة أيام، وعن أحمد: لا حد له، وعن يحيى بن أكثم: أنه تسعة عشر يوما.
لنا: أن الله تعالى أجرى العادة أن الشهر ينقسم إلى طهر وحيض، ولو صح حديث:(ناقصات عقل ودين) .. لكان دليلا.
واحترز بقوله: (بين الحيضتين) عما إذا رأت الحامل الدم وجعلناه حيضا، ولم يكن بينه وبين النفاس أقل الطهر .. فإنه لا يقدح في كونه حيضا في الأصح، وعما إذا رأت أكثر النفاس ثم انقطع دون خمسة عشر، ثم عاد الدم .. فهو حيض في الأصح، وعن طهر الآيسة والمبتدأة.
قال: (ولا حد لأكثره) بالإجماع، فإن المرأة قد لا تحيض أصلا، وقد تحيض في السنة مرة واحدة.
وحكى القاضي أبو الطيب: أن امرأة كانت تحيض في زمنه في كل سنة يوما وليلة.
واقتضت عبارة المصنف: أنه لو اطردت عادة امرأة بأن تحيض دون يوم وليلة، أو أكثر من خمسة عشر .. أن ذلك لا يتبع، وهو كذلك على أصح الأوجه؛ لأن بحث الأولين أتم وأوفى، واحتمال عروض دم فاسد للمرأة أقرب من خرق العادة المستمرة.
والثاني: نعم؛ لأن المرجع في هذه المقادير إلى الوجود.
والثالث: إن وافق ذلك مذهب أحد من السلف .. أخذنا به، وإلا .. فلا.
وَيَحْرُمُ بِهِ: مَا حَرُمَ بِاَلْجَنَابَةِ، وَعُبُورُ اَلْمَسْجِدِ إِنْ خَافَتْ تَلْوِيثَهُ، وَاَلصَّوُمُ،
ــ
والذي نص عليه الشافعي الثاني، حكاه صاحب (التقريب) والماوردي، واختاره المتولي وابن الصلاح وطوائف من المحققين.
وأما غالب الطهر .. فيعرف من غالب الحيض، فإذا كان ذلك ستا أو سبعا .. كان هذا أربعا وعشرين أو ثلاثا وعشرين.
قال: (ويحرم به: ماحرم بالجنابة)؛ لأنه أغلظ، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(دعي الصلاة أيام أقرائك)، وقال لعائشة:(افعلي ما يفعل الحاج، غير أن لا تطوفي بالبيت).
وفي القديم: لخوف النسيان، وقيل: قدر حاجة التعليم إن كانت معلمة.
قال: (وعبور المسجد إن خافت تلويثه)؛ صيانة له عن القاذورات، ولهذا لم يفترق الحال فيه بين المسلمة والذمية، بخلاف الجنب.
وهذا التقييد لا حاجة إليه؛ لأن الكلام في خاصية الحيض، وخوف التلويث لا يختص به، بل المستحاضة ومن به سلس البول أو جراحة نضاحة الدم يخشى من مروره التلويث كذلك.
فلو أمنت .. فالأصح: الجواز، وقيل: يحرم لغلظ حدثها.
ومحل الخلاف: قبل انقطاعه، أما بعده .. فالجمهور على الجزم بالجواز.
وفهم من هذا: تحريم دخول المنتعل بنعل فيه نجاسة رطبة.
أما إدخال البهيمة المسجد .. فسيأتي في الحج.
قال: (والصوم) بالإجماع، قال الإمام: كون الصوم لا يصح منها لا يدرك معناه؛ فإن الطهارة ليست مشروطة فيه، وهو يضعفها وصوم الضعيف صحيح.
والصحيح عند الجمهور: أن الحائض ليست مخاطبة بالصوم في حال الحيض.
وَيَجِبُ قَضَاؤُهُ بِخِلَافِ اَلصَّلَاةِ، وَمَا بَيْنَ سُرَّتِهَا وَرُكْبَتِهَا،
ــ
وفائدة الخلاف في (الذخائر): فيما إذا قلنا: يجب التعرض للأداء والقضاء في النية.
فإن قلنا بوجوبه عليها .. نوت القضاء، وإلا نوت الأداء؛ فإنه وقت توجه الخطاب إليها.
قال: (ويجب قضاؤه بخلاف الصلاة)؛ لقول عائشة: (كنا نؤمر بقضاء الصوم، ولا نؤمر بقضاء الصلاة) ، وأجمعت الأمة على هذين الحكمين.
وفيه من المعنى: أن الصلاة تكثر فيشق قضاؤها بخلاف الصوم، وقد أعاد المصنف مسألة الصلاة في أوائل (الصلاة)، ولم يبين الشيخان حكم قضائها الصلاة: هل هو حرام أو مكروه؟
ونقل ابن الصلاح والمصنف في (طبقاتهما) عن (شرح التبصرة) للبيضاوي: أنه حرام.
وفي (شرح الوسيط) للعجلي، و (البحر) و (الشامل): أنه مكروه.
وأما ركعتا الطواف .. فنص الشافعي على أنها: تقضيهما، وتكون الصلاة في حديث عائشة محمولة على الصلاة المعهودة، لأن ركعتي الطواف لا آخر لوقتهما، فلا يتأتى قضاؤهما.
قال: (وما بين سرتها وركبتها)؛ لقوله تعالى: {فاعتزلوا النساء في المحيض} .
وروى أبو داوود [214] والبيهقي [1/ 312] – بإسناد جيد – عن حرام بن حكيم – وهو بفتح الحاء والراء المهملتين، لا بالزاي كما قاله الزنكلوني – عن عمه عبد الله بن
وَقِيلَ: لَا يَحْرُمُ غَيْرُ اَلْوَطْءِ
ــ
سعد قال سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما يحل لي من امرأتي وهي حائض؟
قال: (لك ما وراء الإزار) ، حسنه الترمذي [133].
ومراد المصنف: تحريم المباشرة، كما عبر به في (شرح المهذب) و (التحقيق)، وهو يقتضي: إباحة النظر بشهوة.
ويحتمل أن يريد: تحريم الاستمتاع مطلقا، وبه عبر في (الروضة) تبعا (للرافعي).
أما الاستمتاع بنفس السرة والركبة .. ففي (شرح المهذب) المختار: الجزم بجوازه.
قال: (وقيل: لا يحرم غير الوطء)؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (اصنعوا كل شيء إلا النكاح) ، رواه مسلم [302]
واختاره الماوردي في (الإقناع) ، والروياني في (الحلية) ، والمصنف في (التنقيح) و (التصحيح) و (شرح المهذب) و (التحقيق) ، وحمل الحديث الأول عليه.
قال الشيخ: والأقوى حمل الثاني على الأول؛ لأن: (من حام حول الحمى .. يوشك أن يقع فيه).
وجميع هذه الأحكام تثبت بمجرد رؤية الدم ظاهرا، فإن نقص عن اليوم والليلة غيرنا الحكم.
وقيل: إن أمن الوطء لقوة ورع أو ضعف شهوة .. جاز، وإلا فلا، قاله أبو الفياض وهو حسن.
وقيل: يحرم جميع ما أصابه دم الحيض من بدنها دون غيره.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وشذ ابن حربويه وعبيدة السلماني فقالا: تحرم مباشرتها في جميع بدنها.
وإذا قلنا: لا يحرم .. فهو مكروه.
فروع:
عد في (المهذب) الطهارة مما يحرم عليها.
قال المصنف: ومراده إذا قصدت التعبد بها مع علمها بأنها ل تصح، وإنما أثمت بذلك؛ لتلاعبها.
ولم يصرح الرافعي بالتحريم، بل عبر بعدم الصحة.
كل هذا في الطهارة لرفع الحدث، أما الطهارة االمقصودة للتنظيف – كأغسال الحج – فإنها تأتي بها، كما سيأتي في بابه.
ومباشرتها له فيما بين السرة والركبة القياس: تحريمها.
وفي (الرونق) و (اللباب): يحرم عليها حضور المحتضر، فإن كان لأجل حضور الملائكة .. ليكن الجنب كذلك؛ لما تقدم أن:(الملائكة لا تدخل بيتا فيه جنب).
فلو خالف واستمتع بالحائض عالما بالتحريم .. فقد ارتكب كبيرة، ولا غرم عليه في الجديد، بل يستغفر الله ويتوب، ويستحب أن يتصدق بدينار إن كان وطؤه في إقبال الدم، وبنصف دينار إن كان في إدباره، وهذه الصدقة واجبة في القديم، ونقله الدارمي عن الجديد أيضا.
وإنما اختلف بحسب الإقبال والإدبار؛ لأنه في أوله قد كان قريب عهد بجماع فلا يعذر، وفي آخره بعيد عهد به فخفف عنه.
وإذا ادعت الحيض وظن صدقها .. حرمت المباشرة، أو كذبها فلا، بخلاف تعليقه طلاقها بحيضها، فإن القول قولها في الحالتين؛ لأنه مفرط في تعليقه.
ولو اتفقا على الحيض واختلفا في انقطاعه .. فالقول قولها.
فَإِذَا اَنْقَطَعَ .. لَمْ يَحِلِّ قَبْلَ اَلْغُسْلِ غَيْرُ اَلصَّوْمِ وَاَلطَّلَاقِ. وَاَلاسْتِحَاضَةُ حَدَثٌ دَائِمٌ كَسَلَسٍ، فَلَا تَمْنَعُ اَلصَّوْمَ وَاَلصَّلَاةَ.
ــ
قال: (فإذا انقطع) أي: لزمن الإمكان (.. لم يحل قبل الغسل غير الصوم والطلاق)؛ لأن الحيض قد زال وصارت كالجنب، وصومه صحيح بالإجماع، ويجوز أيضا الطلاق؛ لأن تحريمه إنما كان لتطويل العدة وقد زال بمجرد الانقطاع.
وأما تحريم المباشرة فيما دون السرة والركبة .. فيبقى إلى أن تطهر.
واعترض على المصنف في استثناء الطلاق، ولم يتقدم له ذكر في (باب المحرمات) ، ولهذا لم يستثنه في (المحرر)، وقد استثنى الرافعي مع ما ذكره المصتف شيئين: المنع من الطهارة، وسقوط قضاء الصلاة.
وكان الأحسن أن يقول: لم يحل قبل التطهير؛ ليندرج فيه التيمم، فإنه يكفيها إذا وجد شرطه.
ويباح وطؤها بالتيمم في الحضر كما أباح الصلاة، ولو لم تجد الماء والتراب .. وجبت الصلاة كما سبق، ولا يباح وطؤها في الأصح كما تقدم.
والذمية إذا انقطع حيضها .. لا يطأها الزوج حتى تغتسل، وسيأتي حكمها في آخر (باب ما يحرم من النكاح).
قال: (والاستحاضة حدث دائم كسلس) المراد: أن حكمها حكم سائر الأحداث لا حكم الحض، سواء اتصلت بالحيض أم لا.
و (السلس) هنا بفتح اللام على أنه مصدر، فيشمل سلس النجو والبول والمذي الذي يحدث بغير سبب من نظر وغيره.
أما من به سلس الريح .. فيتوضأ لكل فريضة.
قال الشافعي: وقل من يستديم به سلس المني؛ لأن معه تلف النفس.
قال: (فلا تمنع الصوم والصلاة)؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بهما حمنة بنت جحش وكانت مستحاضة، رواه الترمذي [128] وصححه.
فَتَغْسِلُ اَلْمُسْتَحَاضَةُ فَرْجَهَا وَتَعْصِبُهُ،
ــ
قال: (فتغسل المستحاضة فرجها) أي: وجوبا، قبل الوضوء أو التيمم إن كانت تتيمم؛ لقوله صلى الله عليه وسلم:(فاغسلي عنك الدم وصلي) ، متفق عليه [306 خ – 333م].
قال: (وتعصبه)؛ لقوله صلى الله عليه وسلم لحمنة: (تلجمي)، قال الترمذي [128]: حسن صحيح.
وفي حديث أم سلمة: (ولتستثفر بثوب).
ويجب أن تسد الفرج بقطنة ونحوها؛ لقوله صلى الله عليه وسلم في حديث حمنة: (أنعت لك الكرسف)، وهو: القطن. وإنما أمرت بذلك دفعا للنجاسة وتقليلا لها.
وتتلجم وتستثفر فإن كان الدم يندفع بالحشو لقتله .. لم يلزمها غيره، وإلا شدت وتلجمت.
وكيفية العصابة: أن تشد في وسطها خرقة أو خيطا، وتأخذ خرقة أخرى مشقوقة الطرفين تجعل وسطها على فرجها ملصقة بالقطنة التي في الفرج إلصاقا جيدا، وتشد الطرفين في التي في وسطها من قدامها وخلفها شدا محكما، ويسمى: تلجما واستثفارا، من لجام الدابة وثفرها.
قال الرافعي: والحشو والتلجم واجب إلا في صورتين:
إحداهما: أن تتأذى به ويحرقها الدم باجتماعه، فلا يلزمها.
والثانية: أن تكون صائمة فتترك الحشو نهارا، وتقتصر على الشد والتلجم.
قال ابن الرفعة: فإن قيل: قد تعارض في هذا مصلحة الصلاة والصوم، فينبغي أن يكون كما لو ابتلع بعض خيط ثم طلع الفجر وطرفه خارج وهو صائم، والأصح فيه: مراعاة الصلاة.
وَتَتَوَضَّأُ وَقْتَ اَلصَّلَاةِ، وَتُبَادِرُ بِهَا، فَلَوْ أَخَّرَتْ لِمَصْلَحَةِ اَلصَّلَاةِ كَسَتْرٍ وَاَنْتِظَارِ جَمَاعَةٍ .. لَمْ يَضُرَّ، وَإِلَاّ .. فَيَضُرُّ عَلَى اَلصَّحِيحِ. وَيَجِبُ اَلْوُضْوءُ لِكُلِّ فَرْضٍ،
ــ
وجوابه: أن الاستحاضة علة مزمنة فالظاهر دوامها، فلو راعينا الصلاة لتعذر عليها قضاء الصوم، وأما هناك فالقضاء متيسر كل وقت.
وسلس البول يدخل قطنة في إحليله فإن انقطع، وإلا .. لف على رأسه خرقة.
قال في (الكفاية): ول يجوز له أن يعلق قارورة يتقاطر فيها بوله؛ لأنه يصير حاملا للنجاسة في غير معدنها بغير ضرورة.
قال: (وتتوضأ وقت الصلاة)؛ لأنها طهارة ضرورة، ولا ضرورة قبل الوقت.
وقيل: يجوز تقديمها إذا انطبق آخرها على أول الوقت.
قال: (وتبادر بها) أي: بالصلاة، بعد احتياطها وطهارتها تخفيفا للمانع؛ لأن الحدث يتكرر منها وهي مستغنية عن احتماله بالمبادرة.
قال: (فلو أخرت لمصلحة الصلاة كستر وإنتظار جماعة .. لم يضر)؛ لأنها لا تعد بذلك مقصرة، وكذلك التأخير لإقامة الصلاة، والاجتهاد في القبلة، والذهاب إلى المسجد الأعظم، وكذا لتحصيل سترة لا تصل إليها.
وعد الرافعي من ذلك التأخير للأذان – والمرأة لا يستحب لها الأذان على المعروف – فكان المراد: إجابته لا تعاطيه.
قال: (وإلا) أي: وإن أخرت لا لمصلحة الصلاة (.. فيضر على الصحيح)؛ لأنها تصلي مع نجاسة يمكن التحفظ عنها.
والثاني: لا يضر كتطويلها الصلاة، وقياس على التيمم.
والثالث: إن أخرت إلى أن خرج الوقت .. لم يكن لها أن تصلي بتلك الطهارة، وإن لم يخرج .. حاز؛ لأن الواجب موسع.
قال: (ويجب الوضوء لكل فرض) ، فلا تجمع بين فرضين بوضوء واحد؛ لدوام حدثها، وإنما جوزنا الفريضة الواحدة للضرورة.
وَكَذَا تَجْدِيدُ اَلْعِصَابَةِ فِي اَلأَصَحَّ. وَلَوَ اَنْقَطَعَ دَمُهَا بَعْدَ اَلْوُضُوءِ وَلَمْ تَعْتَدِ اَنْقِطَاعَهُ وَعَوْدَهُ، أَوِ اَعْتَادَتْ وَوَسِعَ زَمَنُ اَلِانْقِطَاعِ وُضُوءاً وَاَلصَّلَاةَ .. وَجَبَ اَلْوُضُوءُ.
ــ
وروي عن فاطمة بنت أبي حبيش أنها كانت تستحاض، فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم:(توضئي لكل صلاة)، قال الترمذي [125]: حسن صحيح.
والنذر كالفرض على المذهب.
أما النفل .. فلها أن تتنفل ما شاءت كالمتيمم، وفي وجه: ليس لها أن تتنفل بحال.
قال: (وكذا تجديد العصابة في الأصح) – أي: مع حشو الفرج وتطهيره – كما يجيب تجديد الوضوء.
والثاني: لا؛ لأنه لا معنى للأمر بإزالة النجاسة مع استمرارها.
ويجريان فيما إذا لم تصل ولكن انتقضت طهارتها بلمس أو ريح أو مس، فإن بالت .. وجب التجديد جزما، وكذلك إن زالت العصابة عن موضعها زوالا له بال، أو ظهر الدم على جوانبها .. فتجدد قطعا.
قال: (ولو انقطع دمها بعد الوضوء ولم تعتد انقطاعه وعوده، أو اعتادت ووسع زمن الانقطاع وضوءا والصلاة) أي: التي توضأت لها على أقل ممكن (.. وجب الوضوء).
أما في الأولى .. فلاحتمال الشفاء، والأصل عدم عوده.
أما في الثانية .. فلإمكان أداء الصلاة على الكمال في الوقت.
ولا تؤخر لجماعة ونحوها إذا خافت أو علمت عود الدم قبل إتمام الصلاة، بل تتعين المبادرة جزما.
فلو لم يسع زمن الانقطاع الوضوء والصلاة
…
فلا عبرة به.
ولو أخبرها من يعتمد من أهل المعرفة بالعود، فكما لو اعتادت.
فلو امتد الانقطاع .. بان بطلان الطهارة، ووجب القضاء؛ اعتبارا بما في نفس الأمر.