الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
النوع الرابع: المسند
…
النوع / (ي123) الرابع: المسند
29-
قوله (ع) : "وإنما حكى (يعني ابن الصلاح) كلام الخطيب، ثم قال: وأكثر ما يستعمل في ذلك
…
"1 إلى آخر كلامه.
أقول: مقتضاه أن يكون في السياق إدراجا، وعند التأمل يتبين أن الأمر بخلاف ذلك؛ لأن ابن الصلاح لم ينقل عبارة الخطيب بلفظها.
وبيان ذلك أن الخطيب قال في الكفاية: "وصفهم للحديث بأنه مسند يريدون أن إسناده متصل بين راويه وبين من أسند عنه، إلا أن أكثر استعمالهم هذه العبارة هو فيما أسند عن النبي صلى الله عليه وسلم"2. انتهى
فذكر [هذا] 3 كله ابن الصلاح بالمعنى.
وقوله: "وأكثر ما يستعمل ذلك فيما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم دون ما جاء عن الصحابة - رضي الله تعالى عنهم -".
هو معنى قول الخطيب: "إلا أن أكثر استعمالهم هذه العبارة هو فيما أسند عن النبي صلى الله عليه وسلم خاصة"4.
1 التقييد والإيضاح ص64 وتمام كلام ابن الصلاح: "فيما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم دون ما جاء عن الصحابة وغيرهم". مقدمة ابن الصلاح ص39.
2 الكفاية ص21.
3 كلمة "هذا" من (ي) وسقطت من باقي النسخ.
4 سبب هذه المناقشة أن ابن الصلاح نقل كلام الخطيب بشيء من التصرف فاعترض عليه بعض النقاد بأنه ليس في كلام الخطيب: "دون ما جاء عن الصحابة وغيرهم" فأجاب عنه العراقي بأن ابن الصلاح لم يصرح بنقله عنه وإنما حكى كلام الخطيب ثم قال: "وأكثر ما يستعمل" ثم تعقب الحافظ شيخه بما ترى.
[المسند عند الخطيب:]
فالحاصل أن المسند عند الخطيب ينظر فيه إلى ما يتعلق بالسند فيشترط فيه الاتصال، وإلى ما يتعلق بالمتن فلا يشترط فيه الرفع إلا من حيث الأغلب في الاستعمال، فمن لازم ذلك أن الموقوف إذا اتصل سنده يسمى مسندا، ففي الحقيقة لا فرق عند الخطيب بين المسند والمتصل إلا في غلبة الاستعمال فقط.
[المرسل عند ابن عبد البر:]
وأما ابن عبد البر فلا فرق عنده بين المسند والمرفوع مطلقا1 فيلزم على قوله أن يتحد المرسل والمسند2.
وهو مخالف للمستفيض من عمل أئمة الحديث في مقابلتهم بين المرسل والمسند، فيقولون:"أسنده فلان وأرسله فلان".
وأما الحاكم وغيره ففرقوا بين المسند والمتصل والمرفوع، بأن المرفوع ينظر إلى حال المتن مع قطع النظر عن الإسناد، فحيث/ (ب149) صح إضافته إلى النبي- صلى الله عليه وسلم -كان مرفوعا سواء اتصل سنده أم لا.
ومقابله المتصل؛ فإنه ينظر إلى حال السند مع قطع النظر عن المتن سواء كان مرفوعا أو موقوفا.
1 قال ابن عبد البر في التمهيد 1/21: "وأما المسند فهو ما رفع إلى النبي صلى الله عليه وسلم خاصة" وقد ضرب عددا من الأمثلة للمتصل من المسند والمنقطع منه.
2 بل صرح ابن عبد البر أن المنقطع داخل في المسند وضرب له أمثلة: مثل مالك عن يحيى بن سعيد عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن عبد الرحمن بن القاسم عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم. انظر التمهيد 1/22.
وأما المسند فينظر فيه/ (ي124) إلى الحالين معا، فيجتمع شرطا1 الاتصال والرفع، فيكون بينه وبين كل من الرفع والاتصال عموم وخصوص مطلق، فكل مسند مرفوع وكل مسند متصل ولا عكس فيهما.
على هذا رأي الحاكم وبه جزم أبو عمرو الداني2، وأبو الحسن ابن الحصار3 في (المدارك) له والشيخ تقي الدين في الاقتراح والذي يظهر لي بالاستقراء من كلام أئمة الحديث وتصرفهم أن المسند عندهم ما أضافه من سمع النبي- صلى الله عليه وسلم[إليه] 4 بسند ظاهره الاتصال.
[تعريف المسند:]
فمن سمع أعم من أن يكون صحابيا أو تحمل كفره وأسلم بعد النبي صلى الله عليه وسلم.
[لكنه يخرج] 5 من لم يسمع كالمرسل (والمعضل)6.
1 في (ي) و (ر/ب)"شرطي" وهو خطأ.
2 هو: الحافظ الإمام شيخ الإسلام أبو عمرو: عثمان بن سعيد بن عثمان الأموي مولاهم القرطبي المقرئ صاحب التصانيف، بلغت مصنفاته مائة وعشرين مصنفا منها كتاب التيسير والتمهيد والاقتصاد كلها في القراءات، مات سنة 444. تذكرة الحفاظ 3/1120، طبقات المفسرين للداودي 1/373، معجم المؤلفين 6/254.
3 هو: العلامة علي بن محمد بن محمد بن إبراهيم الخزرجي الفاسي المعروف بابن الحصار أبو الحسن، عالم مشارك في بعض العلوم، من آثاره: البيان في تنقيح البرهان والمدارك في وصل مقطوع حديث مالك، مات سنة 611.
معجم المؤلفين 7/228، هدية العارفين 1/705.
4 الزيادة في (ي) .
5 الزيادة من (ي) .
6 الزيادة من فتح المغيث 1/100 نقلا عن الحافظ لهذا النص. وفي كل النسخ "ومن لم يسمع يخرج المرسل والمعضل" فآثرنا ما في فتح المغيث لأن قوله: "ومن لم يسمع" ليس بوارد في التعريف حتى يخرج به ما ذكر ثم هو في نفس الوقت لا يصلح قيدا للتعريف.
وبسند يخرج ما كان بلا سند.
كقول القائل من المصنفين قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم -فإن هذا من قبيل المعلق، وظهور الاتصال يخرج المنقطع، لكن يدخل منه ما فيه انقطاع خفي كعنعنة المدلس والنوع المسمى بالمرسل الخفي فلا يخرج ذلك عن كون الحديث يسمى مسندا ومن تأمل مصنفات الأئمة في المسانيد لم يرها تخرج عن اعتبار هذه الأمور.
وقد راجعت كلام الحاكم بعد هذا فوجدت/ (?73/ب) عبارته: "والمسند ما رواه المحدث عن شيخ يظهر سماعه منه (لسن يحتمله) 1 وكذا سماع شيخه من شيخه متصلا إلى صحابي [مشهور] 2 إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم -3، فلم يشترط حقيقة الاتصال4 بل اكتفى بظهور ذلك. كما قلته تفقها، والحمد لله.
وبهذا يتبين الفرق بين الأنواع وتحصل السلامة من تداخلها واتحادها إذ الأصل عدم الترادف والاشتراك، والله أعلم5.
وأمثلة هذا في تصرفهم كثيرة من ذلك:
قل ابن أبي حاتم: "سألت أبي عن خالد بن كثير يروي عن النبي صلى
1 في كل النسخ "ليس يحمله" والتصحيح من معرفة علوم الحديث.
2 هذه الكلمة من معرفة علوم الحديث من نص الحاكم.
3 معرفة علوم الحديث ص17.
4 قول الحافظ: "فلم يشترط حقيقة الاتصال" فيه نظر وذلك أن الحاكم بعد تعريفه السابق للمسند ضرب مثالا للمتصل ثم للمنقطع ثم قال: "ثم للمسند شرائط غير ما ذكرناه منها أن لا يكون موقوفا ولا مرسلا ولا معضلا ولا في روايته مدلس". معرفة علوم الحديث ص18.
5 نقل الصنعاني هذا الكلام عن الحافظ من قوله: "والذي يظهر لي
…
" إلى هنا. توضيح الأفكار 1/255.
الله عليه وسلم؟ " فقال: "ليست له صحبة". قال: فقلت: "إن أحمد بن سنان أخرج حديثه في المسند". فقال [أبي] 1: "خالد بن كثير من أتباع التابعين، فكيف يخرج حديثه في المسند؟ ".
وقال البيهقي عقب حديث رواه من طريق عبد الرزاق عن ابن عن عطاء عن النبي صلى الله عليه وسلم – "هذا حديث غير مسند".
1 الزيادة من (ي) و (ر/أ)