المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌النوع التاسع عشر: المضطرب - النكت على كتاب ابن الصلاح لابن حجر - جـ ٢

[ابن حجر العسقلاني]

الفصل: ‌النوع التاسع عشر: المضطرب

‌النوع التاسع عشر: المضطرب

114-

قوله (ص)"ومن أمثلته1":

فذكر حديث الخط للمصلي2 إذا لم يجد سترة واستدرك عليه شيخنا ما فاته من وجوه الاختلاف فيه وبقيت (فيه) 3 وجوه أخرى لم أر الإطالة بذكرها، ولكن بقي أمر يجب التيقظ له.

وذلك أن جميع من رواه عن إسماعيل بن أمية، عن هذا الرجل إنما وقع الاختلاف بينهم في اسمه أو كنيته، وهل روايته عن أبيه أو عن جده أو عن أبي هريرة بلا واسطة، وإذا تحقق الأمر لم يكن فيه حقيقة الاضطراب.

1 مقدمة ابن الصلاح ص85 قال: "ومن أمثلته: ما رواه إسماعيل بن أمية عن أبي عمرو بن محمد بن حريث، عن جده حريث، عن أبي هريرة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في المصلى: إذا لم يجد عصا ينصبها بين يديه فليخط خطا. فرواه بشر بن المفضل وروح بن القاسم، عن إسماعيل هكذا. ورواه سفيان الثوري عنه عن أبي عمرو بن حريث عن أبيه عن أبي هريرة، ورواه حميد بن الأسود عن إسماعيل عن أبي عمرو محمد بن حريث بن سليم عن أبيه عن أبي هريرة، ورواه وهيب وعبد الوارث عن إسماعيل عن أبي عمرو بن حريث عن جده حريث، وقال عبد الرزاق عن ابن جريج سمع إسماعيل عن حريث بن عمار، عن أبي هريرة وفيه من الاضطراب أكثر مما ذكرناه والله أعلم" فهذا ما أشار إليه الحافظ.

2 جه 5- كتاب الإقامة 36- باب ما يستر المصلي حديث 943، حم 2/34، 355، 366.

3 في (ب)"منه".

ص: 772

[حقيقة الاضطراب:]

لأن الاضطراب هو: الاختلاف الذي يؤثر قدحا.

واختلاف الرواة في اسم رجل لا يؤثر ذلك، لأنه إن كان ذلك الرجل ثقة فلا ضير، وإن كان غير ثقة فضعف الحديث إنما هو من قبل ضعفه لا من قبل اختلاف الثقات في اسمه فتأمل ذلك.

ومع ذلك كله فالطرق التي ذكرها ابن الصلاح، ثم شيخنا قابلة لترجيح بعضها على بعض والراجحة منها يمكن التوفيق بينها بينها فينتفي الاضطراب أصلا ورأسا.

تنبيه:

قول ابن عيينة: لم نجد شيئا يشد به هذا الحديث ولم يجيء إلا من هذا الوجه1 فيه نظر، فقد رواه الطبراني من طريق أبي موسى الأشعري وفي إسناده أبو هارون العبدي2 وهو ضعيف.

[شاهدان للحديث:]

ولكنه وارد3 على الإطلاق4، ثم وجدت له شاهدا آخر وإن كان موقوفا. أخرجه مسدد في "مسنده الكبير" قال: ثنا هشيم/ (ي 259) ثنا خالد الحذاء عن إياس بن معاوية، عن سعيد بن جبير قال:

1 السنن الكبرى للبيهقي 2/271.

2 هو عمارة بن جوين متروك ومنهم من كذبه شيعي من الرابعة عخ ت ق. تقريب 2/49. وروى عبد الرواق عن معمر عن أبي هارون العبدي عن أبي سعيد الخدري قال: كنا نستتر بالسهم والحجر في الصلاة. المصنف 2/13.

3 في (ب)"أورد".

4 قول الحافظ: "لكنه وارد على الإطلاق فيه نظر فإن ابن عيينة نفى وجود شيء يشد به ورواية أبي هارون لا يعتبر بها لأنه متروك فلا مكان للإيراد على قول ابن عيينة برواية العبدي.

ص: 773

"إذا كان الرجل يصلي في فضاء فليركز بين يديه شيئا فإن لم يستطيع أن يركزه، فليعرضه، فإن لم يكن معه شيء، فليخلط خطا في الأرض"1.

رجاله ثقات وقول البيهقي2: "إن الشافعي رضي الله عنه ضعفه". فيه نظر، فإنه/ (ب 305) احتج به فيما وقفت عليه، في المختصر الكبير للمزني - والله أعلم -.

ولهذا صحح الحديث أبو حاتم ابن حبان3 والحاكم4 وغيرهما.

وذلك مقتضى لثبوت عدالته عند من صححه.

فما يضره مع ذلك أن لا ينضبط اسمه إذا عرفت ذاته - والله تعالى أعلم -.

[أمثلة للمضطرب:]

ووجدت أمثلة للمضطرب في "علل الدارقطني"5.

ومنها: حديث: "شيبتي هود وأخواتها".

اختلف فيه على أبي إسحاق السبيعي.

(أ) فقيل عنه عن عكرمة، عن أبي بكر رضي الله عنه.

(ب) ومنهم من زاد فيه ابن عباس رضي الله عنهما.

1 وأخرجه عبد الرزاق في المصنف 2/14 بهذا الإسناد وهذا اللفظ إلا أن هشيما قد عنعن عند عبد الرزاق والأولى أن يقال فيه مقطوع لأنه من قول التابعي.

2 قال البيهقي في السنن الكبرى 2/271 "واحتج الشافعي بهذا الحديث في القديم ثم توقف فيه الجديد

".

3 انظر الإحسان 4/ل 43. فإنه رواه من طريق عمرو بن حريث عن جده سمع أبا هريرة به.

4 لم أجد هذا الحديث في المستدرك.

5 1/ل9.

ص: 774

(ج) وقال علي بن صالح1: عن أبي إسحاق، عن أبي جحيفة 2، عن أبي بكر رضي الله عنه.

(د) وقال العلاء3: عن أبي إسحاق، عن البراء عن أبي بكر رضي الله عنهما.

(هـ) وقال زكريا بن إسحاق4 وعبد الرحمن بن سليمان، عن أبي إسحاق عن أبي ميسرة5، عن أبي بكر - رضي الله تعالى عنه -.

(و) وقيل عن زكريا عن أبي إسحاق عن مسروق 6 عن أبي بكر رضي الله عنه.

1 علي بن صالح بن حي الهمداني أبو محمد الكوفي أخو حسن، ثقة عابد من السابعة، مات سنة 151 وقيل بعدها /م4. تقريب 2/389 تهذيب التهذيب 7/332.

2 هو: وهب بن عبد الله السوائي - بضم المهملة والمد - مشهور بكنيته صحابي معروف وصحب عليا مات سنة 74/ع. تقريب 2/338، الإصابة 3/606.

3 قال الدارقطني في العلل 1/ل9: "وحدث به محمد بن محمد الباغندي عن محمد عن محمد بن عبد الله بن نمير عن محمد بن بسر فوهم في إسناده في موضعين فقال عن العلاء بن صالح وإنما هو علي بن صالح وقال عن أبي إسحاق عن البارء عن أبي بكر وإنما هو عن أبي إسحاق عن أبي جحيفة عن أبي بكر".

4 زكريا بن إسحاق المكي، ثقة رمى بالقدر من السادسة /ع. تقريب 1/261.

5 هو: عمر بن شرحيل الهمداني، أبو ميسرة الكوفي، ثقة عابد مخضرم مات سنة 63/خ م د س ق. تقريب 2/72 الكاشف 2/331.

6 مسروق بن الاجدع بن مالك الهمداني الوادعي، أبو عائشة، الكوفي ثقة فقيه عابد مخضرم من الثانية مات سنة 62/ع. تقريب 2/242، الخلاصة ص 374.

ص: 775

(ز) وقال محمد بن سلمة 1 عن أبي إسحاق عن مسروق عن عائشة عن أبي بكر رضي الله عنه.

(ح) وقيل عن يونس بن أبي إسحاق عن علقمة عن أبي بكر.

(ط) وقال عبد الكريم الخزاز2: عن أبي إسحاق عن عامر بن سعد البجلي3 عن أبي بكر رضي الله عنه.

(ي) وقيل: عنه عن عامر بن سعد عن أبيه عن أبي بكر رضي الله عنه.

(ك) وقال أبو شيبة النخعي: عن أبي إسحاق، عن مصعب بن سعد4 عن أبيه عن أبي بكر رضي الله عنه.

(ل) وقال أبو المقدام5: عن أبي إسحاق عن أبي الأحوص6 عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه.

1 في العلل للدارقطني 1/ل9 محمد بن سلمة النصيبي وفي ميزان الاعتدال 3/568 محمد بن سلمة النباتي عن أبي إسحاق وغيره تركه ابن حبان وقال لا تحل الرواية عنه روى عنه ابن عصمة النصيبي.

2 في جميع النسخ الجزري والصواب ما أثبتناه كما جاء في العلل 1/ل9 عبد الكريم بن عبد الرحمن الخزاز ول10 عبد الكريم الخزاز: قال الحافظ في لسان الميزان واهي الحديث جدا. روى عن أبي إسحاق السبيعي لسان الميزان 4/53.

3 عامر بن سعد البجلي مقبول من الثالثة / م د س، تقريب 1/387.

4 مصعب بن سعد بن أبي وقاص الزهري، أبو زرارة المدني، ثقة من الثالثة مات سنة 103/ع. تقريب 2/251، الكاشف 3/147.

5 هو ثابت بن هرمز الكوفي أبو المقدام الحداد مشهور بكنيته صدوق يهم من السادسة /د س ق. تقريب 1/117.

6 أبو الأحوص: عوف بن مالك بن نضلة - بفتح النون وسكون المعجمة الجشمي بضم الجيم وفتح المعجمة - الكوفي مشهور بكنيته ثقة من الثالثة قتل في ولاية الحجاج على العراق / بخ م4. تقريب 2/90.

ص: 776

115-

قوله/ (ي260)(ص) : "ثم قد يقع الاضطراب في المتن وقد يقع في الإسناد، وقد يقع ذلك من راو واحد يقع من رواة"1. انتهى.

[كلام العلائي على الحديث المعلول:]

قسم المصنف الاضطراب/ (152/أ) إلى أربعة أقسام ولم يمثل إلا لقسم واحد.

وقد تكلم الحافظ العلائي في مقدمة الأحكام على الحديث المعلول بكلام طويل مفيد نقلت منه ما يتعلق بما نحن فيه هنا ملخصا لأنه شامل (ب ص 306) لكل ما يتعلق بتعليل الحديث من اضطراب وغيره. قال: وهذا الفن أغمض2 أنواع الحديث وأدقها مسلكا ولا يقوم به إلا من منحه الله فهما غايصا3 واطلاعا حاويا وإدراكا لمراتب الرواة ومعرفة ثاقبة.

ولهذا لم يتكلم فيه إلا أفراد أئمة هذا الشأن وذاقهم كابن المديني والبخاري وأبي زرعة وأبي حاتم وأمثالهم.

وإنما يقوي القول بالتعليل - يعني فيما ظاهره الصحة- عند عدم المعارض، وحيث يجزم المعلل بتقديم/ (ر139/أ) التعليل أو أنه الأظهر، فأما إذا اقتصر على الإشارة إلى العلة فقط بأن القول - مثلا - في الموصول: رواه فلان مرسلا أو نحو ذلك، ولا يبين أي الروايتين أرجح، فهذا هو الموجود كثيرا في كلامهم، ولا يلزم منه رجحان الإرسال على الوصل.

قال: والاختلاف تارة في السند، وتارة في المتن.

[أقسام الاختلاف في السند:]

فالذي في السند يتنوع أنواعا:

1 مقدمة ابن الصلاح ص85.

2 في (ب)"المحض".

3 في (ب)"غامضا".

ص: 777

أحدها: تعارض الوصل والإرسال.

ثانيها: تعارض الوقف والرفع.

ثالثها: تعارض الاتصال والانقطاع.

رابعها: أن يروي الحديث قوم - مثلا- عن رجل عن تابعي عن صحابي، ويرويه غيرهم عن ذلك الرجل عن تابعي آخر عن الصحابي بعينه.

خامسها: زيادة رجل في أحد الإسنادين.

سادسها: الاختلاف في اسم الراوي ونسبه إذا كان مترددا بين ثقة وضعيف.

فأما الثلاثة الأول: فقد تقدم القول فيها.

وأن المختلفين إما يكونوا متماثلين في الحفظ والإتقان (أم لا) 1 فالمتماثلون إما يكون عددهم من الجانبين سواء أو لا، فإن استوى عددهم مع استواء/ (ي 261) أوصافهم وجب التوقف حتى يترجح أحد الطريقين بقرينة من القرائن فمتى اعتضدت إحدى/ (ب 307) الطريقين بشيء/ (ب 307) من وجوه الترجيح حكم لها، ووجوه الترجيح كثيرة لا تنحصر، ولا2 ضابط لها بالنسبة إلى جميع الأحاديث، بل كل حديث يقوم به ترجيح خاص لا يخفى على الممارس الفطن الذي أكثر من جمع الطرق.

ولأجل هذا كان مجال النظر في هذا أكثر من غيره، وإن كان أحد المتماثلين أكثر عددا فالحكم لهم على قول الأكثر.

وقد ذهب قوم/ (ر 139/ب) إلى تعليله - وإن كان من وصل أو رفع أكثر.

والصحيح خلاف ذلك.

1 ما بين القوسين سقط من (هـ) .

2 في (ر)"فلا".

ص: 778

وأما غير المتماثلين، فإما أن يتساووا في الثقة أو لا، فإن تساووا في الثقة فإن كان من وصل أو رفع أحفظ فالحكم له، ولا يلتفت إلى تعليل من علله بذلك - أيضا- إن 1 كان العكس، فالحكم للمرسل والواقف.

وإن لم يتساووا في الثقة فالحكم للثقة، ولا يلتفت إلى تعليل من علله، برواية غير الثقة إذا خالف.

هذه جملة تقسيم الاختلاف، وبقي إذا كان رجال أحد الإسنادين أحفظ ورجال الآخر أكثر.

فقد اختلف المتقدمون فيه:

فمنهم: من يرى قول الأحفظ أولى لإتقانه وضبطه.

فمنهم: من يرى قول الأكثر أولى لبعدهم عن الوهم2.

قال عمرو بن علي الفلاس3: سمعت سفيان بن زياد4 يقول ليحيى بن سعيد في حديث سفيان، عن أبي الشعثاء عن يزيد بن معاوية العبسي، عن علقمة، عن عبد الله رضي الله عنه في قوله تبارك وتعالى:{خِتَامُهُ مِسْكٌ} 5. فقال: يا أبا سعيد خالفه أربعة. قال: "من هم؟ "

1 كذا في (ر) و (ي) ولعل الصواب وإن.

2 نقل الصنعاني هذا الكلام الذي نسبه الحافظ ابن حجر إلى العلائي إلى هنا. توضيح الأفكار 2/37-38.

3 عمرو بن علي بن بحر بن كنيز - بنون وزاي- أبو حفص الفلاس الصيرفي الباهلي البصري، ثقة حافظ من العاشرة، له العلل والمسند والتاريخ مات سنة 249/ع. تقريب 2/75.

4 سفيان بن زياد العقيلي أبو سعيد المؤدب صدوق من الحادية عشرة /ق. تقريب 1/311، الكاشف 1/377.

5 سورة المطففين من الآية (26) .

ص: 779

قال: "زائدة وأبو الاحوص، وإسرائيل وشريك". فقال يحيى: "لو كان أربعة آلاف مثل هؤلاء كان الثوري أثبت منهم".

قال الفلاس: "وسمعته يسأل عن عبد الرحمن بن مهدي عن هذا" فقال/ (ب ص 308) 1 عبد الرحمن: "هؤلاء قد اجتمعوا وسفيان أثبت منهم والإنصاف لا بأس به فأشار عبد الرحمن إلى ترجيح روايتهم لاجتماعهم ولا شك (أن) 2 الاحتمال من الجهتين منقدح قوي، لكن ذاك إذا لم ينته/ (ي 262) عدد الأكثر إلى درجة قوية/ (?153/أ) جدا بحيث يبعد اجتماعهم على الغلط أو يندر أو يمتنع عادة 3 فإن نسبة الغلط إلى الواحد وإن كان أرجح من أولئك في الحفظ والإتقان أقرب (من نسبته) 4 إلى جمع الكثير.

ومما يقوي بالتعليل فيه بالوقف ما إذا كان قد زيد في الإسناد عوضا عن ذكر النبي صلى الله عليه وسلم كحديث ابن عمر - رضي الله تعالى عنهما - عن النبي صلى الله عليه وسلم "أنه قضى في أمهات الأولاد أن لا يبعن ولا يوهبن

" الحديث.

هكذا رواه الدارقطني في السنن5 من رواية يونس بن محمد المؤدب، عن عبد العزيز بن مسلم6 عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر رضي الله عنه.

وخالفه يحيى بن إسحاق السالحين 7- فرواه عن عبد العزيز عن

1 في (هـ)"قال"

2 في (ر) و (ي)"وأن" والصواب حذف الواو.

3 في (هـ)"عادا".

4 ما بين القوسين سقط من (ب) .

5 4/134.

6 في كل النسخ عبد العزيز بن محمد، والصواب عبد العزيز بن مسلم كما في سنن الدارقطني، والتعليق المغني نقلا عن ابن القطان القسملي - بفتح القاف وسكون والمهملة وفتح الميم مخففا - أبو زيد المروزي ثم البصري ثقة عابد ربما وهم من السابعة مات سنة 167/خ م د س ت.

تقريب 1/512، الكاشف 2/202.

7 ويقال السيلحيني - بمهملة ممالة وفتح اللام وكسر المهملة وفتح اللام وكسر المهملة ثم تحتانية ساكنة - صدوق.

ص: 780

عبد الله بن دينار عن ابن عمر رضي الله عنهما[عن عمر] 1 من وقله فحكم الدارقطني2 وغيره من الأئمة أن الموقوف هو الصحيح، وعللوا المرفوع به، ووجهه غلبة الظن بغلط من رفعه حيث اشتبه عليه قول ابن عمر عن عمر - رضي الله عهما - بأنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم فلما جاء هنا3 بعد الصحابي صحابي آخر والحديث هو قوله اشتبه ذلك على الراوي، فإذا انضم إلى ذلك أن فليح بن سليمان رواه أيضا عن عبد الله بن دينار بموافقة يحيى بن إسحاق، وكذلك رواه عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما قوي القول بتعليله بالوقف (قوة) 4 ظاهرة، ولا يقال قد رواه عبد الله بن جعفر المديني، عن عبد الله بن دينار مرفوعا بمتابعة يونس بن محمد؛ لأنها متابعة ضعيفة جدا لضعف عبد الله بن جعفر5.

1 الزيادة من سنن الدارقطني وقد سقطت من جميع النسخ ولا بد منها.

2 في السنن 4/134 قال: "ونا يحيى بن إسحاق، نا عبد العزيز بن مسلم، عن عبد الله بن دينار، عن عبد الله بن عمر عن عمر نحوه"(أي نحو حديث ابن عمر المرفوع في النهي عن بيع أمهات الأولاد) غير مرفوع ولم يزد على هذا الكلام فلم يرجح الموقوف على المرفوع ولا العكس وراجعت العلل للدارقطني، فلم أجد له كلاما على هذا الحديث ثم إن الحفاظ لم يقدموا الوقف على الرفع بناء على اختلاف يونس ويحيى بن إسحاق فحسب، بل أعلوا الرفع بالوقف بناء على كثرة رواة الوقف وحفظهم، فقد رواه البيهقي من طريق ابن وهب، عن عمر بن محمد وعبد الله بن عمر ومالك وغيرهم أن نافعا أخبرهم عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر موقوفا ومن طريق سفيان الثوري وسليمان بن بلال عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر موقوفا. ثم قال البيهقي:"هكذا رواية الجماعة عن عبد الله بن دينار وغلط بعض الرواة عن عبد الله بن دينار، فرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو وهم لا يحل ذكره". السنن الكبرى 10/343.

3 كلمة "هنا" من (ي) وفي باقس النسخ جاءه.

4 كلمة "قوة" من (ي) وفي باقي النسخ "علة".

5 في سنن الدارقطني 4/135 في إسناد هذا الحديث: "ثنا عبد الله بن جعفر - هو المخرمي - نا عبد الله بن دينار عن ابن عمر قال: "نهى ررسول الله صلى الله عليه وسلم...." الحديث وقد بحثت في كتب تأريخ الرجال تاريخ البخاري والجرح والتعديل وتهذيب الكمال فلم أجد المخرمي في تلاميذ عبد الله بن دينار ولا ابن دينار وعبد الله بن دينار في شيوخه ولعله وقع سبق قلم في سنن الدارقطني فكتب المخرمي بدل السعدي.

ص: 781

ومشى أبو الحسن بن القطان الفاسي في "بيان الوهم والإيهام" على ظاهر الإسناد الأول، فصحح الحديث، فلم يصب فالله أعلم.

ومما يقوي/ (ر140/ب) القول بتقديم الانقطاع على الاتصال أن يكون في الإسناد مدلس عنعنه.

ومن/ (?153/ب) خفايا ما ذكره ي 263 ابن أبي حاتم 1 قال: سألت أبي عن حديث رواه حماد بن سلمة عن عكرمة بن خالد عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من باع عبدا وله مال

" الحديث.

فقال: كنت أستحسن هذا الحديث من ذي طريق حتى رأيت من حديث بعض الثقات عن عكرمة بن خالد، عن الزهري عن ابن عمر رضي الله عنهما.

قال العلائي: "فبهذه النكتة يتبين أن التعليل أمر خفي لا يقوم به إلا نقاد أئمة الحديث دون من لا اطلاع له على طرقه وخفاياها".

وأما النوع الرابع: وهو الاختلاف في السند - فلا يخلو إما أن يكون الرجلان ثقتين أم لا. فإن كانا ثقتين، فلا يضر الاختلاف عند الأكثر، بقيامك الحجة بكل منهما، فكيفما دار الإسناد كان عن ثقة وربما احتمل أن يكون

1 في العلل 1/377 وانظر الكلام حوله ص712.

ص: 782

الراوي (سمعه منهما جميعا وقد وجد ذلك في كثير من الحديث، لكن ذلك يقوى حيث يكون الراوي) 1 ممن له اعتناء بالطلب وتكثير الطرق2.

ومن أمثلة ذلك حديث أبي هريرة في المهجر إلى الجمعة (رواه يونس3 ومعمر4 وابن أبي ذئب5، عن الزهري عن الأغر) .

ورواه ابن عيينة6 عن الزهري، عن سعيد.

ورواه يزيد بن الهاد7، عن الزهري عن الأغر وأبي سلمة وسعيد كلهم عن أبي هريرة - رضي الله تعالى عنه -.

فتبين صحة كل الأقوال، فإن8 الزهري كان ينشط تارة، فيذكر جميع شيوخه وتارة يقتصر على بعضهم.

1 ما بين قوسين سقط من (ب) .

2 نقل الصنعاني هذا النص من قوله: "وأما النوع الرابع" إلى هنا. توضيح الأفكار 2/39.

3 م 7 كتاب الجمعة 7 باب التهجير يوم الجمعة، والبيهقي في السنن الكبرى 3/226.

4 حم 2/259، 280، ن 3/79، دي 1/301.

5 حم 505، خ 11 جمعة 31 باب الاستماع إلى الخطبة حديث929.

6 م 7 كتاب الجمعة 7 باب فضل التهجير يوم الجمعة حديث 24، حم 2/239، ن 3/79، والبيهقي في السنن الكبرى 3/226، جه 5 كتاب الإقامة 82 باب التهجير إلى الجمعة حديث 1092.

7 لم أقف على روايته؛ وفي حم 2/512 عن محمد بن أبي حفصة ثنا ابن شهاب عن أبي سلمة بن عبد الرحمن وأبي عبد الله الأغر عن أبي هريرة. وفي دي 1/301) ثنا الأوزاعي عن يحي - ولعله ابن أبي كثير - عن أبي سلمة بن عبد الله عن أبي هريرة رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا كان يوم الجمعة كان على كل باب من أبواب المسجد ملائكة يكتبون الأول فالأول، فإذا جلس الإمام طووا الصحف، وجاؤوا يستمعون الذكر، ومثل المهاجر كمثل الذي يهدي البدنة، ثم كالذي يهدي بقرة ثم كالذي يهدي الكبش، ثم كالذي يهدي الدجاجة ثم كالذي يهدي البيضة".

8 في (ر/أ) و (ي)"وإن".

ص: 783

ومنه حديث "أفطر الحاجم والمحجوم"1.

رواه جماعة، عن أبي قلابة، عن أبي الأشعث الصنعاني2، عن شداد بن أوس.

ورواه آخرون، عن أبي قلابة، عن أبي أسماء الرحبي، عن ثوبان3 رضي الله تعالى عنه.

ورواه يحيى بن أبي كثير عن أبي قلابة بالطريقين جميعا4.

قال الترمذي5: "سألت محمدا عنه فصححه".

فقلت: "وكيف ما فيه من الاضطراب؟ "

قال: "كلاهما عندي صحيح".

1 في د 8 كتاب الصوم 28 باب في الصائم يحتجم حديث 2368 من طريق يحيى بن أبي كثير عن أبي قلابة عن شداد بن أوس، وحديث 2369 من طريق أيوب وخالد الحذاء عن أبي قلابة عن أبي الأشعث عن شداد بن أوس البيهقي في السنن الكبرى 4/265 من طريق عاصم الأحول وأيوب عن أبي قلابة عن أبي الأشعث عن شداد بن أوس بدون وساطة وبوساطة أبي أسماء الرحبي، وجه 7 كتاب الصيام 18 باب ما جاء في الحجامة للصائم حديث 1681.

2 هو شرحيل بن آدة - بالمد وتخفيف الدال - أبو الأشعث الصنعاني، ثقة من الثانية، شهد فتح دمشق/بخ م 4. تقريب 1/348، الكاشف 2/7.

3 حديث ثوبان في د 8 كتاب الصوم 28 باب في الصائم يحتجم حديث 2367 من طريق يحيى بن أبي كثير وشيبان، عن أبي قلابة عن أبي أسماء الرحبي، عن ثوبان، جه 7 كتاب الصيام 18 باب ما جاء في الحجامة للصائم 1680 من طريق يحيى بن أبي كثير عن أبي قلابة به، والبيهقي في السنن الكبرى 4/265 من طريق الأوزاعي وشيبان بن عبد الرحمن النحوي وهشام الدستوائي كلهم عن يحيى بن أبي كثير عن أبي قلابة، عن أبي أسماء الرحبي عن ثوبان مرفوعا.

4 يعني من طريق ثوبان وشداد بن أوس كما بيناه.

5 روى الترمذي في جامعه هذا الحديث عن أبي رافع حديث 774 وأشار إلى حديث ثوبان وشداد بن أوس وغيرهما من أحاديث الباب، ولم يذكر هذا الكلام الذي حكاه عنه الحافظ، ثم راجعت كتاب العلل فلم أجده ولعله في العلل الكبير.

ص: 784

وأما ما ذهب إليه كثير من أهل الحديث - من أن الاختلاف دليل على عدم ضبطه في الجملة، فيضر1 ذلك ولو كانت رواته ثقات إلا أن يقوم دليل، على أنه عند الراوي المختلف عليه عنهما جميعا أو بالطريقين جميعا - فهو رأي فيه ضعيف، لأنه كيفما دار كان على ثقة، وفي الصحيحين من (ذلك) 2 جملة أحاديث، لكن لا بد في الحكم بصحة ذلك من سلامته من أن يكون غلطا أو شاذا.

وأما إذا كان أحد (الراويين) 3 المختلف فيهما ضعيفا لا يحتج به فههنا مجال للنظر وتكون تلك الطريق التي سمي ذلك الضعيف فيها (وجعل الحديث عنه كالوقف أو الإرسال بالنسبة إلى الطريق الأخرى) فكل ما ذكر هناك من الترجيحات يجيء هنا.

ويمكن أن يقال - في مثل هذا يحتمل أن يكون الراوي إذا كان مكثرا قد سمعه منهما أيضا كما تقدم.

فإن قيل: إذا كان الحديث عنده عن الثقة، فلم يرويه عن الضعيف4؟

فالجواب يحتمل أنه لم يطلع على ضعف شيخه أو طلع عليه ولكن ذكره اعتمادا على صحة الحديث عنده من الجهة الأخرى.

وأما النوع الخامس: وهو زيادة الرجل بين الرجلين في السند فسيأتي تفصيله في النوع السابع والثلاثين5 إن شاء الله تعالى فهو مكانه.

وأما النوع السادس: وهو الاختلاف في اسم الراوي ونسبه فهو على أقسام أربعة:

1 في (ي)"فيصير" وهو خطأ.

2 كلمة "ذلك" سقطت من (ب) .

3 من (ي) وفي باقي النسخ "الروايتين".

4 في كل النسخ "فلم يروه" بجزم المضارع وهو خطأ فإن كلمة "لم" هنا استفهامية لا أداة جزم والتصويب من توضيح الأفكار 2/39.

5 وهو معرفة المزيد في متصل الأسانيد ولم يقدر للحافظ أن يصل إلى هذا النوع في نكته.

ص: 785

الأول: أن يبهم في طريق ويسمى في أخرى1، فالظاهر أن هذا لا تعارض فيه؛ لأنه2 يكون/ (ر141/ب) المبهم في إحدى الروايتين هو المعين في الأخرى، وعلى تقدير أن يكون غيره، فلا تضر رواية من سماه وعرفه - إذا كان ثقة - رواية من أبهمه.

القسم3 الثاني: أن يكون الاختلاف في العبارة فقط والمعنى بها في الكل واحد، فإن مثل هذا لا يعد اختلافا أيضا، ولا يضر إذا كان الراوي ثقة.

قلت: وبهذا يتبين أن تمثيل المصنف للمضطرب بحديث أبي عمرو بن حريث ليس بمستقيم. انتهى.

والقسم4 الثالث: أن يقع التصريح باسم الراوي ونسبه/ (? 154/ب) لكن مع الاختلاف في سياق ذلك5.

ومثال ذلك: حديث ربيعة/ (ي265) بن الحارث بن عبد المطلب6 رضي الله عنه في سؤال النبي صلى الله عليه وسلم هو والفضل بن العباس7

1 في (ب)"الأخرى".

2 في كل النسخ "أن يكون" والتصويب من توضيح الأفكار.

3 كلمة "القسم" سقطت من (ب) .

4 كلمة "القسم" سقطت من (ب) .

5 انظر توضيح الأفكار 2/40 فإنه ذكر هذا الكلام من النوع الخامس إلى هنا.

6 ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب الهاشمي ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم له صحبة، مات في أول خلافة عمر (وقيل في أواخرها سنة 23/ت س. تقريب 1/246، الإصابة 1/493.

7) الفضل ابن العباس بن عبد المطلب بن هاشم الهاشمي ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم وأكبر ولد العباس استشهد في خلافة عمر/ع.

تقريب 2/110، الإصابة 3/203.

ص: 786

- رضي الله عنهما أن يؤمرهما على الصدقة، رواه مالك1 عن الزهري عن عبد الله بن عبد الله بن الحارث بن نوفل.

ورواه ابن إسحاق2 عنه عن محمد بن عبد الله بن الحارث بن نوفل3 ورواه يونس4، عن الزهري، عن عبد الله بن الحارث بن نوفل، فمثل هذا الاختلاف لا يضر، والمرجع فيه إلى كتب التواريخ وأسماء الرجال، فيحقق ذلك الراوي، ويكون الصواب فيه من أتى به على وجهه.

والصحيح هنا هو قول مالك قاله أبو داود وغيره.

ويمكن الجمع بين روايتي يونس ومالك بأن يونس نسبه إلى جده.

وأما رواية ابن إسحاق فوهم في تسميته محمدا.

القسم الرابع: أن يقع التصريح به من غير اختلاف لكن يكون ذلك من متفقين:

أحدهما ثقة والآخر ضعيف.

أو أحدهما مستلزم الاتصال والآخر الإرسال كما قدمنا ذلك5 في غير6

1 رواية مالك في م 12 كتاب الزكاة 51 باب ترك استعمال آل النبي صلى الله عليه وسلم على الصدقة حديث 167.

2 رواية ابن إسحاق في حم 4/166.

3 محمد بن عبد الله بن الحارث بن نوفل بن عبد المطلب الهاشمي النوفلي المدني مقبول من الثالثة/ت س. تقريب 2/175، الكاشف 3/59.

4 رواية يونس في م 12 كتاب الزكاة 51 باب ترك استعمال آل النبي صلى الله عليه وسلم على الصدقة حديث 168، د 14 كتاب الخراج والإمارة والفيء حديث 2985، ن 5/79.

5 كذا والكلام يستقيم بدون كلمة "غير".

6 انظر توضيح الأفكار 2/40 فإنه نقل هذا النص عن الحافظ من قوله: "القسم الرابع" إلى هنا.

ص: 787

رواية (أبي) أسامة عن عبد الرحمن بن يزيد بن تميم حيث ظن أنه عبد الرحمن بن يزيد بن جابر.

ومن خفي ذلك ما حكاه ابن أبي حاتم في العلل1 أنه سأل أباه عن حديث رواه أحمد بن حنبل وفضل الأعرج2 عن هشام بن سعيد الطالقاني3 عن محمد بن مهاجر، عن عقيل بن شبيب عن أبي وهب الجشمي، وكانت له صحبة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "سموا أولادكم أسماء الأنبياء، وأحسن الأسماء عبد الله وعبد الرحمن، وأصدقها حارث وهمام، وأقبحها حرب ومرة، وارتبطوا الخيل وامسحوا على نواصيها وقلدوها ولا تقلدوها الأوتار".

قال: فقال أبي سمعته من فضل الأعرج وفاتني عن أحمد بن حنبل، وأنكرته في نفسي، وكان يقع في نفسي4 أنه أبو وهب الكلاعي5 صاحب مكحول، وكان أصحابنا يستعملون هذا الحديث، ولا يمكنني أن أقول فيه شيئا لكون أحمد رواه، فلما قدمت حمص حدثنا ابن الصفي6 عن أبي المغيرة حدثني محمد بن المهاجر7 حدثني عقيل/ (? 155/أ) (ي266) بن سعيد عن أبي وهب الكلاعي قال: قال

1 2/312.

2 الفضل بن سهل بن إبراهيم الأعرج البغدادي أصله من خرسان صدوق من الحادية عشرة، مات سنة 225/خ م د ت س. تقريب 2/110، الكاشف 2/382.

3 هشام بن سعيد الطالقاني، أبو أحمد البزاز، نزيل بغداد صدوق من صغار التاسعة/بخ د س. تقريب 2/318، الكاشف 3/222.

4 في (ي)"قلبي".

5 هو عبيد الله بن عبيد أبو وهب الكلاعي - بفتح الكاف - صدوق من السادسة مات سنة 132/د ق. تقريب 1/536.

6 في العلل "ابن المصفي".

7 محمد بن المهاجر الأنصاري، الشامي أخو عمرو، ثقة من السابعة مات سنة 170/بخ م 4. تقريب 2/211، تهذيب التهذيب 9/477.

ص: 788

رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال أبو حاتم: وحدثني به هشام بن عمار عن يحيى بن حمزة1 عن أبي وهب عن سليمان بن موسى عن النبي صلى الله عليه وسلم. قال: "فعلمت أن ذلك باطل، وأبو وهب الكلاعي من طبقة الأوزاعي وهو دوت التابعي، فبقيت متعجبا من أحمد كيف خفي عليه، فإني أنكرته حين سمعته قبل أن أقف على علته".

قال: وعقيل بن شبيب/ (ب313) أو ابن سعيد مجهول لا أعرفه.

قلت: وقد رواه أبو داود2 في السنن مفرقا، عن هارون بن عبد الله والنسائي3 عن محمد بن/ (ر142/أ) رافع كلاهما عن هشام بن سعيد. كما رواه أحمد بن حنبل. زاد أبو داود فروى حديثا آخر بالإسناد المذكور متنه: "عليكم بكل كميت أغر محجل أو أشقر

"4 الحديث.

ثم رواه عن محمد بن عوف5 عن أبي المغيرة عن محمد بن مهاجر حدثني عقيل بن شبيب أو ابن سعيد6 عن أبي وهب، فذكر نحوه ولم ينسبه ولم يقل: وكانت له صحبة.

1 يحيى بن حمزة بن واقد الحضرمي أبو عبد الرحمن الدمشقي القاضي ثقة رمي بالقدر من الثامنة مات سنة 183/ع. تقريب 2/346، تهذيب التهذيب 11/200.

2 في السنن 9 كتاب الجهاد 44 باب فيما يستحب من ألوان الخيل حديث 2543 من طريق هارون بن عبد الله.

3 في السن 6/181.

4 وهذا هو لفظ حديث هارون بن عبد الله.

5 في (ر)"عون" وفي (ب)"عرف" وفي (?) و (ي)"عوف" وهو الصواب كما في سنن أبي داود وهو محمد بن عوف بن سفيان الطائي أبو جعفر الحمصي، ثقة حافظ من الحادية عشرة مات سنة 373/د عس. تقريب 2/197.

6 في السنن لأبي داود 9 كتاب الجهاد حديث 2544. ولكنه قال في الإسناد عقيل بن شبيب، ولم يقل بعده أو ابن سعيد هذا في طبعة حمص تحقيق الدعاس. وكذا في طبعة الحلبي 2/20.

ص: 789

ووقع لابن القطان في هذا الحديث تعقب على ابن أبي حاتم في ترجمة أبي وهب رددناه على ابن القطان في مختصر التهذيب1 - والله الموفق -.

فهذه الأنواع الستة التي يقع بها التعليل وقد تبين كيفية التصرف، وما عداها2 إن وجد لم يخف إلحاقه بها.

[التعليل بالاختلاف في المتن:]

وأما الاختلاف الذي يقع في المتن، فقد أعل به المحدثون والفقهاء كثيرا من الأحاديث. كما تقدم3 لشيخنا ابن عبد البر في حديث البسملة، وكما تقدم في نوع المنكر4 في حديث ابن جريج في وضع الخاتم، وكما روي عن أحمد في رده حديث رافع بن خديج في النهي عن المخابرة للاضطراب5.

1 12/275 قال الحافظ: "وخلط بن أبي حاتم ترجمته بترجمة أبي وهب الكلاعي فوهم في ذلك وهما واضحا. قال ابن القطان: ثم وقفت على مسند ابن أبي حاتم في ذلك في أثناء كتاب الأدب من كتاب العلل فحكى عن أبيه أنه تعب على هذا الحديث إلى أن ظهر له أنه عن أبي وهب الكلاعي وأنه مرسل وأن أحد الرواة وهم في نسبه "جشميا" وفي قوله "إن له صحبة" وبين ذلك هناك بيانا شافيا كتبته بلفظه فيما علقته على علوم الحديث لابن الصلاح". ثم انظر الجرح والتعديل لابن أبي حاتم ج/2، قسم 2/326 فإنه فرق بينهما فأين وجد ابن القطان هذا الخلط والوهم؟

2 في (ر)"وما عداه".

3 ص752.

4 ص676.

5 حديث رافع بن خديج في م 21 كتاب البيوع 18 باب كراء الأرض بالطعام حديث 113، 114، د 17 كتاب البيوع 32 باب التشديد في المزارعة حديث 3394، 3395، 3396، 3397، 3398، 3400 ومن ألفاظه:"من كانت له أرض فليزرعها أو فليزرعها أخاه ولا يكاريها بثلث لا ربع ولا بطعام مسمى".

ومن أحاديث رافع ما رواه أبو داود 17 كتاب البيوع 31 باب في المزارعة حديث 3392 من طريق حنظلة بن قيس قال سألت رافع بن خديج عن كراء الأرض بالذهب والورق فقال: لا بأس بها إنما كان الناس يؤاجرون على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم بما على الماذيانات وإقبال الجداول وأشياء من الزرع فيهلك هذا ويسلم هذا، ويسلم هذا ويهلك هذا ولم يكن للناس كراء إلا هذا فلذلك زجر عنه فأما شيء مضمون معلوم فلا بأس به.

وهناك طرق وروايات أخر تركناها اختصارا. قال ابن قدامة في المغني 5/311: "والثالث - يعني من الأجوبة على أحاديث رافع - أن أحاديث رافع مضطربة جدا مختلفة اختلافا كثيرا يوجب ترك العمل بها لو انفردت قال الإمام أحمد: حديث رافع ألوان. وقال أيضا حديث رافع ضروب".أ?.

ص: 790

[الحافظ يضع قاعدة ويضرب لها أمثلة:]

وأمثلة ذلك كثيرة، وللتحقيق في ذلك مجال طويل يستدعي تقسيما وبيان أمثلة ليصير ذلك قاعدة يرجع إليها، فنقول:

إذا اختلفت مخارج الحديث وتباعدت ألفاظه أو كان سياق الحديث في حكاية/ (ي267) واقعة/ (?155/ب) ، يظهر تعددها، فالذي يتعين القول به أن يجعلا حديثين مستقلين.

مثال الأول: حديث أبي هريرة رضي الله عنه في قصة1 السهو يوم ذي اليدين، وأن النبي2 صلى الله عليه وسلم سلم من ركعتين ثم قام صلى الله عليه وسلم إلى خشبة في3 المسجد فاتكأ عليها فأدركه4 ذو اليدين بسهوه فسأل/ (ر143/أ) صلى الله عليه وسلم -الصحابة رضي الله عنهم فقالوا: نعم. فصلى صلى الله عليه وسلم الركعتين اللتين سها عنهما.

وحديث عمران بن حصين5- رضي الله عنه أن النبي - صلى الله

1 تقدم تخريج هذه القصة.

2 كلمة "النبي" سقطت من (ب) .

3 كلمة "في" سقطت من (?) .

4 كذا في جميع النسخ ولعله "فذكره" وهو كذلك في توضيح الأفكار 2/40 وقد نقل هذا النص عن الحافظ من قوله: "وأما الاختلاف في المتن" إلى قوله: "في المثال الأول فصلى الركعتين اللتين سها عنهما".

5 عمران بن حصين الخزاعي، أبو نجيد أسلم مع أبي هريرة، عنه مطرف بن الشخير وأخوه وجماعة. بعثه عمر إلى البصرة ليفقههم، وكانت الملائكة تسلم عليه. مات سنة 52/ع. الكاشف 2/348، الإصابة 3/27.

ص: 791

عليه وسلم - صلى العصر فسلم من ثلاث ثم دخل صلى الله عليه وسلم منزله فجاء الخرباق، وكان في يده طول فناداه صلى الله عليه وسلم فأخبره بصنيعه فخرج صلى الله عليه وسلم وهو غضبان فسأل الناس فأخبروه فأتم صلى الله عليه وسلم صلاته1.

وحديث معاوية بن حديج2 رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بهم المغرب، فسلم من ركعتين، ثم انصرف، فأدركه طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه فأخبره بصنيعه صلى الله عليه وسلم فرجع صلى الله عليه وسلم فأتم الصلاة3.

فإن هذه الأحاديث الثلاثة (ليس الواقعة واحدة) 4 بل سياقها يشعر بتعددها، وقد غلط بعضهم، فجعل حديث أبي هريرة وعمران بن حصين رضي الله عنهما بقصة واحدة، ورام الجمع بينهما على وجه من التعسف الذي يستنكر.

وسببه الاعتماد على قول من قال: إن ذا اليدين اسمه الخرباق وعلى تقدير ثبوت أنه هو، فلا مانع أن يقع ذلك له في واقعتين لاسيما وفي حديث أبي هريرة رضي الله عنه أنه صلى الله عليه وسلم سلم من ركعتين، وفي حديث عمران أنه صلى الله عليه وسلم سلم من ثلاث إلى غير ذلك من الاختلاف المشعر بكونهما واقعتين.

1 الحديث م 5 كتاب المساجد ومواضع الصلاة 19 باب السهو في الصلاة والسجود له حديث 101، 102. د 2 كتاب الصلاة 195 باب السهو في السجدتين حديث 1018. ن 3/22. جه 5 كتاب الإقامة 134 باب فيمن سلم من ثنتين أو ثلاث ساهيا حديث 1215.

2 معاوية بن حديج - بمهملة ثم جيم مصغرا - الكندي أبو عبد الرحمن أو أبو نعيم صحابي صغير/بخ د س. تقريب 2/258، الإصابة 3/411.

3 د 2 كتاب الصلاة 196 باب إذا صلى خمسا حديث 1023، حم 6/401.

4 ما بين قوسين كذا في جميع النسخ ولعله سقطت منه كلمة "فيها".

ص: 792

وكذا حديث معاوية بن خديج ظاهر في أنه قصة ثالثة؛ لأنه ذكر أن ذلك في المغرب، وأن المنبه على/ (ي268) السهو طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه.

(ومثال الثاني/ (ر143/أ) : حديث على بن رباح) 1 قال2:

سمعت فضالة بن عبيد3 رضي الله عنه يقول: أتي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بخيبر بقلادة فيها4 خرز وذهب وهي من المغانم تباع فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالذهب الذي في القلادة، فنزع وحده، ثم قال صلى الله عليه وسلم لهم:"الذهب بالذهب وزنا بوزن"5.

وحديث حنش الصنعاني6 عن فضالة رضي الله عنه قال:

أ- "اشتريت يوم خيبر قلادة فيها ذهب باثني عشر دينارا فيها أكثر من اثني عشر دينارا، فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال صلى الله عليه وسلم: "لا تباع حتى تفصّل".

1 علي بن رباح بن قصير - ضد طويل - اللخمي المصري أبو عبد الله ثقة، والمشهور فيه علي - بالتصغير - من صغار الثالثة، مات سنة بضع عشرة ومائة/بخ م 4.

تقريب 2/36، الكاشف 2/284.

2 ما بين قوسين سقط من (?) .

3 فضالة بن عبيد بن نافذ بن قيس الأنصاري أول ما شهد أحد، ثم نزل دمشق ولي قضاءها ومات سنة 58 وقيل قبلها/بخ م 4. تقريب 2/109، الإصابة 3/201.

4 في كل النسخ "وفيها" فحذفت الواو لأن النص في مسلم بدونها وكذا في المسند.

5 م 22 كتاب المساقاة 17 باب بيع القلادة فيها خرز وذهب حديث 89، حم 6/ 19، السنن الكبرى للبيهقي 5/292.

6 حنش بن عبد الله ويقال ابن علي بن عمرو السبائي - بفتح المهملة والموحدة بعدها همزة - أبو رشدين الصنعاني نزيل إفريقية، ثقة من الثالثة مات سنة 100/م 4. تقريب 1/205، الكاشف 1/260.

ص: 793

ب- وفي لفظ له "كنا نبايع يوم خيبر اليهود الوقية الذهب بالدينارين والثلاثة، فقال صلى الله عليه وسلم: "لا تبيعوا الذهب إلا وزنا بوزن".

ج- وفي رواية له: "أتي رسول الله صلى الله عليه وسلم عام خيبر بقلادة فيها ذهب وخرز ابتاعها رجل بتسعة دنانير أو سبعة، فقال صلى الله عليه وسلم: "لا حتى يميز بينه وبينها

" الحديث.

د- وفي رواية لحنش قال: "كنا مع فضالة في غزوة فطارت لي ولأصحابي قلادة بها ذهب وجوهر فأردت أن أشتريها فقال لي فضالة رضي الله عنه: "انزع ذهبها فاجعله في كفة واجعل ذهبك في كفة؛ فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يأخذن إلا مثلا بمثل".

وهذه الروايات كلها في صحيح مسلم1.

فقال/ (144/أ) البيهقي وغيره: "هذه الروايات محمولة على أنها كانت بيوعا شهدها فضالة رضي الله عنه فأداها كلها وحنش أداها متفرقة"2.

قلت: بل هما حديثان لا أكثر رواهما جميعا حنش بألفاظ مختلفة وروى عن علي بن رباح أحدهما.

1 22 كتاب المساقاة 17 باب بيع القلادة فيها خرز وذهب حديث 90، 91، 92، د 17 كتاب البيوع 13 باب حلية السيف تباع بالدراهم حديث 3351، 3352، 3353، ت 12 كتاب البيوع 32 باب ما جاء في شراء القلادة وفيها ذهب وخرز حديث 1255، ن 7/145، حم 6/21، السنن الكبرى للبيهقي 5/292- 293، تحفة الأشراف 8/259.

2 السنن الكبرى 5/293.

ص: 794

وبيان ذلك أن حديث علي بن رباح شبيه/ (ي269) برواية حنش الثالثة، وليست بينهما مخالفة إلا في تعيين وزنها في رواية حنش دون رواية الآخر، فهذا حديث واحد اتفقا فيه على القلادة، وأنها مشتملة على ذهب وخرز.

وأن النبي صلى الله عليه وسلم منع من بيعها/ (ب316) حتى يميز بين الذهب وغيره.

فأما رواية حنش الأولى، فليس فيها إلا ذكر المفاضلة في كون (القلادة) 1 كان فيها أكثر من اثني عشر والثمن كان اثني عشر (فنهاهم2 عن ذلك) .

وروايته الثانية شبيهة بذلك إلا أنها عامة في النهي عن بيع الذهب متفاضلا، وتلك بيان القصة فقط.

والأخيرة شبيهة بالثانية، والقصة التي وقعت فيها، إنما هي للتابعي لا للصحابي، فوضح أنهما حديثان لا أكثر - والله أعلم -.

ثم إن هذا كله لا ينافي المقصود من الحديث، فإن الروايات كلها متفقة على المنع من بيع الذهب بالذهب ومعه شيء [آخر] 3 غيره، فلو لم يمكن الجمع لما ضر الاختلاف. - والله أعلم -.

فهذان المثالان واضحان4 فيما يمكن5 تعدد الواقعة وفيما يبعد.

فأما إذا بعد الجمع بين الروايات بأن يكون المخرج واحدا فلا ينبغي سلوك تلك الطريق المتعسفة.

1 كلمة "القلادة" سقطت من (ب) .

2 في (ب)"فنهى عنهم".

3 الزيادة من (ي) .

4 هذا النص نقله الصنعاني في توضيح الأفكار 2/40 من قوله فيما سبق: "وأما الاختلاف في المتن

" إلى قوله فيما سيأتي "وهذه الطريقة يسلكها الشيخ محي الدين

" الخ.

5 في (?)"يملك" وهو خطأ.

ص: 795

مثاله: حديث أبي هريرة - رضي الله تعالى عنه - أيضا في قصة ذي اليدين فإن في بعض طرقه أن ذلك كان في صلاة الظهر1، وفي أخرى في صلاة العصر2 وفي أكثر الروايات قال:"إحدى صلاتي العشي إما الظهر أو العصر"3.

فمن زعم أن رواية أبي هريرة رضي الله عنه لقصة ذي اليدين كانت متعددة، وقعت مرة في الظهر ومرة في العصر من أجل هذا الاختلاف ارتكب طيرا وعرا، بل هي قصة واحدة.

وأدل دليل على ذلك الرواية التي فيها التردد هل هي الظهر أو العصر فإنها مشعرة بأن الراوي كان يشك في أيهما.

ففي بعض الأحيان كان يغلب على ظنه أحدهما فيجزم به.

وكذا وقع في بعض طرقه يذكر/ (ي270) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال للناس: ما يقول ذو اليدين؟ قالوا: صدق4.

وفي أخرى: أكما يقول ذو اليدين؟ قالوا: نعم5.

1 خ 10 كتاب الأذان 69 باب هل يأخذ الإمام إذا شك بقول الناس؟ حديث 715. م 5 كتاب المساجد 19 باب السهو في الصلاة والسجود له حديث 100، د2 كتاب الصلاة 195 باب السهو في السجدتين حديث 1014، ن 3/20.

2 م 5 كتاب المساجد 19 باب السهو في الصلاة والسجود له حديث 99، ن 3/19.

3 خ 22 كتاب السهو باب من يكبر في سجدتي السهو حديث 1229، م 5 كتاب المساجد 19 باب السهو في الصلاة والسجود له حديث 97، د 2 كتاب الصلاة 159 باب السهو في السجدتين حديث 1008، ن 3/17، جه 5 كتاب إقامة الصلاة 134 باب فيمن سلم من ثنتين أو ثلاث ساهيا حديث 1214.

4 م 5 كتاب المساجد 19 باب السهو في الصلاة والسجود له حديث 97.

5 ن 3/17.

ص: 796

وفي أخرى فأومئوا أن نعم1.

فالغالب أن هذا الاختلاف من الرواة في التعبير عن صورة الجواب ولا يلزم من ذلك تعدد الواقعة.

قال العلائي: "وهذه الطريقة يسلكها الشيخ محي الدين توصلا إلى تصحيح كل من الروايات صونا للرواة/ (?157/أ) الثقاة أن يتوجه الغلط إلى بعضهم حتى أنه قال في حديث ابن عمر - رضي الله تعالى عنهما -: إن عمر رضي الله عنه كان نذر اعتكاف ليلة في الجاهلية، فسأل النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك فأمره صلى الله عليه وسلم أن يفي بنذره، وفي رواية: "اعتكاف يوم". وكلاهما في الصحيح2.

فقال الشيخ محيي الدين: "هما واقعتان كان على عمر نذران، ليلة بمفرها ويوما بمفرده فسأل عن هذا مرة وعن/ (145/أ) الآخر أخرى"3.

وفي هذا الحمل نظر لا يخفى؛ لأنه من البعيد أن لا يفهم عمر - رضي

1 د 2 كتاب الصلاة 159 باب السهو في السجدتين حديث 1008. ومن الأسئلة: "أصدق ذو اليدين؟ " كما في كتاب السهو حديث 1228، م 5 كتاب المساجد 19 باب السهو في الصلاة والسجود له حديث 99، 101، وفيه: "أصدق هذا؟ ". ن 3/18، د 2 كتاب الصلاة 159 باب السهو في السجدتين حديث 1008 ومنها: "أحق ما يقول؟. قالوا: نعم، خ 22 كتاب السهو حديث 1227.

2 في خ 33 كتاب الاعتكاف حديث 2042، 2043 وفيهما "نذر ليلة"، م 27 كتاب الأيمان 7 باب نذر الكافر وما يفعل فيه إذا أسلم حديث 27، 28 وفيهما ذكر اليوم وذكر الليلة، د 16 كتاب الأيمان والنذور 32 باب من نذر في الجاهلية، ثم أدرك الإسلام حديث 3325 وفيه ذكر الليلة، ت 21 كتاب النذور 11 باب ما جاء في وفاء النذر حديث 1539 وفيه ذكر الليلة، ن 7/20 وفيه ذكر اليوم والليلة، جه 7 كتاب الصيام 6 باب في اعتكاف يوم أو ليلة حديث 1772 وفيه ذكر الليلة.

3 شرح النووي لصحيح مسلم 11/124.

ص: 797

الله عنه - من الإذن بالوفاء1 بنذر اليوم الوفاء بنذر الآخر حتى يسأل عنه مرة أخرى، لاسيما والواقعة في أيام يسيرة يبعد النسيان فيها جدا؛ لأن في كل من الروايات أن ذلك كان في أيام تفرقة السبي عقب وقعة2 حنين3، ففي هذا الحمل من أجل تحسين الظن بالرواة يطرق الخلل إلى عمر رضي الله عنه. إما بالنسيان في المدة اليسيرة أو بان يخفى عليه إلحاق اليوم بالليلة في حكم الوفاء بنذره في الاعتكاف. وهو من الأمر البين الذي لا يخفى على من هو دونه فضلا عنه؛ لأن سبب سؤاله إنما هو عن كون نذره صدر في الجاهلية فسأل هل يفي في الإسلام بما نذر في الجاهلية، فحيث حصل له الجواب عن ذلك كان عاما في كل نذر شرعي.

[التحقيق في الجمع بين الروايتين:]

ولكن التحقيق في الجمع بين هاتين الروايتين أن عمر رضي الله عنه كان عليه نذر اعتكاف يوم بليلته سأل النبي صلى الله عليه وسلم -عنه فأمره بالوفاء به، فعبر بعض الرواة/ (ي371) عنه بيوم وأراد بليلته، وعبر بعضهم بليلة وأراد بيومها.

1 في (ي)"في الوفاء".

2 في (ي) و (ر)"واقعة".

3 ذكر وقعة حنين وأن السؤال فيها لم أجده إلا في بعض روايات مسلم وأما البخاري وأبو داود والنسائي وابن ماجه فلم يذكروها في روايتهم أما مسلم فقد رواه من طريق عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر عن عمر فلم يذكر أن السؤال كان في وقعة حنين، ورواه من طريق أيوب عن نافع عن ابن عمر أن عمر سأل النبي صلى الله عليه وسلم وهو بالجعرانة بعد أن رجع من الطائف وذكر الحديث 27 كتاب الأيمان 7 باب نذر الكافر وما يفعل فيه إذا أسلم حديث 28، ثم قال في رواية أيوب لما قفل النبي صلى الله عليه وسلم من حنين فقول الحافظ في كل الروايات فيه نظر.

ص: 798

والتعبير بكل واحد من هذين على المجموع من المجاز الشائع الكثير الاستعمال، فالحمل عليه أولى من جعل القصة متعددة.

وأغرب من ذلك وأعجب ما ذكره الشيخ محيي الدين أيضا في حديث "بني الإسلام على خمس"؛ لأنه جاء في الصحيح من رواية ابن عمر رضي الله عنهما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "بني الإسلام على خمس: شهادة ألا إله إلا الله، وأن/ (ر145/ب) محمدا رسول الله وإقام/ (?157/ب) الصلاة وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت". فقال رجل: "وحج البيت وصوم رمضان" فقال ابن عمر رضي الله عنهما: "لا، وصوم رمضان وحج البيت. هكذا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم"1.

ثم جاء الحديث في الصحيح أيضا من طرق أخرى عن ابن عمر رضي الله عنهما ولفظه: "وحج البيت وصوم رمضان"2.

فقال الشيخ محيي الدين: "هذا محمول على أن ابن عمر رضي الله عنهما سمع الحديث من النبي صلى الله عليه وسلم على الوجهين"3.

ولا شك في أن مثل هذا هنا بعيد جدا.

فإنه لو سمعه على الوجهين لم ينكر على من قال أحدهما إلا أن يكون حينئذ ناسيا أن النبي صلى الله عليه وسلم قاله على الوجه الذي أنكره.

والظاهر القوي أن أحد رواة هذه الطريق التي قدم فيها الحج على الصيام رواه بالمعنى فقدم وأخر، ولم يبلغه نهي ابن عمر رضي الله عنهما عن ذلك محافظة على كيفية ما سمعه من النبي صلى الله عليه وسلم -4.

1 م 1 كتاب الإيمان 5 باب بيان أركان الإسلام ودعائمه العظام حديث 19، 20 وانظر تحفة الأشراف 5/420.

2 م 1 كتاب الإيمان 5 باب بيان أركان الإسلام ودعائمه العظام حديث 19، 20 وانظر تحفة الأشراف 5/420.

3 انظر شرح النووي على مسلم 1/179.

4 وهذا الوجه قاله ابن الصلاح ورده النووي، انظر شرحه لمسلم 1/178.

ص: 799

فهذا الحمل وهو رواية بعض الرواة لهذه الطريق على المعنى أولى من تطرق النسيان إلى ابن عمر رضي الله عنهما أو الإنكار والرد للفظ الذي سمعه من النبي صلى الله عليه وسلم/ (ب319) .

ومما يبعد فيه احتمال تعدد الواقعة ويمكن الجمع فيه بين الروايات ولم اختلفت المخارج ما يكون الحمل فيه على طريق من المجاز كما في حديث عمر رضي الله عنهما المتقدم. أو بتقييد في الإطلاق كما في حديث يحيى بن أبي كثير عن عبد الله بن/ (ي272) أبي قتادة1 عن أبيه2 في النهي عن/ مس الذكر باليمين فإن بعض الرواة عن يحيى أطلق3 وبعضهم قيده بحالة البول4.

أو بتخصيص العام كما في حديث مالك عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما في زكاة الفطر وقوله فيه من "المسلمين".

1 عبد الله بن أبي قتادة، الأنصاري المدني، ثقة من الثانية، مات سنة 95/ع.

تقريب 1/441، الكاشف 2/119.

2 هو الصحابي الجليل الحارث بن ربعي - بكسر الراء وسكون الموحدة بعدها مهملة - الأنصاري السلمي المدني، شهد أحدا وما بعدها، مات سنة 54/ع.

تقريب 2/463، الإصابة 4/157.

3 م 2- كتاب الطهارة 18- باب في النهي عن الاستنجاء باليمين حديث 65، حم 5/295، ت أبواب الطهارة 11- باب ما جاء في الاستنجاء باليمين حديث 15- دي 1/137 حديث 679 كلهم من طريق يحيى بن أبي كثير مطلقا ولفظه من مسلم "أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يتنفس في الإناء وأن يمس ذكره بيمينه وأن يستطيب بيمينه".

4 في خ 4- كتاب الوضوء حديث 153، 154، 74- كتاب الأشربة 25- باب النهي عن التنفس في الإناء حديث 5630، م 2- كتاب الطهارة 18- باب النهي عن الاستنجاء باليمين حديث63، 64، د 1- كتاب الطهارة حديث 31، جه 1- كتاب الطهارة 15- باب كراهة مس الذكر باليمين في الاستنجاء حديث 310، ن 1/26، 39 حم 5/296، 300، 310 كلهم رواه من طريق يحيى مقيدا تارة بحالة البول وأخرى بدخول الخلاء.

ص: 800

وقد تقدم الكلام عليه1.

أو بتفسير المبهم وتبيين المجمل كما في حديث وائل بن حجر رضي الله عنه في قصة صاحب النسعة، فإن في رواية أبي هريرة رضي الله عنه عند الترمذي2 إبهام كيفية القتل، وفي حديث وائل عند مسلم3 بيانها.

وكحديث الزهري عن حميد بن عبد الرحمن عن أبي هريرة رضي الله عنه في قصة كفارة الوقاع في رمضان، فإن مالكا4 وطائفة5 رووه عنه

1 ص697.

2 ت 14- كتاب الديات 13- باب ما جاء في حكم ولي القتيل في القصاص والعفو حديث 1407 ولفظه: "قتل رجل على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فدفع القاتل إلى وليه، فقال القاتل: يا رسول الله! والله ما أردت قتله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أما إنه إن كان قوله صادقا فقتلته دخلت النار فخلى عنه الرجل قال: وكان مكتوفا بنسعة

" والنسعة الحبل. ن 8/13، جه كتاب الديات 34- باب العفو عن القاتل حديث 2690.

3 28- كتاب القسامة 10- باب صحة الإقرار بالقتل وتمكين ولي القتيل من القصاص حديث 32 وفيه "

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أقتلته؟ قال: نعم قتلته. قال: وكيف قتلته؟ قال: كنت أنا وهو نختبط من شجرة فسبني فأغضبني فضربته بالفأس على قرنه فقتلته

" والحديث - أيضا - في د 33- كتاب الديات 3- باب الإمام يأمر بالعفو حديث 4501، ن 8/14.

4 ط 18- كتاب الصيام 9- باب كفارة من أفطر في رمضان حديث 28، م 13- كتاب الصيام 14- باب تغليظ تحريم الجماع في نهار رمضان على الصائم حديث 83، د 8- كتاب الصوم 37- باب كفارة من أتى أهله في رمضان حديث 2392، حم 2/516، دي 1/344 حديث 1724.

5 منهم ابن جريج وحديثه في م13- كتاب الصيام 14- باب تغليظ تحريم الجماع في نهار رمضان حديث 84، د 8- كتاب الصوم 37- باب كفارة من أتى أهله في رمضان عقب حديث 2392، حم 2/273.

ص: 801

بلفظ: "أن رجلا أفطر في رمضان، ولم يبينوا ما أفطر به، ورواه جمهور أصحاب1 الزهري فبينوا أن الفطر كان بالجماع.

وأما ما يبعد فيه احتمال التعدد ويبعد - أيضا - فيه الجمع بين الروايات، فهو على قسمين:

أحدهما: ما لا يتضمن المخالفة بين الروايات اختلاف حكم شرعي فلا يقدح ذلك في الحديث، وتحمل تلك المخالفات على خلل وقع لبعض الرواة إذ رووه بالمعنى متصرفين بما يخرجه عن أصله.

مثاله: حديث جابر- رضي الله عنه في وفاء دين أبيه، فإنه مخرج في الصحيح من عدة طرق، وفي سياقه تباين لا يتأتى الجمع فيه إلا بتكلف شديد، لأن جميع الروايات عبارة عن دين كان على أبيه ليهود فأوفاهم من نخله/ (ب320) ذلك العام.

ففي رواية وهب بن كيسان2 أنه كان ثلاثين وسقا3 وأن النبي صلى الله عليه وسلم كلمه في الصبر فأبى، فدخل النبي صلى الله عليه وسلم

1 منهم شعيب، حديثه في خ 30- كتاب الصيام 30- باب من جامع في رمضان ولم يكن له شيء فتصدق عليه حديث 1936.

ومعمر في خ 51- كتاب الهبة 20- باب إذا وهب هبة فقبضها الآخر ولم يقل قبلت حديث 2600، م 13- كتاب الصيام 14- باب تغليظ تحريم الجماع في نهار رمضان على الصائم تابع حديث 84، د 8- كتاب الصوم 37- باب كفارة من أتى أهله في رمضان حديث 2391 وقال عقبه: رواه الليث بن سعد والأوزاعي ومنصور بن المعتمر وعراك بن مالك على معنى حديث ابن عيينة. ومنهم ابن عيينة رواه م 13- كتاب الصيام 14- باب تغليظ تحريم الجماع في نهار رمضان حديث 81 ومنصور والليث 82 كما أشار أبو داود وكما روى أبو داود حديث ابن عيينة 8- كتاب الصوم حديث 2390.

2 وهب بن كيسان القرشي، مولاهم أبو نعيم المدني المعلم، ثقة من كبار الرابعة، مات سنة 127/ع. تقريب 2/339، الخلاصة ص419.

3 الوسق - بالفتح - في الأصل الحمل وهو ستون صاعا.

النهاية 5/185.

ص: 802

النخل فمشى فيها ثم قال لجابر رضي الله عنه جدله1 فجدله بعد/ (ر146/ب) ما رجع النبي صلى الله عليه وسلم -2.

وفي حديث عبد الله بن كعب3 عن جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم سألهم أن يقبلوا ثمر الحائط ويحللوه، فأبوا

"4.

وفي رواية الشعبي، عن جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له:"اذهب فبيدر كل ثمر على ناحية"، وأنه صلى الله عليه وسلم طاف في أعظمها بيدرا5، ثم جلس صلى الله عليه وسلم فقال:"ادع أصحابك" فما زال يكيل لهم حتى أدى الله تعالى أمانة والدي، وفي آخره، فسلم الله البيادر كلها 6. ففي حمل7 هذه الروايات اختلاف شديد8، كما ترى، وفي حملها على

1 من الجداد - بالفتح والكسر - صرام النخل وهو قطع ثمرتها.

النهاية 1/224.

2 الحديث في خ 43- كتاب الاستقراض 9- باب إذا قاص أو جازفه في الدين تمرا بتمر أو غيره حديث 2396، 53- كتاب الصلح 13- باب الصلح بين الغرماء حديث 2709، د 12- كتاب الوصايا 17- باب ما جاء في الرجل يموت وعليه دين وله وفاء حديث 2884، ن6/206، جه 15- كتاب الصدقات 20- باب أداء الدين عن الميت حديث 2434.

3 عبد الله بن كعب بن مالك، المدني، ثقة، يقال: له رؤية، مات سنة 97 أو 98/خ م د س. تقريب 1/442، الكاشف 2/121.

4 خ 43- الاستقراض 8- باب إذا قضى دون حقه أو حلله فهو جائز حديث 2395، 51- كتاب الهبة 21- باب إذا وهب دينا على رجل حديث 2601.

5 البيدر: الموضع الذي يداس فيه الطعام. لسان العرب.

6 خ بيوع 51- باب الكيل على البائع والمعطي حديث 2127.

43-

الاستقراض 18- باب الشفاعة في وضع الدين، 55- كتاب الوصايا 36- باب قضاء الوصي دين الميت 2781، 64- كتاب المغازي 18- باب إذ همت طائفتان منكم أن تفشلا حديث 4053، ن 6/205، حم 3/365.

7 هكذا في كل النسخ "حمل" بالحاء المهملة والميم واللام ولعل الصواب "كل".

8 يظهر الاختلاف بالرجوع إلى الروايات في مواضعها وفي سردها تطويل.

ص: 803

التعدد بعد وتكلف، والأقرب حملها على ما أشرنا إليه أن المقصود من جميعها البركة في التمر بسبب النبي صلى الله عليه وسلم وأن الاختلاف وقع من بعض الرواة.

وكذا حديث جابر1 رضي الله عنه في قصة الجمل، فإن الروايات اختلفت في قدر الثمن وفي الاشتراط وعدمه وقد ذكر البخاري ذلك مبينا في موضعين من صحيحه وقال:"إن قول الشعبي بوقية أرجح وأن الاشتراط أصح".

1 الحديث في خ 54 كتاب الشروط من طريق الشعبي عن جابر رضي الله عنه أنه كان يسير على جمل له قد أعيا، فمر النبي صلى الله عليه وسلم فضربه فسار سيرا ليس يسير مثله، قال:"بعنيه بأوقية فبعته"، فاستثنيت حملانه إلى أهلي، فلما قدمنا أتيته بالجمل فنقدني ثمنه، ثم انصرفت فأرسل على إثري قال:"ما كنت لآخذ جملك فخذ جملك ذلك فهو مالك". ثم قال البخاري عقبه: قال شعبة عن مغيرة عن عامر، عن جابر "أفقرني رسول الله صلى الله عليه وسلم ظهره إلى المدينة وقال إسحاق عن جرير عن مغيرة" فبعته على أن لي فقار ظهره حتى أبلغ المدينة، وقال عطاء وغيره "لك ظهره إلى المدينة".

وقال محمد بن المنكدر عن جابر "شرط ظهره إلى المدينة".

وقال زيد بن أسلم عن جابر "ولك ظهره حتى ترجع". وقال أبو الزبير عن جابر "أفقرناك ظهره على المدينة

" قال أبو عبد الله: "الاشتراك أكثر وأصح عندي".

وقال عبيد الله وابن إسحاق عن وهب عن جابر "اشتراه النبي صلى الله عليه وسلم بأوقية وتابعه زيد بن أسلم عن جابر، وقال ابن جريج عن عطاء وغيره عن جابر "أخذته بأربعة دنانير" وهذا يكون على حساب الدينار بعشرة دراهم

وقال الأعمش عن سالم عن جابر: "أوقية ذهب". وقال أبو إسحاق عن سالم عن جابر: "بمائتي درهم" وقال داود بن قيس عن عبيد الله بن مقسم عن جابر: اشتراه بطريق تبوك أحسبه قال: "بأربع أواق". وقال أبو النضرة عن جابر: "اشتراه بعشرين دينارا" وقول الشعبي بأوقية أكثر الاشتراط أكثر وأصح عندي. والحديث في م 22- كتاب المساقاة باب بيع البعير واستثناء ركوبه حديث 119، د 17- كتاب البيوع 71- في شرط في بيع حديث 3505، ت 13- كتاب البيوع حديث 1253، ن 7/261.

ص: 804

وهو ذهاب منه إلى ترجيح بعض الروايات على بعض وأما دعوى التعدد فيها فغير ممكن.

ومن ذلك حديث عائشة رضي الله عنها في ضياع العقد ونزول آية التيمم.

ففي رواية القاسم1 أن المكان كان بيداء2 أو ذات الجيش3 وفيها انقطع عقد لي، وفيها أنهم باتوا على غير ماء، وفيها فبعثنا البعير الذي كنت عليه، فوجدنا العقد تحته.

وفي رواية/ (ب321) عروة4 "أنها سقطت في الأبواء"5.

وفي رواية عنه في مكان يقال له الصلصل، وفيه "أن القلادة استعارتها عائشة من أسماء رضي الله عنها" وفيها:"انسلت القلادة من عنقها".

وفيها "أن النبي صلى الله عليه وسلم أرسل رجلين يلتمسانها فوجداها وحضرت الصلاة، فلم يدريا كيف يصنعان".

1 رواية القاسم في خ 6- كتاب التيمم حديث 1، 22- كتاب فضائل الصحابة 5- باب قول النبي صلى الله عليه وسلم:"لو كنت متخذا خليلا" حديث 3672، 65- كتاب التفسير 3- باب فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا حديث 4607، 4608، م 3- كتاب الحيض 28- باب التيمم حديث 108، ن 1/133، ط 2- كتاب الطهارة 23- باب التيمم حديث 89، حم 6/179.

2 البيداء المفازة التي لا شيء بها وهي اسم موضع مخصوص بين مكة والمدينة، وأكثر ما ترد ويراد بها هذه. (النهاية) .

3 مكان من المدينة على بريد، الفتح 1/432.

4 رواية عروة في خ 62- كتاب فضائل الصحابة 30- باب فضل عائشة رضي الله عنها حديث 3773، 65- كتاب التفسير 10- باب {وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ} حديث 4583، 6- كتاب التيمم 2- باب إذا لم يجد ماء ولا ترابا حديث 336، م - كتاب الحيض 28- باب التيمم حديث 109، ن 1/140، حم 6/195.

5 في (ي) بالأبوا.

ص: 805

وفي رواية "أرسل صلى الله عليه وسلم ناسا" وعين في رواية منهم أسيد بن حضير.

وفيها أن الذين أرسلوا حضرتهم الصلاة، فصلوا على غير وضوء".

قال ابن عبد البر: "ليس اختلاف النقلة في العقد، ولا في القلادة ولا في الموضع الذي سقط ذلك فيه لعائشة رضي الله عنها ولا في كونها لعائشة رضي الله عنها أو لأسماء رضي الله عنها ما يقدح في الحديث، ولا يوهنه لأن المعنى المراد من الحديث والمقصود/ (ي274) هو نزول آية التيمم ولم يختلفوا في ذلك".

قلت: كلامه يشعر بتعذر الجمع بين الروايتين، وليس كذلك بل الجمع بينهما ممكن بالتعبير عن القلادة بالعقد.

وبأن إضافتها لأسماء رضي الله عنها إضافة ملك وإلى عائشة إضافة يد، وبأن انسلالها كان بسبب انقطاعها، وبأن الإرسال في طلبها كان في ابتداء الحال، ووجدانها كان في آخره بعد أن بعثوا البعير.

وأما قوله إن الذين ذهبوا في طلبها هم الذين وجدوها فلا بعد فيه أيضا لاحتمال أن يكون وجدانهم إياها بعد رجوعهم.

وإذا تقرر ذلك كانت القضية واحدة وليس فيها مخالفة إلا أن في رواية عروة زيادة على ما في رواية القاسم من ذكر صلاة المبعوثين في طلبها بغير وضوء، ولا/ (? 159/أ) اختلاف ولا تعارض.

ومن/ (ر147/ب) الأحاديث التي رواها بعض الرواة بالمعنى الذي وقع له وحصل من ذلك الغلط لبعض الفقهاء بسببه، ما رواه العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: إن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

ص: 806

"كل صلاة لا يقرأ فيها بأم القرآن فهي خداج 1

" 2 الحديث.

ورواه عنه سفيان بن عيينة وإسماعيل بن جعفر وروح بن القاسم وعبد العزيز الداروردي، وطائفة من أصحابه.

وهكذا رواه عنه شعبة في رواية حفاظ أصحابه وجمهورهم. وانفرد وهب بن جرير عن شعبة بلفظ: "لا تجزئ صلاة لا يقرأ فيها بفاتحة الكتاب"3. حتى زعم بعضهم أن هذه الرواية مفسرة للخداج الذي في الحديث، وأنه عدم الإجزاء4.

وهذا لا يتأتى له إلا لو كان مخرج الحديث مختلفا.

1 الخداج النقصان يقال: خدجت الناقة إذا ألقت ولدها قبل أوانه.

2 الحديث في م 4- كتاب الصلاة 11- باب وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة حديث 38 من طريق سفيان بن عيينة 39، ت 48- كتاب التفسير حديث 2953 من طريق عبد العزيز بن محمد وقال عقبه

وقد روى شعبة وإسماعيل بن جعفر وغير واحد عن العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم نحو هذا الحديث، حم 2/241 من طريق سفيان بن عيينة عن العلاء به، 457، 478، والبيهقي في السنن الكبرى 2/38 وقال عقبه "هكذا رواه سفيان بن عيينة عن العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة، وتابعه على إسناده شعبة بن الحجاج وروح بن القاسم وعبد العزيز بن محمد الداروردي وإسماعيل بن جعفر ومحمد بن يزيد البصري، وجهضم بن عبد الله. والبخاري في جزء القراءة خلف الإمام ص5 من طريق روح بن القاسم، ص25 من طريق سفيان بن عيينة ص30، 31 من طريق إسماعيل والداروردي وسفيان كلهم عن العلاء به.

والبيهقي في القراءة خلف الإمام ص25 من طريق ابن عيينة عن العلاء به، ص24، من طريق شعبة وقال قبله عقب روايته عن العلاء عن أبي السائب، وروى هذا الحديث شعبة بن الحجاج وسفيان بن عيينة وإبراهيم بن طهمان وروح بن القاسم وإسماعيل بن جعفر وأبو غسان محمد بن مطرف وعبد العزيز بن محمد الداروردي وجهضم بن عبد الله ومحمد بن يزيد البصري وزهير بن محمد العنبري وغيرهم عن العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة.

3 البيهقي في القراءة خلف الإمام ص24 وابن خزيمة في صحيحه 1/248.

4 انظر صحيح بن خزيمة 1/247، والقراءة خلف الإمام للبيهقي ص24.

ص: 807

فأما السند واحد متحد، فلا ريب في أنه حديث واحد اختلف لفظه، فتكون رواية وهب بن جرير شاذة بالنسبة إلى ألفاظ بقية الرواة، لاتفاقهم دونه على اللفظ الأول؛ لأنه يبعد كل البعد أن يكون أبو هريرة رضي الله عنه سمعه باللفظين ثم نقل عنه ذلك فلم يذكره العلاء لأحد من رواته على كثرتهم/ (ي275) 1 إلا لشعبة، ثم لم يذكره شعبة2 لأحد من رواته على كثرتهم إلا لوهب بن جرير3.

ومن ذلك حديث الواهبة نفسها، فإن مداره على أبي حازم عن سهل بن سعد رضي الله عنه.

واختلف الرواة عن أبي حازم، فقال مالك4 وجماعة5 معه:

"فقد زوجتكها".

1 في كل النسخ إلا (ي)"على كثرته". وفي هامش (ر/أ) كثرتهم وهو الصواب.

2 كلمة "شعبة" سقطت من (ب) .

3 وهب بن جرير بن حازم بن زيد أبو عبد الله الأزدي، البصري، ثقة من التاسعة مات سنة 206/ع. تقريب 2/338، الكاشف 3/244.

4 روايته في خ 40- كتاب الوكالة 9- باب وكالة المرأة الإمام في النكاح حديث 2310، د 6- كتاب النكاح حديث 3111، ت 9- كتاب النكاح حديث 1114، ن 6/100.

5 منهم حماد بن زيد في خ 66- كتاب فضائل القرآن حديث 5029، 67- كتاب النكاح حديث 5141، دي 2/64 حديث 2207 ومنهم فضل بن سليمان في خ 67- كتاب النكاح 37- باب إذا كان الولي هو الخاطب حديث 5132. ومنهم زائدة بن قدامة الثقفي في م 16- كتاب النكاح حديث 77، وانظر تحفة الأشراف 4/104. ومنهم سفيان الثوري في جه 9- كتاب النكاح 17- باب صداق النساء حديث 1889 وعزاه الحافظ في الفتح 9/205 للإسماعيلي والطبراني.

ص: 808

وقال ابن عيينة: "أنكحتكها"1 وقال ابن أبي حازم2 ويعقوب بن عبد الرحمن3: "ملكتكها".

وقال الثوري/ (ر148/أ) : "أملكتكها"4.

وقال أبو غسان: "أمكناكها"5.

وأكثر هذه الروايات في الصحيحين/ فمن البعيد جدا أن يكون سهل بن سعد رضي الله عنه شهد هذه القصة من أولها إلى آخرها مرارا عديدة، فسمع في كل مرة لفظا غير الذي سمعه في الأخرى.

بل ربما يعلم ذلك بطريق القطع - أيضا - فالمقطوع به أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يقل هذه الألفاظ كلها/ (?159) في مرة واحدة تلك

1 في خ 67- كتاب النكاح 50- باب التزويج على القرآن، حديث 5149، م 16- كتاب النكاح حديث 77.

2 في كل النسخ ابن أبي حاتم، وهو خطأ، والصواب ما أثبتناه وهو عبد العزيز بن أبي حازم وروايته في خ 67- كتاب النكاح 14- باب تزويج المعسر حديث 5087، م 16- كتاب النكاح حديث 76.

3 يعقوب بن عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله بن عبيد القاري - بتشديد التحتانية - المدني نزيل الإسكندرية حليف بني زهرة، ثقة من الثامنة مات سنة 181/خ م د ت س. وروايته في خ 67- كتاب النكاح 35- باب النظر قبل التزويج حديث 5126، م كتاب النكاح حديث 76، ن 6/93، البيهقي في السنن الكبرى 7/85.

4 تقدم أن روايته بلفظ: زوجتكها كما في ابن ماجه وتحفة الأشراف 4/106.

5 روايته في خ 67- كتاب النكاح 32- باب عرض المرأة نفسها على الرجل الصالح حديث 5121. وأبو غسان هو محمد بن مطرف بن داود الليثي، المدني، نزيل عسقلان، ثقة من السابعة مات بعد مائة وستين/ع.

تقريب 2/208، الكاشف 3/98.

ص: 809

الساعة، فلم يبق إلا أن يقال: إن النبي صلى الله عليه وسلم قال لفظا منها، وعبر عنه بقية الرواة بالمعنى، والله أعلم1.

ثم إن الاختلاف في الإسناد إذا كان بين ثقات متساويين، وتعذر الترجيح، فهو في الحقيقة لا يضر في قبول الحديث والحكم بصحته، لأنه عن ثقة في الجملة.

ولكن يضر؛ و2ذلك في الأصحية عند التعارض - مثلا -.

فحديث لم يختلف فيه على رواية - أصلا - أصح من حديث اختلف فيه في الجملة، وإن كان ذلك الاختلاف في نفسه يرجع إلى أمر لا يستلزم القدح3، - والله أعلم -.

1 نقل الصنعاني هذا الكلام عن الحافظ في توضيح الأفكار 2/46- 47 من قوله: "ومن الأحاديث التي رواها بعض الرواة بالمعنى الذي وقع له

" إلى هنا.

2 هذه اللفظة في كل النسخ وفي هامش (ر/أ) الأولى حذف الواو وقد حذفها في توضيح الأفكار عندما نقل هذا النص.

3 نقل الصنعاني هذا الكلام في توضيح الأفكار 2/47 إلا أنه وقع فيه غلط فقال: "إلى من يلتزم القدح". ملاحظة: ذكر الحافظ أن هذا النوع ينقسم قسمين فذكر أحدهما ولم يذكر الثاني.

ص: 810