الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أما السواد فيقُصد به الوجه المشوّه المنفِّر، وإلا فالسواد لا يُذَم في ذاته كلون، وكثيرا ما نرى صاحب البشرة السوداء يُشع جاذبية وبشاشة، بحيث لا تزهد في النظر إليه، ومعلوم أن الحُسْن لا لونَ له.
والله تعالى يَهبُ الحُسْن والبشاشة ويُشِعّهما في جميع الصور. وقد ترى للون الأسود في بعض الوجوه أَسْراً وإشراقاً، وترى صاحب اللون الأبيض كالحاً، لا حيوية فيه.
ثم يقول الحق سبحانه: {وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الكتاب
…
} .
قوله تعالى: {وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الكتاب مِن بَعْدِ مَآ أَهْلَكْنَا القرون الأولى
…
} [القصص:
43]
قوم نوح وعاد وثمود وغيرهم، يعني: أن موسى عليه السلام جاء بَرْزخاً وواسطة بين رسل كذَّبتهم أممهم، فأخذهم الله بالعذاب، ولم يقاتل الرسل قبل موسى، إنما كان الرسول منهم يُبلِّغ الرسالة ويُظهر الحجة، وكانوا هم يقترحون الآيات، فإنْ أجابهم الله وكذَّبوا أوقع الله بهم العذاب.
كما قال سبحانه:
{فَكُلاًّ أَخَذْنَا بِذَنبِهِ فَمِنْهُم مَّن أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِباً وَمِنْهُمْ مَّنْ أَخَذَتْهُ
الصيحة وَمِنْهُمْ مَّنْ خَسَفْنَا بِهِ الأرض وَمِنْهُمْ مَّنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ الله لِيَظْلِمَهُمْ ولكن كانوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ} [العنكبوت: 40] .
وهذا كله عذاب استئصال، لا يُبقي من المكذبين أحداً.
ثم جاء موسى عليه السلام برزخاً بين عذاب الاستئصال من الله تعالى للمكذِّبين دون تدخُّل من الرسل في مسألة العذاب، وبين رسالة محمد صلى الله عليه وسلم َ، حيث أمره الله بقتال الكفار والمكذّبين دون أن ينزل بهم عذاب الاستئصال، ذلك لأن رسالته عامة في الزمان وفي المكان إلى أن تقوم الساعة، وهو صلى الله عليه وسلم َ مأمون على حياة الخَلْق أجمعين.
لذلك يقول تعالى في مسألة القتال في عهد موسى عليه السلام: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الملإ مِن بني إِسْرَائِيلَ مِن بَعْدِ موسى
…
} [البقرة: 246] إنما في عهده وعصره {إِذْ قَالُواْ لِنَبِيٍّ لَّهُمُ ابعث لَنَا مَلِكاً نُّقَاتِلْ فِي سَبِيلِ الله قَالَ هَلْ عَسَيْتُمْ إِن كُتِبَ عَلَيْكُمُ القتال أَلَاّ تُقَاتِلُواْ قَالُواْ وَمَا لَنَآ أَلَاّ نُقَاتِلَ فِي سَبِيلِ الله وَقَدْ أُخْرِجْنَا مِن دِيَارِنَا وَأَبْنَآئِنَا فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ القتال تَوَلَّوْاْ إِلَاّ قَلِيلاً مِّنْهُمْ} [البقرة: 246] .
وقد ورد أن سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم َ قال «ما عذَّب الله قوماً ولا قرناً، ولا أمة، ولا أهلَ قرية منذ أنزل الله التوراة على موسى» .
كأن عذاب الاستئصال انتهى بنزول التوراة، ولم يستثْن من ذلك إلا قرية واحدة هي (أيلة) التي بين مدين والأردن.
والحق تبارك وتعالى يعطينا أول تجربة لمهمة، وتدخّل الرسل في قصة موسى عليه السلام.
وروُى عن أبي أمامة أنه قال: وإني لتحت رَحْل رسول الله - يعني: ممسكاً برحْل ناقة الرسول - يوم الفتح، فسمعته يقول كلاماً حسناً جميلاً، وقال فيما قال:«أيُّما رجل من أهل الكتاب يؤمن بي فَلَهُ أجران - أي: أجر إيمانه بموسى، أو بعيسى، وأجر إيمانه بي - له ما لنا وعليه ما علينا» .
وهذا يعني أن القتال لم يكُنْ قد كُتِب عليهم.
وقوله تعالى: {وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الكتاب
…
} [القصص: 43] أي التوراة: {مِن بَعْدِ مَآ أَهْلَكْنَا القرون الأولى. .} [القصص: 43] أي: بدون تدخُّل الأنبياء {بَصَآئِرَ لِلنَّاسِ.
. .} [القصص: 43] أي: آتيناه الكتاب ليكون نوراً يهديهم، وبصيرة ترشدهم، وتُنير قلوبهم {وَهُدًى وَرَحْمَةً
…
} [القصص: 43] هدى إلى طريق الخير ورحمة تعصم