المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الفصل الرابع في ذكر ما ينبغي لصاحب القرآن أن يلزم نفسه به، ولا يغفل عنه - تفسير حدائق الروح والريحان في روابي علوم القرآن - المقدمة

[محمد الأمين الهرري]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة التفسيرالمسماة«نزل كرام الضيفان في ساحة حدائق الروح والريحان»

- ‌ترجمة وتقديم

- ‌مولده:

- ‌نشأته:

- ‌رحلته:

- ‌ومؤلفاته كثيرة

- ‌المطبوع المنتشر منها

- ‌[من النحو]

- ‌ ومن الصرف:

- ‌ ومن المصطلح:

- ‌ ومن كتب الأسماء والصفات:

- ‌وغير المطبوع

- ‌ من التفسير:

- ‌ ومن النحو:

- ‌ ومن البلاغة:

- ‌ ومن المنطق:

- ‌ ومن العروض:

- ‌ ومن الحديث:

- ‌ ومن الأصول:

- ‌ ومن الفقه:

- ‌ ومن الأمداح النبوية والسيرة المرضية:

- ‌ ومنها في المصطلح:

- ‌الفصل الأول في فضل القرآن الكريم وتلاوته، وتعلّمه، وتعليمه

- ‌الفصل الثاني في كيفية التلاوة لكتاب الله تعالى، وما يكره منها، وما يحرم، واختلاف الناس في ذلك

- ‌الفصل الثالث في تحذير أهل القرآن والعلم من الرياء، وغيره

- ‌الفصل الرابع في ذكر ما ينبغي لصاحب القرآن أن يلزم نفسه به، ولا يغفل عنه

- ‌الفصل الخامس في ما جاء في إعراب القرآن، وتعليمه، والحثّ عليه، وثواب من قرأ القرآن معربا

- ‌الفصل السادس فيما جاء في فضل تفسير القرآن، وأهله

- ‌الفصل السابع في بيان مبدأ التفسير، ووضعه

- ‌الفصل الثامن فيما جاء من الوعيد في تفسير القرآن بالرّأي، والجرأة على ذلك، وبيان مراتب المفسّرين

- ‌الفصل التاسع في بيان ما جاء في حامل القرآن، ومن هو، وفيمن عاداه

- ‌الفصل العاشر في بيان ما يلزم قارىء القرآن، وحامله من تعظيم القرآن وحرمته

- ‌الفصل الحادي عشر في بيان الكتاب بالسّنّة

- ‌الفصل الثاني عشر في بيان كيفية التعلّم، والفقه لكتاب الله، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم. وما جاء أنّه يسهل على من تقدّم العمل به، دون حفظه

- ‌الفصل الثالث عشر في معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم: «إنّ هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف فاقرءوا ما تيسّر منه»

- ‌الفصل الرابع عشر في ذكر جمع القرآن، وسبب كتب عثمان المصاحف، وإحراقه ما سواه، وذكر من حفظ القرآن من الصحابة رضي الله عنهم في زمن النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌الفصل الخامس عشر في ما جاء في ترتيب سور القرآن، وآياته

- ‌الفصل السادس عشر في عدد آي القرآن، وكلماته، وحروفه

- ‌الفصل السابع عشر في أجزائه، وأحزابه، وأرباعه، وأنصافه، وأثلاثه، وأسباعه

- ‌الفصل الثامن عشر في تعشيره وتخميسه، والكتابة في فواتح السّور، أو خواتمها، ووضع النقط في منتهى الآية، وغير ذلك

- ‌الفصل التاسع عشر في بيان أوّل من وضع النّقط، والشّكل، والشّدّة، والمدّة، والهمزة، وعلامة الغنّة في المصاحف، وأوّل من وضع النّحو، وجعل الإعراب فيها

- ‌الفصل العشرون في تفصيل حروف القرآن، كم فيه من الحروف الفلانية

- ‌الفصل الحادي والعشرون في بيان معنى القرآن، ومعنى السّورة، والكلمة، والحرف

- ‌الفصل الثاني والعشرون في بيان معنى النّسخ الذي هو فرد من أفراد تنزيل الوحي، وأقسامه، وشرائطه، والرّدّ على من أنكره، وبيان معنى الناسخ، والمنسوخ، وغير ذلك

- ‌الفصل الثالث والعشرون في تقسيم السور باعتبار الناسخ، والمنسوخ

- ‌الفصل الرابع والعشرون في ذكر جملة الإعراض عن المشركين المنسوخ بآية السيف

- ‌الفصل الخامس والعشرون في بيان قواعد أصوليّة لأسباب النزول

- ‌الفصل السادس والعشرون في التنبيه على أحاديث وضعت في فضائل سور القرآن، وغيره، لا التفات لما وضعه الواضعون، واختلقه المختلقون من الأحاديث الكاذبة، والأخبار الباطلة في فضل سور القرآن، وغير ذلك من فضائل الأعمال، وقد ارتكبها جماعة كثيرة اختلفت أغراضهم، ومقاصدهم في ارتكابها

- ‌الفصل السابع والعشرون في بيان ما جاء من الحجة، في الردّ على من طعن في القرآن، وخالف مصحف عثمان بالزيادة، والنقصان

- ‌الفصل الثامن والعشرون في بيان هل ورد في القرآن كلمات خارجة عن لغات العرب، أم لا

- ‌الفصل التاسع والعشرون في بيان بعض نكات في إعجاز القرآن، وشرائط المعجزة، وحقيقتها

- ‌الفصل الثلاثون في تقسيم المعجزات

الفصل: ‌الفصل الرابع في ذكر ما ينبغي لصاحب القرآن أن يلزم نفسه به، ولا يغفل عنه

‌الفصل الرابع في ذكر ما ينبغي لصاحب القرآن أن يلزم نفسه به، ولا يغفل عنه

فأوّل ذلك أن يخلص في طلبه لله عز وجل، كما ذكرنا، وأن يأخذ نفسه بقراءة القرآن، في ليله، ونهاره، في الصلاة، أو في غير الصلاة؛ لئلّا ينساه.

روى مسلم، عن ابن عمر رضي الله عنهما أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:«إنّما مثل صاحب القرآن، كمثل صاحب الإبل المعقلة، إن عاهد عليها أمسكها، وإن أطلقها ذهبت، وإذا قام صاحب القرآن، فقرأه بالليل والنهار؛ ذكره، وإن لم يقم به؛ نسيه» .

وينبغي له: أن يكون لله حامدا، ولنعمه شاكرا، وله ذاكرا، وعليه متوكّلا، وبه مستعينا، وإليه راغبا، وبه معتصما، وللموت ذاكرا، وله مستعدّا.

وينبغي له: أن يكون خائفا من ذنبه، راجيا عفو ربّه، ويكون الخوف في صحّته أغلب عليه، إذ لا يعلم بم يختم له، ويكون الرّجاء عند حضور أجله، أقوى في نفسه؛ لحسن الظنّ بالله تعالى.

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يموتنّ أحدكم إلّا وهو محسّن بالله الظنّ» أي: أنّه يرحمه، ويغفر له.

ص: 34

وينبغي له: أن يكون عالما بأهل زمانه، متحفّظا من سلطانه، ساعيا في خلاص نفسه، ونجاة مهجته، مقدّما بين يديه ما يقدر عليه من عرض دنياه، مجاهدا لنفسه في ذلك ما استطاع.

وينبغي له: أن يكون أهمّ أموره عنده الورع في دينه، واستعمال تقوى الله، ومراقبته فيما أمره به، ونهاه عنه. وقال ابن مسعود رضي الله عنه:(ينبغي لقارىء القرآن: أن يعرف بليله إذا الناس نائمون، وبنهاره إذا الناس مستيقظون، وببكائه إذا النّاس يضحكون، وبصمته إذا الناس يخوضون، وبخشوعه إذا الناس يختالون، وبحزنه إذا الناس يفرحون).

وقال عبد الله بن عمرو: (لا ينبغي لحامل القرآن أن يخوض مع من يخوض، ولا يجهل مع من يجهل، ولكن يعفو، ويصفح لحقّ القرآن؛ لأنّ في جوفه كلام الله تعالى).

وينبغي له: أن يأخذ نفسه بالتّصاون من طرق الشّبهات، ويقلّل الضحك، والكلام في مجالس القرآن، وغيرها بما لا فائدة فيه، ويأخذ نفسه بالحلم والوقار.

وينبغي له: أن يتواضع للفقراء، ويتجنّب التّكبّر والإعجاب، ويتجافى عن الدنيا وأبنائها، إن خاف على نفسه الفتنة، ويترك الجدال والمراء، ويأخذ نفسه بالرفق والأدب.

وينبغي له: أن يكون ممّن يؤمن شرّه، ويرجى خيره، ويسلم من ضرّه، وأن لا يسمع ممّن نمّ عنده، ويصاحب من يعاونه على الخير، ويدلّه على الصدق، ومكارم الأخلاق، ويزينه ولا يشينه.

ص: 35

وينبغي له: أن يتعلّم أحكام القرآن، فيفهم عن الله مراده، وما فرض عليه، فينتفع بما يقرأ، ويعمل بما يتلوه، فما أقبح لحامل القرآن، أن يتلو فرائضه، وأحكامه عن ظهر قلب، وهو لا يفهم ما يتلوه! فكيف يعمل بما لا يفهم معناه؟ وما أقبح أن يسأل عن فقه ما يتلوه، ولا يدريه! فما مثل من هذه حالته، إلّا كمثل الحمار يحمل أسفارا.

وينبغي له: أن يعرف المكّيّ من المدني؛ ليفرّق بذلك بين ما خاطب الله به عباده في أوّل الإسلام، وما ندبهم إليه في آخر الإسلام، وما افترض الله في أوّل الإسلام، وما زاد عليهم من الفرائض في آخره، فالمدنيّ: هو الناسخ للمكّي في أكثر القرآن، ولا يمكن أن ينسخ المكيّ المدني؛ لأنّ المنسوخ هو المتقدّم في النزول قبل الناسخ له.

ومن كماله: أن يعرف الإعراب والغريب، فذلك ممّا يسهّل عليه معرفة ما يقرأ، ويزيل عنه الشكّ فيما يتلو. وقد قال أبو جعفر الطبريّ: سمعت الجرميّ يقول: أنا منذ ثلاثين سنة، أفتي الناس في الفقه من كتاب سيبويه. قال محمد بن يزيد: وذلك أنّ أبا عمر الجرميّ، كان صاحب حديث، فلمّا علم كتاب سيبويه، تفقّه في الحديث، إذ كان كتاب سيبويه يتعلّم منه النّظر، والتفسير، ثمّ ينظر

في السّنن المأثورة، الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فبها يصل الطالب إلى مراد الله عز وجل في كتابه، وهي تفتح له أحكام القرآن فتحا. وقد قال الضحاك في قوله تعالى: {وَلكِنْ كُونُوا

ص: 36

رَبَّانِيِّينَ بِما كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتابَ} قال: (حقٌّ على من تعلّم القرآن، أن يكون فقيها، وذكر ابن أبي الحواريّ قال: أتينا فضيل بن عياض، سنة خمس وثمانين ومائة، ونحن جماعة، فوقفنا على الباب، فلم يأذن لنا بالدّخول، فقال بعض القوم: إن كان خارجا لشيء، فسيخرج لتلاوة القرآن، فأمرنا قارئا فقرأ، فاطّلع علينا من كوّة فقلنا: السلام عليك ورحمة الله، فقال: وعليكم السلام، فقلنا: كيف أنت يا أبا عليّ؟ كيف حالك؟ فقال: أنا من الله في عافية، ومنكم في أذى، وإنّ ما أنتم فيه حدث في الإسلام، فإنّا لله وإنّا إليه راجعون، ما هكذا كنّا نطلب العلم، ولكنّا كنّا نأتي المشيخة، فلا نرى أنفسنا أهلا للجلوس معهم، فنجلس دونهم ونسترق السّمع، فإذا مرّ الحديث سألناهم إعادته وقيّدناه، وأنتم تطلبون العلم بالجهل، وقد ضيّعتم كتاب الله، ولو طلبتم كتاب الله لوجدتم فيه شفاء لما تريدون، قال: قلنا قد تعلّمنا القرآن، قال: إنّ في تعلّمكم القرآن، شغلا لأعماركم، وأعمار أولادكم، قلنا: كيف يا أبا عليّ؟ قال: لن تعلموا القرآن، حتى تعرفوا إعرابه، ومحكمه من متشابهه، وناسخه من منسوخه، فإذا عرفتم ذلك استغنيتم عن كلام فضيل، وابن عيينة، ثمّ قال: أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم: {يا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفاءٌ لِما فِي الصُّدُورِ وَهُدىً وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ (57) قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ (58)}.

قلت: فإذا حصلت هذه المراتب لقارىء القرآن، كان ماهرا

ص: 37

بالقرآن، وعالما بالفرقان، وهو قريب على من قرّبه الله عليه، ولا ينتفع بشيء ممّا ذكرنا؛ حتى يخلص النيّة فيه لله عز وجل عند طلبه، أو بعد طلبه، كما تقدّم. فقد يبتدىء الطالب للعلم، يريد به المباهاة، والشرف في الدنيا، فلا يزال به فهم العلم، حتى يتبيّن له أنّه على خطأ في اعتقاده، فيتوب من ذلك، ويخلص النيّة لله تعالى، فينتفع بذلك ويحسّن حاله.

قال الحسن: كنّا نطلب العلم للدنيا، فجرّنا إلى الآخرة.

قاله سفيان الثوري. وقال حبيب بن أبي ثابت: طلبنا هذا الأمر، وليس لنا فيه النية، ثمّ جاءت النيّة بعد.

والله أعلم

* * *

ص: 38