الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الحادي عشر في بيان الكتاب بالسّنّة
واعلم: أنّ بيانه صلى الله عليه وسلم، الكتاب بالسّنة على ضربين:
الأوّل: بيان ما أجمل في الكتاب، كبيانه للصلوات الخمس مواقيتها، وسجودها، وركوعها، وسائر أحكامها، وكبيانه لمقدار الزكاة، ووقتها، وما الذي تؤخذ منه من الأموال، وبيانه لمناسك الحج، وقد قال صلى الله عليه وسلم إذ حجّ بالناس:«خذوا عنّي مناسككم» وقال: «صلّوا كما رأيتموني أصلّي» أخرجه البخاري.
وروى ابن المبارك، عن عمران بن حصين أنّه قال لرجل: إنّك رجل أحمق، أتجد الظّهر في كتاب الله أربعا لا يجهر فيها بالقراءة؟ ثمّ عدّد عليه الصلاة، والزكاة، ونحو هذا، ثمّ قال: أتجد هذا في كتاب الله تعالى مفسّرا؟ إنّ كتاب الله تعالى أبهم هذا، وإنّ السّنّة فسّرته، وبيّنته. وروى الأوزاعيّ، عن حسّان بن عطية قال: كان الوحي ينزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويحضره جبريل بالسّنة التي تفسّر ذلك.
وروى سعيد بن منصور، حدّثنا عيسى بن يونس، عن الأوزاعي، عن مكحول قال: القرآن أحوج إلى السّنة من السّنة إلى القرآن. وبه عن الأوزاعي قال: قال يحيى بن أبي كثير: السّنة
قاضية على الكتاب، وليس الكتاب بقاض على السّنة. قال الفضل بن زياد: سمعت أبا عبد الله يعني: أحمد بن حنبل، وسئل عن هذا الحديث الذي روي أنّ السّنة قاضية على الكتاب فقال: ما أجسر على هذا أن أقوله، ولكنّي أقول: إنّ السّنّة تفسّر الكتاب، وتبيّنه.
والثاني: بيان الزيادة على حكم الكتاب، كتحريم نكاح المرأة على عمّتها، وخالتها، وتحريم الحمر الأهليّة، وكلّ ذي ناب من السباع، والقضاء باليمين مع الشاهد، وغير ذلك.
وروى أبو داود، عن المقدام بن معد يكرب، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنّه قال: «ألا وإنّي أوتيت الكتاب ومثله معه، ألا يوشك رجل شبعان على أريكته يقول: عليكم بهذا القرآن، فما وجدتم فيه من حلال فأحلّوه، وما وجدتم فيه من حرام فحرّموه، ألا لا يحلّ لكم الحمار الأهليّ، ولا كلّ ذي ناب من السباع، ولا لقطة معاهد، إلّا أن يستغني عنها صاحبها، ومن نزل بقوم فعليهم أن يقروه، فإن لم يقروه فله أن يعقّبهم بمثل قراه) أي: له أنّ يعاقبهم ويغلبهم؛ بأن يأخذ من أموالهم بقدر قراه، ويعقّبهم يروى مشدّدا، ومخفّفا.
والله أعلم
* * *