الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الإيضاح
أمر سبحانه نبيه بأربعة أوامر ونواه:
(1)
(فَلا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ فَتَكُونَ مِنَ الْمُعَذَّبِينَ) أي أخلص العبادة لله وحده، ولا تشرك به سواه، فإن من أشرك به فقد عصاه، ومن عصاه فقد استحق عقابه.
وفى هذا حث لرسوله على ازدياد الإخلاص، وبيان أن الإشراك قبيح بحيث ينهى عنه من لا يمكن صدوره منه، فيكون الوعيد لغيره أزجر، وله أقبل.
وبعد أن بدأ بالرسول وتوعده إن دعا مع الله إلها آخر أمره بدعوة الأقرب فالأقرب، لأنه إذا تشدد على نفسه أولا، ثم ثنى بالأقرب فالأقرب كان قوله لسواهم أنفع، وتأثيره أنجع فقال:
(2)
(وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ) أي وخوّف الأقربين من عشيرتك بأس الله، وشديد عقابه لمن كفر به وأشرك به سواه.
وهذه النذارة الخاصة جزء من النذارة العامة التي بعث بها صلى الله عليه وسلم كما قال: «لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرى وَمَنْ حَوْلَها» وقال: «لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ وَتُنْذِرَ بِهِ قَوْماً لُدًّا» .
روى البخاري ومسلم وغيرهما عن أبى هريرة قال: «لما نزلت هذه الآية دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم قريشا وعم وخص، فقال: «يا معشر قريش أنقذوا أنفسكم من النار فإنى لا أملك لكم ضرا ولا نفعا، يا معشر بنى كعب بن لؤى أنقذوا أنفسكم من النار، فإنى لا أملك لكم ضرا ولا نفعا، يا معشر بنى قصىّ أنقذوا أنفسكم من النار، فإنى لا أملك لكم ضرا ولا نفعا، يا معشر بنى عبد مناف، أنفذوا أنفسكم من النار، فإنى لا أملك لكم ضرا ولا نفعا، يا معشر بنى عبد المطلب، أنقذوا أنفسكم من النار، فإنى لا أملك لكم ضرا ولا نفعا، يا فاطمة بنت محمد أنقذى نفسك من النار،
فإنى لا أملك لك ضرا ولا نفعا، ألا إن لكم رحما وسأبلّها ببلالها- يريد: أصلكم فى الدنيا ولا أغنى عنكم من الله شيئا» .
وفى الحديث والآية دليل على أن القرب فى الأنساب، لا ينفع مع البعد فى الأسباب، وعلى جواز صلة المؤمن والكافر وإرشاده ونصحه بدليل قوله: إن لكم رحما سأبلها ببلالها.
وروى مسلم قوله صلى الله عليه وسلم: «والذي نفسى بيده، لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودىّ ولا نصرانى ثم لا يؤمن بي إلا دخل النار» .
وبعد أن أمره بإنذار المشركين من قومه أمره بالرفق بالمؤمنين فقال:
(3)
(وَاخْفِضْ جَناحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) أي ألن جانبك، وترفّق بمن اتبعك من المؤمنين، فإن ذلك أجدى لك، وأجلب لقلوبهم، وأكسب لمحبتهم، وأفضى إلى معونتك، والإخلاص لك.
(فَإِنْ عَصَوْكَ فَقُلْ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ) أي فإن عصاك من أنذرتهم من العشيرة فلا ضير عليك، وقد أديت ما أمرت به، ولا عليك إثم مما يعملون، وقل لهم إنى برىء منكم ومن دعائكم مع الله إلها آخر، وإنكم ستجزون بجرمكم يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم.
(4)
(وَتَوَكَّلْ عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ. الَّذِي يَراكَ حِينَ تَقُومُ. وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ) أي وفوّض جميع أمورك إلى القادر على دفع الضرّ عنك، والانتقام من أعدائك الذين يريدون السوء بك، الرحيم بك إذ نصرك عليهم برحمته وهو الذي يراك حين تقوم للصلاة بالناس، ويرى تغيرك من حال كالجلوس إلى حال كالقيام فيما بين المصلين إذا كنت لهم إماما،
وفى الخبر «اعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك» .
وعبر عن المصلين بالساجدين، لأن العبد أقرب ما يكون من ربه وهو ساجد.
ثم أكد ما سلف بقوله:
(إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) أي إنه هو السميع لأقوال عباده، العليم بحركاتهم