الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فهذه الوقائع لو كانت صادقة كما يدعون لا يتصور فيها كثرة النسخ ولا محافظة الكتب كما ينبغي ولا تصحيحها ولا تحقيقها، ويكون للمحرفين في أمثال هذه الأوقات مجال كثير للتحريف، وقد عرفت في جواب المغالطة الأولى أن الفرق الكثيرة المبتدعة من المسيحيين قد كانوا في القرن الأول وكانوا يحرفون.
(الأمر الثامن)
أراد يوكليشين أن يمحو وجود الكتب المقدسة لهم عن صفحة العالم واجتهد في هذا الباب وأمر في سنة 303 بهدم الكنائس وإحراق الكتب وعدم اجتماع المسيحيين للعبادة فهدمت الكنائس وأحرق كل كتاب حصل له بالجد التام، ومن أبى أو ظُن أنه أخفى كتاباً عُذِّب
عذاباً شديداً وامتنعوا عن الاجتماع للعبادة كما هو مصرح به في تواريخهم.
وقال لاردن في الصفحة 522 من المجلد السابع من تفسيره: "صدر أمر يوكليشين في شهر مارج من السنة التاسعة عشرة من جلوسه أن يهدم الكنائس ويحرق الكتب المقدسة" ثم قال: "يقول يوسى بيس بالحزن التام إنه رأى بعينيه أن الكنائس هدمت والكتب المقدسة أحرقت في الأسواق" ولا أقول إن النسخ كلها بإعدامه انعدمت عن صفحة العالم، لكن لا شك أنها قلت جداً وضاعت من النسخ الغير المحصورة النفيسة الصحيحة، لأن كثرة المسيحيين وكثرة كتبهم كما كانت في مملكته ودياره ما كانت بمنزلة عشرها في غيرها، وانفتح باب التحريف ولا عجب أن انعدم بعض الكتب رأساً أيضاً، ويكون الموجود باسمه بعده جعلياً مختلقاً، لأن هذا الأمر قبل إيجاد صنعة الطبع كان أمراً ممكناً كما علمت في القول العشرين من الهداية الثالثة من جواب المغالطة الأولى أن النسخ المخالفة لنسخة اليهود
انعدمت رأساً بإعدامهم بعد المائة الثامنة، وقال آدم كلارك في مقدمة تفسيره:"إن أصل التفسير المنسوب إلى تي شن انعدم، والمنسوب إليه الآن مشكوك عند العلماء وشكهم حق" وقال واتسن في المجلد الثالث من كتابه: "كان التفسير المنسوب إلى تي شن موجوداً في عهد تهيودورت، وكان يقرأ في كل كنيسة، لكن تهيودورت أعدم جميع نسخه ليقيم الإنجيل مقامه" انظروا كيف انعدم هذا التفسير عن صفحة العالم بإعدام تهيودورت وكيف اخترع واختلق المسيحيون بدله، ولا شك أن اقتدار ديوكليشين الذي ملك ملوك الفرنج أزيد من اقتدار اليهود، وكذا زمان إعدامه كان أقرب من زمان إعدامهم، وكذا اقتداره أزيد من اقتدار تهيودورت، فلا استبعاد أن ينعدم بعض كتب العهد الجديد بحادثة ديوكليشين والحوادث التي ظهرت في عهد السلاطين المذكورين الذين كانوا ملوك الملوك في عهدهم، ثم يكون الموجود باسمه مختلقاً كما سمعت في تفسير تي شن، والاهتمام إلى
اختلاق بعض كتب العهد الجديد كان أهم عندهم من اختلاق التفسير المذكور، وكانت المقولة المقبولة عندهم التي مر ذكرها في القول السادس من الهداية الثالثة من جواب المغالطة الأولى حاكمة باستحسان هذا الاختلاق واستحبابه، ولأجل الحوادث المذكورة في هذه الأمور الثمانية المسطورة فقدت الأسانيد المتصلة بكتبهم ولا يوجد عندهم سند متصل لكتاب من كتب العهد العتيق والجديد لا عند اليهود ولا عند المسيحيين، كما عرفت نبذاً منه، وطلبنا مراراً من القسيسين العظام السند المتصل فما قدروا عليه واعتذر بعض القسيسين