المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌581 - ابن نخيل (…- 618 هـ) (…- 1222 م) - تراجم المؤلفين التونسيين - جـ ٥

[محمد محفوظ]

فهرس الكتاب

- ‌حرف النون

- ‌575 - النابلسي (كان حيّا - 1277 هـ) (1860 م)

- ‌مؤلفاته:

- ‌المرجع:

- ‌تآليفه كثيرة منها:

- ‌المصادر والمراجع:

- ‌577 - النجار (…- 1373 هـ) (…- 1953 م)بلحسن ابن الشيخ محمد بن عثمان النجار

- ‌المرجع:

- ‌578 - النجار (1255 - 1331 هـ) (1839 - 1913 م)محمد بن عثمان بن محمد النجار

- ‌مؤلفاته:

- ‌المصادر والمراجع:

- ‌579 - ابن النحوي (434 - 513 هـ) (1042 - 1119 م)

- ‌أدبه:

- ‌المصادر والمراجع:

- ‌580 - النخلي (1285 - 1342 هـ) (1867 - 1924 م)

- ‌المراجع:

- ‌581 - ابن نخيل (…- 618 هـ) (…- 1222 م)

- ‌المصادر والمراجع:

- ‌582 - ابن نصيب (…- 1316 هـ) (…- 1897 م)

- ‌مؤلفاته:

- ‌المرجع:

- ‌583 - النعجة (…- نحو 300 هـ) (…- 913 م)

- ‌مؤلفاته:

- ‌المصادر والمراجع:

- ‌584 - النفزاوي (نحو 785 - نحو 850 هـ) (1383 - 1446 م)عبد الله بن أحمد بن قاسم بن مناد النفزاوي القيرواني الفقيه

- ‌مؤلفاته:

- ‌المصدر:

- ‌585 - النفزاوي (من رجال القرن - 8 هـ) (14 م)محمد بن عمر النفزاوي عاش في دولة السلطان أبي فارس عبد

- ‌المراجع:

- ‌النفزي - ابن هريرة586 -النفطي (…- 610 هـ) (…- 1214 م)

- ‌مؤلفاته:

- ‌المصادر والمراجع:

- ‌587 - نقرة (…- 1110 هـ) (…- 1689 م)

- ‌مؤلفاته:

- ‌المصدر:

- ‌588 - النهشلي (…- 405 هـ) (…- 1014 م)

- ‌المراجع:

- ‌589 - النوري (1053 - 1118 هـ) (1644 - 1706 م)

- ‌ مؤلفاته

- ‌أ - القراءات:

- ‌ب - الفقه:

- ‌ج - الأدعية:

- ‌د - التوحيد:

- ‌هـ - الفلك:

- ‌و- الفهارس والإجازات:

- ‌المصادر والمراجع:

- ‌590 - النّيّال (…- 1388 هـ) (…- 1968 م)

- ‌من آثاره:

- ‌591 - النيفر (1236 - 1290 هـ) (1820 - 1873 م)صالح بن أحمد بن قاسم بن محمد بن أبي النور النيفر

- ‌مؤلفاته:

- ‌المراجع:

- ‌592 - النيفر (…- 1332 هـ) (…- 1913 م)علي بن الشيخ صالح بن أحمد النيفر

- ‌المراجع:

- ‌593 - النيفر (1306 - 1394 هـ) (1887 - 1974 م)محمد البشير ابن الشيخ أحمد ابن الشيخ محمد بن أحمد النيفر

- ‌مؤلفاته:

- ‌المراجع:

- ‌594 - النيفر (1222 - 1277 هـ) (1807 - 1860 م)محمد بن أحمد بن قاسم بن محمد بن محمد بن أبي النور بن

- ‌مؤلفاته:

- ‌المصادر والمراجع:

- ‌595 - النيفر (1276 - 1330 هـ) (1860 - 1912 م)محمد ابن الشيخ محمد الطيب ابن الشيخ محمد

- ‌مؤلفاته:

- ‌المصادر والمراجع:

- ‌596 - النيفر (1299 - 1356 هـ) (1883 - 1938 م)محمد الصادق ابن الشيخ محمد الطاهر بن محمود ابن الشيخ

- ‌ مؤلفاته

- ‌المراجع:

- ‌597 - النيفر (1247 - 1345 هـ) (1831 - 1927 م)محمد الطيب ابن الشيخ محمد

- ‌تآليفه:

- ‌المراجع:

- ‌حرفالهاء

- ‌598 - الهادفي (…- 1100 هـ) (…- 1689 م)

- ‌مؤلفاته:

- ‌المرجع:

- ‌599 - ابن هادية (…- 1397 هـ) (…- 1977 م)

- ‌مؤلفاته:

- ‌مؤلفاته:

- ‌المراجع:

- ‌مؤلفاته:

- ‌المصادر والمراجع:

- ‌602 - ابن هارون الكناني (690 - 760 هـ) (1291 - 1359 م)

- ‌مؤلفاته:

- ‌المصادر والمراجع:

- ‌603 - الهدّة (…- 1248 هـ) (…- 1832 م)حسن بن محمد بن حسين بن عبد الرزاق الهدّة

- ‌تآليفه:

- ‌المصدر والمرجع:

- ‌تآليفه:

- ‌المصادر والمراجع:

- ‌605 - الهذلي (428 - 519 هـ) (1037 - 1126 م)

- ‌المصادر والمراجع:

- ‌606 - ابن هريرة (…- كان حيّا 698 هـ) (…- 1289 م)

- ‌المصدر:

- ‌تآليفه:

- ‌المصادر والمراجع:

- ‌608 - الهمذاني (…- 186 هـ) (…- 802 م)

- ‌المصادر والمراجع:

- ‌مؤلفاته:

- ‌المراجع:

- ‌610 - الهوّاري (668 -…هـ) (1270 -…م)علي بن يونس بن عبد الله الهوّاري أبو الحسن

- ‌مؤلفاته:

- ‌المصادر والمراجع:

- ‌حرفالواو

- ‌611 - الوادي آشي (673 - 749 هـ) (1274 - 1338 م)

- ‌مؤلفاته:

- ‌المصادر والمراجع:

- ‌612 - الوانّوغي (759 - 819 هـ) (1357 - 1416 م)محمد بن أحمد بن عثمان بن عمر الوانّوغي

- ‌مؤلفاته:

- ‌المصادر والمراجع:

- ‌613 - الوانّوغي (…- كان حيّا بعد 803 هـ) (…- 1401 م)عيسى الوانوغي التوزري

- ‌المصادر والمراجع:

- ‌614 - الورتتاني (1303 - 1392 هـ) (1889 - 1972 م)

- ‌آثاره:

- ‌المرجع:

- ‌615 - الورتتاني (1292 - 1369 هـ) (1875 - 1950 م)

- ‌مؤلفاته:

- ‌المراجع:

- ‌616 - الوراق (292 - 362 هـ) (905 - 973 م)

- ‌مؤلفاته:

- ‌المصادر والمراجع:

- ‌617 - الورداني (1278 - 1333 هـ) (1861 - 1905 م)علي بن سالم الورداني

- ‌المراجع:

- ‌618 - الورداني (…- كان حيّا 1360 هـ) (…- 1941 م)محمد ابن الحاج حسين منصور الورداني

- ‌المرجع:

- ‌619 - الورغي (حوالى سنة 1125 - 1190 هـ) (1713 - 1776 م)

- ‌آثاره:

- ‌المصادر والمراجع:

- ‌620 - ابن الوزّان (…- 346 هـ) (…- 957 م)

- ‌المصادر والمراجع:

- ‌621 - الوزير (1330 - 1403 هـ) (1912 - 1983 م)

- ‌مؤلفاته:

- ‌622 - الوزير السرّاج (نحو 1070 - 1149 هـ) (1659 - 1736 م)

- ‌مؤلفاته:

- ‌المصادر والمراجع:

- ‌623 - الوسياني (…- القرن 6 هـ) (…- 12 م)

- ‌تآليفة:

- ‌المصادر والمراجع:

- ‌624 - ابن الوكيل (…- 1175 هـ) (…- 1762 م)

- ‌المصدر:

- ‌حرفالياء

- ‌625 - ابن يالوشة (1260 - 1314 هـ) (1844 - 1894 م)

- ‌مؤلفاته:

- ‌المراجع:

- ‌المصادر:

- ‌627 - ابن يونس (…- 451 هـ) (…- 1059 م)

- ‌مؤلفاته:

- ‌المصادر والمراجع:

- ‌628 - الينونشي (…- 501 هـ) (…- 1107 م)

- ‌المصدر:

- ‌629 - ابن يوسف (1274 - 1358 هـ) (1863 - 1939 م)

- ‌مؤلفاته:

- ‌المرجع:

- ‌خاتمة الكتاب

- ‌المستدرك

- ‌مستدرك الجزء الأول

- ‌مستدرك الجزء الثاني

- ‌مستدرك الجزء الثالث

- ‌مستدرك الجزء الرابع

- ‌الملحق

- ‌حرف الألف

- ‌630 - الأصرم (…- حوالى 1172 هـ) (…- 1756 م)

- ‌المصادر والمراجع:

- ‌حرف الباء

- ‌631 - البارودي (…- 1216 هـ) (…- 1801 م)

- ‌المصدر:

- ‌حرف التاء

- ‌632 - التركي (1328 - 1397 هـ) (1910 - 1977 م)

- ‌المرجع:

- ‌633 - التلاتلي (1288 - 1370 هـ) (1871 - 1950 م)

- ‌المرجع:

- ‌634 - التميمي (…- 363 هـ) (…- 974 م)

- ‌مؤلفاته:

- ‌المصادر والمراجع:

- ‌من آثاره:

- ‌المراجع:

- ‌636 - التونسي (…- كان حيّا سنة 1190 هـ) (…- 1776 م)

- ‌من آثاره:

- ‌المصادر والمراجع:

- ‌637 - التنبكتي (…- كان حيّا سنة 1248 هـ) (…- 1832 م)

- ‌المراجع:

- ‌حرف الجيم

- ‌638 - الجباري (نحو 1329 - 1361 هـ) (1911 - 1942 م)

- ‌المراجع:

- ‌639 - الجربي (من رجال القرن العاشر) (…- 16 م)

- ‌مؤلفاته:

- ‌المصدر:

- ‌حرف الحاء

- ‌640 - ابن حمود الصدفي (210 - 299 هـ) (825 - 912 م)

- ‌المصادر والمراجع:

- ‌حرف الخاء

- ‌641 - خريف (1335 - 1403 هـ) (1917 - 1983 م)

- ‌مؤلفاته المطبوعة:

- ‌آثاره المخطوطة:

- ‌المراجع:

- ‌642 - ابن الخوجة (1310 - 1402 هـ) (1892 - 1982 م)

- ‌أثره:

- ‌المرجع:

- ‌643 - خير الله (1307 - 1392 هـ) (1892 - 1972 م)

- ‌آثاره:

- ‌المرجع:

- ‌644 - الخيراني (…- 1307 هـ) (…- 1890 م)

- ‌المراجع:

- ‌حرف الدال

- ‌645 - داود (1318 - 1397 هـ) (1901 - 1977 م)

- ‌المرجع:

- ‌حرف الراء

- ‌646 - ابن راشد الرعيني (128 - 183 هـ) (746 - 799 م)

- ‌المصادر والمراجع:

- ‌647 - الرصاع (…- 1149 هـ) (…- 1736 م)

- ‌المرجع:

- ‌648 - بورقعة (1323 - 1403 هـ) (1904 - 1982 م)

- ‌مؤلفاته:

- ‌المراجع:

- ‌649 - الرهوني (…- 739 هـ) (…- 1338 م)

- ‌المرجع:

- ‌حرف الزاي

- ‌650 - زكرياء (…- كان حيّا 1331 هـ) (…- 1913 م)

- ‌651 - الزمرلي (1325 - 1403 هـ) (1907 - 1983 م)

- ‌مؤلفاته:

- ‌المراجع:

- ‌652 - الزواري (…- بعد 1187 هـ) (…- 1773 م)

- ‌مؤلفاته:

- ‌المرجع:

- ‌حرف السين

- ‌653 - السلاوي (614 - كان حيّا 684 هـ) (1217 - 1285 م)

- ‌المصدر:

- ‌654 - ابن السّماط (613 - 690 هـ) (1216 - 1291 م)

- ‌المصادر والمراجع:

- ‌655 - السماوي (نحو 1320 - 1373 هـ) (1902 - 1952 م)

- ‌آثاره:

- ‌656 - السوسي (…- من رجال القرن 12 هـ) (…- 18 م)

- ‌657 - سومر (…- كان حيّا 1350 هـ) (…- 1930 م)

- ‌له عدة مؤلفات مدرسية منها:

- ‌المرجع:

- ‌حرف الشين

- ‌658 - ابن شعبان (1309 - نحو 1370 هـ) (1891 - 1950 م)

- ‌آثاره:

- ‌المرجع:

- ‌حرف الصاد

- ‌659 - الصفائحي (…كان حيّا بعد 1337 هـ) (…1918 م)

- ‌من آثاره:

- ‌660 - صفر (1320 - 1362 هـ) (1903 - 1942 م)

- ‌مؤلفاته:

- ‌المرجع:

- ‌حرف العين

- ‌661 - ابن عبد الباري (…- كان حيّا سنة 1343 هـ) (…1924 م)

- ‌662 - العذاري (1190 - 1282 هـ) (1774 - 1864 م)

- ‌المراجع:

- ‌663 - ابن أبي عصفور (…- 269 هـ) (…- 883 م)

- ‌تآليفه:

- ‌المصادر والمراجع:

- ‌664 - ابن عياد (1322 - 1393 هـ) (1904 - 1973 م)

- ‌المرجع:

- ‌حرف الغين

- ‌665 - ابن غانم (128 - 190 هـ) (745 - 806 م)

- ‌المصادر والمراجع:

- ‌666 - الغماري (643 - 724 هـ) (1245 - 1325 م)

- ‌المصدر:

- ‌حرف الفاء

- ‌667 - ابن فرّوخ (115 - 175 هـ) (733 - 792 م)

- ‌من آثاره:

- ‌المصادر والمراجع:

- ‌حرف الكاف

- ‌668 - كرباكة (1319 - 1363 هـ) (1901 - 1944 م)

- ‌المراجع:

- ‌حرف الميم

- ‌669 - المدني (1263 - 1313 هـ) (1847 - 1895 م)

- ‌من آثاره:

- ‌المراجع:

- ‌670 - المزيو (1274 - 1369 هـ) (1858 - 1949 م)

- ‌المرجع:

الفصل: ‌581 - ابن نخيل (…- 618 هـ) (…- 1222 م)

‌581 - ابن نخيل (

- 618 هـ) (

- 1222 م)

محمد بن إبراهيم بن عبد العزيز بن نخيل الأندلسي، أبو عبد الله، نزيل تونس، الأديب، الكاتب، المورّخ، وكان أبوه شاعرا صالحا.

لما استنقذ الخليفة عبد المؤمن بن علي البلاد التونسية من الاحتلال النرماني في سنة الأخماس 555/ 1169 أصبحت تونس جزءا من السلطنة الموحدية الشاسعة، يتعاقب عليها الولاة من الموحدين، إلى أن انقطعت عن الدولة الموحدية واستقلّ أبو زكريا يحيى الحفصي سنة 626/ 1229 مغتنما فرصة ضعف الدولة الموحدية. وكانت تونس والجزائر - إذ ذاك - تجتازان أزمات الاختلال والاضطراب من جرّاء ثورة بني غانية الميورقيين من بقايا الملثمين المرابطين، وطموح بعض أمراء الطوائف إلى التغلّب على الجهات التي كانوا يحكمونها مستغلين بعد السلطة المركزية عنهم، فحاول بنو الرند استعادة قفصة وما يتبعها من بلاد الجريد، لكن الخليفة أبا يعقوب يوسف بن عبد المؤمن قضى على إمارتهم نهائيا في سنة 576/ 1181.

أما ثورة بني غانية فإنها شكّلت تهديدا خطيرا لنفوذ الموحدين بإفريقية، وكادت تعصف بحكمهم وأشاعت الفوضى والاضطراب، ونشرت الخراب والدمار، والبلاد لم تندمل جراحها من زحفة الأعراب وتفكّك الوحدة واحتلال النرمان، وكانت القبائل العربية التي استقرت بالبلاد الإفريقية منذ زحفها في أواخر حكم المعزّ بن باديس الزيري

ص: 28

الصنهاجي لا يلذ لها العيش إلا في ظل الفوضى والاستجابة السريعة لكل ناعق بفتنة أو داعية إلى ثورة طمعا في الأسلاب والغنائم، ولا تحب قيام نظام قوي يقضي على ميولها الفوضوية، ونزوعها إلى الشغب، وتعاطيها السلب والنهب بمختلف العناوين، وظهرت هذه الخصائص وبرزت بروزا بيّنا إبان ضعف الدولة الحفصية مما سبّب لها كثيرا من المتاعب والمشاكل، وقد استغل بنو غانية هذه الخصائص والمساوئ من القبائل العربية واستعانوا بها على تمديد مدة الثورة على الموحدين مما دعا خلفاءهم بالمغرب الأقصى إلى القدوم بأنفسهم إلى تونس لتدبير الخطط الرامية إلى القضاء على الثورة، فقدم إلى تونس أمير المؤمنين يعقوب المنصور سنة 558/ 1172 وابنه الناصر الذي جاءها سنة 601/ 1204 صحبة الشيخ عبد الواحد بن أبي حفص جدّ الملوك الحفصيين في وقت استفحال أمر يحيى بن إسحاق الميورقي الثائر الذي استولى على تونس العاصمة وسوسة والقيروان عدا بلاد الجريد ونفزاوة وطرابلس، وسار أمير المؤمنين الناصر الموحدي في جيش كثيف فاسترجع منه تونس والمهدية وقابس حتى اضطر يحيى بن غانية للفرار قاصدا طرابلس فأذن الناصر الموحدي الشيخ أبا محمد عبد الواحد بن أبي حفص بملاحقته فالتقى به في تاجرّا قرب مدنين وحطمه شرّ تحطيم، واكتفى الثائر بنجاة رأسه لاجئا إلى التراب الليبي ريثما يجمع قواه، ويعيد الكرة ليشتبك في معركة أخرى مع الموحدين سنة 604/ 1205 بشبرو على مقربة من تبسّة، وفي سنة 606/ 1207 بسفح جبل نفوسة بليبيا وفي المعركتين انتصر عليه الشيخ عبد الواحد بن أبي حفص انتصارا ساحقا.

وقبل أن يعود الخليفة الناصر إلى المغرب سنة 603/ 1204 ولّى الشيخ عبد الواحد بن أبي حفص أمر إفريقية لما عهد فيه من الكفاءة والحزم والتفاني في خدمة الدولة الموحدية، وهي خصال زادتها

ص: 29

الأحداث ثباتا ورسوخا، ومنحه صلاحيات واسعة لحكم الإمارة الإفريقية، ولأول عهد ولايته لمع نجم أبو عبد الله محمد بن إبراهيم بن نخيل فعيّنه في أول الأمر رئيسا لديوان الأعمال، ثم رئيسا لديوان الرسائل، قال الحافظ المؤرّخ ابن الأبّار في كتابه «إعتاب الكتاب» واصفا نفوذ كلمته وارتفاع مكانته وانتقاله من ديوان الأعمال إلى ديوان الرسائل «وكان ابن نخيل لأول هذه الإيالة المباركة من فاز بقدح النباهة المعلّى، وعاد يعدّ العطل من الوجاهة المحلّى، نقلته السعادة من ديوان الأعمال إلى ديوان الرسائل، وأعلقته بأعظم الحرمات وأشرف الوسائل، فأجاد الإنشاء وتبوأ من رفيعات المراتب حيث شاء، مفردا بخلوص الحماية ومحكموها ومعتمدا بخصوص العناية وعمومها، لا إنشاء عليه في توقيع ولا اقتصار بعد على ترفيع» .

ويبدو أن ابن نخيل أعان الشيخ عبد الواحد بن أبي حفص على توطيد أركان ولايته، واعتمد عليه اعتمادا كليّا في تسيير شئونها لما لمس فيه من كفاءة، ومكارم أخلاق، وحسن معاملة للناس، قال ابن الشمّاع في «الأدلة البيّنة النورانية في مفاخر الدولة الحفصية» عند الكلام عن إمارة الشيخ عبد الواحد بن أبي حفص:«ولما ولي استكتب محمد بن نخيل المشهور بالجود وحسن الوساطة، فكان الناس معهما في كل خير وساس الناس سياسة حسنة طال عهدهم بها فأمّنهم وحباهم، فرأوا من بركته وبركة أيامه وحسن رعاية من يصلهم وأحبّوه الحبّ الشديد» .

وفي مدة الشيخ عبد الواحد بن أبي حفص كون ابن نخيل ثورة كبيرة حاول من أجلها حسّاده ومبغضوه أن يفسدوا ما بينه وبين رئيسه الذي أصمّ أذنيه عن سماع كل السعايات، وقبض على بعض أصحابها، وأبقاه في شامخ عزّه، وإلى هذا أشار ابن الأبّار بقوله:

ص: 30

«وبلغ ابن نخيل ما ليس عليه من مزيد الارتفاع المشيد غلب على مشرفه بالاصطناع غلبة جعفر على الرشيد، فنهى وأمر آمنا من التعقيب، وأورد وأصدر نائما عن التثريب، وقد فوّض إليه في كافة الأمور، وقطرت عليه قصص الخاصة والجمهور إلى أن كثب بالمعايات المحضة، وقذف باحتجان ما يخرج من الحسبان من الذهب والفضة، وما أثّرت في انتقاص ثروته ولا اعترف على انتقاص حظوته، بل صمم عنها المجد الصميم صمما وعمّ المنتسبين إليه والمتجنبين إليه قبضا وقمما» .

ولكن الحظ لم يبسم طويلا لابن نخيل بعد وفاة مخدومه ووليّ نعمته الشيخ عبد الواحد بن أبي حفص سنة 618/ 1222 الذي تولى مكانه ابنه عبد الرحمن الذي عزل بعد ثلاثة أشهر من ولايته وغوّض بالسيد أبي العلاء إدريس بن يوسف بن عبد المؤمن الذي وصل إلى تونس في ذي القعدة سنة 618/ 1222، وبعد شهر من وصوله قبض على ابن نخيل وعلى أخويه أبي بكر ويحيى، وصادر أموالهم من منقول وعقار، ثم قتل ابن نخيل وأخاه يحيى لشهر من اعتقالهما بعد فرار أولهما من السجن وإعادة اعتقاله، ونقل أخاهما أبا بكر إلى مطبق المهدية.

ومن أسباب نكبة ابن نخيل أنه في أيام الإقبال بدرت منه فلتات لسانية وخطية في حق الخليفة الموحدي يوسف المنتصر ابن الناصر فأذن هذا قريبه السيد أبا العلاء إدريس بالتنكيل به ومصادرة أمواله.

ألّف ابن نخيل في التاريخ كتابا سمّاه تاريخ الدولتين الموحدية والحفصية (دليل مؤرخ المغرب الأقصى) لم يصل إلينا وإنما نقل عنه المؤرخون التونسيون فقرات في تآليفهم كالتجاني في رحلته، وابن خلدون، والزركشي وابن أبي دينار ومقديش (واسمه عندهما ابن بخيل

ص: 31

وهو تحريف من الناسخ أو الطابع)، ونقل عنه ابن سعيد الأندلسي في كتابه «الغصون اليانعة في محاسن شعراء المائة السابعة» ، ويظهر من النصوص التي نقلها عنه التونسيون أنه تحدّث في تاريخه عن أمراء الطوائف في عهد انحلال الدولة الزيرية الصنهاجية كأمراء بني جامع بقابس، وبني الرند بقفصة والجريد، وعن الدولة الموحدية وزعيمها المهدي بن تومرت، وعن ظهورها، وخلفائها إلى عصره، وعن الأحداث الواقعة بتونس عند ما كانت تابعة للسلطنة الموحدية كمحاولة رجوع بني الرند إلى حكم قفصة والجريد، وثورة بني غانية الذي ذكر تفاصيلها بكثير من الدقة والإسهاب، ووصل بتاريخه إلى عهد مخدومه الشيخ عبد الواحد بن أبي حفص، ويفهم من نقل ابن سعيد عنه في «الغصون اليانعة» أنه ترجم للأعلام والأدباء، وله عناية بالأنساب، وعنه نقل المؤرخون الذين جاءوا بعده نسب المهدي بن تومرت ونسب بني أبي حفص، وأورد في تاريخه بعض النصوص الأدبية المتعلقة بالأحداث كقصيدة عبد البرّ بن فرسان في إحدى انتصارات يحيى بن إسحاق الميورقي، وحلّى كتابه ببعض الحكايات التي تكشف عن أخلاق وصفات الذين ترجم لهم مثل الحكاية التي نقلها عنه الكثير من المؤرخين في جودة فهم وذكاء أبي محمد عبد الواحد بن أبي حفص.

وذكر التجاني في «رحلته» أن لابن نخيل تاريخا لإفريقية وتونس، ولعلّه الكتاب السابق الذكر، وتصرف التجاني في اسمه وموضوعه وقد احتفظ لنا ابن الأبّار بمناسبة انتصار الشيخ عبد الواحد بن أبي حفص على الثائر يحيى بن إسحاق الميورقي في واقعة شبرو في منتصف صفر سنة 604/ 1208 برسالة من إنشاء ابن نخيل، وبرسالة ثانية بمناسبة انتصاره على الثائر يحيى الميورقي في واقعة منهل وادي موسى من سفح جبل نفوسة بليبيا سنة 606/ 1210، وفي الرسالتين يتجلى نثره الفني بخصائصه من ميل إلى تقسيم الكلام إلى

ص: 32