الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
589 - النوري (1053 - 1118 هـ)(1644 - 1706 م)
علي بن سالم بن محمد بن سالم بن أحمد بن سعيد النوري (كما وجدته بخط يده لا علي بن محمد بن سالم أو سليم كما في بعض المصادر والمراجع) أبو الحسن، أبو محمد، المقرئ الفقيه، الفلكي الصوفي، وكان يعرف بشطورو والنوري وهذا اللقب استمر معه عند مجاورته بالأزهر، ثم اقتصر على النوري خفّة وتفاؤلا. ولد بصفاقس، وقد أشار إلى تاريخ ميلاده وتاريخ حجّه في كتابه «الهدى والتبيين» حيث قال:«ولما منّ الله عليّ بالوصول إلى تلك الأماكن المشرفة سنة ست وسبعين وألف، وأردت شرب ماء زمزم فلم أجد حاجة أهم عندي إذ ذاك من الموت على الإيمان، فطلبته من الله، وشربته لذلك وعمري إذ ذاك ثلاث وعشرون سنة، ولو أردت شربه الآن لشربته لأكون عند الله من المحبوبين حبّا لا قطيعة بعده» .
أخذ بصفاقس عن الشيخ أبي الحسن الكراي الوفائي نسبا وطريقة الأزهري تحصيلا، وعن غيره ممّن لم نهتد لمعرفته، ورحل إلى تونس وهو ابن أربع عشرة سنة، وقرأ على أجلّة مشايخ عصره بجامع الزيتونة، وحصل على كثير من العلوم، ومن مشايخه بتونس الشيخ عاشور القسنطيني، والشيخ سليمان الأندلسي، والشيخ محمد القروي، وأثنى عليهم في «فهرسته» وفي مدة إقامته بتونس سكن المدرستين الشماعية والمنتصرية.
وكان والده فقيرا ولذا فإنه لم يوافقه على السفر إلى تونس لطلب
العلم، إلا أن قوة عزيمته لم تحل دون طموحه ومبتغاه، وقاسى في سبيل ذلك شظف العيش، وتجمّل بالصبر إلى أن سخّر الله له بعض أهل الخير فتكفّل بقوته مدة طلبه العلم بتونس.
ولما استكمل تحصيله بتونس أرسله بعض أهل الخير والصلاح إلى مصر لطلب العلم بالأزهر، وفي القرن الحادي عشر والثاني عشر توافد الطلاب التونسيون على الأزهر ولا سيما من الجنوب التونسي وبالخصوص صفاقس وجربة، والطلبة الصفاقسيون يشعرون بأنهم أقلّ غربة في القاهرة لوجود جالية تجارية من أبناء بلدتهم مستقرة بالقاهرة، وأحيانا بعض الأساتذة.
وفي الأزهر لازم جماعة من الأعلام وهم المشايخ: محمد بن عبد الله الخرشي البحيري، قرأ عليه الفقه والأربعين النووية وقطعة من الجامع الصغير للسيوطي، وأجازه إجازة مطلقة، كما قرأ على الشيخ إبراهيم الشبرخيتي، وأجازه إجازة مطلقة في رواية الحديث والفقه، ثم أجازه بأسانيده في رواية مختصر خليل، والصحيحين، والموطأ رواية يحيى بن يحيى بن كثير الليثي الأندلسي، وعيون الأثر في فنون المغازي والسير لابن سيد الناس، والشفا للقاضي عياض، والأربعين النووية، والتذكرة للقرطبي، وتفسير البيضاوي وتفاسير الزمخشري والواحدي وفخر الدين الرازي، والبغوي، وابن عطية، وأبي حيّان الأندلسي.
وقرأ على الشيخ شرف الدين يحيى أبي المواهب وأبي هادي بن زين العابدين حفيد شيخ الإسلام زكريا الأنصاري قطعة من صحيح البخاري، وقطعة من صحيح مسلم، وموطأ الإمام مالك، وأول سنن الترمذي، والأحاديث العشاريات للحافظ ابن حجر، وأول كتاب الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع للخطيب البغدادي، وكتاب
الأخلاق المتبولية لعبد الوهاب الشعراني، وأول كتاب الدرّ المنضود في الصلاة على صاحب المقام المحمود لابن حجر الهرتمي، وأجازه بأسانيده في رواية هذه الكتب، وأجازه إجازة مطلقة بغيرها، وقد طلب منه تلقينه كلمة النجاة وهي لا إله إلاّ الله، وطلب منه إلباسه خرقة التصوف، فألبسه قطعة من الجوخ، وقرأ عليه الكتب المذكورة في أوقات متعددة آخرها عصر يوم السبت في 15 ربيع الثاني سنة 1073، وضمّن هذه الإجازة في رسالة سمّاها «الشرف الظاهر الجليّ في إجازة سيدي علي المغربي المالكي» كتبها في ربيع الأول سنة 1078، وهي بخط المجيز شرف الدين المذكور، والخط مشرقي نسخي من أردأ ما رأيت من الخطوط، وهي في 9 ورقات من الحجم الصغير نبّه فيها على أمور غريبة (ينظر فهرس الفهارس 2/ 1094 من ط 2/) قال عنها المترجم: وهي كتابة طويلة عجيبة، وسمع من شيخه أحمد بن أحمد بن محمد العجمي أول حديث من «الشمائل» بقراءة صاحبه علي الفرغلي، وأجازهما برواية الكتاب، كما سمع منه «ثلاثيات البخاري» بقراءة رفيقه الشيخ علي بن إبراهيم الفرغلي المصري، وأجازهما بروايتها، كما أجازهما إجازة عامة وتاريخها في أواسط ربيع الأول سنة 1078، كما روى عن شيخه العجمي المذكور كتاب «عمدة الأحكام» لعبد الغني بن عبد الواحد بن سرور المقدسي، وأجازه الشيخ أحمد بن عبد الرحمن البوذري (ولعلّه من قرية بوذر بالساحل التونسي) في رواق المغاربة برواية شرح جمع الجوامع وبغيره من الكتب سنة 1078.
وقرأ على الشيخ إبراهيم ابن الشيخ محمد ابن الشيخ عيسى المأموني الشافعي الأحاديث العشارية للحافظ السيوطي، كما أجازه برواية الحديث المسلسل بالأولية كما أجازه بذلك شيوخه، وتاريخ الإجازة في الرابع من ربيع الثاني سنة 1078، وفي طالعتها نوّه بالشيخ علي النوري وأثنى عليه.
ومن مشايخه بالأزهر الشيخ يحيى بن محمد الشاوي الملياني الجزائري، ولعلّه قرأ عليه النحو والتوحيد إذ اشتهر بإقرائهما في الأزهر، وكان واسع الاطّلاع على كثير من العلوم قوي الحجة حاضر البديهة، ولمغربيته كانت مجالس درسه غاصّة بالمغاربة وكان مدوّنه مصريا.
ومن شيوخه بالأزهر الشيخ علي الشيراملّسي، أخذ عنه القراءات كما يستفاد من «غيث النفع» ولعلّه قرأ عليه «المواهب اللدنية» للقسطلاني في السيرة النبوية إذ للشيخ حاشية عليها اشتهرت في عصره.
ومن شيوخه محمد بن محمد الأفراني المغربي السوسي، ولعلّه أخذ عنه القراءات إذ هي اختصاصه، وبها اشتهر في مصر، وعلي الخياط المغربي الرشيدي، وعبد السلام اللقاني، وجلال الدين الصديقي، وأحمد البشبيشي، وأحمد العناني الكناني وغيرهم.
ومن أجلّ شيوخه الشيخ محمد بن محمد بن ناصر الدرعي المغربي لقيه بالأزهر، وأخذ عنه طريق القوم، ولقّنه ورد الذكر، وتوقف في إجازته أولا ثم أجازه لرؤيا رآها المستجيز، وأثنى عليه، وكان قدوة للشيخ علي النوري في مسلكه الصوفي، يحتجّ بمواقفه في مقاومة بدع التصوف، ويثني عليه، وربما كان من أتباع الطريقة الناصرية.
والشيخ علي النوري حريص على استجازة المشاهير حتى بعد علو سنّه، وكان مرور الركب المغربي في موسم الحج فرصة لتحقيق هذه الرغبة وإذا لم تتم في البلاد التونسية فإنها تتمّ في ليبيا بواسطة أحد أصدقائه من أهلها، فقد استجاز له الشمس محمد بن أحمد المكني الطرابلسي أبا علي اليوسي لما مرّ بطرابلس يريد الحج عام
1101 فأجازه نظما ببيت يخصّ المترجم:
كذا الماجد النحرير عين صفاقس
…
أبو الحسن النوري ذو المجد والفخر
وهو يثني على الشيخ البوسي، ويعبّر عنه بشيخنا وصاحبنا.
ويبدو أن المترجم رجع إلى بلده صفاقس في أواخر سنة 1078/ 1668، وله من العمر 25 سنة بعد أخذ الإجازات من شيوخه، والحصول عليها مؤذنا بانتهاء الدراسة، والتصدّي للتدريس والإفادة، ولا نعلم تاريخ سفره إلى مصر للالتحاق بالأزهر على وجه التحديد وربما كان في غضون سنة 1073/ 1663 أو قريبا منها لأن مدة المجاورة بالأزهر لمن استكمل تحصيله بتونس هي في الغالب خمس سنوات، قال المترجم في «فهرسته» عند الكلام عن شيخه يحيى الشاوي «ولما كتب لي الإجازة قال مؤرخه بمجموع الاسم واللقب، فعدّدت حروف يحيى الشاوي فوجدتها 78 وألف وذلك هو التاريخ» (ينظر فهرس الفهارس والأثبات 2/ 1133 من ط 2/) وإذا ثبت هذا فإنه يكون قد لبث في تونس سبع سنوات لطلب العلم.
ولما رجع المترجم إلى بلده اتخذ من دار سكناه الكائنة بحومة اللولب زاوية لقراءة القرآن وقراءة العلم، وهذه الزاوية أو المدرسة كانت على غرار المدارس المحدثة في ذلك العصر فيها بيت للصلاة تلقى فيه الدروس العلمية، وبيوت لسكنى الطلبة الوافدين من الضواحي أو من البلدان الأخرى، وكان يبرّ الطلبة المقيمين بالزاوية بالطعام، ويكسوهم، ولذلك توافد عليها الطلبة من جهات عديدة من البلاد التونسية وحتى من ليبيا كالشيخ عبد السلام بن عثمان التاجوري من ذريّة الشيخ عبد السلام الأسمر وشيخ الطريقة السلامية بليبيا، زيادة عمّا اشتهر به مؤسس هذه المدرسة من رسوخ قدم في العلم، ونصح في التعليم، ومداومة على إلقاء الدروس التي تستغرق كثيرا من وقته،
واشتهار بحسن السلوك باتّباع السنّة في جليل الأمور ودقيقها ومجافاة للبدعة من أين كان مأتاها ولو من الصوفية الذين كانوا محلّ قدوة من الجميع.
ويبدو أن المترجم اشتغل بالتجارة في مصر إذ في القاهرة تقيم جالية صفاقسية تشتغل بالتجارة، وبذلك وفّر نصيبا من المال يسّر له القيام بشئون طلبة الزاوية، ويرجّح هذا أنه كان فقيرا، ولو بقي على حالته لما استطاع أن يبرّ الطلبة، وامر اشتغاله بالتجارة مدة مجاورته بالأزهر لم يذكره المترجمون له لكن برّه للطلبة بالطعام والكسوة يؤيد ذلك وإلا فمن أين أتاه المال؟
وفي أوقات فراغه يشتغل في داره بالحياكة، وهي صناعة شريفة رابحة في ذلك التاريخ، وليست هي عندهم كما قال بعضهم:«فلا حنّ حجام ولا حاك فاضل» .
وإذا كان حلوله كالغيث في البلد الماحل الجديب أروى العقول من ظمأ الجهل، وأيّد السنّة، وقاوم البدعة، وأحسن إلى الضعفاء والمكروبين، كما عمل على نشر التصوف الخالي من بدع السماع والرقص بين تلامذته وغيرهم مقتديا في مسلكه وربما في طريقته بشيخه محمد بن محمد بن ناصر الدرعي، وهو يلقن تلاميذه بعض الأوراد والأذكار، ويدربهم على ممارسة طقوس التصوّف الخالية من البدع، وهذا لا غرابة فيه بالنسبة لمقاييس ذلك العصر، وفيه شاع بين الطلبة الانتساب إلى طريقة من الطرق الصوفية، ومعروف أن الطرق الصوفية تهتم قبل كل شيء بالتربية العلمية والروحية، ومن ثمّ كان التدريب العملي على العبادة والذكر والأخلاق الدينية أحد المعالم الكبرى للتربية القائمة في ذلك العهد (الدكتور إبراهيم اللبان، التربية الإسلامية التي يحتاج إليها العالم الإسلامي في الوقت الحاضر، مط/
الأزهر شوال 1392 نوفمبر 1972 ص 9) ومدة الدراسة بالمدرسة النورية خمس سنوات بين ابتدائي وثانوي، ثم يتأهّل الطالب للالتحاق بالزيتونة أو الأزهر.
ولما رجع المترجم إلى بلده وجد الناس يشتكون من عدوان فرسان مالطة (فرسان القديس يوحنا) على صفاقس، ينهبون السفن الراسية بمرساها، ويخطفون الغافلين الآمنين، ولا يخفى أن أعمال القرصنة هذه تخلّ بالأمن وتشلّ حركة التجارة بين بلدان البحر الأبيض المتوسط مثل الإسكندرية التي كانت السفن التجارية لا تنقطع عن الذهاب إليها والإياب منها في أوقات الأمن والاستقرار، وصفاقس بلد تجاري يؤثر على حياته الاقتصادية الحدّ من نشاط الحياة التجارية، زيادة عن كون ردّ عادية الكفّار عن إيذاء المسلمين يعتبر جهادا في سبيل الله، ولذا فكر المترجم في إنشاء سفن لهذا الغرض، فتشاور مع أهل الفضل في إنشاء سفن للجهاد فوافقه أكثر الناس على ذلك، فأنشئوا سفنا جعل الله فيها بركة وانقطع جور الكفرة، وغنم المسلمون منه خيرا كثيرا، وجعل مقدما على السفن يأتمرون بأمره ويصلي بهم إماما الشيخ الصالح ابن أخته الحاج الأبرّ أبو عبد الله محمد قوبعة معلم أطفال المسلمين وكان مقدّما على ضريح منصور الغلام (نزهة الأنظار 2/ 164).
ولعلّ المترجم لبث مدة يفكر في اتخاذ الوسيلة الناجعة لردّ غارات فرسان مالطة على شواطئ صفاقس فإنه كان يسمع متألما ما يرتكبونه من عبث وفساد، وكان يفتي المتحمسين من الشبّان للدفاع عن حمى مدينتهم بمخالفة أمر والديهم إذا حاولوا منعهم من التطوع للجهاد، وقد حكى في كتابه «الهدى والتبيين فيما فعله فرض عين على المكلفين» عدوان القراصنة وفتواه التي أشرنا إليها وفي خاتمة هذه
الفتوى أن الجهاد فرض عين والوالدان يعصيان في القيام بفرض العين لأن تركه معصية، ولا يطاعان في معصية.
وإذا علمنا أنه ألّف كتابه «الهدى والتبيين» وهو على أعتاب الشيخوخة فإن حركة إنشاء السفن تكون حوالى سنة 1113/ 1703 أي قبل موته بخمس سنوات.
ومن مآثر المترجم اكتشافه لدواء الكلب قبل باستور بأكثر من قرن، وقد أنقذ بهذا الدواء الكثيرين من الموت بداء الكلب، وقد احتفظ أحفاده بتركيبه، ويسلمونه مجانا لطالبه إلى أن جاء الاستقلال فأبطل استعماله وحجر عليهم صنعه.
ولعلّ المترجم استنبطه من تذكرة الشيخ داود الأنطاكي ومن غيرها إذ مكتبته تحتوي على جانب مهم من كتب الطب، ولا ندري هل أخذ الطب عن شيخ أو اكتفى فيه بالمطالعة.
وهذا الدواء يتركّب من النشادر والذراريح، ولهم حمية مخصوصة عند استعماله، ولما كان الدواء يتركب من مواد حادّة فإنه يحدث تمزقا يسيرا في مجرى البول إذ تخرج مع البول قشرة يسيرة منسلخة من المجرى تضطرب وتتحرك، وهي علامة على النجاة من الداء.
وقد لحقت المترجم محنة قبل انقراض الدولة المرادية، وسببها أن بعض الوشاة الحاقدين وشى به إلى السلطة بأنه يتآمر على قلبها نظرا إلى مكانته ونفوذه في بلده لا سيما وتاريخ المغرب العربي حافل بهذا الصنف من معلمي الصبيان الذين أقلقوا الدول بثوراتهم، وصادفت هذه الوشاية أذنا صاغية من السلطة فنكلت بأتباعه ونجا هو بالفرار متنكرا، فقد أرسل السلطان جماعة من رجاله لأخذ الشيخ وأتباعه وذهب أموالهم فأرسل بعض أهل الفضل كتابا إلى الشيخ
يحذره قبل وصول رجال السلطة فلبس إحرام امرأة ونعلها وخرج مع نسوان الشيخ أبي عبد الله السيالة مستخفيا مهاجرا بدينه فذهب في خفاء مع خديمه ابن الأكحل إلى أن وصل لزاوية الشيخ أبي حجبة بين تونس وزغوان، ولما دخل رجال السلطان نهبوا أتباعه وسجنوهم، وسلّم الله الشيخ فأقام زمانا مشتغلا بالعلم، فلما ظهر خبره اعتقده أهل الخبر، وعرّفوا السلطان أنه من الصالحين، ولم يكن قصده في بلده إلا الذبّ على المسلمين بالعلم والجهاد على سنّة المصطفى صلى الله عليه وسلم، فلما تحقّق السلطان الأمر علم أن الساعي كان حاسدا، وعفا عن الشيخ بالرجوع لوطنه، وإظهار السنّة، وقمع البدعة، وإن عارضه معارض كاتب السلطان بذلك (نزهة الأنظار 2/ 164 - 165).
ومما يلفت النظر أن التنكيل بأتباعه ومحاولة القبض عليه لولا فراره متنكرا كل ذلك قد تم بمجرد وشاية الاتهام بمحاولة قلب نظام الحكم بدون تثبّت أو تحقيق من صحة التهمة، مما يدل على انعدام أبسط أسس العدالة، وعدم رعاية أوليات حقوق الإنسان في ذلك العصر الكثيف الظلمات، هذا زيادة عن كون المترجم بعيدا عن خوض غمار السياسة وحبك المؤامرات ضد السلطة القائمة بحكم تكوينه العلمي، ولشدة اتّباعه للسنّة إذ المعروف عند أهل السنّة أنهم لا يرون الثورة على الحكام لظلمهم، وعندهم أن السلطان الجائر خير من فتنة الثورة، ومن أمثالهم «سلطان غشوم خير من فتنة تدوم» .
وبعد حياة حافلة بجليل الأعمال ونافعها توفي المترجم يوم الجمعة ثاني عشر ربيع الأول سنة 1118، 25 جوان 1706، وسنة تاريخ الوفاة ذكرها حسين خوجة في «ذيل بشائر أهل الإيمان» وغيره وهو التاريخ المنقوش على قبره، وما ذكره الشيخ مقديش في «نزهة الأنظار» أنه توفي سنة سبع عشرة ومائة وألف غير صحيح.