المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

مَصْدَرٍ مَفعُولٍ لأَجْلِهِ، أي: لأَجْلِ أَنْ كُنْتُم قَوْمًا مُسرِفِينَ، فهِيَ - تفسير العثيمين: الزخرف

[ابن عثيمين]

فهرس الكتاب

- ‌تقديم

- ‌الآية (1)

- ‌الآية (2)

- ‌الآية (3)

- ‌الْفَائِدَةُ الأُولَى:

- ‌الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الخَامِسَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ السَّادِسَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ السَّابِعَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الثَّامِنَةُ:

- ‌الآية (4)

- ‌الْفَائِدَةُ الأُولَى:

- ‌الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ:

- ‌الآية (5)

- ‌الْفَائِدَةُ الأُولَى:

- ‌الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ:

- ‌الآية (6)

- ‌الآية (7)

- ‌الْفَائِدَةُ الأُولَى:

- ‌الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةُ:

- ‌الآية (8)

- ‌الْفَائِدَةُ الأُولَى:

- ‌الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ:

- ‌الآية (9)

- ‌الْفَائِدَةُ الأُولَى:

- ‌الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ:

- ‌الآية (10)

- ‌الآية (11)

- ‌الْفَائِدَةُ الأُولَى:

- ‌الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الخَامِسَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ السَّادِسَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ السَّابِعَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الثَّامِنَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ التَّاسِعَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الْعَاشِرَةُ:

- ‌الفَائِدَةُ الحَادِيَة عَشْرَةَ:

- ‌الآية (12)

- ‌الآيتان (13، 14)

- ‌الْفَائِدَةُ الأُولَى:

- ‌الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةُ:

- ‌الفائِدَةُ الخَامِسَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ السَّادِسَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ السَّابِعَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الثَّامِنةُ:

- ‌الآية (15)

- ‌الْفَائِدَةُ الأُولَى:

- ‌الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةُ:

- ‌الآية (16)

- ‌الْفَائِدَةُ الأُولَى:

- ‌الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ:

- ‌الآية (17)

- ‌الْفَائِدَةُ الأُولَى:

- ‌الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الخَامِسَةُ:

- ‌الآية (18)

- ‌الْفَائِدَةُ الأُولَى:

- ‌الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةُ:

- ‌الآية (19)

- ‌الْفَائِدَةُ الأُولَى:

- ‌الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الخَامِسَةُ:

- ‌الآية (20)

- ‌الْفَائِدَةُ الأُولَى:

- ‌الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الخَامِسَةُ:

- ‌الآية (21)

- ‌الْفَائِدَةُ الأُولَى:

- ‌الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةُ:

- ‌الآية (22)

- ‌الآية (23)

- ‌الْفَائِدَةُ الأُولَى:

- ‌الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةُ:

- ‌الآية (24)

- ‌الْفَائِدَةُ الأُولَى:

- ‌الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ:

- ‌الآية (25)

- ‌الْفَائِدَةُ الأُولَى:

- ‌الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الخَامِسَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ السَّادِسَةُ:

- ‌الآيتان (26، 27)

- ‌الآية (28)

- ‌الْفَائِدَةُ الأُولَى:

- ‌الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الخَامِسَةُ:

- ‌الآية (29)

- ‌الْفَائِدَةُ الأُولَى:

- ‌الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الخَامِسَةُ:

- ‌الآية (30)

- ‌الْفَائِدَةُ الأُولَى:

- ‌الْفَائِدَةُ الثانِيَةُ:

- ‌الآية (31)

- ‌الآية (32)

- ‌الْفَائِدَةُ الأُولَى:

- ‌الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الخَامِسَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ السَّادِسَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ السَّابِعَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الثَّامِنةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ التَّاسِعَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الْعَاشِرَةُ:

- ‌الآية (33)

- ‌الآية (34)

- ‌الآية (35)

- ‌الْفَائِدَةُ الأُولَى:

- ‌الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةُ:

- ‌الآيات (36 - 38)

- ‌الْفَائِدَةُ الأُولَى:

- ‌الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الخَامِسَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ السَّادِسَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ السَّابِعَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الثَّامِنةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ التَّاسِعَةُ:

- ‌الآية (39)

- ‌الْفَائِدَةُ الأُولَى:

- ‌الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ:

- ‌الآية (40)

- ‌الْفَائِدَةُ الأُولَى:

- ‌الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةُ:

- ‌الآية (41)

- ‌الآية (42)

- ‌الْفَائِدَةُ الأُولَى:

- ‌الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الخَامِسَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ السَّادِسَةُ:

- ‌الآية (43)

- ‌الآية (44)

- ‌الآية (45)

- ‌الْفَائِدَةُ الأُولَى:

- ‌الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةُ:

- ‌الفائِدَةُ الخَامِسَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ السَّادِسَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ السَّابِعَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الثَّامِنةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ التَّاسِعَةُ:

الفصل: مَصْدَرٍ مَفعُولٍ لأَجْلِهِ، أي: لأَجْلِ أَنْ كُنْتُم قَوْمًا مُسرِفِينَ، فهِيَ

مَصْدَرٍ مَفعُولٍ لأَجْلِهِ، أي: لأَجْلِ أَنْ كُنْتُم قَوْمًا مُسرِفِينَ، فهِيَ تعلِيليَّةٌ. والإسْرَافُ مجُاوَزَةُ الحَدِّ.

من فوائد الآية الكريمة:

‌الْفَائِدَةُ الأُولَى:

أن اللهَ لَمْ يَتْرُكْ عِبَادَهُ هَمَلًا، بَلْ بيَّنَ لهمُ الحَقَّ، ودَعَاهُم إلَيهِ، وخَوَّفَهم مِنْ مُخَالفَتِهِ فلَمْ يَبْقَ لأَحَدٍ عُذْرٌ.

‌الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ:

أن الإنسَانَ مَعذُورٌ بالجهْلِ إِذَا لَمْ تَبلغْهُ الرِّسالةُ، وهَذَا لَهُ أدِلَّةٌ:

مِنْهَا: قَوْلُ اللهِ تعَالى: {إِنَّا أَوْحَينَا إِلَيكَ كَمَا أَوْحَينَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَوْحَينَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَعِيسَى وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَيمَانَ وَآتَينَا دَاوُودَ زَبُورًا (163) وَرُسُلًا قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيكَ مِنْ قَبْلُ وَرُسُلًا لَمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيكَ وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا (164) رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ} [النساء: 163 - 165].

ومنْهَا: قَولُهُ تعَالى: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا} [الإسراء: 15].

ومنْهَا: قَولُهُ تعَالى: {وَمَا كَانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى حَتَّى يَبْعَثَ فِي أُمِّهَا رَسُولًا يَتْلُو عَلَيهِمْ آيَاتِنَا وَمَا كُنَّا مُهْلِكِي الْقُرَى إلا وَأَهْلُهَا ظَالِمُونَ} [القصص: 59]، والأدِلَّةُ عَلَى هَذَا كثيرَةٌ.

وقَال النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم: "وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَا يَسْمَعُ بِي أَحَدٌ مِنْ هَذِهِ الأُمّةِ يَهُوْدِيٌّ وَلَا نَصْرَانِيٌّ ثُمَّ يَمُوتُ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِمَا جِئْتُ بِهِ إلا كانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ"

(1)

، فقَال:

(1)

أخرجه مسلم: كتاب الإيمان، باب وجوب الإيمان برسالة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، رقم (153)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه -

ص: 49

"لَا يَسْمَعْ بِي أَحَدٌ".

فإِنْ قَال قَائِلٌ: وَهَلْ يُشتَرَطْ مَعَ بُلُوغِ الرِّسالةِ أَنْ يَفْهَمَها المُخَاطَبُ؟

فالجَوابُ: نَعَمْ، يُشتَرَطُ هَذَا؛ لقَوْلِ اللهِ عز وجل:{وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إلا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ} [إبراهيم: 4]، أيُّ فَائدَةٍ فِي رَسُولٍ يَأتِي إِلَى قَوْمٍ لَا يَعرِفُونَ لُغتَهُ وَهُو لَا يَعرِفُ لُغتَهُم؟ ! لَا فائِدَةَ تَحصُلُ، واللهُ سبحانه وتعالى أرْحَمُ وأحْكَمُ مِنْ أَنْ يُعذِّبَ قَوْمًا بدُونِ أَنْ يَفْهَمُوا مَا جَاءَتْ بِهِ الرُّسلُ.

يَبقَى النَّظَرُ إِذَا كَانَ الإنسَانُ مُسلِمًا ولكنَّهُ يَقُومُ بأَعْمالٍ شِرْكيَّةٍ لَا يُظَنُّ أنَّها شِرْكٌ، فهَلْ يُحكَمُ بشِرْكِهِ؟

فالجَوابُ: لَا، حتَّى تَقُومَ علَيهِ الحُجَّةُ، فإِذَا قَامِتْ علَيهِ الحُجَّةُ، فحِينَئذٍ نَحْكُمُ بشِرْكِهِ.

فإِنْ قِيلَ: وكذَلِكَ الَّذِينَ يَفْعَلُونَ البِدَعَ؟

فالجَوابُ: نَعَمْ، لكِنَّ المُبتَدِعَ أشَدُّ؛ لأَنَّ المُبتَدِعَ -والعِيَاذُ باللهِ- يَضِلُّ بِهِ أنَاسٌ كثِيرُونَ، والشِّركُ لَا يَضرُّ إلا صَاحبَهُ، اللَّهُمَّ إلا أَنْ يَكُونَ هَذَا المُشرِكُ لَهُ طَاعَةٌ عِنْدَ قَومِهِ، ويكُونَ سَيِّدًا فِي قَوْمِهِ يَتَّبِعُونَه، فهُوَ مِنْ جِنْسِ المُبتدِعِ، أمَّا إِذَا كَانَ عامِّيًّا فإِنَّه لَا يُؤثِّرُ إلَّا عَلَى نَفْسِهِ؛ ولهَذَا قَال بَعْضُ العُلماءِ رحمهم الله: المُبتَدِعُ لَا تَوْبَةَ لَهُ؛ لأنَّهُ وإِنْ تَابَ بنَفْسِهِ لَا يَسْلَمُ مِنْ ضَلَالةِ الَّذِين اتَّبَعُوهُ.

فإِنْ قَال قَائِلٌ: إِذَا كَانَ الرَّجُلُ مِنَ المُشرِكِينَ أَتَاهُ رَجُلٌ مُسلِمٌ لكِنَّهُ صُوفيٌّ فأَعْطَاهُ الإسْلَامَ عَلَى وَجْهِ الصُّوفيَّة والأذْكَارِ المُبتَدَعَةِ، فصَارَ يَعْمَلُ بهَذَا ويَعتَقِدُ أن هَذَا هُوَ الإسْلَامُ، هَلْ يُعاقَبُ عَلَيهِ؟

ص: 50

فالجَوابُ: لَا يُمكِنُ أَنْ يُعذَّبَ أحَدٌ عَلَى بَاطِلٍ إلَّا إِذَا كَانَ يَعلَمُ أنَّهُ بَاطِلٌ، فاللهُ عز وجل أَرحَمُ وأَحكَمُ مِنْ أَنْ يُعذِّبَ شَخْصًا وهُوَ لَا يَدْرِي، ولكِنْ هناك أُناسٌ مُعَانِدُون يُذكَر لهُمُ الحَقُّ وَيقُولُ: لَا، أنَّا أتَبعُ شَيخِي. حتَّى لَوْ كَانَ الَّذِي ذَكَرَ لَهُ الحَقَّ عَالمًا مَعرُوفًا يقُولُ: لَا، أتَّبعُ مَشَايخِي. فهَذَا لَا يُعذَرُ، لكِنْ لَوْ أَنَّ عَامِّيًّا أُعلِّمُه أن هَذَا العمَلَ لَا يجوزُ وهَذَا شِرْكٌ، ومشَايخُهُ كُلُّهُم يَقُولُونَ: هَذَا حسَنٌ. فهُوَ مَعذُورٌ، لأنَّهُ لَا يَثقُ، فلَمْ يَأتِ لَهُ الحَقُّ عَلَى وَجْهٍ يَثقُ بِهِ، فالْآنَ نَحْنُ العُلماءَ لَوْ جَاءَنَا إنسَانٌ عَلَى عَكْسِ مَا جَاءَ بِهِ عُلمَاؤُنَا ونحْنُ لَا نَعرِفُهُ مَا اتَّبعنَاهُ، لكِنْ قَدْ يُقَال: كَونُهُ أُعلِمَ بأنه عَلَى باطِلٍ وأنَّ الحَقُّ خلَافُهُ يُلزِمُه بأَنْ يَبْحَثَ ويَسْأَل، فَقَدْ يُؤَاخَذُ مِنْ هُنَا، أَي: مِنَ التَّقصِيرِ فِي طلَبِ الحَقِّ.

وإِذَا قَال قَائِلٌ: رَجُلٌ فِي الغَابَاتِ بَعِيدٌ عَنِ المُدُنِ، بَعِيدٌ عَنِ الحَضَارَاتِ، لكِنَّهُ ينْتَمِي إِلَى دِينِ كُفْرٍ، فهَلْ هَذَا مَعْذُورٌ؟

فالجَوابُ: أمَّا فِي أحْكَامِ الدُّنيَا فلَيسَ بمَعذُورٍ. يَعْنِي: أَنَّنا نُعامِلُه مُعاملَةَ الكَافِر؛ لأَنَّهُ لَا يَنتَمِي إِلَى دِينِ الإسْلَامِ، بخِلَافِ الأوَّلِ، نُعامِلُه فِي الدُّنيا مُعامَلَةَ الكَافِرِ، أمَّا فِي الآخِرَةِ فأَمْرُهُ إِلَى اللهِ سبحانه وتعالى لَا نَدْرِي مَاذَا يَكُونُ، وقَدْ جَاءَ فِي الحَدِيثِ:"أَنَّ أَهْلَ الْفَتْرَةِ يُرْسِلُ اللهُ إِلَيهِمْ رُسُلًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ، يَمْتَحِنُهُمْ مَنْ أَطَاعَ دَخَلَ الجَنَّةَ، وَمَنْ عَصى دَخَلَ النَّارَ"

(1)

.

فإِنْ قَال قَائِلٌ: عَلَى هَذَا القَوْلِ يَلْزَمُ أَنْ تَكُونَ الآخِرَةُ دَارَ تكلِيفٍ؟

فالجَوابُ: نعَمْ، نَلتزِمُ بهَذَا، وقَدْ دَلَّ القُرانُ عَلَى أن الآخِرَةَ دَارُ تكلِيفٍ؛ فقَال

(1)

أخرجه بنحوه الإمام أحمد (4/ 24)، من حديث الأسود بن سريع رضي الله عنه.

ص: 51