الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
النوع الرابع عشر: المنكر
101-
قوله (ص) : "وإطلاق الحكم على التفرد بالرد أو النكارة أو الشذوذ موجود في كلام كثير من أهل الحديث"1.
قلت: وهذا ينبغي التيقظ له، فقد أطلق الإمام أحمد والنسائي وغير واحد من النقاد لفظ المنكر على مجرد التفرد، لكن حيث لا يكون المتفرد في وزن من يحكم لحديثه بالصحة بغير عاضد يعضده.
وأما قول المصنف: والصواب التفصيل الذي بيناه آنفا في شرح الشاذ2، فليس في عبارته ما يفصل أحد النوعين عن الآخر. نعم هما مشتركان في كون كل منهما على قسمين وإنما اختلافهما في مراتب الرواة فالصدوق3 إذا تفرد بشيء لا متابع4 له ولا شاهد ولم يكن عنده من الضبط ما يشترط في حد الصحيح والحسن، فهذا أحد قسمي الشاذ فإن/ (ي 206) خولف من هذه صفته/ (ب ص 246) مع ذلك كان أشد في شذوذه، وربما سماه بعضهم منكرا وإن بلغ تلك الرتبة في الضبط، لكنه خالف من هو أرجح منه/ (ر109/أ) في الثقة والضبط، فهذا القسم الثاني من الشاذ وهو المعتمد في تسميته.
1 مقدمة ابن الصلاح ص72.
2 مقدمة ابن الصلاح ص72.
3 في (ر) و (?)"فالتصنيف"، وفي (ب)"فالضعيف" وكذا في النص الذي نقله الصنعاني في توضيح الأفكار وفي هامش (ر) و (ظ)"فالثقة، فالضعيف". وما أثبتناه من فتح المغيث وهو الصواب والسياق يقتضيه.
4 من (ي) وفي باقي النسخ: "لا تابع"
وأما ما انفرد المستور أو الموصوف بسوء الحفظ أو المضعف في بعض مشايخه دون بعض بشيء لا متابع له ولا شاهد فهذا أحد قسمي/ (?122/أ) المنكر، وهو الذي يوجد في إطلاق كثير من أهل الحديث.
وإن خولف في1 ذلك، فهو القسم الثاني وهو المعتمد على رأي الأكثرين.
فبان بهذا فصل2 المنكر من الشاذ وأن كلا منهما قسمان يجمهما مطلق التفرد أو مع قيد المخالفة3 - والله أعلم -.
وقد ذكر مسلم في مقدمة صحيحه ما نصه: "وعلامة المنكر في حديث المحدث إذا ما عرضت روايته للحديث على رواية غيره من أهل الحفظ والرضى خالفت روايته روايتهم، أو4 لم تكد توافقها، فإذا كان الأغلب من حديثه كذلك كان مهجور الحديث غير مقبوله ولا مستعمله"5.
قلت: فالرواة الموصوفون بهذا هم المتروكون.
فعلى هذا رواية المتروك عند مسلم تسمى منكرة6. وهذا هو المختار - والله أعلم -.
1 في (ي)"مع".
2 في (ب)"وصل" وهو خطأ.
3 نقل الصنعاني هذا الكلام في توضيح الأفكار 2/5 من قول الحافظ هما مشتركان إلى هنا، ونقله السخاوي في فتح المغيث 1/190-191 من قوله:"فالصدق إلى هنا مع شيء من التصرف".
4 في كل النسخ "ولم" والتصويب من مقدمة صحيح مسلم.
5 مقدمة صحيح مسلم ص7 من الجزء الأول من الصحيح.
6 وكذا رواية فاحش الغلط وكثير الغفلة والفاسق تسمى رواية كل واحد منهم منكرة على رأي من لا يشترط في المنكر قيد المخالفة.
44-
قوله (ع) : "وقد خالف مالكا في ذلك في ذلك ابن جريج وابن عيينة وهشيم1 إلى آخره".
وأقول: في رواية هشيم مخالفة في المتن شديدة أشد من مخالفة مالك في اسم أحد الرواة الإسناد، فكان التمثيل به أولى لو سلمنا أن مخالفة الثقة توجب النكارة، وإنما توجب عندنا الشذوذ، كما حققناه.
وبيان مخالفة هشيم أنه رواه عن الزهري بالإسناد المذكور بلفظ: "لا يتوارث أهل ملتين"2/ (ب 247) .
وقد حكم النسائي وغيره على هشيم بالخطأ فيه.
وعندي أنه رواه من حفظه بلفظ ظن أنه يؤدي معناه، فلم يصب، فإن اللفظ الذي أتى به أعم من الفظ الذي سمعه، وسبب ذلك أن هشيما سمع من الزهري بمكة أحاديث ولم/ (ر109/ب) يكتبها، وعلق بحفظه بعضها فلم/ (122/ب) يكن من الضابطين عنه، ولذلك لم يخرج الشيخان من روايته عنه شيئا - والله أعلم
46-
قوله/ (ي 207)(ع) : "ولنذكر مثالا للمنكر"3، ثم أورد حديث همام، عن ابن جريج عن الزهري عن أنس رضي الله عنه "في وضع الخاتم عند دخول الخلاء"4.
1 التقييد والإيضاح ص108 يعني أن هؤلاء الثلاثة وغيرهم خالفوا مالكا في قوله: عمر بن عثمان بدل عمرو في إسناد حديث "لا يرث المسلم الكافر
…
" الحديث.
2 ذكر الحافظ في الفتح 12/51 أن النسائي أخرج هذا الحديث وأشار إلى ذلك المزي في تحفة الأشراف 1/57 حيث قال: قال س: وهذا هو الصواب من حديث هشيم عن الزهري عن علي بن الحسين وهشيم لم يتابع على قوله "لا يتوارث أهل ملتين" لكن النسائي أخرجه في الكبرى إذ لا يوجد كتاب الفرائض في الصغرى.
3 التقييد والإيضاح ص108 قال العراقي: "وإذا كان هذا الحديث يعني حديث أسامة من طريق مالك: لا يرث المسلم
…
فلنذكر
…
" الخ.
4 د1- كتاب الطهارة 10- باب الخاتم يكون فيه ذكر الله تعالى يدخل به الخلاء- حديث 19 قال أبو داود عقبه: "هذا حديث منكر وإنما يعرف عن ابن جريج عن زياد بن سعد عن الزهري عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم "اتخذ خاتما من ورق ثم ألقاه"، والوهم فيه من همام ولم يروه إلا همام". ت 25- كتاب اللباس 16- باب ما جاء في لبس الخاتم في اليمين حديث 1746. جه 1- كتاب الطهارة 11- باب ذكر الله على الخلاء والخاتم في الخلاء حديث 303 كلهم من طريق همام عن ابن جريج عن الزهري عن أنس رضي الله عنه "أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا دخل الخلاء وضع خاتمه".
وقد نوزع أبو داود في حكمه عليه بالنكارة1 مع أن رجاله من رجال الصحيح.
والجواب أن أبا داود حكم عليه بكونه منكرا، لأن هماما تفرد به عن ابن جريج وهما2 وإن كانا من رجال الصحيح، فإن الشيخين لم يخرجا من رواية همام عن ابن جريج شيئا، لأن أخذه عنه كان لما كان ابن جريج بالبصرة، والذين سمعوا من ابن جريج بالبصرة في حديثهم خلل من قبله، والخلل في هذا الحديث من جهة أن ابن جريج دلسه عن الزهري بإسقاط الواسطة وهو زياد بن سعد، ووهم همام في لفظه على ما جزم به أبو داود وغيره، هذا 3 وجه حكمه عليه بكونه منكرا، وحكم النسائي عليه بكونه غير محفوظ أصوب4 فإنه شاذ في الحقيقة إذ المنفرد به من شرط الصحيح5 لكنه بالمخالفة صار حديثه شاذا.
وأما متابعة يحيى بن المتوكل له6 عن ابن جريج، فقد تفيد لكن قول
1 في (ب)"كالنكارة".
2 في (ب)"وهمام" وهو خطأ.
3 لفظ "هذا" سقط من (ب) .
4 أخرج النسائي حديث همام في سننه 8/155 ولم يذكر هذا الكلام في هذا الموضع وأورده المزي في تحف الأشراف 1/185 وعزاه إلى د ت جه ن في الزينة ونقل عن النسائي أنه قال: "هذا الحديث غير محفوظ" فلعل النسائي ذكر هذا الكلام في الكبرى.
5 كيف يكون المنفرد به - وهو همام - من شرط الصحيح وقد قال الحافظ نفسه إن في سماعه من ابن جريج خللا مما جعل الشيخين يتجنبان حديثه عنه فلم يخرجا في الصحيحين من رواية همام عن ابن جريج شيئا.
6 يحيى بن المتوكل الباهلي البصري أبو بكر صدوق يخطئ من التاسعة / تمييز. تقريب 2/356 ومتابعته في سنن البيهقي الكبرى 1/95 قال البيهقي: "وهو شاهد" ضعيف.
يحيى بن معين: لا أعرفه، أراد به جهالة عدالته لا جهالة عينه، فلا يعترض عليه بكونه روى عنه جماعة، فإن مجرد روايتهم عنه لا تستلزم معرفة حاله.
وأما ذكر ابن حبان له في الثقات، فإنه قال فيه مع ذلك: كان يخطئ وذلك مما يتوقف به عن قبول أفراده.
على أن للنظر مجالا في تصحيح حديث همام، أنه/ (123/أ) مبني على أن أصله حديث الزهري، عن أنس رضي الله عنه في اتخاذ الخاتم.
ولا مانع أن يكون هذا متن آخر غير ذلك المتن وقد مال/ (ر110/أ) إلى ذلك ابن حبان1 فصححهما جميعا، ولا علة له عندي إلا تدليس ابن جريج، فإن وجد عنه التصريح بالسماع فلا مانع من الحكم بصحته في نقدي - والله أعلم -.
وإذا تقرر كون هذا - أيضا - لا يصلح مثالا للمنكر فلنذكر مثالا للمنكر غيره.
وقد ذكر الحافظ العلائي في هذا المقام حديث هشام بن سعد عن الزهري، عن أم سلمة عن أبي هريرة رضي الله عنه قال/ (ي 208) : "جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم أفطر في رمضان
…
" فذكر حديث المواقع أهله في رمضان، وذكر فيه الكفارة وقوله: "على أفقر مني" وزاد في آخر المتن "وصم يوما مكانه واستغفر الله"2.
قال العلائي: "تفرد به هكذا هشام بن سعد - وهو متكلم فيه سيء الحفظ، وخالف في عامة أصحاب الزهري الكبار الحفاظ فمن دونهم، فإنه عندهم عنه عن حميد بن عبد الرحمن3، عن أبي هريرة لا عن أبي
1 انظر الإحسان في ترتيب صحيح ابن حبان 2/300/افإنه رواه من طريق همام بن يحيى عن ابن جريج عن الزهري عن أنس رضي الله عنه ولعل المراد الحافظ بتصحيح ابن حبان إيراده في صحيحه.
2 د 8- كتاب الصوم 37- باب كفارة من أتى أهله في رمضان حديث 2393.
3 حديث حميد بن عبد الرحمن في خ 30- كتاب الصوم 30- باب إذا جامع في رمضان حديث 1936 من طريق شعيب، 1937 من طريق منصور، م - كتاب الصيام 14- باب تغليظ تحريم الجماع في نهار رمضان على الصائم حديث 81 من طريق ابن عيينة ومنصور، 82- من طريق الليث، 83- من طريق مالك، 84- من طريق ابن جريج ومعمر د 8- كتاب الصوم - باب كفارة من أتى أهله في رمضان حديث 2390 من طريق سفيان، 2391 من طريق معمر 2392 من طريق مالك، ت 6- كتاب الصوم - 14- باب ما جاء في كفارة الفطر في رمضان حديث 724 من طريق سفيان، جه 7- كتاب الصوم 14- باب ما جاء في كفارة من أفطر يوما في رمضان حديث 1671 كلهم عن الزهري عن حميد بن عبد الرحمن عن أبي هريرة رضي الله عنه جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "إن الآخر وقع على إمرأته في رمضان فقال: أتجد ما تحرر به رقبة؟ قال: لا. قال: فتستطيع أن تصوم شهرين متتابعين؟ قال: لا قال: أفتجد ما تطعم به ستين مسكينا؟ قال: لا
…
" الحديث.
وليس فيه الزيادة كما قال الحافظ. وانظر الفتح 4/163 فإنه ذكر عددا كثيرا من أصحاب الزهري قد رووا هذا الحديث عنه عن حميد.
سلمة1 وليست عندهم هذه الزيادة".
قلت: وذكر أبو عوانة في صحيحه حديث هشام بن سعد هذا وقال غلط هشام بن سعد.
وأورده ابن عدي 2 في مناكير هشام بن سعد.
وقال أبو يعلى الخليلي3: "أنكر الحفاظ حديثه في المواقع في رمضان من حديث الزهري عن أبي سلمة وقالوا: إنما رواه الزهري عن حميد".
قال ورواه وكيع عنه عن الزهري عن أبي هريرة رضي الله عنه منقطعا قال أبو زرعة الرازي:"أراد وكيع الستر على هشام بن سعد بإسقاط/ (123/ ب) أبي سلمة".
تنبيه / (ب 149) :
قول العلائي الذي أسلفناه أن الزيادة التي في آخر المتن تفرد بها هشام بن
1 حرف الواو من (ر/أ) وليس في باقي النسخ.
2 االكامل 7/ل 200 وقال ابن عدي - بعد أن ذكر الحديث بإسناده إلى هشام: "رواه الثقات عن الزهري عن حميد بن عبد الرحمن عن أبي هريرة
…
وخالف هشام بن سعد فيه الناس، ولهشام غير ما ذكرت ومع ضعفه يكتب حديثه".
3 في الإرشاد 1/ل 35/ب.
سعد ليس كما قال، فقد تابعه عليها الليث بن سعد وعبد الجبار بن عمر الأيلي كما/ (ر110/ب) أخرجه أبو عوانة في صحيحه والبيهقي1- والله أعلم -.
وأما حديث أبي زكير2 في أكل البلح بالتمر، فقد أورده الحاكم في المستدرك3 لكنه لم يحكم له بالصحة ولا غيرها.
وأما ابن الجوزي أو الفرج، فذكره في "الموضوعات"4.
والصواب فيه ما قال النسائي5- وتبعه ابن الصلاح6-: "إنه منكر". باعتبار تفرد الضعيف به على إحدى الروايتين.
وقد جزم ابن عدي بأنه تفرد به.
وقول الخليلي7: إنه شيخ صالح أراد به في دينه لا في حديثه؛ لأن من عادتهم إذا أرادوا وصف الراوي بالصلاحية في الحديث قيدوا ذلك، فقالوا: صالح الحديث. فإذا أطلقوا الصلاح، فإنما يريدون له/ (ي 209) في الديانة. - والله أعلم.
1 السنن الكبرى 4/226 ولكن الليث وعبد الجبار روياه عن الزهري عن حميد عن أبي هريرة وهناك متابع ثالث وهو أبو أويس المدني عن الزهري قاله البيهقي في السنن الكبرى 4/226. ولها شاهد من حديث عمرو بن شعيب في السنن الكبرى 4/266.
2 هو يحيى بن محمد بن قيس لامحاربي الضرير أبو محمد المدني نزيل البصرة لقبه أبو زكير - بالتصغير - صدوق يخطئ كثيرا من الثامنة / بخ م مد ت س ق. تقريب 2/357.
3 4/121 وقال الذهبي: "حديث منكر ولم يصححه المؤلف" ولفظه: عن عائشة مرفوعا: "كلوا البلح بالتمر فإن الشيطان إذا أكله ابن آدم غضب وقال: بقي ابن آدم حتى أكل الجديد بالخلق".
4 3/26 وجه 29- كتاب الأطعمة 40- باب أكل البلح بالتمر حديث 3330.
5 وكذا الفلاس انظر ميزان الاعتدال 4/405.
6 مقدمة ابن الصلاح ص 74 وقد مثل به للمنكر.
7 في الإرشاد، انظر التقييد والإيضاح ص 109.