الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقلعة بني حماد، ولم يسلم من إيذاء الفقهاء الرسميين بهذا القطر، وظهر تأثير التربية الصوفية لدى المترجم في صبره على تحمّل صنوف الأذى من أجل أفكاره ومبادثه، وعزوفه عن تقلّد المناصب، وقبول الهدايا، مقتصرا في معاشه على ما يرد إليه من بلده توزر مع ميله إلى الإنصاف من نفسه بالرجوع إلى الحق دون أن يرى في ذلك غضاضة عليه، والعفو عن البوادر الصادرة عن البعض بدون سوء نيّة وقصد.
ولما كانت تعاليم المترجم الأصولية والكلامية لم تصادف نجاحا يذكر بالمغربين الأوسط والأقصى لم تتخرج عليه إلا طائفة محصورة العدد من الفقهاء والصوفية وعلى رأس هؤلاء الأخيرين علي بن حرزهم المتوفى سنة 559/ 1164 الذي قال عنه الساحلي الأندلسي في «بغية السالك» (خط)«أنه أحكم كتاب الإحياء وضبط مسائله وكان يستحسنه ويثني عليه» ، ومن تلامذته الفقهاء عبد الرحمن بن محمد الكتامي المعروف بابن العجوز السبتي. والمترجم قام بدور الرائد المصلح الذي هيّأ الأذهان، وأيقظ العقول لتلقّي تعاليم الغزالي التي أصبحت بعد وفاة المترجم بزمن غير طويل من دعائم مذهب دولة الموحدين التي قضت على دولة المرابطين وحلّت محلها.
أدبه:
إن عاطفة التديّن ألهمت المترجم نظم الشعر الجيد الرقيق مثلما ألهمت شيخه الشقراطسي من قبل نظم لاميته في مدح الرسول عليه السلام وذكر معجزاته، ومن أطول وأجود شعر المترجم القصيدة المنفرجة التي نظمها على إثر ضائقة لحقته، والتي صحح نسبتها إليه كثير من أهل العلم ومطلعها:
اشتدّي أزمة تنفرجي
…
قد آذن ليلك بالبلج
وهو متأثر بالمنفرجة التي تنسب للغزالي وإن كان المترجم أسلس نظما وأخصب خيالا وها هي ذي أبيات من المنفرجة المنسوبة للغزالي نذكرها للمقارنة:
الشدة أودت بالمهج
…
يا رب فعجّل بالفرج
فهاجت لدعاك خواطرنا
…
والويل لها إن لم تهج
واغلق باب الضيق وشدته
…
وافتح ما سدّ من الفرج
عجنا لحماك نقصده
…
والأنفس في أوج الوهج
وصادفت منفرجة أبي الفضل الذيوع والانتشار وقامت حولها حركة أدبية شرحا أو تخميسا، ومن أشهر شروحها شرح القاضي شيخ الإسلام زكرياء الأنصاري المسمى «الأضواء البهجة في إبراز دقائق المنفرجة» وشرحها الفقيه الصوفي المغربي ابن عجيبة وخمسها ابن الشباط التوزري وسمى تخميسه «عجالة الروية في تسميط القصيدة النحوية» أورد التخميس برمته العبدري في رحلته (1) وطالعه:
يا من يشكو ألم الحرج
…
ويرى عسره قرب الفرج
أبشر بشذى أوج الفرج
…
اشتدي أزمة تنفرجي
قد آذن ليلك بالبلج
ويوجد ضمن مجموعة قصائد بالمتحف البريطاني رقم 1393، وخمسها عبد الله بن نعيم الحضرمي القرطبي التونسي المولد المتوفى بقسنطينة سنة 636/ 1239 وطالعه:
لا بدّ لضيق من فرج
…
والصبر مطيّة كل شجي
وبدعوة أحمد فالتهجي
…
اشتدي أزمة تنفرجي
قد آذن ليلك بالبلج
(1) رحلة العبدري ص 52 - 53.