المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الفصل الثاني في تنكيت الحافظ ابن حجر على شيخه العراقي - النكت على كتاب ابن الصلاح لابن حجر - جـ ١

[ابن حجر العسقلاني]

الفصل: ‌الفصل الثاني في تنكيت الحافظ ابن حجر على شيخه العراقي

‌الفصل الثاني في تنكيت الحافظ ابن حجر على شيخه العراقي

بلغت نكت الحافظ ابن حجر على شيخه العراقي سبعا وخمسين نكتة كلها تعقبات على شيخه ما خلا سبعا منها، فإن من هذه السبع خمسا فيها تأييد لرأيه ومنها ما فيه دفاع عنه وهي واحدة، ومنها ما فيه شرح لبعض ألفاظه وهي واحدة أيضا. وسوف أسوق الجميع فيما يلي:

النوع الأول: الصحيح

وفيه خمس عشرة نكتة:

(1)

النكتة الأولى (ص238) :

تضمنت تعقبا على شيخه العراقي حيث قال: فيما يتعلق باشتراط العدد في الحديث المقبول: "وكأن البيهقي رآه في كلام أبي محمد الجويني فنبه على أنه لا يعرف عن أهل الحديث".

قال الحافظ: "وهذا إن كان الشيخ أراد بأنه لا يعرف التصريح به من أحد من أهل الحديث وإلا فذاك موجود في كلام الحاكم أبي عبد الله الحافظ في المدخل.

ثم ناقش الحافظ القائلين باشتراط العدد في الحديث الصحيح من المعتزلة والجهمية ورد على شبههم التي تعلقوا بها.

ص: 133

(2)

2- النكتة الثانية (ص273) :

فيها اعتراض على قول العراقي: "صحح المنذري حديثا في غفران ما تقدم وتأخر، والدمياطي حديثا في ماء زمزم".

قال الحافظ: "فيه نظر؛ وذلك أن المنذري أورد في الجزء المذكور عدة أحاديث بين ضعفها وأورد في أثنائه حديثا من طريق بحر بن نصر عن ابن وهب

وقال بعده: بحر بن نصر ثقة، وابن وهب ومن فوقهم محتج بهم في الصحيحين".

قال الحافظ: قلت: "ولا يلزم من كون رجال الإسناد من رجال الصحيح أن يكون الحديث الوارد به صحيحا لاحتمال أن يكون فيه شذوذ أو علة وقد وجد هذا الاحتمال هنا فإنها رواية شاذة".

(3)

النكتة الثالثة (ص276) :

تضمنت تنبيها على وهم وقع فيه الحافظ العراقي في قوله: "إن المعروف رواية عبد الله بن المؤمل عن محمد بن المنكدر كما رواه ابن ماجة"(يعني حديث ماء زمزم) .

قال الحافظ: "وقع منه سبق قلم، وإنما هو عند ابن ماجة وغيره من طريق المؤمل عن أبي الزبير". والأمر كما قال الحافظ.

(4)

النكتة الرابعة (ص277) :

أبدى الحافظ فيها عدم قناعته بجواب شيخه على اعتراض وجهه مغلطاي على ابن الصلاح، وذلك أن ابن الصلاح قال:"أول من صنف في الصحيح البخاري" فاعترض عليه مغلطاي بأن مالكا أول من صنف الصحيح وتلاه أحمد بن حنبل وتلاه الدارمي" ثم قال: "فإن قيل إن في الموطأ المرسل والمنقطع قلنا وفي البخاري كذلك فأجابه العراقي بأن مالكا لم يفرد الصحيح بل أدخل في كتابه المرسل والمنقطع".

ص: 134

وكأن شيخنا لم يستوف النظر في كلام مغلطاي وإلا فظاهر قوله مقبول بالنسبة إلى ما ذكره البخاري من الأحاديث المعلقة وبعضها ليس على شرطه.

ثم أجاب الحافظ على دعوى مغلطاي في أولية الموطأ على الصحاح بما يرى أنه الصواب.

(5)

النكتة الخامسة (ص295) :

فيها تعقب على العراقي ودفاع عن ابن الصلاح، وذلك أن ابن الصلاح ذكر أن عدة أحاديث البخاري سبعة آلاف حديث.

فتعقبه العراقي بقوله: "هكذا أطلق ابن الصلاح عدة أحاديثه والمراد بهذا العدد الرواية المشهورة وهي رواية محمد بن يوسف الفربري أما رواية حماد بن شاكر فهي دونها بمائتي حديث. وأنقص الروايات رواية إبراهيم بن معقل، فإنها تنقص عن رواية الفربري بثلاثمائة".

فتعقب الحافظ شيخه العراقي: بأن كلامه يفيد أن هذا النقص واقع في أصل التصنيف، لكن الأمر بخلاف ذلك، فكتاب البخاري في جميع الروايات الثلاث سواء في العدد ثم بين الحافظ أن التفاوت إنما حصل في أصل السماع إذ أن الفربري سمع جميع الصحيح من البخاري، والآخران سمعا معظم الكتاب والباقي أخذاه بالإجازة من البخاري، فلا اعتراض على ابن الصلاح فيما أطلقه.

(6)

النكتة السادسة (ص296) :

تضمنت دفاعا عن ابن الصلاح حيث انتقده العراقي في إهمال عدة كتاب مسلم ثم ذكر أن عدته اثنا عشر ألف حديث بالمكرر.

فأجاب الحافظ: عن ابن الصلاح بأنه لم يقصد ذكر عدة البخاري حتى يستدرك عليه عدة ما في كتاب مسلم، بل السبب في ذكره لعدة ما في البخاري

ص: 135

أنه جعله من جملة البحث في أن الصحيح الذي ليس في الصحيحين غير قليل خلافا لقول ابن الأخرم.

ثم استطرد الحافظ البحث حول قول البخاري: "أحفظ مائة ألف حديث)) ، فذكر عن الجوزقي أنه استخرج في كتابه ((المتفق)) على جميع ما في الصحيحين حديثا حديثا فكان مجموع ذلك خمسة وعشرين ألف طريق وأربعمائة وثمانين طريقا".

قال الحافظ: "فإذا كان الشيخان مع ضيق شرطهما بلغ جملة ما في كتابيهما بالمكرر هذا القدر فما لم يخرجا من الطرق للمتون التي أخرجاها لعله يبلغ هذا القدر - أيضا – ويزيد، وما لم يخرجاه من المتون من الصحيح الذي لم يبلغ شرطهما لعله يبلغ هذا القدر أو يقرب منه، فإذا انضاف إلى ذلك ما جاء عن الصحابة والتابعين تمت العدة التي ذكر البخاري أنه يحفظها، بل ربما زادت على ذلك".

(7)

النكتة السابعة (ص300) :

كانت تعقبا على العراقي حيث ادعى أن الحميدي زاد زيادات في كتابه: الجمع بين الصحيحين، ولم يميز هذه الزيادات ولم يصطلح على أنه لا يزيد إلا ما صح فيقلد في ذلك.

تعقبه الحافظ بقوله: "إن شيخنا قلد في هذا غيره، وإلا فلو راجع كتاب الجمع بين الصحيحين لرأى في خطبته ما دل على ما ذكره لاصطلاحه في هذه الزيادات وغيرها، ولو تأمل المواضع الزائدة لرآها معزوة إلى من زادها من أصحاب المستخرجات".

ثم ذكر أن شيخه البلقيني وقع فيما وقع فيه العراقي كما تبع سراج الدين ابن النحوي في كتابه ((المقنع)) العراقي في هذا الزعم، ثم نقل الحافظ نص كلام الحميدي الذي أبدى فيه اصطلاحه فيما يتعلق بهذه الزيادات.

ص: 136

ثم ساق الحميدي تسعة أمثلة بين الحميدي فيها الزيادات.

(8)

النكتة الثامنة (ص318) :

فيها تأييد من الحافظ لشيخه العراقي في انتقاده لكل من ابن الصلاح وابن دقيق العيد والذهبي، وذلك بأنهم يعترضون على الحاكم في تصحيحه على شرط الشيخين أو أحدهما بأن البخاري مثلا ما أخرج لفلان.

قال العراقي: "وكلام الحاكم مخالف لما فهموه".

قال الحافظ: "وكلام الحاكم ظاهر أنه لا يتقيد بذلك حتى يتعقب به عليه".

ثم ذكر الحافظ أن الحديث إذا كان الشيخان قد أخرجا لرواته أو أحدهما قال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين أو أحدهما.

وإذا كان بعض رواته لم يخرجا له قال: صحيح الإسناد فحسب ثم وضح ذلك بمثال من النوع الثاني قال الحاكم عقبه صحيح الإسناد.

قال الحافظ: "فدل هذا على أنه إذا لم يخرجا لأحد رواة الحديث لا يحكم به على شرطهما".

(9)

النكتة التاسعة (344) :

انتقد الحافظ فيها شيخه العراقي حيث قال في معرض الكلام على صحيح مسلم: "وفيه بقية أربعة عشر موضعا رواه متصلا)) ثم عقبه بقوله: "ورواه فلان، وقد جمعها الرشيد العطار في ((الغرر المجموعة)) .

قال الحافظ متعقبا عليه: وفيه أمور وناقشه من وجوه

منها: قوله: "فيه بقية أربعة عشر" بين الحافظ أنه أخطأ في هذا العدد مقلدا غيره في هذا الخطأ، وصوّب الحافظ أنها اثنا عشر.

ص: 137

ولكن الحافظ نفسه لم يسلم من الخطأ في عد هذه الأحاديث.

(10)

النكتة العاشرة (ص354) :

كانت اعتراضا من الحافظ على العراقي وبيانا للصواب في خطأ وقع فيه وذلك أن العراقي قال في خلال مدافعته عن ابن الصلاح ورده على اعتراض لمغلطاي. قال: "الظاهر أن البخاري لم يرد برد الصدقة حديث جابر المذكور في بيع المدبر، وإنما أراد – والله أعلم – حديث جابر في الرجل الذي دخل والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب فأمرهم بالصدقة عليه

وهو حديث ضعيف. فتعقبه الحافظ من وجوه منها:

أن الدارقطني لم يرو هذا الحديث من جابر وإنما رواه من حديث أبي سعيد ومع كون هذا الحديث ليس من حديث جابر عند الدارقطني فهو صحيح وليس بضعيف.

(11)

النكتة الحادية عشرة (ص361) :

كان العراقي قد رد اعتراضا لمغلطاي على ابن الصلاح فيما يتعلق بتعليقات البخاري واستبعد أن يكون البخاري يأتي بصيغة الجزم في الأحاديث الضعيفة فلم يستصوب الحافظ هذا الرد وأتى برد آخر يرى أنه الصواب.

(12)

النكتة الثانية عشرة (ص371) :

تضمنت ردا على العراقي حيث اعترض على ابن الصلاح في قوله:

"إن ما أخرجه الشيخان مقطوع بصحته".

فنقل العراقي عن ابن عبد السلام أن هذا قول بعض المعتزلة إذ يرون أن الأمة إذا عملت بحديث اقتضى ذلك القطع بصحته ونقل عن النووي أنه لا يفيد إلا الظن.

ص: 138

فأجاب الحافظ: "عن ابن الصلاح بأنه لم يقل إن الأمة أجمعت على العمل بما فيهما وكيف يسوغ له أن يطلق ذلك والأمة لم تجمع على العمل بما فيهما إلا من حيث الجملة لا من حيث التفصيل

وإنما نقل ابن الصلاح أن الأمة أجمعت على تلقيهما بالقبول من حيث الصحة".

ثم نقل الحافظ عن جماعة من العلماء كإمام الحرمين وابن فورك وعبد الوهاب المالكي والبلقيني وعن جمع من علماء المذاهب ما يؤيد مذهب ابن الصلاح.

بل نقل عن ابن تيمية أن الخبر إذا تلقته الأمة بالقبول تصديقا له وعملا بموجبه أفاد العلم عند جماهير العلماء من السلف والخلف وهو الذي ذكره جمهور المصنفين في أصول الفقه فذكر جماعة منهم من الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة ثم قال: وهو قول أكثر أهل الكلام من الأشاعرة وغيرهم

ومذهب أهل الحديث قاطبة. ثم نقض قول النووي: إن الخبر لا يفيد العلم إلا أن يتواتر بأدلة، منها: الخبر المحتف بالقرائن فإنه يفيد العلم النظري، والخبر المستفيض الوارد من وجوه كثيرة لا مطعن فيها وما تلقته الأمة بالقبول.

(13)

النكتة الثالثة عشرة: (ص379) .

تضمنت استدراكا على العراقي حيث قال معلقا على قول ابن الصلاح: "إن ما أخرجه الشيخان مقطوع بصحته".

"قد سبقه إلى ذلك أبو الفضل ابن طاهر وأبو نصر ابن يوسف".

قال الحافظ: "أقول: أراد بذكر هذين الرجلين كونهما من أهل الحديث، وإلا فقد قدمنا كلام جماعة من أئمة الأصول موافقته على ذلك وهم قبل ابن الصلاح.

ص: 139

نعم، وسبق ابن طاهر إلى القول بذلك جماعة من المحدثين كالجوزقي والحميدي بل نقله ابن تيمية عن أهل الحديث قاطبة".

(14)

النكتة الرابعة عشرة (ص380) :

تضمنت ردا لتعقب العراقي على ابن الصلاح في قوله: "إن أخبار الصحيح قد تلقيت بالقبول إلا أحرفا يسيرة تكلم عليها بعض أهل النقد".

فقال العراقي: "إن ما استثناه من المواضع قد أجاب عليها العلماء ومع ذلك ليست يسيرة بل هي كثيرة

".

أجاب الحافظ: "بأن كونها ليست يسيرة فهذا أمر نسبي أو هي بالنسبة إلى ما لا مطعن فيه من الكتابين يسيرة جدا، وأما كونها يمكن الجواب عنها فلا يمنع استثناءها؛ لأن من تعقبها من جملة من ينسب إليه الإجماع على التلقي فالمواضع المذكورة مختلفة عن التلقي فيتعين استثناؤها. ثم ذكر الحافظ النقاد الذي تتبعوا الأحاديث المعللة في الصحيحين وهم الدارقطني وأبو مسعود الدمشقي والجياني ثم قال: "والكلام على هذه الانتقادات من وجوه:

منها: ما هو مندفع بالكلية.

ومنها: ما قد يندفع. ثم ذكر منها أربعة أوجه وانتهى إلى القول بأن هذه الأمور إذا اعتبرت في جملة الأحاديث التي انتقدت عليهما لم يبق بعد ذلك مما انتقد عليهما سوى مواضع يسيرة جدا ثم أحال القارئ على الجواب عنها في مقدمة فتح الباري وأنه قد بين ذلك فيها بيانا شافيا.

(15)

النكتة الخامسة عشرة (ص384) :

كانت دفاعا عن ابن الصلاح حيث ادعى العراقي التناقض في كلام البن الصلاح وذلك أن ابن الصلاح اشترط المقابلة بأصول متعددة لمن أراد العمل أو الاحتجاج بالحديث في موضع، وفي موضع آخر من كتابه لم يشترط ذلك في المقابلة.

ص: 140

فأجاب الحافظ على هذا الاعتراض بأنه ليس بين كلامي ابن الصلاح مناقضة بل كلام ابن الصلاح الذي فيه الاشتراط مبني على مذهبه، وهو عدم الاستقلال بإدراك الصحيح بمجرد اعتبار الأسانيد، لأنه علّل صحة ذلك بأنه ما من إسناد إلا ونجد فيه خللا، فقضية ذلك أن لا يعتمد على أحدها بل يعتمد على مجموع ما تتفق عليه الأصول المتعددة، ليحصل بذلك جبر الخلل الواقع في أثناء الأسانيد.

وأما قوله في الموضع الآخر ينبغي أن تصحح أصلك بعدة أصول فلا ينافي قوله المتقدم؛ لأن هذه العبارة تستعمل في اللازم أيضا.

ص: 141

النوع الثاني: الحسن

وفيه اثنتا عشرة نكتة:

(16)

النكتة الأولى (ص385) :

وفيه تعقب على العراقي والعلائي وذلك أن العراقي نقل انتقاد ابن دقيق العيد تعريف الخطابي للحسن "بأنه ما عرف مخرجه واشتهر رجاله".

قال ابن دقيق العيد: "ليس فيه كبير تلخيص، والصحيح - أيضا – قد عرف مخرجه واشتهر رجاله".

ونقل الحافظ دفاع العلائي عن الخطابي بأنه عرف الصحيح أولا ثم عرف بالحسن فيتعين حمل كلامه على أنه أراد بقوله ما عرف مخرجه

الخ على الحسن.

ثم تعقب الحافظ كلام العلائي هذا "بأن هذا القدر غير منضبط، فيصح كلام ابن دقيق العيد أنه على غير صناعة الحدود.

(17)

النكتة الثانية (ص405) :

كانت ردا لتعقب التبريزي على ابن دقيق العيد، وذلك أن ابن دقيق العيد في انتقاده لتعريف الخطابي السابق الذي نقله العراقي قال:"إن الصحيح أخص من الحسن".

فألزمه التبريزي بأن دخول الخاص في العام ضروري، لكنّ الحافظ تعقب التبريزي بأن بين الحسن والصحيح عموم وخصوص وجهي، فلا يلزم من كون

ص: 142

الصحيح أخص من الحسن من وجه أن يكون أخص منه مطلقا حتى يدخل الصحيح في حد الحسن".

إلا أنه قد سبق للحافظ كلام في هذا الكتاب يفيد أن بين الحسن والصحيح عموم مطلق حيث قال: فنسبة الشاذ من المنكر نسبة الحسن من الصحيح، فكما يلزم من انتفاء الحسن عن الإسناد انتفاء الصحة كذا يلزم من انتفاء الشذوذ انتفاء النكارة، فعلى هذا يكون اعتراض التبريزي وما قرره صحيحا.

(18)

النكتة الثالثة (ص406) :

تضمنت ردا لاعتراض نقله العراقي عن ابن جماعة حيث قال: "يرد على ابن الصلاح في القسم الأول (يعني الذي نزل كلام الترمذي عليه في تعريف الحسن) المنقطع والمرسل الذي في رجاله مستور، ورُوي مثله أو نحوه من وجه آخر".

فأجاب الحافظ: "بأن كلامه غير وارد؛ لأن الترمذي يحكم للمنقطع إذا روي من وجه آخر بالحسن".

ثم نقل الحافظ تعريف ابن جماعة الحسن بقوله: "الأحسن في حد الحسن أن يقال: هو ما في إسناده المتصل مستور له به شاهد أو مشهور قاصر عن درجة الإتقان وخلا عن العلة والشذوذ".

قال الحافظ متعقبا له: "هذا لا يحسن في حد الحسن فضلا عن أن يكون أحسن".

ثم ردّه من أربعة أوجه بين فيها عدم استقامة هذا التعريف وهي في نظري غير واردة وتعريف ابن جماعة مستقيم ويشمل الحسن لذاته والحسن لغيره. وقد ألزم الحافظ ابن الصلاح بأن تعريفه للصحيح غير شامل للصحيح لغيره ثم أتى بتعريف يشمل النوعين.

ص: 143

(19)

النكتة الرابعة (ص204) :

تضمنت استدراكا على قول العراقي: "وقد وجدت التعبير بالحسن في كلام شيوخ الطبقة التي قبل الترمذي كالشافعي".

قال الحافظ: "أقول وجد التعبير بالحسن في كلام من هو أقدم من الشافعي" وذكر إبراهيم النخعي وشعبة ثم قال: "ووجد هذا من أحسن الأحاديث إسنادا في كلام ابن المديني وأبي زرعة وأبي حاتم ويعقوب بن شيبة وجماعة، ولكن منهم من يريد المعنى الاصطلاحي ومنهم من لا يريده".

ثم ذكر مثالين عن الشافعي وأحمد أطلقا فيهما لفظ الحسن ولكنهما لا يريدان المعنى الاصطلاحي.

وذكر مثالا لأبي حاتم يحتمل المعنى الاصطلاحي والمعنى اللغوي ثم قال: "وأما علي بن المديني، فقد أكثر من وصف الأحاديث بالصحة والحسن في مسنده وعلله، فظاهر عبارته قصد المعنى الاصطلاحي وكأمه الإمام السابق لهذا الاصطلاح، وعنه أخذ البخاري ويعقوب بن شيبة وغير واحد".

ثم ذكر مثالين من جامع الترمذي والعلل الكبير له حكم البخاري عليهما بالحسن أحدهما لذاته والآخر لغيره.

ثم قال: "فبان أن استمداد الترمذي لذلك إنما هو من البخاري، ولكن الترمذي أكثر منه وأشاد بذكره وأظهر الاصطلاح فيه فصار أشهر من غيره".

(20)

النكتة الخامسة (ص220) :

اشتملت على تعقب على العراقي حيث قال: "ويعقوب بن شيبة وأبو علي إنما صنفا كتابيهما بعد الترمذي". قال الحافظ: "فيه نظر بالنسبة إلى يعقوب فقط؛ فإنه من طبقة شيوخ الترمذي وهو أقدم سنا وسماعا وأعلى رجالا من البخاري إمام الترمذي

ص: 144

.. ومات قبل الترمذي بنحو عشرين سنة فكيف يقال: إنه صنف كتابه بعد الترمذي، ظاهر الحال يأبى ذلك".

(21)

النكتة السادسة (ص432) :

فيها تعقب على العراقي حيث قال: "ولم ينقل لنا عن أبي داود هل يقول بذلك (يعني الحسن الاصطلاحي) أم لا".

قال الحافظ: "أقول حكى ابن كثير في مختصره أنه رأى في بعض النسخ من رسالة أبي داود ما نصه: "وما سكت عليه فهو حسن وبعضها أصح من بعض" فهذه النسخة إن كانت معتمدة فهو نص في موضع النزاع، ولكن نسخة روايتنا والنسخ المعتمدة التي وقفنا عليها ليس فيها هذا".

(22)

النكتة السابعة (ص432) :

حكى فيها الحافظ تعقبين للعراقي والعلائي على ابن سيد الناس، ففضل فيه تعقب العلائي على تعقب العراقي وأضاف فوائد أخرى. وذلك أن ابن سيد الناس زعم أن شرط أبي داود كشرط مسلم إلا في الأحاديث التي بين أبو داود ضعفها.

فأجابه العراقي: "بأن مسلما شرط الصحيح فليس لنا أن نحكم على حديث في كتابه أنه حسن، وأبو داود إنما قال: "وما سكت عنه فهو صالح والصالح يجوز أن يكون صحيحا وأن يكون حسنا فالاحتياط أن يحكم عليه بالحسن".

قال الحافظ: "فأجابه العلائي بجواب أمتن من هذا فقال ما نصه: "هذا الذي قاله ضعيف وقول ابن الصلاح أقوى، لأن درجات الصحيح إذا تفاوتت، فلا نعني بالحسن إلا الدرجة الدنيا منها والدرجة الدنيا لم يخرج مسلم منها شيئا في الأصول. وإنما يخرجها في المتابعات والشواهد".

قال الحافظ: "وهو تعقب صحيح وهو مبني على أمر اختلف نظر الأئمة فيه وهو قول مسلم ما معناه:

ص: 145

أن الرواة ثلاثة أقسام:

أ- المتقنون.

ب- أهل الصدق والستر.

ج- المتروكون.

وهل أخرج مسلم عن القسمين الأولين أو عن الأول فقط

؟

فذكر رأي القاضي عياض ومن تبعه بأنه أخرج عنهما، ورأى الحاكم والبيهقي بأنه لم يخرج إلا عن القسم الأول.

ثم رجح ما ذهب إليه الحاكم والبيهقي وبين سبب الاشتباه على القاضي عياض ومن تبعه ووضح ذلك توضيحا شافيا.

ثم تكلم على شرط أبي داود وأنه دون شرط مسلم وأنه يخرج لأهل القسم الثاني محتجا بهم.

ثم تكلم على ما سكت عليه أبو داود فبين أن منه الصحيح ومنه الحسن لذاته والحسن لغيره ومنه الضعيف الذي لم يجمع على تركه.

ثم ذكر أن كلا من أبي داود وأحمد يقدم الضعيف على رأي الرجال ثم تكلم على شرط الإمام أحمد في مسنده ونقل عن ابن تيمية أنه اعتبر المسند فوجد أن شرطه موافق لشرط أبي داود..

ثم قال: "ومن هنا يظهر ضعف طريقة من يحتج بكل ما سكت عليه أبو داود؛ فإنه يخرج أحاديث جماعة من الضعفاء في الاحتجاج ويسكت عنها، مثل ابن لهيعة وصالح مولى توأمة، وذكر آخرين من هذا النوع ثم قال: وقد يخرج لأضعف من هؤلاء وذكر الحارث بن وجيه وصدقة الدقيقي وآخرين من المتروكين

".

ثم قال: "وكذلك ما فيه من الأسانيد المنقطعة وأحاديث المدلسين والأسانيد التي فيها من أبهمت أسماؤهم، فلا يتجه الحكم لأحاديث هؤلاء بالحسن من أجل سكوت أبي داود".

ص: 146

(23)

النكتة الثامنة (ص449) :

ضمت تعقبا على العراقي حيث قال: "لا نسلم أن أحمد اشترط الصحة في كتابه".

قال الحافظ: "إن كان باعتبار الشرائط التي تقدم ذكرها فلا يمكن دعوى ذلك في المسند وإن كان باعتبار ما يراه أحمد من التمسك بالأحاديث ولو كانت ضعيفة ما لم يكن ضعفها شديدا فهذا يمكن دعواه".

قلت: "ولا يخفى أن مقصود العراقي هو الأول. ولعله يرد على أبي موسى المديني حيث ادعى الصحة لمسند أحمد، وأقام ما يراه من أدلة على دعواه".

(24)

النكتة التاسعة (ص450) :

تضمنت تعقبا على قول العراقي ((على أن ثمة أحاديث صحيحة مخرجة في الصحيح وليست في مسند أحمد.

قال الحافظ: "أجاب بعضهم عن هذا بأن الأحاديث الصحيحة التي خلا عنها المسند لا بد أن يكون لها فيه أصول أو نظائر أو شواهد أو ما يقوم مقامها".

قال الحافظ: "فعلى هذا إنما يتم النقض أن لو وجد حديث محكوم بصحته، سالم من التعليل ليس هو في المسند وإلا فلا".

(25)

النكتة العاشرة (ص450) :

فيها اعتراض على قول العراقي: "بل فيه (يعني المسند) أحاديث موضوعة وقد جمعتها في جزء".

أجاب الحافظ بأن الجزء المذكور قد اشتمل على تسعة أحاديث منها:

حديثان من زيادة عبد الله، والحكم على هذه التسعة بكونها موضوعة محل نظر وتأمل ثم إن كلها في الفضائل أو الترغيب والترهيب.

ص: 147

ومن عادة المحدثين التساهل في مثل ذلك، وفي الجملة لا يأتي الحكم على جميعها بالوضع.

ثم ذكر الحافظ هذه الأحاديث وهي:

1-

حديث ابن عمر رضي الله عنه في احتكار الطعام.

2-

وحديث عمر رضي الله عنه ليكونن في هذه الأمة رجل يقال له الوليد لهو شر على هذه الأمة من فرعون لقومه.

3-

حديث أني رضي الله عنه ما من معمر يعمر في الإسلام أربعين سنة.

4-

حديث ابن عمر رضي الله عنه في سد الأبواب إلا باب علي.

5-

حديث بريدة بن الحصيب في فضل مرو.

6-

حديث أنس في فضل عسقلان.

والثلاثة الباقية متداخلة مع بعض هذه الستة.

ثم بين الحافظ خلال بحثه ومناقشته بعد أن تكون هذه الأحاديث موضوعة وأنه ليس في العقل ولا في الشرع ما يحيلها.

ثم قال: "وما بقي من الجزء كله سوى حديث عائشة في قصة عبد الرحمن بن عوف، يعني حديث: "أنه يدخل الجنة حبوا".والجواب عنه ممكن، لكن كفانا المؤنة شهادة أحمد بكونه كذبا فقد أبان علته، فلا حرج عليه في إيراده مع بيان علته.

ولعله مما أمر بالضرب عليه، لأن هذه عادته في الأحاديث التي تكون شديدة النكارة.

(26)

النكتة الحادية عشرة (ص475) :

تضمنت تعقبا على العراقي حيث قال ابن الصلاح – في سياق توجيه

ص: 148

قول الترمذي وغيره ((حسن صحيح)) -: "على أنه غير مستنكر أن يكون بعض من قال ذلك أراد بالحسن معناه اللغوي – وهو ما تميل إليه النفس ولا يأباه القلب – دون المعنى الاصطلاحي".

فحكى العراقي عن ابن دقيق العيد أنه رد هذا الكلام بأنه يلزم عليه أن يطلق على الحديث الموضوع إذا كان حسن اللفظ بأنه حسن وذلك لا يقوله أحد من المحدثين إذا جروا على اصطلاحهم".

قال الحافظ: "وهذا الإلزام عجيب، لأن ابن الصلاح إنما فرض المسألة حيث يقول القائل: ((حسن صحيح)) فحكمه عليه بالصحة يمتنع معه أن يكون موضوعا".

ثم ذكر توجيهات لبعض العلماء واعتراضات كلها تدور حول قول الترمذي حسن صحيح. منها: قول بعض المتأخرين أنه باعتبار صدق الوصفين على الحديث بالنسبة على أحوال رواته عند المحدثين، فإذا كان فيهم من يكون حديثه صحيحا عند قوم وحسنا عند قوم يقال فيه ذلك.

وتعقبه الحافظ بثلاثة أمور:

1-

أنه (أي الترمذي) لو أراد ذلك لأتى بالواو التي للجمع فيقول: حسن وصحيح أو أتى بـ ((أو)) التي هي للتخيير أو التردد. فقال: حسن أو صحيح.

2-

وثانيهما: أن الذي يتبادر إلى الفهم أن الترمذي إنما يحكم على الحديث بالنسبة إلى ما عنده لا بالنسبة إلى غير. فهذا ما ينقدح في هذا الجواب.

3-

ثالثها: بأنه يتوقف على اعتبار الأحاديث التي جمع الترمذي فيها بين الوصفين فإن كان في بعضها ما لا اختلاف فيه عند جميعهم في صحته فيقدم في الجواب أيضا، لكن لو سلم هذا الجواب من التعقب لكان أقرب إلى المراد من غيره، وأني لأميل إليه وأرتضيه والجواب عما يرد عليه ممكن.

ص: 149

وتعقبت الحافظ بقولي: كيف يرتضيه مع أنه يتوقف على الاعتبار المذكور، فهذه المبادرة إلى ارتضاء هذا الرأي قبل الاعتبار اللازم الذي يتوقف عليه الحكم الفاصل تعتبر غريبة من الحافظ.

(27)

النكتة الثانية عشرة (ص488) :

فيها رد على اعتراض العراقي على تعقب ابن الصلاح للسلفي في قوله: "في شأن الكتب الخمسة

اتفق على صحتها علماء الشرق والغرب".

قال ابن الصلاح: "وهذا تساهل؛ لأن فيها ما صرحوا بكونه ضعيفا أو منكر أو نحو ذلك من أوصاف الضعف".

قال العراقي: "وإنما قال السلفي: والحكم بصحة أصولها. ولا يلزم من كون الشيء له أصل صحيح أن يكون صحيحا".

قال الحافظ: قلت: "وحاصله توهيم ابن الصلاح في نقله كلام السلفي، وهو في ذلك تابع للعلامة مغلطاي، وما تضمنه من الإنكار ليس بجديد، إذ العبارتان جميعا موجودتان جميعا في كلام السلفي لكن ما نقله مغلطاي وتبعه شيخنا سابق، ثم عاد السلفي وقال ما نقله ابن الصلاح بزيادة ولفظه: "وأما السنن فكتاب له صدر في الآفاق. ولا نرى مثله على الإطلاق، وهو أخد الكتب الخمسة التي اتفق على صحتها علماء الشرق والغرب، والمخالفون لهم كالمتخلفين بدار الحرب)) وإذا تقرر هذا ينبغي حمل كلام السلفي على نحو ما حملنا عليه كلام الحاكم يعني أن معظم الكتب الثلاثة يحتج به

لئلا يرد على إطلاق عبارته المنسوخ والمرجوح عند المعارضة".

النوع الثالث: معرفة الضعيف

لم ينكت فيه الحافظ على العراقي.

ص: 150

النوع الرابع: المسند

وفيه نكتة واحدة (ص55) :

(28)

وهذه النكتة تعتبر ردا على اعتراض أورد على ما نقله ابن الصلاح عن الخطيب أن المسند عند أهل الحديث هو الذي اتصل إسناده من راويه إلى منتهاه وأكثر ما يستعمل ذلك فيما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم دون ما جاء عن الصحابة وغيرهم.

فقال العراقي: "اعترض عليه بأنه ليس في كلام الخطيب دون ما جاء عن الصحابة وغيرهم لا في الكفاية ولا في الجامع".

ثم أجاب العراقي: "بأنه ليس في كلام ابن الصلاح التصريح بنقله عنه، وإنما حكى كلام الخطيب ثم قال: "وأكثر ما يستعمل ذلك

" إلى آخر كلامه.

فلم يقتنع الحافظ بجواب شيخه وقال: "مقتضاه أن يكون في سياق إدراج، وعند التأمل يتبين أن الأمر بخلاف ذلك، لأن ابن الصلاح لم ينقل عبارة الخطي بلفظها، وبيان ذلك أن الخطيب قال في الكفاية: وصفهم للحديث بأنه مسند يريدون أن إسناده متصل بين راويه وبين من أسند عنه، إلا أن أكثر استعمالهم هذه العبارة هو فيما أسند عن النبي صلى الله عليه وسلم، فذكر ابن الصلاح كلامه بالمعنى، ثم استطرد الحافظ في الكلام فبين ما هو المسند والمتصل والمرفوع عند العلماء، وذكر اختلاف أقوالهم فيها ثم اختار الحافظ أن المسند هو ما أضافه من سمع النبي صلى الله عليه وسلم بسند ظاهره الاتصال.

ص: 151

النوع الخامس: معرفة المتصل

النوع السادس: معرفة المرفوع

النوع السابع: معرفة الموقوف

النوع الثامن: معرفة المقطوع

هذه الأنواع الأربعة لم ينكت فيها الحافظ ابن حجر على العرقي..

النوع التاسع: معرفة المرسل

وفيه ست نكت:

(29)

النكتة الأولى (ص540) :

كانت اعتراضا على ابن الصلاح والعراقي وتأييدا لرأي مغلطاي. حيث عد ابن الصلاح عبيد الله بن عدي بن الخيار في كبار التابعين الذين يعد قولهم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مرسلا، فاعترض عليه مغلطاي بأن عبيد الله قد عد في الصحابة، فرجح العراقي عدم صحبته.

فتعقبه الحافظ ورجح إثبات صحبته بناء على أنه وجد في منقولات كثيرة أن الصحابة كانوا يحضرون أولادهم إلى النبي صلى الله عليه وسلم يتبركون بذلك، وعبيد الله منهم، لكن هل هذا النوع من الصحبة تعد روايته من مراسيل الصحابة المقبولة، رجح الحافظ أنها ليست من النوع المقبول.

وبين أن قولهم مراسيل الصحابة مقبولة إنما يعنون بذلك من أمكنه التحمل والسماع. وأما من لم يمكنه ذلك فحكم حديثه حكم غيره من المخضرمين الذين لم يسمعوا من النبي صلى الله عليه وسلم.

ص: 152

(30)

النكتة الثانية (ص558) :

تعتبر ردا لتعقب العراقي على ابن الصلاح حيث عد الزهري في صغار التابعين الذين لم يلقوا من الصحابة إلا الواحد أو الاثنين.

فقال العراقي: "هذا ليس بصحيح بالنسبة للزهري، فتعقبه الحافظ بأن تمثيل ابن الصلاح بالزهري صحيح؛ لأنه لا يلزم من كونه لقي كثيرا من الصحابة أن يكون من لقيهم من كبار الصحابة حتى يكون هو من كبار التابعين؛ لأن جميع من سموه من مشايخ الزهري من الصحابة كلهم من صغارهم أو ممن لم يلقهم الزهري وإن روى عنهم أو ممن لم يثبت له صحبة".

(31)

النكتة الثالثة (ص563) :

تضمنت تقوية لانتقاد العراقي للبيهقي في جعله ما رواه التابعي عن رجل من الصحابة مرسلا.

قال العراقي: "وليس هذا بجيد اللهم إلا أن يسميه مرسلا ويجعله حجة كمراسيل الصحابة فهو قريب".

قال الحافظ: "يريد شيخنا ألا يجعل الخلاف من البيهقي لفظيا، وقد صرح البيهقي بذلك في "كتاب المعرفة في الكلام على القراءة خلف الإمام". لكنه خالف ذلك في كتاب السنن فقال في حديث حميد بن عبد الرحمن الحميري: "حدثني رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في النهي عن الوضوء بفضل المرأة" هذا حديث مرسل، أورد ذلك في معرض رده معتذرا عن الأخذ به ولم يعلله إلا بذلك، وقد بالغ صاحب الجوهر النقي في الإنكار على البيهقي بسبب ذلك وهو إنكار متجه".

(32)

النكتة الرابعة (ص569) :

فيها موافقة لتعقب العراقي على ابن الصلاح حيث ذكر ابن الصلاح أنه

ص: 153

لم يعد مراسيل الصحابة في جملة المراسيل التي يحكم عليها بالضعف. لأن الصحابة لا يروون إلا عن الصحابة، وهم كلهم عدول.

فتعقبه العراقي بقوله: "بل الصواب أن يقال: لأن أكثر رواياتهم (يعني الصحابة) إذ قد سمع جماعة من الصحابة عن بعض التابعين".

قال الحافظ: "وهو تعقب صحيح".

ثم أتبع الحافظ هذا الكلام بأن بعض الحنفية ألزم من يرد المرسل أنه يرد على أصله مراسيل الصحابة لاحتمال أن يكون سمعه من تابعي ضعيف. ثم رد الحافظ هذه الشبهة بأن هذا الاحتمال ضعيف لندرة أخذ الصحابة عن التابعي الضعيف.

(33)

النكتة الخامسة (ص570) :

كانت تعقبا على العراقي حيث قال: "فإن المحدثين وإن ذكروا مراسيل الصحابة فإنهم لم يختلفوا في الاحتجاج بها".

قال الحافظ: "في إطلاق هذا النفي عن المحدثين نظر؛ فإن أبا الحسن ابن القطان صاحب بيان الوهم والإيهام منهم، وقد رد أحاديث من مراسيل الصحابة رضي الله عنهم ليست لها علة إلا ذلك، ثم ضرب الحافظ لذلك مثالا".

(34)

النكتة السادسة (ص571) :

تضمنت مدافعة عن قول العراقي: "وفي بعض شروح المنار في الأصول الحنفية دعوى الاتفاق على الاحتجاج (يعني بمراسيل الصحابة) ، ونقل الاتفاق مردود بقول الأستاذ أبي إسحاق".

قال الحافظ: "وقد صرح غيره بأن الاتفاق كان حاصلا قبل الأستاذ فجعل الإسناد محجوجا بذلك، وفي ذلك نظر، فإن جماعة من أهل الأصول يوافقون الأستاذ في رأيه، وفيهم من هو قبله، فلم ينفرد بذلك في الجملة".

ص: 154

النوع العاشر: المنقطع

لم ينكت فيه الحافظ على العراقي.

النوع الحادي عشر: المعضل

وفيه ثلاث نكت:

(35)

النكتة الأولى (ص572) :

تضمنت تعقبا على العراقي حيث أجاب عن إشكال أورد على نقل ابن الصلاح عن أبي نصر السجزي: "أن نحو قول مالك بلغني عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "للمملوك طعامه وكسوته

" الحديث يسميه المحدثون معضلا".

قال العراقي: "وقد استشكل أن يكون هذا الحديث معضلا لجواز أن يكون الساقط بين مالك وأبي هريرة واحدا

"

والجواب: أن مالكا قد وصل هذا الحديث خارج الموطأ، فرواه عن محمد بن عجلان عن أبيه عن أبي هريرة فقد عرفنا سقوط اثنين منه فلذلك سموه معضلا".

فتعقب ابن حجر شيخه العراقي بقوله: "أقول: بل السياق يشعر بعدم السقوط؛ لأن معنى قوله بلغني يقتضي ثبوت مبلغ، فعلى هذا فهو متصل في إسناده مبهم لا أنه منقطع".

ص: 155

وقول الشيخ في الجواب أنا عرفنا منه سقوط اثنين فيه نظر على اختياره، لأنه يرى أن الإسناد الذي فيه مبهم لا يسمى منقطعا، فعلى هذا لم يسقط من الإسناد بعد التبين سوى واحد".

(36)

النكتة الثانية (ص601) :

تضمنت تأكيدا لمدافعة العراقي عن البخاري حيث اتهم بالتدليس.

فقال العراقي: "حول ما يقول البخاري في صحيحه ((وقال فلان)) وهل يكون تدليسا أو لا؟ وساق مثالين من هذا النوع قد صرح البخاري فيهما بالسماع في موضعين آخرين: "وعلى هذا فلا يسمى ما وقع من البخاري على هذا التقدير تدليسا".

قال الحافظ: "لا يلزم من كونه يفرق في مسموعاته بين صيغ الأداء من أجل مقاصد تصنيفه أن يكون مدلسا ومن هذا الذي صرح بأن استعمال قال إذا عبر بها المحدث عما رواه أحد مشايخه مستعملا لها فيما لم يسمعه منه يكون تدليسا، لم نرهم صرحوا بذلك إلا في العنعنة. ثم أضاف الحافظ أن هناك فرقا بين عن وقال، ونقل عن الخطيب أن كثيرا من المحدثين لا يسوون بين قال وعن في الحكم، فمن أين يلزم أن يكون قال وعن حكمهما عند البخاري سواء. وفيما قاله الحافظ نظر من أن قال إذا عبر بها المحدث عما رواه أحد مشايخه مستعملا لها فيما لم يسمعه منه لا يكون تدليسا. فهذا شيخه العراقي يقول في ألفيته تدليس الإسناد بأن يسقط من حدثه ويرتقي بعن وأن. وقال يوهم اتصالا

فقد سوى بين عن وأن وقال؛ لأنها كلها من الصيغ المحتملة للسماع وعدمه وليست صريحة فيه

أقول هذا مع اعتقادي بأن البخاري يتصرف تصرفا يخرجه عن وصمة التدليس حيث إذا جاء بقال أو عن في موضع من كتابه في إسناد ما فإنه يصرح بسماعه في موضع آخر تبعا لمقاصد كتابه كما أشار إليه الحافظ والعراقي، لكن غيره إذا عبر بقال عما لم يسمعه من شيخه ولم يلتزم مثل منهج البخاري فإنه حتما يكون مدلسا".

ص: 156

(37)

النكتة الثالثة (ص609) :

فيها تعقب على العراقي حيث حكى عن الأصوليين فيما يتعلق بتعارض الوصل والإرسال والرفع والوقف أن الاعتبار يكون بالكثرة، فإذا كانت الكثرة في جانب الرفع أو الوصل رجح جانبهما، وإذا كانت في جانب الإرسال والوقف رجح جانبهما.

فتعقب الحافظ هذا التعميم وقال: "هذا قول بعض الأصوليين كالرازي وأن البيضاوي مال إلى القبول مطلقا".

ثم نقل عن الماوردي وابن الجوزي وأبي الحسن ابن القطان مذهب الشافعي في مسألة الرفع والوقف أن الوقف يحمل على أنه رأي الراوي والمسند على أنه روايته. وزاد ابن القطان أن الرفع يترجح بأمر آخر وهو تجويز أن يكون الواقف قصر في حفظه أو شك في رفعه.

ورد عليه الحافظ بأن هذا يقابل بمثله فيترجح الوقف بتجويز أن يكون الرافع تبع العادة وسلك الجادة وضرب لذلك مثلا بين فيه رجحان الوقف على الرفع.

ص: 157

النوع الثاني عشر: المدلس

وفيه أربع نكت على العراقي:

(28)

النكتة الأولى (ص614) :

تضمنت ردا على شيخه العراقي حيث استدرك على ابن الصلاح بأنه ترك من أقسام التدليس قسما ثالثا وهو تدليس التسوية وهو شر الأقسام

الخ.

قال الحافظ: "فيه مشاحة، وذلك أن ابن الصلاح قسم التدلي إلى تدليس الإسناد وتدليس الشيوخ، والتسوية على تقدير تسميتها تدليسا من قبيل القسم الأول، فعلى هذا لم يترك قسما ثالثا. وإنما ترك تفريع القسم الأول أو أخل بتعريفه".

قال الحافظ: "ومشى العلائي على ذلك فقال تدليس السماع نوعان، فذكره، ثم نبه الحافظ إلى أنهم فاتهم جميعا من تدليس الإسناد تدليس العطف وتدليس القطع، ثم استطرد في بحث التسوية وما يسمى منها تدليسا، وضرب لذلك أمثلة".

وذكر الحاكم أنه قسم التدليس إلى ستة أقسام وتبعه أبو نعيم في ذلك.

ثم ذكر الحافظ أن حاصل هذه الأقسام يرجع إلى القسمين اللذين ذكرهما ابن الصلاح.

ص: 158

(39)

النكتة الثانية (ص622) :

فيها تعقب على ابن الصلاح والعراقي في تعريف التدليس حيث قال ابن الصلاح: "أن يروي الراوي عمن عاصره ما لم يسمعه منه موهما سماعه سواء لقيه أو لم يلقه" فأيده العراقي وقال: أنه المشهور بين أهل الحديث

فتعقبهما الحافظ: "بأن الذي يظهر من تصرفات الحذاق منهم أن التدليس مختص باللقى، فقد أطبقوا على أن رواية المخضرمين مثل: قيس بن أبي حازم وأبي عثمان النهدي وغيرهما عن النبي صلى الله عليه وسلم من قبيل المرسل لا من قبيل المدلس. ونقل الخطيب ما يؤيد هذا الرأي".

(40)

النكتة الثالثة (ص626) :

فيها تعقب على العراقي حيث نقل عن ابن الصباغ حكم تدليس الشيوخ ومنه:

"وإن كان لصغر سنه فيكون ذلك رواية عن مجهول لا يجب قبول خبره حتى يعرف".

قال الحافظ: "وفيه نظر، لا يصير بذلك مجهولا إلا عند من لا خبرة له بالرجال وأحوالهم وأنسابهم وبلدانهم وحرفهم وألقابهم وكناهم، فتدليس الشيوخ دائر بين ما وصفنا، فمن أحاط بذلك علما لا يكون الرجل المدلس عنده مجهولا، وتلك أنزل مراتب المحدث".

ثم أردف ذلك بذكر مصلحة التدليس ومفسدته وامتحان المحدثين طلبتهم به؛ ليتبين حفظهم وفهمهم أو عدم ذلك.

(41)

4- النكتة الرابعة (ص632) :

كانت شرحا وتوضيحا لما نقله العراقي عن الخطيب من ثبوت الخلاف في رواية المدلس الثقة إذا صرح بالسماع.

ص: 159

قال الحافظ: "حكاه القاضي عبد الوهاب في الملخص فقال التدليس جرح، وأن من ثبت أنه كان يدلس لا يقبل حديثه مطلقا".

قال: "وهو الظاهر من أصول مالك".

ونقل نحو ذلك عن يحيى بن معين.

ص: 160

النوع الثالث عشر: معرفة الشاذ

وفيه على العراقي نكتتان:

(42)

النكتة الأولى (ص654) :

تضمنت اعتراضا على العراقي إذ قال: "ولكن الخليلي يجعل تفرد الثقة شاذا صحيحا".

فتعقبه الحافظ بقوله: "فيه نظر فإن الخليلي لم يحكم له بالصحة بل صرح بأنه يتوقف فيه ولا يحتج به".

(43)

النكتة الثانية (ص671) :

اشتملت على تعقب على العراقي حيث ذكر عن حديث ابن عمر في النهي عن بيع الولاء وهبته، أنه رواه غير يحيى بن سليم (يعني عن عبيد الله بن عمر) .

فتعقبه الحافظ بقوله: "ليس هذا متابعا ليحيى بن سليم عن عبيد الله، وقد وجدت له متابعا، فذكر سعيد بن يحيى الأموي عن أبيه عن عبيد الله، وقبيصة عن سفيان الثوري عن عبيد الله، ثم بين أن قبيصة قد وهم، لأن الشيخين قد خرجاه من حديث الثوري عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر".

ص: 161

النوع الرابع عشر: المنكر

وفيه نكتتان:

(44)

النكتة الأولى (ص676) :

تضمنت تعقبا على العراقي حيث ذكر أن جماعة من أصحاب الزهري خالفوا مالكا في قوله في إسناد حديث أسامة بن زيد: "لا يرث المسلم الكافر

" عمر بن عثمان بدل عمرو بن عثمان.

فتعقبه الحافظ بقوله: "في رواية هشيم مخالفة في المتن أشد من مخالفة مالك في اسم أحد رواة الإسناد، فكان التمثيل به أولى (يعني للمنكر) ". ثم بين الحافظ مخالفة هشيم في المتن وأشار إلى سبب الخطأ.

(45)

النكتة الثانية (ص676) :

فيها تعقبا على العراقي في تمثيله للمنكر بحديث أنس في وضع النبي صلى الله عليه وسلم الخاتم عند دخول الخلاء من طريق ابن جريج عن الزهري عن أنس، ونقل عن أبي داود حكمه عليه بالنكارة، ثم بين علة ذلك. فأورد الحافظ احتمالا يبعد هذا الحديث أن يكون منكرا.

وأورد مثالا رأى أنه هو الصالح للتمثيل به.

النوع الخامس عشر: معرفة الاعتبار والمتابعات والشواهد

ص: 162

النوع السادس عشر: معرفة زيادات الثقات

النوع السابع عشر: معرفة الأفراد

وهذه الثلاثة الأنواع لم ينكت فيها الحافظ على العراقي.

النوع الثامن عشر: معرفة الحديث المعلل

وفيه عشرة نكت:

(46)

النكتة الأولى (ص715) :

كانت تعقبا على العراقي حيث ذكر حديث ((كفارة المجلس)) وسؤال مسلم للبخاري عن هذا الحديث من طريق ابن جريج عن موسى بن عقبة عن سهيل عن أبيه عن أبي هريرة مرفوعا، فأجاب البخاري هذا حديث مليح، ولا أعلم في الدنيا في هذا الباب غير هذا الحديث الواحد إلا أنه معلول.

قال العراقي: "هكذا أعل الحاكم في علومه هذا الحديث بهذه الحكاية والغالب على الظن عدم صحتها، وأنا أتهم بها أحمد بن حمدون القصار راويها عن مسلم، فقد تكلم فيه، وهذا الحديث صححه الترمذي وابن حبان والحاكم".

فتعقبه الحافظ بقوله: "قلت: الحكاية صحيحة قد رواها الحاكم على الصحة من غير نكارة، وكذا رواها البيهقي عن الحاكم على الصواب، لأن المنكر إنما هو قوله: إن البخاري قال: لا أعلم في الدنيا في هذا الباب غير هذا الحديث الواحد المعلول، والواقع أن في الباب عدة أحاديث لا يخفى مثلها على البخاري".

ص: 163

والحق أن البخاري لم يعبر بهذه العبارة.

قال الحافظ: "وقد رأيت أن أسوق لفظ الحكاية هذه من الطرق التي ذكرها الحاكم وضعفها الشييخ".

ثم أسوقها من الطرق الأخرى الصحيحة التي لا مطعن فيها ولا نكارة، ثم أبين حال الحديث ومن أعله أو صححه لتتم الفائدة. ثم وفى الحافظ بما وعد وأطال النفس في ذلك.

هذا وقد ذكر العراقي أن الحديث ورد من حديث جماعة من الصحابة، فذكر منهم ثمانية وهم:

1-

أبو برزة.

2-

رافع بن خديج.

3-

الزبير بن العوام.

4-

عبد الله بن مسعود.

5-

عبد الله بن عمرو.

6-

السائب بن يزيد.

7-

أنس بن مالك.

8-

عائشة.

وأنه بيّن أحاديثهم في تخريج الإحياء.

فقال الحافظ: "إنما بينها في التخريج الكبير فقد لا يصل إلى الفائدة منه كل أحد، فرأيت عزوها إلى من خرجها على طريق الاختصار بزيادة كبيرة جدا في العزو إلى المخرجين".

ثم ذكر الحافظ ما وعد به، وتوسع في تخريجها وعزوها إلى مصادر كثيرة، وبين اختلاف الطرق عندما يوجد اختلاف على بعض الرواة.

ص: 164

ثم زاد على أحاديث الصحابة السابق ذكرهم حديث:

1-

أبي بن كعب.

2-

حديث معاوية.

3-

حديث ابن عمر.

4-

حديث أبي أمامة.

5-

حديث أبي سعيد الخدري.

6-

حديث علي.

7-

حديث رجل من الصحابة.

8-

حديث أبي أيوب.

ثم عزا الحافظ هذه الأحاديث كلها إلى مصادرها وبين عللها وخرج بعض الآثار في الموضوع. ثم ترجم لأحمد بن حمدون القصار، وذكر من جرحه ومن عدله، ونفى عنه التهم وقرر أنه لا يدفع عن الصدق ولا ينبغي اتهامه، ورحج أن الخطأ في احكاية من الحاكم وهو قوله:

"لا أعلم في الدنيا في هذا الباب غير هذا الحديث".

وأن الثابت إنما هو "لا أعلم في الدنيا بهذا الإسناد غير هذا الحديث" وهو كلام مستقيم.

(47)

النكتة الثانية (ص749) :

فيها تكميل واستدراك على العراقي وذلك أن الحافظ: مثل لما وقعت العلة فيه في المتن دون الإسناد بحديث أنس: "لا يذكرون بسم الله الرحمن الرحيم في أول القراءة ولا في آخرها"، ثم قال: وقد تكلم شيخنا على هذا الموضع بما لا مزيد عليه في الحسن، إلا أن فيه مواضع تحتاج إلى تنبيه عليها فمنها قوله: "إن ترك قراءة البسملة في حديث أنس ورد من ثلاث طرق وهي:

ص: 165

أ- رواية حميد.

ب- رواية قتادة.

ج- رواية إسحاق بن أبي طلحة.

قال الحافظ: "قد يتوهم منه أن باقي الروايات عن أنس ليس فيها تعرض لتركها، وليس كذلك بل قد جاء ترك الجهر بها أيضا

أ- من رواية ثابت.

ب- والحسن ابن أبي الحسن

ج- ومنصور بن زاذان.

د- وأني نعامة قيس بن عباية.

?- وأبي قلابة.

و وثمامة بن عبد الله بن أنس.

ثم ذكر الحافظ طرقها والكتب التي أخرجتها.

ثم قال: "فهذه الروايات متضافرة على عدم الجهر".

(48)

3- النكتة الثالثة (ص752) :

اشتملت على تعقب على العراقي وابن عبد البر، حيث نقل العراقي ادعاء ابن عبد البر الاضطراب في حديث أنس في نفي الجهر بالبسملة، وأقرن على هذا الادعاء.

قال الحافظ: "وليس بجيد؛ لأن الاضطراب شرطه تساوي وجوهه ولم يتهيأ الجمع بين مختلفها أما مع إمكان الجمع بين ما اختلف من الروايات ولو تساوت وجوهها، فلا يستلزم اضطرابا، وهذا في الحديث موجود وأشار إلى كيفية الجمع بينها؟ "

(49)

النكتة الرابعة (ص533) :

فيها اعتراض على العراقي حيث ذكر أن رواية الوليد بن مسلم عن

ص: 166

الأوزاعي التي أخرج بها مسلم حديث أنس في نفي الجهر بالبسملة معلولة بتدليس الوليد تدليس التسوية.

قال الحافظ: "لا يتجه تعليله بتدليس الوليد؛ لأنه صرح بسماعه وصرح بأن الأوزاعي ما سمعه من قتادة وإنما كتب به إليه، وقتادة سمعه من أنس".

ثم ساق الإسناد الذي صرح فيه قتادة بسماعه من أنس وبين أنه كان الأولى بالعراقي أن يعلل هذا الإسناد بجهالة كاتب قتادة.

(50)

النكتة الخامسة (ص756) :

تضمنت تعقبا على العراقي حيث رجح رواية ابن عبد البر لحديث أنس: "كانوا يستفتحون بالحمد لله رب العالمين" من طريق محمد بن كثير على رواية الوليد بن مسلم عن الأوزاعي التي فيها نفي البسملة.

قال الحافظ: "أقول: الوليد بن مسلم أحفظ من محمد بن كثير بكثير، ومع ذلك فقد صرح الوليد بسماعه فيما أخرجه أبو نعيم في مستخرجه من طريق دحيم وهشام بن عمار عنه، وكذا أخرجه الدارقطني من طريق هشام ثنا الوليد ثنا الأوزاعي

ثم الحافظ تنبيها تعقب فيه العراقي حيث عزا رواية محمد بن كثير إلى ابن عبد البر في حين أنه رواها أبو عوانة في صحيحه، والطحاوي في شرح معاني الآثار والجوزقي في المتفق.

قال الحافظ: "فعزوها إلى أحدهم أولى من عزوها إلى ابن عبد البر لتأخر زمنه".

(51)

النكتة السادسة (ص758) :

كانت تعقبا على العراقي حيث ذكر أن حميدا صرح بذكر قتادة في روايته لحديث نفي الجهر بالبسملة فيما رواه ابن أبي عدي.

قال الحافظ: "هذا يوهم أن حميدا لم يسمعه من أنس أصلا، وإنما دلسه

ص: 167

عنه كذلك، فإن حميدا كان قد سمعه من أنس، لكن موقوفا وهذا في رواية مالك كما في الموطآت، ورواه عنه حفاظ أصحابه موقوفا".

(52)

النكتة السابعة (ص760) :

فيها تعقب على العراقي وأبي شامة وذلك أن كلا من قتادة وأبي سلمة سألا أنسا عن قراءة النبي صلى الله عليه وسلم فأجابهما بجوابين مختلفين، فنقل العراقي عن أبي شامة أنهما سؤالان.

فسؤال فتادة عن الاستفتاح بأي سورة، وفي صحيح مسلم أن قتادة قال: نحن سألناه عنه، وسؤال أبي سلمة عن البسملة وتركها.

قال الحافظ: "وفيه نظر؛ لأنه يوهم أن اللفظ المذكور في صحيح مسلم – يعني الاستفتاح – وليس كذلك بل الذي فيه ((فلم أسمع أحدا منهم يقرأ بسم الله الرحمن الرحيم".

فهذا لفظ صريح في أن السؤال كان عن عدم سماع القراءة لا عن الاستفتاح بأي سورة.

ثم نقل سؤال قتادة من عدد من المصادر ثم عقبه بقوله فوضح بذلك أن سؤال قتادة ليس مخالفا لسؤال أبي سلمة..

ثم جمع بين بين الإجابتين عن هذا السؤال بأن سؤال أبي سلمة كان متقدما وفي حال نسيان أنس، وسؤال قتادة كان متأخرا، وفي حال كان فيها متذكرا فأجابه بأنه لم يسمع قراءة بسم الله الرحمن الرحيم من النبي صلى الله عليه وسلم ولا منأحد من الخلفاء في حال الصلاة.

(53)

النكتة الثامنة (762) :

تضمنت اعتراضا على دعوى العراقي أن جواب أنس حين سئل عن قراءة النبي صلى الله عليه وسلم قال مدا ثم قرأ بسم الله الرحمن الرحيم أن ذلك يشمل حال الصلاة وخارجها

ص: 168

قال الحافظ: "فيه نظر؛ لأن الأعم لا دلالة له على الأخص والمراد أن النبي صلى الله عليه وسلم كان حيث يقرأ بسم الله الرحمن الرحيم يمد بسم الله ويمد الرحمن ويمد الرحيم فأين له من هذه الأحاديث أنه كان يجهر بها في الصلاة".

(54)

9- النكتة التاسعة (ص764) :

فيها تعقب على العراقي حيث ساق حديث قتادة عن أنس "كانوا يفتتحون القراءة بالحمد لله رب العالمين" ثم حكى عن الشافعي أنه أوله بمعنى يبدأون بقراءة أم القرآن قبل ما يقرأ بعدها، ولا يعني أنهم يتركون بسم الله الرحمن الرحيم. قال العراقي: "ما أوله به الشافعي مصرح به في رواية الدارقطني

"

فتعقبه الحافظ بقوله: "لم يبين الشيخ رواية الدارقطني كيف هي؟ "وظاهر السياق يشعر بأنها من رواية قتادة عن أنس رضي الله عنه وليس كذلك، فإنها عنده من رواية الوليد عن الأوزاعي عن إسحاق بن أبي طلحة عن أنس رضي الله عنه، وقد رواها راويها بالمعنى بلا شك، فإن رواية الوليد بلفظ يفتتحون بالحمد لله رب العالمين، فرواها بعض الرواة بلفظ بدأ بأم القرآن بدل الحمد لله رب العالمين فلا تنتهض الحجة بذلك.

(55)

النكتة العاشرة (ص765) :

تضمنت تعقبا على العراقي حيث قال بعد سياقه لحديث قتادة عن أنس: "فلم أسمع أحدا منهم يقرأ بسم الله الرحمن الرحيم" قال: "ولا يلزم من نفي السماع نفي الوقوع".

قال الحافظ: "وللمخالف أن يقول: لكن التوفيق بين الروايتين أن يحمل نفيه للقراءة على عدم سماعه لها، فتلتئم الروايتين في عدم الجهر".

ص: 169

النوع التاسع عشر: معرفة المضطرب

النوع العشرون: معرفة المدرج

هذان النوعان لم ينكت فيهما الحافظ على العراقي.

النوع الحادي والعشرون: معرفة الموضوع

وفيه نكتتان على العراقي:

(56)

النكتة الأولى (ص840) :

تضمنت تعقبا على قول العراقي: "وقد استشكل ابن دقيق العيد الحكم على الحديث بالوضع بإقرار واضعه لأن فيه عملا بقوله بعد اعترافه على نفسه بالوضع فقال – في الاقتراح -: "هذا كاف برده ليس بقاطع

الخ".

قال الحافظ متعقبا لشيخه ومبينا لمقصود ابن دقيق العيد من كلامه هذا: "كلام ابن دقيق العيد ظاهر في أنه لم يستشكل الحكم لأن الأحكام لا يشترط فيها القطعيات، ولم يقل أحد إنه يقطع بكون الحديث موضوعا بمجرد الإقرار، وإنما نفى ابن دقيق العيد القطع بكون الحديث موضوعا بمجرد إقرار الراوي بأنه وضعه

وثبوت فسقه لا يمنع العمل بموجب إقراره كالقاتل مثلا إذا اعترف بالقتل عمدا من دون تأويل، فإن ذلك يوجب فسقه ومع ذلك

ص: 170

فنقتله عملا بموجب إقراره مع احتمال كونه في باطن الأمر كاذبا في ذلك الإقرار بعينه".

(57)

2- النكتة الثانية (ص860) :

ضمنت ردا على اعتراض أورده على قول العراقي في شأن حديث ثابت بن موسى: "من كثرت صلاته بالليل حسن وجهه بالنهار".

قال ابن عدي: "لا يعرف إلا بثابت بن موسى، وسرقه جماعة منه من الضعفاء عبد الحميد بن بجر وعبد الله بن شبرمة الشريكي".

فادعى المعترض على العراقي بأن عبد الله بن شبرمة الكوفي الفقيه رواه عن شريك أيضا فيما رواه أبو نعيم في تاريخه، وعبد اله بن شبرمة هو الفقيه الكوفي أحد الأعلام احتج به مسلم".

قال الحافظ: "وأخطأ هذا المتأخر خطأ فاحشا لا مستند له ولا عذر؛ لأن عبد الله بن شبرمة المذكور هو الشريكي وهو كوفي أيضا وأما الفقيه فإنه قديم على هذه الطبقة، ثم ساق كلاما يدعم به ما يقول.

وهنا انتهت تعقبات الحافظ على شيخه العراقي

وهناك انتقادات للحافظ على علماء آخرين يوردها خلال بحوثه واستطراداته في هذا الكتاب.

ص: 171