الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الآية (10)
قال الله عز وجل: {الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْدًا وَجَعَلَ لَكُمْ فِيهَا سُبُلًا لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} [لزخرف: 10].
قَال المُفسِّر رحمه الله: [طُرُقًا {لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ}].
قَولُهُ: {الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ} هَذَا لَيسَ مِنْ كَلَامِ الَّذِين سَألوا النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم. وقَد انْتَهَى كَلامُهُم عنْدَ قَولِهِ: {لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ} ، أمَّا {الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْدًا} فهَذَا مِنْ كَلَامِ اللهِ عز وجل، ومَعْنَى {جَعَلَ} صَيَّر، {لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْدًا} أَي: كالمَهْدِ، مُوطَّأَةً قَرَارًا يَطمَئِنُّ بِهَا الإنْسَانُ.
وقَوْلُه: {وَجَعَلَ لَكُمْ فِيهَا سُبُلًا} أَي: صيَّر لكُمْ فِيهَا سُبُلًا، أَي: طُرُقًا، هَذه الطُّرُقُ تَكُونُ بَينَ الشِّعابِ والجِبَالِ والوهَادِ، حتَّى إنَّه لتَأتِي الرِّياحُ الشَّديدَةُ وتَبْقَى هَذه الطُّرُقُ مَعْلُومةً، يُستدَلُّ عَلَى هَذه الطُّرُق بالجِبَالِ والشِّعَاب والنُّجُومِ، كما قَال اللهُ عز وجل:{وَعَلَامَاتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ} .
وقَوْلُه: {لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} : (لعَلَّ) هُنَا للتَّعلِيلِ، ومنَ المَعلُومِ أن (لعَلَّ) تَأتِي للتَّعليلِ -كما هُنَا- وتَأتِي للتَّرجِّي، وتَأتِي للتَّوقُّع، والَّذِي يُعيِّنُ المَعْنَى هُوَ سِيَاقُ الكلَامِ وقَرائِنُ الأَحْوَالِ.
وقَوْلُه عز وجل: {تَهْتَدُونَ} أَي: تَعلَمُونَ الطُّرُقَ، فالهِدَايَةُ هُنَا هِدَايَةُ الطُّرُق
إِلَى مَقَاصِدِكُم فِي أسفَارِكُمْ. والْآنَ -والحمْدُ لله- وُجِدَت طُرُق مُمهَّدةٌ بيِّنة مِنَ المُدُنِ والقُرَى وغَيرِها، كُلُّ ذَلِكَ بنِعْمَةِ اللهِ عز وجل.
فإِنْ قَال قَائِل: قَوُلهُ سبحانه وتعالى: {لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} المقْصُودُ بالهِدَايَةِ هِدَايَةُ الطُّرُقِ، فهَلْ يُمكِنُ أَنْ يُحمَلَ عَلَى هِدَايَةِ الاعتِبَارِ بالآية؟
فالجَوابُ: لَا، فالسِّياقُ يَمْنَعُ هَذَا.
* * *