الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لِمَعْنَى" لَوْ" فَلَا يَدْخُلُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا عَلَى الأخر، فالمعنى: ولين أَتَيْتَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ بِكُلِّ آيَةٍ لَا يَتَّبِعُونَ قِبْلَتَكَ. قَالَ سِيبَوَيْهِ: وَمَعْنَى" وَلَئِنْ أَرْسَلْنا رِيحاً فَرَأَوْهُ مُصْفَرًّا لَظَلُّوا" لَيَظَلُّنَّ. قَوْلُهُ تَعَالَى:" وَما أَنْتَ بِتابِعٍ قِبْلَتَهُمْ" لَفْظُ خَبَرٍ وَيَتَضَمَّنُ الامر، أي فلا تركن إلى شي مِنْ ذَلِكَ. ثُمَّ أَخْبَرَ تَعَالَى أَنَّ الْيَهُودَ لَيْسَتْ مُتَّبِعَةً قِبْلَةَ النَّصَارَى وَلَا النَّصَارَى مُتَّبِعَةً قِبْلَةَ الْيَهُودِ، عَنِ السُّدِّيِّ وَابْنِ زَيْدٍ. فَهَذَا إِعْلَامٌ بِاخْتِلَافِهِمْ وَتَدَابُرِهِمْ وَضَلَالِهِمْ. وَقَالَ قَوْمٌ: الْمَعْنَى وَمَا مَنِ اتَّبَعَكَ مِمَّنْ أَسْلَمَ مِنْهُمْ بِمُتَّبِعٍ قِبْلَةَ مَنْ لَمْ يُسْلِمْ، وَلَا مَنْ لَمْ يُسْلِمْ قِبْلَةَ مَنْ أَسْلَمَ. وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ، وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. قَوْلُهُ تَعَالَى:" وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْواءَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ إِنَّكَ إِذاً لَمِنَ الظَّالِمِينَ" الْخِطَابُ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَالْمُرَادُ أُمَّتُهُ مِمَّنْ يَجُوزُ أَنْ يَتَّبِعَ هَوَاهُ فَيَصِيرَ بِاتِّبَاعِهِ ظَالِمًا، وَلَيْسَ يَجُوزُ أَنْ يَفْعَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مَا يَكُونُ بِهِ ظَالِمًا، فَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى إِرَادَةِ أُمَّتِهِ لِعِصْمَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَقَطَعْنَا أَنَّ ذَلِكَ لَا يَكُونُ مِنْهُ، وَخُوطِبَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم تَعْظِيمًا لِلْأَمْرِ وَلِأَنَّهُ الْمُنَزَّلُ عَلَيْهِ. وَالْأَهْوَاءُ: جَمْعُ هَوًى، وَقَدْ تَقَدَّمَ «1» ، وَكَذَا" مِنَ الْعِلْمِ" تَقَدَّمَ «2» أَيْضًا، فلا معنى للإعادة.
[سورة البقرة (2): آية 146]
الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَعْرِفُونَهُ كَما يَعْرِفُونَ أَبْناءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقاً مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (146)
قَوْلُهُ تَعَالَى:" الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَعْرِفُونَهُ كَما يَعْرِفُونَ أَبْناءَهُمْ"" الَّذِينَ" فِي مَوْضِعِ رَفْعٍ بِالِابْتِدَاءِ وَالْخَبَرُ" يَعْرِفُونَهُ". وَيَصِحُّ أَنْ يَكُونَ فِي مَوْضِعِ خفض على الصفة ل" لظالمين"، و" يعرفون" فِي مَوْضِعِ الْحَالِ، أَيْ يَعْرِفُونَ نُبُوَّتَهُ وَصِدْقَ رِسَالَتِهِ، وَالضَّمِيرُ عَائِدٌ عَلَى مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم، قَالَهُ مُجَاهِدٌ وَقَتَادَةُ وَغَيْرُهُمَا. وَقِيلَ:" يَعْرِفُونَ" تَحْوِيلَ الْقِبْلَةِ عَنْ بَيْتِ الْمَقْدِسِ إِلَى الْكَعْبَةِ أَنَّهُ حَقٌّ، قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ وَابْنُ جريج والربيع وقتادة أيضا.
(1). راجع ج 94 من هذا الجزء.
(2)
. راجع ص 95 من هذا الجزء.