الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سنة ست ومائة وألف
.
وقصر مد النيل تلك تلك السنة وهبط بسرعة فشرقت الأارضي ووقع الغلاء والفناء. وفي شهر الحجة سافر اناس من مكة إلى دار السلطنة وشكوا من ظلم الشريف سعد فعين إليه محمد بك نائب جده وإسمعيل باشا نائب الشام فوردا بصحبة الحاج فتحاربوا معه ونزعوه ونهب العسكر منزله وولوا الشريف عبد الله بن هاشم على مكة ثم بعد عود الحاج رجع سعد وتغلب وطرد عبد الله بن هاشم. وفي هذه السنة وقعت مصالحات في المال الميري بسبب الري والشراقي. وفي ثاني عشر جمادي الآخرة حضر الشريف أحمد بن غالب أمير مكة مطرودا من الشريف سعد. وفي ثامن عشري رجب سنة ألف ومائة وستة ورد الخبر بجلوس السلطان مصطفى بن محمد. وفي ثاني عشر شعبان طلع أحمد بك بموكب مسافر اباش على ألف عسكري إلى انكروس وطلع بعده أيضا في سابع عشرينه إسمعيل بك بالف عسكري لمحافظة رودس بموكب إلى بولاق فأقام بها ثلاثة أيام ثم سافر إلى الأسكندرية.
وفي رابع شعبان ورد مرسوم بضبط أموال نذير اغا وإسمعيل اغا الطواشيين فسجنوهما بباب مستحفظان وضبطوا أموالهما وختموها. وفي خامس شوال انهى أرباب الأوقاف والعلماء والمجاورون بالأزهر إلى علي باشا امتناع الملتزمين من دفع خراج الأوقاف وخراج الرزق المرصدة على المساجد وما يلزم من تعطيل الشعائر فأمر الملتزمين بدفع ما عليهم من غير توقف فامتثلوا.
وفي شوال أرسل الباشا إلى مراد بك الدفتردار بعمل جمعية في بيته بسبب غلال الأنبار فاجتمعوا وتشاوروا في ذلك فوقع التوافق أن البلاد الشرقي تبقى غلالها إلى العام القابل وأما الري فيدفع ملتزموها ما
عليهم. وأخذوا اوراقا بيعت بالثمن اشتراها الملتزمون من أرباب الأستحقاق عن الجراية مائة وخمسون نصفا وغلق الملتزمون ما عليهم بشراء الوصولات.
وفي ثاني عشر شوال ورد الخبر من منفلوط بان الشريف فارس بن إسمعيل التيتلاوي قتل عبد الله بن وافي شيخ عرب المغاربة.
وفي حادي عشر القعدة ورد اغا بمرسوم بمبيع متاع نذير اغا وإسمعيل اغا المعتقلين وضبط اثمانها ما عدا الجواهر والذخائر التي اختلسوها من السرايا فإنها تبقى بأعيانها وإن يفحص عن أموالهما واماناتهما وإن يسجنا في قلعة الينكجرية ففعل بهم ذلك وبلغ اثمان المبيعات الفا وأربعمائة كيس خلاف الجواهر والذخائر فإنها جهزت مع الأموال صحبة الخزينة على يد سليمان بك كاشف ولاية المنوفية.
وفي منتصف المحرم سنة سبع ومائة وألف اجتمع الفقراء والشحاذون رجالا ونساء وصبيانا وطلعوا إلى القلعة ووقفوا بحوش الديوان وصاحوا من الجوع فلم يجبهم أحد فرجموا بالأحجار. فركب الوالي وطردهم فنزلوا إلى الرميلة ونهبوا حواصل الغلة التي بها ووكالة القمح وحاصل كتخدا الباشا وكان ملآنا بالشعير والفول وكانت هذه الحادثة ابتداء الغلاء حتى بيع الاردب القمح بستمائة نصف فضة والشعير بثلثمائة والفول بأربعمائة وخمسين والأرز بثمانمائة نصف فضة وأما العدس فلا يوجد. وحصل شدة عظيمة بمصر وأقاليمها وحضرت أهالي القرى والارياف حتى امتلأت منهم الأزقة واشتد الكرب حتى أكل الناس الجيف ومات الكثير من الجوع وخلت القرى من أهاليها وخطف الفقراء الخبز من الأسواق ومن الأفران ومن على رؤوس الخبازين. ويذهب الرجلان والثلاثة مع طبق الخبز يحرسونه من الخطيف وبايديهم العصي حتى يخبزوه بالفرن ثم يعودون به. واستمر الأمر على ذلك إلى أن عزل علي باشا في ثامن
عشري المحرم سنة سبع ومائة ألف.
وورد مسلم إسمعيل باشا من الشام وجعل إبراهيم بك أبا شنب قائم قام ونزل علي باشا إلى منزل أحمد كتخدا العزب المطل على بركة الفيل فكانت مدته أربع سنوات وثلاثة أشهر وأياما ثم تولى إسماعيل باشا وحضر من البر وطلع إلى القلعة بالموكب على العادة في يوم الخميس سابع عشر صفر فلما استقر في الولاية ورأى ما فيه الناس من الكرب والغلاء أمر بجميع الفقراء والشحاذين بقراميدان فلما اجتمعوا أمر بتوزيعهم على الأمراء والأعيان كل إنسان على قدر حاله وقدرته وأخذ لنفسه جانبا ولأعيان دولته جانبا وعين لهم ما يكفيهم من الخبز والطعام صباحا ومساء إلى أن انقضى الغلاء واعقب ذلك وباء عظيم فامر الباشا بيت المال أن يكفن الفقراء والغرباء فصاروا يحملون الموتى من الطرقات ويذهبون بهم إلى مغسل السلطان عند سبيل المؤمن إلى أن انقضى أمر الوباء وذلك خلاف من كفنه الأغنياء وأهل الخير من الأمراء والتجار وغيرهم وانقضى ذلك في آخر شوال. وتوفي فيه الشيخ زين العابدين البكري وإبراهيم بك ابن ذي الفقار أمير الحاج وغيرهما.
ولما انقضى ذلك عمل الباشا مهما عظيما لختان ولده إبراهيم بك وختن معه الفين وثلثمائة وستة وثلاثين غلاما من أولاد الفقراء ورسم لكل غلام بكسوة كاملة ودينار.
وورد مرسوم بمحاسبة علي باشا المنفصل فحوسب فطلع عليه ستمائة كيس فختموا منزله وباعوا موجوداته حتى غلق ذلك. وورد أمر بالزينة بسبب نصره فزينت المدينة وضواحيها ثلاثة أيام.
وفي رجب ورد مرسوم بطلب الفين من العسكر واميرهم مراد بك فلبس الخلع هو وأرباب المناصب وسافروا في حادي عشر شعبان. وفي سابع عشر رجب سنة سبع ومائة وألف تقلد قيطاس بك تابع أمير الحاج ذي.
الفقار بك الصنجقية عوضا عن ابن سيده إبراهيم بك وورد الافراج عن نذير آغا ورتب له خمسمائة عثماني وخمس جرايات وعشر علائف في ديوان مصر واستمر رفيقه إسمعيل اغا في السجن. وفي رابع رجب ورد أحمد بك من السفر وفي سابعه تقلد أيوب بك إمارة الحج. وفي ثاني شعبان ورد إسمعيل راجعا من السفر. وفي ثالث عشر ربيع الأول سنة ثمان ومائة وألف ورد أمر بتزيين اسواق مصر سرورا بمولود للسلطان وسمي محمودا. وورد ايا الخبر باستشهاد مراد بك.
قتل ياسف اليهودي.
وفي ثالث عشر رمضان من السنة قامت العساكر على ياسف اليهودي. قتلوه وجروه من رجله وطرحوه في الرميلة وقامت الرعايا فجمعوا حطبا واحرقوه وذلك يوم الجمعة بعد الصلاة. وسبب ذلك أنه كان ملتزما بدار الضرب في دولة علي باشا المنفصل ثم طلب إلى اسلامبول وسئل عن احوال مصر فأملى أمورا والتزم بتحصيل الخزينة زيادة عن المعتاد وحسن بمكره أحداث محدثات ولما حضر مصر تلقته اليهود من بولاق واطلعوه إلى الديوان وقرئت الأوامر التي حضر بها ووافقه الباشا على إجرائها وتنفيذها. واشهر النداء بذلك في شوارع مصر فاغتنم الناس وتوجه التجار وأعيان البلد إلى الأمراء وراجعوهم في ذلك فركب الأمراء والصناجق وطلعوا إلى القلعة وفاوضوا الباشا فجاد بهم بما لا يرضيهم فقاموا عليه قومة واحدة وسألوه أن يسلمهم اليهودي فامتنع من تسليمه فاغلظوا عليه وصمموا على اخذه منه فأمرهم بوضعه في العرقانة ولا يشوشوا عليه حتى ينظروا في امره ففعلوا به كما أمرهم. فقامت الجند على الباشا وطلبوا أن يسلمهم اليهودي المذكور ليقتلوه فامتنع فمضوا إلى السجن واخرجوه وفعلوا به ما ذكر.
وفي تاريخه أحضر الباشا الشيخ محمد الزرقاني أحد شهود المحكمة بسبب أنه كتب حجة وقف منزل آل بيت المال فأمر بحلق لحيته.
وتشهيره على جمل في الأسواق والمنادي ينادي عليه هذا جزاء من يكتب الحجج الزور. ثم أمر بنفيه إلى جزيرة الطينة.
وفي صفر وردت سكة دينار عليها طرة فجمع الباشا الأمراء واحضر امين الضربخانة وسلمها له وأمره أن يطبع بها وإن يكون عيار الذهب اثنين وعشرين قيراطا والوزن كل مائة شريفي مائة وخمسة عشر درهما وسعر أبي طرة مائة وخمسة عشر نصفا.
وفي ذلك الشهر لبس عبد الرحمن بك على ولاية جرجا وتوجه إليها. وفي ثاني عشر ربيع الأول قامت العسكر المصرية وعزلوا الباشا فكانت مدة إسمعيل باشا سنتين وتقلد مصطفى بك قائمقام مصر إلى أن حضر حسين باشا من صيدا وطلع إلى القلعة في موكب عظيم في منتصف رجب سنة تسع ومائة وألف.
وورد مرسوم بطلب تجهيز الفي نفر من العسكر وعليهم يوسف بك المسلماني فقضى اشغاله وسافر في تاسع عشر رمضان.
وفي منتصف شهر ذي الحجة خرج إسمعيل باشا إلى العادلية ليسافر وكان قد حاسبه حسين باشا فتأخر عليه خمسون ألف اردب دفع عنها خمسين كيسا وباع منزله وبلاد البدرشين التي كان قد وقفها وتوجه إلى بغداد.
وفي سنة عشر ومائة وألف أخذ أرباب الأستحقاقات الجراية ولعلائف بثمن عن كل اردب قمح خمسة وعشرون نصفا فضة وكل رادب شعير ستة عشر نصفا.
وفي آخر جمادي الثانية ظهر رجل من أهل الفيوم يدعى بالعليمي قدم إلى القاهرة وأقام بظهر القهوة المواجهة لسبيل المؤمن فاجتمع عليه كثير من العوام وادعوا فيه الولاية وأقبلت عليه الناس من كل جهة واختلط النساء بالرجال وكان يحصل بسببه مفاسد عظيمة. فقامت عليه العسكر وقتلوه بالقلعة ودفن بناحية مشهد السيدة نفيسة رضي الله عنها.
وفي رابع عشر شوال كانت واقعة المغاربة من أهل تونس وفاس وذلك أن من عادتهم أن يحملوا كسوة الكعبة التي تحمل كل سنة للبيت الحرام ويمرون بها في وسط القاهرة وتحمل المغاربة جانبا منها للتبرك بها ويضربون كل من رأوه يشرب الدخان في طريق مرورهم. فرأوا رجلا من اتباع مصطفى كتخدا القازدغلي فكسروا انبوبته وتشاجروا معه وشجوا رأسه وكان في مقدمتهم طائفة منهم متسلحون وزاد التشاجر واتسعت القضية وقام عليهم أهل السوق. وحضر اوده باشة البوابة فقبض على أكثرهم ووضعهم في الحديد وطلع بهم إلى الباشا واخبروه بالقضية فأمر بسجنهم بالعرقانة. فاستمروا حتى سافر الحج من مصر ومات منهم جماعة في السجن ثم افرج عن باقيهم.
ثم تولى قره محمد باشا وحضر إلى مصر منتصف ربيع الثاني سنة أحدى عشرة ومائة وألف وهو كتخدا إسمعيل باشا المتقدم ذكره. وفي أيامه سنة أربع عشرة حصلت حادثة الفضة المقصوصة والتسعيرة وسيأتي الخبر ذلك في ترجمة علي اغا مستحفظان.
وفي سنة خمس عشرة وردت الأخبار بوفاة السلطان مصطفى وجلوس السلطان أحمد بن محمد خان في سابع عشر ربيع الآخر منها وأمر الباشا بقطع سقائف الدكاكين لاجل توسعة الطرق والاسواق ففعل ذلك ثم أمر بقطع الأرض وتمهيدها فحفروا نحو ذراع أو أكثر من الأسواق ففعل ذلك. ثم أمر بقطع الأرض إلى أن كشفت الجدران. ومكث محمد باشا واليا بمصر خمس سنوات إلى أن عزل في شهر رجب سنة ست عشرة ومائة وألف. ومن مآثره تعمير الأربعين الذي بجوار باب قراميدان وانشأ فيه جامعا بخطبة وتكية لفقراء الخلوتية من الأروام وأسكنهم بها وانشأ تجاهها مطبخا ودار ضيافة للفقراء وفي علوها مكتبا للأطفال يقرأون فيه القرآن ورتب لهم ما يكفيهم. وأنشأ فيما بينها وبين البستان المعروف بالغوري حماما فسيحا مفروشا بالرخام الملون وجدد بستان الغوري.
وغرس فيه الأشجار ورمم قاعة الغوري التي بالبستان وعمر بجوار المنزل سكن اميراخور وبنى مسطبة عظيمة برسم الباس القفاطين وتسليم المحمل لامير الحاج وأرباب المناصب وعمر مسطبة يرمى عليها النشاب وانشأ الحمام البديع بقراميدان ونقل إليه من القلعة حوض رخام صحن قطعة واحدة انزلوه من السبع حدارات وعملوا به فسقيه في وسط المسلخ وعمر بالقرافة مقام سيدي عيسى بن سيدي عبد القادر الجيلاني وجعل به فقراء مجاورين ورتب لهم ما يكفيهم وانشأ صهريجا بداخل القلعة بجوار نوبة الجاويشية ورتب فيها خمسة عشر نفرا يقرأون القرآن كل يوم بعد الشمس وهو الذي تسبب في قتل عبد الرحمن بك حاكم جرجا لحزازة معه من اجل مخدومة إسمعيل باشا وسيأتي تتمة ذلك في خبره عند ذكر ترجمته.
وتولى رامي محمد باشا وكان تولي الوزارة في زمن السلطان مصطفى وانفصل عنها وجعل محافظا بجزيرة قبرص ثم حضر منها واليا على مصر فطلع إلى القلعة في يوم الإثنين سادس شعبان سنة ست عشرة ومائة وألف.
وفي سبع عشرة تقلد قيطاس بك إمارة الحج عوضا عن أيوب بك. وفي تلك السنة توقف النيل عن الزيادة فضج لناس وابتهلوا بالدعاء وطلب الأستسقاء واجتمعوا على جبل الجيوشي وغيره من الاماكن المعروفة باجابة الدعاء فاستجاب الله لهم في حادي عشر توت وشذ ذلك من النوازل فروى بعض البلاد وهبط سريعا فحصل الغلاء وبلغ سعر الأردب القمح مائتين وأربعين فضة والفول كذلك والعدس مائتي نصف فضة والشعير مائة نصف فضة والأرز أربعمائة نصف فضة الأردب وبيع اللحم الضاني كل رطل بثلاثة انصاف فضة والجاموسي والبقري بنصفي فضة والسمن القنطار بستمائة نصف فضة والزيت بثلثمائة وخمسين والدجاجة بثمانية انصاف. وعلى هذا فقس والبيض كل ثلاث بيضات بنصف والرطل الشمع الدهن بثمانية انصاف وكثر الشحاذون في الأزقة.
وفي سنة ثمان عشرة لم يأت من اليمن ولا من الهند مراكب فشح القماش الهندي وغلا البن حتى بلغ القنطار الفين وسبعمائة وخمسين نصفا وغلا الشاش فبيع الفرحات خان بأربعمائة نصف فضة والخنكاري بسبعمائة نصف.
وفي سادس رجب عزل محمد باشا وحضر مسلم علي باشا.
وفي تاسعه نزل محمد باشا من القلعة في موكب عظيم وسكن بمنزل أحمد كتخدا العزب سابقا المطل على بركة الفيل بالقرب من حمام السكران. ووصل علي باشا من طريق البحر وذهبت إليه الملاقاة على العادة وارسى بساحل بولاق يوم الإثنين تاسع شعبان وهو في نحو ألف ومائتي نفس خلاف الاتباع.
وفي ثاني عشر شعبان سنة ثمان عشرة ركب بالموكب وطلع إلى القلعة وضربوا المدافع لقدومه.
وفي أواخر هذا الشهر وقعت فتنة بين العزب والمتفرقة وسببها أن شخصا من يلك العزب يسمى محمد افندي كاتب صغير سابقا ثم بعد عزله تولى خليفة في ديوان المقابلة وحصل له تهمة عزل بها من المقابلة ثم عمل سردار بالاسكندرية على طائفة العرب وعمل كتخدا القبودان وركب في المراكب واشيع أنه غرق في البحر فحلوا اسمه وماله من التعلقات في بابه وغيره. وبعد مدة حضر إلى مصر وطلع إلى الديوان وصحح اسمه الذي في العزب وجراياته وتعلقاته وبقي له بعض تعلقات لم يقدر على خلاصها ولم يساعده أهل بابه وأهملوا أمره فتغير خاطره منهم وذهب إلى بلك المتفرقة وانضم إليهم وسألهم أن يخرجوه من العزب ويدخلوه فيهم وجعل يركب معهم كل يوم للديوان ويمر على باب العزب. فبينما هو ذات يوم طالع إلى الديوان إذ وقف له جماعة من العزب وقبضوا على لجام فرسه وأنزلوه من على فرسه وحبسوه في بابهم. وبلغ الخبر المتفرقة وهم في الديوان وحضر محمد امين بيت المال في العزب وكان في ذلك.
اليوم نائبا عن باش جاويش لتمرضه. فعاتبه جماعة التفرقة على ما فعله جماعته فاغلظ عليهم في الجواب فقبضوا عليه من اطواقه وأرادوا ضربه فدخل بينهم المصلحون وخلصوه من أيديهم. فنزل إلى باب العزب وأخبرهم بما فعله المتفرقة فاجتمعت طائفة العزب ووقفوا على بابهم فلما مر عليهم اثنان من جماعة المتفرقة نازلين إلى منازلهم وهما محمد الأبدال وصاري علي فلما حاذياهم هجم عليهما طائفة العزب هجمة واحدة وضربوهما ضربا مؤلما وانزلوهما عن الخيل وشجوهما ونهبوا ما على الخيل من العدد وأخذوا ما عليهما من الملبوس. فلما وصل الخبر للمتفرقة اجتمعوا مع بقية الوجاقات وقعدوا في باب الينكجرية وانهوا أمرهم إلى الأغوات والصناجق وأهل الحل والعقد واستمروا على ذلك ثلاثة أيام إلى أن وقع التوافق على اخراج أربعة انفار الذين كانوا سببا لاشعال نار الفتنة ونفيهم من مصر وهم أحمد كتخدا العزب ومحمد أمين بيت المال والشريف محمد باش اوده باشه ومحمد افندي قاضي اوغلي الذي كان الباعث على ذلك. فوافق على ذلك الجميع وصمموا عليه فسفروهم إلى جهة الصعيد.
وفي ثاني شهر الحجة عزل على اغا مستحفظان وتولى عوضه رضوان اغا كتخدا الجاوشية سابقا وركب بالشعار المعلوم وقطع ووصل وأمر أهل الأسواق أن يدفعوا الارطال في دار الضرب بالدمغة السلطانية. وجعلوا على كل دمغة نصف فضة فتحصل من ذلك مال له صورة.
وفي سابع عشر المحرم سنة تسع عشرة ومائة وألف توفي إسمعيل بك الدفتردار وولي أيوب بك عوضه وهو الذي كان أمير الحاج سابقا.
وفي سادس صفر ورد مرسوم من السلطان أحمد بان يكون عيار الذهب اثنين وعشرين قيراطا وكانوا يقطعونه على ستة عشر.
وفي يوم الخميس ورد أمر بحبس محمد باشا الرامي وبيع كامل ما يملكه من متاع وملبوس وغيره فحبس بقصر يوسف صلاح الدين.
وإبطال والي البحر الذي يتولى من باب العزب. وفيه وصل الحجاج وقد تاخروا إلى نصف صفر بسبب دخول مراكب الهند وشراء ما بها من الأقمشة. وفي شهر ربيع حبس جماعة من اتباع الباشا وهم الكتخدا والخازندار وغيرهم من أرباب الكلمة.
وفي ثامن عشر جمادي الآخرة تقلد إبراهيم بك الدفتردارية عوضا عن أيوب بك بموجب مرسوم سلطاني وفيه عزل رضوان اغا مستحفظان وتولى أحمد اغا ابن بكير افندي عوضا عنه. وفيه ورد أمر بابطال نوبة محمد باشا ونفيه إلى جزيرة رودس فنزل من يومه إلى بولاق وأقام بها إلى أن سافر.
وفي أوائل رجب ورد أمر بعزل علي باشا وحبسه في قصر يوسف واستخلاص ما عليه من الديون إلى تجار اسلامبول وجعل إبراهيم بك قائمقام وحبس علي باشا وبيعت موجوداته. وفيها وقعت فتنة بباب الينكجرية فعزلوا افرنج أحمد باشا اوده باشا وحسين اوده باشا ثم نفوهم إلى الطينة بدمياط.
ووردت الأخبار بولاية حسين باشا على مصر وقدومه إلى الأسكندرية فقدم إلى مصر في ثالث عشري شعبان سنة تسع عشرة. وفيه سافر الشريف يحيى بن بركات إلى مكة بمرسوم سلطاني. وفيه فر افرنج أحمد اوده باشا وحسين اغا من حبس الطينة ودخلا مصر ليلا فاختبآ عند اغات الجراكسة والتجأ حسين إلى باب التفكجبة.
وفي خامس عشرينه طلع حسين باشا إلى القلعة بالموكب المعتاد على العادة.
وفي سادس عشرينه اجتمع الينكجرية بالباب باسلحتهم لما بلغهم قدوم افرنج أحمد إلى مصر وقالوا لا بد من نفيه ورجوعه إلى الطينة فعاند في ذلك طائفة الجراكسة وامتنعوا من التسليم فيه وقالوا لا بد من نقله من وجاقكم. وساعدهم بقية البلكات ولم يوافق الينكجرية على ذلك.