المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الشعر العامي والمواليا: - تاريخ آداب العرب - جـ ٣

[مصطفى صادق الرافعي]

فهرس الكتاب

- ‌المجلد الثالث

- ‌المقدمات

- ‌صفحة من الكتاب بخط المؤلف

- ‌مقدمة الطبعة الأولى:

- ‌الباب الخامس: تاريخ الشعر العربي ومذاهبه

- ‌الأقوال في أولية الشعر العربي

- ‌نشأة الشعر

- ‌مدخل

- ‌الباعث على اختراع الشعر:

- ‌ أول من قصد القصائد

- ‌الرجز والقصيد:

- ‌الشعر في القبائل:

- ‌سيما الشعراء:

- ‌حالة الإنشاد:

- ‌ألقاب الشعراء:

- ‌المقلون والمكثرون:

- ‌الارتجال والبديهة والروية:

- ‌النبوغ وألقابه في الشعراء:

- ‌الاختراع والاتباع:

- ‌شياطين الشعراء:

- ‌طبقات الشعراء:

- ‌الشاعرات *:

- ‌تنوع الشعر العربي وفنونه:

- ‌الهجاء

- ‌مدخل

- ‌الهجاء في القبائل:

- ‌الهجاء في الشعراء:

- ‌مشاهير الهجائين:

- ‌المديح:

- ‌الفخر والحماسة:

- ‌الرثاء:

- ‌الغزل والنسيب:

- ‌الشعر الوصفي:

- ‌الشعر الحكمي *:

- ‌الشعر الأخلاقي والمبادئ الاجتماعية:

- ‌الشعر الهزلي:

- ‌الشعر القصصي:

- ‌الشعر العلمي *:

- ‌الفنون المحدثة من الشعر:

- ‌الموشح

- ‌اختراعه

- ‌سبب اختراعه:

- ‌الموشح الملحون:

- ‌بعض أنواع الموشح:

- ‌نوابغ الوشاحين:

- ‌كتب التوشيح:

- ‌الدوبيت:

- ‌الشعر العامي والمواليا:

- ‌الزجل:

- ‌الباب السادس: في حقيقة القصائد المعلقات ودرس شعرائها

- ‌السبع الطوال

- ‌امرؤ القيس

- ‌مدخل

- ‌طويلة امرئ القيس:

- ‌شاعرية امرئ القيس وأسباب شهرته:

- ‌شعر امرئ القيس:

- ‌استعاراته:

- ‌تشبيهاته:

- ‌تتمة الانتقاد:

- ‌المنازعة بين امرئ القيس وعلقمة:

- ‌قصيدة امرئ القيس *:

- ‌قصيدة علقمة بن عبدة:

- ‌طرفة بن العبد

- ‌مدخل

- ‌شعره:

- ‌مذاهبه في الشعر:

- ‌زهير بن أبي سلمى

- ‌مدخل

- ‌مختاراتها وسببها:

- ‌شعره:

- ‌خشونة الشعر الجاهلي:

- ‌الباب السابع: أدب الأندلس إلى سقوطها ومصرع العربية فيها

- ‌الأدب الأندلسي:

- ‌الأدب في القرن الثالث:

- ‌الحضارة الأندلسية

- ‌مدخل

- ‌أدباء ملوك الأندلس:

- ‌مبلغ عنايتهم بالعلم والأدب:

- ‌القرن الخامس وملوك الطوائف:

- ‌القرن السادس وما بعده

- ‌مدخل

- ‌الأدب ودولة الموحدين:

- ‌نكبة الفيلسوف ابن رشد:

- ‌بعد القرن السادس:

- ‌الشعر الأندلسي والتلحين:

- ‌الشعراء الفلاسفة:

- ‌أدبيات الأندلس

- ‌علوم الأندلسيين

- ‌مدخل

- ‌العلوم الفلسفية:

- ‌مقاومة الفلسفة العربية الطبيعية في أوروبا وانتشارها:

- ‌آخرة الفلسفة العربية:

- ‌العلوم الأدبية:

- ‌مصرع العربية في الأندلس

- ‌مدخل

- ‌اليهود بالأندلس وترجمة كتب الفلسفة:

- ‌ترجمة الفلسفة العربية في أوروبا:

- ‌تنصر العربية:

- ‌الباب الثامن *: التأليف وتاريخه عند العرب ونوادر الكتب العربية

- ‌كتب الشعر:

- ‌الباب التاسع:‌‌ الصناعاتاللفظية التي أولع بها المتأخرون في النظم والنثر وتاريخ أنواعها

- ‌ الصناعات

- ‌لزوم ما لا يلزم:

- ‌القوافي المشتركة:

- ‌القصائد المعراة:

- ‌محبوك الطرفين:

- ‌ذوات القوافي:

- ‌القوافي الحسية:

- ‌التاريخ الشعري:

- ‌التخميس والتشطير وما إليهما:

- ‌ما يقرأ نظمًا ونثرًا:

- ‌نوع من حل المنظوم:

- ‌ما لا يستحيل بالانعكاس:

- ‌الملاحن:

- ‌‌‌الألغازوالأحاجي والمعميات وغيرها:

- ‌الألغاز

- ‌الأحاجي:

- ‌المعمى:

- ‌البنود والمستزاد:

- ‌المعجم والمهمل:

- ‌المتائيم:

- ‌صناعات مختلفة:

- ‌تذييل:

- ‌المحتويات:

الفصل: ‌الشعر العامي والمواليا:

‌الشعر العامي والمواليا:

لا نعرف بالتحقيق أصل الشعر العامي ولا منشأه؛ ولكنا لا نشك أنه قديم، وأن ظهوره كان في أواخر القرن الأول للهجرة، بعد ظهور الغناء وانتشاره؛ لأن طبقات كثيرة من العامة -ومن حكمهم ممن لا أدب لهم- لا يطربون للغناء في الشعر الفصيح؛ وخاصة عامة أهل الشام، ولعلهم أصل الشعر العامي في العربية؛ لأن الفصيح استبحر في بلادهم، وهم مع ذلك أسقم الناس ألسنة، فكان لا بد لعامتهم من هذا الشعر، وقد وقفنا على شيء من شعرهم الذي يطربون له؛ من ذلك ما رواه صاحب الأغاني في أخبار معبد أنه أشخص إلى الوليد بن يزيد، ثم كان في منزل بعض أهل الشام من ذوي الحال الرفيعة وقال في وصف غنائه عنده: فجعلت لا آتي بحسن إلا خرجت إلى ما هو أحسن منه، وهو لا يرتاح ولا يحفل لما يرى مني فلما طال عليه أمري، قال: يا غلام، شيخنا شيخنا! فأتى بشيخ، فلما رآه هش إليه، فأخذ الشيخ العود ثم اندفع يغني:

سلور في القدر، ويلي علوه

جاء القط أكله، ويلي علوه!

والسلور: السمك بلغة أهل الشام، قال: فجعل صاحب المنزل يصفق ويضرب برجله طربًا وسرورًا. ا. هـ. "ص28 ج1: الأغاني". وذكر في أخبار حنين الحيري، وكان في أيام عبد الملك بن مروان، أنه خرج إلى حمص يلتمس الكسب بها ويرتاد من يستفيد منه شيئًا، فاجتمع بفتيانها ثم غناهم في هنيات معبد، وغناء الغريض، وخفائف ابن سريج، وأهزاج حكم، وفي غنائه هو، فلم يتحرك منهم أحد ولا فكهوا لذلك، وجعلوا يقولون: ليت أبا منبه قد جاءنا، حتى جاء أبو منبه، فخنس حنين وصار كلا شيء، خوفًا منه ورهبة أن يفتضح بإحسانه، قال: فأخذ العود ثم اندفع يغني:

طرب البحر فاعتبري يا سفينه

لا تشقي على رجال المدينه

فأقبل القوم يصفقون ويطربون ويشربون، ثم أخذ في نحو هذا من الغناء "ص123 ج2: الأغاني".

ولا بد أن تكون مثل هذه الأشعار قد شاعت في العامة يومئذ وجعلوها فنهم، ولكن الأدباء لم يحفلوا بها فلم يصل إلينا من خبرها شيء، ويدل على ذلك ما نقله صاحب الأغاني [من مثل ذلك] في أخبار إسحاق الموصلي.

ثم ظهر بعد ذلك هذا النوع الذي يسمونه المواليا، وقالوا في أصله أقوالًا أشهرها عند الأدباء أن الرشيد أمر بعد نكبة البرامكة أن لا يرثيهم أحد بشعر، وتنكر لمن يفعل ذلك، فرثت إحدى جواريهم جعفرًا بهذا النوع الذي يدخله اللحن ولا يجري على أوزان الشعر، لتتقي بذلك نقمة الرشيد، وجعلت تقول بعد كل شطر: يا مواليا! فعرف هذا النوع به وتناقله الناس؛ والذي قالته في ذلك هو:

يا دار، أين ملوك الأرض أين الفرس

أين الذين حموها بالقنا والترس

قالت: نراهم رمم تحت الأراضي الدرس

سكوت بعد الفصاحة ألسنتهم خرس!

ص: 112

وليس هذا النوع ملحونًا أبدًا كالزجل والكان وكان والقوما، ولكنه يحتمل الإعراب واللحن، ولا يجيزون فيه مع ذلك أن يختلط الاثنان في قول واحد فتكون بعض ألفاظ البيت معربة وبعضها ملحونة، فهذا من أقبح العيوب التي لا تجوز؛ وإنما يكون المعرب منه نوعًا بمفرده؛ والملحون منه ملحونًا لا يدخله الإعراب "المستطرف عن كتاب العاطل والحالي".

وللمواليا وزن واحد وأربع قواف؛ منها واحدة اخترعها صفي الدين الحلي "المستطرف" وقد حمله المتأخرون محاسن البديع كما فعلوا بالدوبيت؛ وحرف المصريون هذه الكلمة بكلمة "موال" وأهل الصعيد منهم أشهر الناس بهذه المواويل؛ وخاصة أهل مديريتي قنا وجرجا، ويقسمون الموال إلى نوعين: أحمر، وهو الذي ينظم في الحماسة والحرب والحكمة، وأخضر وهو ما دخل في الغزل والنسيب وما إليهما من الأنواع الرقيقة؛ وقد يجعلونه مخمسا ومسبعا، ويسمى النعماني، وذلك كله مأثور بينهم مستفيض في مناقلاتهم وقريب منه نوع آخر يسمونه "فن الواو" ووزنه كوزن بحر المجتث في الشعر: مستفعلن فاعلاتن، ويكون في أربع شطرات، كل شطرة تسمى في اصطلاحهم فردة -ومنه أحمر وأخضر كما مر في الموال- ولكنهم يسمون المحتوى منه على الجناسات مغلوقًا، والأمثلة في ذلك كله كثيرة ولها رسائل متداولة معروفة.

ص: 113