الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
التباعد والاختلاف، والموالاة هي لازم الحب والمعاداة هي لازم البغض.
…
ومما سبق بيانه يتضح لي، أن الاختلاف في تعريف الموالاة، هو اختلاف لفظي، مع تطابق أكثر المعاني المقصودة لكل منهم وأما تعريف المعاداة والبراء فالذي يظهر لي أن بعض أهل العلم يرى أن البراء والمعاداة شيء واحد إلا أن الذي أراه والله أعلم أن البراء شيء والمعاداة شيء آخر فالبراء يكون في حق الكافر المسالم للدين وأهله وأما المعاداة فتكون في حق الكفار المحاربين للدين وأهله.
…
تعريف الولاء والبراء والعداء على المذهب المختار:
…
بالنظر في أدّلة الكتاب والسنّة وُجد أن معتقد الولاء والبراء والمعاداة يرجع إلى معنيين اثنين بالتحديد في الولاء، هما: الحُبُّ في الله والنُّصْرةُ على الدين، وضِدُّهما في البراء.
…
ولا يخفى أن هذِين المعنيين من معانيهما في اللغة، كما سبق بيانه.
…
وعلى هذا فالولاء شرعاً هو: حُبُّ الله تعالى ورسوله ودين الإسلام وأتباعِه المسلمين، ونُصْرةُ الله تعالى ورسولِه ودينِ الإسلام وأتباعِه المسلمين.
…
والبراء هو: بُغْضُ الطواغيت التي تُعبَدُ من دون الله تعالى (من الأصنام الماديّة والمعنويّة كالأهواء والآراء)، وبُغْضُ الكفر (بجميع ملله) وأتباعِه الكافرين، والبراءة من ذلك كله وهذا في حق مجموعهم.
…
أما المعاداة لغوياً: فهي ليست مجرد بغض بل هو شعور متمكن ينبعث من داخل النفس، لقصد الإضرار وحب الانتقام بالقول والفعل والاعتقاد، لمن يعتقده الإنسان عدواً له والعداوة، أخص من البغضاء، لأن كل عدو مبغض، وقد يُبغض من ليس بعدو.
…
وأما المعاداة في الله اصطلاحاً: فهي بغض أعداء الله المحاربين ومجاهدتهم.
…
وبذلك نعلم، أننا عندما نقول إن ركني الولاء والبراء هما: الحب والنصرة في الولاء، والبغض في البراء، والبغض والعداوة في المعاداة ، فنحن نعني بالنصرة وبالعداوة هنا النصرة القلبيّةَ والعداوةَ القلبيّة، أي تمنِّي انتصار الإسلام وأهله وتمنِّي اندحار الكفر وأهله أمّا النصرة العملية والعداوة العمليّة فهما ثمرةٌ لذلك المعتقد، لا بُدّ من ظهورها على الجوارح.
الفرق بين الموالاة والتولي في المفهوم الشرعي ومناط التكفير فيهما:
…
هو الجهل في حكم الموالاة عن زلل
…
اختلف أهل العلم في الفرق بين الموالاة والتولي فمنهم من يرى أن التولي مرادف لمعنى الموالاة سواء بسواء، كالشيخ عبد الرحمن بن سعدي رحمه الله ولذلك فهو يستعملهما على أنهما لفظان مترادفان فيقول عن التولي عند تفسيره لقول الله تعالى (وَمَنْ يَتَوَلهُمْ مِنْكُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) [الممتحنة: 9]: إن الظلم يكون بحسب التولي، فإن كان تولياً تاماً كان ذلك كفراً مُخرجاً عن الإسلام، وتحت ذلك من المراتب ما هو غليظ وما هو دونه اهـ.
…
ومنهم من يرى أن هنالك فرق بين الموالاة والتولي وفي هذا يقول الشيخ سليمان بن سحمان حيث يقول نظمًا:
…
وأصل بلاء القوم حيث تورطوا
فما فرقوا بين التولي وحكمه
…
وبين الموالاة التي هي في العمل
أخف ومنها ما يكفر فعله
…
ومنها يكون دون ذلك في الخلل
ويقول الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن: (إن الموالاة تنقسم إلى قسمين:
أولاً: موالاة مطلقة عامة، وهذه كفر صريح، وهي بهذه الصفة مرادفة لمعنى التولي لأجل الدين، وعلى ذلك تُحمل الأدلة الواردة في النهي الشديد عن موالاة الكفار، وأن من والاهم فقد كفر.
ثانياً: موالاة خاصة، وهي موالاة الكفار لغرض دنيوي مع سلامة الاعتقاد، وعدم إضمار نية الكفر والردة كما حصل من حاطب بن أبي بلتعة في إفشاء سر رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزو مكة كما هو مذكور في سبب نزول سورة الممتحنة اهـ.
ومثل كلام الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن في تقسيم الموالاة إلى مطلقة وخاصة، كلام القرطبي وابن العربي وسليمان بن عبد الله ابن عبد الوهاب والشيخ حمد بن علي بن عتيق.
وعلى قول هؤلاء جميعًا: أن الموالاة المطلقة العامة، مرادفة لمعنى التولي، وهي بهذا الوصف كفر وردة، ومنها ما هو دون ذلك، بمراتب، ولكل ذنب حظه وقسطه من الوعيد والذم، بحسب نية الفاعل وقصده.
ومما سبق بيانه يتضح لي، أن الاختلاف في التفريق بين الموالاة والتولي، هو اختلاف لفظي، مع تطابق المعاني المقصودة لكل منهم.
والذي أميل إليه أن مصطلح التولي، أخص من مصطلح الموالاة، وعلى هذا يدل ظاهر القرآن والله أعلم ، حيث أن التولي يفيد معنى الاتخاذ والالتزام الكامل بمن يتولاه، بخلاف الموالاة التي تدل على المحبة والمتابعة بدرجات متفاوتة ولذلك جاء تعبير القرآن الكريم بالنهي عن تولي الكفار قال تعالى:(وَمَنْ يَتَوَلهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ)[المائدة: 51] وأمر بتولي المؤمنين فإن توليهم، أقوى من مجرد الموالاة الجزئية لهم، وإن كانت الموالاة العامة للمؤمنين أو الكفار تلتقي مع التولي. قال تعالى:(وَمَنْ يَتَوَلَّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللهِ هُمُ الْغَالِبُونَ) وهذا ما قال به جمهور العلماء، ما عدا ابن سعدي الذي يرى أن مصطلح التولي يُرادف مصطلح الموالاة، دون أن يذكر مستنداً لغوياً أو شرعياً لما ذهب إليه، مما يجعل القول، بأن مصطلح التولي ومصطلح الموالاة بينهما عموم وخصوص، وهذا هو القول الراجح.
وعلى هذا فخلاصة الفرق بين الموالاة والتولي في المفهوم الشرعي:
أن التولي ينقسم إلى قسمين:
القسم الأول: تولي لأجل الدين: وهو الدفاع عن الكفار، وإعانتهم بالمال والبدن والرأي لأجل دينهم وهذا كفر صريح يُخرج من الملة الإسلامية ويُعتبر هذا التولي موالاة مطلقة.
القسم الثاني: تولي لأجل الدنيا: وهو الدفاع عن الكفار، وإعانتهم بالمال والبدن والرأي لأجل غرض دنيوي مع عدم إضمار نية الكفر والردة عن الإسلام باستثناء التقية والإكراه طبعاً كما حصل من حاطب بن أبي بلتعة رضي الله عنه عندما كتب إلى قريش يخبرهم بمسير رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي هذا الشأن قال الله تعالى:(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ)
…
إلى قوله (وَمَنْ يَفْعَلْهُ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ) فمثل هذا الفعل يُعتبر كبيرة من كبائر الذنوب، ويُخشى على صاحبه الكفر علماً بأن حاطب رضي الله عنه الذي أنزلت الآيات في حقه له اعتبارات خاصة، مثل كونه من أهل بدر، وسبقه إلى الإسلام، وسلامة قصده، ولذلك فقد عفا الله عنه.
وأما الموالاة فهي المحبة بغض النظر عن درجتها فكل من أحببته وأعطيته، ابتداءً من غير مكافأة فقد أوليته، وواليته، والمعنى أي أدنيته إلى نفسك ومسمى الموالاة لأعداء الله يقع على