الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تفسير المفردات
لا يقضى عليهم: أي لا يحكم عليهم بموت ثان، يصطرخون: أي يصيحون أشد الصياح للاستغاثة، نعمركم: أي نمهلكم، للظالمين: أي للكافرين، نصير:
أي معين يدفع عنهم العذاب.
المعنى الجملي
بعد أن بين ما لعباده الذين أورثوا الكتاب من النعمة في دار السرور التي قال فى مثلها القائل:
علياء لا تنزل الأحزان ساحتها
…
لو مسها حجر مسته سرّاء
أردف ذلك ذكر ما لأضدادهم من النقمة، زيادة في سرورهم بما قاسوا في الدنيا من تكبرهم عليهم وفخارهم بما أوتوا من نعيم زائل وحبور لا يدوم.
الإيضاح
(وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ نارُ جَهَنَّمَ لا يُقْضى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذابِها) أي والذين ستروا ما تدل عليه العقول من شموس الآيات وأنوار الدلالات، لهم نار جهنم لا يحكم عليهم فيها بموت ثان فيستريحوا من الآلام، ولا يخفف عنهم العذاب فيها، بل كلما خبت زيد سعيرها.
ونحو الآية قوله: «وَنادَوْا يا مالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنا رَبُّكَ، قالَ إِنَّكُمْ ماكِثُونَ» وقوله: «إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي عَذابِ جَهَنَّمَ خالِدُونَ. لا يُفَتَّرُ عَنْهُمْ وَهُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ» وقوله: «كُلَّما خَبَتْ زِدْناهُمْ سَعِيراً» وقوله: «فَذُوقُوا فَلَنْ نَزِيدَكُمْ إِلَّا عَذاباً» .
ثم بين أن هذا جزاء كل كافر بنعمة ربه، جاحد بوحدانيته فقال:
(كَذلِكَ نَجْزِي كُلَّ كَفُورٍ) أي وهكذا نكافى كل جاحد لآلاء الله منكر لرسله، فندخله نار جهنم بما قدم من سيئات في الدنيا.
(وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيها رَبَّنا أَخْرِجْنا نَعْمَلْ صالِحاً غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ) أي وهم يستغيثون ويضجّون في النار يقولون ربنا أخرجنا منها، وأعدنا إلى دار الدنيا، نطعك ونعمل غير الذي كنا نعمل من معصيتك، وقد علم منهم أنه لو ردهم إلى هذه الدار لعادوا إلى ما نهوا عنه.
وحينئذ يقال لهم تقريعا وتوبيخا.
(أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ ما يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ؟) أي ما عشتم في الدنيا أعمارا لو كنتم ممن ينتفعون بالحق لا نتفعتم به مدة عمركم؟
ونحو الآية قوله تعالى حكاية عنهم «هَلْ إِلى مَرَدٍّ مِنْ سَبِيلٍ؟» .
والخلاصة- إنه تعالى لا يجيبكم إلى ما طلبتم، لأنكم كنتم عصاة، ولو رددتم لعدتم إلى ما نهيتم عنه.
روى أحمد عن أبى هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لقد أعذر الله إلى عبد أحياه حتى بلغ ستين أو سبعين، لقد أعذر الله تعالى إليه، لقد أعذر الله تعالى إليه» .
(وَجاءَكُمُ النَّذِيرُ) أي وجاءكم الرسول ومعه كتاب الله، ينذركم بالعقاب إن خالفتم أمره، وتركتم طاعته.
والخلاصة- إنه احتج عليهم بأمرين: طول الأمل، وإرسال الرسل ونحو الآية قوله:«وَنادَوْا يا مالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنا رَبُّكَ، قالَ إِنَّكُمْ ماكِثُونَ. لَقَدْ جِئْناكُمْ بِالْحَقِّ وَلكِنَّ أَكْثَرَكُمْ لِلْحَقِّ كارِهُونَ» وقوله: «كُلَّما أُلْقِيَ فِيها فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُها أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ؟ قالُوا بَلى قَدْ جاءَنا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنا وَقُلْنا: ما نَزَّلَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا فِي ضَلالٍ كَبِيرٍ» .