المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ إذا فصل بالبسملة بين السورتين أمكن أربعة أوجه: - النشر في القراءات العشر - جـ ١

[ابن الجزري]

فهرس الكتاب

- ‌بَابُ ذِكْرِ إِسْنَادِ هَذِهِ الْعَشْرِ الْقِرَاءَاتِ مِنْ هَذِهِ الطُّرُقِ وَالرِّوَايَاتِ

- ‌ أَوَّلًا كَيْفَ رِوَايَتِي لِلْكُتُبِ الَّتِي رُوِيَتْ مِنْهَا هَذِهِ الْقِرَاءَاتُ نَصًّا

- ‌كِتَابُ التَّيْسِيرِ

- ‌مُفْرَدَةُ يَعْقُوبَ.لِلْإِمَامِ أَبِي عَمْرٍو الدَّانِيِّ

- ‌كِتَابُ جَامِعِ الْبَيَانِفِي الْقِرَاءَاتِ السَّبْعِ

- ‌كِتَابُ الشَّاطِبِيَّةِ

- ‌كِتَابُ الْعُنْوَانِ

- ‌كِتَابُ الْهَادِي

- ‌كِتَابُ الْكَافِي

- ‌كِتَابُ الْهِدَايَةِ

- ‌كِتَابُ التَّبْصِرَةِ

- ‌كِتَابُ الْقَاصِدِ

- ‌كِتَابُ الرَّوْضَةِ

- ‌كِتَابُ الْمُجْتَبَى

- ‌كِتَابُ تَلْخِيصِ الْعِبَارَاتِ

- ‌كِتَابُ التَّذْكِرَةِ فِي الْقِرَاءَاتِ الثَّمَانِ

- ‌كِتَابُ الرَّوْضَةِ. فِي الْقِرَاءَاتِ الْإِحْدَى عَشْرَةَ

- ‌ كِتَابِ التَّجْرِيدِ

- ‌كِتَابُ الْجَامِعِ

- ‌مُفْرَدَةُ يَعْقُوبَلِابْنِ الْفَحَّامِ

- ‌كِتَابُ التَّلْخِيصِفِي الْقِرَاءَاتِ الثَّمَانِ

- ‌كِتَابَ الرَّوْضَةِ

- ‌كِتَابُ الْإِعْلَانِ

- ‌كِتَابُ الْإِرْشَادِ

- ‌كِتَابُ الْوَجِيزِ

- ‌كِتَابُ السَّبْعَةِ

- ‌كِتَابُ الْمُسْتَنِيرِ

- ‌كِتَابُ الْمُبْهِجِ

- ‌ كِتَابِ الْإِيجَازِ

- ‌كِتَابُ إِرَادَةِ الطَّالِبِ فِي الْقِرَاءَاتِ الْعَشْرِ

- ‌كِتَابُ تَبْصِرَةِ الْمُبْتَدِي

- ‌كِتَابِ الْمُهَذَّبِ فِي الْعَشْرِ

- ‌كِتَابِ الْجَامِعِ فِي الْقِرَاءَاتِ الْعَشْرِ

- ‌كِتَابِ التِّذْكَارِ فِي الْقِرَاءَاتِ الْعَشْرِ

- ‌كِتَابِ الْمُفِيدِ فِي الْقِرَاءَاتِ الْعَشْرِ

- ‌أَمَّا كِتَابُ الْمُهَذَّبِ

- ‌وَأَمَّا كِتَابُ الْجَامِعِ

- ‌وَأَمَّا كِتَابُ التِّذْكَارُ

- ‌وَأَمَّا كِتَابُ الْمُفِيدُ

- ‌كِتَابُ الْكِفَايَةِ

- ‌كِتَابُ الْمُوَضِّحِ وَالْمِفْتَاحِ

- ‌كِتَابُ الْإِرْشَادِ

- ‌كِتَابُ الْكِفَايَةِ الْكُبْرَى

- ‌كِتَابُ غَايَةِ الِاخْتِصَارِ

- ‌كِتَابُ الْإِقْنَاعِ فِي الْقِرَاءَاتِ السَّبْعِ

- ‌كِتَابُ الْغَايَةِ

- ‌كِتَابُ الْمِصْبَاحِ

- ‌كِتَابُ الْكَامِلِ

- ‌كِتَابُ الْمُنْتَهَى فِي الْقِرَاءَاتِ الْعَشْرِ

- ‌كِتَابُ الْإِشَارَةِ فِي الْقِرَاءَاتِ الْعَشْرِ

- ‌كِتَابُ الْمُفِيدِ فِي الْقِرَاءَاتِ الثَّمَانِ

- ‌كِتَابُ الْكَنْزِ فِي الْقِرَاءَاتِ الْعَشْرِ

- ‌كِتَابُ الْكِفَايَةِ فِي الْقِرَاءَاتِ الْعَشْرِ

- ‌كِتَابُ الشُّفْعَةِ فِي الْقِرَاءَاتِ السَّبْعَةِمِنْ

- ‌كِتَابُ جَمْعِ الْأُصُولِ فِي مَشْهُورِ الْمَنْقُولِ

- ‌كِتَابُ رَوْضَةِ الْقَرِيرِ فِي الْخُلْفِ بَيْنَ الْإِرْشَادِ وَالتَّيْسِيرِ

- ‌كِتَابُ عَقْدِ اللَّآلِي فِي الْقِرَاءَاتِ السَّبْعِ الْعَوَالِي

- ‌كِتَابُ الشِّرْعَةِ فِي الْقِرَاءَاتِ السَّبْعَةِ

- ‌الْقَصِيدَةُ الْحُصْرِيَّةُ فِي قِرَاءَةِ نَافِعٍ

- ‌كِتَابُ التَّكْمِلَةِ الْمُفِيدَةِ لِحَافِظِ الْقَصِيدَةِ

- ‌كِتَابُ الْبُسْتَانِ فِي الْقِرَاءَاتِ الثَّلَاثَ عَشَرَ

- ‌كِتَابُ جَمَالِ الْقُرَّاءِ وَكَمَالِ الْإِقْرَاءِ

- ‌مُفْرَدَةُ يَعْقُوبَ

- ‌[ثانيا: الأسانيد التي أدت القراءة لأصحاب هذه الكتب]

- ‌ قِرَاءَةُ نَافِعٍ مِنْ رِوَايَتَيْ قَالُونَ وَوَرْشٍ

- ‌ قِرَاءَةُ ابْنِ كَثِيرٍ مِنْ رِوَايَتَيِ الْبَزِّيِّ وَقُنْبُلٍ

- ‌[قراءة أبي عمرو من روايتي الدوري والسوسي]

- ‌[قراءة ابن عامر من روايتي هشام وابن ذكوان]

- ‌[قراءة عاصم من روايتي أبي بكر شعبة وحفص]

- ‌[قراءة حمزة من روايتي خلف وخلاد]

- ‌[قراءة الكسائي من روايتي أبي الحارث والدوري]

- ‌[قراءة أبي جعفر من روايتي ابن وردان وابن جماز]

- ‌[قراءة يعقوب من روايتي رويس وروح]

- ‌ مَخَارِجِ الْحُرُوفِ

- ‌ صِفَاتُ الْحُرُوفِ

- ‌ كَيْفَ يُقْرَأُ الْقُرْآنُ

- ‌[فصل في التجويد جامع للمقاصد حاوي للفوائد]

- ‌ الْوُقُوفُ وَالِابْتِدَاءُ

- ‌بَابُ اخْتِلَافِهِمْ فِي الِاسْتِعَاذَةِ

- ‌بَابُ اخْتِلَافِهِمْ فِي الْبَسْمَلَةِ

- ‌ بَيْنَ السُّورَتَيْنِ

- ‌ الْآخِذِينَ بِالْوَصْلِ

- ‌ لَا خِلَافَ فِي حَذْفِ الْبَسْمَلَةِ بَيْنَ الْأَنْفَالِ وَبَرَاءَةَ

- ‌ يَجُوزُ فِي الِابْتِدَاءِ بِأَوْسَاطِ السُّوَرِ

- ‌ الِابْتِدَاءُ بِالْآيِ وَسَطَ بَرَاءَةَ

- ‌ إِذَا فَصَلَ بِالْبَسْمَلَةِ بَيْنَ السُّورَتَيْنِ أَمْكَنَ أَرْبَعَةَ أَوْجُهٍ:

- ‌ فِي حُكْمِهَا، وَهَلْ هِيَ آيَةٌ فِي أَوَّلِ كُلِّ سُورَةٍ كُتِبَتْ فِيهِ أَمْ لَا

- ‌ذِكْرُ اخْتِلَافِهِمْ فِي سُورَةِ أُمِّ الْقُرْآنِ

- ‌بَابُ اخْتِلَافِهِمْ فِي الْإِدْغَامِ الْكَبِيرِ

- ‌بَابُ هَاءِ الْكِنَايَةِ

- ‌بَابُ الْمَدِّ وَالْقَصْرِ

- ‌بَابٌ فِي الْهَمْزَتَيْنِ الْمُجْتَمِعَتَيْنِ مِنْ كَلِمَةٍ

- ‌بَابٌ فِي الْهَمْزَتَيْنِ الْمُجْتَمِعَتَيْنِ مِنْ كَلِمَتَيْنِ

- ‌ الْمُتَّفِقَتَانِ

- ‌ الْمُخْتَلِفَتَانِ

- ‌ السَّاكِنَ

- ‌بَابٌ فِي الْهَمْزِ الْمُفْرَدِ

- ‌ الْمُتَحَرِّكُ

- ‌بَابُ نَقْلِ حَرَكَةِ الْهَمْزَةِ إِلَى السَّاكِنِ قَبْلَهَا

- ‌بَابُ السَّكْتِ عَلَى السَّاكِنِ قَبْلَ الْهَمْزِ وَغَيْرِهِ

- ‌بَابُ الْوَقْفِ عَلَى الْهَمْزِ

- ‌(وَأَمَّا الْهَمْزُ الْمُتَحَرِّكُ) فَيَنْقَسِمُ إِلَى قِسْمَيْنِ:

- ‌(وَأَمَّا الْهَمْزُ الْمُتَوَسِّطُ) الْمُتَحَرِّكُ السَّاكِنُ مَا قَبْلَهُ فَهُوَ أَيْضًا عَلَى قِسْمَيْنِ:

- ‌(وَأَمَّا الْهَمْزُ الْمُتَوَسِّطُ) الْمُتَحَرِّكُ الْمُتَحَرِّكُ مَا قَبْلَهُ فَهُوَ أَيْضًا عَلَى قِسْمَيْنِ:

- ‌(خَاتِمَةٌ) فِي ذِكْرِ مَسَائِلَ مِنَ الْهَمْزِ، نَذْكُرُ فِيهَا مَا أَصَّلْنَاهُ مِنَ الْقَوَاعِدِ الْمُتَقَدِّمَةِ

الفصل: ‌ إذا فصل بالبسملة بين السورتين أمكن أربعة أوجه:

(السَّابِعُ)

‌ إِذَا فَصَلَ بِالْبَسْمَلَةِ بَيْنَ السُّورَتَيْنِ أَمْكَنَ أَرْبَعَةَ أَوْجُهٍ:

الْأَوَّلُ أَوْلَاهَا قَطْعُهَا عَنِ الْمَاضِيَةِ وَوَصْلُهَا بِالْآتِيَةِ، وَالثَّانِي وَصْلُهَا بِالْمَاضِيَةِ وَبِالْآتِيَةِ، وَالثَّالِثُ قَطْعُهَا عَنِ الْمَاضِيَةِ وَعَنِ الْآتِيَةِ، وَهُوَ مِمَّا لَا نَعْلَمُ خِلَافًا بَيْنَ أَهْلِ الْأَدَاءِ فِي جَوَازِهِ إِلَّا مَا انْفَرَدَ بِهِ مَكِّيٌّ، فَإِنَّهُ نَصَّ فِي " التَّبْصِرَةِ " عَلَى جَوَازِ الْوَجْهَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ وَمَنْعِ الرَّابِعِ، وَسَكَتَ عَنْ هَذَا الثَّالِثِ فَلَمْ يَذْكُرْ فِيهِ شَيْئًا، وَقَالَ فِي " الْكَشْفِ " مَا نَصُّهُ: إِنَّهُ أَتَى بِالْبَسْمَلَةِ عَلَى إِرَادَةِ التَّبَرُّكِ بِذِكْرِ اللَّهِ وَصِفَاتِهِ فِي أَوَّلِ الْكَلَامِ وَإِثْبَاتِهَا لِلِافْتِتَاحِ فِي الْمُصْحَفِ، فَهِيَ لِلِابْتِدَاءِ بِالسُّورَةِ، فَلَا يُوصَفُ عَلَى التَّسْمِيَةِ دُونَ أَنْ يُوصَلَ بِأَوَّلِ السُّورَةِ. انْتَهَى، وَهُوَ صَرِيحٌ فِي اقْتِضَاءِ مَنْعِ الْوَجْهَيْنِ الثَّالِثِ وَالرَّابِعِ. وَهَذَا مِنْ أَفْرَادِهِ كَمَا سَنُوَضِّحُهُ فِي بَابِ التَّكْبِيرِ آخِرَ الْكِتَابِ، إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. وَالرَّابِعُ وَصْلُهَا بِالْمَاضِيَةِ وَقَطْعُهَا عَنِ الْآتِيَةِ، وَهُوَ مَمْنُوعٌ ; لِأَنَّ الْبَسْمَلَةَ لِأَوَائِلِ السُّوَرِ لَا لِأَوَاخِرِهَا، قَالَ: صَاحِبُ " التَّيْسِيرِ ": وَالْقَطْعُ عَلَيْهَا إِذَا وُصِلَتْ بِأَوَاخِرِ السُّوَرِ غَيْرُ جَائِزٍ.

تَنْبِيهَاتٌ

(أَوَّلُهَا) أَنَّ الْمُرَادَ بِالْقَطْعِ الْمَذْكُورِ هُوَ الْوَقْفُ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّاطِبِيُّ وَغَيْرُهُ مِنَ الْأَئِمَّةِ، قَالَ الدَّانِيُّ فِي جَامِعِهِ: وَاخْتِيَارِي فِي مَذْهَبِ مَنْ فَصَّلَ أَنْ يَقِفَ الْقَارِئُ عَلَى آخِرِ السُّورَةِ وَيَقْطَعَ عَلَى ذَلِكَ، ثُمَّ يَبْتَدِئُ بِالتَّسْمِيَةِ مَوْصُولَةً بِأَوَّلِ السُّورَةِ الْأُخْرَى. انْتَهَى، وَذَلِكَ أَوْضَحُ. وَإِنَّمَا نَبَّهْتُ عَلَيْهِ ; لِأَنَّ الْجَعْبَرِيَّ رحمه الله ظَنَّ أَنَّهُ السَّكْتُ الْمَعْرُوفُ، فَقَالَ فِي قَوْلِ الشَّاطِبِيِّ:" فَلَا تَقِفَنَّ "، وَلَوْ قَالَ: فَلَا تَسْكُتَنَّ لَكَانَ أَسَدَّ. وَذَلِكَ وَهْمٌ لَمْ يَتَقَدَّمْهُ أَحَدٌ إِلَيْهِ، وَكَأَنَّهُ أَخَذَهُ مِنْ كَلَامِ السَّخَاوِيِّ حَيْثُ قَالَ: فَإِذَا لَمْ يَصِلْهَا بِآخِرِ سُورَةٍ جَازَ أَنْ يَسْكُتَ عَلَيْهَا، فَلَمْ يَتَأَمَّلْهُ، وَلَوْ تَأَمَّلْهُ لَعَلِمَ أَنَّ مُرَادَهُ بِالسَّكْتِ الْوَقْفُ، فَإِنَّهُ قَالَ فِي أَوَّلِ الْكَلَامِ: اخْتَارَ الْأَئِمَّةُ لِمَنْ يَفْصِلُ بِالتَّسْمِيَةِ أَنْ يَقِفَ الْقَارِئُ عَلَى أَوَاخِرِ السُّوَرِ، ثُمَّ يَبْتَدِئُ بِالتَّسْمِيَةِ.

ص: 267

(ثَانِيهَا) تَجُوزُ الْأَوْجُهُ الْأَرْبَعَةُ فِي الْبَسْمَلَةِ مَعَ الِاسْتِعَاذَةِ مِنَ الْوَصْلِ بِالِاسْتِعَاذَةِ وَالْآيَةِ، وَمَنْ قَطَعَهَا عَنْ الِاسْتِعَاذَةِ وَالْآيَةِ، وَمَنْ قَطَعَهَا عَنِ الِاسْتِعَاذَةِ وَوَصَلَهَا بِالْآيَةِ، وَمَنْ عَكَسَهُ كَمَا تَقَدَّمَ الْإِشَارَةُ إِلَى ذَلِكَ فِي الِاسْتِعَاذَةِ، وَإِلَى قَوْلِ ابْنِ شَيْطَا فِي الْفَصْلِ الْخَامِسِ قَرِيبًا فِي قَطْعِهِ بِوَصْلِ الْجَمِيعِ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ سِبْطِ الْخَيَّاطِ، وَقَالَ ابْنُ الْبَاذِشِ: إِنَّ الْوَقْفَ عَلَى الْجَمِيعِ أَشْبَهُ بِمَذْهَبِ أَهْلِ التَّرْتِيلِ.

(ثَالِثُهَا) إِنَّ هَذِهِ الْأَوْجُهَ وَنَحْوَهَا الْوَارِدَةَ عَلَى سَبِيلِ التَّخْيِيرِ، إِنَّمَا الْمَقْصُودُ بِهَا مَعْرِفَةُ جَوَازِ الْقِرَاءَةِ بِكُلٍّ مِنْهَا عَلَى وَجْهِ الْإِبَاحَةِ لَا عَلَى وَجْهِ ذِكْرِ الْخُلْفِ، فَبِأَيِّ وَجْهٍ قُرِئَ مِنْهَا جَازَ، وَلَا احْتِيَاجَ إِلَى الْجَمْعِ بَيْنَهَا فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ إِذَا قُصِدَ اسْتِيعَابُ الْأَوْجُهِ حَالَةَ الْجَمْعِ وَالْإِفْرَادِ. وَكَذَلِكَ سَبِيلُ مَا جَرَى مَجْرَى ذَلِكَ مِنَ الْوَقْفِ بِالسُّكُونِ وَبِالرَّوْمِ وَالْإِشْمَامِ، وَكَالْأَوْجُهِ الثَّلَاثَةِ فِي الْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ وَقْفًا إِذَا كَانَ أَحَدُهُمَا حَرْفَ مَدٍّ أَوْ لِينٍ، وَكَذَلِكَ كَانَ بَعْضُ الْمُحَقِّقِينَ لَا يَأْخُذُ مِنْهَا إِلَّا بِالْأَصَحِّ الْأَقْوَى، وَيَجْعَلُ الْبَاقِي مَأْذُونًا فِيهِ، وَبَعْضٌ لَا يَلْتَزِمُ شَيْئًا، بَلْ يَتْرُكُ الْقَارِئَ يَقْرَأُ مَا شَاءَ مِنْهَا، إِذْ كُلُّ ذَلِكَ جَائِزٌ مَأْذُونٌ فِيهِ مَنْصُوصٌ عَلَيْهِ، وَكَانَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا يَرَى أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ هَذِهِ الْأَوْجُهِ عَلَى وَجْهٍ آخَرَ، فَيَقْرَأُ بِوَاحِدٍ مِنْهَا فِي مَوْضِعٍ وَبِآخَرَ فِي غَيْرِهِ؛ لِيَجْمَعَ الْجَمِيعَ الْمُشَافَهَةُ، وَبَعْضُ أَصْحَابِنَا يَرَى الْجَمْعَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ أَوَّلِ مَوْضِعٍ وَرَدَتْ، أَوْ فِي مَوْضِعٍ مَا عَلَى وَجْهِ الْإِعْلَامِ وَالتَّعْلِيمِ وَشُمُولِ الرِّوَايَةِ، أَمَّا مَنْ يَأْخُذُ بِجَمِيعِ ذَلِكَ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ فَلَا يَعْتَمِدُهُ إِلَّا مُتَكَلِّفٌ غَيْرُ عَارِفٍ بِحَقِيقَةِ أَوْجُهِ الْخِلَافِ، وَإِنَّمَا سَاغَ الْجَمْعُ بَيْنَ الْأَوْجُهِ فِي نَحْوِ التَّسْهِيلِ فِي وَقْفِ حَمْزَةَ لِتَدْرِيبِ الْقَارِئِ الْمُبْتَدِئِ وَرِيَاضَتِهِ عَلَى الْأَوْجُهِ الْغَرِيبَةِ لِيَجْرِيَ لِسَانُهُ وَيَعْتَادَ التَّلَفُّظَ بِهَا بِلَا كُلْفَةٍ، فَيَكُونُ عَلَى سَبِيلِ التَّعْلِيمِ ; فَلِذَلِكَ لَا يُكَلَّفُ الْعَارِفُ بِجَمْعِهَا فِي كُلِّ مَوْضِعٍ، بَلْ هُوَ بِحَسَبِ مَا تَقَدَّمَ، وَلَقَدْ بَلَغَنِي عَنْ جُلَّةِ مَشْيَخَةِ الْأَنْدَلُسِ - حَمَاهَا اللَّهُ - أَنَّهُمْ لَا يَأْخُذُونَ

ص: 268

فِي وَجْهَيِ الْإِسْكَانِ وَالصِّلَةِ مِنْ مِيمِ الْجَمْعِ لِقَالُونَ إِلَّا بِوَجْهٍ وَاحِدٍ مُعْتَمِدِينَ ظَاهِرَ قَوْلَيِ الشَّاطِبِيِّ وَقَالُونَ بِتَخْيِيرِهِ جَلَا، وَسَيَأْتِي ذَلِكَ.

(رَابِعُهَا) يَجُوزُ بَيْنَ الْأَنْفَالِ وَبَرَاءَةَ إِذَا لَمْ يَقْطَعْ عَلَى آخِرِ الْأَنْفَالِ كُلٌّ مِنَ الْوَصْلِ وَالسَّكْتِ وَالْوَقْفِ لِجَمِيعِ الْقُرَّاءِ. أَمَّا الْوَصْلُ لَهُمْ فَظَاهِرٌ ; لِأَنَّهُ كَانَ جَائِزًا مَعَ وُجُودِ الْبَسْمَلَةِ، فَجَوَازُهُ مَعَ عَدَمِهَا أَوْلَى عَنِ الْفَاصِلِينَ وَالْوَاصِلِينَ، وَهُوَ اخْتِيَارُ أَبِي الْحَسَنِ بْنِ غَلْبُونَ فِي قِرَاءَةِ مَنْ لَمْ يَفْصِلْ، وَهُوَ فِي قِرَاءَةِ مَنْ يَصِلُ أَظْهَرُ، وَأَمَّا السَّكْتُ فَلَا إِشْكَالَ فِيهِ عَنْ أَصْحَابِ السَّكْتِ، وَأَمَّا عَنْ غَيْرِهِمْ مِنَ الْفَاصِلِينَ وَالْوَاصِلِينَ فَمَنْ نَصَّ عَلَيْهِ لَهُمْ وَلِسَائِرِ الْقُرَّاءِ أَبُو مُحَمَّدٍ مَكِّيٌّ فِي تَبْصِرَتِهِ، فَقَالَ: وَأَجْمَعُوا عَلَى تَرْكِ الْفَصْلِ بَيْنَ الْأَنْفَالِ وَبَرَاءَةَ لِإِجْمَاعِ الْمَصَاحِفِ عَلَى تَرْكِ التَّسْمِيَةِ بَيْنَهُمَا. فَأَمَّا السَّكْتُ بَيْنَهُمَا فَقَدْ قَرَأْتُ بِهِ لِجَمَاعَتِهِمْ، وَلَيْسَ هُوَ مَنْصُوصًا، وَحَكَى أَبُو عَلِيٍّ الْبَغْدَادِيُّ فِي رَوْضَتِهِ، عَنْ أَبِي الْحَسَنِ الْحَمَّامِيِّ أَنَّهُ كَانَ يَأْخُذُ بِسَكْتَةٍ بَيْنَهُمَا لِحَمْزَةَ وَحْدَهُ. فَقَالَ: وَكَانَ حَمْزَةُ وَخَلَفٌ وَالْأَعْمَشُ يَصِلُونَ السُّورَةَ إِلَّا مَا ذَكَرَهُ الْحَمَّامِيُّ، عَنْ حَمْزَةَ أَنَّهُ سَكَتَ بَيْنَ الْأَنْفَالِ وَالتَّوْبَةِ، وَعَلَيْهِ أُعَوِّلُ. انْتَهَى، وَإِذَا أُخِذَ بِالسَّكْتِ عَنْ حَمْزَةَ فَالْأَخْذُ عَنْ غَيْرِهِ أَحْرَى. قَالَ الْأُسْتَاذُ الْمُحَقِّقُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ الْقَصَّاعِ فِي كِتَابِهِ " الِاسْتِبْصَارُ فِي الْقِرَاءَاتِ الْعَشْرِ ": وَاخْتُلِفَ فِي وَصْلِ الْأَنْفَالِ بِالتَّوْبَةِ فَبَعْضُهُمْ يَرَى وَصْلَهُمَا، وَيَتَبَيَّنُ الْإِعْرَابَ وَبَعْضُهُمْ يَرَى السَّكْتَ بَيْنَهُمَا. انْتَهَى.

(قُلْتُ) : وَإِذَا قُرِئَ بِالسَّكْتِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ فَلَا يَتَأَتَّى وَجْهُ إِسْرَارِ الْبَسْمَلَةِ عَلَى مَذْهَبِ سِبْطِ الْخَيَّاطِ الْمُتَقَدِّمِ، إِذْ لَا بَسْمَلَةَ بَيْنَهُمَا يَسْكُتُ بِقَدْرِهَا، فَاعْلَمْ ذَلِكَ. وَأَمَّا الْوَقْفُ فَهُوَ الْأَقْيَسُ، وَهُوَ الْأَشْبَهُ بِمَذْهَبِ أَهْلِ التَّرْتِيلِ، وَهُوَ اخْتِيَارِي فِي مَذْهَبِ الْجَمِيعِ ; لِأَنَّ أَوَاخِرَ السُّوَرِ مِنْ أَتَمِ التَّمَامِ. وَإِنَّمَا عُدِلَ عَنْهُ فِي مَذْهَبِ مَنْ لَمْ يَفْصِلْ مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ لَوْ وَقَفَ عَلَى آخَرِ السُّوَرِ لَلَزِمَتِ الْبَسْمَلَةُ أَوَائِلَ السُّوَرِ، وَمِنْ أَجْلِ الِابْتِدَاءِ. وَإِنْ لَمْ يُؤْتَ بِهَا خُولِفَ الرَّسْمُ فِي الْحَالَتَيْنِ كَمَا تَقَدَّمَ، وَاللَّازِمُ هُنَا مُنْتَفٍ وَالْمُقْتَضَى لِلْوَقْفِ قَائِمٌ، فَمِنْ ثَمَّ اخْتَرْنَا الْوَقْفَ، وَلَا نَمْنَعُ غَيْرَهُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

ص: 269