الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الطبقة الثانية والثلاثون
أحداث سنة إحدى عشر وثلاثمائة
…
بسم الله الرحمن الرحيم
الطبقة الثانية والثلاثين:
أحداث سنة إحدى عشر وثلاثمائة:
ذكر عزل حامد بن العباس عن الوزارة:
وفيها: عُزِل عَنِ الوزارة حامد بْن العبّاس، علي بْن عيسى، وقُلَّدها أبو الحَسَن عليّ بْن محمد بْن الفُرات. وهذه ثالث مرّة يُعاد1. ثمّ صُودرَ حامد وعُذب.
وكان فيه زُعارة وطَيش فيما قَالَ المسعوديّ. قَالَ: كلّمهُ إنسانٌ، فقلبَ ثيابه عَلَى كتفه ولَكَمَ الرجل. ودخلت عليه أم موسى القهرمانة، وكانت كبيرة المحل، فخاطبته في طلب المال، فقال لها: اضْرِطي والتَقطي، واحسُبي لَا تَغْلطي. فأخجلها.
وبلغ المقتدر فضحك، وأمرَ القِيان تغنّي بهِ. وجَرَت له فصول وتجلُّد عَلَى الضَّرْب، وأُحْدِرَ إلى واسط، فمات في الطّريق. وكان قديمًا قد ولي نظر بلاد فارس. ثمّ ولي نظر واسط، والبصرة وكان موسرًا متجملًا، له أربعمائة مملوك كلّهم يحمل السّلاح، وفيهم أُمراء.
وَزَرَ للمقتدر سنة ست وثلاثمائة، وكان سمْحًا جوادًا مِعْطَاءً ظالمًا. لَهُ أخبار في الظلم وفي الكرم. ولّما أحدر إلى واسط سُمَّ في الطريق في بيض نيمرشت، فأخذه الإسهال حتّى تلف ومات في رمضان، سامحه الله تعالى.
ذكر عزل عليّ بْن عيسى:
وسُلِّمَ عليّ بْن عيسى إلى المحسّن بْن أَبِي الحَسَن بْن الفُرات، فقيَّدهُ وأهانه، فقال: واللَّه ما أملك سوى ثلاثة آلاف دينار، وما أَنَا من أهل الخيانة2.
وحضر نازوك صاحب شرطة بغداد، والمحسّن قد أحضر عليًا وشرع يشتمه، فقام
1 راجع صلة تاريخ الطبري لعريب القرطبي "97"، وتكملة تاريخ الطبري للهمذاني "1/ 31، 32"، والمنتظم لابن الجوزي "6/ 173"، ونهاية الأرب للنويري "23/ 62"، والنجوم الزاهرة "3/ 207"، وصحيح التوثيق "7/ 372".
2 الكامل في التاريخ "8/ 142"، والمنتظم "6/ 173".
نازوك. فقال لَهُ المحسّن: إلى أَيْنَ؟ فقال: قد قبّلنا يدَ هذا الشَّيْخ سنين كثيرة، فما يطيب لي أنّ أراه عَلَى هذه الحال. ودخلَ عَلَى المقتدر فأخبره فأنكر إنكارًا شديدًا. فبعث ابنُ الفُرات إلى ابنه يشتمه ويسبّه، وبعثَ إلى عليّ بْن عيسى بمالٍ وحمله مُكَرَّمًا إلى داره. فسأل الخروج إلى مكة. فأذنوا له فخرج إليها1.
ذكر نكبة ابن مُقْلَة:
ونكب ابن الفُرات أبا عليّ بْن مُقْلَة، وكان كاتبًا بين يدي حامد بن العباس.
ذكر إخراج مؤنس الخادم إلى الرقّة 2:
وقدَمَ مؤنس بغداد، فالتقاه الملأ، فانكر ما جرى عَلَى حامد وابن عيسى فعزَّ عَلَى ابن الفُرات فاجتمع بالمقتدر وأغراه بمؤنس، وقال: قد عزمَ عَلَى التحكم عَلَى الخلافة.
فلمّا دخل مؤنس عَلَى المقتدر قَالَ لَهُ: ما شيء أحبّ إليّ من إقامتك ببغداد، ولكن قد قلت: الأموال بالعراق، وعسكرك يحتاجون إلى الأرزاق، ومال مصر والشّام كثير. وأرى أنّ تقيم بالرقة، والأموال تحمل إليك من الجهات، فاخرج3.
ذكر تفرُّغ ابن الفُرات لنكبة ابن الحاجب وشفيع المقتدريّ:
وعلم مؤنس أنّ هذا من تدبير ابن الفُرات، وكان بينهما عداوة، فخرج بعد أيام مستوحشًا.
فتفرّغ ابن الفُرات في نكبة نَصْر بْن الحاجب، وشفيع المقتدري، وكثر عليهما عند المقتدر، فلم يمكنه منهما، فقال: إنّ نصرًا ضيَّع عليك في شأن ابن أَبِي السّاج خمسة آلاف ألف دينار، ولو كانت باقية لأرضيت بها الْجُنْد. فكان المقتدر يشره إلى المال مرّةً، ويراعي خاطر والدته لمدافعتها عَنْ نصر مرةً، وقالت لَهُ: قد أبعدَ ابن الفُرات مؤنسًا وهو سيفك، ويريد أنّ ينكب حاجبك ليتمكّن منك، فيجازيك عَلَى حسب ما عاملته من إزالة نعمته وهتْك حُرَمهِ، فَبِمَن تستعين عَلَى ابن الفُرات، والمحسّن مَعَ ما قد
1 تجارب الأمم "1/ 110-113".
2 الكامل في التاريخ "8/ 142".
3 البداية والنهاية "11/ 148"، والوزراء للصابي "53".
ظهر من شرهما واستحلالهما الدّماء إنّ خَلَعاك؟ واتفق أنه وجد في دلو المقتدر أعجمي دخل مَعَ الصناع، فأخذ وقرر فلم يقر بشيء، ولم يزد عَلَى غَيّ دائم، فصُلب وأحرق. فقيل: إنّ ابن الفُرات قَالَ لنَصْر بحضرة المقتدر: ما أحسبك ترضى لنفسك أنّ يجري في دارك ما جرى في دار أمير المؤمنين وأنت حاجبه، وما تمّ هذا عَلَى أحدٍ من الخلفاء. وكثَّر على نصر، وجرت بينهما منافسة1.
ذكر ردّ المواريث:
وفي شَعْبان أمَرَ المقتدر بردّ المواريث إلى ما صيّرها المعتضد من توريث ذوي الأرحام2.
ذكر دخول الجنابيّ البصرة:
وفيها دخل أبو طاهر سليمان بن الحسن الجنابي القرمطي البصرة في ربيع الآخر في السَّحَر في ألف وسبعمائة فارس، ونصبَ السِّلالم، وصعدوا عَلَى الأسوار، ونزلوا البلد، ففتحوا الأبواب، ووضع السيف في الناس، وأحرق الجامع ومسجد طلحة، فهرب النّاس ورموا نفوسهم في الماء، فغرق خلق، واستباح الحريم والأموال3.
ذكر إشخاص الماذرائيّ إلى بغداد:
وفيها: كتب ابن الفُرات بإشخاص الحُسين بْن أحمد الماذرائيّ وأبي بَكْر محمد بْن عليّ من مصر إلى بغداد، وصادرهما، وأخذ منهما مائتي ألف دينار.
ذكر ولاية الراشديّ دمشق:
وفيها: ولي إمرة دمشق عُمَر الراشديّ الّذي ولي الرملة بعد ذَلِكَ، ومات بها سنة أربع عشرة وثلاثمائة.
1 تكملة تاريخ الطبري "42، 43"، للهمذاني، وتجارب الأمم "1/ 117".
2 صلة تاريخ الطبري "102"، لعُريب، والبداية والنهاية "11/ 148".
3 تاريخ سني ملوك الأرض والأنبياء للأصفهاني "153"، والمنتظم "6/ 173، 174"، والعبر "2/ 147"، والبداية والنهاية "11/ 147".